-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية ذئب يوسف بقلم زكية محمد - الفصل السابع

 مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص والروايات حيث نغوص اليوم مع رواية رومانسية مصرية جديدة للكاتبة زكية محمد, وموعدنا اليوم علي موقع قصص 26 مع الفصل السابع من رواية ذئب يوسف بقلم زكية محمد .

رواية ذئب يوسف بقلم زكية محمد - الفصل السابع

تابع من هنا: روايات زوجية جريئة

رواية ذئب يوسف بقلم زكية محمد

رواية ذئب يوسف بقلم زكية محمد - الفصل السابع

 خرجت من معقلها بعد أن قضت الليل تبكي على الأطلال ، و كأن شيئاً لم يكن ، دلفت للمطبخ و قامت بإعداد وجبة الإفطار ، و رصتها على الطاولة بعناية ، وجلست تعبث في حجابها قائلة بحيرة :- أروح أصحيه يفطر ولا لا ؟! وأنا مالي إن شاء الله عنه ما أكل الغتت دة ، ولا أصحيه علشان ما يقولش عليا واحدة مستهترة ؟! يوووه و بعدين في الحيرة دي ! ، ما كنت مرتاحة يا ربي ، أصحى على بوسة أحمد و ضحكته اللي ترد الروح ، بدل أخينا اللي شايف نفسه دة ، اه لو أطول رقبته أخنقها نفسي أفش غيظي فيه يا ناس .


- أديني أهو قدامك و وريني هتخنقيني إزاي !


صرخت بفزع ، و استدارت لتجده يقف بطالته التي تخطف أنفاسها و تأسرها ، و تزجها لسجنه فتعيش أسيرة لعشقه الذي لا تعرف له مخرج .


أردف بسخرية :- إيه أتخرستي دلوقتي يعني ! أومال فين البابور اللي هب من شوية دة !


أردفت بتلعثم :- أااا.....مش ...مش بقول حاجة .. أنا بكلم نفسي .


رفع حاجبه بتهكم قائلاً :- وكمان هبلة ! قد إيه محظوظ يا أنا !


احتقن وجهها و تحول للون القرمزي ، و أردفت بانفعال :- أهو انت الأهبل و ستين أهبل كمان ، أنت ما صدقت لقيتها و هتعملني ملطشة !


أردف بهدوء خطير جعل البرودة تسري بأوصالها :- مين الأهبل دة ما سمعتش كويس ؟


هزت رأسها بنفي قائلة ببلاهة :- لا دة الواد أحمد هو الأهبل .


أزاحها برفق قائلاً بدون اكتراث :- طيب عديني كدة وأنتِ شكلك ضاربة إصطباحة على الصبح ، و بعدين نفسي أعرف لما أنتِ شجاعة كدة ما تثبتي على موقفك !


طالعته بغيظ قائلة :- لو سمحت طول الفترة دي اللي هنقعدها مع بعض يا ريت تحترمني ، و تكلمني بأسلوب أحسن من كدة ، أنا مش هسمحلك .


لوح بيده في الهواء قائلاً بالا مبالاة وهو يجلس على المقعد :- بلا تسمحي بلا متسمحيش بطلي زن وجعتيلي راسي ..


اشتعلت النيران بداخلها ، لا تصدق أن إسلام الهادئ الرزين الذي تعرفه عن ظهر قلب هو نفسه الماثل أمامها الآن ، و فجأة و بدون مقدمات توجهت ناحيته و التقطت طبق البيض بالزبدة الذي كان على وشك أن يغمس قطعة الخبز فيه ، و أردفت بحدة :- ما تفطرش من الأكل بتاعي روح أعمل لنفسك.


حدجها بنظرات أرعبتها قائلاً :- قدامك عشر ثواني لو ملقتش الطبق مكانه هقوم و ساعتها هيصدر مني تصرف متلوميش غير نفسك بعديه .


خافت من تهديده الصريح ، فوضعته ببعض القوة ، ثم جلست على الجانب الآخر و شرعت في تناول طعامها ، و كلما وضعت قطعة خبز تحت أسنانها تدهسها بغل ، و كأنها ترسل له بأنه يا ليته لو كان موضع ذلك الخبز لألتهمته بقوة ، تقطع أحشائه بأسنانها،وعلى ذكر ذلك شردت بمخيلتها تتخيل كيف تقطعه إلى قطع صغيرة ، عند تلك النقطة أخذت تضحك بانتصار ، بينما طالعها الآخر بذهول ، و هو يجزم بأنها مجنونة و بحاجة لمشفى المجانين لتُعالج .


أخذ يتساءل بداخله عن السبب الذي أوصلها لتلك الحالة ، أم هي مجنونة بالفعل ولم يلحظ ذلك منذ البداية؟!

ابتسم بخبث وهو يلتقط كوب الماء المجاور له، و نثره على حين غرة عليها ، لتصرخ هي بفزع لتنتبه حواسها ، و تعود للواقع بعد أن أغدقت عليه بخيالها الأحمق ، فأردفت بانفعال :- إيه الغباء دة !


ضحك بصخب عليها قائلاً :- العيب عليا يعني بفوقك بدل ما أنتِ عمالة تضحكي زي الهطلة !


إلى هنا و كفى فقد بلغ غيظها الحلقوم ، و بتهور منها قامت بنثر دورق المياه بأكمله عليه ، ثم نهضت قائلة بتشفي :- أحسن ! علشان تتريق عليا براحتك .


و بلمح البصر احتضنت طبق البيض و الخبز و فرت من أمامه كالعاصفة لتدلف لغرفتها ، و تغلق الباب بإحكام وهي تصيح بنشوة الانتصار :- أيوة كدة يا مريم أوعي تخليه ينتصر عليكي أبداً .


وضعت أذنها على الباب لتستمع بإصغاء تام لحركته التالية .

أخذ يتطلع لذاته بصدمة ، كيف تجرأت على فعل ذلك ؟! ، تلك البلهاء التي ستقوده للجنون يوماً . نهض و الغضب حليفه ، و طوى الأرض بخطوتين واصلاً لغرفتها ، ثم أخذ يطرق على الباب بعنف قائلاً :- أنتِ يا زفتة افتحي الباب ، نهارك مش فايت النهاردة ، بقى أنا تعملي فيا كدة !


أردفت بحدة وهي تلوك الطعام بغيظ :- لا مش هفتح ، هبلة أنا ولا هبلة علشان أفتحلك !


أردف بانفعال وهو يركل الباب بقدمه :- ما أنتِ فعلاً هبلة ما جبتش حاجة من عندي أنا ، ماشي يا مريم أنا هوريكي .


أردفت بخوف و تهديد :- والله لأقول لعمي موسى عليك ها ..


ضحك بغلب قائلاً بسخرية :- ليه قالولك عيل صغير هتشتكي لأبويا ، أعلى ما في خيلك أركبيه ، و أبقي النهاردة في جحرك دة ..


قال ذلك ثم توجه ناحية الصالة وهو يسير جيئة و ذهاباً ، يكور يديه بغضب ، و كم ود لو كانت أمامه الآن لفصل رأسها عن جسدها . نظر لملابسه المبتلة بغيظ شديد قائلاً بتبرم :- بقى حتة عيلة تعمل فيا كدة ! ماشي يا مريم ..

أنهى كلماته ليتوجه بعدها و يبدل ملابسه حتى لا يصيبه الإعياء.


بقلم زكية محمد


______________________________________


استدعت رحيق لتدلف لها على الفور ، جلست قبالتها انتظاراً لما ستمليه عليها .

هتفت سندس بهدوء :- يلا قدامك عشر دقايق بالظبط تلمي ورق الصفقة و تجهزيه علشان ناخد التصاميم و نروح شركة Master East نوديلهم التصاميم.


هزت رأسها بخفوت، ومن ثم انصرفت لتنفذ المطلوب ، و بعد دقائق وصلت أمام هذا الصرح الشامخ ، وما إن ارتجلت من السيارة فرِغ ثغرها بدهشة و انبهار وهي تتأمل المبنى العملاق قائلة :- ما شاء الله إيه دة يا مدام سندس ؟! يا حلاوة يا ولاد تعالوا يا حارة و شوفوا بنتكم واقفة فين ، دة أنا هوصيهم لما أموت يدفنوني هنا ..


أردفت بحزم :- قولنا إيه ؟ انسي الحارة دي وناسها لأنهم باعوكي في أول مطب ، ويلا يا مجنونة ندخل بدل ما نتأخر ، المدير ما بيحبش التأخير .


هزت رأسها بموافقة، و سحبت نفساً عميقاً، ثم زفرته بتمهل، و ولجتا سوياً ليبتلعهم هذا المبنى الشاهق الإرتفاع.


وقفت أمام المصعد ، فهتفت رحيق بحذر :- حضرتك واقفة ليه هنا يلا نطلع !


رفعت حاجبها بذهول قائلة :- عاوزانا نطلع خمسطاشر دور على السلم !


جعدت أنفها بضيق قائلة :- نعم ! خمسطاشر دور ! طيب ما تقوليله هو ينزل .


أردفت بتعجب :- وماله إحنا كدة كدة هنطلع بالأسانسير ...


قاطعتها قائلة بابتسامة بلهاء :- قصدك هتطلعي بيه ، أنا استحالة، مش هقدر ، أنا هطلع قدامك يدوب ألحق أوصل .


حدجتها بذهول قائلة :- هتطلعي 15 دور يا مجنونة ! رحيق أهدي كدة أومال.


هزت رأسها برفض قائلة بجدية :- لا يا مدام سندس أنا اللي آسفة ، أنا بترعب من الاسانسير ، عندي فوبيا استحالة أطلع فيه نهائي ، فهمتيني ؟ طيب ما إحنا شركتنا الصغنتوتة في الدور التالت ليه الإفترى دة !


جزت على أسنانها بغيظ قائلة :- ساعات بتوصليلي إني بتعامل مع بنت أختي ، مالك يا رحيق ما تجمدي كدة !


أردفت بإصرار :- بصي يا مدام سندس إحنا كدة كدة جينا بدري ، أنا هطلع على السلم و هسبقك ، أو انتي اسبقيني و استنيني هناك ، سلام ..


أنهت حديثها و أطلقت العنان لساقيها ، و الأخرى تنظر لطيفها بفيه يكاد يصل إلى الأرض ، و هزت رأسها بنفاذ صبر ، و استقلت بعدها المصعد لتنتظر تلك البلهاء بالأعلى ، أي جنون هذا ؟!


و بالفعل وصلت قبلها بكثير و وقفت قبالة السلم تنتظرها ، و بداخلها قدح يغلي ، و تمنت لو تظهر أمامها الآن فتفتك بها ..


انتظرت كثيراً حتى راودها القلق و الخوف عليها ، و خشت أن يكون حدث لها شيئاً ، زفرت براحة عندما ظهرت ، ولكن حالتها مذرية حيث تعرق وجهها ، و أصبح مثل اللون القرمزي من فرط الجهد الذي بذلته.

ما إن وصلت للسلمة الأخيرة ألقت نفسها على أقرب مقعد ، تلتقط أنفاسها بصعوبة .


هتفت سندس بخوف و حدة :- يا مجنونة يا مجنونة ! أنا غلطانة إني سبتك و سمعت كلامك ، شوفتي اخرة تنشيف دماغك !


هتفت بتقطع :- مممياه .....عععاوزة...مياه ..


ركضت لتجلب لها الماء ، و عادت تحمل زجاجة مياه ، فإلتقطتها الأخرى منها بسرعة ، و قامت بإرتشافها بأكملها ، ثم أردفت بتذمر :- روح إلهي تتشك يا بعيد ، إلهي عشرين دور تاخدهم في طرة ، اه يا رجليا يا أمي اه ..

ثم نظرت للتي كانت تكاد تنفجر كالقنبلة الموقوتة و أردفت بحذر :- أتأخرت عليكي ؟!


مسكت رأسها قائلة بغيظ :- هتشليني يا رحيق هتشليني بعمايلك دي !


نهضت قائلة بسرعة :- بعد الشر يا مدام سندس إن شاء الله صاحب الهلومة دي ..


جحظت عيناها بصدمة وهي تتطلع للشخص القابع خلف تلك البلهاء والذي ظهر من العدم .

لم تكتفي رحيق بهذا القدر حينما أردفت بحنق :- و يجيله شلل أطفال كدة ، كان لازم يعني يترزع في الدور العشرين !


أخذت تحدجها بقوة كي تكف عن الحديث ، و لكنها هتفت ببلاهة :- في إيه ؟! بتبصيلي كدة ليه ؟


أردفت بغيظ مكبوت وهي تصطنع الابتسامة :- إزيك يا باشمهندس مراد؟


هتف بجمود ، وهو يطالع الأخرى بنظرات لو كانت رصاصاً لقتلتها :- أهلاً يا مدام سندس..


أردفت بعملية :- إحنا جيبنا التصاميم اللي انتوا طلبتوها و .......


قاطعها مشيراً لها بيده قائلاً بهدوء جليدي :- طيب ..طيب أعتقد الكلام دة مش هنا في المكتب .


استدارت لترى ذلك المتعجرف ، و حدجته بحنق ، بينما مالت على سندس تهمس بجوار أذنها :- مين الأخ ؟


وكزتها في ذراعها قائلة بهمس مماثل :- دة صاحب الهلومة دي يا أختي ، الله يحرقك يا شيخة .


انتفضتا معاً على أثر صوته الجامد قائلاً :- مش هفضل واقف لسيادتكم كتير ، ورايا شغل مهم ..


حمحمت بحرج قائلة وهي تهم بالسير :- تمام يا باشمهندس مراد ..


سار قبلهم متوجهاً للمكتب الخاص به ، بينما رفعت رحيق يدها في الهواء وكأنها تضربه ، وهي تهتف بحنق خافت :- مين اللي دلّك على التلاجة دي يا مدام ! من قلة العملا يعني ؟!


أردفت بحزم :- ما اسمعش نفسك لحد ما نخلص .


هزت رأسها بنعم ، و من ثم دلفتا للمكتب ، و جلستا مقابلته ، بينما جلس هو بغطرسته المعتادة .

مدت سندس له الأوراق قائلة بتهذيب :- دي التصاميم يا فندم اللي اختارتوها ، شوف لو محتاج تعديل ولا كويس كدة .


التقط منها التصاميم ، و أخذ يحدق بها بتركيز عال ، استغرق ذلك دقائق قبل أن يمط شفتيه باستحسان قائلاً بجمود :- كويس مش بطال ، تقدروا تنفذوا من دلوقتي .


عضت رحيق على شفتيها بغيظ ، بينما هتفت الأخرى بابتسامة مجاملة :- تمام يا أفندم و أنا جهزت الأوراق علشان التوقيع ..


هز رأسه بهدوء قائلاً :- تمام ثواني يكون شادي هنا علشان هو المسؤول عن الشؤون القانونية .


أنهى كلماته و ضغط على الزر لتأتي السكرتيرة على الفور فقال :- ابعتي شادي بسرعة يكون هنا .


أومأت بموافقة ، فهتف هو بتذكر :- اه و شوفيهم هيشربوا إيه ؟


ابتسمت سندس بعملية قائلة :- ملوش لزوم يا باشمهندس ، هنمضي العقود و نمشي علطول .....


قاطعتها رحيق قائلة بابتسامة بلهاء :- بس أنا عاوزة عصير فراولة .


قالتها بترجي طفولي ، بينما تنحنحت سندس بحرج قائلة :- احم هاتيلها عصير فراولة وأنا قهوة سادة لو سمحتي .


أومأت لهن بابتسامة عملية و انصرفت ، وبعد لحظات ولج شادي الذي توجه ناحيتهم ، و رحب بهم بعملية ، بينما هتف مراد ببرود :- شادي خد الأوراق دي و راجعها كويس قبل ما تمضي العقود .


تناولها منه قائلاً ببسمة واسعة :- أوك مفيش مشكلة ، جابوا التصاميم ؟


أومأ برأسه قائلاً :- أيوة خد أهو شوفها علشان تخلص كل حاجة معاهم .


جلس قبالته ، و شرع في إنهاء ما طلب منه ، و بعد وقت انتهوا من مهمتهم ، ليردف مراد برسمية باردة كالثلج كحاله :- كدة كل حاجة تمام ، فاضل دلوقتي التنفيذ .


أردفت سندس بعملية :- إن شاء الله يا أفندم الشغل هيعجبكم ، و لينا شرف كبير إننا نتعامل مع شركة كبيرة زيكم ..


أردفت رحيق بخفوت سمعه شادي :- قصدك حصلنا القرف ، بالذمة دة بني آدم دة ! دة لوح تلج يا ساتر على الغتاتة ..


انفجر شادي ضاحكاً عليها مما أثار تعجب الآخرين ، بينما حدجه مراد بنظرات جعلته يتوقف فوراً عن الضحك ، و رفع يديه باستسلام في الهواء قائلاً :- أنا آسف بس أفتكرت حاجة كدة ضحكتني .


غادرن هن ، و بمجرد أن خرجن هتفت سندس بتوبيخ و عتاب :- ينفع اللي عملتيه دة يا رحيق ، بتحرجيني قدام المدير ! وأنا اللي بقول عليكي عاقلة !


استشعرت جديتها فهتفت برجاء :- أنا آسفة يا مدام والله مكنش قصدي ، بصي خدي أي حد معاكي بلاش أنا بعد كدة .


قالت جملتها ، وهي تنكس رأسها للأسفل ، بينما زفرت هي بضيق قائلة :- أنا ما أقصدش أزعلك بس بقولك كدة علشان تاخدي بالك .


أردفت بلهفة :- حاضر هحاول ، بس أنتِ عارفاني بتصرف بعفوية من غير ما أفكر .


ضيقت عينيها قائلة بغيظ :- قصدك بتهور ...

ثم تنهدت بعمق قائلة :- رورو دي أحلى حاجة فيكي أنك نقية من جوة ومن برة ، بس متخليش حد يستغل دة بشكل مش كويس ، يلا بينا ...


عندما كانت تهم بالحديث قاطعتها بصرامة قائلة :- و هننزل بالأسانسير ، ومش عاوزة أسمع أي اعتراض .


قطبت جبينها بتذمر ، ولكنها لن تعارضها تلك المرة ، حتى لا تتهمها بالاستهتار .


دلفت للمصعد معها ، و لسوء حظها ، ولج معهم في نفس اللحظة شادي الذي ما إن رآها غمز لها بطرف عينه بعبث ، بينما نفخت وجنتيها ، و استدارت للجانب الآخر، وما إن تحرك المصعد ونزل للأسفل ، تشبثت بذراع سندس بقوة قائلة بذعر ، وهي على وشك البكاء :- أنا ... أنا خايفة هموت ...هموت ..بتخنق ..


سرى الرعب بأوردتها حينما رأت حالتها تلك قائلة بخوف :- رحيق ..رحيق اتنفسي واهدي مفيش حاجة


إلا أنها أخذ صدرها يعلو و يهبط بعنف، و تلتقط أنفاسها بصعوبة ، و أبيضت عيناها ، و شعرت بأنها النهاية .

سقطت على ركبتيها والأخرى تسندها ، وهي تفرك يدها بقلق قائلة بدموع :- رحيق خليكي معايا أوعي تغمضي ..


هتف شادي أخيراً بقلق :- هي مالها ؟ هي متعودة على كدة ، ولا عندها فوبيا ؟!


أردفت بدموع :- أيوة هي قالتلي كدة ، وأنا الغبية كنت فاكراها بتدلع ولا بتهزر ، وقف الأسانسير أرجوك وقفه .


انتصب واقفاً ، وضغط بسرعة على أقرب دور ، فتوقف فهتفت سندس بقلق بالغ ينهش أعماقها :- رحيق بصي أهو وقف خلاص ، يلا فتحي و ردي عليا يا رحيق ..


أخذت تربت على وجنتيها بخفة حينما استسلمت للقاع المظلم الذي سحبها نحوه . تدخل شادي قائلاً بهدوء :- خليني أشيلها و أوديها لأقرب دكتور .


نظرت له قائلة بضياع :- بس ...


قاطعها قائلاً بصرامة :- مفيش بس يعني عاجبك حالتها دي !


هزت رأسها بنفي فأردف بروية :- خلاص يبقى سيبيني أتصرف و ألحقها .


قال ذلك ثم حملها ثم حملها و خرج بها تحت أنظار الموظفين المذهولين ، صعد لسيارته و جاورته هي و انطلق بها بسرعة .


بعد وقت كانت ممددة على الفراش ، و بيدها السيروم المغذي ، فهتف الطبيب بعملية :- متقلقوش هتفوق بعد شوية و الموضوع ملهوش داعي للخوف دة كله .


أردفت بخوف :- بس هي ...هي كانت بتتخنق يا دكتور و .....


قاطعها قائلاً بروية :- دة عادي جداً طالما عندها فوبيا من الأماكن الضيقة و المقفولة ، تقدر تمشي أول ما تفوق معاكم ، بعد أذنكم .


انصرف الطبيب، بينما هتف شادي في محاولة منه لطمأنتها :- متقلقيش هتكون كويسة إن شاء الله.


أردفت بعرفان للجميل :- أنا متشكرة أوي على اللي عملته معانا .


أردف بابتسامة عريضة وهو ينظر لرحيق الغافية ، و بداخله يتعجب من دقات قلبه المتزايدة عندما كان يحملها ، ولم القلق انتابه بهذا الشكل عندما وجدها هكذا ! :- متشكرنيش يا مدام دة واجبي ، أنا هستنى برة لحد ما تفوق علشان أوصلكم ، وهبقى ابعت حد يجيب عربيتك من قدام الشركة .


أومأت له بخفوت، بينما خرج وما إن غلق الباب خلفه أردف بتعجب وهو يضع يده على قلبه الذي لم يتوقف نبضه المتزايد بعد :- و بعدين معاك ؟! غريبة ! قلبي بيدق بطريقة غريبة ودي أول مرة تحصل .....

بقلم زكية محمد


______________________________________


ليلاً أتت كلتا العائلتين لرؤية العروسين ، و اضطرت مريم للخروج وما طمأنها هو وجودهم ، فلن يستطيع أن يفعل شئ أثناء وجودهم .

كانت المواجهة مشحونة إلى حد ما ، و استمر اللقاء ما بين رضا و سخط ، تشبث أحمد بوالدته فاضطروا أن يتركوه ، وكم سعدت هي لهذا القرار ، و ما إن غادروا كانت تحتضن الصغير تستمد منه الأمان ، أما هو أخذ يطالعها بنظرات ذئب مفترس يتربص بفريسته .


أخذت تتراجع للخلف بخوف ، ولم تلحظ تلك الطاولة التي إصتدمت بها ، وكادت أن تهوي بالصغير ، و لكنه كان الأسرع حينما جذبهما معاً ناحيته لتقبع رأسها على صدره و الصغير بينهما .


تكاد تجزم أن دقات قلبها وصلت لمسامعه التي تتراقص على ألحان عشقه ، فرغ ثغرها بذهول ، تستوعب مدى اقترابها منه ، يا للقدر ! أهي الآن بين ذراعيه ، و ليس ذلك فقط بل رأسها تتوسط صدره ! شعرت بدوار عنيف يضربها دون هوادة ، و تراخت أطرافها ، فكاد أن يسقط الصغير ، إلا أنه كان الأسرع وحمله منها ، و ابتعد ليضعه على الأريكة ، و استدار ليرى ما بها ، فوجدها تغلق عينيها مع تراخي قدميها وسقطت لتقبع مجدداً بين ذراعيه ، فمددها على الأريكة برفق ، بينما تعالت صرخات الصغير قائلاً :- ماما...ماما...أثحي...ماما ..


هتف بهدوء ليطمأنه :- ما تقلقش يا حبيبي هي نامت و هتفوق .


أخذ يربت على وجنتيها بهدوء في محاولة منه لإفاقتها ، إلا أنه لم يتلقى منها أي رد فنهض بسرعة ، و ولج للداخل ليغيب لثوانٍ ليخرج بعدها وهو يحمل قنينة عطر ، نثر بعضاً منها على يده ، ومن ثم رفع رأسها لتستقر على صدره ، و قرب يده من أنفها ، و استمر ذلك للحظات قبل أن ترمش بعينيها لتفتحها ، لتستنشق رائحته التي أسقطتها أرضاً منذ قليل عندما كانت قريبة منه إلى حد مهلك ، لتستوعب بعدها أنها ما زالت بذلك القرب ، ظنت أنه حلم لذيذ تعيشه بمخيلتها ، إلا أن صوته أعادها للواقع حينما هتف بهدوء :- مريم أنتِ كويسة ؟


لا هذا كثيراً جداً على قدرة تحملها ، يا الله لنطق اسمها بين شفتيه سحر خاص ، نغمة بيتهوفن أطربت مسامعها .

ابتعدت عنه عندما عادت لرشدها ، ورأت وضعيتها لتجلس معتدلة قائلة بحرج و صوت خافت :- الحمد لله كويسة .


قفز أحمد على قدميها و احتضنها قائلاً بطفولية :- ماما أنتِ ثحيتي ! ما تناميش دلوقتي لثة بدري .


قبلته من وجنته قائلة :- حاضر يا حبيب ماما .


أردف إسلام بمرح :- طالما مش قد اللعب بتلعبي ليه ؟ أغمى عليكي بسرعة كدة يا جبانة !


نظرت له بحنق قائلة بثبات مخادع :- أنا مش خايفة منك على فكرة ، و يا ريت تبطل أسلوبك دة .


رفع حاجبه باستنكار قائلاً :- أسلوبي ! اممممم الظاهر الهانم نسيت عملت إيه و محتاجة حد يفكرها.


جحظت عيناها بصدمة قائلة بتهديد مبطن بالخوف :- لو قربت مني ه....ه...ه ...


قاطعها قائلاً بتسلية :- هت.. إيه ؟! أحب اسمع .


أردفت بنبرة منكسرة :- مش هعمل حاجة يا إسلام مش هعمل ، بس أرجوك خلي في بينا احترام على الأقل قدام أحمد .


تنهد بعمق قائلاً :- ماشي يا مريم .....ثم أردف بتهديد :- بس ما تفكريش إني هسكت على كدة و أرضى بالأمر الواقع، أنا هنبش في الموضوع، و يا ويلك يا سواد ليلك لو كان ليكي علاقة بالموضوع ، و أوعدك محدش هيقتلك غيري .


أردفت بحزن :- اعمل اللي أنت عاوزه مبقتش فارقة على الأقل تريحني من العذاب اللي أنا فيه دة .


قطب حاجبيه قائلاً بتعجب :- قصدك إيه وضحى أكتر ؟!


ودت لو تصرخ في وجهه و تخبره بأنه هو أكثر ما يعذبها و يجلد روحها ببطئ ، وتخبره بأنها كيف ستتحمل تلك الليالي العجاف دون أن تهنئ بدفء ذراعيه ، وكيف تخبره أنه محرم عليها على الرغم من وجودهم تحت سقف واحد ؟! ، و كيف ستتحمل دقات قلبها الخائنة التي تزداد محدثة صوتاً رناناً في ضلوعها وكأنه هناك حفل صاخب ، و كيف تتحمل وجوده معها أمامها دون أن يشعر بها ، وكيف أنه داءها و دواءها ، وكيف ..... وكيف؟!


نهضت من مكانها بسرعة لتتوارى بعيداً عنه ، و تزرف تلك الدموع التي تهددها بالسقوط ، و أردفت بهدوء :- هروح أشوف أحمد ..


قالت ذلك ثم انصرفت من أمامه بسرعة الريح ، بينما نظر هو في أثرها بتمهل ، و لا إرادياً رفع أصابعه التي لامست وجنتيها نصب عينيه ، وهو يسترجع تلك اللحظات ، حينما شعر بقشعريرة سرت بأوصاله ، و رائحتها التي ملأت عبقه حينما كانت بين ذراعيه .

رنت أجراس الخطر بعقله فجأة ، و ضم قبضته بقوة قائلاً بتوبيخ :- إيه اللي أنا بفكر فيه دة ؟! دي أولاً مرات أخوك ، ثانياً دي واحدة ست يعني خداع و زيف ورا وش طيبة ، مستعد تجرب و تتوجع تاني ؟ لا طبعاً مش هيحصل .


نهض و ولج إلى غرفته ، و مكث بها وعقله يصارع الكثير و الكثير ....


______________________________________


في اليوم التالي كانت منكبة على أوراقها تعمل بجدية حينما صدح هاتفها بالرنين ، تركت الأوراق و نظرت للهاتف ، وما إن رأت المتصل أجابت على الفور على الفور :- ها طمني النتيجة إيه ؟


اتسعت عيناها بذهول قائلة :- بجد ؟ طيب كويس جداً ، أقولها أنا ولا حد يقولها ؟


أومأت برأسها قائلة :- أوك مفيش مشكلة تمام سلام ..


وضعت الهاتف بجوارها ، و أردفت بابتسامة :- ربنا يسعدك يا رحيق تستاهلي كل خير ...


بالخارج بعد أن انتهت من عملها ، جلست مع صديقتها تثرثر معها قائلة بتذمر :- زي ما بقولك كدة لوح تلج بالظبط ، لا يمكن دة التلج بيسيح لكن هو لا ، عامل نفسه big boss و مسيطر ، و بيكلمنا من مناخيره ، الود ودي كنت طبقت في زمارة رقبته .


تعالت ضحكات صديقتها قائلة :- لا ، شوقتيني أشوفه لوح التلج دة يا ريتني روحت معاكم .


زمت شفتيها بضيق قائلة :- يعني هتشوفي الأملة ! ولا التاني قليل الأدب يا أختي دة مصيبة كمان .


ضحكت بصخب على حديثها ذاك قائلة :- هههه ، عمل إيه دة كمان ؟ مش دة اللي أخدك المستشفى ؟


أومأت بموافقة قائلة بغل :- أيوة هو يا أختي ، بس أما أقابله الوقح دة ، إزاي يشيلني ؟ ! والله لأطربق الدنيا فوق راسه هو فاكرها سايبة ولا سايبة !


أردفت بتساءل :- ليه بس ؟! دة جزاته يعني ! و بعدين هو ما شالكيش يحب فيكي هو شالك من باب المساعدة مش أكتر .


صكت على أسنانها بعنف قائلة :- قليل الأدب من أول ما دخلنا المخفي على عينه الأصانصير قام غامزلي ابن الهرمة .


ضحكت و هي تضرب كف بآخر قائلة بمرح :- لا ملوش حق قليل الأدب .


و على ذكر السيرة ، دلف للمكان يمشطه بعينيه بلهفة بحثاً عنها ، و على وجهه إبتسامة مشرقة ، وكأنه حلم يصعب تحقيقه . سأل أحد الموظفين عن مكان تواجدها ، و ما إن أشار له على المكتب أنطلق كالقذيفة نحوه ، و فتح الباب بدون استئذان ، فانتفضن في مجلسهن ، و رفعن أنظارهن نحوه ، و ما إن نظرت له عرفته على الفور فتأهبت حواسها للخوض في معركة طاحنة إذ هتفت بشراسة :- هو أنت !

بقلم زكية محمد


لم يعطها رداً، بل توجه ناحيتها ، و جذبها ناحيته فجأة ، و اعتصرها بين ذراعيه بقوة مغمغماً بعاطفة جياشة :- أخيراً !

*********************
إلي هنا ينتهى الفصل السابع من رواية ذئب يوسف بقلم زكية محمد .
تابعوا صفحتنا على الفيس بوك للمزيد من روايات رومانسية
أو أرسل لنا رسالة مباشرة عبر الماسنجر باسم القصة التي تريدها
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة