-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية إمبراطورية الرجال بقلم رحاب إبراهيم - الفصل السادس

 مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة وأجمل الروايات الممتعة والروايات الرومانسية مع رواية رومانسية جديدة للكاتبة المتألقة رحاب إبراهيم والتي سبق أن قدمنا لها العديد من الروايات والقصص الرائعة من قبل واليوم مع روايتها التى نالت مؤخرا شهرة كبيرة جدا على مواقع البحث نقدمها علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل السادس من رواية إمبراطورية الرجال بقلم رحاب إبراهيم

رواية إمبراطورية الرجال بقلم رحاب إبراهيم - الفصل السادس

إقرأ أيضا: حدوتة رومانسية

رواية إمبراطورية الرجال بقلم رحاب إبراهيم
رواية إمبراطورية الرجال بقلم رحاب إبراهيم

رواية إمبراطورية الرجال بقلم رحاب إبراهيم - الفصل السادس

هتفت حميدة بعصبية وأشارت لسما بتحذير:

_ يابنتي اهدي شوية خليني استوعب اللي قاله يوسف، وماتعشميش نفسك عشان ما تقعيش على جدور رقبتك، والله بقيت خايفة عليكي من تفكيرك ده

استمرت سما في قفزها كالطفلة التي وجدت دميتها أخيراً وهي تضحك ثم قالت:

_متخافيش عليـــــــا ، أنا دقلبي دايمًا دليلي وقالي أني داخلة على فرحة كبيـــــــــرة أد الدنيا..

رضوى بسخرية: هما هيسكنوا في البيت مش جاي يتقدملك يا هبلة!

أجابت سما وهي تضع يدها على خصرها بثقة: عارفة..دي حجة يا عبيطة عشان يبقى جانبي طول الوقت..مسألة وقت مش أكتر.

قالت حميدة وقد بدأ القلق ينتابها على مجرى تفكير سما وقالت:

_ما تخلنيش أندم أني وديتك بإيدي الشغل، مش عايزاكي تفكري كده يا سمكة ، محدش هيفرحلك ادنا يا غبية بس يوسف وولاد عمه مش جايين هنا عشان كده...هما دلوقتي بيمروا بأزمة مالية بسبب قرار عمهم وبيحاولوا يحافظوا على الفلوس اللي معاهم..

التفتت لها جميلة التي لم تشأ تعكير مرح سما وقالت لحميدة: هتوافقي؟

أطرفت حميدة عيناها ببعض الحيرة وقالت: مقدرش اتخلى عن يوسف في وقت زي ده ، زيهم زي أي ساكن تاني ، بس المشكلة أنهم هيعرفوا شكلكم الحقيقي ، الشكل اللي ظهرتوا بيه خشن اكتر من العادي ، وبصراحة أنا بقلق من رعد وجاسر دول اساتذة في الأنحراف..وسما خايفة عليها ، آسر دي طريقته مع الكل وبعدين هو لحق اصلا يعجب بيها حتى ده شافها مرتين!

حدقت سما بتبرم وقالت: دايمًا منكدين عليا كده جاتكم القرف ، وبعدين يعني أنا مش مستعجلة على الجواز كفاية خطوبة..

هزت رضوى رأسها بيأس وقالت: مافيش فايدة ، دي مصدقت !!

جلست سما وهي تمط شفتيها برمقه مغتاظة لهم جميعاً ثم تبدلت نظرتها للهيام وقالت: لما سمعت اسمه حسيت أن قلبي دق ، ولما شوفته حسيت أني هحبه...

ابتسمت جميلة رغماً عنها وقالت: محدش قالك ما تحبيش بس ما تبقيش خفيفة كده!! عادةً الرجالة كلهم مابيحبوش البنت الخفيفة.

هتفت سما بعصبية وقالت: أنـــــــا خفيفة ؟!! والله ما يلمس طرف طرحتي قبل كتب الكتاب ، بس ما تمنعونيش احلم كمان!!

قالت حميدة بجدية: خايفة تتصدمي ، أنتي من أول يوم شغل ووقعتي على وشك أومال بعد الأربعين هتعملي أيه ؟!

تساءلت رضوى : سيبكم من الهبلة دي خلينا في المهم ، هتقولي لأبوكي يا حميدة؟

نهضت حميدة وجذبت شال قطني على رأسها واحكمته جيداً وقالت: هروح أقوله دلوقتي واستأذنه وهو بيثق في رأيي ومش بيقولي لأ على حاجة...

خرجت حميدة من المنزل لتجلس سما ببسمة شاردة وماكرة على الأريكة وتمتمت بشيء لم تنتبه له كلا من رضوى وجميلة فقالت رضوى بغيظ: قاعدلي طول النهار وماسك بتاعة كده اسمها كاميرا وكأنه شايل كنز ، والله عمه عنده حقه يطرده !!

زفرت جميلة بعصبية وقالت: ولا الغبي اللي اسمه جاسر.."عديلي درجات السلم " اعدهم يرجع يتريق عليا!! مش عارفة هصبر على بجاحته دي لحد امتى!

قالت رضوى ببسمة خبيثة: بس تعرفي يا جميلة بصراحة يعني..هما كلهم زي القمر ، ومغرورين بشكل لا يطـــــاق..

سخرت جميلة من الحديث وأجابت: أنا مش شايفة جاسر ده حلو !! مش بعرف أشوف الانسان الغبي والمستفز حلو ، ده متغاظ مني عشان مش بعامله زي ما متعود من البنات اللي عرفهم وكأن المفروض أن أي بنت تشوفه تقع في هواه !! عجرفة فارغة!!

رضوى بتعجب: رعد بقى ماحستهوش بتاع بنات على أد ماحسيت أنه مهوس بالتصوير..لو قاطعته وهو شايل الكاميرا تحسي أنك عفريت واقف قدامه..انسان غريب !!

تنهدت سما وقالت مبتسمة: آسر بقى ده غيرهم كلهم ، هادي ، وحنين ، ومؤدب ، معندوش مانع يعتذر لو غلط ، محسسنيش أني أقل منه في التعليم لدرجة أني حبيت التصميمات وبدأت افهمها ولا كأني مهندسة...حتى بصته ليا محترمة ، يمكن لو بصلي كده ولا كده كنت قلقت منه ، لكن معملش كده ، أسلوبه معايا رقيق أوي لو شفتوه هتعرفوا أن عندي حق احس أنه اعجب بيا من النظرة الأولى.

رضوى بتعجب: من النظرة الأولى! ، اللي هي بشكلك بالنظارة القعر كوباية ولبس الستينات ؟! واضح أنك تعديتي مرحلة الهبل

قالت سما لتغيظها: بكرة افكرك يا عرسة لما يتقدملي ، واراهنك

رضوى بتحدي: موافقة

*****

بغرفة الجدة حميدة...دلف سقراط للغرفة وتوجه للفراش حتى جثا وبحث بأسفله عن شيء...شعرت الجدة بحركته فمدت يدها وجذبته من شعر رأسه فتأوه صارخا: شعراااااي

اعتدلت الجدة وهي تهز رأسه بعصبية وقالت: بتسرقني يا حراااامي

صرخ سقراط بغيظ وقال: أسرق ايه يا حسرة !! ، هو احنا حليتنا غير ضيق الضيق ونعبيه في صناديق!! فين الكورة الشراب بتاعتي يا ولية ؟!

تركته الجدة داعية : ولولو عليك ساعة وانفضت ، روح هتلاقيها تحت الحوض بتاع المطبخ يا منيل..

خرج سقراط من الحجرة متوجها للمطبخ حتى دلفت حميدة للمنزل ورمقته وهو يمضي ذهاباً بعجالة..هتفت:

_رايح فين يا سقراط؟

لوح له بيدها ولم يبدي اهتمام لسؤالها فلوت شفتيها بغيظ...اغلقت حميدة الباب وتوجهت تبحث عن أبيها بغرفته..

دق باب الحجرة الخاصة للأسطى"سمعه" فأجاب بصوت به بعض الكسل فقد كان على مشارف الخلود للنوم : ادخل ياللي بتخبط

دلفت حميدة بنظرات به بعض القلق للغرفة وتوجهت لأبيها قائلة: عايزة أخد رأيك في حاجة يا ابا

فتح سمعه عيناه بأهتمام ثم اعتدل وقال: حاجة ايه يا حميدة ؟

أخبرته حميدة بالأمر فمرر سمعه يده على ذقنه مفكرا فقلقت حميدة أن يقابل طلبها بالرفض وقالت مدافعة: محترمين وولاد ناس متقلقش..هما بس ظروفهم صعبة شوية..

قال سمعه بلطف: لا مش قلقان ، يتفضلوا في أي وقت لكن أنا بفكر في البنات ، وجودهم في بيت واحد مش حابه ، أختي الله يرحمها سايبة البنات دول في رقبتي وأنا مش عايز حد يقول نص كلمة على واحدة فيهم وبعدين دول كمان صحاب الشغل اللي بتشتغلوا فيه يعني هيكون في كلام اكيد..

قالت حميدة بضيق: هترفض يا ابا؟! أنا متعشمة فيك متخذلنيش ، أنت عارف أني مابحبش حد يقصدني في طلب واكسفه..

ابتسم سمعه وقال : لا مش هخذلك..بس بشرط

قالت حميدة بأمل: قوله وهيتنفذ

قال سمعه شرطه: هرتبلكم اوضتين السطوح اللي فوقينا عشان البنات يقعدوا فيها واكون مطمن عليهم ، والله لو البيت هنا يساعينا كلنا لكنت جبتهم لكن أنتي شايفة الحال..الأوضتين اللي فوق محتاجين بس توضيبة عال وهيكونوا ولا اجدعها شقة في الحته ، والشباب يبقوا في البيت قصادنا مع نفسهم...وكده هبقى مرتاح

قالت حميدة بموافقة: مافيش مشكلة ، هنا ولا هناك واحد

أضاف الأسطى سمعه وقال: وبالنسبة للايجار يابنتي انتي بتقولي أن ظروفهم الفترة دي مش تمام ولسه بدأين شغل جديد ، مش هاخد منهم ايجار غير بعد ٣شهور ، الناس لبعضيها برضو.

ربتت حميدة على يد والدها بابتسامة محبة وقالت: تسلم يا مشرفني ، أنا هوصلهم الخبر

قال سمعه وهو يخلد للنوم مجددا: سيبيني بقى أنام شوية

اتسعت ابتسامتها ونهضت متوجهة للخارج..اغلقت إضاءة الغرفة وخرجت..

*****

بعدما عادة حميدة للمنزل الآخر واعلنت خبر موافقة والدها وشرطه وسما تنظر لها بغيظ: هنتكبس احنا الاربعة في أوضتين فوق السطوح؟! حرام ده ولا حلال ؟ فيها ايه لو فضلنا هنا احنا في شقتنا وهما في الشقة اللي فوق هما هياكلونا؟!

قالت جميلة بجدية: عمي سمعه عنده حق يا سمكة ، الناس ما ورهاش غير الكلام واحنا بنات ولوحدينا وهما اربع شباب مشاء الله ، نبعد عن الشبهات احسن..

وافقت رضوى: صح..وبعدين الاوضتين بتوع السطوح اترمموا من قريب وبقوا احسن من هنا والله ، مش فارقة كتير..

حميدة بتحذير: والله العظيم لو شوفت منك يا بت أي حاجة كده ولا كده مع آسر لكون جيباكي من شعرك..انا وديتك المكتب تشتغلي مش تتسرمحي...أنا قاعدة في الاستقبال برا بس عنيا عليكم كلكم واللي هلمحها بحركة مش عجباني هديها باللي في رجلي..

هبت سما واقفة من مقعدها غاضبة وقالت:

وأنا من امتى اتعديت حدودي مع حد يا حميدة؟! كلامي واحساسي حاجة وأني اعمل حاجة غلط دي حاجة تانية خالص...انتوا محسسني أني بقيت قليلة الادب وشمال ليه؟!

قالت ذلك بعصبية ثم تركتهم وذهبت لغرفتها بإنفعال...تشابكت نظرات الفتيات بضيق لبعضنّ..

جلست سما على الفراش بملامح مقتضبة بعدما صفقت الباب بحدة ومر دقيقتان فقط حتى دلف الفتيات الثلاث بنظرات آسفة لتقل رضوى: فكي التكشيرة يا شلاديمو

ابتسمت جميلة وهي تحرك ذقن سما وقالت: اخيرا كشرررتي

وقفت حميدة بنظرة معتذرة وقالت : حقك عليا ماتزعليش ، أنا عارفة أنك مش هتغلطي ، بس غلطك اللي يخوف في العشم ، أنتي استعجلتي في احساسك مع واحد لسه عرفاه بقالك كام يوم لأ وكمان قررتي أنه خلاص حبك!! ، سيبك من كل ده ، أنتي مش شايفة اللي أنا فيه يا سما؟! أنا بقالي سنة ونص في الشركة مع يوسف ولحد دلوقتي ما اعتبرنيش أكتر من واحد صاحبه!! اوعي تفتكري أنهم عشان نزلوا من البرج العالي لحارتنا انهم ممكن يفكروا في واحدة فينا بسهولة؟! أنا مش بصعبها عليكوا والله العظيم ، لكن مش عايزاكوا تحسوا اللي أنا حساه يمكن يوسف كمان بيتعامل بطبيعته مع الجميع انما ولاد عمه التلاته مغرورين...أنا خايفة عليكوا منهم..

جميلة بجدية: بالنسبالي ما تقلقيش ، جاسر ده آخر واحد ممكن افكر حتى ابصله ، أنا مش بطيق شكله اصلا..ده اقصى امنياتي أني اديله قلم معتبر يعلم على وشك لآخر عمره..

قالت رضوى : وبالنسبالي أنا كمان اطمني ، يومين كمان وانا ورعد هنحدف بعض بالجزم ، اكيد مافيش أي مجال بينا للأحاسيس !!

انتظرت حميدة قول سما الذي اسبلت عيناها وعاد المرح بملامحها الطفولية وقالت:

_ سيبوني بقى يا جماعة افرح أنه هيعيش معانا هنا في شارع واحد وهصطبح بوشه الجميل ، يالهوي يااااني ، ده ما راحش من بالي طول اليوم حتى وانا بقلي البتنجان ، شيفاه في الطاسه

نظر الفتيات الثلاث لبعضهنّ بنظرات يأس..

******

بالطائرة..

قفزت الصحوة على غير العادة بذهن " للي" بعدما نبذها ذلك الرجل الغامض..نعم تراه غامض كثيراً منذ أن رأته ، حتى عندما تشبثت به في نومها لم يليقها بعيدا عنه وبالطبع رأى وجهها وادرك من تكون..امن بين الجميع تشبثت بصدره لتسرق بعض الآمان!! مر الوقت ببطء شديد واحترقت لرؤيته بشعور مجهول يغزو ثناياها ،قامت لتذهب للمرحاض بالطائرة..اقنعت نفسها أنها تريد ذلك بالفعل وليس من أجل رؤيته وهو يشغر أحد المقاعد الأمامية...نهضت وهي ترتب هندامها سريعاً ومضت بخطوات مترنحة بعض الشيء من اهتزاز أرض الطائرة وازيزها...لم تنظر بإتجاه عندما مضت بجانبه ولكنها شعرت بنظرته الخاطفة مما جعلها ترتبك...ايمكن الخجل من طيف أحدهم؟

ظلت بالحمام مدة خمس دقائق تعيد ترتيب زينتها وانتظام خصلات شعرها السوداء الطويلة..نظرت للرداء المخملي بلون الكرز الذي ارتدته دون اهتمام ولكنها حمدت اختيارها فقد أظهر لون بشرتها المضيء بنعومة ونثر على منحنيات جسدها تفاصيل مفعمة بالأنوثة ، احبت أن يراها أنثى فاتنة الجمال..لماذا هذا الكم الهائل من المشاعر ؟!....وجمت لبرهة وهي تنظر لنفسها بالمرآة ثم خرجت وعيناها تسللت رغما عنها لمقعده...اللعنة عليه فقد رمى رأسه للخلف على المقعد وأغمض عيناه ، اتراه تعمد ذلك؟! أم أنها لا تشغل حيز من تفكيره بالأساس وتصرفه عفوي؟! أرادت بقوة أن يكن الرأي الأول وان يكن تصرفه عمد..

جلست بمقعدها بضيق واغضبها تجاهله....

فتح وجيه عيناه وعادت رأسه باستقامة حتى شعر أنها مرت من جانبه وانتهى الأمر، لما حفرت هذه الفتاة قاعدة عريضة بعقله وامتلكت مقاليدها؟! لو لم ينهض من جانبها أو ترك عيناه لرؤية وجهها الفاتن لما استطاع أن يبعد نظراته عنها...لم تفعل به ٱمرأة مثل هذا الاهتزاز !! ويقسم أنه رأي الأجمل والأكثر فتنة ولكن بها شيء يطرق على قلبه بضمة ، ربما تلك النبرة التي قالت اسمه بها ذات يوم هي السبب ،أو ربما اشتاق للحب ولوعته ، يكذب من يقل أن الرجال عند الأربعين تهجرهم المشاعر ، فأن صدق هذا فأنه استثناء اذن...ذات يوم بعمره العشرين وعندما شغف حبا بفتاة كانت بدرجة كبيرة من الأنانية فان تلك المشاعر لم تكن عدوانية الأحتلال مثل مشاعر الاجتياح الذي يمر بها الآن...إمرأة جعلت ماضيه محمل بالكراهية للمرأة..فأصبحت جميع النساء مثلها...كان يشغف بها حبا وبعد الحادث المروع لأشقائه وأصبح كل شيء تحت رعايته واولهم أبناء اشقائه الراحلين...اعترضت حبيبته وخيرته أن يرسلهم لمدرسة داخلية للدراسة بعيدا والا ستنهي الخطوبة للأبد..ولم تحتمل فكرة أنه أصبح مسؤول عنهم مسؤولية كاملة...فهم صغاره ويحبهم كثيرا ، لم تفهم ذلك وعندما خيرته أختارهم وهجر كل شيء لأجلهم..

رمى رأسه مجددًا على ظهر المقعد وعندما أغمض عيناه هذه المرة فذهب حقا في سُبات عميق بعد فترة.....

بالصباح الباكر...

خرجت للي من المطار وتعمدت ارتداء نظارتها الشمسية حتى لا يظهر ارتباكها للعيان ، واجمعت قواها حتى لا تستدير وتبحث عنه فقد تاه وسط الزحام...

اوقفت سيارة أجرة خارج المطار وذهبت لعنوان الفندق الذي تمكث فيه دائماً أثناء العطلات..

انتظرت وجيه سيارة خاصة بينما خرج بطلة فائقة الهيبة وجوانح معطفه الطويل تهتز على كتفيه وقد ارتدي نظارة شمسية سوداء لأشعة الشمس المباغتة بضوئها الأعين...تحدث السائق مع وجيه بلغة اجنبية وأجاب عليه وجيه بمزيج من الأنجليزية والفرنسية..

******

استعد الفتيات صباحاً ، فوقفت حميدة أمامهنّ قائلة:

_ قدامنا نص ساعة على ما نوصل..يلا بينا

قالت سما بضحكة: بكرة هوصلكم بعربيتي..

قالت جميلة بسخرية: أنتي قررتي كمان انك هتجيبي عربية!!

اجابت سما بابتسامة عريضة: دي عربية آسر خطيبي..عربيتي برضو

هتفت حميدة: صبرني يــــــارب

هبط الفتيات على السلم ثم للطريق...توجه الرباعي ذو النظارات السميكة بالشارع حتى لمحهم "مصيلحي" وهو يقف على عتبة ورشته وقال:

_ حتى لو اعمى وبتحسس على الحيطان عاجبني ، يا مغلبني.

كتمت سما ضحكتها وقالت بهمس:

_شوفتوا الحب يا اغبية ، اهو شايفها ابو حفيظة ولسه شاري.

رضوى بضحكة خافته: فكري يا جميلة غلبتي الواد

قالت حميدة بابتسامة: هو أقرع بس بيحبك

سومت جميلة نظرة غيظ لحميدة وقالت: حتى أنتي يا حميدة ؟! قالت سما ولم تستطع كتم ضحكتها: يابت ده دايب دوب ، ده شعره وقع وهو مستنيكي ههههههه...

اسرعت جميلة في خطواتها وسبقتهم حتى موقف السيارات بينما تشارك الثلاث فتيات الضحكات الخافته..

*****

بالمكتب....

انتهى الشباب من تناول الأفطار بإستثناء يوسف فتساءل رعد بتعجب: سبحان الله..يوسف مش جعان !!

نظر يوسف للطعام بعذاب وقال بضيق: بفطر مع حميدو ، اتعودت على كده ، بتفتح نفسي مش زيكوا !

جاسر بسخرية وهو يرتشف من كوب القهوة: بتفتح نفسك عشان بتشجعك تاكل وتبقى مفجوع اكتر...البؤساء

آسر بجدية: خلصوا عشان البنات زمانهم جايين وعايزين نبدأ شغل

كتم رعد ضحكته ونظر لجاسر الذي ابتسم بمكر فقال رعد بسخرية: بنات !! تقصد كتيبة الأعدام اللي اشتغلوا معانا ، أنت نظرك ضعف ولا مابقتش تشوف بنات ولا ايه حكايتك ؟!

تنهد جاسر قائلا: انتوا كلااااب ، كان زمان كاريمان دلوقتي قاعدة معايا وسلطان زماني ، لكن ليييه ، لازم نشتغل ونتحدي عموووو

رد رعد بذات السخرية:

_ لأ وانا اللي مكنش عاجبني ولا واحدة من الموديل اللي اشتغلوا معايا!! وبغبائي كنت بتغر عليهم ولا بعبرهم...اشتموني يا جماعة أنا حمااااار

دلف الفتيات للمكتب فجأة بينما ضحكت رضوى بملء فمها على كلمة رعد الأخيرة وقالت لحميدة: مش أنا قلتلك كده

ارتشف جاسر قهوته وبالكاد استطاع أن يكتم ضحكته ، ابتسم آسر بخفاء ثم مضى الى مكتبه سريعاً فذهبت خلفه سما مباشرةً...

نظر يوسف لرعد وانفجر من الضحك وهو يأخذ احد السندوتشات وقال :

_ ههههههههههه معلش

رمق رعد رضوى الضاحكة بغيظ شديد وتوعد لها برد الضربة....تجاهلت جميلة النظر الى جاسر بينما خطف نظرة ماكرة سريعة اليها ونهض وهو يرتشف من فنجان القهوة ببطء ويرمقها بذات البطء وقال: تعالي ورايا

زفرت بمقت فها قد بدأ سخافته مجدداً ولا عزاء لأعصابها...

فتح مكتبه لتشهق جميلة من حالة الفوضى الذي الحقت بالمكتب...راقبها متلذذا بصدمتها وقال: رتبي المكتب ، ولا هنقعد فيه كده؟!

استدارت له بدهشة وهتفت: هو أنا الشغالة؟!

عقد ساعديه أمام صدره وقال: أنتي السكرتيرة ، لو سمحتي رتبي المكتب مش هنقعد في الزبالة دي...بكلمك بهدوء اهو !!

ضيقت عيناها بغضب فهي على يقين أن هذا عن قصد...قالت متسائلة: هنروح موقع النهاردة؟

قال بتأكيد: هتسبقيني على هناك بعد ما تخلصي ، هقولك تعملي ايه هناك...

رمقها بتسلية ثم خرج من المكتب وتظاهر بإجراء مكالمة هاتفية...

*******

بمكتب رعد....

كانت تكتم ضحكاتها كلما نظرت له...تصمت لظقيقة ثم تعود ضاحكة فنهض من مقعده بعصبية وهتف:

_ ما تبطلي ضحك بقى !!

هزت رأسها بموافقة ثم ما لبث لعدة ثوانِ وعادت ضاحكة...توجه لمقعدها غاضبا ووقف أمامها هاتفا: قومي اوقفي!

نهضت رضوى وشفتيها ترتعش من كتم ضحكة أخرى وقالت بالكاد:

_ عايز ايه!

جز على اسنانه بحدة ثم قال: أنا عارف أنك بتضحكي عليا ، لو ما بطلتيش ضحك ها...

اطلقت رضوى ضحكة لم تستطع كتمانها وقالت معتذرة:

_ معلش بس أنت كنت راضي عن نفسك أوووووي وأنت بتقول حمار هههههههههه ، اقنعتني

تابعت سيل ضحكاتها وظهرت غمازتيها ، فنظر اليها لبرهة وجذبه ابتسامتها الجميلة...ربما رأها كذلك لأنه ابتسم بالفعل تباعا لضحكاتها فقال مبتسما :

_ طب كفاية عشان نبدأ شغل يا دم خفيف

استطاعت بالكاد لجم تلك النوبة من الضحك وعادت رويدا لإتزانها...

*****

بمكتب آسر....

نظر آسر لطاولة التصميمات وأشار لسما بجدية قائلا:

_ خلصتهم امبارح بعد ما مشيتي ، تعرفي أنا كنت هقفل التصميم ده وتريقتك بتاعت امبارح خلتني اعيد نظرة عليه تاني وفعلًا لقيت فيه غلطة...

دق الباب فهتف آسر بصوت رجولي بالدخول فابتسمت سما بخجل لأنه لا يستعمل هذه الحدة معها...دلف رجل في الستين من عمره وبيده صينية عليها كوب من العصير وفنجان قهوة فامره آسر قائلا:

_ شكرا يا عم مرزوق...سيبهم على المكتب

فعل الرجل ذلك وخرج سريعا فقال آسر :

_ طلبتلك عصير فريش...وانا قهوة ، هيبقى روتين كل يوم الصبح ، اما بقية اليوم زي ما تحبي..

ابتسمت سما بخجل وتساءلت:

_ اشمعنى أنا عصير وأنت قهوة؟

رمقها بنظرة بها لافته من المرح وأجاب وهو ينظر للتصميم :

_ عشان ما تتعبيش ويغمى عليكي

نظرت سما بخبث وتمتمت : ده أنت عيون القلب اشتغلت وسهرتك يا روحي بقى ، اشطة عليكي يا سمكة..

*****

صمم يوسف بتناول الأفطار قبل أي شيء فقالت حميدة بتعجب:

_ أنت مش لسه فاطر مع ولاد عمك؟!

هز رأسه نفيا وهو يأكل قطعة من السندوتش بيده وقال:

_ لأ ما فطرتش معاهم ، استنيتك عشان افطر معاك يا صاحبي..مش بعرف اكل ولا بعرف اشتغل غير معاك اقسم بالله...انتيمي أوي

اجفلت حميدة من كلماته ، لأول مرة تبتسم وتشعر بالسعادة من حديثه ، تأملته بمحبة ثم وضعت طعامها أمامه وقالت:

_ افطر لحد ما تشبع ، وانا هستناك لحد ما تخلص

قال بتذمر: كلي معايا اومال انا استنيتك ليه !!

أخذت حميدة سندوتش وبدأت تأكله بشهية وبوادر أمل لأول مرة تتسلل بقلبها ، ايمكن أن ينتهي انتظارها الى مرحلة أخرى تتمناها ؟

******

انتهت جميلة من تنظيف المكتب وهي تتمتم بالشتائم حتى دلف جاسر للمكتب بابتسامة شامته وقال:

_ تمام..اسبقيني بقى على الموقع بتاع امبارح واقفي مع العمال

وقفت جميلة وهي تجفف حبيبات العرق من جبينها بمنديل ورقي وقالت بحدة:

_ اقف مع العمال اهبب ايه؟!

ابتسم ابتسامة عريضة من غضبها وقال:

_ عايز تفاصيل عن كل اللي هيوصل للموقع من مواد بنا ، والعدد طبعا ماتنسيش ، حتى شكاير الأسمنت عديهملي..

نظرت له نظرة مطولة ولاحظت أنه راقه غضبها وعصبيتها فقالت:

_ ياريت تفضل هنا وخليني هناك ، هعرف اتعامل معاهم احسن منك..

قال ليستفزها أكثر: ما عشان أنك لا تنتسبي للنساء بصلة ببعتك وأنا مرتاح ، يلا بلاش تأخير

أخذت جميلة نفسا عميقا حتى لا تطيع غضبها وتطيح به فأخذت حقيبتها وخرجت من المكتب دون أن تنظر له...

رمقها بنظرة مستهزئه وقال:

_ ولسه...

دق هاتفه فأخذه من جيبه مجيباً : وحشتيني

قالت "توتو" بغنج عبر الهاتف: وأنت اكتر يا بيبي ، معلش هتأخر شوية

زفر جاسر بغيظ وقال: براحتك

اطلقت توتو ضحكة مدللة وقالت: لما أرجع هعوضك ، أنت عارف أني بعرف انسيك الزعل..

ابتسم بمكر وأجاب: حاولي تيجي بأسرع وقت محتاجلك أوي..

أجابت بتعجب: أول مرة تقولي أنك محتاجلي!! اومال كلمت كاريمان ليه يا خاين!!

قالت ذلك بعصبية فاجاب عليها بضحكة: لا دي تسالي بس لحد ما ترجعي...أنت الأصل...

قالت توتو بغرور: خلاص سامحتك ، اسيبك بقى ، تيك كير

اغلق جاسر الهاتف مبتسما وقال:

_ مكالمة كحتت الجفاف بتاع بسيوني اللي بيشتغل معايا..أنثى البطيخ...

*********************
إلي هنا ينتهي الفصل السادس من رواية إمبراطورية الرجال بقلم رحاب إبراهيم
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة