-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية مع وقف التنفيذ لدعاء عبدالرحمن ( الفصل الثانى والثلاثون )

أصدقائي الأعزاء متابعي موقع قصص 26 يسعدني أن أقدم لكم الفصل الثانى والثلاثون من رواية مع وقف التنفيذ لدعاء عبدالرحمن وهي رواية رومانسية واقعية ذات طابع ديني تتسم بالكثير من الأحداث والمواقف المتشابكة التي ستنال اعجابك بالتأكيد فتابع معنا.

رواية مع وقف التنفيذ لدعاء عبدالرحمن ( الفصل الحادى والثلاثون )

رواية مع وقف التنفيذ لدعاء عبدالرحمن ( الفصل الثانى والثلاثون )
رواية مع وقف التنفيذ لدعاء عبدالرحمن ( الفصل الثانى والثلاثون )

رواية مع وقف التنفيذ لدعاء عبدالرحمن ( الفصل الثانى والثلاثون )

بدأ العمل فى المكتب على قدم وساق وأخيرا تم وضع الافتة التى تحمل اسمة  ..
دكتور فارس سيف الدين المحامى ..
ولكن أين يذهب فارس من أقداره هو ومُهرة ... فبعد اسبوع واحد من بداية العمل فى المكتب الجديد وذات مساء زاره أيو يحيى والد مُهرة ومعه العم عامر بصحبة ولده مينا وقد كان فارس مشغولا بالتحدث فى الهاتف مع عمرو الذى كان يخبره أن التقرير قد أُعد أخيرا وذهب الى النيابة وأنهما لا بد ان يذهبا فى الغد للإطلاع عليه على الفور فقاطعه فارس وأنهى المكالمة سريعاً ورحب بأبو يحيى والعم عامر ترحيبا ً شديدا ً ولكن وجهها كان يعلوه العبوس وخصيصا وهما ينظران الى بعضهما البعض شذراً .. فقال فارس على الفور :
- خير يا جماعه ايه الحكاية
نظر ابو يحيى إلى عامر ومينا  بثقة وكأنه يعرف الى أى جهة سينضم فارس وبدء فى سرد ما حدث بينهما من شقاق ونزاع.......
بدء أبو يحيي فى الحديث قائلا :
- شوف يا فارس يابنى من مدة كدة مرات عامركانت عاوزه تشترى مكنة خياطة ومعهاش المبلغ كله لجأت لمراتى التانيه وطلبتهم منها ومراتى أشترطت عليها  أنها تردلها المبلغ بعد كام شهر بس بزيادة 500 جنية دلوقتى بقى مراته جايه ترجع المبلغ من غير الزيادة والحريم اتخانقوا مع بعض حاولت أفهمه أن أحنا عندنا فى شرعنا أن العقد شريعة المتعاقدين وهما اتفقوا من قبل ما تاخد الفلوس ,, برضه مش مصدق
ويقولى ده حتى عندكوا فى دينكوا أسمه ربا حاولت أفهمه وأشرحله  وأقوله أن السلف ده زى قرض البنك كده بالفايدة بتاعته  مش ربا ولا حاجه .. ولا حياة لمن تنادى برضه راكب راسه ومش راضين يدفعوا الزيادة أتفضل بقى أنت فهمه يمكن يفهم منك أصله فهمه على قده شويه
هتف مينا أبن عامر بغضب :
- لو سمحت حسن ملافظك شويه يا عم أبو يحيى ولا يعنى علشان هو جوز بنتك ومتأكد أنه هيحكملك .. أنا اصلا مكنتش مقتنع أننا نيجي هنا ما أنا عارف أيه اللى هيحصل ..
تنهد فارس ببطء وهو يشعر أنه مقدم على مشكلة كبيرة سوف تحدث وقال ل مينا :
- وعرفت منين اللى هيحصل بقى يا مينا
لوح مينا بضيق وهو يقول :
- طبعا هتحكمله هو مش انت جوز بنته وغير كده هتقول ده مسلم ودول مسيحين يبقى احكم للمسلم اللى زيى ثم نظر إليه نظرة ذات معنى وهو يقول :
- مش كده برضه يا شيخ فارس
جذب عامر ذراع ولده ونهره بقوة قائلا:
- عيب كده يا مينا أحترم الدكتور وأنت بتتكلم قصاده
 ثم التفت إلى فارس وقال معتذراً :
- أنا آسف يا دكتور أمسحها فيا معلش مينا لسه صغير وميعرفكش كويس زيى
ألتفت فارس إلى مينا وقال بهدوء :
- أيه بقى حكاية شيخ فارس دى تقصد بيها ايه
نظر له مينا بحنق ولم يجبه فكرر عامر أعتذاره ل فارس فقال فارس على الفور وهو ينظر ل عامر :
- أتفضل أحكيلى ايه اللى حصل يا عم عامر
قال ابو يحيى معترضاً :
- منا حكتلك الحكايه كلها يا دكتور هو هيقول ايه يعنى مختلف عن اللى قلته
نظر له فارس مبتسماً وحاول أن  يعطيه احساس بأنه ليس ضده وقال :
- معلش يا أبو يحيى أى حد بيحكم بين طرفين لازم يسمع من الاتنين .. ربنا سبحانه وتعالى بيقول فى آيه فى القرآن الكريم وكان بيكلم فى الايه دى سيدنا داوود عليه السلام (﴿يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ﴾ والايه دى نزلت بتحكلنا عن سيدنا داوود لما اتنين أخوات راحوله وواحد فيهم اشتكى من التانى فسيدنا داوود شافه مظلوم فعلا فحكم له من غير ما يسمع للتانى اللى هو اصلا كان واقف جانبه وسامع أخوه بيتكلم وعلشان كده سيدنا داوود فكر فى أن لو كان اللى بيشتكى بيقول غير الحق كان التانى أتكلم وقال أنه بيكدب لكن فسر سكوته بأنه عارف أن اخوه بيقول الحق علشان كده حكم بسرعه من غير ما يطلب يسمع من التانى ورغم أنه حكم صح لكن الايه دى نزلت تقولنا أن ده غلط وفيه خوف من اتباع الهوى هنا ...
علشان كده حتى لو انتوا الاتنين قدام بعض لازم اسمع من الطرفين قبل ما اقول أى حاجه ...
هز عامر راسه موافقاً بإعجاب وهو ينظر إلى فارس الذى كان يتحدث بطلاقة شارحاً الاية وسبب نزولها فقال :
- أنا كلامى مش هيختلف فى حاجه يا دكتور فارس هو نفس الكلام .. مراته سلفت مراتى واتفقت معاها على زيادة 500 جنيه بس مراتى خبت عليا موضوع الزيادة دى ومكنتش اعرفها ولما كنت قاعد مع الحج عبد الله وبحكيله قالى أن ده عندكو اسمه ربا يعنى انا مجبتش حاجه من عندى وده كده فى ظلم كبير لينا لاننا معناش المبلغ ده دلوقتى المكنه باظت ومستفدناش منها بحاجه
مال ابو يحيى مستندا بيده على مكتب فارس وهو يقول :
- طب أنا ذنبى ايه العقد شريعة المتعاقدين ومراتك وافقت من الاول
ابتلع فارس ريقة وهو يشعر أنه يقف بقرب فوهة بركان تكاد أن تنفجر فى وجهه فى أى وقت ولكن الحق احق أن يتبع ..سلم امره لله ونظر إلى عامر الذى كان ينتظر كلمة حق ..شعر بسخونه تسرى فى جسده فهو يعلم ماذا سيفعل به أبو يحيى أذا ما نصر عليه غريمه .. لكن هل يقول كلمة تقرب بينه وبين حبيبته وزوجته وتبعده عن الجنة وتلقى به فى الجحيم وبحسبة بسيطة حسم فارس أمره ونظر إلى عيونهم المتعلقة به وأخذ نفساً عميقاً وقال :
- عم عامر على حق ده عندنا اسمه ربا فعلا
ارتسمت ابتسامة رضا على وجه عامر بينما حدق مينا فى فارس بدهشةً وانفجر بركان ابو يحيى فى وجهه كما توقع تماماً وقال صائحاً :
- أنت بتنصره عليا يا جوز بنتى يعنى أنت موافق على اللى بيقوله ده
نهض فارس محاولاً تهدئته وقال على الفور :
- اسمعنى يا عمي بس أنا هافهمك ليه
صاح فيه ابو يحيى قائلا:
- كويس أنى عرفتك قبل ما أديك بنتى راجل بوشين صحيح أومال دقن وعاملى فيها شيخ وكمان بتنصر المسيحى عليا يا عم الشيخ .. ملكش عندى بنات للجواز عن اذنك
لحق به فارس عند باب الحجرة وجذبه من ساعده برفق محاولا إيقافه وتهدئته وهو يقول برجاء :
- هفهمك انا قلت كده ليه .. ده شرع ربنا مش كلامى
دفعه ايو يحيى بثورة عارمة وهو يصيح شرع ربنا ايه أنتوا كل واحد فيكوا يربى دقنه ويتاجر بشرع ربنا يا نصابين ...
قال كلمته بعد ان دفع فارس بقوة وصفع الباب خلفة بعنف
زفر فارس وهو يمسح بكلتا يديه على شعره بقوة وهو يقول :
- لا حول ولا قوة الا بالله ليه كده بس طب كنت استنى لما تفهم
تبادل عامر مع ولده مينا النظرات المتعجبة وأتجه عامر إلى فارس قائلا بأعتذار :
- انا آسف يابنى
رفع فارس رأسة إليه وقال بعدم تركيز :
- لا..لا وانت ذنبك ايه يا عم عامر
أقترب مينا من فارس وقال بإرتباك :
- أنا آسف انا كمان يا دكتور فارس مكنتش أعرف أنك هتيجى فى صف الحق مهما كان هو مع مين
حاول فارس أن يرسم ابتسامة مجاملة على شفتيه ولكنه عجز عن ذلك فعقله يدور ولا يعلم ماذا سيفعل مع والدها وماذا سيحدث بعد ذلك ..

***************************************

 ظل والدها يصرخ فى وجهها صائحاً :
- هيطلقك يعنى هيطلقك وأنتى اللى هتطلبى الطلاق منه انتى فاهمه ولا لاء
أنسابت عبراتها وهى تهتف :
- ليه بس يا بابا طب حتى استنى لما تسمع منه
صاح بصوت هادر :
- اللى بقولك عليه تعمليه يا بت انتى والا والله أمك هرميها فى الشارع ومش هتلاقى مكان يلمها
بكت مُهرة بشده وجسدها يرتجف وينتفض بقوة وهى تستغيث بالله ان ينقذها مما تقاسيه ... تدخلت والدتها وقالت له بجمود :
- هو أنت كل ما يحصل حاجه تهددنى بالطرد والطلاق اأنت فاكرنى هترمى فى الشارع يعنى من غيرك
توجه إليها فى غضب عارم ولوى ساعدها خلف ظهرها وهو يصرخ فيها :
- ايوا هتترمى فى الشارع ياختى ولو مش عاجبك الباب يفوت جمل
دفعته بكل طاقتها بعيدا عنها بعد ان شعرت ان يدها ستكسر فى قبضته  وهرولت نحو باب الشقة وهى تاخذ محفظتها وتجذب حجابها وتضعه على شعرها وهى تقول بغضب :
- سايبهالك مخضرة ابقى هات مراتك التانيه تعمرها بقى
خرجت وأغلقت الباب خلفها ونسيت أن ابنتها فى اشد الحاجه إليها غضبت لنفسها وانفجر بركان صمتها الذى كان هامداً طوال تلك السنوات والان انفجر ولكنه لم ينفجر فى وجهه وحده وأنما فى وجه مُهرة ايضا ..
فتحت أم فارس باب شقتها عندما سمعت الصوت الصارخ الاتى من شقة مُهرة فوجدت ام يحيى وهى تهرول هابطة للاسفل حاولت إيقافها ولكن عينيها كانت تتطاير منها الشرر وهى تصيح فيه وكأنه مازال يسمعها :
- روح هات الغندورة التانيه تقعدلك فيها أنا مستحملة وصابره بلاويك فى الاخر حصلت تمد ايدك عليا
لم تسمع نداءات ام فارس ولم تعيرها اهتماماً نظرت للاعلى لدقيقة ثم عادت الى شقتها مرة اخرى عندما سمعت صوت رنين الهاتف ... أجابته قائلة :
- السلام عليكم أيوا يا فارس
قال بسرعة :
- ماما مُهرة عندك  ؟
قالت متعجبة :
- لاء يابنى ده أنا سمعت صوت خناق جاى من عندهم وشفت أم يحيى وهى نازله تزعق على السلم وبتقول انا سايبه البيت وماشيه شكل جوزها  مد ايده عليها
سمعت صوت زفيرة الحار وهو يقول :
- أنا جاى حالا اقفلى دلوقتى
عاد فارس سريعاً الى المنزل فوجد والدته تنتظره على باب الشقة ويظهر عليها القلق الشديد وقالت سرعاً :
- ايه اللى حصل يابنى بينك وبين ابوها البنت كلمتنى ومفحومه من العياط مفهمتش منها حاجه كل اللى فهمته ان ابوها كان هيضرب امها وأنه عاوزها تطلب الطلاق منك
قال فارس بلهفة :
- مد أيده على مُهرة ؟
هزت رأسها نفياً وهى تقول :
- مش عارفه يابنى فهمنى طيب ايه اللى حصل
لم يستطع أن ينتظر أكثر من هذا صعد الدرج قفزاً حتى توقف أمام باب الشقة تنفس بقوة وطرق الباب لحظات وفتح والدها الباب وعينيه ينبعث منها الغضب والحنق قال فارس سريعاً :
- يا عمى عاوز اتكلم معاك الله يخاليك مش كده ...
قال والدها بغضب :
- قلتلك ملكش عندى بنات للجواز وياريت تطلقها بالذوق بدل ما نروح المحاكم
سمع فارس صوت بكائها من الداخل فأستشاط غضباً .. لايستطيع أن يراها أو يطمئن عليها وهى وحيده حتى والدتها تخلت عنها وتركتها معه بمفردها لم يستطع ان يتحكم فى أعصابه أكثر من ذلك فهتف فيه :
- وانا مش هطلقها دى مراتى ومش هطلقها حتى لو هى اللى طلبت الطلاق بنفسها وبعدين ليه كل ده كل ده علشان حكمت بشرع ربنا وأنت حتى مش عاوز تسمعنى لما اقول كل اللى عندى
لم يجد اجابة من ابو يحيى إلا أن صفع الباب فى وجهه مرة واحده بدون سابق انذار .. ضرب فارس سور الدرج بقبضته حتى آلمتة بشدة وهو يهتف بحنق :
- والله ده حرام حرام اللى بيحصل ده
لحقت به والدته وأخذته وهبطت به للأسفل وهى تقول :
- تعالى يابنى أستنى لما النفوس تصفى وبعدين نتكلم معاه تعالى أحكيلى أيه اللى حصل
 أما فى غرفة مُهرة  فقلد كانت تبكى وتشهق وهى تضع يدها على فمها حتى لا تصدر صوتاً يستفزه من جديد وهو واقف أمامها مصدراً لأوامره وهو يقول :
- مفيش خروج ولا دخول ولا جامعه ولا غيره خلاص وتليفونك هيفضل معايا .. وهجيب مراتى التانيه تقعد معاكى هنا وتحرسك ..ويبقى يورينى نفسه بقى سعادت الباشا الدكتور.. تراجعت فى فراشها حتى ألتصقت بالحائط وضمت ركبتيها إلى صدرها وهى تأن أنين المعذبين وتدفن رأسها بين قدميها وتشكوا بثها وحزنها لله وحده
وبالفعل هاتف زوجته الثانية وأمرها أن تاتى ببعض ملابسها لتكون بجوار مُهرة مراقبة لتصرفاتها فى غيابه وقص عليها ماحدث.. بالفعل كانت زوجته سعيده بما فعل بأم يحيى وأنها أنتصرت على ضرتها وآلمتها وستؤلمها أكثر حينما تنام فى فراشها وتتحكم فى أبنتها وجاءت مسرعة إليه ...
بات فارس ليلته وقد جفاه النوم وذاق السهاد مستلقياً على فراشة ينظر للأعلى يتأمل سقف الغرفة .. غرفتها فوقه تماماً لا يفصلهما عن بعضهما البعض سوى سقف الغرفة فقط ظل مصوب نظراته إليه  تكاد أن تخترقه لتراها وترى حالها الان وتعود إليه تخبره عنها .. ماذا تفعل هل تبكى هل تضم قدميها إليها كما تفعل دائماً عندما تشعر بالوحدة ؟..
يود أن يمده يدها لينتشلها مما هى فيه يود أن يأخذها بين ذراعيه ويحتضنها بقوة ليشعرها بالأمان .. أنا هنا يا حبيبتى ..لا تجزعى ... لا تخافى ..لا تفزعى .. لاتحزنى .. أطمئنى وأسكنى صدرى كما سكنتى قلبى دائماً ...
وفى الصباح أخبرته والدته أن زوجة أبيها جاءت لتسكن معهم فى نفس الشقة أستشاط غضبا وهو لا يعرف ماذا يفعل لا يريد أن يتدخل بشكل أكثر قوة حتى لا تفسد العلاقات بين العائلتين أكثر من هذا وكان مضطراً للحاق بعمرو فى النيابه ليتعرف على نتيجة تقرير هيئة الآثار ..
توجه الى النيابة من جديد وهناك كانت النتيجة ليست مفاجئةً له بل كما توقع تماماً .. يقول مفتش الآثار الخبير بأن القطعة الآثرية التى عرضت عليه قطعة حقيقية غير مزيفة .. شكك فارس فى نتيجة الفحص وطالب بفحصها مرة أخرى عن طريق لجنة أخرى .. تم الاستجابة لطلبة وأعيدت لعرضها على لجنة أخرى ..
تقدم عمرو تجاه فارس وهو يقول بقلق :
- هنعمل أيه دلوقتى يا فارس
تنهد فارس وقد ظهرت علامات الأستياء على وجهه وهو يقول :
- زى ما قلتلك بالظبط هنسبقهم بخطوه المره دى
نظر له عمرو متعجباً وقال :
- مالك يا فارس فى حاجه مضايقاك
أومأ فارس براسه وهو يشعر أنه يحمل هماً تنوء منه الجبال وقص على عمرو ما حدث بالأمس مع والد مُهرة .. ما كاد ينتهى من حديثة حتى وجد والدته تتصل به بألحاح أجابها على الفور فقالت بإضطراب :
- مرات حماك التانيه خبطت عليا وقالتلى أن جوزها راح يشوف محامى علشان يرفع قضية طلاق
أغمض فارس عينيه وقال بحزن :
- طيب يا ماما اقفلى دلوقتى معلش وهبقى أكلمك تانى
نظر إليه عمروهو يقول في إضطراب :
- حصل ايه
خالطت ابتسامة متهكمة حزينة شفتيه وهو يقول :
- حمايا شكله كان بيتلكك علشان يطلقها مني راح يدور على محامى يرفع قضية الطلاق
وضع عمرو يده على كتف فارس وهو يقول مطمئناً :
- متخافش مش أنت واثق أنها عايزاك
أطلت نظرات القلق والحزن من عينيه وهو يقول :
- أنا خايف عليها اوى يا عمرو  لوحدها فى وسط كل ده

*********************************************
ذهب فارس بصحبة عمرو كما أتفقا مسبقاً لهيئة الآثار ليحاول فارس أستباق نادر بخطوة كما كان  يخطط من قبل .. صافحه فارس وهو يعرفه بنفسه ويقدم الكارت الشخصى الخاص به مبتسماً ... نظر مفتش الآثار الى الكارت ثم الى فارس متفحصاً له وهو يضيق عينيه ثم قال متسائلا :
- هو مش حضرتك كنت بتشتغل فى مكتب الدكتور حمدى مهران
أنتبهت حواس فارس وهو يومىء ببطء قائلا:
- ايوا هو حضرتك تعرفنى قبل كده
أبتسم الرجل وهو يهز راسه قائلا :
- سبحان الله الدنيا صغيرة أوى .. هو حضرتك مش فاكرنى ولا ايه يا استاذ فارس
تأمله فارس قليلاً محاولا تذكره ثم قال :
- الحقيقة هو شكل حضرتك مش غريب عليا بس مش فاكر بصراحه
استند الرجل إلى مكتبه وشبك اصابع كفيه فى بعضهما وقال بتاثر :
- مش فاكر الراجل اللى مراته رفعت عليه قضية طلاق وعلشان مكنش عاوز يديها حقوقها جالكوا المكتب بتاعكوا وكان عاوز يتهمها فى شرفها ظلم ويفترى عليها وأنت قعدت تنصحه وتقوله حتى لو هانت عليك مراتك أزاى عيالك يهونوا عليك تلطخ سمعتهم بالشكل ده وميقدروش يرفعوا راسهم قدام الناس بعد كده وفضلت تذكره بالله لحد ما قام مشى من قدامك وهو بيقول أنا مش عارف هو ده مكتب محاماه ولا جامع ..
أنتبه فارس متذكراً وهو ينظر إلى الرجل وقد عرفه وقال بدهشة :
- مش معقول!
أومأ الرجل براسه وهو يقول :
- شفت بقى الدنيا صغيرة ازاى ؟
أطرق فارس مفكراً وقد شعر برفض طلبه قبل أن يطلبه وحاول ان يبحث عن مخرج آخر لعمرو الذى كان ينظر إليهما بحيرة ودهشة لا يعرف ماذا يقول .. قطع مفتش الاثار شروده وهو يقول موجهاً حديثه لفارس :
- أؤمرنى يا أستاذ فارس حضرتك كنت جايلى ليه
رفع فارس رأسه ببط ونظر فى عينيه وهو يقول بأحباط :
- الحقيقة أنا كنت جاى متحمس بس دلوقتى مبقتش عارف هتساعدنى ولا لاء
نظر له الرجل بابتسامة ونهض من خلف مكتبة وجلس على المقعد أمامه ووضع يده على قدم فارس وهو يقول ممتناً :
- أنت ليك جميل فى رقبتى عمرى ما هنسهولك ابداً
علت الدهشة وجه فارس وهو ينظر إليه بصمت فاردف الرجل قائلا:
- أنا بعد ما مشيت من عندك فكرت فى كلامك كويس وضميرى فضل ينقح عليا وأنا بسمع كلامك عمال يدور جوا عقلى وفضلت طول الليل صاحى مش عارف أسمع أى حاجه غير الحوار اللى دار بينا فى المكتب عندك ... حسيت أنى ندل وأنى كنت هلوس سمعت ست شريفه عاشرتها سنين طويلة مشفتش منها غير كل شرف وامانه .. كنت هضيع مستقبل ولادى وسمعتهم علشان العند .. علشان بس أثبتلها أنها مش هتاخد منى حاجه غصب عنى بالمحاكم .. وأكتشفت أنى مقدرش أستغنى عنها وأن الموضوع كله كان عند فى عند .. روحتلها وأعتذرتلها وأتصالحنا ومن يومها وانا شايلك جميلك ده فى رقبتى وبدعيلك ليل نهار ...
رغماً عنه لمعت الدموع فى عينيه وهتف فى قلبه :
- يااااه يا ما أنت كريم يارب .. صحيح اللى عند ربنا مبيضعش ابداً
ربت الرجل على قدمة مرة اخرى وقال مطمئناً :
- قولى بقى أنت عاوزنى أساعدك فى أيه وأنا رقبتى ليك
خرج فارس وعمرو من هيئة الآثار وقد بدت السعادة فى عينيى كل منهما وقال له فارس بحماس :
- شفت بقى مش قلتلك أن ربنا مش هيسيبنا ابدا
رفع عمرو يده للسماء وهو يقول :
- الحمد لله يارب .. ثم نظر إلى فارس متسائلا وهو يقول :
- ودلوقتى المفروض هنعمل أيه الخطوه اللى جايه
أبتسم فارس بمكر وهو يقول :
- الخطوة الجايه هما اللى هيعملوها مش أحنا وساعتها هيبقوا كتبوا نهايتهم بأديهم

بمجرد أن أنتهى مفتش الآثار من وضع الملفات التى بيده فى درج مكتبه حتى سمع طرقات خفيفة على باب حجرته ورأى رجلين يراهما لاول مرة ... مد نادر يده يصافحه وهو يقول :
- أقدملك نفسى مهندس نادر
وأشار إلى صاحبة وقال :
- وده الأستاذ باسم المحامى ..
وأردف قائلاً :
- عاوزين حضرتك فى كلمتين وهنمشى على طول
أبتسم مفتش الاثار إليهما أبتسامة واثقة وقال :
- أتفضلوا .. خير يا بهوات
بدأ نارد فى مساومته فى التقرير الذى سيقدمة للنيابة عن قطعة الآثار ولكن الرجل تظاهر بالتردد قائلا بحنكة :
- بس المبلغ ده صغير أوى على العمليه دى
تدخل باسم وحاول أقناعه بطريقته الخاصه فى الحديث وأنتهت المقابله على وعد منه بالتفكير قائلا:
- أدونى يومين أفكر وبعدين تجولى نتكلم فى التفاصيل
تبادل باسم ونادر نظرات الانتصار وقال باسم :
- يبقى أتفقنا معادنا بعد يومين
خرج نادر بصحبة باسم من عند الرجل الذى تبسم بثقة وهو يخرج هاتفه النقال ليجرى أتصالاً هاماً ....
***************************************

- أيه أنت مش هتروح بيتك ولا ايه ...
قال فارس تلك العبارة وهو يمشى بجوار عمرو الذى كان يسير بجواره فى طريقة الى بيت والدته .. فقال عمرو:
- لا أنا هبات عند أبويا النهارده أصل حماتى تعبانه شويه  ومراتى وأختها بايتين عندها
ثم ألتفت إلى فارس وقال متسائلا:
- وأنت مش رايح المكتب
هز فارس راسة نفياً وقد علت قسمات وجهه سحابة حزن  وقال :
- ماليش نفس أعمل حاجه خالص يا عمرو ..أنا هروح البيت يمكن أعرف اشوفها ولا أكلمها
ربت عمرو على كتفه وحاول أن يكون مرحاً وقال :
- أنا مكنتش أعرف أنك هيمان أوى كده يا عم فارس
ألتفت إليه فارس بصمت حزين ثم سار فى طريقة ..
ودعه عمرو ثم دخل بيت والدته بينما دلف فارس إلى بنايته المقابلة له صعد الدرج ولكنه لم يطرق باب شقته وأنما صعد درجات عدة أخرى ووقف أمام بابها لا يعرف ماذا يفعل .. أفتقدها بشدة يريد أن يملىء عينيه بوجهها البرىء ولو لمرة واحدة فقط ,, وقف مترددا تدور الافكار برأسه تعذبه وتقتله .. وأخيرا وضع رايته مستسلماً وهبط درجات السلم مرة أخرى متوجهاً الى شقته .. وضعت والدته طعام العشاء أمامه على المائدة وهو شارداً فى وجوم وكأنه فى عالم آخر عاقدا ذراعيه أمام صدره وقد تقابلا حاجبية بشدة  ..
 وضعت يدها على يده وهى تقول بهدوء :
- مش هتاكل يا فارس
أوما برأسه وأمسك ملعقته وظل يعبث فى طبقة الذى أمامه وهو مطرق الرأس وقد عاد الى وجومة الدائم  فقالت :
- يابنى مش كده ده أنت مكلتش من أمبارح ولا بتدوق طعم النوم حتى
تنهد بقوة وقال بأسى :
- مش عارف أعمل أيه يا ماما ياريتنى ما كنت كتبت الكتاب كنا عملنا الفرح على طول
رفع رأسه إليها وهو يقول بضعف :
- ماما أنتى مبتشوفيهاش خالص؟
شدت على يده وهى تقول بسعادة مصطنعة:
- شوفتها النهارده وهى نازله مع مرات أبوها وكان شكلها باين عليه أنها كويسه
نظر إليها بلهفة وقال على الفور :
- كلمتيها
أبتسمت وقالت :
- كلمتها وهى مرات أبوها هتمنعنى أكلمها كمان.. وبتسلم عليك وبتقولك متقلقش عليا
خفق قلبه وضغط على يد والدته دون ان يشعر وهو يقول :
- بجد يا ماما بجد كويسه
أبتسمت والدته وهى تؤكد له ما قالته ثم عادت لتكمل طعامها فى صمت بعد ان رأته قد بدا فى تناول طعامه .. نظرت إليه نظرة خفية بأسى وهى تهتف داخلها ..
- أقولك أيه بس  يابنى أقولك الورده دبلت فى يوم وليلة من كتر الهم والبكى ..

وقفت مهرة فى الليل فى نافذتها ترجو أن تراه ولو لمرة واحدة تطل برأسها للأسفل بشدة لعلها تلمح ظله فتفاجأت بصوت زوجة أبيها تقول ساخرة من خلفها :
- أدخلى من الشباك يا بت أنتى ابوكى قال مفيش واقفة فى الشبابيك
ألتفتت إليها مُهرة وعادت الى الوراء وأغلقت النافذة بهدوء فهى لا تريد أن تدخل فى مجادلة كلاميه مع هذه المرأة على الاطلاق .. جلست على الفراش بعد أن أغلقت النافذة وتناولت أحد الكتب بجوارها وشرعت فى قراءتها فنظرت إليها زوجة أبيها نظرات ساخرة وعادت أدراجها من حيث أتت ..
بعد قليل دخل يحيى بعد طرق الباب عليها وأطل بوجهه فتبسمت له وقد لمعت الدموع فى عينيها فأقترب منها وجلس بجوارها وأمسك يدها وهو يقول بإشفاق :
- متزعليش نفسك بكره أبوكى يصفى ويرجع فى كلامه
أنسابت العبرات على وجنتيها وهى تقول متسائلة :
- ماما عامله أيه
أومأ برأسه وهو يقول :
- ما أنتى عارفه أنها قاعده عند خالتك وبتسلم عليكى وبتقولك متزعليش منها هى مشيت وسابتك فى ساعة غضب ومعرفتش ترجع تانى من لما أبوكى جاب مراته هنا
أطرقت براسها وقالت له متسائلة :
- وأنت يا يحيى قاعد فين دلوقتى؟
قال مبتسماً :
- عند واحد صاحبى هو مش من هنا أصلا من الارياف .. ومأجر أوضه هنا علشان الدراسه وأنا قاعد معاه ومرتاح متقلقيش عليا
أطرقت براسها ثانية وهى تقول بأسى :
- يارب دايما تبقى مرتاح يا يحيى
نظر إليها بشفقة ورفع وجهها إليه بيده وقال مبتسماً :
- هخاليكى تشوفيه متزعليش
أمسكت ذراعيه بلهفة وهى تهتف به :
- بجد يا يحيى
أشار لها أن تخفض صوتها ثم قال بخفوت :
- اه والله صدقينى بس أدينى يومين كده .. ماشى ؟..
أومأت برأسها فرحاً وهى تمسح دموعها براحتيها وهى تقول ممتنة:
- متشكرة اوى يا يحيى ربنا يخاليك .. بس يومين كتير أوى مينفعش قبل كده
كتم ضحكته وهو يقول بمرح :
- طب أعملى مكسوفة طيب ..
فكر قليلا ثم قال :
-  طب أستنى
نهض وأتجه الى الباب ليطمئن أن زوجة أبيه لا تتجسس عليهما وبعد ان أطمئن تماماً أخرج هاتفه وهو يقول لها بخفوت :
- تعرفى توطى صوتك على الاخر وأنتى بتتكلمى فى التليفون ؟
قفزت من فراشها فرحاً كالفراشة وقالت بخفوت مماثل :
- ربنا ميحرمنيش منك يا يحيى
أشار لها أن تفتح النافذة وتطل منها وهى تتحدث  حتى لا يظهر صوتها خارج الغرفة  بينما وقف يحيى مراقباً من طرف خفى حتى لا يحدث أى هجوم مباغت من زوجة أبيه عليهما وهى تتحدث فى الهاتف ..
 أنتفض فارس وهو مستلقى فى فراشة سابحاً فى شروده وذكرياته على صوت رنين الهاتف .. نظر إليه فوجد رقماً غريباً غير مسجل لديه فزفر بضيق ..تركه وعاد الى أسترخاءه وأفكاره  من جديد وهو لايعلم أن نصفه الاخر الذى اشتاق إليه ويفكر فيه هو من يهاتفه الآن ...
جذب يحيى الهاتف من مُهرة ووضعه فى جيبه فى اللحظه التى دخلت فيها زوجة أبيه واضعة يدها فى خصرها قائلة :
- أنت هتبات هنا ولا أيه يا يحيى
تنحنح بحرج وهو يقول :
- لا أنا ماشى دلوقتى
قالت بابتسامة صفراء :
- براحتك يعنى أنا مش قصدى أمشيك ولا حاجه
ربت يحيى على كتف مُهرة وهو يقول بنظرة تفهمها :
- هجيلك بكره ماشى
أومأت له مُهرة برأسها وهى تمسك بيده التى على كتفها
خرج يحيى من غرفتها وأتجه الى باب الشقة مباشرة حتى لا يحدث احتكاك بينه وبين زوجة أبيه فينتج عنه مشكله اخرى مع أبيه ..
خرج وأغلق الباب خلفه بينما جلست مُهرة على فراشها محتضنة قدمها كما تفعل دائما وتنظر لأرضية الغرفة وكأنها تناديه وتحاول أن تخترقها لتراه ..
خرج فارس يقف فى نافذة غرفته يستنشق هواء الفجر العليل ويملىء به رأتيه بقوة ويزفر بهدوء وهو يسبح ويستغفر كما تعلم من بلال .. نظر للأعلى مرات عديدة يتلمس ظلها أو ضوء غرفتها سمع صوت هاتفه فهرول إليه ونظر فيه فظفر بضيق عندما وجد اسم عمرو هو المتصل .. كان يعتقد انها هى ولكن أنقطع الامل .. عاد مرة اخرى الى النافذة
وهو يجيب عمرو بحنق :
- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أيه اللى مصحيك لحد دلوقتى يابنى أنت
قال عمرو مشاكساً :
- أنا كنت قلقان شويه وقفت فى الشباك لقيت العاشق الولهان واقف هو كمان عمال يبص لفوق يمكن يعرف يشوف الست جوليت ولا حاجه
نظر فارس الى البناية التى تقبع عن يمين بنايته قليلا فوجد عمرو يقف فى الشرفة ويشير إليه بيده واضعا الهاتف على اذنه وقال :
- معلش بقى شوفتنى أنا طبعا عارف أنك كان نفسك تشوف حد تانى النهارده
تنهد فارس بعمق وهو يقول بشوق :
- وحشتنى أوى يا عمرو
قال عمرو مبتسماً :
- معلش يا روميو أصبر بكره تبقى فى بيتك
هتف فارس بغضب وهو يضرب سور الشرفة بيده :
- أمتى بس يا عمرو وأزاى بعد اللى حصل ده
أنتفض جسدها وهى تجلس على فراشها ضامةً لركبتيها بعد أن سمعت صوته ياتى إليها ويتسلل الى مسامعها فى سكون الليل وقد نامت العيون وخلا الاحبة بعضهم الى بعض .. خرجت سريعاً من غرفتها لتتأكد من أن الجميع نيام ثم عادت الى غرفتها ووضعت حجابها على شعرها وفتحت النافذة وأطلت منها  بنصف جسدها تقريباً فرأته وهو يتحدث فى الهاتف بغضب,, أبتسمت وهى تنظر إليه كم أفتقدته كم أشتاقت إليه وإلى نظرة عينيه العاشقة ... تفاجأ فارس بعمرو وهو يقول له بمرح :
- قول لجوليت تدخل جوه شويه لحسن هتقع كده
استدار فارس كليةً بجسده وهو ينظر للأعلى فرآها لم يستطع أن يتبين ملامحها جيدا وعينيها بسبب الظلام ولكن رآها ورأته أبتسم عمرو وعاد أدراجه الى الداخل وأغلق الشرفه ليتركهما وحدهما يخطفا من الوقت لحظات كفيله بأن تعيد إليهما الحياة من جديد..
أرسل لها قبلة فى الهواء بيده أستقبلتها بقلبها الذى عانقها بقوة وضمها داخله ككنز ثمين لا ينفك أن يتركه ابداً ..ضمت يدها الى صدرها وهى تنظر إليه كأنها تضمه هو .. لمحت والدها آتى من بعيد فأشارت إليه وعادت للداخل سريعاً ...... ... عاد فارس للداخل وحاله كحال الظمآن الذى بلل شفتيه بلسانه ........
***********************************************

ها يا حضرة الظابط أيه الاخبار .. قالها فارس وهو يجلس فى المقعد المقابل للضابط  الذى قال بثقة :
- كل حاجه ماشيه زى ما أحنا متفقين بالظبط .. باسم ونادر هيتسجلهم ويتقبض عليهم متلبسين بالرشوة
أبتسم فارس بسعادة وهو يقول بأمتنان :
- الحقيقة يا فندم مش عارف أشكر حضرتك أزاى .. ثم تنحنح فى حرج وهو يقول بحيرة :
- هو ليه حضرتك عرضت عليا المساعده فى الموضوع ده رغم أن القضية مكانتش معاك من الاول وكانت مع ظابط تانى
أبتسم الضابط وقال :
- فاكر قضية القتل اللى طليقتك كانت ماسكاها أهو انا كنت الظابط اللى عرضوا عليه رشوة علشان يغير اقواله فيها من يومها وأنا متابع القضية دى وعرفت اللى حصل معاك وأستجدعتك أوى ده غير أنى كنت متأكد إن فى حد تانى بيساعد وائل وبيخططله من بعيد من غير ما يورط نفسه فى الحكايه ...
ثم استند بظهرة الى المقعد وهو يقول بتصميم:
- ولما عرفت موضوعك أنت وعمرو بالصدفه حبيت أساعدك وواحده واحده اتأكدت أن باسم ليه علاقة بالموضوع ده كمان واللى زى باسم ده عاوزله تخطيط جامد أوى وأدله قوية علشان نقدر نقضى على فساده ولا زم نحط أيدنا فى أيد بعض علشان نعرف نحوط عليه كويس أوى وميعرفش يطلع من ثغرات القانون اللى هو حافظها كويس ..
أستدرك فارس قائلا:
- يعنى خلاص مش فاضل غير التسجيل وبعدين نطلع أمر بالقبض عليهم
أومأ الضابط برأسه وقال مؤكدا :
- التسجيل هيتم بكره زى ما أتفقنا مع خبير الاثار فى نفس اليوم بالليل هنقبض عليهم إن شاء الله
نظر إليه فارس بإعجاب وهو يقول :
- نفسى اسألك سؤال بيلح عليا دايما
أومأ الضابط براسه فقال فارس :
- أنت ليه مخفتش لما وائل هددك
ضحك الضابط وقال :
- وائل ده كان شكله يضحك أصلا وبعدين بيعرض الرشوة بسذاجه غريبة كده علشان كده كنت متأكد أن فى حد وراه عاوز يوديه فى داهيه  ..
ثم ضحك بشده وهو يتذكر جلسته مع وائل وقال :
- تصدق يا دكتور فارس أنى لما قلتله حرام وهنروح من ربنا فين قالى هو أنت مش مربى دقنك ليه
ضحك فارس وهو يقول :
- هو يعنى محدش بيرفض الرشوة غير اللى ملتحين بس أما حاجه عجيبه اوى
تنهد الضابط وقال بشرود :
- أعذره يا دكتور الناس واخده فكره عن الظباط أن كلهم زى بعض ..ثم استند بيديه على مكتبه وهو يقول بأسى :
- احنا فينا محترمين ومتدينين  وأصحابى وأعرفهم شخصيا بس مع الاسف بالنسبه للفاسدين نكاد نكون مش باينين اصلا
شعر فارس بالاسى الذى يكسو نبرة صوته فأراد ان يغير مجرى الحديث بمداعبة وقال :
- بس أنت غيظته وقلتله أنك هتربي دقنك بس مش دلوقتى
ضحك الضابط ضحكات رنانه وهو يقول :
- تصدق والله مكنش قصدى أغيظه انا قلتله اللى فى قلبى
قال فارس بأهتمام :
- وهو شغلكوا يسمح بكده
زفر الضابط بقوة وهو يردف :
- وأيه اللى يمنع اذا كان فى ضباط مسلمين فى دول أوروبا ملتحين ومحدش بيقولهم حاجه وشايفين شغلهم تمام وهما فى دول نصارى أصلا ودين الدوله  الاول النصرانيه حتى الدول اللى فيها بوذيين عندهم ظباط مسلمين ملتحين ومحدش بيتكلم معاهم  ..
ثم لمعت عيناه وهو يقول بتحدى :
- بس عندى أمل فى بلدنا أنها هتتغير فى يوم من الايام  ان شاء الله

*********************************************************
- أهلا أهلا أتفضلوا .. أتفضل يا بشمهندس نادر أتفضل يا استاذ باسم ...
أبتسم باسم وهو يجلس وينظر إلى مفتش الاثار بثقة :
- أفهم من المقابلة الحلوه دى أن التقرير خلاص اتكتب زى ما أتفقنا
هتف نادر :
- طبعاً هى دى عايزة سؤال
فرك الرجل يديه بشغف وهو يقول :
- ولو أنها مسؤلية كبيرة بس أنا مقدرش حد يقصدنى ف حاجه وأرجعه أيديه فاضيه
أستند باسم على مكتبه وهو يقول :
- وأحنا كمان مش هنرجعلك أيديك فاضيه
قال نادر بلا  مبالاة :
- مسؤلية أيه بس ياراجل اللى بتتكلم عنها أنت كتبت تقرير زى اللى أتكتب قبل كده من واحد تانى خالص يبقى أنت معملتش حاجه جديده يعنى بالعكس ده أنت أكدت على كلام زميلك
أومأ باسم برأسه وهو يقول مؤكدا :
- بالظبط كده ومتخافش مش هيقدروا يشككوا فى ده كمان
قال الرجل بلامبالاة وكأن الامر لا يعنيه :
- لمؤاخذه يعنى فى السؤال هو أنتوا ليه بتدفعوا الفلوس دى كلها علشان القضيه تلبسوا أنتوا بتكرهوا أوى كده؟
قال له باسم بحدة :
- الموضوع ده ميخصكش أنت ليك تاخد فلوسك وخلاص
حرك الرجل رأسه وقال مؤكداً :
- معاك حق وأنا مالى خلاص أتفقنا تجولى هنا بكره الصبح ومعاكوا الفلوس وهوريكوا نسخه من التقرير اللى أتكتب
نهض باسم ونادر وهما ينظران الى بعضهما البعض بأنتصار وقالا بثقة :
- تمام أوى كده
*************************************

كان نادر بصحبة باسم فى شقتة الخاصة ليلاً بينما سمع باسم صوت رنين هاتف المنزل فقال نادر بقلق :
- أيه ده مين بيكلمك دلوقتى
نهض باسم متوجهاً إلى الهاتف وهو يترنح ثملاً وضع سماعة الهاتف على اذنه وقبل أن يجيب سمع صوت أنثوى يصيح به :
- أنتوا ايه اللى أنتوا عملتوه ده يا أغبيا
نظر باسم لسماعة الهاتف وهو يعقد جبينه بدهشة ثم أعادها على أذنه مرة أخرى وهو يقول بتشتت :
- أنتى مين يا ست أنتى
صاحت بغضب :
- أنت غبى أنت واللى معاك وهتدفعوا تمن غبائكوا ده غالى أوى
ضحك باسم وهو يقول بترنح :
- أهدى بس يا حلوة
صرخت فيه بشدة :
- بقى علشان أنت بتكره واحد والغبى اللى معاك بيكره التانى تقوموا تلفتوا النظر لينا ولشغلنا والعين تبقى علينا .. اللى عملتوا ده مش هيعدى بالساهل ابدا ... وأنهت المكالمة بعنف .. نظر باسم الى سماعة الهاتف بأستنكار وهو يهوى الى المقعد بجوار الهاتف ويهتف :
- طب متعرفناش طيب
نهض نادر قائلا:
- فى ايه يا باسم من دى
ناوله باسم الكأس فى يده وهو يقول مترنحاً :
- أشرب ياعم أنت خالينا نفرفش شويه أنت مالك رخم كده ليه النهارده

**********************************************************
جلست عزة بجوار عبير فى بيت والدتهما وهى تقول بأستنكار:
- يعنى أيه يا عبير يعنى الراجل المتدين بس هو اللى مش بيتخانق مع مراته
قالت عبير بثقة :
- لاء مش قصدى أنا قصدى أقولك أن الراجل الملتزم هو اللى ليه حدود حتى فى مشاكله يعنى بمجرد ما تقوليله اتقى الله يبتدى يراجع نفسه ويقول اللهم اجعلنى من المتقين ..
لكن الراجل التانى لو قلتيله اتقى الله هيصرخ فيكى ويقولك طب ما تتقيه انتى ياختى ولا ممكن يقولك قصدك ايه يعني ... قصدك انى كافر ..
قصدى ان الملتزم ليه سقف معين بيقف عنده مهما عمل بيخاف من ربنا فى الاخر ويخاف لو ظلمك ربنا يقتص منه فى الدنيا والاخرة
مطت عزة شفتيها وقالت باستسلام :
- فى دى معاكى حق عمرو ساعات لما بقوله اتقى الله يقولى لما تتقيه انتى الاول .. بس بصراحه ده كان قبل ما يدخل المعتقل مع فارس وبلال لكن من بعدها بقى أحسن كتير فى معاملاته كلها ..
ثم قالت بمرح :
- يعنى لو كنت أعرف كده كنت لما جه يتقدملى كنت قلتله لاء اقعد شويه مع فارس وبلال وبعدين ابقى تعالى اتقدم
حركت عبير رأسها وهى تقول :
- اه اه صح علشان كان قطع رقبتك ساعتها ولا انتى ناسيه انه كان حساس قد ايه من اى كلام منك على فارس فاكر لما زعل منك
زفرت عزة وهى تقول بحنق :
- متفكرنيش بالايام دى .. الحمد لله أنها عدت من غير ما حد ياخد باله من مشاعرى دى
رفعت عبير حاجبيها وقالت :
- ومين قالك ان محدش خد باله .. والدة فارس كانت واخده بالها والجديد بقى ان مُهرة كمان كانت عارفه
حدقت عزة بها وهى تقول :
- بتقولى ايه يا عبير .. مُهرة عارفه انى كنت بحب فارس ..
أومأت عبير برأسها مبتسمة وهى تضع ولدها على الفراش بعد أن نام على ذراعها وقالت بخفوت :
- أنتى فاكراها عبيطه ولا ايه ولا ناسيه انها كانت ملازمه لفارس ووالدته من وهى صغيرة وقاعده عندهم فى البيت على طول
أسندت عزة راسها على راحتها وهى تقول بحرج :
- يادى الكسوف .. وانا بكلمها عادى وهى بتكلمنى عادى ولا باين عليها حاجه
ضحكت عبير بخفوت وهى تنهض وتجلس على الاريكة بجوار النافذة فتبعتها عزة وجلست بجوارها وهى تقول :
- ده انا كده هتكسف احط عينى فى عنيها تانى
هزت عبير راسها نفياً وهى تقول :
- بتهزرى ... يابنتى هى عارفه أن الكلام ده كان زمان قبل ما تتجوزى عمرو
عقدت عزة ذراعيها امام صدرها وقالت بتبرم:
- وأنتى عرفتى ازاى اصلا توقع كده ولا هى لمحتلك
رفعت عبير كتفيها وقالت :
- مش هى دى  المشكله دلوقتى أنا مش عارفه ايه اللى فتح السيرة دى ..أحنا دلوقتى فى مشكلة مُهرة وباباها لازم أكلم بلال يدخل ويحاول يحلها بطريقته... ياريتك يا عزة قولتيلى أول ما عمرو قالك
لوحت عزة بيديها وهى تقول :
- ياختى نسيت مش شايفه ماما كانت تعبانه ازاى
دفعتها عبير لتنهض وهى تقول بمكر :
- طب أمشى بقى شوفيلك حته تنامى فيها علشان عاوزه أكلم جوزى شويه براحتى
رفعت عزة حاجبها وهى تقول :
- بتطردينى من أوضتى أصلا ماشى يا عبير .. وبعدين أنتى فاكرانى ماليش جوز انا كمان ولا ايه طب انا بقى هروح البلكونه ونقعد نشاور لبعض زى الحبيبة ...
ثم ضحكت وخرجت من الغرفة وأغلقت الباب خلفها
أخرجت عبير هاتفها وهاتفت بلال وبمجرد ان اجابها حاولت أن تغير نبرة صوتها وهى تقول :
- مين معايا
كان بلال مستلقياً على الفراش يستعد للنوم فابتسم وهو يتكا على جنبه الايمن وقال :
- حضرتك انتى اللى متصله
قالت عبير بدلال :
- طيب ممكن نتعرف .. اصل صوتك عاجبنى اوى
أعتدل جالساً على الفراش بحماس وقد أعجبته اللعبة وقال :
- بس أنا متجوز
رفعت كتفيها وهى تقول برقة :
- وايه يعنى الشرع محلل اربعة
قال هامساً :
- بس انا بحب مراتى ومفيش واحده غيرها تملى عينى حتى لو كان الشرع محلل عشره
كتمت ضحكتها وقالت بتبرم  :
- خلاص بلاش جواز نتعرف بس
هتف ضاحكاً :
- أيه ده يا عبير أنتى أنحرفتى أمتى يا حبيبتى
ضحكت وهى تقول :
- ياسلام يعنى دى اللى وقفت عندها يعنى
قال بحنق :
- كده برضه تضحكى الضحكه دى وأنتى بعيد عنى طب انا هاجى أخدك دلوقتى
حاولت ان تخفض صوت ضحكاتها و تسائلت قائلة :
- ياسلام يعنى هتضحى بوقت نومك وتنزل وتيجى تاخدنى
همس قائلا بحرارة :
- الضحكه دى تخالينى أضحى بعمرى مش بنومى بس
قالت على الفور:
-  لالا أنا بهزر معاك أهدى كده علشان احكيلك على حاجه مهمه اوى تخص فارس ومُهرة
أنتبه وأرهف سمعه لها وهى تقص عليه ما قاله عمرو لعزة فى الهاتف عن مشكلة فارس ومُهرة وحتى هذه اللحظة ......

****************************************
أستيقظت مُهرة فزعة على صوت صراخ زوجة أبيها وهى توقظها صائحه :
- قومى معايا ياختى  بقولك قومى
نهضت مُهرة بفزع وهى تصيح :
- فى أيه
صرخت بوجهها :
- جيرانى أتصلوا بيا وقالولى أن شقتى أتسرقت قومى يالا تعالى معايا
نهضت مُهرة سريعاً من فراشها وتوجهت للحمام على الفور توضأت وعادت لحجرتها أرتدت ملابسها وزوجة ابيها تصرخ :
- بسرعة ياختى لسه هتقعدى تلفى عشر سنين فى الطرحة دى
قالت مُهرة بارتباك وهى تحاول لف خمارها :
- حاضر حاضر
غادرتها زوجة ابيها وهى ترتدى حذائها وعادت إليها تصرخ بها يالا يالا ...ارتبكت مُهرة اكثر ووضعت دبوس الحجاب فى يد أصبعها فتالمت بشدة وهى تنظر لاصبعها الذى أخذ يقطر بعض قطرات الدم وهى تبحث عن منديل ورقى لتضعه عليه
فصاحت زوجة ابيها بغضب :
-  أنا هسبقك وتعالى ورايا يا غندورة متتأخريش ياختى أنتى عارفه البيت كويس
تركتها وهبطت درجات السلم فى عجلة منها ..لفت مُهرة الخمار مرة أخرى ووضعت الدبوس بحرص هذه المرة ثم أرتدت حذائها وهبطت تهرول على درجات السلم .. وفجاة شعرت بيد تجذبها بقوة وتدخلها للداخل ووجدت نفسها فى شقة فارس وبين يديه ...
*********************

إلي هنا ينتهي الفصل الثانى والثلاثون من  رواية مع وقف التنفيذ لدعاء عبدالرحمن، 
تابعونا على صفحتنا على الفيس بوك من هنا للمزيد من الروايات الأخري
تابع الفصل الثالث والثلاثون والأخير من رواية مع وقف التنفيذ لدعاء عبدالرحمن 




اقرأ أيضا رواية آدم ولانا

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة