-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية أثواب حريرية - إلهام رفعت - الفصل التاسع والخمسون والأخير

مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة وأجمل الروايات الممتعة والروايات الرومانسية مع رواية رومانسية اجتماعية واقعية وصعيدية جديدة للكاتبة إلهام رفعت ورواياتها التى نالت مؤخرا شهرة على مواقع البحث نقدمها علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل التاسع والخمسون والأخير من رواية أثواب حريرية بقلم إلهام رفعت

رواية أثواب حريرية بقلم إلهام رفعت - الفصل التاسع والخمسون والأخير

اقرأ أيضا : حدوتة قبل النوم

رواية أثواب حريرية - إلهام رفعت
رواية أثواب حريرية - إلهام رفعت

 رواية أثواب حريرية بقلم إلهام رفعت - الفصل التاسع والخمسون والأخير

تابع من هنا: روايات رومانسية جريئة


رفع رأسه عن الوسادة غير قادر على النوم، ثم اعتدل ليجلس وفكره مأنوس من الأفكار المتناوبة التي تلاحقه، صورتها طُبعت في عقله ولم تختفي، دق قلبه كثيرًا، وهذا يعني تواصل عجيب بهذه الفتاة التي رآها اليوم، اضطرب من فرط شغفه لمعرفة الكثير عنها، ولن يرتاح مطلقًا حتى يعرفها، وبقى معلقًا في ذهنه سؤال واحد، ماذا سيفعل لو لم تكن هي؟، رد مبتسمًا برضى:
-حتى لو مش هي، أنا خلاص اتعلقت بيها، كلها غزل وهتعوضني عنها.
تصلب فجأة وهو يتساءل في نفسه بقلق، ماذا لو كانت هي؟، تزعزع داخليًا، وكان يستنكر ذلك، فالأخيرة حسب رؤية أهله ماتت، لم يجاوب على ذاك السؤال، بل بشغف سحب التليفون من على الكومود، وطلب أن يتصل بمصر الآن..
انتظر مراد وبداخله حيرة جمة، فهو قد صدّق بحديث أهله دون أن يتأكد، وعليه الآن معرفة ما حدث بالتفصيل، خاصة من والدته، ثم انتبه لها ترد عليه، ابتلع ريقة وقال:
-مساء الخير يا ماما!
اعتدلت السيدة في رقدتها، قالت بصوت رخيم:
-مساء الخير يا مراد، حمد الله على سلامتك، طمني عليك؟
قال بتوتر بعض الشيء:
-الحمد لله، وصلت وهبدأ العلاج من بكرة
ثم تابع متسائلاً بتردد:
-ماما هو حضرتك كنتِ بتقولي شوفتي غزل لما لقيوها ميتة، كانت هي؟!
اندهشت السيدة من معاودته فتح الموضوع، قالت:
-مراد مالك، إنت كنت مش عاوز حد يتكلم عنها قدامك، وقولت مش عاوز تفتكرها علشان متزعلش، أيه غيرك؟!
تقطب وجهه وهو يرد ببؤس:
-ماما أنا عمري ما نسيتها، أنا كنت باعمل كده علشان محدش يشوفني ضعيف، أنا مكنتش بنام من كتر ما بفكر فيها
ابتأست السيدة من حالته، فقد أدركت ذلك ولم تقول، استفهمت باهتمام:
-طيب ليه بتسأل عن موتها؟!
تردد في إخبارها أو من عدمه، لكن حاذر الآن وقال:
-قوليلي لو سمحتي اللي حصل؟
اشفقت السيدة على وضعه، ووجدت أن ما ستقوله سيحزنه أكثر، لكن اضطرت لتجاوبه قائلة بتوضيح مبسط:
-وهما بيفتشوا على غزل والولاد بين الجثث، لقيتهم بيقولوا في واحدة من هدومها، إن هي هانم مش خدامة، جرينا نشوف وفعلاً كانت هدوم غزل
سأل بسخرية:
-هو بالهدوم عرفتوها ولا أيه؟!
تابعت موضحة أكثر ما صار حينها:
-ما هو للأسف الجثة اللي لقيوها كانت مشوهة خالص، بس هدومها كانت سليمة مافيهاش حاجة، ودا كان غريب جدًا
انتبه مراد لهذه النقطة، وبدا غير مقتنع، ومرتاب كثيرًا، قال:
-ممكن متكونش هي، وتكون واحدة تانية لابسة هدومها
لم يأتي ذلك التخمين على ذهنها، لتبدأ في مرحلة القلق والتوجس، رددت:
-معقول الكلام ده يا مراد؟
نهض من تخته منفعلاً، هتف:
-ليه لأ يا ماما، اشمعنا هي الوحيدة اللي حصل معاها كده، ما كان ممكن يدبحوها زي غيرها
قالت السيدة بتحير:
-ومين يعمل كده؟، أنا مبقتش فاهمة حاجة يا مراد، حتى مافيش سرقة للقصر وكله تمام
سار مراد حاملاً التليفون، وحثه شيء داخلي أن الأمر مريب، ورؤيته لهذه الفتاة اليوم جعله يرجح أن تكون هي، لكن من جاء بها إلى هنا..
وهو في أوج ذهوله وعدم فهمه، جاء شخص واحد على فكره، هو جاسم، لربما افتعل هذه المجزرة لينتقم منه ويعيدها له، تذكر مراد أنه كان يقطن في بلد أجنبي، جحظ عينيه مصدومًا فهذا التوقع أجزم أنه الأصح، وبالأحرى من شدة تمنيه لذلك رجحه، استمع للسيدة تخاطبه:
-مراد إنت روحت فين؟!
رد بتيه عجيب صدمها:
-أنا شوفت غزل يا ماما.................!!
_________________________________

استغلت أنه ليس بالبيت كعادتها حين تكون بمفردها، واختلت في غرفة نومها، وأخذت تتذكر ما تعرضت له، تبكي، تتألم، تيأس من حياتها، رغم أن الله عوضها بشخص آخر، كان الحزن والانكسار بداخلها، لربما حالة نفسية، جعلها لم تستطع مواكبة زواجها الحالي، أو تتأقلم معه، وتعلم أن ذلك سيجعل حياتها متذبذبة، رغم أن يزيد لطيف معها ويتركها على راحتها، تشعر أنها مقصرة في واجبها تجاهه..
تنهدت مكتربة، وقالت:
-قولتله بلاش نتجوز دلوقت، هو اللي أصر نتجوز يبقى يستحمل
ثم نهضت من جلستها لتفعل أي شيء لتقضية يومها، وهي تخرج من غرفتها انتبهت لمن يفتح باب الشقة، ركزت حواسها عليه وأيضًا جاءت الخادمة، ولج يزيد حاملاً علبة كبيرة من الكرتون ومعها حقيبة ورقية، تحركت الخادمة فوًرا صوبه لتساعده وحملها عنه، بينما تقدمت هدير منه ببطء متعجبة من حضوره المبكر، ابتسم يزيد لها وأعطى الخادمة ما يحمله عدا الحقيبة، قال وهو يقترب منها:
-مساء الخير
تنحنحت قائلة بتوتر طفيف:
-مساء النور، لسه الساعة واحدة، راجع بدري ليه؟!
زيف الحزن قائلاً بعتاب:
-مش عاوزة تشوفيني ولا أيه؟!
قالت مبررة بأسف:
-أسفة مش قصدي، أصلها أول مرة
اتسعت بسمته فجأة حتى برزت أسنانه، هتف بمرح:
-أصل فيه مفاجأة عاملهالك
عقدت بين حاجبيها مستفهمة:
-خير؟!
رفع الحقيبة أمام أعينها فنظرت لها بغرابة، قال:
-جبتلك هدية!
تلقائيًا ابتسمت من تودده لها، اخذ يزيد يخرج ما بها، فقالت وهي تتابعه:
-بمناسبة أيه؟!
أخرج من العلبة الصغيرة بداخلها مشبك ذهبي (بروش)، أعجبت هدير به فقال:
-جايبهولك بمناسبة عيد ميلادي
لامت نفسها على عدم تذكرها يوم كهذا، وانطفأت فرحتها بهديته، قالت مكشرة:
-سامحني علشان ما افتكرتوش
هتف عائبًا عليها:
-متزعليش، أنا أصلا مش متعود اعمله، ما إنت عارفه
ابتسمت قليلا له فبادلها البسمة، علق المشبك (البروش) على صدرها فتأملته باعجاب، حين انتهى قالت:
-المفروض أنا اللي أجبلك
رد بعدم اهتمام:
-المهم نفرح سوا، وأنا وإنتِ واحد
لطفه الدائم عادةً من يندمها على عدم اسعاده، قالت برقة:
-كل سنة وانت طيب!
رد بنظرة اربكتها:
-وإنت طيبة!
شعر بحرجها منه فغيّر الموضوع قائلاً:
-جبت تورتة كبيرة علشان نحتفل، يلا تعالي
ثم سحبها من يدها ناحية الطاولة، حيث تقوم الخادمة بفتح قالب الكعك، وقفت هدير مبتسمة وهي تشاهد احتفاله المتواضع بعيد مولده، علا شأنه في نظرها وبدأت تتودد هي الأخرى له، حين وضعت قبلة على وجنته صدمته، قالت:
-عقبال مية سنة
نظر لها متفائلاً مما فعلته ولاح العشق في نظراته، وتيقن أنها سريعا ستعتاد عليه، قال:
-وإحنا مع بعض...............!!
______________________________________

مبكــرًا، توجه للمشفى لمقابلة الطبيب المختص بحالته، لم يهتم مراد بتلك المقابلة قدر ما قتله شغفه في رؤيتها مجددًا.
قصد الاستقبال أولاً ثم أخذ يعطي وصف لملامحها، دلته على قسم ما بالمشفى فذهب إليه يستفهم، كان مراد حذرًا بدرجة كبيرة، يخفي هيئته قليلاً حين ارتدى نظارة شمسية، ويراقب ما حوله باهتمام، سيره متكئًا على العكاز كان بسيطًا، حيث شددت رغبته في معرفتها من قوته.
ذهب هنا وهناك يسأل، فشل في إيجادها في أي مكان، وقف يخاطب نفسه:
-مش معقول تكون مشيت، دي كان باين عليها التعب
اغتم مراد ثم ترك المكان يائسًا، توجه لغرفة الطبيب إدريس ليراه وأيضًا يسأل عنها، عله يساعده.
حين ولج مكتبه وقف الأخير مرحبًا، صافحه مراد ثم جلس، قال الأخير ببشاشة:
-صباح الخير يا مراد بك، دكتور جون شوية ويوصل، أصل عنده حالة صعبة قوي
لم يعلق مراد على ذلك، بل قال باحتراز:
-كنت عاوز الأول اسأل على حاجة؟
انصت له الأخير قائلاِ:
-اتفضل!
توتر مراد وهو يخبره بتلجلج:
-فيه واحدة امبارح شوفتها، وكنت بشبه عليها وحسيت إني أعرفها
مط الأخير شفتيه ثم سأل:
-اسمها أيه؟
رد بجهل:
-معرفش، ممكن يكون اسمها هنا غير ما هقولك، يعني تكون مش هي اللي اعرفها
قال بعد تفكير خاطف:
-طيب شكلها أيه، أو معاك صورة ليها؟!
لفت الطبيب نظره لذلك، وتذكر مراد أنه يحمل صورة له معها في حافظة نقوده، قال بلهف وهو يخرجها:
-معايا!
ثم سحب مراد الصورة وناولها للطبيب، قال:
-كده هتعرف توصلها؟
رد الطبيب وهو يتمعن فيها النظر:
-إن شاء الله
ثم تابع باستشفاف:
-باين قريبتك قوي علشان تتصوروا مع بعض كده
انحرج مراد وقال معللاً:
-هي مراتي!
نظر له الطبيب بتعجب، ولم يخض في أمور خاصة، فقال بلطافة:
-طالما شوفتها هنا، فأنا بصورتها دي هقلبلك المستشفى عليها
تفاءل مراد وتتوق لذلك، ثم انتبه لدخول أحدهم المكتب، نظر له مراد مخمنًا أنه الطبيب جون، بالفعل هو وأكد إدريس ذلك وهو يخاطبه بالإنجليزية:
-دكتور جون، تفضل
ولج جون برزانة متجهًا ليجلس مقابل مراد، صافحه قائلاً:
-أنت السيد مراد، هل أصابت التخمين؟
ضحك مراد وقال:
-هالو دكتور جون، سعدت بلقائك!
خاطبه إدريس بمفهوم:
-أخبرت السيد مراد على نجاحات، وطمئنته أنه سيكون بخير تحت إشرافك
ابتسم جون ثم حدث مراد بثقة:
-لم تمر حالة عندي إلا وقد تعافت، فلا تقلق ودع الأمر لي، حالتك بسيطة، لقد تعاملت مع أصعب منها
رد مراد بتمنٍ:
-إن شاء الله، أنا متفائل خير!
لمح جون عفويًا صورة موضوعة أمام إدريس، نظر لها دون انتباه لمن حوله، لفت ذلك نظر إدريس واستغل ذلك ليساله:
-هل تعرف هذه الفتاة؟!
ترقب مراد ما يحدث باهتمام، شاكرًا في نفسه إدريس لمساعدته، قال جون وهو يتأملها عن قرب:
-أجل أعرفها، إنها فتاة فاقدة للذاكرة، كانت في غيبوبة قبلها من عدة أشهر
انتصب مراد في جلسته وهو يقول هذا، وبديهيًا أجزم أنها هي غزل، سأله باضطراب:
-هي فين؟، عاوز أشوفها
رد جون محاولاً التذكر:
-أمم، أعتقد أن دكتور بيتر هو المسؤول عن حالتها، هذا ما علمت به في قسم الفحص حين رؤيتها
وجه مراد بصره لـ الطبيب إدريس، هتف:
-هي، لو سمحت وديني عندها، عاوز أعرف حصل معاها أيه
قال إدريس بهوادة ليخفف من توتره:
-إهدى مراد بك، لكن اشرحلي اللي حصل بالتفصيل علشان نفهم
اعتزم مراد إخبارهم بالحقيقة كاملة، ليكونا على دراية بالأمر، ومن ثم يحصل على مساعدتهما له، هتف بحماس:
-هقولكم على كل حاجة، بس ساعدوني أوصلها.................!!
__________________________________

اطعمتها الممرضة بهدوء وكان جاسم يتابع ذلك مبتهجًا من تقبلها ما حدث، وسكون ملامحها، كم أراد أن يخرج بها من هنا، ولم تأتيه لحظة من رغبته في أن تستعيد ذاكرتها، اضطر لأن يتركها هنا فترة قصيرة حتى تستطع المشي، تأنى فهي معه هنا والأمر غير مقلق..
قالت غزل برضى:
-شبعت!
لم تتفهم الممرضة وسريعًا ترجم لها جاسم:
-فليكفي لهذا الحد!
اومأت الممرضة ثم حملت الطعام ودلفت، نظرت له غزل وكانت تجهل هويته، تحرك جاسم ليجلس مقابلها على طرف التخت، قال:
-باين مش مرتاحة هنا يا حبيبتي، أيه رأيك نرجع سوا بيتنا
نظرت له غزل لبعض الوقت، محاولة تذكره، لكن لا شيء، قالت بصوت أبح:
-أنا مش فاكرة أي حاجة، حتى بعد ما حكيت ليا كنت عايشة معاك إزاي
قال بخديعة:
-مش قادر أصدق إنك نسيتي حياتنا سوا، أنا وإنتِ كنا بنحب بعض قوي، بس الحادثة اللي حصلتلك كانت السبب
كانت بلهاء وهي تستمع له، ولم تعي أي شيء مما يقوله لها، وبداخلها لم تستشعر أي محبة تجاهه، كأن روحها لا تتقبله، تابع بلؤم دفين:
-لما نرجع سوا هتفتكري كل حاجة
ردت بقلة حيلة:
-بس أنا مش قادرة أمشي خالص
هتف بحماس:
-هجبلك ممرضات يعملولك علاج طبيعي، إنتِ كويسة، بس رقدتك فترة طويلة، هي السبب!
اقتنعت بكلامه، وبالأحرى سلمت نفسها له، فهو من يعرفها بينهم، كذلك لا تعرف غيْره، سألت:
-إنت قولت اسمي أيه؟!.....................
________________________________

أطرق رأسه وبدأ في بكاء صامت، متحسرًا على ما علم به للتو، فاق الأمر تحمله ولم يسيطر على مشاعره، نظروا له مبدين تعاطفهم معه، قال إدريس بتهوين:
-الحمد لله مراد بك، وجودك هنا من رحمته إنك تشوفها، يعني لو بتزعل على رجلك، كانت سبب تيجي وتقابلها، ربنا رحيم.
ردد مراد بألم وهو يمسح دموعه:
-يا حبيبتي يا غزل، كله دا يحصل معاكِ
ربت إدريس على كتفه ليحثه على التماسك، قال:
-الموضوع فعلاً خطير، وإحنا هنا هنساعدك، مش ممكن نوافق على المهزلة دي في المستشفى بتاعتنا
نظر له مراد ممتنًا، قال:
-هتساعدوني أرجعها مصر معايا؟
قال بامتثال:
-إن شاء الله، طالما هي في خطر هنساعدها، ونخلصها من المجرم اللي جابها هنا
لم يكن جون يتفهم لغتهم، لكن بحثه استشف الحوار، قال:
-سنفعل ما بوسعنا سيد مراد، ولن نترك الأمر يمر هكذا
أضاف إدريس على كلام جو:
-ولو وصل الأمر هندخل الشرطة، بس باقول بلاش الخطوة دي علشان هو معاه الجنسية الألمانية وممكن ينكر أو يحاول يأذيها، خلينا نتعامل معاه زي ما عمل مع مدام حضرتك
قال مراد بفضول:
-يعني هنخطفها؟!
هز إدريس رأسه وقال:
-هنخطفها، من غير ما حد يحس، دا اللي نقدر نساعدك بيه لحد ما ترجعها معاك، إنما جاسم مش هنقدر نتهمه بحاجة، لأنها أصلاً فاقدة الذاكرة، ومغيّر اسمها وكل حاجة عنها، ودلوقتي متعرفش غيره!
رد بعدم اقتناع:
-ما هي لو رجعت مصر معايا هتلاقيني غريب عنها، وتفكر خطفتها منه
رد مبتسمًا باستنكار:
-هناك حاول تفكرها، وريها حتى صورك معاها، وشوية شوية هتفتكر، الموضوع شخصي أكتر
ارتضى مراد بذلك فالأهم له أن تكون معه، ابتهج وظهرت سعادته، قال:
-خلاص هاخدها معايا وارجع بيها
وجه إدريس الحديث لـ جون، سأله:
-هل يمكنك مساعدتنا في تجهيز أوراقها لتستطع المغادرة معه؟!
فرك جون أسفل ذقنه وقال بدراية:
-هذا أمر سهل، أغلب رجال المافيا يهربون بأسماء وهمية
سأل مراد باهتمام:
-ربما ترفض السفر معي، ماذا سنفعل؟!
رد جون بتذكر:
-ما علمت به هو حضورها إلى هنا فاقدة للوعي، فلنفعل ما قام به هذا جاسم!
من هيئته ظهر أن مراد انتوى لرحيله معها، وهذا ما ادهش الطبيب إدريس، الذي سأله:
-طيب يا مراد بك إنت جاي هنا علشان علاج رجلك، هترجع كده
رد بلا مبالاة عجيبة:
-مش مهم أنا، المهم مراتي ترجع معايا ودلوقتي
التمس إدريس له العذر، فالأمر خطير، ولن يتحمله إحد، تنهد قائلاً:
-يبقى لازم نستعجل في كده، قبل ما تخرج معاه ويبقى صعب الموضوع.
قلق مراد ووافقه الرأي، قال بحماس شديد:
-يلا نخطفها دلوقت.................!!
_________________________________

قامت الخادمة بتوزيع المشروب البارد لكل واحد، وجلسوا يتسامروا فيما بينهم، كان السيد رشدي يتوسط أولاد حفيده، ومعه السيدة هدى، والتي قالت بانشراح:
-مش عارفة مفاجئة أيه اللي مراد محضرها، دا مبقالوش يومين مسافر، معقول لحق يعمل العملية!
تحير مثلها وأكثر، قال:
-مش عارف يا هدى، بس هو أكيد ملحقش يعمل العملية
عاد حديث مراد معها يدور في ذهنها، قالت:
-مراد مش طبيعي يا بابا، أول يوم سافر فيه اتصل بيا وكلمني عن غزل، وبيقولي شوفتها، أنا خايفة من زعله عليها يكون...
لم تكمل كلامها واكتفت أن يخمن هو، تفهم السيد وقال:
-أنا عارف إنه زعلان وبيخبي، وهو لما يجي هشوف فيه أيه، ولو كان مش طبيعي زي ما بتقولي، أنا هفضل وراه لحد ما يعيش حياته وينسى
تدخل شريف في الحديث قائلاً بتردد:
-آسف يا جدي، بس غزل مستحيل ننساها، كفاية اللي عملته علشانا
رد السيد عليه بسماحة:
-مقصدتش حاجة يا حبيبي، أنا بس باقول العشق ليه حدود، هي خلاص ماتت، المفروض نفتكر الخير ليها، والحياة مبتوقفش على حد!
تابع حديثه لـ هدى:
-أنا باقول إنتِ كمان لازم تخلي بالك من صحتك يا هدى، كفاية إنك كنتِ تعبانة ومخبية علينا
ردت محرجة:
-ما أنا بتعالج، وخبيت مش قصدي حاجة، مكنتش عاوزة أقلقكم عليا!
لم يقتنع البته بهرائها، بينما أرادت السيدة مغايرة الموضوع أفضل، سألت بمفهوم:
-سميحة كانت بتسأل، المحامي قالك أيه؟
قال منتبهًا:
-قال ممكن ياخد خمس سنين، بس وعدني يخفف الحكم عليه أكتر
قالت محتجة بشدة:
-بس دا بيدافع عن شرفه، واللي اعرفه دفاع الشرف مبياخدش حاجة وبيطلع منها
رد بجدية:
-أصله مقتلهوش وقتها، قتله بعد الحادثة، ودا بيتصنف قتل عمد، بس الدلائل اللي معانا كلها بتخفف الحكم عليه
قالت بامتنان:
-الحمد لله على كل حال، حصلنا حاجات كتير، بس ربنا بيربط على القلوب بجد.............!!
_________________________________

اختلت اعضاؤه وهي بين يديه، وهو يشتم رائحتها بالقرب منه، إحساس عجيب جعل جميع مآسيه تتبخر، والابتسامة لا تفارق ثغره، وشكر من تعطف معه وعاونه، وها هي الآن معه على متن طائرة خاصة، وراقدة على سرير مجهز بعدما تم تخديرها، ضحك مراد بخفوت وهو يستلب بعض القبلات على وجهها، في حال عدم وجود أحد، عبّر عن فرحته برؤيتها هامسًا لها بعشق:
-وحشتيني قوي
نطقها باشتياق لم يخفيه، وهو يتأمل وجهها، وشعرها الذي ازداد طوله، وظل يعبث به طوال الرحلة، تأملها بشفقة على ما واجهته، وهو يتذكر وقت أنقذت أولاده، تألم مراد ولم يخفي غيظه من جاسم، توعد بصوت مسموع مقهور:
-واللهِ ما هسيبك، عاوزك ترجع مصر تعمل حاجة تانية، مش هرحمك، ومش هرتاح غير لما أدفعك التمن.
كان مراد لآخر تحمل بداخله يخفي غضبه، فقط لأخذها لبر الآمان، ويأخذ حيطته من هذا القذر..
استمر مراد يحارب في أفكاره ويتوعد، ولم ينسى أن يتلطف مع زوجته حبيبته، ولم يخفي هذه المشاعر الجياشة نحوها سوى حين هبطت الطائرة، هنا اضطر مراد لتركها معهم لإتمام مهمة وصوله بها، وتحرك خلفهم بهدوء وبطبيعية..

لاحقًا، بعد ساعتين من مطالعة الأوراق وغيرها، هدأت أنفاسه حين استقل السيارة مع أخيه، الذي يقف مكانه يتابع دخولهما بصدمة علنية، وضع مراد رأسها على فخذه، ثم انتبه له، خاطبه بضيق:
-يلا يا يزيد من هنا، واقف كده ليه؟!
تلعثم في رده وسأل ببلاهة:
-لقيت دي فين؟!
ظنه خطفها للشبه الكبير بينها وبين غزل، خاطبه مراد بتهكم:
-على فكرة دي غزل!
فغر فاهه غير مستوعب، هتف:
-مش معقول، واللي دفناها؟!
تأفف مراد من نزقه، هتف بنفاذ صبر:
-خلينا نمشي من هنا الأول، لما نوصل نتكلم
أسرع يزيد بركوب السيارة بجانب السائق وهو ما زال مشدوهًا، بينما دق قلب مراد فرحًا وهي بين يديه، طوّقها بذراعيه كشيء ثمين يخشى فقدانه، ولم يهتم بردة فعلها حين تستيقظ، فليكفي أنها معه..!!
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

فيما بعـد، حين وصل بها، كانوا في انتظاره، خاصة وقوف أولاده في الأمام لاستقباله، وعندما تقترب السيارة منهم رفع نظراته المتهللة لهما، ناهيك عن بسمته المتسعة، فظنوا أنه بخير، أو ربما تعافى دون علاج، ترجل يزيد أولاً، ثم فتح لـ مراد الباب، أقتربوا من السيارة في وقت يرفع مراد غزل ويعدل من جلوسها، تثبتوا موضعهم مصدومين، ولم يخيل لأحد أن تكون هي بالفعل، تجاهل مراد ما بهم، بل خاطب يزيد بقبول:
-شيلها يا يزيد، الضرورة تحكم.
كان يزيد متردد، خاصة أن مراد لن يقدر على حملها، امتثل لأخيه ثم بحذر حملها بين ذراعيه، بينما هتف السيد باندهاش عظيم:
-مين دي يا مراد؟!
ترجل مراد باجهاد وهو يستند على عكازه، قال:
-هتكون مين يا جدي!
ركضت السيدة هدى نحو يزيد، تأملت وجهها ومررت نظراتها على جسدها قائلة بعدم تصديق:
-غزل!
خاطب مراد أولاده مبتسمًا:
-دي غزل، مش عاوزين تسلموا عليها
وقف الأولاد متذبذين، غير مدركين لما يحدث فابتسم مراد متفهمًا حالتهما، نظر لجده وقال:
-دي غزل يا جدي، كانت مخطوفة في ألمانيا
دُهش السيد من هذه الصدفة العجيبة، بينما شعرت السيدة بالمرارة من أجلها وأخذت تُقبل وجهها، أمر مراد أخيه بمفهوم:
-طلعها فوق يا يزيد، خليها ترتاح أحسن
ولج يزيد من الباب ومن خلفه السيدة ترشده، هتف السيد بحيرة:
-مراد أنا مبقتش فاهم حاجة، تعالى احكيلي جوه...........!!
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
حل المساء، وحان وقت استيقاظها، ولم يفارق مراد الغرفة منذ جاء معها، فقط جلس على المقعد يحدق بها، يقرأ أحيانًا، يفكر أكيد فيما بعد ذلك، تقدمت السيدة منه بوجه يضحك، قالت:
-الحمد لله، شوفت الصدف يا مراد، فعلاً ربنا ليه أحكام
ابتسم ولم يعلق، فتابعت:
-وإنت اللي مكنتش عاوز تسافر، المفروض تشكر جدك
رد بهدوء:
-ربنا ما يحرمنا منه
قالت مبتئسة وهي تجلس على طرف التخت:
-منه لله الكافر ده، بقى كان المجرم بيفكر فيها، وجاي ينتقم منها، حسبي الله ونعم الوكيل فيه
قال بتعقل حمل التحذير:
-غزل هتفضل هنا مش هتخرج، ومحدش هيعرف عنها حاجة غير لما ذاكرتها ترجع
تلك النقطة أحزنت السيدة، قالت
-يا حبيبتي من كل اللي شافته، مافيش يوم عدل مر عليها، اتعذبت كتير الله يكون في عونها!
أنّت غزل بخفوت وهي تتنمل في رقدتها، نهض مراد منتبهًا له ويخفي انفعالاته المتضاربة، بينما اقتربت منها السيدة مبتسمة، ظانة حين تفيق ستتعرف عليها، فتحت غزل عينيها ببطء ثم رمشت عدة مرات، وضعت أناملها على مقدمة رأسها وقد ألمها صداع ما، ابتسم لها مراد حين نظرت له، كان بشوشًا وطلعته مريحة، قال:
-حمد الله على سلامتك!
ظنت غزل أنها عادت لبيتها برفقة جاسم فابتسم له بواجب ولم ترد، هتفت السيدة بتهلل:
-باين عرفتك يا مراد
استنكر مراد ذلك، لكن سألها بترقب:
-غزل افتكرتيني؟!
جاهدت على الجلوس فعاونتها السيدة، خاطبتهما غزل بجهل:
-هو جاسم فين؟
وضعت السيدة يدها على فمها معترضة، لامتها:
-دا قاتل يا غزل، معقول تسألي عنه؟!
كبح مراد غيظه، قال:
-غزل إحنا أهلك، مش هو، دا خطفك مننا
شهقت قائلة بضياع:
-طيب أنا مين، أنا حتى معرفوش؟!
نظر مراد لوالدته، والتي ردت عليها بلطف:
-إحنا هنا يا غزل أهلك، أنا خالتك ومراد جوزك
فور اشارتها على مراد نظرت غزل له، لم تنكر إعجابها به، وخجلت في ذات الوقت، ابتسم لها فتابع عن السيدة:
-عندي ألبوم صور خاص بيا أنا وإنتِ، هتتأكدي منه إنك بجد مراتي ومن العيلة
سألت بغرابة:
-يعني جاسم طلع كداب؟
للمرة الثانية يكبت غضبه من سماعه لاسم الأخير، قال:
-أيوة، وقاتل وكان خاطفك
لاحظت السيدة من نبرته أنه سينفعل، قالت هي بتريث:
-غزل هتعيشي معانا وهتشوفي قد أيه إحنا طيبين، وفي وسطنا هتفتكري كل حاجة، إحنا معاكِ ومش مستعجلين........!!
________________________________

تعالى صوته بالمشفى زاجرًا جميع من فيها، خاصة مديرها الذي نعته بالأحمق، صاح بهياج:
-أين زوجتي؟!
وقف جون ليتصدى له، قال:
-زوجتك هربت من المشفى، والأمر لا يعنينا
رد عليه بأنفاس غاضبة:
-كيف ذلك وهي لا تتذكر شيء، واتفقت معي على المغادرة اليوم لمنزلنا؟!
رد جون ببرود مستطير:
-السيدة ليست هنا، نحن فقط مسؤلون عنها إذا كانت بيننا هنا، غير ذلك ليس من شأننا!
هتف بجدية:
-كلف الحرس بالبحث عنها، ربما تكون في مكان ما
قال ببسمة سخيفة:
-نفعل ذلك، وبالطبع سنخبرك بوجودها، والأفضل لك أن تبحث عنها، لربما تذكرتك وعادت لمنزلك!
في جملته الأخيرة قالها جون بسخرية لم يعيها جاسم، والذي قال بتوعد:
-سأشتكي عليكم
ثم وجد أن وقوفه من عدمه، لذا هرع ناحية الخارج يبحث عنها في كل مكان، عندما وصل لسيارته قال:
-هربت إزاي، معقول افتكرت كل حاجة
حرك رأسه باستنكار، تابع:
-مش معقول بالسرعة دي، أومال حصل أيه بس؟
ركب سيارته واتخذ القرار بالبحث عنها، لمعرفة أين هي؟، ولن يترك إدارة المشفى دون معاقبة، خاصة أنه ارتاب في أمر مديرها، انطلق بالسيارة وهو ينتفض غضبًا، ردد:
-إنت فين يا غزل، فيــن؟!.................
_________________________________

وهما في شرفة الغرفة، استحيت من قربه الشديد منها وهو يطلعها على ألبوم الصور، خاصة في الصور الحميمية بينهما، كان يخاطبها بطريقة أخجلتها، ابتسم مراد فقد تغيّرت عن السابق، هدوئها أعجبه، وخجلها كذلك منه، قال:
-شوفتي كنا بنحب بعض إزاي.
ابتلعت ريقها وقالت على استحياء:
-شوفت، بس مش فاكرة
تعمد مراد أن يلتصق بها فتوترت، قال:
-ما هو لما نفضل مع بعض هتتعودي وتفتكريني
حاولت أن تبتعد عنها ولو قليلاً، لكنه لم يسمح، قالت مرتبكة:
-بس أنا مقدرش اعيش معاك على إنك جوزي وأنا مش فكراك
رد بعدم رضى:
-كده مش هتفتكري، لازم نقرب من بعض، وقوي كمان
ثم شدها إليه فاضطربت، قالت بتردد:
-ما إحنا هنبقى مع بعض، بس مش على أساس متجوزين
علق بسخرية على كلامها:
-اومال على أساس أيه، اوعى تقولي إخوات؟!
نفت بأعصاب مشدودة:
-لأ، مخطوبين!
سكت مراد وفقط نظر لها بعدم قبول بالطبع، قلقت من ردة فعله وقالت:
-مش كتير خطوبة، على ما اتعود عليكم مثلاً
هتف باحتجاج علني:
-مش ممكن أوافق على كده، باقولك إنتِ مراتي، حاجة تانية مش هوافق عليها
عصبيته وترتها أكثر، مثّلت التعب وأنها ستفقد وعيها؛ كي يتراجع عن تشدده، رغم ضيق مراد تخوف عليها، سألها:
-مالك، حاسة بأيه؟!
ردت بوهن مزيف:
-تعبانة قوي، وكلامك تعبني أكتر
تأفف مراد في نفسه، وتراجع عن تشدده، بينما سألته غزل بعبوس:
-شكلك كنت عصبي معايا قبل ما أفقد الذاكرة، وباين كنت بتزعلني كتير
انتصب في جلسته واستغل أنها لا تتذكر، قال بكذب:
-دا إنتِ مشوفتيش الهنا غير معايا، عمري ما حتى رفعت صوتي عليكِ، أنا الوحيد اللي بيعشقك في الكون ده!
جملته الأخيرة نطقها من قلبه، فتحيرت غزل في شخصيته العاشقة، المناقضة لانفعالاته المتكررة، ظنها لا تصدقه فقال بلؤم:
-اوعى تكوني مش مصدقاني، أنا كنت مدلعك
مطت شفتيها ثم زفرت بقوة، استفهمت:
-طيب ليه اسمي غزل وفي الورق أميـرة؟!
رد متأففًا:
-دا موضوع طويل قوي!
-احكيهولي، علشان افتكر!
وجدها مراد محقة، رغم أن الأمر يخنقه ويمل منه، قال بظلمة:
-هحكيلك، بس خليكِ متعاونة معايا وقربي مني
ثم وضع ذراعه على كتفها، انحرجت لكن استسلمت حتى تستمع له، أخذ مراد وضع الاستعداد ليحكي لها، قال بطريقة سرد الحدوتة:
-شوفي يا ستي، كان يا مكان، كنتِ مع ست غير مامتك، سافرت بيكِ لمكان بعيــد، وبعدين.................
................................................................!!
أســـتغفرک ربي وأتـوب إلیـکَ
ـــــــــــــــــــــــ♥تمــت♥ـــــــــــــــــــ
*********************
إلي هنا تنتهي رواية أثواب حريرية بقلم إلهام رفعت
تابع من هنا: جميع فصول رواية أثواب حريرية بقلم إلهام رفعت
تابع من هنا: جميع فصول رواية أرض زيكولا بقلم عمرو عبدالحميد
تابعوا صفحتنا على الفيس بوك للمزيد من روايات عربية
أو أرسل لنا رسالة مباشرة عبر الماسنجر باسم القصة التي تريدها
اقرأ أيضا: رواية احببتها في انتقامي بقلم عليا حمدى
يمكنك تحميل تطبيق قصص وروايات عربية من متجر جوجل بلاي للإستمتاع بكل قصصنا
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة