-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية السعي من أجل البطولة | مورغان رايس - الفصل الثامن والعشرون

مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص الخيالية و روايات مترجمة علي موقعنا قصص 26  وموعدنا اليوم مع الفصل الثامن والعشرون من رواية السعي من أجل البطولة وهي الكتاب الأول من "سلسلة طوق الساحر" للكاتب مورغان رايس وهي السلسلة التي تمتلك كل المقومات لتحقيق النجاح.
سنغوص سويا داخل سلسلة طوق الساحر وعبر أجزائها المتتالية في عالم من المؤامرات و المؤامرات المضادة و الغموض و الفرسان الشجعان و العلاقات المزدهرة التي تملئ القلوب المكسورة, الخداع و الخيانة. 
سوف تقدم لك الترفيه لكثيرٍ من الوقت, وستتناسب مع جميع الأعمار. لذلك نوصي بوضعها في المكتبة الدائمة لجميع قرّاء القصص الخيالية.

رواية السعي من أجل البطولة | مورغان رايس - الفصل الثامن والعشرون

رواية السعي من أجل البطولة | مورغان رايس
رواية السعي من أجل البطولة

رواية السعي من أجل البطولة | مورغان رايس (الكتاب الأول في "سلسلة طوق الساحر") 

الفصل الثامن والعشرون

سارع تور إلى ثكنة الفيلق مع بزوغ الفجر, ولحسن الحظ استطاع الوصول قبل بدء التدريب اليومي. كان يحاول التقاط أنفاسه عندما وصل إلى هناك, و كروهن يسير بجانبه, ركض تور إلى الفتية الآخرين بينما كانوا يستيقظون و يستعدون للبدء بالمهام اليومية. وقف تور هناك وهو يلهث, كان مضطرباً أكثر من أي وقتٍ مضى. ولم يكن يعرف كيف سيتمكن من القيام بالتدريبات في هذا اليوم, لقد كان العد التنازلي للدقائق المتبقية حتى وليمة الليلة قد بدأ, حتى يتمكن من تحذير الملك. كان يشعر أنّ ذلك النذير قد جاء إليه بالتحديد ليتمكن من تحذير الملك, مصير المملكة يقع على عاتقه الآن.
ركض تور حتى وصل إلى جانب ريس و أوكونور الذين كانا يشقان طريقهما عبر الميدان. نظر إليهما وهو منهك, وبدأوا بالاصطفاف معاً.
"أين كنت الليلة الماضية؟" سأل ريس.
تمنى تور أن يعرف كيفية الإجابة على هذا السؤال, و لكنه حقاً لم يكن يعرف أين كان بالضبط. ما الذي من المفترض أن يقوله؟ أنّه سقط نائماً على الأرض في مكانٍ بعيد, على جبل أرجون؟ هذا لا يعني أيّ شيء, حتى بالنسبة له.
"لا أعرف," أجاب تور دون أن يعرف كم أخذ ذلك منه وقتاً للإجابة.
"ماذا يعني أنّك لا تعرف؟" سأل أوكونور.
"لقد فقدت طريقي,"
"فقدت طريقك؟" قال أوكونور.
"حسناً, أنت محظوظ لأنك استطعت العودة مرةً أخرى في الوقت المناسب," قال ريس.
"لو أنّك تأخرت في العودة اليوم, لم يكونوا ليسمحوا لك بالمتابعة مع الفيلق مرةً أخرى." أضاف إيلدين وهو ينضم إليهم و يربت بيده الضخمة على كتف تور. "من الجيد أن أراك, لقد افتقدناك بالأمس."
كان تور لا يزال مصدوماً من هذا التغيير الكبير الذي حصل في تعامل إيلدين معه منذ أن كانا على الجانب الآخر من وادي كانيون.
"كيف تسير الأمور مع أختي؟" سأله ريس بصوت خافت.
احمر تور خجلاً, دون أن يعرف بماذا يردّ عليه.
"هل رأيتها؟" أضاف ريس.
"نعم, فعلت. لقد قضينا وقتاً رائعاً, على الرغم من أنّه توجّب علينا الرحيل بصورةٍ مفاجئة."
"حسناً," قال ريس, بينما كانوا جميعاً يصطفون جنباً إلى جنب أمام كولك و رجال الملك, "سوف تتمكن من رؤيتها أيضاً في هذه الليلة. إنّه يوم سعدك, إنها وليمة الملك."
شعر تور بمعدته تنقبض, لقد تذكر حلمه. شعر كما لو أنّ القدر كان يرقص أمام عينيه, ولكنه يقف عاجزاً أمامه, محتّمٌ عليه ألّا يفعل شيئاً, سوى مشاهدة الأمور تتحقق أمامه.
"هدوء!" صاح كولك, بينما بدأ يخطو عدة خطواتٍ أمام الأولاد.
تسمّر تور في مكانه كما فعل الآخرون, و صمت الجميع.
مشى كولك ببطء جيئةً و ذهاباً بين صفوف الأول, يتفحصهم جميعاً.
"لقد استمتعتم بما فيه الكفاية بالأمس, و الآن حان وقت العودة إلى التدريبات. اليوم, سوف نتعلم فنّاً قديماً في حفر الخنادق."
ارتفعت أصوات تساؤلات جماعية بين الفتية.
"صمت!" صاح كولك.
ساد صمتٌ من جديد بين الفتية جميعاً.
"حفر الخندق هو عملٌ شاق," تابع كولك. "و لكنه عملٌ مهم. سوف تجد نفسك في يومٍ من الأيام في البريّة, تقوم بحماية مملكتنا, ولا يوجد أيّ أحد لمساعدتك. سوف يكون الجو بارداً جداً ولا يمكنك أن تشعر بأصابيع قدميك, في سواد الليل, سوف تقوم بأيّ شيءٍ كي تحافظ على بعض الدفء. أو قد تجد نفسك في معركةٍ ما, وتحتاج إي غطاءٍ تحمي به نفسك من سهام الأعداء. قد يكون هناك مليون سببٍ يجعلك تحتاج إلى هذا الخندق, الخندق قد يكون أفضل صديقٍ لك."
ثمّ تابع كولك كلامه, بعد أنّ تنحنح. "الآن, سوف تقضون اليوم كاملاً و أنتم تقومون بالحفر, حتى تحمرّ أيديكم و تنتفخ وتنكسر ظهوركم, و لا يعود بإمكانكم تحمل المزيد. بعد ذلك, عندما تكونون في المعركة, لن يكون الأمر صعباً جداً عليكم."
"اتبعوني!" صاح كولك عالياً.
انطلقت بعض أصوات خيبات الأمل عندما بدأ الفتية بالمسير عبر الميدان, منقسمين إلى صفين, ويتبعون كولك.
"هذا رائع," قال إيلدين. "حفر الخندق, هذا بالضبط ما كنت أودّ قضاء يوميّ فيه!"
""أعتقد أن الأمر سيسوء أكثر," قال أوكونور. "من الممكن أن تمطر."
"نظروا جميعاً إلى السماء, و رأوا بعض السحب تتجمع في المكان.
"من الممكن أن يحدث ذلك, لا تجلب لنا النحس." قال ريس.
"تور!" جاءت صرخةٌ من بعيد.
التفت تور و رأى كولك يصيح له, على الجانب الآخر. ركض بسرعةٍ باتجاهه, متسائلاً عن الخطأ الذي قام به.
"نعم, يا سيدي."
"قام فارسك باستدعائك," قال كولك بفظاظة. "أرسل إيريك بأنه يريدك في القلعة. أنت محظوظ, سوف تكون خارج التدريبات اليوم. سوف تخدم فارسك بدلاً من ذلك, كما سيفعل ذلك جميع المرافقين . و لكن لا تعتقد أنك لن تقوم بحفر الخندق, عندما تعود غداً, سوف تقوم بحفر الخندق الخاص بك بنفسك. و الآن اذهب." صاح كولك.
استدار تور ورأى الكثير من نظرات الغيرة نحوه, ثمّ ركض بسرعةٍ من الميدان متوجهاً إلى القلعة. ما الذي من الممكن أن يكون إيريك يريده منه؟ هل هو شيءٌ له علاقة بالملك؟
*
ركض تور عبر البلاط الملكي, متخذاً طريقاً منحدراً لم يسلك من قبل أبداً. كان هذا الطريق يؤدي إلى ثكنة جنود الفضة. كانت ثكناتهم أضخم بكثير من ثكنات الفيلق و المباني أكبر بمرتين تقريباً مرصوفةً بالنحاس على الأطراف, وكانت الممرات مرصوفةً بالأحجار الجديدة. للوصول إلى هناك, كان على تور المرور عبر بوابةٍ مقوسةٍ كبيرةٍ, كان هناك العشرات من رجال الملك يقفون لحراستها. ثمّ اتسع الطريق قليلاً, كان يمتد خارجاً عبر حقلٍ ضخمٍ ومفتوح. هذا الطريق كان ينتهي عند مجموعةٍ من المباني الحجرية المطوّقة بالسياج , والتي يحرسها العشرات من الفرسان. كان المشهد مهيباً جداً.
عبر تور الطريق بسرعة, ماراً بالحقل المفتوح. كان الفرسان يجهزون أنفسهم لإيقافه على الرغم من أنه ما زال بعيداً جداً. تقدموا عدة خطواتٍ إلى الأمام, و وضعوا رماحهم في منتصف الطريق و هم ينظرون إلى الأمام مباشرةً باتجاهه ويقومون بسدّ الطريق بوجهه.
"لماذا أنت هنا؟" سأله أحدهم.
"أنا هنا كي أقوم بعملي, أنا مرافق إيريك." ردّ تور.
تبادل الفرسان بعض النظرات الحذرة, بينما تقدم أحد الفرسان قليلاً إلى الأمام و أومأ برأسه. تراجع الفرسان إلى الخلف مُبعدين أسلحتهم عن الطريق, و بدأت البوابة تُفتح ببطء وهي تصّر من ثقلها , ومساميرها المعدنية ترتفع عالياً. كانت البوابة ضخمةً جداً, وسمكها لا يقل عن قدمين, لقد رأى تور أنّ هذا المكان محصنٌ حتى أكثر من قلعة الملك.
"البناء الثاني على اليمين, ستجده في الإسطبلات." صاح أحد الحرس.
التفت تور و مضى في طريقه مسرعاً عبر الفناء, مارّاً بمجموعةٍ من المباني الحجيرة. كان كلّ شيءٍ هنا لامعاً وبرّاقاً, و مصنوعاً بدقّة عالية. كان المكان كله يملك هالةً من القوة.
وجد تور المبنى وكان مبهوراً من المشهد الذي أمامه: العشرات من أضخم وأجمل الخيول التي رآها في حياته كانت مقيّدةً في صفوف خارج المبنى, ومعظمها يغطيها الدروع, مما يجعلها برّاقةً ولامعة. كان كلّ شيءٍ هنا أكبر و أعظم.
كان الفرسان الأقوياء يركضون على خيولهم في جميع الاتجاهات وهم يحملون الأسلحة المختلفة, يمرون من خلال الفناء داخلين وخارجين عبر البوابات الكثيرة الموجودة. كان المكان مزدحماً, وشعر تور بأنّ هناك معركة تلوح في الأفق. لم يكن هذا المكان من أجل التدريب, لقد كان من أجل تحضيرات الحرب, الحياة أو الموت.
مرّ تور عبر مدخلٍ مقوّسٍ صغير, ثمّ مشى نزولاً على ممرٍ مظلمٍ من الحجر. أخذ يعبر إسطبلاً بعد إسطبل باحثاً عن إيريك. وصل تور إلى نهاية المكان ولكنه لم يتمكن من إيجاده في أي مكان هنا.
"هل تبحث عن إيريك؟" سأله أحد الحراس.
التفت تور باتجاهه و أومأ برأسه.
"نعم, سيدي. أنا مرافقه."
"لقد تأخرت قليلاً, لقد خرج للتو. هو يجهّز حصانه في الخارج, انطلق بسرعة و ستلحق به."
ركض تور عائداً عبر الممر. مارّاً بالإسطبلات كلها حتى وصل إلى الحقل الخارجي. كان إيريك هناك, يقف أمام حصانٍ أسودٍ ضخم باسل, ذو أنفٍ أبيض. صهل الحصان عالياً بينما كان يصل تور إلى جانبه, التفت إيريك إلى تور.
"أنا آسف, سيدي. جئت بأسرع ما يمكن." قال تور وهو يلهث. "لم أكن أقصد أن أتأخر."
"لقد أتيت في الوقت المناسب," قال إيريك مع ابتسامةٍ كبيرة. "تور, هذا لانين," أضاف إيريك مشيراً إلى الحصان.
صهل لانين و رفع قدميه عالياً, كما لو كان يرحب بتور. تقدم تور من الحصان ورفع يده باتجاهه ثمّ قام بمداعبة أنفه قليلاً, صهل الحصان بهدوء رادّاً عليه.
"إنه حصاني المخصص للرحلات. عندما يكون الشخص برتبة فارس يصبح لديه عدة خيول, كما ستتعلم في المستقبل. هناك حصانٌ من أجل التبارز و واحدٌ من أجل المعارك, و واحدٌ للرحلات الطويلة الفردية. هذا واحدٌ من هذه الخيول التي ستشكلّ صداقةً جيدةً معه. يبدو أنّه أحبك, وهذا جيد."
أخفض لانين رأسه قليلاً واضعاً أنفه في راحة تور, كان تور مندهشاً من روعة هذا المخلوق. كان يستطيع أن يرى الذكاء يشعّ من عينيه. كان ذلك غريباً, شعر تور بأن هذا الحصان يفهم كلّ شيء.
و لكن تور أحسّ بأنّ إيريك قال شيئاً فاته.
"هل قلت رحلةً, مولاي؟" سأل تور بدهشة.
توقف إيريك عن شدّ الأحزمة على الحصان, استدار و نظر إلى تور.

"اليوم يصادف اليوم الذي ولدت فيه, لقد وصلت إلى سن الخامسة والعشرين. هذا يوم خاص, هل تعرف شيئاً عن يوم الاختيار؟"
أومأ تور برأسه بالنفي. "قليلاً جداً, فقط بعض ما أخبرني به الفتية الآخرون, مولاي."
"نحن فرسان الطوق, يجب علينا أن نستمر دائماً, جيلاً بعد جيل. لدينا فرصة حتى عامنا الخامس والعشرون لاختيار عروستنا, و إذا لم نقم بالاختيار حتى ذلك الحين, يحتّم القانون علينا أن نجد واحدةً. لدينا سنةٌ واحدةٌ لإيجادها و إحضارها إلى هنا. و إذا عدنا بدون أيّ عروس, يتمّ إعطاءنا واحدةً من قبل الملك وبذلك نحن نتنازل عن حقنا في الاختيار. لذلك اليوم يجب عليّ البدء برحلتي من أجل العثور على عروس."
حدّق به تور, وهو في دهشة.
"ولكن سيدي, أنت ستغادر؟ لسنةٍ كاملة؟"
شعر تور بضيقٍ في صدره عندما فكّر بذلك, شعر كأن عالمه ينهار من حوله. كانت هذه هي اللحظة التي أدرك فيها تور قدر المحبة التي يكنّها لإيريك, لقد كان يحسه كوالده في بعض الأحيان, وبالتأكيد أكثر من شعوره بالأبوة اتجاه أبيه الأصلي.
"ولكن إذا غادرت, سأصبح مرافق من؟ و إلى أين ستذهب؟" سأل تور.
تذكر تور كم كان إيريك معلقاً به, و كيف أنقذ حياته. كان قلبه حزيناً بسبب فكرة تركه.
ضحك إيريك عالياً, ضحكةً خاليةً من الهموم.
"على أيّ سؤالٍ عليّ أن أجيب أولاً؟" قال إيريك. "لا تقلق, لقد تم تعيينك لفارسٍ جديد و ستكون مرافقه حتى عودتي. كندريك, ابن الملك الأكبر."
قفز قلب تور عند سماع ذلك, شعر تور بأنّه قويٌّ بما فيه الكفاية ليكون مرافقاً لكندريك. لقد كان كندريك أول من نظر لتور و أعطاه أملاً ليكون في الفيلق.
"حتى تنتهي رحلتي, التي لا أعرف إلى أين ستستمر. سوف اتجه جنوباً, نحو المملكة التي انحدر منها. وسأبحث بهذا الاتجاه عن عروستي. إذا لم أستطع أن أجد واحدةً داخل الطوق, من الممكن أن أعبر البحر باتجاه مملكتي, كي أبحث عن واحدةٍ هناك."
"مملكتك, سيدي؟" سأل تور.
أدرك تور أنّه لا يعرف الكثير عن إيريك, عن المكان الذي جاء منه. كان يفترض دائماً أنّه جاء من داخل الطوق.
ابتسم إيريك. "نعم, بعيداً من هنا, بعد البحر. ولكنّ هذه الحكاية سأرويها لك في وقتٍ آخر. سوف تكون رحلتي طويلةً وشاقّة, و يجب أن أعدّ نفسي لذلك. ساعدني الآن فليس لديّ متسعٌ من الوقت. قم بتسريج الحصان وجهّزه بجميع أنواع الأسلحة."
كان عقل تور منشغلاً بالتفكير بينما انطلق للعمل, ركض بسرعةٍ باتجاه مخزن الأسلحة و أنزل الدرع المميّز الفضي و الأسود الخاص بلانين. ركض عائداً باتجاهه, وضع أولاً الدرع الحديدي على ظهر الحصان ثمّ قام بلفه وربطه حول جسمه الضخم. ثم قام بإضافة الخوذة الخاصة المطلية بالمعدن لرأس الحصان.
صهل لانين عندما فعل تور ذلك, بدا كأنه أحب هذه الدروع. كان حصاناً محارباً و رائعاً, استطاع تور الشعور بذلك, بدا مرتاحاً جداً بهذه الدروع كما يكون الفارس الحقيقي.
ركض تور بسرعة محضراً المهمز الذهبي الخاص بإيريك, و ساعد إيريك على تركيبها على قدميه, ثمّ صعد على الحصان.
"أيّ أسلحةٍ ستحتاج يا مولاي؟" سأل تور.
نظر إيريك إلى الأسفل, كان يبدو ضخماً بهذا المظهر كاملاً.
"من الصعب توقع ما قد يواجهه المرء من معارك طوال عامٍ كامل. و لكنني يجب أن أكون جاهزاً للصيد و للدفاع عن نفسي. لذلك بالتأكيد سوف أحتاج إلى سيفيّ الطويل, و أيضاً أودّ أن أحمل سيفي القصير و القوس و جعبة السهام و الرمح القصير والصولجان و الخنجر و درعي. أظن أن هذا يكفي."
" بالتأكيد, سيدي." قال تور مندفعاً للعمل. ركض إلى الرف الخاص بأسلحة إيريك, بجانب إسطبل لانين. كان يحوي على العشرات من الأسلحة, كان هناك مجموعة أسلحةٍ هائلةٍ للاختيار بينها.
تناول تور بعناية جميع الأسلحة التي طلبها إيريك, أحضرها كلّها عائداً إلى إيريك وسلّمه بعضها و وضع البقية في مكانها على الفرس.
جلس إيريك على فرسه, وقام بارتداء كفوفه الواقية الجلدية ثمّ استعد للمغادرة. لم يتمكن تور من الوقوف و مشاهدته وهو يغادر.
"سيدي, أشعر أن من واجبي مرافقتك في هذه الرحلة, أنا مرافقك الخاص في كلّ الأحوال." قال تور.
أومأ إيريك برأسه بالنفي.
"إنها رحلةٌ يجب عليّ القيام بها لوحدي."
"إذاً اسمح لي على الأقل بمرافقتك إلى المعبر الأول؟" سأل تور. "إذا كنت متجهاً إلى الجنوب’ فأنا أعرف هذه الطرق جيداً, أنا من الجنوب."
نظر إيريك إلى الأسفل وهو يفكر بالأمر.
"إذا كنت تريد مرافقتي إلى المعبر الأول فيمكنك ذلك, لا أرى أيّ ضررٍ في ذلك. ولكنه يومٌ صعبٌ لركوب الخيل, لذلك يجب علينا المغادرة الآن. خذ حصاني الخاص بالمبارزة, في الجزء الخلفي من الإسطبل. الحصان البني ذو العرف الأحمر."
ركض تور بسرعةٍ إلى الإسطبل و وجد الحصان. بينما كان تور يمتطي ذاك الفرس, أخرج كروهن رأسه من قميص تور ونظر إلى وجهه وهو يأنّ.
"نحن بخير, كروهن." قال تور مطمئناً إيّاه.
انحنى تور إلى الأمام قليلاً, وضرب الحصان بقدميه حاثّاً إيّاه على الانطلاق, اندفع الحصان خارجاً من الإسطبل. كان إيريك ينتظر تور حتى يصل و حالما رأى تور انطلق يعدو بسرعةٍ على حصانه لانين, لحق تور به بأسرع ما يمكنه.
انطلقا معاً على حصانيهما خارجين من البلاط الملكي عبر البوابة التي قام عدة حرّاسٍ بسحبها و الوقوف على جانبيها. اصطف العديد من فرسان الفضة ينتظرون إيريك ويشاهدونه وهو خارجٌ على حصانه, ثمّ قاموا برفع أيديهم من أجل تحيته.
كان تور فخوراً للخروج معه و لكونه المرافق الخاص به, كان متحمساً لمرافقته حتى لو كان ذلك حتى المعبر الأول فقط.
كان الكثير من الكلام في قلب تور يريد قوله لإيريك و الكثير من الأشياء التي يريد أن يسأله عنها, بالإضافة إلى الكثير الذي أراد شكره من أجله, و لكن لم يكن هناك وقتٌ لذلك. انطلق كلاهما إلى الجنوب, مندفعين عبر السهول و الأراضي المتغيرة باستمرار, بينما كانت فرساهما تسابقان الريح على الطريق الملكي قبل وقت الظهيرة بقليل. بينما كانا يعبران إحدى التلال استطاع تور أن يرى من بعيد أعضاء الفيلق في أحد الحقول, منهمكين بحفر الخنادق. كان تور سعيداً لأنّه لم يكن بينهم. و بينما كان تور ينظر إليهم استطاع أن يرى أحدهم يقف و يرفع يده عالياً ملوحاً نحوه, كان من الصعب على تور أن يعرف من ذلك بسبب أشعة الشمس , ولكنه شعر أنه ريس يقوم بتحيته. رفع تور يده عالياً رادّاً عليه و هو يقود حصانه.
كانت الطرق المعبّدة جيداً تؤدي إلى طرقٍ ريفيةٍ مهملة, كانت هذه الطرق وعرةٌ و ضيقةٌ أكثر و لم تكن أفضل من تلك المسارات التي يطؤها الناس للعبور بين الأرياف. أحسّ تور أنّ هناك خطراً على عامة الناس إذا قاموا بعبور هذه الطرق لوحدهم, خصوصاً في الليل, مع كل هؤلاء اللصوص الذين يترصدون عليها. و لكن تور لم يكن قلقاً بشأن ذلك الآن, خصوصاً مع وجود إيريك بجانبه. في الواقع إذا قام أحد اللصوص بقطع طريقهم, سوف يخشى تور على حياة اللص أكثر من خشيته على نفسه. بالطبع سوف يكون فعلاً مجنوناً لأيّ لص أن يقوم باعتراض طريق أحدٍ من أفراد الفضة.
قاما بركوب فرسيهما طوال اليوم, بالكاد أخذا استراحةً قصيرة, حتى استنفذت قوى تور كاملة و أصبح يتنفس بصعوبة. لم يكن تور يصدق قدرة إيريك على التحمل, و لكنه لم يكن يريد أن يُشعر إيريك بأنه متعبٌ أبداً, خوفاً من الظهور بمظهر الضعيف أمامه.
مرّا على مفترق طرق, تعرّف تور على هذا المكان مباشرةً. عرف تور أنهما إذا اتجها إلى اليمين سوف يؤدي بهم هذا الطريق إلى قريته مباشرةً. للحظة, شعر تور ببعض الحنين في قلبه إلى الماضي, كان جزءٌ منه يريد أخذ هذا الطريق كي يرى والده و قريته. تساءل عن الذي يقوم به والده حالياً, هل هو من يقوم برعاية الأغنام. ترى كيف كان غضبه عندما غاب تور دون أن يعد, هل كان يبالي لغيابه أصلاً. غاب تور لعدة لحظات مشتاقاً لتلك الأشياء التي كان يألفها دائماً. و لكنه في الواقع كان مرتاحاً لهربه من تلك القرية الصغيرة, والجزء الآخر منه لا يريد العودة أبداً إلى هناك.
استمرا معاً بالتوجه إلى الجنوب, أبعد و أبعد, إلى بعض الأراضي التي لم يكن تور قد رآها من قبل أبداً. كان تور قد سمع عن المعبر الجنوبي, على الرغم من أنّه لم يملك أي سببٍ للذهاب إلى هناك ابداً. كان الطريق المؤدي إلى الجنوب واحداً من طرقٍ ثلاثة تلتقي في نقطة واحدةٍ. كان تور قد قضى نصف يومٍ جيدٍ بعيداً عن البلاط الملكي, راكباً هذا الفرس برفقة إيريك, و كانت الشمس بالفعل قد ارتفعت جداً في السماء. تور كان يتعرق بشدّة ويتنفس بصعوبة, بدأ يتساءل بخوفٍ إذا كان باستطاعته أن يعود في الوقت المناسب إلى وليمة الملك هذه الليلة. هل ارتكب خطأً بمرافقته لإيريك بعيداً كل هذه المسافة؟
وصلا إلى قمة تلّةٍ و أخيراً استطاع تور أن يرى ذلك, هناك في الأفق كانت بدون شك تلك علامة المعبر الأول. كانت مميزةً ببرج كبير وضيق, و أعلام الملك تلوح خارجةً منه في الاتجاهات الأربعة بينما كانت مجموعةٌ من أفراد الفضة يقفون على شرفاته. عندما اقترب إيريك منهم, قام أحد الحراس على قمة البرج بإطلاق بوقه, و ببطء ارتفع البوابة عالياً.
كانا يبعدان عدة مئات من الياردات عنهم, و قام إيريك بإبطاء حصانه كي ينزل ويمشي إليهم. أحس تور بشعور سيء عندما أدرك أنّ هذه الدقائق الأخيرة التي يرى فيها إيريك دون أن يعرف متى سيراه مرةً أخرى. ومن يعرف إذا كان سيعود و يراه مرةً أخرى في الواقع. عامٌ كامل كان فترةً طويلة و من الممكن أن يحدث أيّ شيءٍ فيها. كان تور فخوراً أنّه على الأقل استطاع مرافقته, شعر أنّه بذلك قام بواجبه على أكمل وجه.
سارا معاً جنباً إلى جنب مقتربين من البرج, كانا يتنفسان بصعوبة بينما كانت فرساهما كذلك أيضاً.
"من الممكن ألّا أراك لعدة شهور," قال إيريك. "عندما سأعود, ستكون معي عروستي, و قد تتغير الأمور. على الرغم من كلّ الذي سيحصل تأكد أنك ستبقى مرافقي دائماً."
أخذ إيريك نفساً عميقاً.
"بينما أتركك الآن, هناك بعض الأمور التي أريدك أن تتذكرها دائماً. الفارس لا يصبح فارساً بالقوة فقط, بل بعقله. الشجاعة وحدها لا تصنع فارساً, ولكن الشجاعة و الشرف و الحكمة معاً تصنع فارساً حقيقاً. يجب أن تعمل دائماً على تهذيب روحك و عقلك. الرجولة ليست في الانفعالات بل هي الأفعال الحقيقية. يجب عليك أن تعمل على ذلك, قم بتحسين نفسك في كل دقيقة وفي كل يوم."
أكمل إيريك كلامه, "خلال هذه الشهور سوف تتعرف على جميع أنواع الأسلحة, و جميع المهارات. ولكن تذكر أنّ لدينا أهدافاً أخرى أبعد من القتال. أهداف القدرات الخفية, اسعى إلى أرغون و تعلم كيف تقوم بتطوير قدراتك الخفية. لقد أحسست أن لديك الكثير من هذه القدرات, لديك إمكانيات كبيرة وهذا شيءٍ لا يجب أن تخجل منه. هل تفهمني؟"
"بالتأكيد, سيدي." أجاب تور وهو ممتنٌّ و معجبٌ لهذه الحكمة و التفهم.
"لقد اخترت أن آخذك تحت جناحي لسبب, أنت لست كالآخرين. لديك قدرٌ عظيم, ربما أعظم من قدري. ولكن ذلك كلّه لم يتحقق بعد. يجب عليك ألّا تعتبر ذلك أمراً مفروغاً منه, يجب عليك أن تعمل على ذلك. الشجاعة والمهارات لا تكفي كي تكون محارباً عظيماً, يجب عليك أن تملك روح المحارب التي تحملها دائماً في قلبك وعقلك. يجب عليك أن تكون مستعداً للتضحية بنفسك من أجل الآخرين. الفارس العظيم لا يسعى من أجل الغنى أو الشرف أو الشهرة أو المجد, الفارس العظيم يحاول السعي من أجل كلّ ذلك معاً, السعي من أجل أن تجعل نفسك الشخص الأفضل. عليك في كلّ يوم أن تسعى كي تكون أفضل, ليس فقط أفضل من الآخرين, و لكن أفضل من نفسك. يجب عليك أن تتبنى قضيةٍ من أجل هؤلاء الذين يكونون أقل منك, يجب عليك الدفاع عن أولئك الذين لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم. إنه ليس سعيٌ من أجل المرح و التسلية, إنّه سعيٌ من أجل البطولة."
حاول تور التفكير بكلّ ذلك معاً, و تأمل بكلمات إيريك بعناية. كان قلبه مليئاً بالامتنان له, ولم يعرف كيفية الرد على ذلك. أحسّ أن هذا الأمر سيستغرق الكثير من الشهور كي يفهم هذه الكلمات كلها.
وصلا إلى بوابة المعبر الأول بينما اقترب العديد من الفرسان لإلقاء التحية على إيريك. اقتربوا مع ابتسامةٍ كبيرةٍ تعلو وجوههم, و عندما اقتربوا قاموا بالربت على ظهره بقوّة, كالأصدقاء القدامى.
قفز تور عن حصانه و أخذ لجام لانين, و أخذه إلى الجنود عند البوابة من أجل إطعامه و فرك جسمه قليلاً. وقف تور هناك بينما التفت إيريك و نظر إليه, للمرة الأخيرة.
في لحظات الوداع الأخيرة هذه, كان لدى تور الكثير من الكلام كي يقوله, أراد شكره. و لكنه أراد أيضاً إخباره بكلّ شيء, عن النذير و الحلم الذي رآه و مخاوفه عن الملك, اعتقد بأن إيريك سيتفهمه.
ولكنه لم يستطع تشجيع نفسه لفعل ذلك, كان إيريك محاطاً بالفرسان و خشي أن يظن إيريك و جميع الموجودين أنّه مجنون. لذلك وقف تور هناك معقود اللسان, بينما اقترب منه إيريك و عانقه للمرة الأخيرة.
"احمي ملكنا," قال إيريك بحزم.
تلك الكلمات أرسلت قشعريرةً في عاموده الفقري, و كأن إيريك كان يقرأ أفكاره.
استدار إيريك و مشى من خلال البوابة مع الفرسان الآخرين, و بعدما مروا جميعاً أخذت البوابة ذو المسامير المعدنية بالانخفاض.
لقد ذهب إيريك الآن, شعر تور بفراغٍ كبيرٍ في داخله. من الممكن أن يكون عاماً كاملاً حتى يستطيع رؤيته مرةً أخرى.
امتطى تور جواده مرةً أخرى و تناول اللجام, ثمّ ركلّه بقوة. كان الوقت قد تجاوز الظهيرة, وكان نصف يومٍ كافياً له كي يستطيع العودة إلى الوليمة. لقد أحس كلمات إيريك الأخيرة تدوي في رأسه, كتعويذةٍ ما.
احمي ملكنا.
احمي ملكنا.
*********************
إلي هنا ينتهي الفصل الثامن والعشرون من رواية السعي من أجل البطولة | مورغان رايس
تابع جميع فصول الرواية من هنا: جميع فصول رواية السعي من أجل البطولة
تابعوا صفحتنا على الفيس بوك للمزيد من روايات حب
أو أرسل لنا رسالة مباشرة عبر الماسنجر باسم القصة التي تريدها
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة