-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية إمبراطورية الرجال بقلم رحاب إبراهيم - الفصل الرابع والعشرون

مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة وأجمل الروايات الممتعة والروايات الرومانسية مع رواية رومانسية جديدة للكاتبة المتألقة رحاب إبراهيم والتي سبق أن قدمنا لها العديد من الروايات والقصص الرائعة من قبل واليوم مع روايتها التى نالت مؤخرا شهرة كبيرة جدا على مواقع البحث نقدمها علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل الرابع والعشرون من رواية إمبراطورية الرجال بقلم رحاب إبراهيم

رواية إمبراطورية الرجال بقلم رحاب إبراهيم - الفصل الرابع والعشرون

إقرأ أيضا: حدوتة رومانسية

رواية إمبراطورية الرجال بقلم رحاب إبراهيم
رواية إمبراطورية الرجال بقلم رحاب إبراهيم

رواية إمبراطورية الرجال بقلم رحاب إبراهيم - الفصل الرابع والعشرون

 ظل لوهلة شارداً بالفراغ أمامـه...نظرته منتصرة...خطة محكمة....وفخا سقطت به....

كان دائمًا ماهر في القاء حجر النرد على جسد اللعبة ويتركها غارقة بالفكر.... لا تفكر في ربح الجولة مثلما تريد مجابهة هذا الغرور والتحدي الشرس المتلمع بعينيه الحادة....

انتظرت السكرتيرة اجابة وجيه حتى قال بهدوء غامض:-

« دخليها بعد ربع ساعة »

رفعت السكرتيرة حاجبها باستغراب...إذ كان لا يرفض مقابلتها فلماذا يأخرها وهو الذي يُعرف عنه شدة احترامه لوقته وللآخرين أيضاً...

خرجت السكرتيرة من مكتبه دون نقاش فعملها يقتصر على الموافقة فقط وليس ايبداء الرأي....

****

جلست "للي" على مقعد بسيماء وجه غاضبة وكان مقعدها يواجه مكتب السكرتيرة بعدما أخبرتها بالانتظار...وشيء بداخلها يحمد تلك الدقائق التي ستجعلها تستجمع قوتها حتى تستطع مواجهته....

وشيء ثائر من الألم ضائق لتأجيل مقابلته فيبدو أنه لا يتلهف لرؤيتها مثلما تشعر هي وحتى لو انكرت ذلك....

بينما وجيه لم يظل قلبه على هدوئه منذ أن علم بوجودها هنا....بمملكته!!

هذه الدقائق ليست فقط كي يشعرها بأقلتيها بينما ليحاول بث قلبه بالكراهية بدلا من العشق كي يستطع تحديها والانتقام منها....

اغمض عينيه بقوة وصرخ صوت الكبرياء بقلبه واعترض على تمايل القلب على نغم اوتار العشق والشوق إليها....

مرت الدقائق.... أشارت السكرتيرة ل "للي" كي تدخل لموعدها مع مالك الشركة.....

استاءت للي من نفسها، ولمجيئها، ولقلبها الذي وكأنه يقفز فرحاً لرؤيته.....بللت شفتيها بأطراف لسانها بخفة ثم ابتلعت ريقها بتوتر حاد وهي تمضي باتجاه المكتب...بدت الخطوات سريعة وبطيئة!! وبدا وجودها هنا ك درب من الجنون....

ترددت وهي تلمس مقبض الباب مائة مرة قبل أن تفتح وتلقي مصيرها بين يد هذا الرجل القاسي....

ضيق عيناه لدى دخولها وهو يقف أمام مكتبه طويلاً بهيبته المعتادة التي تشعل هالته بالسيطرة والتحكم.....

وكأن الأيام التي تمضي علي عمره تضع سحرها بعيناه...لم يكن اسوء من أن تراه يقف هكذا....عزمت أن تظهر له فيض من القسوة ولكن يعرف كيف يصوب ضربة ناجحة بكل دفعاتها...

وقفت للحظة تتطلع بعيناه بإرتباك هائل...أطرفت عينيه وغطت أهدابه القاتمة الطويلة ما يلتمع خلفهما وما تعكسانه من افكار خبيثة ماكرة....

ابتسم وجيه بسخرية وقال :-

_كنت عارف أنك هتجيلي قريب...فهمتي الرسالة بذكاء !!

توجهت للي إليه بشيء من الكبرياء قد استمدته من قساوته وسخريته اللاذعة...أجابت وحاولت أن تجابهه في السخرية :-

_ فهمت وجيتلك يا وجيه ، مش ده اللي أنت عايزه ؟!

اتممت جملتها وهي تقف أمامه متحدية بعينان اخفت فيهما أي الم ولو مؤقتاً....تهكمت نبرته وقال بحدة :-

_ لو اللي أنا عايزه مجرد وجودك فأنتي عارفة أنك بالنسبالي ولا شيء ، لكن لما تفكري تقربي لحد يخصني تبقي قضيتي على نفسك....ضعف وغباء منك لما تفكري تنتقمي مني تقومي تستخدمي ولاد اخواتي ، كان اشرفلك تتحديني وتحاربيني بدل الاساليب الرخيصة دي !!

صدمت من حديثه ومن التعابير الهازئة التي تملأ عيناه.....كيف له بكل ذلك الجبروت الذي يتحدث به ؟! وكأنها ألد اعدائه !!

أجابت بعصبية وصوتٍ عالِ :-

_ الأساليب الرخيصة مش أنا اللي بستخدمها...فكر مين اللي استخدم اسلوب رخيص ورخص نفسه معاه...

اقترب لها بنظرات أعين مشتعلة غضب وقال بتحذير:-

_ لعلمك...أنا عندي اساليب تانية كتير تخليكي ما تناميش الليل ، لو ناوية تكملي في اللعبة الغبية بتاعتك وتتحديني يبقى حكمتي على نفسك حكم أنتي مش اده...

هتفت للي بغضب :-

_ أنت ايه ؟!! ولعبة ايه اللي بتتكلم عنها ؟! أن كنت جيتلك النهاردة فعشان فهمت من كلام البنات قصدك ولأنك عارف أن الكلام هيوصلني ، الكلام وصلني مش لأني متفقة معاهم ، لأني اتعرفت عليهم من ايام قليلة وحبيتهم واعتبرتهم أخواتي ، انا لسه عارفة أنك عم جاسر ويوسف امبارح بليل...

ضيق وجيه عيناه باستهزاء لتتابع للي بعصبية :-

_ عارفة أنك مش هتصدقني لكن هي دي الحقيقة ، لو كنت رافض جوازاتهم عشان يعرفوني فأنا هبعد عنهم للأبد ، ليه بتحملهم حاجة مالهمش ذنب فيها ؟!!

أجاب وجيه بقوة وهو ينظر لعيناها بغموض :-

عايز اوجعك...أنا مبسوط بالدموع المحبوسة اللي في عنيكي دي ، وأي شيء يوجعك هعمله....

جرت دمعة من عيناها بنيران قلب تتقد مع كل نظرة ساخرة محتقرة من عيناه....حتى قال بقسوة وشراسة:-

_ أنا بحتقرك يا للي ، يمكن مكرهتش في حياتي حد ادك...نظرتي ليكي مش اقل من نظرتي لأي عاهرة ممكن تعمل أي حاجة عشان توصل لهدفها...

لم تستطع لجم غضب أكثر من ذلك فرفعت يدها لتصفعه حتى سبقها ولوى معصمها اسفل ظهرها ووجه على مقربة من وجهها ، قال بسخرية :-

_ لو فكرتي تعمليها تاني وترفعي ايدك يبقى حكمتي على نفسك حكم قاسي أوي مش هتقدري عليه...

التوت وهي تحاول الابتعاد عنه حتى نظر لعيناه القريبة منه وكم تمنى لو كانت زوجته الآن ليشفي شوقه المحموم إليها وقال بنظرة تلتمع بشيء مجهول :-

_ انا موافق اني اسلملهم ميراثهم حتى لو اتجوزوا البنات بس بشرط

ابتعدت للي وهي تبكي وتتفحص معصمها بألم...قال وجيه بغموض ولم ينتظر استفسارها :- تتجوزيني


كانت تنظر لمعصم يدها الذي كان بين يديه منذ لحظات وتبكي حتى وكأن الأرض دارت بها وتوقفت جميع حواسها عند هذه الكلمة.....رفعت رأسها ببطء وتكاثف الصدمة يغيم عيناها عن أي تعابير واضحة....وكأن الإجابة تأتي من عيناها...انتظر

تحركت نظرتها على عينيه بصدمة...تحاول أن تفهم أو تستوعب هذه الكلمة....عجباً أن أحياناً تأت الأحلام على بساط قاتم من الآلام...بساط جنائزي للسعادة..

اقترب إليها بثقة وببطء...متعمق بعيناها التي توقفت الدموع بمحجرها...لم تشعر كيف اقترب هكذا فقط تمنت أن تقترب عيناه لتبحث عن الصدق فيها...وكأنه أتى من حلم !! وقف أمامـها بنظرة ثابته بعيناها...لم تطرف عيناه ، لم تسخر ، لم تزدري صدمتها بل وكأن نظرته تتلهف للعناق المجنون...قال بنبرة وافقت نظرته غموض ودفء يسخر من هذه الحرب بينهما :- وافقي

توقف عقلها عن التفكير بينما قلبها له لاهثاً !!

اتقف وتجيب ؟ أم تركض اليه بموافقة ؟ أم تهرب من هنا بلا راجعة وتبتعد عن الجميع ؟ وللعجب كان اقلهما الم هو خيار الموافقة!!

كيف للحب أن يجعل القلب يفضل القرب بألم عن الفراق عنه ؟!!

يبدو أن لا شيء يضاهي الفراق ألم...ولكن الحقيقة أنه يريد ذلك للأنتقام...وهذا الماً على الم

خرجت الكلمة من شفتيها بصعوبة وقالت ببطء وعيناها ممتلئة بالدموع :-

_للدرجادي مصمم تنتقم مني ؟! مش مكفيك اللي عملته في فرنسا ؟! وبتأمرني أوافق ؟!! طب ارحمني وسيبني افكر حتى !!

تحرك عضب فكيه من الغضب ، ليتها ما ذكرت تلك الرحلة الآن ، رمقها بنظرة صارمة تهكمية :-

_ اللعبة دي لعبتك في الاساس ما تنسيش ، كنتي حابة تنهيها زي ما أنتي عايزة لكن انتهت زي ما أنا عايز ، أو يمكن القدر ساعدني أني اكشفك على حقيقتك من قبل الحكاية ما تبدأ

طفرت عينيها الدموع وهتفت بدفاع عن نفسها :-

_ يعني كنت بتنتقم مني !! أنا مكنتش مصدقة لحد دلوقتي أنك عندك قدرة الاقناع في الكدب بالشكل ده ، كداب بدرجة امتياز ، للأسف صدقتك

سخر منها وقال :-

_ من بعض ما عندكم ، وماتستهلكيش دموع كتير لأني مابثقش فيكي ، سبيها للي جاي...هتحتاجيها بعدين

ابتلعت ريقها بمرارة وهي تنظر له بعتاب وخذلان وقلب تحطم الى أشلاء ثم اجابت بعزة نفس:-

_ أي دفاع عن نفسي هتعتبره يأما كدب أو ضعف ، أنا مش حابة اببرلك حاجة ،تعرف اللي بتمناه دلوقتي ايه ؟

امشي من هنا لأبعد مكان عنك ، لناس مستحيل تكون تعرفهم ، لمكان ماتعرفش توصله....

احترقت عيناه بلهيب متقد من الغضب وهتف بعنف :-

_ مش هتعرفي...أنتي لو في آخر الدنيا هعرف أوصلك ، وبعدين خليكي فاكرة أني قدرت اجيبك لحد عندي هنا ، من غير أي مجهود ، كنت عارف أنك هتيجي وهتدافعي عن نفسك ، هتكدبي وتقولي بريئة ، هتخلقي مليون عذر لتصرفاتك واللي عملتيه ، هتنكري أنك ما اتفقتيش مع البنات على ولاد اخواتي ، كل ده كنت حاسبه وعارف أنه هيحصل...على فكرة أنتي مقدامكيش اختيارات لأن الشرط ده مش هيبقى العقبة الوحيدة ، طالما حطيتك في دماغي مش هسيبك...حاسس أنك خايفة توافقي !

احتدت نظرتها بغضب وهتفت به :-

_ أنت قلت كل الحقيقة واعترفت بنفسك أنك مش هتصدقها ، لكن أنا مايهمنيش تصدق أو لأ ، طالما ده اللي هيخليك توافق على جواز البنات فأنا موافقة بس بشرط

قال بثبات :- ما تتشرطيش عليا !!

مسحت عيناها من الدموع وقالت بكبرياء :-

_ الجواز مايبقاش على طول

صمت للحظات بنظرات غامضة بها شيء من الشراسة لجملتها ، أجاب بصوت حاد :-

_انا اللي أقرر هسيبك أمتى...وبعدين كان لازم تفكري الأول في الشرط ده ، مش يمكن تحبي وجودك معايا ، انتي لازم تخافي على نفسك اكتر من كده...متسرعة !!

قال ذلك بنظرة ساخرة بها شيء من التسلية والثقة العالية بالنفس فتحدته قائلة بقوة:-

_ لو هحب وجودي معاك كان على الأقل بان عليا لحظة ارتياح لكن طبعا رد فعلي كان واضح ، بس الواضح اكتر هو تصميمك عليا ، ساعات كتير بسأل نفسي ايه السر اللي بيخلي أي حد يعرفني يصمم عليا بالشكل ده...يمكن أنت أول واحد أسألك...الاجابة اختياري لو...

قاطعها بخطوة مقتربة شرسة من الغضب والعنف الذي تأجج بعينيه فأبتعدت بظهرها بتوجس وندمت بعض الشيء عن ما قالته حتى التصقت بالحائط...واجهها بصوت عنيف وقال :-

_ أول واحد !! واضح أن في قبلي كتير ، بس ما تتغريش أوي كده في نفسك ، أن كنت مصمم فمصمم أني اكسرك وابعدك عن أي حد قريب مني ، أنتي اللي دخلتي برجلك حياتي وبدون اذني يبقى تستحملي نتيجة غلطك..

اطرفت عيناها بتوتر وبدت كالهرة المختبأة ، نظرة أنثوية بإغراء يسحق مقاومة أقوى الرجال...تابع بهمس ماكر:-

_ ماتثقيش في نفسك للدرجادي ، ممكن تلاقي نفسك فجأة بتحبيني وبتموتي فيا...ساعاتها هتحبي دموعك جانبي ولا أني اسيبك..

انتفض جسدها ورفعت عيناها اليه بصدمة ، كيف كشف افكارها وما تشعر به بهذه البساطة؟!!

بينما قال ما قاله نتيجة لشعوره هو نحوها فتابع بشيء من العذاب بعيناه :- ساعات كتير بنفضل العذاب عن الفراق

لم تستطع ونزفت عيناها دموع بغزارة فقالت بصوت متهدج:-

_ وجيه..أنت ليه مُصر تعذبني ؟!! عملت فيك ايه وصلك لكده؟!!

نظر لدموعها بشوق عنيف لضمها اليه وقال بضيق :-

_ عملتي فيا كتير أوي..لدرجة أني مقدرتش انساكي

نظرت اليه بعين باكية امتزج بها بعض الحيرة ليسترد ثباته بعد ثواني وابتعد عنها قائلا بصرامة :-

_ كده احنا اتفقنا ، كتب الكتاب الأسبوع الجاي ، حضري نفسك

اتسعت عينيها بذهول وكادت أن تقل شيء فقاطعها كي لا تجادل :-

_ معنديش وقت للكلام ، اللعبة دي الحاكم فيها أنا وبس ، وانا عند وعدي بالنسبة للأتفاق ، وزي ما وصلتلك رسالتي هيوصلك موافقتي على جوازهم...

وقفت دون حراك ، بجمود وارتخاء قدميها بوهن ، ولكنها لا بد أن تتحدث...مضت اليه بخطوات بطيئة وراقبها بقلق داخلي أن تضعف مقاومته تحت نظراتها الباكية...قالت للي بألم :-

_ وجيه أنا مش بكرهك...ومش عايزة اكرهك...ماتوصلنيش للمرحلة دي عشان لو وصلتلها عمرك ما هتشوفني تاني...لو عايز تكسرني وتوجعني فأطمن...أنا من قبل ما اشوفك وانا مكسورة وعمري ما شوفت راحة في حياتي...أن كنت خايفة أوافق فمش عشان خايفة منك...انا خايفة تقسى لحد ما ينتهي وجودك جوايا...سيبلي حاجة اقدر أعيش بيها

ابتلعت غصة مريرة بحلقها ثم تحركت بخطوات سريعة لخارج المكتب...

توترت عيناه...ثارت مشاعره بشوق جارف...ومقاومة لعينة منعته من اللحاق بها...ما قالته يعني أنها احبته ؟!! اتكن بارعة في الخداع لهذا الحد !! لا يجب أن يرضخ مرة أخرى لقلبه ويصدق شيء تمنى بكل قلبه ان يكن صحيحاً....تلك المخادعة تعتقد أنه سينتقم وهو سينتقم من الفراق بقربها...سيبنى على الأطلال جزيرة مزهرة تطل على قلبه بالأماني...وتجمعت بها كل الأماني...ليكن وصلها حلم بعيد...لم يعرف لم ابتسم بعشق...فقط أيام وبعدها ستقام قيامة ثورة عشقه...سيعلمها أن الحب هو الصدق فقط...وأن قلب هذا الأربعيني هو معاهدة السلام....ولكن مع كل هذا لا ينكر أنه قبل ذلك سيؤلمها قليلا...عتاب بين الأحباب

*********

جلست بسيارتها...ذهبت الدموع...وكأن الفجر أصبح على عتمة الألم...كانت تبكي أمامه..ولكن ارتباك عيناه عند رحيلها اخبرها أنه لا يبدو مثلما يقل !! ما يخفيه هذا الرجل ؟!

ظلت تنظر أمامها بتهيه...لابد أن تعترف أن الأمان بداخلها أضاء !! تعجبت لذلك !! فكيف يكن الأمان وهو الخائن ؟!

كيف نحب من يؤلمنا لهذا الحد ؟!! وكيف نقع انفسنا والواقع يطارد أوهامنا الساذجة!! بعد أيام ستكن زوجته!!

أكثر الأحلام أتت على طبق من القسوة !! تفاجئت أن الابتسامة تسللت لشفتيها وهي تردد بخفوت :-

_ هكون مراته !! مش معقول !!

حركت سيارتها وللحظة تاه عنوان منزلها عن خاطرها..يبدو أنها لم تخرج من طور الصدمة للآن..

**********

انتهت جميلة من صلاة الضحى وبدأت تستعد للذهاب للعمل وتبعها الفتيات بعد أداء فرضهنّ....همست حميدة لها وقالت بمكر:-

_ عنيكي منورة يا جوجو ، أول مرة أحس أنك مبسوطة كده ، يارب ظني يطلع صح...

وقفت جميلة بابتسامة أمام المرآة وانتهت من ارتداء حجابها وأجابت :-

_ بصراحة يا حميدة مبسوطة ، علاقتي بجاسر بدأت تتصلح ، يمكن خايفة بس حاسة أنه عايز يتغير بجد

ربتت حميدة على كتفها وقالت بابتسامة :-

_ لو اتغير عشانك كملي معاه ، لو اتغير بجد ، لأن التغيير ده مش حاجة سهل...ماتفتشيش في اللي فات المهم اللي جاي وهيكون ايه..

تنهدت جميلة ببعض القلق :- يمكن اللي فات ده هو سبب خوفي ، أنا مش عارفة هو كان بيعمل ايه بالضبط ،خايفة ليكون...

صمتت بضيق فقالت حميدة :-

_ المهم اللي جاي يا جميلة بس ما تسلميش قلبك غير لما تتأكدي أنه فعلا صادق واتغير بجد ، انا عذراكي في خوفك ، اذا كان أنا نفسي خايفة رغم أني متأكدة أن يوسف عمره ما عرف واحدة غيري...تعرفي احلى حاجة فيه ايه ؟ أنه حافظ على الجزء الطفولي في قلبه ، تصرفاته واسلوبه كلها بتقول أن الدنيا بكل اللي فيها ما عكرتش طيبته ، ساعات بحس أن حتى الدنيا بتحبه وبتحب رقته وطيبته وسابته زي ماهو...

اتسعت ابتسامة جميلة بمرح وقالت :-

_ سيدي يا سيدي ده يومين كمان وهنبقى بنقول شعر !! والله انا ما عارفة أزاي يوسف ابن عم البلطجي جاسر

انفجر الأثنان بالضحك لتقل جميلة بسعادة:-

_ احلى حاجة اننا حابينهم زي ما هما ، انا بحب يوسف على حاله وانتي حبيتي جاسر رغم بلطجته دي..

تدخلت سما بالحديث وقالت :-

_ أنا نفسي أشوف عمهم ده عشان اهزائه !! قال طمعانين فيهم قال !!!

قالت حميدة بضحكة :- طب احمدي ربنا أنك ما شوفتيهوش ، تهزأي مين يا غلبانة ؟!! ده أنا بكل طولة لساني دي كنت بقف قدامه مابقدرش انطق ، اكبر حد في الشركة كان بيقف قدامه زي الكتكوت ، وعلى فكرة عمهم ده فظيع ، يمكن احلى منهم كمان ، العيلة دي تحسي انهم من سلالة الملوك كده

تذكرت سما آسر وقالت شاردة :- آه بحس بكده

أتت رضوى وهي تحمل حقيبتها وقالت بعجالة:- يلا بقى هنتأخر

******

**بالمكتب**

مثلما اتفقوا سابقاً أن يأت الشباب أولًا للعمل...دلف الفتيات للمكتب وتوجهت كل فتاة لعملها...جلست حميدة وبحثت عيناها على يوسف ولكنه لم يكن له وجود !!

مر الساعي أمامها وهو يحمل كوب قهوة ومشروب كوكتيل فسألته حميدة:-

_ ماشوفتش يوسف ياعم مرزوق ؟

أجاب الرجل بلطف :- لسه خارج من شوية يابنتي

توجه الرجل لمكتب آسر مباشرة.....

ابتسمت حميدة بمرح وقالت :- ياترى بيتعارك مع مين المرادي ؟!!

******

**بمكتب آسر**

ترقب وصولها منذ أن أتى ، ظن أنها لم تأتي اليوم ولكنه تفاجئ بدخولها منذ دقيقة ، جلست سما دون أن تلقي عليه تحية الصباح حتى....بدأت بالعمل مباشرةً

نظر لها نظرة مطولة ودقق في تجاهلها المتعمد ولاحظه...قال بحدة :-

_ مش أنا قلتلك ما تدخليش غير لما اسمحلك ؟!!

صمتت لدقيقة حتى هتف بغيظ مكررا حتى دق الباب فقال آسر بعصبية وعيناه عليها :- ااادخل

دخل الرجل العجوز ووضع أمام آسر فنجان القهوة ثم توجه لسما وكاد أن يضع كوب العصير الذي كان بأمر آسر سابقا فرفضت سما قائلة :- شكرا يا عم مرزوق تعبينك معانا ، بس مش عايزة عصير ، مابقتش أحبه

اشتعلت نظرة آسر بغيظ فقد فهم مقصدها الخفي ليسأل الرجل العجوز بعفوية :- تحبي اجيبلك حاجة تانية ؟

ابتسمت سما بداخلها قبل أن تقل شيء على علم أنه سيغضب آسر فقالت بخبث وقد تظاهرت بالبراءة :-

_ ياريت تجيبلي علبة مناديل ، بحب المناديل أوي ، ولا أقولك ما تتعبش نفسك ، باشمهندس أسعد جاي النهاردة وقالي هيجيبلي معاه...خد العصير ده معلش

أخذ الرجل العجوز كوب العصير وخرج...كان يحجب نظرات آسر الشرسة....الغضب يقتدح بنظراته...تابعت سما عملها وأرضاها غضب آسر الواضح على تعابير وجهه...

ضيق عيناه بنظرة خطرة وهي تخرج شيء من حقيبتها...استنشقت سما منديل ورقي من تلك العلبة التي اعطاها لها أسعد سابقا ، اطالت في استنشاق المنديل عند قصد وتركت العلبة أمامها...ابتسمت سما وتظاهرت بالهيام والوله وهي تنظر للمنديل فأنتفض آسر واقفا بعنف وتوجه لها....ارتجفت وهي تشعر بخطواته المقتربة حتى أخذ علبة المناديل بعصبية وقذفها من النافذة بنظرات عنيفة....

هبت واقفة بغيظ رغم أنها أرادت أن تضحك بقوة وهتفت به :-

_ أنت بترمي مناديلي ليه ؟!!

قال بحدة:- مزاجي

لوت شفتيها بسخرية وأشارت للمنديل بيدها وقالت :- مش مهم ، معايا واحد ، على ما يجي باشمهندس أسعد ، مناديله بتمسح دموع عنيا

تحركت عروق رقبته بنظرة خطرة من الغضب المكبوت فأخذ علبة مناديل ورقية من على مكتبه ورماها على المقعد بجانبها وقال :- علبة بحالها معاكي ، ولا مش كفاية لبلاعة الدموع ؟!!

قالت بثبات وهدوء:-

_ انا مش فاضية للكلام ،ورايا شغل كتير

أخذت علبة المناديل الذي رماها بها ووضعتها على مكتبه مجددا وقالت:-

_ خليهالك ، مش محتاجالها ، اصلها بتخنق النفس

رمته بجملتها الأخيرة عن قصد وبنبرة حادة وجلست متجاهلة وقوفه قربها...ظل ينظر لها بمزيج من الغضب منها ومن نفسه وشيء من التردد في الاعتذار....

خرجت زفرة حارة من صدره دليل على ثقل الهم على قلبه ثم قال بتحذير :- خليكي فاكرة تحذيري بالنسبة لأسعد ، اعتبريه تهديد

ضيقت عيناها بحيرة من أمره فوقفت أمامه وقالت بحدة :-

_ أنا مش فاهمة حاجة !! أنت بتهددني ليه ؟! وليه بيستفزك أني اتكلم مع باشمهندس أسعد ؟!! اظن ده شيء مايخصكش ؟!!

تحدث بصوت اجش وحاد :-

_ يخصني ، طول ما أنتي بتشتغلي هنا فأي تصرف محسوب عليكي وعلى اللي بتشتغل معاه ، وماتثقيش في أسعد أوي كده ده عرف بنات بعدد شعر راسه..

هتفت سما بعصبية وتحكمت بدموعها حتى لا تفر أمامه :-

_ ما طلبتش منك تنصحني ، ولا أنا اللي تكلمني بالأسلوب ده !! ، ووفر نصايحك لحد يمكن محتاجها اكتر مني ، أنت ماشوفتنيش في مةقف يخليك تقولي كده ولا أنا اللي بسمح لحد يوشوشني في ودني !!

قالت ذلك دون تفكير ولمحت لموقفه مع ندى ، ابتسم بتسلية وقال :- شكلك زعلانة من اللي شوفتيه مش زعلانة أني زعقتلك !!

سقطت دموعها رغما عنها وقالت له بصدق :-

_ أنا مش عايزة اشتغل معاك ، كفاية لحد كده

توجهت للباب فوقف أمامها معترضا طريقها حتى اصطدم رأسها بصدره ، تشبعت عيناه بلهفة فائقة لضمها أكثر ولكنها ابتعدت بقوة عنه...هتف بها بعصبية صادقة :-

_ أنتي عايزة ايه بالضبط ؟ اعتذرلك ؟! اوك...أنا أسف

اجابت بعصبية وهي تبكي :- ماطلبتش منك تعتذر ، لو سمحت سيبني أمشي من هنا

صاح بعنف :- اعتذرتلك عايزة ايه تاني ؟!! ارجعي مكانك

رفضت بقوة :- سيبني امشي مش عايزة ارجع انت مش هتجبرني ؟!!!

صاح بعصبية وانفعال :- لأ هجبرك وهتفضلي هنا جانبي مش هتبعدي...

نظرت له بصدمة حتى امتقع وجهه بذهول مما تفوه به دون قصد ، ظهرت على وجهه أمارات الصدمة والندم والغضب من نفسه..هرب من نظرتها المتفحصة حتى قالت سما وقد ولد بقلبها بعض الامل :-

_ افضل جانبك ؟!! أنت مش عايزني ابعد ؟!

ابتلع ريقه بألم بنظرة تتهرب من تحديقها بها حتى توجه الى الباب وخرج من المكتب تمامًا....مسحت سما عينيها بدهشة ثم تسللت ابتسامة مرحة على وجهها وقالت :-

_ يالهوي....ينفع ياخد قلبي ويمشي كده ؟!!

جففت دموعها بالمنديل الورقي بيدها حتى انفجرت من الضحك عندما تذكرت ما سببه هذا المنديل من شجار....

*******

**بمكتب جاسر**

رتبت جميلة بعض الأوراق تحت نظراته المختلسة لها ، كلما ضبطته ينظر لها كان يهرب بنظرته لجهة أخرى بقلق...ابتسمت بخفاء حتى وقف جاسر وقال بصوت يقرب للتوسل :-

_ نفسي نخرج نتفسح مع بعض ،والله هبقى محترم والله والله

حاولت أن تكبت ضحكتها ولكنها لم تستطع فضحكت بصدق امامه...راقبها بابتسامة وقال :-

_ طب وبعدين يعني هتفضلي تضحكي كده ، قلبي خرج من صدري

قالت مبتسمة ابتسامة واسعة :-

_ ممكن نخرج بس يبقى معانا حد مش هنبقى لوحدنا

قال بابتسامة :- ماهو الشيطان هيبقى تالتنا

ضحك بصوتٍ عالي ثم قال :- أنا بهزر على فكرة...بصي ايه رأيك يوسف وحميدة يخرجوا معانا ، اهو بالمرة يتفسحوا هما كمان بدل الحضانة اللي عايشين فيها دي

قالت مبتسمة :- ماشي ، بس عم سمعه مش هيوافق غير بعد الخطوبة ، نستنى شوية ونخرج كلنا مع بعض ، انتوا الاربعة واحنا الاربعة

قال جاسر بغيظ :- ما نعزم عم مرزوق بالمرة !!

قالت ضاحكة :- لو مش عاجبك خلاص

قال معتذرا :- لاااااااا ، عاجبني ،اقسم بالله عاجبني

نظرت له بمرح وقالت :- طب يلا عشان نزور الموقع ونشوفه ، ورانا شغل يا استاذ

اجاب بابتسامة :- بعشق سيطرتك ، بس بالراحة على مشاعري وثباتي ، انا لسه في kg1 ادب...

قالت وتركت ابتسامتها تتسع :- عقبال الكلية

اجاب ولم يستطع أن يخفي مكره أكثر من ذلك :-

_ بعد كتب الكتاب هقطع كل الشهادات دي

هتفت جميلة بتحذير وتكشيرة :- هاااااا ؟!!!

رفع يديه باستسلام وقال بعبوس :- خلاص بقى ، مكنتش كلمة قولتها، انا اصلا ما اتربتش...قلب الأم بيسامح

ابتسمت رغما عنها وقالت :- طب يلا قدامي ، واتحكم بكلامك شوية ها عشان أنا بتنرفز بسرعة

قال جاسر بمكر :-

_ أنا عايز اسألك سؤال بيلح بعقلي ، هو أنتي هتفضلي كده بعد الجواز ولا ده بس عشان احنا مخطوبين ومش من حقي والكلام المتعب للنفسية بتاعت الأنا ده !!

قالت جميلة بصدق :- لأ طبعا ،في فرق يا جاسر بين الخطوبة والجواز ، الكلام والتصرفات اللي بمنعك عنها دلوقتي اكيد بعد الجواز احساسي بيها هيكون العكس ، أنا عارفة حدودي ومش بحب اعمل حاجة غلط..

زي ما عارفة اتعامل معاك أزاي دلوقتي عارفة برضو هتعامل معاك أزاي بعدين

قال بابتسامة واسعة :- انا حبيت بعدين أوي ، هقابل عم سمعه النهاردة وهتفق معاه أن بعدين ده يبقى بكرة...

هتفت بجدية :- يلا نشتغل بلاس استظراف عالصبح !!

اشار لها للباب بجدية وثبات وقال :- يلا ياباشا

توجه للباب ليفتحه حتى ابتسمت بمرح وكتمت ضحكتها بالكاد فاستدار وقال :- يلا اطلعي انتي الأول ، المرأة اولا

خرجت حميدة من المكتب حتى رمقها بابتسامة ماكرة وتمتم :-

_ خبيثة أوي البت دي ، قال يعني مش هاممها بعدين !! ده أنا ببات احلم بيه بنت عالم جفاف العشق دي

*********************
إلي هنا ينتهي الفصل الرابع والعشرون من رواية إمبراطورية الرجال بقلم رحاب إبراهيم
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة