-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية نيران الهوى بقلم رانيا صلاح - الفصل السابع عشر

مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة وأجمل الروايات الممتعة والروايات الرومانسية مع رواية إجتماعية مصرية مليئة بالأحداث الرومانسية للكاتبة رانيا صلاح والتى سبق أن قدمنا لها رواية أسرار البيوت علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل السابع عشر من رواية نيران الهوى بقلم رانيا صلاح.

رواية نيران الهوى بقلم رانيا صلاح - الفصل السابع عشر

اقرأ أيضا: روايات إجتماعية

رواية نيران الهوى بقلم رانيا صلاح

رواية نيران الهوى بقلم رانيا صلاح - الفصل السابع عشر

 حنين

-نشتاق ورب العِباد، ويأخُذنا الحنين إلى رؤية الغائبين، فنبكي من الشوق، وتفيضُ العين بالدمع وكأن الرحيل نحنُ من اخترناه وليس هُم ...


اختفت شمس النهار سريعًا وكأنها تعلن عن رفض تام لكُل ما يجري، ليُصبح البُساط زُرقة بنفسجية، تسرُ الناظرين، وتسلب القلوب حُزنها، ولكن من ضمن تلك القلوب، قلب "فريدة" التي امتنعت عن مُفارقة السرير منذ حديثها مع "منصور" قبل ثلاث أيام، لتُقرر الانعزال عن الجميع، في تصريح قوي للهروب من خفقات قلبها، وعينها الخائنة التي تُعلن التحدي لها كُل صباح، لتُفارق السرير، وتتوارى خلف النافذة تُراقب ملامح وجههُ الشاحبة، و أنفاسُه اللاهثة، فتعود لتتدثر بالغِطاء من الجديد، وتخرج شهقات قلبها الملكوم بنيران الهوى، تلك النيران التي أحرقت الأخضر واليابس بداخلها، وحولت كُل شيء بداخلها لرماد باهت، زفرت ببطء في حاجة ماسة لإيقاف تلك الأمطار الجارية على وجنتيها، وعقلها يبدأ بتلك الوصلة المُستمرة بجلد الذات، وأقسى الجلد كان طيف والدتها من آن لأخر وهي تبكي، وتُخبرُها عن لوعة الحُب، وجلد أُخري بنفس القسوة ليوم العيد عندما بكت فعندم بتصميم على حضور والدها... لتتوقف الجلدات مع صوت هاتفها، لتتحرك وهي تُجيب بهدوء على بواب العمارة التي بها شقة والدتها، يُخبرها أنهُ أنهى تنظيف الشقة، لتُغلق الهاتف وتُتمتم بالشكر، وتعود لتحديق في السقف من جديد..

أنهت "فاطمة" صلاة المغرب، وذهبت عينها لنظر إلى باب الغُرفة المُغلق منذ الصباح، وكأن ليس هُناك أحد بين الجُدران، لتُمتم بالذكر، وتتجه للغُرفة وقناع قوي من الصرامة يحتل وجهها، لتطرق الباب طرقة واحدة؛ تنبيهًا لمن بالداخل بقدوم أحد، وسُرعان ما تفتح الباب وتتحرك إلى النافذة المُغلقة، والجديدة تقطُر من صوتها :

-يلا بلاش دلع، الأوضة اشتكت من وجودك، وعادت بترفع الغِطاء، وبصرامة ويدها تربت على كتف النائمة :

-بلاش كسل يلا...

لم ترفع "فريدة" يدها عن عينها، وتُجيب بإنهاك ليس من العمل والجهد، ولكن من وحوش الرأس القابعة معها :

-سبيبني شوية...

بنفي قاطع :

-ول دقيقة، يلا قومي...

-طيب....

جلست بجوارها، وعينها تفترس ملامح وجهها، وبخُبث للمُشاكسة :

-هو لية الشباك بيتفتح لما نسمع صوت؟..

تعلثمت الحروف في فمها، واعتدلت من نومها، ويدها تتحرك بتوتر لجمع سلاسل الذهب خاصتها :

-عادي، بغير ال...

ارتفعت يدها لتمسك ذقنها، وعينها تحمل من الدفء أطنان :

-ولم هو بنغير الهواء الي متقالش، مش حرام نوجع قلبنا ونبوظ عيون الزيتون دي..

ارتعشت شفتها تأثُرًا، وكأن الكلِمة عجزت عن مُفارقة حلقها، فسقطت الدموع من أهداها، لتُسارع بإنزال نظرتها أرضًا، هروبًا من الحديث..

اشفقت "فاطمة" على حالها، وارتفعت يدها الأُخرى لتربت على يدها، وبهمس صادق :

-عمرك ما تخبي عينك، أنتِ مغلطيش، لكن يا حبيبتي إحنا هنا غير برة، الحُب هنا الست متتكلمش فيه، والا هتتفهم غلط، مش قسوة في حقها بالعكس، لكن عشان تبان ديما جوهرة في عين الي يستاهل يصونها، فهماني..

حركت رأسها بنعم، وبنبرة مبحوحة من أثر البُكاء :

-أنا همشي بكره..

ببلاهة لم تفهم القصد من كلامها، وببسمة مُتسائل :

-تمشي فين؟.

-هسافر لشغلي..

-ليه؟..

رفعت يد "فاطمة" لتلثمها بحب، وامتنان :

-محتاجة أبعد، وهناك شغلي كويس..

ترقق الدمع في عينها، ورسمت ابتسامة فاترة قبل أن تهمس بدعاء :

-ربنا معاكي، وتحركت للخارج بصمت، فليس لديها أدنى قوة لتجعلها تبقى دون رحيل...

ظلت عينها مُتعلقة بظلها المُختفي خلف الباب، لتشهق ببُكاء مرير يقطع نياط القلب :

-يارب، وتتحركت كالألة لتُجهز حقيبتها لرحيلها المزعوم، رحيل بلا عودة...

**

دقة العاشرة مساءً وما زالت "وداد" لا تعرف لنوم سبيل، ظنت أن بقدومها لتك الشقة ستستطيع النوم، ولكنهُ جفاها، وبات سريرها كومةُ أشواك تجتاح جسدها مع كُل حركة فوقه، لتتحرك بإنهاك جليّ، خارجة من تلك الغُرفة التي تقبض على روحها، لتميد الأرضُ بها، قبل أن تلتقط وشاحها وتخرج من الشقة على عجل، قاصدة...

وعلى الجانب الأخر في نفس الوقت، كانت "سماح" تزفر بحنق من رفض؛ مُخططها لتُسارع بالضغط على تلك النقطة من الحقد بداخلُه اتجاه "سيد" :

-يا "رامي"، افهم دا الحل الوحيد الي هيكرشوا من العمارة ومن حياة أختك كلها، وكمان هتقدر تمضيه على تنازل على الشقة ونصيبوا في القهوة..

أكمل "رامي" ارتشاف قهوته، وعيناهُ تبدأ في الشرود في قولها، ليُتمتم بمكر :

-وأنتِ إيه مصلحتك بقا؟.

شعرت بالتوتر لجزء من الثانية قبل أن تُجيب، بمكر مُماثل؛ فهي تخشى أن تظهر نوايها:

-وأنا مصلحتي أيه يا حصرة، لتُحرك شفتها بامتعاض، دا أنا لا حيلتي عيل ول تيل، كلوا عشان خاطر أبوك...

انفرجت شفتاهُ بقهقهة رجولية في ظاهرها، ولكن بداخلها تكتمُ الكثير، ليُردف بخُبث مُماثل :

-فعلًا...

لتُسارع بالقول :

-طبعًا يا أخويا، ليصدع صوت الباب بالنداء، فتُتمتم مُسرعة، مع حركتها :

-هشوف مين، وتحمد الله أنهُ أنجدها من نظرتُها، فهي بحاجة لإعادة تنظيم الخيوط من جديد، أتفق من حديثها مع طرقة الباب الثانية، لتُردف بنزق :

-ما براحة يالي بتخبط، هو إحنا نايمين ورا الباب، واقترن قولها مع فتح يدها الباب، وبتساؤل :

-ايوة...

قبل دقيقة تلكأت خطواتها في نزول الدرج، قبل أن تحزم أمرها بالجواء إلى جارتها، لتتحرك نحو الباب قبل أن يعود إليها التذبذُب، وتقرع الباب، لتهتف بالتحية قبل السؤال :

-مساء الخير..

طافت عينها سريعًا على الواقفة ببالهم :

-سالنور يا عنيا..

تعجبت من وجودها، ولكنها دعت التعجُب جانبًا، وعقلها يمحي ذاك الشعور بالإقناع، ربما قريبة لهم :

-فين الست "بدرية"؟..

ضحكة رقيعة كانت بداية الجواب، لتُكمل مضغ العلكة مع قولها :

-ست، هيهيييي، ماتت يا عنيا..

تجسد شبح الخوف بعينها، وهمست بعدم تصديق:

-ماتت!!..

-ايوه يا عنيا، واغلقت الباب بوجه غير مُباليه بالوهن والخوف المُتجسد بعينها....

ارتفعت يداها سريعًا؛ لتتشبث بمقبض الباب، وتلاشت الرؤية من أمامها؛ بفعل سحابة قوية من الأمطار عصفت بسمائُها المُطربة، لتتصادم السُحب، وتسقُط أمطارُها بصمت مُهيب، لا يتخللهُ سوى رجفة جسدها، من الحزن لا البرد، لتترُك لقدمها الصعود من جديد، وعقلها يُعلن أجراس الخطر، ليس خطر مُقابلة الرحمان الرحيم، ولكن خطر أنها سترحل قريبًا دون رفيق، دون أن تُخبر الجميع بحقيقة الشيطان، دون أن تُعيد للبعض جُزءً من حقوقهم المسلوبة دون رحمة، لتتعثر قدمها بحافة الاريكة، فتُسارع بإلقاء جسدها، وأنفاسها تخرُج لاهثة كمن في سِباق العدو لأميال، لتصحبها سريعًا شهقات عجز القلب عن تحملُها، وسارع الحقُ بإخراجها كلهيب مُشتعل، لتسقُط رأسهُا في ثواني على الأريكة، ودموع عينها بعزيمة نهر يشقُ اليابس...

**

برقت عينني "ياسين" كقطٌ وجد كيس الحليب دون حارس، لتنبسط يداهُ سريعًا، ويلتقط تلك القِلادة من يد الصائغ، ويرحل ليعتلي مقود سيارتهُ، لتمر دقيقة وعيناهُ تفترس ذاك السلسال الذهبي والاسم المُتدلي منها، فتنعكس الاضواء على تلك الأحجار البيضاء، فتبرق كعينهُ بسعادة،

ليُحرك المقود قاصدًا البيت، فاليوم كان أصعبهُما على عقله، ولكن مع طيف تلك الابتسامة بعقله، تتلاشى الصِعاب...لتمر نصف ساعة ويفتح باب البيت بصياح غير مُعتاد :

-مااااما، طمطم، ياسمين، فريدة.... ولكن الصمت كان الجواب، ليُسارع لغُرفة والدتهُ، فربما خلدت إلى النوم، ليطرق الباب مُنتظرًا الجواب....

قبل دقائق في غُرفة "فاطمة"، قررت الاعتكاف في غُرفتها فهي عاجزة عن إبقاء "فريدة"، وعاجزة عن طلب العفو منها، لتعصف بها الافكار بين ليت، ولماذا، وكيف، لتتوقف العاصفة مع صوت ابنها، وطرقاتُه على باب الغُرفة، فترتفع يداها سريعًا؛ لإزالة دموعها، وبهمس مبحوح :

-ادخل يا "ياسين"..

عندما تهادى إلى أُذنيه أذن الدخول، سارعت يداهُ بإدارة المقبض، وأطل برأسهُ والابتسامة تُزين ثغرهُ، ليُردف بمشاكسة :

-كده يا "طمطم" تسبيني جعان..

خفق قلبها بتأنيب لتركها إياه دون طعام، وبلهفة :

-عنيا حاضر، وهمت بالتحرك؛ لتجهيز الطعام..

زادت ابتسامتهُ اتساع مع طيبتها الزائدة، لترتفع يداهُ بتشبث؛ لتمنعها من النهوض، ويُقربها من فمه ليلثمُها :

-اقعدي يا "طمطم" في موضوع مهم عاوز اتكلم معاكي فيه...

ظهر الاهتمام جليًا على وجهها، وعادت للجلوس من جديد، وبترقُب :

-خير يا حبيبي.

تعثرت الكلِمات بحلقه من جديد، وغزي الحرج عقله، ولم يعرف بماذا سيبدأ؟...

دارت عينها فوق وجهه بقلق، سُرعان ما تلاشي، مع كلمات عيناهُ وبسمتها، لترفع يدها في حنان، وتربت على يده، لتُردف :

-قولتلها...

ارتفع حاجبيهِ في اندهاش سُرعان ما اختفى مع سؤاله :

-أنتِ...

ضحكة خافتة، اقترنت مع قولها :

-يا حبيبي أكتر حد بيعرف الي مستخبي الأم، عارف ليه، لتُكمل مع ظهور الاهتمام بملامحه، لتبسط يداهُ الساكنة بجواره، ويدها تبدأ برسم خطوط وهمية، لتهمس :

-حياتك كلها زي كف ايدك بالظبط، يمكن التفاصيل بتغيب تحت اللحم الي مغطيها، لكن الحركة بشوفها، وقلبك وعينك دول بعرف منهم إمتي حبيت، إمتي خوفت، إمتي الحاجز اتبنى، لكن عينك دلوقتي فرحانة وقالت الي جوها، ربنا يسعدك يا "ياسين"، وبهمس مؤكد، أنت مش هو...

ترقق الدمع بعينه في تأثُر بالغ، ولم يستطع سوي الانحناء، وتقبيل يدها من جديد، قُبله أعمق من سابقها، قُبله حملت الحُب، الود، الامتنان، رثاء وحش مخاوفة، هدم حصون قلبه الواهية...

ارتفعت يداها لتربت على شعره بحنان، وهمست لنفسها:-" ربنا يسامحك يا حلمي، شيلت القلوب ذنوب مش بايدها"، ليُكمل قلبها الهمس "وقلبك يُخفي أشد الذنوب، ألم تُبيحي بها"...

**

ليس هُناك وقت أطول من الوقت الذي تقضيهِ بانتظار، حركة عقارب الساعة، فالدقيقة تُصبح أعوام، وكأنها تأبى المُغادرة، زفر ببط، مع تحرُك العقرب للوقف على الثانية عشر، لينهض من فوره، فتُصدر عِظام جسده صوت فرقعة العِظام؛ فلم يتحرك منذ إنهاء فريضة العِشاء قبل أكثر من ثلاث ساعات، ليتحرك باتجاه المطبخ، ولا ينفك عن تحريك مفاصل جسدُه، ليبدأ بالبحث في محتويات الثلاجة عن شيء يستطيع فعلهُ لطعام، ليقف عاجزًا أمام الفراغ، فالثلاجة كانت خالية ، فقط ضوء الانارة من يُزينُها، ليعتصر قلبهُ بضيق، ويسارع للهاتف لطلب الطعام....

جفت دموع عينها، وباتت أنفاسُها عاجزة عن أداء دورها، وتلاشت الرؤية، ليُصبح سقف الغُرفة المُظلم أخر شيء تراهُ، قبل أن تسقُط أرضًا...

انهي "سيد" المُكاملة، وقبل أن تخطوا قدماهُ خطوة كان صوت ارتطام حاد يصل لأُذنيه، فهرع إلى الغُرفة، وقد رُسمت أبشع الصور بمُخيلته، لتطرق يداهُ الباب بعُنف، وبلهفة، وخوف:

-"مريم"، "مريم" أفتحي ، "مريم"... ولكن لا جواب، ليرتفع صوتهُ قليلًا مُكملًا :

-"مريم" لو مفتحتيش هكسر الباب، وابتعد سريعًا عن الباب؛ ليعود لدفعه من جديد، فلم يتحمل الإطار الخشبي سوى ضربة واحدة، وخر صريعًا ليُلاقي حتفهُ أرضًا، تجمدت قدماهُ عن الحركة، واتسعت حدقتيهِ، وبهمس غير مُصدق :

-" مريم"..

سلمت "مريم" ذمام الوعي إلى الفراغ والظلام، وقبل أن يُغلق أخر باب للوعي ،كان صوتُه يخترق مسامعها، ولكن حلقها الجاف لم يُسعفها، ولكن تحالفت الهمهمات المؤلمة، لتخرُج في صوت أنين خافت...

مع وصول صوت الأنين لقلبه، شعر بصفعة قوية، على آثارها عاد لرُشدة، وجلس أرضًا، يُناديها :

-"مريم"... صمت تام، ليهرع للبحث عن إحدى زُجاجات العطر؛ ليوقظها...

لم تكد تمرُ الدقيقة الا وكانت الرائحة النافذة تخترق أبوابها، كدُخان مُتسرب من أسفل الأبواب، لتفتح عينها بوهن، ولكن تُسدل جفنها سريعًا مع الضوء الساطع، لتُحاول الجلوس..

ارتفعت يداهُ تلقائيًا لمُساندتها، وبتساؤل قلق :

-أحسن..

حركت رأسها بإيماء، لتشرع في البُكاء يقطع نياط القلب، وبهمس غير مُصدق كمن عاد إليه عقلهُ لتو :

-ماما..

نصل حاد اخترق قلبه، وتخبطت عيناهُ في موضعها، فلم يعرف بما يُجيب، ويواسي، ليربت على يدها بموازه :

-ادعيها...

-ماتت وهي زعلانة مني، ماتت وسبتني لوحدي، هعيش لمين، ليتخلل همسها بُكاء أقوى أقرب لصُراخ، هو خانها ورمانا.... هي...لتتوقف عن الاكمال، ويداها تقبض بعُنف علي مُقدمة ملابسهُ بهستيرية :أنت السبب، امشي... لتتوقف لالتقاط أنفاسها، وبرجاء :- متمشيش، أوعى تسبني وأنا هعمل الي أنت عاوز، وحياتها عندك متسبنيش، أوعدني...

غزي الدمع عيناهُ أكثر من ذي قبل، وبصوت أجش :

-أوعدك...

لم تُحارب بالفكر لجُزء من الثانية، فهي كغريق وجد حبل الإنقاذ، ول يطمع بمعرفة نوعه، ول كيفية الإنقاذ، ولكن كُل ما يُريدُه، أن يخرُج من أمواج البحر العاتية، والبُعد القروش الأكلة... بهمس مُقنع لعقلها :

-وعدني... لتُلقي جسدها بين ذراعيهِ في حاجة ماسة للملاذ...

تخشب جسدهُ بالكامل، ودقت نواقيس الخطر بداخلهُ، ول يعرف هل يُبقيها ويُعذب نفسه، أم يُبعدها ويتألم لألمها؟... زفر بتمهل قبل أن يحملها ليُدثرها بالغِطاء، ويهمس لأُذنها بالبقاء الدائم..

**

امتنع "حسن" من الذهاب إلى منزله بعد لقائهُ الكارثي بـ "ياسمين"، ليُقرر اليوم الانعزال في مكتبه، فتلك الساعة المُتأخرة، فقد قضى الساعات الفائتة في شوارع القاهرة دون هدى، ليصعد المكتب، وقد عجز عن كُل شيء، فتح الباب فاستقبلهُ الظلام، ليُكمل الطريق لغُرفة مكتبه، ويجلس بتعب على الأريكة بهدوء، و يُلقي الأوراق بجانبه، ليصدع هاتفهُ بالرنين، لينظر لهوية المُتصل باستغراب، قبل أن يفتح الخط قائلًا :

-ازيك يا "فدوة"..

قبل دقائق ظلت "فدوة" تتقلب في سريرها، وعينها تنظُر لصورته بعشق، لتحسم أمرها وتُسارع بالاتصال، ولم تكد تنتهي الرنة الأولى الا ويأتيها الجواب، فيخفق قلبها بقوة حتى يصمُ اذنها؛ عندما نطق بنبرتهُ الرخيمة حروف اسمها، لتُجيب بتوتر ونبرة شبة ثابتة :

-أنت لسه عارف رقمي؟..

-اكيد طبعا، عاملة ايه؟..

-الحمد لله، أنتِ فين؟.

تعجب لوهلة من سؤالها :

-في المكتب.

**

ارتفع صوت بكاء" ريتا" ، وبرفض قاطع لأي محاولة لمُرضاتها...

زفر "أيمن" بإرهاق، وقد تخدر جسدهُ بالكامل من قلة النوم، ولكنهُ يُقام ذاك الخدر، ويبدأ في مُرضاتها لمرة التي لا يعلم عددها :

-خلاص يا حبيبتي.

-عاوزه مامي...

تحرك لحملها، ولا يعرف بماذا يُجيب؟.. هو لا يعرف أين هي، ولا يكترث لحضورها... ليُجيب :

-إيه رأيك نتصل بيها..

-لا، عاوزه مامي.

احتد غضب "فادية" من؛ تصرفات الصغيرة، وبنبرة صارمة :

-خلاص يا "ريتا"، يلا نامي بكرة في مدرسة....لم تُفلح عصبيتها في إسكات الصغيرة بل زاد من بُكائها، وتشبُثها بأبيها... لتتحرك بغضب وتحاول حملها...

زفر بإنهاك، وحنق؛ من غضب والدتهُ :

-خلاص يا هانم، سبيها..

-اسيب ايه، أنت بتبوظ البنت بتصرفاتك دي، مش كفايا الجربوعة الي جبتها..

شعر أن هُناك جِدال سيُقام، ول سبيل لإيقافُه، سوى بالصمت :

-خلاص..

ليتوقف كلاهُما عن الحديث مع دخول..

*********************
إلي هنا ينتهي الفصل السابع عشر من رواية نيران الهوى بقلم رانيا صلاح
تابع من هنا: جميع فصول رواية نيران الهوى بقلم رانيا صلاح
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة