-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية السعي من أجل البطولة | مورغان رايس - الفصل السادس عشر

مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص الخيالية و روايات مترجمة علي موقعنا قصص 26  وموعدنا اليوم مع الفصل السادس عشر من رواية السعي من أجل البطولة وهي الكتاب الأول من "سلسلة طوق الساحر" للكاتب مورغان رايس وهي السلسلة التي تمتلك كل المقومات لتحقيق النجاح.
سنغوص سويا داخل سلسلة طوق الساحر وعبر أجزائها المتتالية في عالم من المؤامرات و المؤامرات المضادة و الغموض و الفرسان الشجعان و العلاقات المزدهرة التي تملئ القلوب المكسورة, الخداع و الخيانة. 
سوف تقدم لك الترفيه لكثيرٍ من الوقت, وستتناسب مع جميع الأعمار. لذلك نوصي بوضعها في المكتبة الدائمة لجميع قرّاء القصص الخيالية.

رواية السعي من أجل البطولة | مورغان رايس - الفصل السادس عشر

رواية السعي من أجل البطولة | مورغان رايس
رواية السعي من أجل البطولة

رواية السعي من أجل البطولة | مورغان رايس (الكتاب الأول في "سلسلة طوق الساحر") 

الفصل السادس عشر

مشى تور على طول الطريق الترابية المعبّدة جيداً, محاطاً بكلٍّ من ريس و أوكونور و إيلدين. كانوا لا يزالون في صدمة فبالكاد تحدّث أحدهم بكلمةٍ إلى الآخر منذ مغادرتهم. نظر تور إلى ريس و أوكونور مع شعورٍ بالامتنان لم يعرفه من قبل. كان بالكاد يمكنه تصديق أنهم وضعوا أنفسهم في مرمى النار من أجله بهذه الطريقة. لقد شعر أنّه وجد أصدقائه الحقيقيين, بل أكثر من مجرد أخوة. ليس لديه فكرة أبداً عمّا يخبأ لهم في كانيون, ولكن مهما كان فعليهم مواجهته. لقد كان سعيداً بوجودهم إلى جانبه.
لقد كان يحاول تجنّب النظر إلى إيلدين. و قد تمّكن من رؤيته وهو يركل الصخور بحرقة وغضب, و استطاع رؤية الضيق والانزعاج الذي تملّكه لوجوده هنا, في هذه الدورية معهم. لكن تور لم يشعر بأي أسفٍ اتجاهه. كما قال كولك قد قال, هو بدأ كلّ شيء, لقد عاقبه بشكل عادل.
شرع الرعاع الأربعة بالمشي في طريقهم, يتبعون الاتجاهات. كانوا مشوا لعدة ساعات وكان ذلك في وقتٍ متأخر من الظهيرة, وبدأ التعب يتسلل إلى ساقيّ تور وقد كان جائعاً أيضاً. لم يكن قد أُعطي إلا وعاءً صغيراً من حساء الشعير ولكنه كان يأمل ببعض الطعام الذي يمكن أن ينتظره حيث كانوا ذاهبين.
ولكن كان يملك قلقاً أكبر من ذلك. نظر إلى الأسفل إلى سلاحه الجديد, وعرفَ أنه لم يُعطي له إلّا لسبب مهمٌ . قبل طردهم أُعطي إلى أربعتهم درعٌ جديد من الجلد يُرتدى كالترس. وقد تمّ إعطائهم أيضاً سيوفاً قصيرةً من المعدن الغليظ, الذي لا يتمّ استخدامه أصلاً في صناعة سيوف الفرسان, ولكن بكل تأكيد أفضل من لا شيء. إنه شعور جيد أن يملك سلاحاً كبيراً على وسطه, إضافةً إلى مقلاعه الذي لا زال يحمله بالتأكيد. وعلى ارغم من ذلك كان يعرف أن الأسلحة والدروع التي أعطيت لهم لن تكون كافية إذا واجهتهم ورطة حقيقة في تلك الليلة.
لقد كان يتوق إلى تلك الأسلحة والدروع العظيمة التي يحملها رفاقه في الفيلق: السيوف المتوسطة والطويلة من أرقى المعادن والرماح القصيرة و الصولجانات والخناجر والفؤوس. ولكن هذه الأسلحة كانت تُعطى إلى الأولاد أصحاب الشهرة والشرف الذين ينتمون إلى الأسر الشهيرة, والذين يمكنهم أن يحملوا مثل هذه الأشياء وليس إلى تور ابن الراعي البسيط.
كانوا يسيرون في الطريق اللا منتهي خلال وقت الغروب وبعيداً عن بوابات الترحيب في البلاط الملكي, باتجاه الفجوة البعيدة في كانيون, لم يكن باستطاعة تور أن يفعل شيء ولكنه يشعر بأنّ ذلك كله كان خطأه. لسببٍ ما كان يبدو أن بعض أعضاء الفيلق لا يحبون تور, كما لو أنهم يستاؤون من وجوده. لم يعني ذلك له شيئا ولكن أعطاه شعوراً بالإحباط, لم يكن يريد شيئا من حياته أكثر من الانضمام إليهم. الآن هو يشعر أنه وصل إليهم عن طريق الغش. هل من الممكن أن يقبله أقرانه بشكل حقيقيّ؟
الآن والأهم من كل ذلك أنّه قد أرسل إلى كانيون. لقد كان ذلك غير عادل. لم يكن قد بدأ بالمعركة حتى وعندما استخدم قوته أيّاً كانت لم يكن ذلك من أجل أي هدف. ما زال لا يفهم قوته ولا يعرف من أين أتت وكيف تمّ استدعائها أو كيف تم إيقافها, لم يكن ينبغي أن يُعاقب على ذلك.
لم يكن لدى تور فكرة عن معنى أن يكون في كانيون, ولكن حسب تعبير الآخرين من الواضح أنه لم يكن شيئاً مرغوبا به. وتساءل عمّا إذا كان يمشي إلى حتفه, إذا ما كان طريقهم هذا هو الذي سيخرجه من الفيلق. كان مصمماً على عدم الاستسلام.
"كم تبعد كانيون؟" قال أوكونور كاسراً حاجز الصمت.
"ليست بعيدةً جداً" أجابه أيديلين "لولا تور لما وقعنا في هذه الورطة".
"أنت بدأت المعركة, هل تذكر؟" قاطعهم ريس.
"ولكنني قاتلت بنزاهة وهو لم يفعل" احتج إيلدين "إضافة إلى ذلك هو يستحق هذا".
"لماذا؟" سأل تور, كان يرغب بمعرفة الجواب الذي كان يحترق لمعرفته منذ فترة, "لماذا استحق ذلك؟".
"لأنك لا تنتمي إلى هنا, مثلنا. لقد سرقت مكانك في الفيلق. لقد تم اختيارنا . أما أنت فقد قاتلت من أجل انضمامك إلى الفيلق ."
ولكن أليس هذا ما يعنيه الفيلق ؟القتال؟" أجاب ريس "برأيي أن تور يستحق مكانه أكثر من أيّ واحدٍ منّا. نحن تمّ اختيارنا فحسب. هو ناضل وحارب للحصول على ما لم يعطى له"
تجاهل إيلدين ذلك ولم يكن راضياً عنه.
"القواعد هي القواعد. لم يتم اختياره. ينبغي ألّا يكون معنا. ولهذا السبب أنا أقاتله."
"حسناً, أنت لن تجعلني أذهب بعيداً" أجاب تور وهناك رجفة في صوته, كان يحاول أن يكون مقبولاً.
"سوف نرى من أجل ذلك" تمتم إيلدين بغضب.
"وماذا تعني بكلامك؟" سأل أوكونور.
إيلدين لم يكلف نفسه بأكثر من ذلك, فقط واصل المشي بصمت. شعر تور بالامتعاض. لقد شعر كأنّه حصل على الكثير من الأعداء, على الرغم من أنّه لم يفهم لماذا. لم يعجبه هذا الشعور.
"لا تعره أيّ اهتمام" قال ريس لتور, وبصوت عالٍ بما فيه الكفاية ليسمعه الآخرون. "أنت لم تفعل أيّ شيء خاطئ. لقد أرسلوك إلى كانيون لأنهم رأوا قوةً في داخلك. هم يريدون أن يجعلوك قوياً, لولا ذلك لم يكونوا ليهتموا لأمرك. وكانت أنظارهم موجهةً إليك أيضاً لأنّ أبي اختارك لتكون واحد منّا. هذا كل ما في الأمر."
"ولكن ما هي خدمة كانيون" سأل ذلك.
كحّ ريس ونظر بقلق.
"لم أعرف ذلك بنفسي من قبل ولكن سمعت قصصاً عنه, من الأطفال الأكبر سناً ومن إخوتي. إنّه خدمة دورية حراسة ولكن في الجانب الأخر من كانيون."
"الجانب الآخر؟" سأل أوكونور والرعب في صوته.
"ماذا تعني بالجانب الآخر؟" قال تور وهو لا يفهم ذلك.
تأمله ريس.
"هل ذهبت من قبل إلى كانيون؟"
استطاع تور أن يشعر أنّ الآخرين ينظرون إليه وهزّ برأسه.
"أنت تمزح" قاطع إيلدين.
"حقاً؟" تابع أوكونور "ولا مرةً واحدةً في حياتك؟"
تور هزّ رأسه واحمر وجهه "والدي لم يأخذنا إلى أيّ مكان, لقد سمعت عنها."
"أيها الولد ألم تخرج قط من قريتك؟" قال إيلدين.
تجاهل تور ذلك بصمت. ألم يكن ذلك واضحاً؟
"لم يفعل" أضاف إيلدين بسذاجة "هذا لا يصدق"
"اخرس" قال ريس "اتركه وشأنه. هذا لا يجعلك أفضل منه."
نظر إيلدين إلى ريس بازدراء ووضع يده على غمده لفترة وجيزة, ولكنه عاد واسترخى بعد ذلك. رغم أنّه أكبر سناً من ريس ولكن على ما يبدو أنّه لم يكن يريد أن يستفز ابن الملك.
"وادي كانيون هو الشيء الوحيد الذي حفظ مملكتنا وأبقى الطوق آمنة" قال ريس موضحاً "لا شيء آخر وقف بيننا وبين جحافل العالم. إذا استطاعت الجحافل من البراري اختراق كانيون, سوف ننتهي جميعاً, و رجال الملك من أجل حمايته. لدينا دوريات حراسة في كل الاوقات ,غالباً على هذا الجانب وفي بعض الأحيان على الجانب الآخر. هناك جسر واحد فقط من أجل العبور, طريق واحد للدخول والخروج والنخبة من فرقة الفضة تقف وتراقبه على مدار الساعة".
سمع تور عن وادي كانيون طيلة حياته, سمع قصصاً مرعبة عن الشر الموجود على الجانب الآخر, وعن إمبراطورية الشر الهائلة التي تحيط بالطوق, وكيف كان الخوف قريباً منهم في حياتهم. هذا هو أحد الأسباب التي جعلته يريد الانضمام إلى الفيلق: من أجل المساعدة في حماية أسرته ومملكته. كان يكره فكرة أن الرجال هناك دائماً لحماية المملكة باستمرار بينما هو يعيش مرتاحا في أحضان المملكة. أراد ان يقدم خدماته ويساعد في محاربة جحافل الشر. لم يستطع أن يتخيل شيئا أكثر شجاعةً من هؤلاء الرجال الذين يحرسون معبر كانيون.
"إنّ كانيون هي أميال ممتدة وتحيط بالطوق بأكملها" قال ريس "ليس من السهل اختراقها. وبطبيعة الحال فرجالنا ليسوا الشيء الوحيد الذي يبقي الجحافل بعيداً عنا. هناك الملايين من تلك المخلوقات هناك في الخارج, وإذا أرادوا أن يتجاوزوا وادي كانيون لاستطاعوا ذلك بلحظة. القوة الحقيقية التي تبقيهم بعيداً هي قوّة السيف."
التفت تور "السيف؟"
نظر إليه ريس "سيف القدر. هل تعرف الأسطورة؟"
"هذا الولد الساذج ربّما لم يسمع عن ذلك حتى" أضاف إيلدين.
"بالطبع أنا أعرف ذلك" قاطعه تور مدافعاً. هو لم يكن يعرف الأسطورة فقط, بل أمضى أيضأ العديد من أيام حياته وهو يفكر بتلك الأسطورة, كان دائماً يريد أن يراها. أسطورة سيف القدر. السيف السحري الذي يحمي الطوق بطاقته, والذي ملأ وادي كانيون بالقوة الخارقة التي تحمي الطوق من الغزاة.
"السيف موجود في بلاط الملك؟" سأل تور.
أومأ ريس برأسه "لقد عاش ضمن العائلة الملكية لأجيال, وبدونه فإن المملكة لا شيء. بدونه سيتم اجتياح الطوق."
"إذا كانت محميّة فلماذا كل هذا العناء في دوريات الحراسة لكانيون؟" سأل تور.
"السيف يصد التهديدات الكبرى فقط" أوضح ريس "المخلوقات الصغيرة يمكنها التسلل من هنا وهناك, لذلك نحن بحاجةٍ إلى رجالنا. يمكن لأحدهم أو لمجموعةٍ صغيرةٍ منهم عبور كانيون, قمن الممكن أن يكونوا جريئين جداً لمحاولة عبور الجسر. أو من الممكن أن يتخفوا ويتسلقوا جدران كانيون وينزلوا منها من أحد النهايات هنا أو هناك. لذلك من واجبنا إبقائهم خارجاً, مخلوقٌ واحد من هذه المخلوقات يمكن أن يسبب الكثير من الأذى. منذ سنوات تسلل أحدهم وقتل نصف أطفال إحدى القرى قبل التمكّن من القبض عليه. السيف يقوم بالجزء الأكبر من العمل ولكن نحن جزءٌ لا غنى عنه أيضاً."
استغرق تور في التفكير بكلّ شيء وهو يتعجب. لقد بدت كانيون عظيمة جداً, فواجبهم هذا في غاية الأهمية, بالكاد يستطيع التصديق أنّه سيكون جزءً من هذه الغاية العظيمة.
"ومع كل ذلك, أنا لم أوضح ذلك بشكلٍ جيد" قال ريس. "هناك أكثر من ذلك عن كانيون" وسكت بعدها.
نظر إليه تور ورأى شيئاً من الخوف أو التعجب في عينيه.
"كيف يمكنني تفسير ذلك؟" قال ريس, كان يحاول إيجاد الكلمات المناسبة. تنحنح..."كانيون أكبر منا بكثير. كانيون هي..."
"كانيون هي مكان الرجال" قالها بصوت مدويّ.
اتجهت أنظارهم جميعاً إلى مصدر الصوت, صوت دعسات الحصان.
اتسعت عيون تور. وقف بجانبهم, في عتاده الكامل ودرعه, مع أسلحته الطويلة البرّاقة المعلقة على جانب حصانه الرائع, لقد كان إيريك. نظر إليهم بابتسامة خفيفة وأبقا عيناه على تور.
كان تور في حالة صدمة.
"إنّه المكان الذي سيجعلك رجلاً" قال إيريك "إن لم تكن رجلاً بالفعل."
لم يكن تور قد رأى إيريك منذ مباراة المبارزة التي قام بها, لقد شعر بالارتياح الشديد لوجود فارسٍ حقيقيٍ معهم أثناء توجههم إلى كانيون, وهو إيريك بنفسه. لقد شعر تور أنّه لا يُقهر بوجود إيريك معه, كان قد صلى من أجل أن يأتي معهم.
"ماذا تفعل هنا؟" سأل تور. "هل سترافقنا؟" سأله تور ذلك على أمل ألّا يبدو متلهفاً جداً لذلك.
أعاد إيريك ظهره إلى الوراء وضحك.
"لا داعي للقلق أيها الشاب" قال إيريك "أنا ذاهبٌ معكم."
"حقاً؟" سأل ريس.

" إنّه تقليدٌ لأعضاء فرقة الفضة لمرافقة أعضاء الفيلق في دوريتهم الأولى. وأنا تطوعت."
نظر إيريك إلى الأسفل محدّقاً بتور.
"وعلى كلّ حال, أنت ساعدتني بالأمس."
شعر تور بقلبه ينبض بشدّة, بوجود إيريك. كما شعر أنّه ارتفع بأعين أصدقائه. ها هو هنا الآن ويرافقه أعظم فارسٍ في المملكة, أثناء توجههم إلى كانيون. لقد ذهبت معظم مخاوفه بعيداً.
"أنا لن أخرج معكم في الدورية بكلّ تأكيد" أضاف إيريك "ولكنّني سأقودكم عبر الجسر وإلى مخيمكم. ومن هناك سيكون واجبكم الخروج في الدوريات وبالتأكيد وحدكم."
"إنّه شرفٌ عظيمٌ لنا, سيدي" قال ريس.
"شكراً لك" قال أوكونور و إيلدين.
نظر إيريك إلى تور وابتسم. "إضافةً إلى ذلك, إذا كنت تريد أن تكون مرافقي الأول, لا يمكنني أن أسمح لك بالموت الآن."
"الأول؟" سأل تور وكاد قلبه أن يقفز من مكانه.
"فايتجولد كسر ساقه في مباراة المبارزة, ولن يستطيع العودة قبل ثمانية أسابيع على أقل تقدير. سوف تكون الآن المرافق الخاص بي. وتدريبنا سوف يبدأ قريباً, أليس كذلك؟"
"بكل تأكيد, سيدي." أجاب تور.
كان تور غارقاً في افكاره. وللمرة الأولى منذ فترة طويلة شعر بأنّ الحظ أخيراً قد رافقه. لقد أصبح الآن حامل دروع أعظم فارسٍ في المملكة, لقد شعر أنّه أصبح متفوقاً على جميع اصدقائه.
تابع خمستهم المسير متجهين غرباً, وإيريك يمشي ببطءٍ بحصانه إلى جانبهم.
"أعتقد أنك ذهبت إلى كانيون, سيدي؟" سأل تور.
"مرات عديدة" ردّ إيريك. "في دوريتي الأولى, في الحقيقة كنت في مثل سنّكم."
"وكيف كانت؟" سأل ريس.
التفت الفتية الأربعة إلى إيريك ونظروا إليه باهتمام, وهم سارحون في التفكير. بقي إيريك يقود حصانه بصمتٍ لبعض الوقت وينظر إلى الأمام. وتكلم بعدها. "المرة الأولى لك تبقى تجربةٌ لا تنساها أبداً. من الصعب أن أشرحها لكم. إنّه مكانٌ غريب وغير مألوف وغامض وجميل. على الجانب الآخر تكمن مخاطر لا يمكن تصوّرها. الجسر المستخدم للعبور طويلٌ و شاهق. هناك العديد منّا يقوم بالدوريات ولكن دائماً تشعر أنك وحيد. إنها الطبيعة بأفضل حالاتها. إنها تجعل الرجل يتخوّف من ظله. رجالنا قاموا بدوريات هناك لمئات السنين, إنها بمثابة طقوس للتحول. لا يمكنك أن تفهم الخطر دون أن تعيش ذلك ولن تصبح فارساً دون ذلك."
عاد إيريك للصمت مجدداً. نظر الفتية إلى بعضهم البعض بقلق.
"هل ينبغي بنا أن نتوقع بعض المواجهات على الجانب الآخر؟" سأل تور.
رفع إيريك كتفه وبدون مبالاة "بمجرد الوصول إلى البراري كل شيء يصبح ممكناً. غير مرجح ولكنه ممكن."
نظر إيريك إلى الأسفل باتجاه تور.
"هل تريد أن تصبح مرافقاً عظيماً, وفي أحد الأيام فارساً عظيماً؟" سأل إيريك وهو يحدق بتور مباشرةً.
خفق قلب تور بسرعة كبيرة.
"أجل يا سيدي, أكثر من أيّ شيء آخر."
"من أجل ذلك هناك أشياءٌ يجب أن تتعلمها" قال إيرك. "القوة ليست كافية, خفة الحركة ليست كافية, أن تكون مقاتلاً عظيماً أيضاً لا يكفي. هناك شيءٌ آخر, شيء أكثر أهمية من كل ذلك."
عاد إيريك للصمت مرة أخرى, ولكن تور لم يستطع الانتظار أكثر.
"ما هو؟" سأل تور "ما هو الشيء الأهم؟"
"يجب أن تكون روحك سليمة" أجاب إيريك. "لا تخاف أبداً. يجب عليك أن تدخل أحلك الظروف, وتدخل المعارك الأكثر خطورة برابطة جأش تامّة. يجب ان تبقى رباطة الجأش هذه معك أينما كنت وأينما ذهبت. لا تخشى شيء كن دائماً على أهبة الاستعداد. لا تسترخي أبداً كن مجداً دائماً. لا يجب أن تتوقع الحماية من أحدٍ بعد الآن. أنت لم تعد مواطناً بعد الآن, أنت الآن واحدٌ من رجال الملك. الصفات الأعظم للمحارب هي الشجاعة ورباطة الجأش, لا يجب عليك أن تخاف من الخطر, توقعه دائماً ولكن لا تسعى إليه."
"الطوق التي نعيش فيها الآن هي مملكتنا" أضاف إيريك. "يبدو وكأننا مع كلّ رجالنا نقوم بحمايتها من جحافل العالم, ولكننا لا نفعل ذلك. نحن نحميها فقط عن طريق الكانيون, وعن طريق السحر الموجود داخله. نحن نعيش في طوق الساحر, لا تنسى ذلك. نحن نعيش ونموت بواسطة السحر. يا فتى, لجوينا يوجد أمنٌ هنا على جانبيّ وادي كانيون. أزل السحر وأزل الشعوذة, نحن لا نملك شيئاً."
تابعوا مسيرتهم بصمت لفترة من الزمن, بينما كان تور يقلّب كلام إيريك في عقله مراراً وتكراراً. شعر بأنّ إيريك كان يعطيه رسالة خفيّة من خلال كلامه, كما لو أنّه كان يقول له, مهما كانت القوة التي يملكها ومهما كان السحر الذي يستدعيه فلا يوجد شيءٌ يُخجل به. بل في الواقع إنّه شيءٌ يمكن الافتخار به فهو مصدر كل الطاقة في المملكة. شعر تور بتحسن, لقد كان يشعر أنّه أُرسل إلى كانيون كعقوبة له على استخدامه السحر, وكان يشعر بالذنب حيال ذلك. ولكنه يشعر الآن بأنَّ قوته مهما كانت قد تصبح مصدراً للفخر.
نظر إيرك إلى الأسفل باتجاه تور.
"لقد تمكنت بالفعل من صنع بعض الأعداء الأقوياء في البلاط الملكي" قال إيريك والابتسامة تعلو وجهه. "على ما يبدو يوجد لديك بعض الأعداء كما يوجد لديك بعض الأصدقاء."
شعر تور بالإحراج واحمرّ وجهه.
"لا أعرف كيف, يا سيدي. لم أكن أنوي ذلك."
"لا يتم اكتساب الأعداء بالنوايا. غالباً ما يتم اكتسابهم عن طريق الحسد, وقد تمكنك من صنع الكثير منهم. هذا ليس بالضرورة أمراً سيئاً, لقد كنت وسط كثيرٍ من التكهنات."
قام تور بحكِّ رأسه محاولاً أن يفهم.
"ولكنني لا أعرف لماذا."
بقي إيريك ينظر مستمتعاً بذلك.
"الملكة بنفسها من بين خصومك الكبار. لقد تمكنت بطريقةٍ ما من أن تكون في جانبها الخاطئ."
"أمي؟" سأل ريس. "لماذا؟"
"هذا هو السؤال الذي كنت أتساءل به في نفسي" قال إيريك.
شعر تور بشعورٍ رهيب. الملكة؟ عدو؟ ما الذي فعله لها؟ لم يستطع تصوّر ذلك. كيف يمكن أن يكون مهماً لهذه الدرجة حتى تتنبه له الملكة؟ إنّه بالكاد فهم ما الذي كان يجري حوله.
فجأةً تبادر شيءٌ لذهنه.
"هل هي السبب في إرسالي إلى هنا؟ إلى كانيون؟" سأل تور.
ادار إيريك رأسه ونظر إلى تور مباشرةً, وازدادت الجديّة في كلامه.
" قد تكون كذلك." قال إيريك وهو يفكر " من الممكن أن تكون."
تفاجئ تور بحجم وقدرة الأعداء الذين صنعهم, لقد اوقع نفسه في ورطةٍ لا يعرف شيئاً عنها. أراد فقط أن يصبح منهم. لقد اتبع شغفه وحلمه فقط, وفعل كلّ ما بوسعه لتحقيق ذلك. لم يفكر أبداً ما الذي ممكن أن يحصل, و أنه سيثير الحسد أو الغيرة. لقد قلّب ذلك مراراً وتكراراً في ذهنه كلغزٍ ما, ولكنه لم يستطع الحصول على إجابةٍ عن هذا اللغز.
بينما كان تور يقلّب هذه الأفكار, وصلوا إلى قمة إحدى الهضاب. جميع الأفكار التي تخيلوها عن أيّ شيءٍ آخر من قِبل, ذهبت بعيداً عندما رأوا هذا المشهد. تنفّس تور الصعداء, ليس من هول المشهد فقط بل من الرياح القويّة ايضاً.
كانت كانيون تمتد أمامهم على مدِّ نظرهم. كانت هذه المرة الأولى التي يرى تور فيها كانيون, لقد صدمه المشهد كثيراً لذلك تسمّر في مكانه تماماً, غير قادرٍ على الحراك. كان مشهداً مهيباً وأروع شيءٍ قد رآه في حياته. كانت الفجوة الكبيرة في الأرض تبدو كأنها تمتد إلى اللانهاية, كان الجسر الضيق يمتد من جانبٍ واحدٍ فقط, مغطاً بالجنود. بدا الجسر كأنه يمتد إلى أقصى الأرض.
كان وادي كانيون يتوهج بألوان الأخضر والأزرق في لحظات الغروب, وأشعة الشمس البرّاقة ترتد على جدرانه. شعر تور بساقيه مرة أخرى وبدأ بالمشي مرة أخرى, وأخذوا يقتربون أكثر فأكثر من الجسر, حتى أصبح قادراً على النظر إلى الأسفل, عميقاً في منحدرات كانيون, يبدو أنها تنخفض إلى باطن الأرض. لم يكن بإمكان تور أن يرى القاع حتى, ولم يعرف إذا كان ذلك بسبب أن كانيون ليس له قاع أصلاً أو بسبب أنّه كان مغطّاً بالضباب. بد أن أعمار الصخور التي تصطف على أطراف المنحدرات ملايين السنين, لقد تشكلت بسبب العواصف التي هبّت منذ قرون عديدة. كان أكثر مكانٍ بدائيٍ رآه في حياته. لم يكن لديه أدنى فكرةٍ أنّ كوكبه واسعٌ إلى هذا الحد وحيويٌّ ونشيطٌ إلى هذا الحد.
لقد بدا ذلك كما لو أنّه عاد إلى بداية الخلق.
سمع تور لهاث الآخرين من حوله. كانت أفكار أربعتهم أن القيام بدوريات في هذا المكان يبدو شيئاً مثيراً للسخرية. لقد شعروا أنهم أقزام في هذا المكان من هول المشهد فقط.
بينما كانوا يسيرون باتجاه الجسر, كان الجنود متصلبين على الجانبين, فاتحين طريقاً للدورية الجديدة. شعر تور بنبضه يتسارع.
"أنا لا أفهم كيف يمكن لأربعتنا القيام بدوريات هنا" قال أوكونور.
" قال إيلدين ساخراً "هناك العديد من الدوريات إلى جانبنا هنا, نحن مجرد قطعةٍ واحدةٍ في هذا الجهاز."
بينما كانوا يسيرون نحو الجسر, كان الصوت الوحيد الذي يسمعونه هو صوت الريح العاتيّة وأحذيتهم وحصان إيريك. كانت دعسات الحصان تترك صوتاً مطمئناً, الشيء الوحيد الذي تعلّق به تور في هذا المكان الخيالي.
لم يتفوه أحدٌ من هؤلاء الجنود المصطفين بحذر بأيّ كلمة, وقد كان انتباههم مشدوداً إلى إيريك.
كان يجب على الفتية أن يمروّا على المئات منهم. لاحظ تور على جانبي الطريق تلك الأشياء المعلقة بالمسامير الطويلة, لقد كانت رؤوس الغزاة البرابرة, بعضها لا يزال طازجاً و يقطر الدم منه.
ذهب تور بتفكيره بعيداً, هذه الرؤوس جعلت كل شيءٍ حقيقياً النسبة إليه. لم يكن يعرف إذا كان مستعداً لذلك. حاول ألّا يتصور تلك الاشتباكات العديدة التي وقعت والتي أسفرت عن هذه الرؤوس وأدت إلى فقدان تلك الأرواح. حاول ألّا يفكر بما ينتظره على الجانب الآخر. تساءل إذا كان سيتمكن من العودة. هل هذا هو الغرض من هذه الحملة كلها؟ من أجل أن يتخلصوا منه؟
نظر إلى الحافة وإلى المنحدرات التي تمتد إلى ما لا نهاية, سمع صياح طائرٍ من بعيد ولكنه كان صوتاً لم يسمعه من قبل. تساءل عن نوع هذا الطائر, تساءل ما هي أنواع الحيوانات الغريبة الأخرى التي تنتظره على الجانب الآخر.
ولكنّ ما كان يقلقه حقيقةً ليست تلك الحيوانات أو حتى الرؤوس المعلقة بالمسامير, كان الشعور الذي يخلّفه هذا المكان يقلقه أكثر من أيّ شيءٍ آخر. لم يتمكن من معرفة إذا كان الضباب أو عويل الرياح أو ضخامة هذه السماء المفتوحة أو أشعة غروب الشمس هو السبب في ذلك, ولكن شيئاً متعلقاً بهذا المكان كان عجيباً جداً, وهذا الشيء انتقل إليه وتسرب في داخله. لقد شعر أنَّ طاقةً سحريّةً ثقيلةً ألقيت عليه. تعجب عمّا إذا كانت قوة السيف أم بعض القوى القديمة الأخرى. شعر كما لو أنّه لا يعبر تلك الأرض فقط, بل يعبر إلى عالمٍ آخر من الدنيا.
منذ أيامٍ قليلةٍ فقط كان يرعى الأغنام في قريته الصغيرة. لم يستطع أن يصدق ذلك, للمرة الأولى في حياته سوف يقضي الليل على الجانب الآخر من كانيون ومن دون أيّة حماية.
*********************
إلي هنا ينتهي الفصل السادس عشر من رواية السعي من أجل البطولة | مورغان رايس
تابع جميع فصول الرواية من هنا: جميع فصول رواية السعي من أجل البطولة
تابعوا صفحتنا على الفيس بوك للمزيد من روايات حب
أو أرسل لنا رسالة مباشرة عبر الماسنجر باسم القصة التي تريدها
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة