-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية قلوب ضائعة بقلم رانيا صلاح - الفصل السادس

مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص والروايات مع رواية رومانسية جديدة ذات طابع إجتماعى تدور أحداثه فى بيئة مصرية, وموعدنا اليوم علي موقع قصص 26 مع الفصل السادس من رواية قلوب ضائعة بقلم رانيا صلاح.

رواية قلوب ضائعة بقلم رانيا صلاح - الفصل السادس

تابع من هنا: روايات زوجية جريئة

رواية قلوب ضائعة بقلم رانيا صلاح

رواية قلوب ضائعة بقلم رانيا صلاح - الفصل السادس

 "قلق"

ذاك السهم الغائر الذي يُصيب قلوبنا بين الفنية والأُخرى ولا نعلم لماذا، وكيف؟.. ولكن يأتي إلينا كضيفٍ ثقيل مُحملًا بسخطه وجزعة على الحال، فيُثير كُل شيء مُخيف في النفس دون أدنى جُهد...

قطعت "جميلة" ردهة بيتها في ضيق وقلق فالساعة تجاوزت الثامنة مساءً وابنتها لم تأتي بعد، ليخفق قلبها بقوة وتتجسد الهواجس المُخيفة برأسها، ويدها تكاد تبيض من فرط التوتر، وقدمها تخونها في الذهاب لطريق مُستقيم في ردهة بيتها التي تحفظها ككف يدها، ولكن عندما يحلُ هذا الخوف الجامح تتلاشى الذاكرة من كُل شيء، فبدأت تتعثر في الأثاث والذهاب لنافذة لرؤية الشارع، وما زاد الطين بلة انغلاق هاتف زوجها، وأخيها فلا تعرف أي الطريق تسلُك للبحث عن صغيرتها، لتعقد العزم على الخروج من بيتها وجوب شوارع القاهرة للعثور عليها، ولكن قبل أن تتحرك لتأخذ عبائه مُناسبة للخروج، صدع هاتفها بجود أحدى الرسائل، فهرعت من فورها، وبلهفة ضغطت على زر الاتصال، فقد فُتِح هاتف أخيها، وما هي الأ أقل من دقيقة وكان يأتيها الجواب، وبحروف قافزة :- الحقني يا "حمدي"..

فزع من نومة؛ نبرة اخته الغريبة ويهب واقفًا لالتقاط ملابسُه، وبجدية :- في أيه؟..

تفجرت أنهار عينها وببكاء :- البت يا "حمدي" من صبحية ربنا ما رجعتش وابوها قافل التليفون..

-اهدي طيب وأنا هدورلك عليها، ومتتحركيش من بيتك جايز هنا ول هنا وهترجع... وأغلق الهاتف وسارع في الخروج من بيته دون أن يُزيل أثار النوم عن وجهه...

أغلقت الهاتف، وهرعت لنفاذة من جديد تبحث عن طيف ابنتها، ولكن خيبة الأمل تتجسد عندما لا تراها ، وبهمس صادق "جيب العواقب سليمة يا رب"..

**

لا أعلم كيف أقولها، ولا أي التعبير أصدق للوصول لما يختلج الصدر حينما نرى من نُحب يبتسم، ولكن تكفى تلك الابتسامة المُبهجة لروح التي تُزين الثغر بتقوس مُحبب، وذاك الانغِلاق الطفيف في الجفنين، مع بريق خافت ينجلي بوضوح كما تتجلى شمس الصباح..

أغلقت" رحمة" باب الغُرفة خلفها بحذر، وتحركت على أطراف أصابعها؛ ووالدتها قد غطت في ثبات عميق، لتبدأ بدفع الكُرسي ليكُن مُقابل لعينها، وتتحرك لتكُن بجوار رأسها من الجهة الأخرى من الباب؛ لتميل على كتفها تُقبلهُ بعمق وانفها تمتلأ بانتشاء فريد من نوعه لرائحتها، وبهمس حاني :- نونا يا نونا.

أصدرت "نعيمة" همهمات نائمة، ولم تفتح جفنيها، فهي لا تنام بعُمق سوى بجود ابنتيها بالمنزل، وكأن عينها تُحرم الراحة عليها في غياب أحداهُما..

راقبت رفض والدتها الاستيقاظ، وبخُبث امالت على أُذنها :- نونا يا نونا البيت بيولع..

عينها المُغلفة أتسعتَ بقوة حتى قاربت حدقتيها على الخروج، وبهلع : - في أيه؟..

انفجرت في نوبة ضحك على فزع والدتها، وذاك المقلب الذي تُصدقهُ في كُل مرة....لتتوقف عن الضحك، وعينها ترى تراكم الغيوم بعين والدتها، وذاك الطيف الخافت من الحنان الذي سقى جميع رسومها، لتنفرج شفتيها ببهجة مُماثلة لذاك التأثُر :- مبارك يا نونا، يلا بقا عشان تُقفيلنا على باب الشقة، وتطردي الي يتأخر، وشبشب زنوبة منور برة...

عجزت عينها عن الصمود وتساقطت بما تمتلأ، وقلبها يخفق بقوة من حنان ابنتيها عليها...

لم تتحمل رؤية دموع والدتها، وبمُشاكسة :- كفايا وحيات عيالك، يلا نخرج لبنتك تأكلني، وسارعت بمُساعدتها على الجلوس على الكُرسي...

**

أحساس قلب الوالد لا يخيب، وقلبهُ ينقبض بقوة منذُ الصباح، ليُقضي يومهُ في الشرفة يُراقب السماء وتحولها من الضياء إلى الظلام ، ولكن عيناهُ لا تستمتع بقوة الخالق في خلقة، بل كانت تائه كحال قلبه، ليفق من شروده على...

وضعت الخادمة قدح القهوة أمامُه، ورحلت بعدما تمتمت بتلك العِبارات المُعتادة من الهناء والشفاء ، ورحلت لعملها...

نظر لقدح القهوة ويداهُ تخذلهُ من جديد في رفع الكوب، فمنذُ أصيب بالجلوس على ذاك الكُرسي وتحركت يداهُ أصبح يشرب القهوة في كوب مزود بمقبض من الجوار يستطيع حملة دون مُساعدة، ولكن زاد الانقباض، وعجزت يداهُ أن تُحرك أطرافُه، وقبل أن يغمض عيناهُ...

أنهى "خالد" ارتداء ملابسُه وقبل أن يخرج، مر علي والدتهُ بالشرفة، ليُراقب انقباض ملامحهُ ، فترتفع يداهُ لتُضع على كتفه، وبمرح حتى لا يحزُنه :- ازيك يا باشا..

زفر بتمهُل بطيء قبل أن يُجيب :- كويس، أخوك عامل أيه؟..

-فاق، وسبتو الصبح في المستشفى...

بعتاب ولوم :- ومتعرفنيش..

-معلش يا باشا، وقبل أن يُكمل صدع رنين هاتفهُ برقم المُستشفى، ليُجيب بقلق :- ايوه.. وما هي الأ ثانية وأظلمت ملامحهُ، وبتساؤل عنيف :- ازاي يُخرج من غير ما تعرفوني، أنا هخرب بيتكم... وأغلق الهاتف قاصدًا المستشفى، ولكن..

ارتفع صوت "توفيق" في قلق :- في ايه يا "خالد"؟..

توجه نحو الباب، وهو يُجيب بسرعة البرق :- "حازم" خرج من المُستشفى....أغلق الباب بعُنف، وهرول قاصدًا سيارتهُ، فأخيهِ جُن لا مُحال...

تأكل قلب "توفيق" من القلق، وانفرجت شفتاهُ عن الدُعاء "يا رب"، ليقطع همسهُ...

خرجت "صفية "من غُرفتها بفزع؛ بفعل صوت انغلاق الباب، وبتساؤل :- في أيه يا "توفيق"...

لم يُكلف نفسهُ عناء الرد عليها، بل نظرة جامدة كحال وجودهُ بجوارها، وعاود النظر إلى الفضاء المُعتم من مصابيحهُ الفضية...

تحركت في عنف لغرفتها جديد، وقد عجزت عن التحمُل، ليصدع عقلها ناهرً أيها على موقفها نحوه "اي حُبٍ هذا يدفعُكِ إلى الخواء والذبول، بربك أن لم يكُن الحربُ كالماءُ للورد فما حاجتُنا إليه"... ليتوقف عقلها مع همس شفتيها الذاهل من تلك الكلِمات التي عقدت العزم عليها دون تراجُع، ولتذهب وجهتُها الاجتماعية إلى الجحيم، فلم تعُد تطيق صبرًا على التحمُل يوم أخر، تُقسم أن قلبها قد سئِما من ذاك الوضع، زوج ليس بزوج، بل شبح يسكُن بيتها، يُضيف لوجهتها مظهرًا بريقًا عكس ما يختفي خلف الجُدران المُتهالكة فوق رأسها منذُ سنوات، ظنت أن بإمكانها الخروج ذات يوم من أسفل الأنقاض، ولكن يبدوا أنها أخفقت بقوة، وصارت للفشل عِنوان، فالحبُ لا يُباع ول يُشتري، ولا يُمكن خلقهُ في قلوب من نُحب بالتمني، فقط هي هبهُ القدير يمنحها لمن يُريد، ويُقصيها عن من يُريد، وهو أقصاها عنها، وحُرِمَ على قلبها فصارت تُجدي وصالًا قُطِع منذُ أعوام ول مجال لإعادتهُ، تحركت للخروج من غُرفتها، ويدها تُزيل ما تبقى من القطرات المالحة فوق أهدابها، وببسمتها القوية، الباردة التي تعلمتها جيدًا من عملها السابق، انفرجت شفتها عن تلك الحروف التي عجزت عن البوح بها، وبقوة : - طلقني يا "توفيق"..

لوهلة عجز عن الاستيعاب والتصديق، وبذهول هامس لذات "هل سمع ما قِيل لتو؟.."، وبتساؤل :- ايه..

-زي ما سمعت، طلقني من غير شوشره، ورحلت دون انتظار رده، فقدمها عجزت عن التحمُل أكثر من دقيقة، وفرت هاربة لغُرفتها تحتمي بها من واقع قولها، ويداها تبحث عن حقيبتها لجمع ملابسها دون التراجع عن قولها...

**

ليس هِناك أقسى من الشعور، بأنك لا تقوى على شيء، أن تشعُر أن أبسط حقوقك الجسدية لم تعُد من حقك، توقف عقلهُ عن هذا عندما...

أغلق البواب باب الشقة خلفهُ، وبابتسامتهُ الدائمة :- حمد لله على سلامتك يا بيه..

بخواء :- الله يسلمك يا "فرغلي"... وسارع بالإشارة لإحدى الإدراج قائلًا :- افتح الدُرج دا وخد فلوس اشتريلي طلبات للبيت، وشوف حد ينضف البيت، والباقي عشانك..

-حاضر يا بيه، عن أذنك... وتحرك لأخذ النقود لجلب الطلبات...

طافت عيني "حازم" في أرجاء البيت، وسُرعان ما عادت لذاك الكُرسي التقليدي الذي خرج بهِ من المُستشفى دون عون أحد، ليصل لبيته بفعل عربة الإسعاف، ويُساعده البواب بدلوف شقته، ليبتسم ساخرًا، عاقدًا العزم على التعامُل مع ذاك الوضع الذي فُرِضَ عليه، ولكن قبلها عليهِ أجراء عدة مُكالمات لإنهاء بعض الأمور الخاصة بعمله، فليس لديهِ وقت لرثاء عما حل بهِ...

**

وصل "خالد" إلى المُستشفى، وبالكاد يلتقط أنفاسُه الهاربة في البراري، ليترجل من سيارتهُ مُسرعًا دون الإنتظار لركنها في المكان المُخصص لها ، ليقطع دراجات السُلم في لمح البصر، وما هي الأ ثوان معدودة وكانت حروفهُ تخرج مُتفرقة لموظف الاستقبال : - هو فين..

تصبب الموظف عرقًا، فهو يعلم جيدًا قدر عائلة الرماح، بالإضافة لعِلاقتهم الوطيدة بصاحب المشفى، لتنفرج شفتاهُ عن اعتذار ضمني كلِماتهُ المُنمقة :- للأسف يا فندم هو رفض الإقامة، ووقع على قرار تحمُل شخصي لكافة العواقب...

بلهجة هادرة دون تقبُل رأي الأخر، وكأنه لم يسمع ذاك العُذر :- فين مدير المخروبه دي..

-يا فندم من فضلك كده مينفعش..

-أنت هتعرفني الي يفنع والي مينفعش... وقبل أن يُكمل صب جِمام غضبهُ على ذاك الواقف أمامهُ دون قوة، إذا بصوت..

أغلق "مُعاذ" غُرفة المريض الذي كان يُتابع حالتهُ، وعندما تحرك وصل إلى مسامعهُ ضواء من الاتجاه المُعاكس، فتحرك نحوه ليفهم ما يجري، وبلهجة عمليه :- في أيه؟..

تحول كامل أنتباه "خالد" لذاك الصوت المُشترك في الحوار، ويداهُ توقف الموظف عن الاسترسال في التبرير.. ليُكمل بتلك النبرة السابقة :- في أني هخرب بيتكم أزاي واحد فايق من الغيبوبة يخرج..

لم يُبالي لإلقاء اللوم على المشفى، وبنبرة جامده أقرب لسُخرية :- أظن أخوك كبير كفايا يحدد الي ينفع ومينفعش في حالةُ.

ورحل دون انتظار رده، وكأنه يعيرهُ نفس التجاهل الذي يلقاهُ من "رحمة"...

ارتفعت يداهُ في عُنف؛ لتلكُم ذاك الجدار الفاصل بينهُ وبين المُوظف، ويقلل من غيظه، ورحل على الفور ويداهُ تبعث بالهاتف علهُ يصل لذاك الأرعن، وما هي الا دقيقة وكان الجواب يصلهُ، بجمود بعِبارات مُوجزة، وأُغلق الهاتف بوجه، ليزفر باشتعال، ويعتلي مقود سيارتهُ من جديد، قاصدًا منزل أخيه...

**

ضحكات فرِحة مصحوبة بتأكيد من القلب، كانت تتسرب من باب البيت المفتوح بشكل جُزئي، لتُصيب من يُقرر قطع الطريق من باب المنزل إلى الطابق العُلوي، وحظهم العاثر أو ربما لعنتهم الأبدية ستسقُط فوق رؤاسهم كما تنزل الصواعق على المارين في الشارع دون ملجأ.

أكمل "جابر" طريقهُ إلى منزلُه، وقدماهُ تجُر جسدهُ المُنهك على الصعود لنيل حظًا وفير من الراحة، بعد يوم شاق في العمل وتحصيل الفواتير الخاصة به من التُجار، ولكن تلاشى أنهاك جسدهُ أو ربما تغاضى عقله عن أنين العِظام بالراحة، فور التقاط أُذنيه ضجيج يتسرب من نافذة منزل أخيه، ليهرول ليدخل من الباب، ولكن توقف لوهلة؛ مع رؤية باب المنزل دون غلقة، وضحكات تخرُج مُجلجلة من القانطين بالداخل وظل رجُل يجلس بجوارهم على طاولة الطعام والأدهى من ذاك ابنة أخيه الكُبرى تضع لهُ المزيد من الطعام في الطبق الذي يأكُل منهُ، لتُظلم عيناهُ وتشتعل مواقيد النيران بداخلهُ، ويظهر ذاك جليًا في تلك النبرة النافرة من حلقة كما تنفُر الجِمال من عِقالها، مصحوبة بتقريع لاذعة أمتزج بالقليل من السُخرية :- والله عال يا "نعيمة"، بيتكم بقا كبارية للي يسواى والي ميسواش..

قبل دقائق كانت "صابرين" لتو وضعت أطباق الطعام على الطاولة، وعينها تبرق كقط وجد مخزون كافي من الحليب؛ ويعود هذا لرؤيتها لوالدتها تُشاركهم الطعام بدًلا من الوحدة في غُرفتها، لتبدأ بتوزيع قطع اللحم على الجالسين مع أطباق المرق، ولكن قبل أن توزع أول طبق على "العم صابر"، توقفت يدها، وارتفع صوت عمها بتلك النبرة، لتعجز عن الرد من فداحة قوله، ويشحب وجه "صابر" من ذاك التعبير ليس لعيبًا به، ولكن لتلك التُهمة المُشينة التي تخرج من بين أحرُفة، ليدرك شحوبهُ سريعًا وبنبرة رادعة :- أتقِ الله في لحمك يا "جابر"، أنت عارف كويس هما مين ومين مربيهم، وأنا مين..

لم يُبالي "جابر" لقولة، بل فجر غضبهُ بتلك الجالسة على كُرسيه دون أدنى رحمة للتعبير :- قعدتك على الكرسي معرفتش تخليكي تربى بناتك، اللة في سماه... وتوقف عن القول بفعل...

خرج صوت "رحمة" كقذيفة لتوه تم تحريرُه من المدفع، وبعين مُتسعه من الغضب والفعل الشنيع الذي يُلقي عليهم، بل زاد الأمر بارتفاع صوتهُ المُقيتة على والدتها :- أطلع برة يا "جابر"، وأقسم برب العزى لبيتك في السجن لو فكرت تاني تعلي صوتك عليها، هو سكتنالوا دخل بحماروا...

توسعت عينهم من انفعالها، وقبل أن تبدأ "نعيمة" بزجرها، كان صوت "جابر" يُجلل :- والله عال، وارتفعت يداهُ لتسقُط على وجنتيها، وشرارات الغضب تقفز من عينه ولكن..

قبل أن تسقُط يداهُ على وجنتيها، كانت يداها بالمرصاد لهُ، وعيناها تُفجر ينابيع الجمود ولا يرمش لها جفن، وبهمس مُماثل :- اطلع برة، ولوا دم ابويا لكنت بيتك في السجن، و التهمة الي بترمينا بيها كانت هتشرفك أوي... وبنبرة ممطوطة... يا عمي...

خرجت حروف "نعيمة" متعثرة، فهي تعلم بطش "جابر" :- معلش يا معلم..

لم تُمهل والدتها الاكمال، بل سارعت لتحرُك لجلب هاتفها، وبلهجة تحذيرية :- هتطلع برة ولا أتصل بالشرطة، وتبقى تُهمة رسمي يا عمي.. وسارعت بالاتصال "بتوفيق" وقدمها ترتعش من تحت وجسدها يلهث من الانفعال، ولكنها قررت التغاضي عن هذا، لدافع عن حقهم ضد هذا الجبار، ليأتي الجواب في ثوان، بلهفة مُماثلة، ولكنها عجزت عن تفسير لهفته وبنبرتها القوية :- "توفيق" بيه محتاجة مُساعدتك...وانتظرت الجواب لجُزء من الثانية... تلك الثانية التي جعلت الطير يُحلق فوق رأس الجميع، والذهول يطلوا من جفونهم المُتسعة، ليقطع هذا الذهول خروج "جابر" صافعًا الباب خلفهُ... لتخرج نبرتها شاكرة :- شكرًا يا باشا المُشكلة اتحلت.. بكرة هكون عند حضرتك.. أغلقت الهاتف والنظرات تُقابلها في تساؤل وريبة، لتقطع هذا بقولها :- "توفيق الرماح" يا ماما الي ساعدني اشتغل.. ولم تكُن الكلِمات شافية لهم بل زاد الريبة بقلب" نعيمة" ولكنها قررت السكوت للغد...

صدع صوت "صابر" بالاعتذار، ورحل سريعًا دون انتظار رد...

لتخرج حروف "صابرين" مُتسائلة عن هيئة ذاك الرجُل، ولكن صوت والدتها الزاجر جعلها تبتلع المُتبقي من حروفها، وهي تأمُرهم بصرامة بالدخول لغرفتهم....

**

قبل قليل أغلق" خالد" باب المنزل خلفهُ بعُنف، وتحرك لغُرفته دون المرور بالجالس على كُرسيه ينتظر جوابًا يُشفي قلقهُ القائم، لترتفع نبرة "توفيق" بالنداء :- "خالد" يا "خالد"... ولكن صمت تام يُقابلهُ، ليتسلح بما لديهِ من قوه، ويحرك زر الكُرسي إلى غرفة ابنه، وما هي الا دقائق وكان ينُادي عليه للجواب....

علي الجانب الأخر بداخل الغُرفة، القى ملابسهُ بعُنف، والغضب ينتشر كالداء في أرضه، وعقلهُ يُومض بتلك الكلِمات من جوف أخيه، أنهُ لا يُريد أدنى صله... لتتوقف الومضة مع نداء والدهُ، ليتحرك بغضب نحو الباب، ويفتح دون أن تنبث شفتاهُ بأدني كلِمة، ويعود لسريره...

سهم أخر من القلق يُصيب قلبهُ في مقتل، ليعترف لنفسه أنه قد خسِر أهم المعارك، خسر الخُسران المُبين، زفر بتمهُل وبتساؤل :- أخوك فين...

عجز عن التحمُل وانفجر غضبهُ :- حرام عليك بقا، كُل شوية أخوك وأنا فين، عمرك فكرت تسئل عليا زيو ول أنا مش في حساباتك عشان محبتها يا باشا، وبنبرة مُنهزمة... أبنك رافض وجودك جنبو، وأنا ماشي... ولم يمهلهُ فرصة لرد فقد طفح الكيل عاش بذاك البيت وحيدًا يرى كُل يوم تشبُث ابيه بأخيه وكأنهُ لا وجود لهُ، لم يُبالي سوي بأبن حور، ليتحرك بضيق لجمع ملابسهُ والخروج ولكن توقف...

أغلقت "صفية" حقائبها، وعينها كسيلٌ جارف يحملُ معهُ الأخضر واليابس، ليصل لأُذنيه نبرة ابنها الغاضب، فتهرع لتسأل عما حل، فهو يكره الغضب ولا ينفعل، ولكن توقفت كالجماد مع كلماتُه الموجه لأبيه، لتتحرك بعد ثوان معدودة وتدع جمودها، وعينها أصبحت تُخرج نيران وليس قطرات دمع، وبنبرة خاوية على عروشها فقد شاخت المدينة وحان وقت زوالها :- "توفيق" ارمي اليمين، خلاص...

جحوظ اعترى عيني "خالد" وعقلهُ يرفُض استقبال واقع حروف والدهُ الجامدة بشموخ مُقيت، لتقع عيناهُ على دموع والدتهُ، وتهدُل كتفيها فيتألم لما حل بها، فبسمتها القوية مازالت تُزين ثغرها..

**

أغلق "جابر" الباب خلفهُ بعُنف، وجسدهُ كُتلة نيران المُشتعلة، ليتوقف عن سخطهُ مع...

كانت" جميلة" تتحرك بترقُب كالسابق، لتهرول صوب زوجها وبلهفة امتزجت بقطراتُها الملاحة :- "جابر".

بريبة وتساؤل :- في إيه؟..

وكان قوله المؤشر لبُكائها :- "رضوى" مرجعتش من صباحية ربنا، و"حمدي" بيدور عليها وأنا... لتتوقف الكلِمات وتسقُط فاقدة للوعي...

صفعة من الخوف تلقها على جدران قلبه بتغيُب ابنتُه، ليليها سقوط زوجتُه بين يديهِ، ليصدر عقلهُ الانذار ويسارع بحملها لأقرب كُرسي، ويهرول لجلب شيء يُساعدهُ في الافاقة، وعقلهُ يضع أُلوف مُلفة من الحكايات القاسية عن تغيب ابنتُه...

*********************
إلي هنا ينتهى الفصل السادس من رواية قلوب ضائعة بقلم رانيا صلاح .
تابعوا صفحتنا على الفيس بوك للمزيد من روايات رومانسية
أو أرسل لنا رسالة مباشرة عبر الماسنجر باسم القصة التي تريدها
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة