-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

قصة اكتشاف الديناصور المصري منصوراصورس في الصحراء الغربية

مع نهاية شهر يناير - كانون الثاني وتحديدا في السادسة من مساء يوم الأثنين 29 يناير 2018 أعلنت مجلة "Natureالعلمية ذائعة الصيت، التى تُعدُّ واحدة من أهم المجلات العلمية على مستوى العالم, معلومات في غاية الأهمية عن واحد مما يعتبر أهم الإكتشافات العلمية في العصر الحديث.
لقد اكتشف فريق بحثي مصري أول ديناصور في مصر وأفريقيا يعود للعصر الطباشيري، ليكشف عن لغز فترة تقترب من 30 مليون عام شكلت نهاية العصر الطباشيري.وأطلق على الديناصور المكتشف في منطقة الواحات الداخلة بالصحراء الغربية المصرية، اسم "منصوراصورس"، وذلك اقتباسا من اسم جامعة المنصورة، والتي ينتمي لها الفريق البحثي الذي ساهم في هذا الكشف بالاشتراك مع فريق أمريكي.
معلومات عن منصوراصورس
قامته الممتدة، وحجمه الضخم، جعلاه يتسيد المكان، قوته الهائلة منحته حق الوجود، مظهره المهيب حماه من هجوم الأعداء. لملايين السنين ظل سيدَ الأرض؛ قبل ظهور الإنسان بملايين الأعوام كان هو المتحكم فى كل البقاع.. تحرك بحرية وأكل مايحلو له ثم انقرض لا ندري كيف.
الزمان: قبل نحو ١٠٠ مليون عام من الآن، كانت المنطقة المعروفة باسم الصحراء الغربية إحدى أكثر المناطق وافرة الخضرة حول العالم، فى ذلك العصر، المعروف جيولوجياً باسم «العصر الطباشيرى»، انتشرت المستنقعات المكونة من المياه العذبة فى طول صحراء مصر وعرضها، كانت الأشجار وارفة الخضرة، لتَهِبَ الحياة لمجموعات واسعة من الكائنات الحية من ضمنها الديناصورات.

إبَّان ذلك الوقت كانت الديناصورات ترعى فى الوديان التى تتخلل المستنقعات، منها العاشب الذى يتغذَّى على النباتات، ومنها آكل اللحوم الذى يفترس الكائنات، امتد وجوده لنحو ١٦٥ مليون عام، ثم انقرض إلى غير رجعة بسبب ظروف مجهولة، وظل حلم الكشف عن سبب الانقراض مسيطراً على خيال العلماء. ولتحقيق معادلة الوصول للحقيقة يكشف لنا العلماء بين ليلة وأخرى عن هياكل الديناصورات فى محاولة لدراسة ظروف معيشتها، وبالتالى استنتاج لغز انقراضها.
والآن، تمكَّن فريق مصرى - أمريكى مشترك من وضع قطعة جديدة فى لغز الكشف عن سِر الانقراض الكبير الذى أصاب الديناصورات فى نهاية العصر الطباشيرى قبل نحو ٦٥ مليون سنة، بعد أن استطاعوا الكشف عن ديناصور جديد، أطلقوا عليه «منصوراصورس» تيمناً بالجامعة التى ينتمى إليها الباحث الرئيس: جامعة المنصورة.
حين يتعلق الأمر بالسنوات الأخيرة من حياة الديناصورات فإن القارة الأفريقية تُعدُّ صفحة فارغة؛ فالحفريات التى عُثِرَ عليها فى أفريقيا تنتمى للفترة الزمنية بين ٩٠ و١٠٠ مليون سنة فقط، وهى حفريات قليلة العدد، وتبعد عن زمن الانقراض بفترة كبيرة تتجاوز ٢٥ مليون سنة، وهذا يعنى أن مسار تطور الديناصورات فى أفريقيا ظلَّ إلى حد كبير لغزاً. ولكن الآن، سيساعد اكتشاف الفريق البحثى - من جامعة المنصورة، بالتعاون مع جامعة أوهايو ومؤسسة ليكى للعلوم والجمعية الوطنية الجغرافية والمؤسسة الأمريكية للعلوم - للديناصور الجديد الآن على سَدِّ ثغرة من الثغرات ما قد يُسْهِم فى حل أُحْجِية اندثار الديناصورات.
الديناصور الجديد الذي تم اكتشافه والمسمي "منصوراصورس" عاش خلال أواخر العصر الطباشيري القديم في منطقة القصير الموجودة في واحة الداخلة الواقعة في الصحراء الغربية المصرية، وتظهر التحاليل المتعلقة بتطور السلالات أن "منصوراصورس" عاش في مجموعات في جنوب أوروبا وشرق آسيا خلال بدايات العصر الطباشيري، وبالتالي توفر أول دليل لا لبس فيه على أن ما بعد العصر الطباشيري عاشت الفقاريات في كل من أفريقيا وأوروبا.
ويشير البحث إلى أنه انتشرت الفقاريات الأرضية بين "أوراسيا" وشمال أفريقيا بعد الفصل التكتوني لهذه الأخيرة من أمريكا الجنوبية قبل 100 مليون سنة، هذه النتائج تتعارض مع الفرضيات القائلة بأن الديناصورات الأفريقية كانت معزولة تماما خلال العصر الطباشيري.
حيث أشار الدكتور أحمد المحمودي، رئيس قسم الجيولوجيا بكلية العلوم بجامعة المنصورة، إن الاكتشاف تم منذ فترة ولم يتم الإعلان عنه قبل نشره في مجلة "نيتشر" العالمية، مؤكدا أن فريق البحث قاده الدكتور هشام سلام، الحاصل على درجته العلمية في مجال الحفريات الفقارية من جامعة اكسفورد، وبالتعاون مع فريق بحثى نسائى مُكوَّن من الدكتورة إيمان الداودى، أول باحثة مصرية وعربية فى مجال الديناصورات، والدكتورة سناء السيد، والدكتورة سارة صابر، من جامعتى المنصورة وأسيوط.
وأضاف المحمودى، أن الاكتشاف يؤكد نظرية أن أوروبا كانت ملتصقة بقارة إفريقيا في الأزمنة الجيولوجية السحيقة، وهذا أول دليل يثبت النظرية لأن هذا الاكتشاف هو الأول من نوعه، متابعا أنه يؤكد نظرية كانت بدون دليل، وهو وجود ديناصور في الأزمنة الجيولوجية، كما كانت قارة أمريكا الجنوبية ملتصقة أيضا مع قارة إفريقيا.

معلومات عن الديناصورات المصرية

ينتمى الديناصور المكتشف حديثاً إلى عائلة تُسمَّى «تيتانورسوريا»، وهى نوع من الديناصورات النباتية طويلة العنق، التى كانت شائعة فى جميع أنحاء العالم خلال العصر الطباشيرى، تلك العائلة معروفة بكونها أكبر الحيوانات البرية التى عرفها العِلْم حتى الآن، إلا أن الديناصور المكتشف حديثاً يختلف عنها فى العديد من الخصائص؛ إذ إن وزنه يعادل تقريباً وزن فيلٍ أفريقى، وهيكله يختلف عن هيكل الديناصورات الاعتيادية التى تنتمى لتلك العائلة.
بدأت قصة الكشف عن الديناصورات فى مصر قبل نحو ١٠٠ عام من الآن، بعد أن تمكن العالم الألمانى «أرنست سترومر» عام ١٩١٢ من استخراج عظام ديناصور آكل لحوم من نوع «سبينوصور إيجيبتيكاس» فى الصحراء الغربية، بعدها توالت اكتشافات الأجانب للديناصورات فى الصحارى المصرية، حتى وصل عدد المكتشف منها إلى ٥ هياكل. وبحسب الدكتور هشام سلام، الباحث الرئيس فى الدراسة، فإن ٤ هياكل من الخمسة المكتشفة فى مصر نُقِلتْ إلى ألمانيا ودُمِّرتْ بالكامل خلال الحرب العالمية الثانية.
ولا يعتبر "منصوراصورس" هو أول ديناصور يكتشف في مصر، لكنه يختلف عن باقي الديناصورات التي اكتشفت من قبله، في أنه يعد نوعا جديدا، كما أن عمره الجيولوجي أحدث وأكثر تطورا.
وفيما يلي معلومات عن الديناصورات التي تم اكتشافها في مصر قبل "منصوراصورس"، وفقا لكتاب The Lost Dinosaurs of Egypt لـ"جوش سميث"، و"ويليام إي نوثدورفت":
• إيجيبتوصور Aegyptosauru
ويعني الاسم "السحلية المصرية"، وهو ديناصور ضخم عاش فى أفريقيا فى العصر الطباشيري من 95 مليون سنة.
معلومات عن إيجيبتوصور Aegyptosauru
• بحرية صور Bahariasaurus
ديناصور ضخم عاش فى الواحات البحرية فى العصر الطباشيري من 95 مليون سنة.
معلومات عن بحرية صور Bahariasaurus
• كركرودونتوصور Carcharodontosaurus
ديناصور عملاق من أكلة اللحوم عاش فى العصر الطباشيري منذ حوالي 93 مليون سنة.
معلومات عن كركرودونتوصور Carcharodontosaurus
• دلتادروميوس Deltadromeus
هو ديناصور لاحم سريع وكأنه رابتور عملاق عاش فى شمال إفريقيا وخاصة الواحات البحرية فى أواخر العصر الطباشيري.
معلومات عن دلتادروميوس Deltadromeus
• باراليتيتان Paralititan
يعد ثاني أضخم ديناصور يتم اكتشافه فى العالم كله، إذ يصل وزنه لأكثر من ‏80‏ طنا وطوله يتجاوز‏ 30‏ مترا‏، يعرف باسم ديناصور الواحات البحرية.
معلومات عن باراليتيتان Paralititan
• سبينوصور Spinosaurus
اسمه يعني "السحلية الشائكة" هو ديناصور ضخم من أكلة اللحوم ذو فك قوي وأسنان حادة ضخمة يقتات على الديناصورات والأسماك الكبيرة، يصل طوله إلى 18 متر ويزن 4 أطنان،عاش فى الصحراء الكبرى منذ حوالي 95 مليون سنة فى العصر الطباشيري.
معلومات عن سبينوصور Spinosaurus

رحلة البحث عن منصوراصورس

في عام 2008، بدأ الفريق العلمي في وضع خطة للبحث عن الديناصورات في الطبقات الرسوبية المصرية جنوب الصحراء الغربية، بعدها بخمسة أعوام، تمكن الفريق من اكتشاف «منصوراصورس» في الواحات الداخلة، فعلى بعد نحو 700 كيلومتر إلى الجنوب الغربي من القاهرة، وجد الفريق عظاماً لذلك الديناصور.
وبحسب الدكتورة إيمان الداودي، قام الفريق البحثي باستطلاع المكاشف الخاصة بالحقبة المتوسطة، وهي طبقات رسوبية كشفت عنها عوامل التجوية والتعرية «تتكون الأرض من مجموعة من الطبقات، الطبقة الأقدم تحت الطبقة الأحدث، تكشف لنا عوامل التجوية والتعرية تلك الطبقات، يُحدد الجيولوجيون عمرها، ونقوم نحن بالتنقيب فيها» تقول الداودي لـ«المصري اليوم» مشيرة إلى أن الفريق استعان بكتاب «جيولوجيا مصر» للعالم الكبير الراحل الدكتور رشدي السعيد، كنقطة انطلاق للبحث عن الطبقات الرسوبية التي تنتمي للعصر الطباشيري المتأخر.
بعد أن حدد الفريق العلمي الطبقة محل البحث، وهي طبقة تنتمي للعصر الطباشيري المتأخر في فترة زمنية ما بين 70 إلى 80 مليون سنة، قاموا بتقسيم المناطق، وبدأ العمل، حتى تمكنوا من العثور على أول عظمة في طريق الواحات الداخلة في ديسمبر من العام 2013، عاد الفريق إلى جامعة المنصورة، وقام بجمع المعدات اللازمة، وفي فبراير من عام 2014، رجع الفريق للموقع، ونصبوا الخيام، وخلال 21 يومًا قضاها الفريق البحثي في الصحراء، استخرجوا مجموعة من العظام لنفس الديناصور.
شملت قائمة القطع التي استخرجها الفريق عظمتين من العضد، وأصبعًا واحدًا من اليد، و3 أصابع من القدم، وجزء من الجمجمة، وجزء من الفك السفلي، وفقرات من الرقبة، وفقرات أخرى من الظهر والذيل، وعظام الكعبرة وبضعة أضلع. قام الفريق بجمع العظام في 19 «جاكت» وهي مجموعة من المحافظ المصنعة من الجبس والتي تهدف لحفظ العظام ونقلها بأمان.
بعد تصوير الموقع، والعظام، عاد الفريق إلى الجامعة، واستعان بفريق علمي أجنبي لعمل المناقشات العلمية حول طبيعة الكشف ونوعه، لتأتى المفاجأة.
معلومات | قصة اكتشاف الديناصور المصري منصوراصورس
فالعظام التي عثر عليها الفريق تنتمي لنوع جديد تماماً من الديناصورات، فذلك الديناصور لا شبيه له، فبعد أن قام العلماء بإجراء مجموعة من المقارنات بين الديناصورات التي تم اكتشافها حول العالم في الفترة نفسها، لاحظ الفريق مجموعة من الاختلافات، فـ«منصوراصورس» يتميز بذقن طويل تم الاستدلال عليه بطول عظمة الفك، كما أن عدد أسنانه قليل جدًا مقارنة بالنوع الذي ينتمي إليه، فداخل الفك لا يوجد سوى 10 أسنان فقط.
لا تقتصر الاختلافات التي لاحظها الفريق العلمي على عدد الأسنان وعظمة الفك فحسب، بل امتد ليشمل عظمة الريديس؛ التي تحظى بنهاية عظمية أكبر من المعتاد، كما أن بها التواءً بزاوية 20 درجة، وهي زاوية مميزة لا توجد في الأنواع الأخرى.
من هنا؛ عرف الفريق أن الكشف العلمي سوف يُحدث صدى مميز في المجتمع العلمي، وبدأ الفريق في إجراء دراسات موسعة حول الديناصور المكتشف حديثًا
بالبحث والتقصي، وجد الفريق المصري الأمريكي رابط مشترك  بين «منصوراصورس» وأحد الديناصورات الأوروبية، وهنا؛ كانت المفاجأة الثانية، فوجود رابط بين الديناصورين، يؤكد وجود علاقة ما، واحتمالية وجود «جسر» بين القارة الأفريقية والأوربية، ربط بينهما في تلك العصور السحيقة.
قبل ملايين السنوات، كانت أوروبا وآسيا عبارة عن كتلة واحدة، تُسمي أوراسيا، في الوقت الذي كانت فيه قارتي أفريقيا وأمريكا قارة واحدة، يفصل بينها بحر يُسمي تيسس Tethyes وهو الأب الشرعي للبحر المعروف حاليًا باسم البحر الأبيض المتوسط، .
وبحسب العلماء، لم يكن هناك رابط أرضى بين الكتلة الشمالية التي تضم آسيا وأوروبا والكتلة الجنوبية التي تُعد أفريقيا جزءًا منها، غير أن الديناصور الذي اكتشفه الفريق المصري قد يكشف وجود «جسرًا أرضيًا» بين أوروبا وأفريقيا، عبر من خلاله ذلك النوع من الديناصورات، لينقسم مسارهما التطوري، ليشكلان نوعين شديدي الشبه ببعضهما البعض، الأول في أوروبا والثاني في أفريقيا.
وبحسب الدكتورة إيمان الداودي، فإن الاكتشاف الجديد يؤكد وجود اتصال ما بين أوروبا وأفريقيا قبل نحو 70 مليون سنة، مشيرة إلى أن نقطة الأتصال مجهولة إلى الآن، لكن قد يتم الكشف عنها في المستقبل القريب «ربما تكون تلك النقطة عبارة عن نتواءات متصلة في منطقة البحر المتوسط، الذي كانت شواطئه تصل في تلك الآونة إلى حدود الواحات الداخلة والخارجة».

ماذا بعد الاكتشاف؟

أكد الدكتور هشام سلام، الباحث الرئيس فى الدراسة، أنه يتمنَّى مواصلة استكشاف الصحراء للكشف عن الديناصورات، والحصول على الدعم المناسب؛ أدبياً ومادياً من الجهات المعنية، كما يتمنَّى الكشف عن ديناصور من نوع «سبينوصور» المصرى، الذى عاش قبل نحو ٩٠ مليون سنة فى الصحراء الغربية وشمال أفريقيا.
كما يطمح «هشام» لأن يكون فريقه نواة لفرق مصرية معنية بدراسة الحفريات الفقارية: «فى الخارج.. هناك نوع من السياحة قائم على تلك الحفريات».
إن الاكتشافات من ذلك النوع تُمهِّد الطريق أمام معرفة ماضينا السحيق - على حد قول هشام سلام، الذى يعتقد أن الماضى جزءٌ وثيق الصلة باللحظة الراهنة، وأن معرفته قد تعنى التنبؤ بالمستقبل؛ فحين نعرف على سبيل المثال كيف اختفت الديناصورات سنحاول تلافى العوامل التى أدت إلى اندثارها، وبالتالى نُحقِّق الأمان للبشرية فى المستقبل؛ فمعرفة الماضى خير وسيلة للدفاع عن المستقبل.
في النهاية: نتمني أن يكون هذا الموضوع قد نال اعجابك ولا تتردد في مشاركته.

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة