-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية مع وقف التنفيذ لدعاء عبدالرحمن ( الفصل السادس والعشرون )

أصدقائي الأعزاء متابعي موقع قصص 26 يسعدني أن أقدم لكم الفصل السادس والعشرون من رواية مع وقف التنفيذ لدعاء عبدالرحمن وهي رواية رومانسية واقعية ذات طابع ديني تتسم بالكثير من الأحداث والمواقف المتشابكة التي ستنال اعجابك بالتأكيد فتابع معنا.

رواية مع وقف التنفيذ لدعاء عبدالرحمن ( الفصل الخامس والعشرون )

رواية مع وقف التنفيذ لدعاء عبدالرحمن ( الفصل السادس والعشرون )
رواية مع وقف التنفيذ لدعاء عبدالرحمن ( الفصل السادس والعشرون )

رواية مع وقف التنفيذ لدعاء عبدالرحمن ( الفصل السادس والعشرون )

عالم السجون ... إنه فى عالم إختلفت فيه المعايير وتغيرت المقاييس .. لم يعد السجن هو مصير المجرمين والسفاحين فقط
بل أصبح السجن مصير المتدينين وأصحاب الرأى أيضا وكل حر شريف يأبى أن يضع راسه فى التراب ويدفنها بين حبات الرمل
ويصدح بالحق لا يخشى فى الله لومة لائم ..
دُفع ثلاثتهم بقوة داخل العنبر وأُغلق الباب الحديدى خلفهم ليصدر صريراً مزعج أيقظ على أثره النيام داخل العنبر ...
وقف ثلاثتهم ينظرون الى بعضهم البعض وأعينهم تفيض بسؤال واحد فقط ..وماذا بعد ... وقعت أعينهم على رجل ملتحف ببطانية سوداء
فى أحد الاركان على أرض العنبر فقال عمرو :
 - وده نايم على الارض ليه ده مش كل واحد هنا ليه سرير
أقترب بلال منه بقلب مقبوض وكأنه يشعر لماذا هذا الجسد قد سُجى هكذا وقبل أن يلمسه
هتف أحد الرجال الاخرين من زملاء العنبر :
 - سيبوا ده ميت
أصابتهم غصة فى حلوقهم وهم يتبادلون النظرات ..أنحنى بلال لينظر فى وجهه فوجد ما كان يعتقده ..
أخ صغير فى السن له لحية صغيرة واضح عليه اثار التعذيب بشدة أغمض بلال عينيه بألم وهو يقول :
 - إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم اجرنا فى مصيبتنا واخلف علينا خيرا منها
غادر أربعة مسجونين سرائرهم واقتربوا منهم متسائلين :
 - أنتوا جايين فى ايه مفيش مظاهرات الايام دى شكلكوا كده كنتوا بتحضروا درس فى المساجد وبتكلموا فى السياسه صح
قال الرجل الاخر :
-  بس أنتوا حظكوا حلو والله أنكوا جايين فى الوقت ده اصلكوا لو كنتوا جيتوا الصبح كنتوا حضرتوا حفلة الاستقبال
عقد فارس بين حاجبيه وقال :
-  حفلة استقبال أيه
قال الرجل :
-  حفلة الاستقبال دى يا سيدى بيستقبلوا بيها كل عربية ترحيلات بتوصل السجن ..
الاول بينزلوا المساجين من العربية بالكلاب البوليسيه وأنت وحظك ..
وبعد ما تنزل وانت بتجرى من الكلاب قبل ما تتعض يستقبلوك العساكر بالعصاية الكهربا والكرابيج ساعه ساعتين
لحد ما كله يقع على الارض ويستسلم للضرب بعدها بقى يوزعوهم على العنابر ده غير الشتيمه وقلة الادب وسب الدين .. دى بقى حفلة الاستقبال

أومأ بلال برأسه وهو يربط على كتفهم مطمئناً ونظر لهم نظرات مطمئنة أنهم قد عبروا تلك المرحلة بأمان
فمن الواضح أن وكيل النيابة صديق فارس كان يعلم هذا ايضا لذلك أمر بترحيلهم فى هذا الوقت من الليل ..
شعر فارس بغصة فى قلبة وهو يرى بلاده لاول مرة بصورة حقيقية غير التى كان يراها فى الخارج ..
فى خارج ذلك العالم .. عالم السجون والمعتقلات .. أخذهم زملاء العنبر الى أفرشتهم كل واحد منهم على سرير صغير
عليه بطانية خشنة ..

جلس عمرو على طرف فراشة مشدوهاً لما رأى فى تلك الايام أولا فى أمن الدوله وثانيا هنا فى السجن ..
وقال بغضب وعصبية موجهاً كلامه لفارس :
-  وبعدين يا فارس هنفضل كده لحد أمتى حتى منعرفش تهمتنا ايه
جلس أحد الرجال على السرير بجواره قائلا:
-  لا لازم تهدى وطى صوتك اللى بيعلى صوته هنا بيتسحب على عنبر التأديب
ألتفت عمرو إليه وحدق به قائلا :
-  ايه عنبر التأديب ده كمان

أبتسم الرجل وقال :
 - اه معلش كان المفروض أشرحلكم من الاول .. النظام هنا ... السجن متقسم كذا عنبر ..عنبر التأديب وده متقسم زنازين صغيره مترين فى مترين وده بيبقى أنفرادى ..
وعنبر الجنائى ودول بقى تجار المخدرات وقتالين القتله وغيرهم وعنبر التخابر وده بقى مخصص للجواسيس وده بقى أنضف عنبر هو وعنبر القضاة وافراد الشرطه اللى بيجى هنا متهم فى قضية رشوة ولا فساد والمعامله فيهم معامله خمس نجوم ..
وهنا بقى العنبر السياسى وده كل اللى بيقول رايه فى البلد دى ومعظمه مشايخ زى ما أنت شايف ..ابتسم بلال وهو يومىء براسه
وقال :
-  ونسيت عنبر الاخوان
ضحك الرجل بصوت خفيض وقال ل بلال :
 - اظاهر انك جيت هنا قبل كده يا شيخ
قال بلال بجمود :
-  جيت مره واحده بس عرفت كتير
كتم عمرو غضبه وقال :
 - برضه محدش جاوبنى هنفضل كتير ومن غير ما نعرف تهمتنا ايه ؟
ربت الرجل على كتفه قائلا :
-  طالما محدش حقق معاكوا يبقى مفيش تهمه وبما أنكوا جايين دلوقتى يبقى انتوا مش معتقلين رسميين
قال فارس بإقتضاب :
-  يعنى أيه مش رسميين
تكفل بلال بالرد عليه قائلا :
-  يعنى زي ما صاحبك قالك .. متوصى علينا
أقترب عمرو من فراش بلال وجلس على طرفه قائلا :
 - مين اللى هيوصى علينا يتعمل فينا كده مين
قال بلال وهو ينظر أمامه بشرود :
 - مش عارف يا عمرو بس الموضوع ده شكله هيطول ولازم نحاول نهدى علشان نعرف نفكر..
قال كلمته الاخيره ثم نهض قائلا:
-  تعالوا نصلى على الأخ اللى مات ده
قال الرجل الذى يحدثهم :
-  هيجوا يخدوا جثته الفجر مع انهم عارفين ان فى واحد ميت هنا من بعد العشاء

**************************************

 - ميرسى يا فندم ..
نطقت دنيا بهذه العبارة وهى تتناول الشيك من والد هانى المتهم فى قضية القتل
وبرقت عينيها وهى تنظر للمبلغ المدون فيه وقالت بابتسامة :
-  حضرتك أطمن خالص أبنك هيبقى فى حضنك قريب جدا
قال الرجل بلهفة :
 - يارب يا استاذه ربنا يسمع منك ... ثم قال بتسائل :
 - هو الدكتور فارس مجاش النهارده ولا ايه
قالت بتمساك:
-  الدكتور فارس مش بيجى كل يوم ولما بيكون مش موجود انا ببقى مكانه

أومأ الرجل برأسه متفهماً وقال :
-  المهم عندى أنه هو اللى يشتغل القضية بنفسه
رفعت حاجبيها بدهشة مصطنعة وهى تقول :
-  طبعاً يا فندم القضايا اللى زى دى الدكتور فارس هو اللى بيكتب فيها المذكرات وهو اللى بيترافع
واحنا بس بنعمل الشغل الادارى والمالى بتاعها يعنى حضرتك هتشوفوا فى المحكمه ان شاء الله ..
بعد قليل أنصرف الرجل ودخل خلفه وائل مسرعا ً وقال بعينين لامعتين :
 - أداكى الشيك

ابتسمت بثقة وهى ترفع الشيك امام عينيه ثم وضعته فى حقيبتها قائلة بقلق :
 - أهى الفلوس بقت معانا أهى والراجل جاب الاتعاب كلها مش نصها زى ما كنا فاكرين عاوز ابنه بأى طريقة
يارب بقى باسم يخلصنا من القضية دى بسرعة بقى انا قلقانه اوى
قال وائل مشجعاً :
-  متقلقيش يا استاذه انتى قدها وقدود والاستاذ باسم خلاص ظبط الناس مش ناقص غير الفلوس علشان ينفذوا
ربتت على حقيبتها وهى تقول :
-  وأهى الفلوس أهى يلا بقى كلمه وخليه يخلصنا
تحدث وائل هاتفياً مع باسم وأخبره أن المال قد اصبح بحوزت دنيا .. مد وائل يده بالهاتف الى دنيا قائلا:
-  الاستاذ عاوز يكلمك
تناولت الهاتف وقالت بتعالى :
 - أيوا

ابتسم باسم عندما لاحظ نبرة صوتها المتعاليه وقال بسخرية :
-  طب حتى استنى لما تصرفى الشيك وبعدين ابقى اتغرى براحتك
مطت شفتيها بضيق وقالت :
 - خير يا أستاذ باسم
 - بكرة هنروح نصرف الشيك سوا ونطلع على طول على سكرتير النيابة نكيشه ونخلص معاه
وبعدين نقعد مع بعض ونقسم الاتعاب علينا زى ما أتفقنا ماشى ..
قالت بإقتضاب :
 - بس هنقعد فى مكان عام مش عندك فى المكتب
أطلق ضحكة عاليه اشعرتها بالاشمئزاز وقال بخبث :
 - ايه موحشتكيش ولا ايه
أتسعت عينيها وشعرت انها ستتقيأ عندما ذكرها بما حدث سابقاً ..
أغلقت الهاتف فى وجهه وهى تتمتم :
-  حيوان

**********************************


وقف صلاح ينظر الى إلهام التى كانت تتحدث فى الهاتف بلهفة وهى تقول لمحدثها :
 - طبعاً يا باشا من رجالتنا ومينفعش نسيبه كده دى حتى تبقى وحشه فى حقنا وبعدين اللى موصى عليه ده مش أكبر من معاليك
صمتت بعض الوقت تستمع إليه ثم قالت بثقة :
 - يافندم ارهاب ايه عمرو ده راجل روش سينيمات ومسارح يافندم دى رنة التليفون بتاعة عشره بلدى
صمتت قليلا مرة ثم قالت وهى تنقر على سطح مكتبها بأطراف أصابعها بعصبية ..
-   ماشى يا فندم اللى تشوفه ساعتك المهم بس ميطولش كتير..
أغلقت الهاتف وزادت عصبية نقرها على المكتب فقال صلاح متلهفاً:
-  ها يابشمهندسة ايه الاخبار

ضربت المكتب بقبضتها وهى تقول بضيق :
 - لو كان لوحده كان طلعه بسهوله المشكله فى الاتنين اللى معاه علشان كده بيقولى الموضوع هياخد وقت
قال صلاح بحزن :
-  يعنى الولد المسكين ده هيفضل مرمى كده من غير ذنب
قالت بعصبية :
-  مش قادره اعمل اكتر من كده يا صلاح انا وصلت لاعلى المستويات كل اللى وعدونى بيه أن محدش هيقربله
وهيفضل هناك معزز مكرم لحد ما يطلع .. خبطت سطح مكتبها مرة أخرى حتى آلمتها قبضتها ففركتها بغيظ وضيق وهى
تقول :
 - لو كان لوحده كنت عرفت اطلعه النهارده المشكله فى الاتنين اللى مربين دقنهم اللى معاه دول ..انا عارفه ايه الاشكال اللى بيعرفها دى ..!!!

********************************

فُتح باب العنبر مرة أخرى فتعلقت ابصار الجميع به .. دخل الشاويش المسئول عن العنبر وتقدم بأتجاه عمرو وفارس وبلال
واشار إليهم بحزم وقسوة قائلا:
-  تعالوا معايا أنتوا التلاته
نظر ثلاثتهم الى بعضهم البعض بتسائل فصرخ بهم بصوت كرية مرة اخرى :
 - بقول قوم انت وهو
نهض ثلاثتهم وهم ينظرون إليه بحنق وتعلقت به ابصار شركائهم فى العنبر وهم ينظرون إليهم بشفقة ..
سار ثلاثتهم خلفه وبعد أن أغلق العنبر أمرهم ان يسيروا خلفة ..ساروا قليلاً حتى توقف بهم أمام أحد الزنازين
وشرع فى فتح بابها وهو يقول متبرماً :
 - حظكوا من السما ...
فتح الزنزانة ثم دفعهم داخلها بقسوة مرة أخرى وأغلقها خلفهم
كانت الزنزانة اقل عددا من العنبر الاخر بكثير فلا يوجد فيها الا خمسون رجلاً فقط ..
أما العنبر فكان به حوالى ثلاثمائة رجل .. ولقلة العدد فيها كانت تبدو أكثر آدمية من التى قبلها ..
والفُرش والاغطية كانت تبدو أكثر راحه من العنبرالاول  نوعاً ما ...نظر زملائهم إليهم متسائلين كما يُفعل مع كل مُعتقل جديد
فالقى بلال السلام ..أجابة الجميع بنفس واحد خافت :
-  وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ألقى ثلاثتهم أجسادهم على فُرُشِهم بإنهاك الشديد ولاول مرة تذوق عيونهم طعم النوم منذ أعتقالهم ...
بعد ساعة استيقظ بلال على هزات خفيفة ..أنتبة من نومه دفعة واحدة بإنفعال فربت الرجل الذى كان يوقظه على صدره يهدئة
وهو يقول :
-  أهدى يا اخى أنا بصحيك علشان تلحق الصلاة متخافش
نهض بلال وهو يشعر أن عظامه مختلطه ببعضها البعض فى ألم شديد ..توجه الى فارس وعمرو وأوقظهم بنفس الهزات الخفيفة
فأستيقظوا بنفس الانتباه المفاجىء واتساع حدقاتهم بإنفعال شديد فطمئنهم وهو يقول :
 - يلا قوموا علشان نلحق الصلاه

زفر عمرو بقوة وو يقول :
 - يا اخى حرام عليك ده انا مصدقت يغمضلى جفن
توجه فارس أليه وهو يمسك بيده لينهضه رغماً عنه قائلا :
-  قوم صلى يا عمرو الله اعلم احنا أعمارنا هتخلص أمتى
وقف بلال بعد ان توضأ ليصلى بهم ولكن الرجل الذى ايقظه اقترب منه وقال محذرا :
 - كل واحد يصلى لوحده يا دكتور .. صلاة الجماعه ممنوعه هنا

أومأ بلال برأسه وقد تذكر بخبرته السابقة أن صلاة الجماعه ممنوعه داخل السجن ..
فألتف إليه فارس قائلاً :
 - ويمنعوا صلاة الجماعه ليه
قال الرجل :
-  هى الاوامر كده ممنوع صلاة الجماعه وممنوع صلاة الجمعه واللى بيظبطوا بيصلوا جماعه بيتحولوا للتأديب

ضرب عمرو كفا ً بكف وهو يقول :
 - هو أحنا فى غوانتانمو ولا ايه

أنتهى الثلاثه من صلاتهم تباعاً واحداً تلو الاخر.. مر يومان والحال هكذا لم يتغير ..
كانت بوابة الزنزانة تغلق عليهم فى تمام الخامسة والنص مساءا وكذا يكون أنتهى اليوم داخل السجن
فيبدأ بلال فى أعطائهم بعض التمرينات الرياضيه التى تقوى عظامهم لتستطيع تحمل خشن العيش داخل السجن
وليستطيع مقاومة الرطوبة المنتشرة فى كل مكان فيه ... كان الجميع يستجيب له الا واحداً لاحظ بلال أنه يرمقهم بنظرات غاضبة
وكارهة لهم يظهر ذلك فى عينيه جلياً كلما التفت إليهم على مدار يومين كاملين
ولاول مرة يتدخل هذا الرجل بالحديث عندما راى فارس ينهض من فراشه ويجلس على طرف فراش بلال وهو يقول
بقلق :
 - مفيش أى وسيلة هنا نطمن الناس اللى برا علينا .. زمانهم دايخين علينا فى كل حته دلوقتى ومش لاقين لنا أثر ..
فقال هذا الرجل هاتفاً :
 - والله أهلكوا زمانهم مستريحين منكوا ومن التشدد بتاعكوا
ألتفت إليه فارس بغضب بينما ربت بلال على ذراعه حتى لا يرد عليه بغضب فصمت فارس وترك المجال لـ بلال بالرد

فقال له بابتسامة :
-  هو فى اهل فى الدنيا يبقى مستريحين وولادهم فى السجن
ترك زملائهم فى الزنزانة ما كانوا منشغلين به وبدأوا فى متابعة الحوار ظنا منهم أنه سينتهى بمعركة تكون نهايتها زنزانة تأديب منفردة لكل منهما...
نظر له الرجل بحنق قائلاً :
 - لا طبعا بس اللى زيكوا أنتوا اهلهم هيستريحوا منهم تلاقى كل واحد فيكم عنده أخت بيجرجرها من شعرها وينزل فيها ضرب لو شافها بتسمع أغانى ولا بتتفرج على فيلم
آخر عبارة نطقها جعلت فارس وبلال ينظران الى بعضهما البعض ويبتسمان رغماً عنهما ..
مال فارس للامام وهو يقول له :
-  حضرتك العنوان غلط اللى بيعملوا كده الممثلين اللى بيطلعوا فى التلفزيون مش أحنا
نظر له الرجل بتهكم وقال :
 - الممثلين دول بيمثلوا حياتكم واللى بتعملوه فى أهلكوا بسبب تشددكوا فى الدين

تدخل بلال قائلا:
-  ممكن اسأل حضرتك سؤال ..مش زمان كنا بنسمع أن الممثل علشان يندمج فى الدور بتاعه لازم يروح يعيش فى وسط الناس اللى هيمثل دورهم فى المسلسل
يعنى مثلا كنا زمان نسمع ان واحد راح دخل السجن علشان يعرف يمثل حال المساجين صح ولا لاء
أومأ الرجل براسه قائلا:
- أه طبعا سمعنا كده كتير
ابتسم بلال ثم قال :
 - طيب هل الممثل اللى بيمثل دور الملتزم ده بيروح يعيش مع الملتزمين فى بيوتهم وبيشوفهم بيعاملوا أهاليهم أزاى واخوتهم وزوجاتهم
قال الرجل ساخرا:
-  هيروح ازاى يا شيخ يعيش معاهم فى بيوتهم هو طبعا بيتصور حياتكوا مع اهاليكوا
رفع بلال حاجبيه وقال بهدوء :
-  طيب مش يبقى ده ظلم أنه يحكم علينا اننا بنضرب اخواتنا وزوجاتنا وهو عمره ما عاش وسطنا ونجرجرهم من شعرهم كمان علشان بيسمعوا أغانى ويطلع يمثل كده فى التلفزيون ويخلى الناس تصدق عننا كده وتخاف مننا وأحنا مش بنعمل كده أصلا
تدخل زميلاً آخر لهم وقال :
 - والله أنت معاك حق يا شيخ ده أنا ليا جار زيك كده لما مراته بتقعد مع مراتى يرغوا مع بعض شوية بترجع مراتى تقولى أنت مش رومانسى ليه زى جارنا الشيخ

قال الرجل الاول معترضاً والله بقى أحنا خدنا عنكوا الفكره دى بسبب التشدد اللى أنتوا فيه
وكل حاجه حرام حرام حرام حرمتوا علينا عيشيتنا
أتكأ بلال على أحدى جانبيه وقال :
-  طب ممكن اسألك سؤال كمان ومعلش تعالى على نفسك وجاوبنى
قال الرجل بملل :
 - أتفضل

قال بلال بجدية :
-  حضرتك عندك سخان غاز ولا كهربا؟
نظر له الرجل بدهشة وقال متهكماً :
 - سخان غاز يا سيدى ليه
ابتسم بلال قائلاً :
-  ممتاز ... فاكر حضرتك أول مرة ركبته فيها
 - فاكر
أعتدل بلال فى جلسته وقال باهتمام:
 - يا ترى شغلته لوحدك
زاد الرجل مللاً وهو يجيب قائلاً :
 - لاء طبعاً صاحب المحل قالى معاه كتالوج ولازم أمشى على الخطوات اللى فيه بالظبط
قصد بلال ان يقول ببرود:
-  وسمعت كلامه ليه

هتف الرجل بعصبية :
 - يعنى ايه سمعت كلامه ليه مش هما اللى عاملينه وأدرى بيه
عقد بلال بين حاجبيه وقال :
 - صاحب المحل اللى اشتريت منه السخان متشدد زينا

صوب الجميع نظرة لبلال الذى كان يتحدث باريحيه وسلاسه فى الحديث والغلاف الذى كان يميز حديثه هو المنطق والهدوء ...
وخصيصاً عندما ظهرت علامات الدهشة على وجه الرجل وقال بحيرة :
-  مش فاهم
عقد بلال ذراعيه بهدوء وهو يقول :
-  يعنى ربنا سبحانه وتعالى هو اللى خلقنا وهو اللى قالنا عن طريق رسولنا محمد صل الله عليه وسلم أن ده حرام وده حلال سواء فى القرآن أو فى السُنة ..
يعنى القرآن والسُنة دول ومن بعديهم اقوال السلف الصالح هما الكتالوج بتاعنا
علشان كده لما أنا أقرا فى الكتالوج ده وأعرف أن ده حرام واقولك عليه   مينفعش حضرتك تقول عليا متشدد لانى كل اللى عليا أنى بنقل لحضرتك كلام ربنا وأوامره ونواهيه مش أكتر من كده يبقى انا متشدد ليه بقى

أطرق الرجل مفكراً وسادت همهمه بسيطه خافته بين شركائهم فى الزنزانة معجبين بحديث بلال
بينما ابتسم فارس وهو ينظر لبلال بإعجاب شديد ..ولكن الرجل تمتم بإعتراض :
 - اه بس فى حاجات بتقولوا عليها حرام مش موجوده فى القرآن ولا فى السنه ..
يعنى مفيش آيه ولا حديث بيقولوا المسلسلات حرام والافلام حرام ..
أجابة بلال بهدوء :
 - أزاى بقى يا راجل .. يعنى أنت مثلا عمرك ما عديت على الايه اللى بتقول :
(قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِ‌هِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُ‌وجَهُمْ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ إِنَّ اللَّـهَ خَبِيرٌ‌ بِمَا يَصْنَعُونَ . وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِ‌هِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُ‌وجَهُنّ )
ثم تابع قائلا :
قولى بقى حضرتك هتسمع كلام ربنا وتغض بصرك أزاى وأنت قاعد تتفرج على الممثلات المتبرجات وأزاى زوجتك أو أختك هتسمع كلام ربنا وتغض بصرها عن الرجاله وهى قاعده تتفرج على ممثل ومعجبه بشكله شويه وبطريقة كلامه شويه ورومانسيته شويتين ..
يبقى أنا لما اجى اقولك ان الحاجات دى حرام ليه تقولى انت متشدد وانا كل اللى بعمله انى بوضحلك ربنا قايل ايه فيها يعنى من الاخر بشرحلك من الكتالوج ...
وأردف قائلاً:
وزى ما حضرتك متأكد ان المصنع اللى صنع السخان وعمل الكتالوج وحط فيه ضوابط للتشغيل هو أدرى بالسخان وباللى ينفعله واللى مينفعلوش
واللى يبوظه واللى ميبوظوش يبقى برضه لازم حضرتك تبقى متأكد أن الحرام والحلال دول مش علشان يضايقوا حضرتك,, لاء,, ده علشان ربنا سبحانه وتعالى هو اللى خلقنا وهو أدرى بينا وبقلوبنا  وايه اللى يخلينا عباد الله المؤمنين وايه اللى يخلى قلوبنا فاسدة والعياذ بالله .


**************************************************

فتحت عبير باب شقتها لعزة التى دخلت مسرعة وقالت بلهفة :
- عبير عرفنا مكانهم يا عبير
أتسعت عيناها وتشبثت بملابسها وهى تقول بلهفة أكبر :
 - بالله عليكى يا عزة عرفتوا مكانهم طب هما فين وعاملين ايه وعرفتوا ازاى ؟
جائت أم بلال على صوت عبير الملهوف وتعلق بصرها بعزة وهى تنقل ابصارها بينهما
وتقول :
-  الاستاذ صلاح اللى عمرو كان شغال عندهم فى الشركة كان جه سأل على عمرو من يومين كده
ولما عرف اللى حصل قالى أنهم هيحاولوا يعرفوا طريقهم وكتر خيره أتصل بيا النهارده من شويه
وبلغنى أنهم عرفوا أنهم موجودين فى سجن طره وأنهم كويسين اوى وبيتعاملوا كويس أوى ومفيش تهمه معينه متوجهالهم وهيخرجوا قريب ان شاء الله
وضعت أم بلال يدها على صدرها وهى تقول :
-  الحمد لله

ولكن عبير هوت الى الارض ساجدة تبكى وتدعوا وهى تشعر أن قلبها لم يعد ينبض
منذ أن غادرها فى ذلك اليوم المشئوم ولكنها بدأت تطمئن شيئا قليلاً بعد هذه الاخبار
وأخذت تدعوا الله أن يرده اليها رداً جميلاً وأن يحفظه لها ولأمه ولأبنائه .......

عانقت أم فارس مُهرة وهما يبكيان من الفرحة لمجرد أن علموا أنه بخير
ولم يصبه مكروه مما كانوا يسمعوا عما يحدث للمعتقلين من قبل ...
أبتعدت مُهرة قليلاً وهى ممسكة بيد أم فارس وقالت بهيستيرية :
 - لازم نعمل المستحيل ونروح نشوفه يا ماما

أبتسمت أم فارس وهى تستمع لتلك الكلمة من فمها لاول مرة
وقالت :
-  يابنتى الحمد لله اننا عرفنا مكانه وأنه بخير هو وصحابه الحمد لله مش عارفه بقى حكاية الزياره دى هتنفع ولا لاء وهنعملها ازاى ... صمتت قليلاً
ثم قالت :
 - انا كده كده هتصل بـ دنيا علشان ابلغها الاخبار الحلوه دى وأكيد هى مش هتسكت وهتحاول تروحله وساعتها تبقى تاخدنا معاها ...
هرولت مُهرة الى الهاتف وهى تقول بلهفة :
-  طب يا ماما كلميها دلوقتى مش لازم نضيع وقت

أخذت أم فارس الهاتف وقصت عليها ماحدث مما جعل دنيا تبتلع ريقها بصعوبة
وأستشعرت الخوف من أحتمالية خروج فارس بهذه السرعه فالقضيه ما زال امامها شهرين على الاقل قبل النطق بالحكم
سمعت ام فارس وهى تقطع عليها افكارها فقالت :
 - ايوا معاكى معاكى ..
طيب انا هشوف الحكايه دى وابلغك بالتطورات قريب أوى ان شاء الله انا هقفل دلوقتى علشان معايا شغل مهم ..
أغلقت أم فارس الهاتف وهى تنظر له مندهشة وتقول متعجبةً:
- غريبة اوى كنت فكراها هتطير من الفرحه مش عارفه كلمتنى كده ليه أنا قلبى مش مطمن
قالت مُهرة بسرعة :
-  خلاص يا ماما متزعليش نفسك انا هحاول مع علاء تانى

نظرت لها أم فارس غير راضية وقالت بإستنكار :
 - لاء مش عاوزين منه حاجه مش كفايه اللى عملوا فيكى قبل كده هترجعى تتذليلوا تانى
نظرت امامها بشرود وهى تقول بخفوت :
-  زى بعضه تانى وتالت كله فداهم

****************************************


وضعت أم يحيى أكواب الشاى أمام علاء ومُهرة وهى
تقول برجاء:
-  معلش يا علاء علشان خاطرى انا حاول
هز علاء رأسه نفياً وهو ينظر الى عينيى مُهرة الراجية ويقول :
-  كله الا سمعتى ,, مقدرش ,, أنا نجم ولو سُمعتى حصلها خدش واحد موهبتى مش هتنفعنى
نظر له يحيى بإزدراء لاول مرة يراه على حقيقتة زال الابهار الذى كان يشعر به تجاهه وقال بنفور :
-  كل ده ميجيش حاجه قدام حياة تلاته كنا بنعتبرهم مثلنا الاعلى
نظر له علاء متهكماً وقال بسخرية :
 - مثلك الاعلى أنت مش أنا
شعرت مُهرة ببغض شديد تجاهه وهى تتبادل النظرات المعاتبة مع والدتها وهى تقول موجهةً الحديث إليه :
 - والدكتور بلال ميخصكش هو كمان مش ده كان ليه فضل عليك بعد ربنا
وضع علاء كوب الشاى بعصبية وقال :
 - أنا أول مره اعرف أن لما راجل  يروح يزور مراته تقعد تكلمه على رجاله تانين أنا لو كنت اعرف كده مكنتش جيت من اساسه ..
هب واقفاً وأنصرف بعصبية ..كان يشعر بوخز الضمير تجاه بلال ولكن كرهه لفارس جعله يتناسى امرهم جميعاً ..
أقترب يحيى من أخته وهو يقول باسى :
-  معلش يا مُهرة متزعليش نفسك
نظرت لوالدتها مرة أخرى وهى تقوله :
 - انا مش زعلانه منه أنا زعلانه عليه اللى زى ده بيفضل طول عمره عايش لنفسه وبس
علشان كده لما عمره هيخلص محدش حتى هيفتكر يترحم عليه ..

*****************************************

مر شهراً كاملاً ثلاثون يوماً حتى تكونت صداقه بين أبطالنا الثلاث وزملائهم فى الزنزانة
حتى جاء ذلك اليوم الذى فُتحت فيه بوابة زنزانتهم الحديدية معلنةً عن قدوم احد ما ...
دخل الشويش المسؤل عنهم و بصوته الغليظ أشار ل عمرو قائلاً :
-  يالا علشان هتخرج يا عمرو
هب عمرو واقفاً غير مصدق لما سمع ونظر الى بلال وفارس وقال :
-  طب وهما
صرخ الشاويش فيه بنبرة قاسيه :
 - يالا ياخويا هى رحله ,, أنت بس اللى هتخرج

نهض فارس وبلال عانقاه بحرارة وقد دمعت عينيه وهو يقول :
-  مش هسيبكوا وأمشى
أبتسم فارس وهو يدفعه فى كتفه قائلا:
 - يالا يابنى هتعملى فيها بطل ولا ايه ده أحنا مصدقنا حد يطلع يطمنهم علينا يالا ..
أمسكه بلال من كتفه قائلاً بعينين دامعتين :
 - خلى مراتك تروح لمراتى وتطمنها عليا ثم ابتسم وهو يردف قائلا:
-  وعلشان تصدق أنى أنا اللى باعتلها الرساله الشفويه دى خاليها تقولها..
بلال بيقولك أنتى وحشتينى أوى وبضمير.. أومأ عمرو وقد حفظ رسالة بلال ونظر لفارس الذى أحتار ماذا يقول
ماهى الرساله التى يرسلها لاهله فقال :
 - وانا كمان روح البيت عندنا وطمنهم كلهم عليا وقولهم ان شاء الله أننا هنخرج أحنا كمان
تقدم الشاويش وجذب عمرو من ذراعه بقسوة وهو يصيح به :
-  يالا ياخويا بدل ما خاليك تكمل معاهم هنا

خرج عمرو ينظر إلى الطريق غير مصدق أنه مازال على قيد الحياة حتى هذه اللحظة نظر خلفه وكأنه يرى اصدقاء محنته قابعون فى زنزانتهم يودعونه بنظراتهم الدامعة ..
أخذ شهيقاً كبيرا ليملىء صدره بالهواء النقى خارج حدود اسوار السجون المظلمة
بما فيها من رائحة الرطوبة العفنة واصوات المعذبين وأتجه الى أول سيارة أجرة قابلته ..
لم يسال عن وجهتها كل ما كان يريده هو الابتعاد ....
الابتعاد وفقط ...
غادر عمرو سريعاً وهو يتذكر تلك الليلة المظلمة التى دخل عليهم فيها ذلك الاخ الملتحى متقطعة أنفاسه من كثرة التعذيب ..تفوح منه رائحة شواء جلده من كثرة الكهرباء التى تعرض لها وكل هذا ليس لذنب اقترفه ولا ذنب ألم به
سوى أنه قال لظابط أمن دولة كان يقبض على صديقة دون حق قال له  اتقى الله ..
لم يلبث الفتى الصغير بينهم سوى دقائق ثم نطق بالشهادة
سالت  دموعهم عليه تروى جرحه كما تروى السحب بامطارها حشاش الارض
 ثم أخذ ينشد بصوت مدبوح

غرباء و لغير الله لا نحني الجباه
غرباء و ارتضيناها شعارا في الحياة

ان تسال عنا فإنا لا نبالي بالطغاة
نحن جند الله دوما دربنا درب الاباة

غرباء غرباء غرباء غرباء

لا نبالي بالقيود بل سنمضي للخلود
فلنجاهد و نناضل و نقاتل من جديد
غرباء هكذا الاحرار في دنيا العبيد

غرباء غرباء غرباء غرباء

كم تذاكرنا زمانا يوم كنا سعداء
بكتاب الله نتلوه صباحا و مساء

غرباء غرباء غرباء غرباء

غرباء و لغير الله لا نحني الجباه
غرباء و ارتضيناها شعارا للحياة

وفاضت روحه إلى بارئها
*********************

إلي هنا ينتهي الفصل السادس والعشرون من  رواية مع وقف التنفيذ لدعاء عبدالرحمن، 
تابعونا على صفحتنا على الفيس بوك من هنا للمزيد من الروايات الأخري
تابع 

الفصل السابع والعشرون

 من رواية مع وقف التنفيذ لدعاء عبدالرحمن 




اقرأ أيضا رواية آدم ولانا

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة