-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية فى جحر الشيطان بقلم هند شريف - الفصل الثامن عشر

مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة وأجمل الروايات الممتعة والروايات الرومانسية ذات الطابع الإجتماعى والمليئة بالكثير من التشويق والإثارة مع رواية رومانسية جديدة للكاتبة هند شريف علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل الثامن عشر من رواية فى جحر الشيطان بقلم هند شريف .

رواية فى جحر الشيطان بقلم هند شريف - الفصل الثامن عشر

إقرأ أيضا: رواية غرام 

رواية فى جحر الشيطان بقلم هند شريف

رواية فى جحر الشيطان بقلم هند شريف - الفصل الثامن عشر

 لقاء وإشتياق

.................

ما أجمل اللقاء بعد طول الفراق

إنها لحظة ترسم أحداثها في لون الربيع

لحظات إشتياق وحنين للقائها

كانت اللحظات تمر كالدهر وهم يسابقون الوقت

والدتها تبكي بفرحة وسعادة ونبضات قلبها المتسارعه تسبقها حباً وإشتياقاً

والدها ممسكاً بيد سميحة المرتعشة يدعو أن يراها الأن وليس بعد سويعات قليله

أما هو فكان متشوق بنبضات تعصف بشدة في صدره... صغيرته آخيراً سيراها بعد مرور أكثر من سبع أعوام

وصديقة سعيدة للقاء رفيقة دربها...حزينة تشعر بالذنب لما حدث لها وعلي يقين أنها لن تعود كما كانت من قبل

فهي تعرفها أكثر من حالها

مرت الساعات طويلاً علي الرغم من أنها كانت ساعات قليلة

كانت سميحة اول من ترجل من السيارة تُهرول نحو المنزل كأنها فتاة صغيرة في العشرين وليست إمرأة في العقد الخامس من العمر....لحق بها ياسر ومازن أما نادين فكانت تقدم قدم وتؤخر الآخري تشعر بالخوف من القادم

في الداخل تسمر ثلاثتهم بمكانهم عند رؤيتهم هذه الفتاة التي فقدت الكثير من الوزن بعينان ربما لا تعرف لونها من كثرة الهالات السوداء المحيطة بها والوجه الشاحب والشفتين المرتجفتين

تجلس بوسط البهو ولكن ليس علي مقعد بل علي الارض كأنها تعودت عليها وأصبحت رفيقتها..ضامة ركبتيها إلي صدرها..تخلصت من حجابها وتركت شعرها للعنان

كانت في عالم آخر لم تراهم في البداية إلا عندما إنطلق إسمها من فم مازن المذهول كأنه يتأكد أنها هي حقاً

مازن:أسيل!!

أجفلت عندما سمعت صوته...هذا الصوت الذي لطالما إشتاقت له كان دائماً يُشعرها بالأمان..نظرت له بعينين متورمتين من كثرة البكاء ولكن سميحة لم تعطي للإندهاش الفرصة للسيطرة عليها بل هرولت سريعاً إلتقطتها بين أحضانها كانت كالعصفور الجريح الذي وجد ملاذه آخيراً...ظلً جسدها ينتفض بشدة بين ذراعي والدتها لا تعلم هل تبكي إشتياقاً أم فرحة..هل تبكي حزناً لفراقه أم سعادة للقائهم!!

كانت الدموع كالأنهار علي وجنتيها بكت وبكت حتي إنتهت الدموع ولكن دموع قلبها الدامي كانت أقوي بكثير من مجرد دموع تبلل وجنتيها أو ملابسها التي أصبحت رثة بفعل الوقت...كلما كانت سميحة تُشدد من إحتضانها كان يزداد إنتفاض جسدها الضئيل

بعد وقت ليس بالقليل إلتقطها ياسر لأحضانه ودموعه الحبيسة تعبر عن إشتياقه الشديد لطفلته المشاغبه حتي أخذها مازن لم تتحدث إلا عندما أصحبت بين يديه هو...هو من كان يسميها رفيقته..صغيرته..مشاكسته كلمة متحشرجه خرجت من بين شفتيها المتلعثمتين فقط إسمه الذي كان كفيلاً بأن يحملها بين ذراعيه ولم يتركها إلا عندما رآها هي ونادين ينظران لبعضهما البعض نظرات تحمل الكثير من المعاني

هرولتا ناحية بعضهما بسرعة البرق كان لقاء محمل بعبق المشاعر لم يكن يحتاج للكلام لأن الصمت والدموع كانا أسمي من الحديث وهل تحتاج عيون الأصدقاء إلي حديث

ظلتا علي هذا الوضع البكاء والإحتضان الشديد....كان شعور نادين بالذنب أقوي بكثير مما يتخيله ظلت تبكي وهي تحتضن أسيل وعلي لسانها كلمة واحدة ترددها بصوت يحمل كل معاني تأنيب الضمير

نادين:أنا السبب كان لازم ياخدني أنا كان لازم يؤذيني أنا..

لم ترد بشئ فقد كانت في عالم آخر وكان لسان حالها يقول

يا ليتني لم أراه...ياليتني لم أتركه

ياليت لم يكن بيننا لقاء...حتي ينتهي بالفراق

كانت ليلة محملة بالشجن والدموع الممتزجة بالسعادة

في الردهة الواسعه كانت تجلس علي الأريكة بين والدها ووالدتها وفي قبالتها يجلس مازن ونادين...كانت سميحة تحتضنها بشدة بينما هي تتشبث بها كما لو كانت مازالت في سن العاشرة أخرجها من أفكارها صوت سميحة الحنون وهي تتلمس وجنتيها برفق قائلة

سميحة:حبيبتي تعالي إطلعي أوضتك غيري الهدوم دي وخدي شاور علشان ترتاحي

نظرت لها بتشوش كأنها لم تسمعها حقاً ولكن لم يكن يخفي علي نادين أن هناك شيئاً آخر تخفيه غير الذي حدث...عيناها تخبران بحزن دفين لذا تحركت من مكانها بإبتسامة زائفة واضعه كفيها علي ذراعي أسيل تقودها قائلة لوالدتها

نادين:أنا هاخدها ياطنط علي ما حضرتك تريحي

حاولت سميحة الإعتراض ولكن ياسر آشار لها بالسكوت فصمتت ولم تعلم السبب

كانت نادين تشعر بإرتجافة جسدها الغص بين ذراعيها والدموع التي تحررت من مقلتيها عندما خطت خارج الردهة في طريقها لغرفتها ولكن لم ترد أن تتحدث فقط ستتركها وهي تعلم أنها ستخبرها وستخبرها هي فقط

عندما خطت باب الغرفة...قادتها نادين برفق إلي فراشها الذي يبدو أنها لم تتعرف عليه حقاً بل لم تتعرف علي غرفتها التي عرفتها لسنوات عديدة كانت عيناها مشوشتان...أجفلت عندما شعرت بكفي نادين تحط علي يديها المرتعشتين نظرت لها بشرود

بينما قالت نادين بحب وحنان

نادين:حمد الله علي سلامتك ياحبيبتي

نظرت لها وعينيها تحملان ألف معني ولكنها ردت بكلمة واحدة

أسيل(بتحشرج):أنا أسفه

نظرت لها بعدم فهم ثُم قالت

نادين:أسفه!! علي إيه

قالت بصوت حزين وهي تنظر للأرض

أسيل:لأن لولا تهوري مكانش حصل كل دا ولا كان زمانكم تعبتم علشاني أوي كدا

إحتضنتها نادين بشدة وكلتيهما تبكيان بشدة

نادين:بطلي هبل الحمد لله إنك معانا إرتاحي دلوقتي وبكرا نتكلم

قبل أن تقوم سمعت صوتها يقول بتوسل

أسيل:هاتيلي ماما يانادين أنا عاوزاها

أومأت نادين برأسها وهي خائفة بشدة عليها فهذه ليست أسيل أبداً إنها مجرد صورة باهتة لها

كانت المياه تنهمر فوق جسدها الضئيل مثل إنهمار الدموع من عينيها العسليتين...كانت جسد بلا روح..نظرت ليديها وتذكرت أنها ربما تكون قد قتلت روح..أمسكت بسلاح وأطلقت منه علي إنسان كلما تتذكر ما حدث منذُ ساعات يزداد تساقط مطر دموعها وإرتجافة جسدها

أنهت حمامها بأعجوبة إرتدت بلوزة قطنية باللون الوردي وسروال قصير من نفس اللون ورفعت شعرها الطويل إلي أعلي

عندما خرجت من دورة المياه كانت والدتها بإنتظارها علي الفراش هبت من مكانها عندما رأتها

ولكنها قالت بصوت واهن ضعيف

أسيل:ممكن أنام في حضنك إنهرده ياماما

أدمعت عين سميحة وهي تحتضنها وتقودها للفراش وهي تقول بحنان متدفق

سميحة:طبعا ياعيون ماما..ده أنا ما صدقت إن ربنا رجعك ليا بألف سلامة ياحبيبتي

لم ترد ولكن دموعها سبقتها بالهطول...تشبثت بوالدتها وجسدها يرتجف من شدة الخوف والحزن...ظلّت سميحة تقرأ بعض أيات الذكر الحكيم علّها تهدئ من روعها قليلاً وقد كان..سكن جسدها حتي غطت في نوم عميق

.....................................

هل غبائي يغفرلي

لا؟ همممممممم حسناً

هل الحماقة إذن تُرضيك سبباً

أنا مصدومة...لا لا تنظر لي هكذا

نعم أنا مصدومة ...

فكيف بالله أحببتني..

لا أنا لا أشك بمشاعرك

أنا فقط أتعجب

أعلم الأن أنا ليست شفقة

لذا أتعجب رجلاً بكمالك

يحب شبيهة أُنثي

نعم من أنت !!

مما خُلق قلبك !

وكيف تري عيناك!

لذا أنا فقط أتعجب

وأطلب سماحاً

فهل حبي يعفرلي!!

كان جالساً في غرفته بعدما طمأنته والدته علي حال شقيقته وصغيرته أنها قد نامت هانئة ...تذكر ما قالته أسيل عمّا حدث ولكنه شعُر أنها هناك سر دفين وراء تلك النظرات الضائعة الخائفة فهي لم تقل الكثير بل لم تخبرهم شيئاً علي الإطلاق

ياسر:إنتِ كويسة ياحبيبتي طمنينا عملك حاجه إزاي جيتي وإيه اللي حصل بالظبط؟؟

كانت كل هذه الأسئلة تعصف بعقلها دون رحمة لا تعلم لها إجابة ولكنها لا تعلم لما لم تخبرهم الحقيقه التي تعلمها جيداً

ردت بصوت يحمل كل معاني الحزن ولكن بإبتسامة باهتة

أسيل:أنا كويسة الحمد لله متقلقوش...محصليش حاجة

ثُم أكملت بتحشرج.....كل الحكاية إني هنا ومعاكم وسليمة أهو ولو سمحتوا مش عاوزة حد يسأل عن اللي حصل لأني مش قادرة أتكلم دلوقتي

هكذا فقط ولم يستطع أحد الضغط عليها أكثر من ذلك نظراً لحالتها النفسية وهي لم تعطِ لهم الفرصة للسؤال أكثر فقد تظاهرت بالإعياء الشديد وأنها لا تريد التحدث بالأمر ولم يخبرها أحد أن خاطفها قُتِل وإنتهي الأمر

ولكن لم يكن ينطلي الأمر عليه بهذه السهولة حتماً هناك شيئاً أخر

أكان سيتركها بهذه السهولة !!

أجفل عندما سمع طرقات خافته علي باب الغرفة ثُم قال

مازن:إدخل

لم يتوقع أبداً أن تكون هي ولكنه تظاهر بالهدوء ربما تكون تنازلت عن عليائها وأتت لتتحدث بهدوء يناقض تصرفاتها الرعناء

مازن:إتفضلي فيه حاجة ؟

أغلقت الباب ورائها بهدوء ثُم رفعت له عينين مغشيتين بالدموع وقالت بصوت متحشرج

نادين:انا عاوزة أتعالج يا مازن...عاوزاك تساعدني...عاوزة ثقتي في نفسي وفي اللي حواليا ترجع تاني..نفسي أكون جديرة بحب اللي حواليا وخصوصاً أسيل...نفسي أبقي نادين الواثقه من نفسها قدام نفسها قبل الناس..نفسي بس أحس إني بني أدمة مش مجرد أداة للمخدرات..نفسي أحس..أحس

كانت تتحدث والدموع تنهمر من مقلتيها بشدة وجسدها ينتفض

تحشرجت أنفاسها عند الكلمات الآخيرة

كان يقف مذهولاً أمام سيل المشاعر وإنهيارها التام علي الأرض

دقات قلبه التي تقرع كالطبول وعرقه النافر في صدغه يعلنان إستسلامه لتلك الغبية التي لم تنفك تبهره بتصرفاتها...هرول إليها ممسكاً ذراعيها وساعدها علي النهوض قائلاً بصوت حاول الخروج ثابتاً علي الرغم من النبضات القارعه بصدره كانت أنفاسه الهادرة تلفح وجنتيها الساخنتين

مازن:هساعدك وهترجع ثقتك في نفسك وإنتِ جديرة بأكتر من كدا عاوزك تكوني قوية لإني عمري ما هتخلي عنك

إبتلع ريقه ثُم رفع ذقنها ناظراً لعينيها المتورمتين من كثرة البكاء وشفتيها المرتجفتين..وضع كفه الضخم يتلمس وجنتيها قائلاً بصوت مبحوح

مازن:مش لاني دكتور ولأنها شفقة مني...لإنك وبدون أي قصد وبغبائك وتهورك خليتي قلبي يدق..خليتيني أحبك

بحبك....والله العظيم بحبك يامجنونة

بحبك ياغبيه

بحبك يا أحلي بنت واكتر بنت متهورة وبترد قبل ما تفكر شفتها في حياتي

ب ح ب ك يا نادين

كانت ترتجف بين يديه كالفراشة...ودقات قلبها تهدر بين صدرها بعنف...وجنتيها مشتعلتان ولونهما كحبة الفرواله...جسدها ينتفض بشدة...عينان زائغتان..هل قالها حقاً أمام عينيها !!

هل أخبرها بحبه هكذا ودون قيود...دون حتي أن تصبح جديرة به

ماذا تفعل بي...يا إلهي هل لي حق الإعتراض بعدما أخبرني بها وجهاً لوجه وعيناه تقولها قبل شفتيه

إختتم ما أخبرها به للتو بأن جذبها لأحضانه كأنما يزرعها بين أضلعه...تلذذ بإرتعاشة جسدها وبسكونها...قرر إطلاق سراحها يكفيها هذا إلي الأن

قال بإبتسامة شديدة الجاذبية

مازن:بكرا هنروح لمستشفي واحد صاحبي ونبدأ إجراءات العلاج ومن غير ما حد يعرف متقلقيش

أومأت برأسها كالمنومة مغناطيسياً ثُم خرجت من الغرفة هرباً من عينيه المحاصرتين لها

عندما أغلق باب الغرفة إرتمي علي الفراش بإنتعاش كبير ومازالت تلك الإبتسامة الجذابة تزين وجهه...أخرج نفساً عميقاً كأنما إرتاح من حمل ثقيل علي صدره وأغمض عينيه في إرتياح

عندما عادت للغرفة التي جهزتها لها الخادمة لتبيت فيها هذه الليلة وللعجب كانت مقابلة لغرفته هو دون غيره

أغلقت الباب وهي تضع يديها المرتعشتين علي صدرها تحاول تهدئة نبضات قلبها التي ثارت عليها وأعلنت إستسلامها لهذا المازن المقتحم...لمست وجنتيها المشتتعلتين وجسدها المنتفض من فعل لمسته التي لم تدم سوي ثواني كانت تحبس بها أنفاسها حتي تكرم عليها وأطلق سراحها من آسر أحضانه

فتحت الشرفة تستنشق الهواء العليل علّها تسترجع شيئاً من توازنها الذي فقدته ثُم أغمضت عينيها وهي تتذكر الثواني بين ذراعيه القويتين

غداً ستبدأ أولي خطواتها نحو حياتها الجديدة

غداً ستكون أولي خطواتها لتصبح جديرة به

لتخبره بكل شجاعه كم تحبه..بل كم تعشقه وتريده فقط تبقي القليل

......................................

أراكِ في كل مكان

أما كان من الأفضل أن تبقي

أراكِ في كل مكان

في أكواب القهوة

علي جدران غرفتك

في طرقات الحي

الذي جمعنا ولم يجمعنا حقاً

أراكِ في وريقاتك التي تسرقينها مني

أراكِ في أعين ضحاياي

أراكِ بين أخبية الماضي

وفي صدر الحاضر الغائب

وبين أضلع المجهول

أراكِ في دخان سجائري

وفي عتمة ذنوبي

أراكِ..في علاّقة مفاتيحي

وألمح طيفك في مرآة سيارتي

إن صالحني النوم..تلفظني أحلامك وتستحضرك

أراكِ إذا تسلل النور خلسة إلي ّ

وأسمع صوتك في ضوضاء العالم

تصلني نغماته مع كل ضجيج عذب

أشتم رائحتك في أوراق الياسمين

وأتنشق عبيرك مع الجوريّ

وأزهار الجاردينيا

ياليتكِ بقيتِ وبقي معكِ الأمل

ياليتكِ بقيتِ ولم أتعذب بسرقة بقاياك

أنتظرك كل يوم علي أبواب مستقبل ليس له وجود

أنتظركِ علي أمل لقاء لن يحدث

ليتكِ لم تكوني أنتِ وياليتني ما كنت أنا!!

كان نائماً علي الأريكة بجانب فراش إبراهيم في المشفي واضعاً ذراعيه علي عينيه يغطي بهما المشاعر الغربية الطارئه عليهما

تذكر ما حدث وما فعله منذُ قليل عندما دخل علي والده الذي لم يستطع حتي أن يشعر بلمسته لان كل جسده لم يعد يستطع التحرك

كم تمنيّ لو إحتضنه بين ذراعيه كما كان يفعل معه وهو صغير

ولكن للأسف لم يحدث فقط دموع والده أخبرته بالكثير ونظرة عينيه المعاتبه كانت كفيلة بأن يضع رأسه علي قدمه وهو يقول بصوت متألم

يوسف(آسر):من غير عتاب إقرا قرآن ليا زي ما كنت بتعملي أنا وهي دايماً

تعجب من هذا الصوت الحزين المحمل بالآسي والضعف ولكنه فعل كما طلب بدأ في تلاوة بعض الأيات من سورة (يس) حتي تهدئ من هذا الجاثي علي ركبتيه واضعاً رآسه علي حجره ولم ينبت بحرف سوي الإستماع لهذه الآيات التي كانت تهزه بعنف وتجعل عيناه يخونان العهد الذي قطعه عليهما وتتبللان ببعض الدمع

أغمض عينيه بشدة مُحاولاً أن ينسي وألا يري عين كل من قتلهم بوحشية كل رجل..كل إمرأة...كل شاب تجرع مرارة الخسارة بسببه

حاول بشدة محو صورة تلك الفتاة التي أوهمها بفقد عذريتها

ها هي تقف أمامه بكل قوة وتخبره أنها لن تسامحه علي ما فعل

فتح عينيه بقوة عندما جاءت هي بكل برائتها لتأخذه بعيداً عن تلك الظلمات وهذا السواد القابع بداخله تخبره أنها بجانبه ولن تتخلي عنه أبداً مهما حدث....تذكر إرتجافة جسدها الضئيل بين ذراعيه القويتين

يا ويل قلبي بما فعلته به...ها أنت النور الذي حاول إخراجه مما هو فيه من ظلام ولكن بعد فوات الأوان فقد تعفن ولم يعد يصلح لشئ بعد الأن

كانت الساعة قد تجاوزت السادسة صباحاً ولم تري عينيه للنوم طريقاً فقط تلك البراءة المطبوعة في قلبه قبل ذهنه تُقابل تلك الوحشية التي كانت بنفس المكان منذُ سنوات

دخلت الممرضة لتطمئن علي والده فقام متجهاً إليه هو الآخر

عندما ذهبت لتعد له الإفطار إقترب هو ليجلس بجانبه علي الفراش وتلمس كفيه الذان أخفت التجاعيد ملامحهما ثُم قال بصوت مبحوح

يوسف(آسر):ساحمني لاني مكنتش زي مانت بتتمني موتها واللي حصل بعد كدا..ووجودي في المكان ده غيرني أوي يمكن لو كنت جيتلك ومهربتش مكنش ده حصل..كمان ساعات قليلة يمكن متشوفنيش خالص بس فيه حد هيجيلك كل يوم هو قريب مني أوي

إدعيلي إن ربنا يسامحني لأني مليش عين أطلب منه السماح..مش عارف إذا كان ممكن يقبلها مني ولا لأ...يمكن يسامحني لو حاولت أصلح حاجة من أخطاء الماضي (إبتلع ريقه بغصة ثُم أكمل)..اللي هعمله ده علشانك قبل ما يكون علشاني سامحني لأني بحبك بحبك أكتر من أي حد في الدنيا دي يابابا

كان إبراهيم يستمع لتلك الكلمات وفقد لسانه الرد وكانت عيناه تفيض من الدمع ولم يقوي علي قول كلمة أمام سيل المشاعر المتدفق من ولده الوحيد...تمنّي لو يستطيع أن يحتضنه فيبثه بعضاً من تلك المشاعر الثائرة بقلبه..يبثه بعض الإطمئنان الذي ينشده ولكن عجزه عن الحركة منعه من ذلك..قال بصوت يفيض حزناً

إبراهيم:هدعيلك ياحبيبي وخليك دايما عارف إن ربنا رحمته وسعت كل شئ وباب التوبة مفتوح لكل إنسان مهما عمل المهم ميرجعش لذنوبه تاني...أنا حاسس إنك شايل هم كبير ومش قادر تتكلم بس أنا دايماً معاك وإوعي تقول إنك مش هتشوفني تاني إوعي أسمع منك الكلمة دي إنت اللي باقيلي بعد ما هي راحت..إنت هترجع

مدّ يديه يسمح الدمعة الخائنة التي إنهمرت من مقلتيّ والده وقبّل جبينه قبلة طالت كثيراً كأنما يودعه ولا يعلم هو متي اللقاء

إستوقفه صوت والده الحنون وهو يقول

إبراهيم:إفتح الدرج اللي جنبي ده

نفذ ما قاله والده ثُم قال

يوسف(آسر):مفيش هنا غير كتاب ومصحف صغير

أومأ إبراهيم برأسه ثُم قال

إبراهيم:هات المصحف

نظر له بعجب ثُم أعاد النظر للمصحف كيف تلمسه يداي وتدنس طهارته..كيف أستطيع أن أمسك به وأنا أعلم جيداً أني لا أستحق المساس به...أخرجه والده من أفكاره قائلاً بحزم

إبرهيم:خد المصحف يا يوسف

أخذه بتردد وهو ينظر لإبراهيم بتساؤل قائلاً

يوسف:حضرتك عاوزه!!

أشار برأسه دليل علي الرفض ثُم قال

إبراهيم:إوعدني إنه ميفارقكش لحظة واحدة وإنك تقرا فيه كل ما تحس إنك محتاج ربنا...إوعدني يايوسف

كانت دقات قلبه تتعالي بشكل مسموع وعيناه غائرتان يحاول إستيعاب ما يطلبه منه...كيف وهو لم يمس مصحف بل لم يركع لله منذ أن دخل تلك المسماه (بالإصلاحية) وتعرف علي هذا ال عُمر

كيف وهو لم يتحدث إلي الله إلا من خلالها هي ودعواتها هي له

كانت صوت إبراهيم أكثر حزماً هذه المرة وهو يقول

إبراهيم:بقولك إوعدني يا يوسف إنك مش هتتخلي عن المصحف ده أبداً مهما حصل

نظر له بعينان تفيضان حباً وحزناً وهو يقول

يوسف:أوعدك

ثُم أعاد تقبيل جبينه وكفيه المستقرين بجانبه ولم ينبت بحرف واحد بل إنطلق إلي بداية غريبة وجديده عليه ولكن بتصميم شديد أن يخوض المعركة وحده


نفس العين التي كانت تجردها من ملابسها والتي كانت تأكلها

نفس النظرة المقززة التي جعلت جسدها ينكمش

تنظر لها بشهوة كبيرة يعلوها التصميم حتي جاء هو فوقف كالطود العظيم في مواجهة تلك النظرات المشمئزة متلقياً اللكمات دون مبالاة بل ونظرة السخرية التي لازمته مازالت علي وجهه

حتي كاد الطود أن ينهار إلا أنها وفي لحظة واحدة تنقذه من موت محقق...عند هذه النقطة أطلقت صرخة شقّت بها عنان السماء

كانت تتحدث بصوت متقطع...العرق يتصبب من كل أنحاء جسدها الذي ينتفض برعب خالص والدموع التي تتدفق أنهاراً من مقلتيها بينما سميحة ونادين يحاولون إفاقاتها من هذا الحلم المزعج

سميحة(برعب):اسيل حبيبتي قومي يابنتي إصحي ده مجرد حلم

كانت تربت علي وجنتيها برفق حتي تستفيق بينما نادين أحضرت لها بعض الماء

إستافقت تنظر لهم كأنها تراهم لأول مرة..كأنها لم تعلم حقاً أين هي إلا عندما إحتضنتها والدتها قائلة بحنان متدفق

سمحية:إنتِ كويسة يابنتي والله إنتِ خلاص في أمان ياحبيبتي

حاولت إستيعاب بعضاً مما تقوله والدتها ولكن قلبها كان يسأل هل هو بخير كما هي الأن !!

إرتشفت قليلاً من الماء وهي تحاول إلتقاط أنفاسها المتسارعة ودقات قلبها المتسائلة عنه وعنه فقط

مسّدت نادين شعرها وظهرها في محاولة لتهدئة جسدها المنتفض ثُم قالت

نادين:ها بقيتي أحسن دلوقتي

أومأت برأسها دون ان تقوي علي الرد بينما بادرت سميحة بالقول

سميحة:أنا هقوم أجهزلك أحلي فطار ياعيون ماما

أوقفتها أسيل بصوت ضعيف واهن وهي تنظر التي قد تجاوزت السابعه صباحاً

أسيل:أنا هصلي ياماما الصبح ومعلش محتاجة أكون لوحدي من فضلكم أنا كويسة والله

همّتا بالإعتراض ولكن بادرت هي بالقول وبإصرار غريب

أسيل:علشان خاطري ياماما وصدقوني اول ما أعوز حاجه هناديلكم علي طول بس من فضلكم أنا محتاجة أكون لوحدي بجد

أوشكت سميحة أن تعترض ولكن نادين قادتها برفق خارج الغرفة ويعتمل قلبها القلق الشديد ناحية هدوء أسيل المريب

بعدما خرجتا من عندها أغلقت باب الغرفة بالمفتاح ثُم ذهبت لتتوضأ وتُصلي

طوال الصلاة تبكي وتدعو الله أن يُسامحها علي قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق..تدعو الله أن يحفظه أينما كان...وجدت الدموع طريقها لعينيها كما تفعل دائماً في الأونة الآخيره وهي لم ترفضها بل إستقبلتها بصدر رحب

بعدما أنهت الصلاة إتجهت إلي الكومود الموضوع بجانب الفراش وأخرجت منه الظرف الذي كان قد أعطاه لها الليلة الماضيه

فتحته بيدين مرتعشتين وقلبها يهدر في صدرها بعنف وجدت الكثير من الملفات التي تدين طارق وغيره وصور تدعم هذه الملفات صفقات مشبوهة مثل السلاح والمخدرات وغيرها من الصفقات

شهقت بعنف لما رأت هل هؤلاء من يمنون الشعب أنهم يقومون بما في صالحهم يسرقون أموالهم ويقتلون أولادهم بإسم الصالح العام

تباً لهم....قبل أن تُغلق الظرف وجدت ظرف صغير بداخله مكتوب عليه إسمها

إرتعشت أناملها وهي تلتقطه...ودقات قلبها تسارع بالقفز بين أضلعها وجسدها المنتفض بعنف فتحت الظرف بخوف وياليتها ما فعلت

(لم أكن أتخيل نفسي يوماً كاتباً مجرد ورقه لفتاة...وليست كأي فتاة بل فتاة أقحمتها في حياتي بغباء لم أعهده مني..براءة دنستي..عيون لم تري فيّ سوي الرجل النبيل الذي لم أكونه يوماً...لا أعرف حقاً هل أنتِ من إقتحمت خلوتي أم أنا من أقحمتكِ قذارتي

لا يهم...كل ما أعرفه الأن أني دنست برائتكِ التي تغلغت داخل روحي دون قصد منكِ ...سامحيني لأني أقحمتكِ بهذا الوحل وتلك الظلمات,ولكني لن أسامحكِ علي عشقكِ لرجل لم يكن مؤهلاً يوماً لأن يختبر هذا الشعور الغريب..ماذا فعلتِ وكيف فعلتِ ذلك!! لا أعلم فقد دخلتِ بكل قوة داخلي تنخرين السوس المتقوقع في قلبي...حاولتُ التخلص منكِ مراراً وتكراراً ولكني لم أفلح في أي من هذا

تركتكِ لأني لا أريد ان أري ضحاياي في مقتليكِ البريئتين

أنتِ الأن في أمان..وأعدك أن تظلي هكذا

الأوراق التي بحوذتك قريباً ستحتاجنيها ولكن إياكِ إرسالها للشرطة قبل وضعها في الجرائد وهذا سيجعلك في أمان أكثر ويحفز موقفك أكثر ويجعلهم يتحركون وفق الرأي العام كما يقولون

لم أكن أعلم أني أخطأت في حق من حولي وحق نفسي قبلهم إلا عندما قابلتكِ بهذه الرقة وتلك البراءة التي لم توجد قبلاً في عالمي الأسود

ها أنتِ الملاك الذي أفسد فسادي

ها أنتِ تأخذيني من عتمة ذنوبي التي لا أعلم لها حدود إلي نور قلبك الذي لا يقابله نور

إعتني بنفسك وكوني دوماً باسمة متفائلة كما عرفتُ عنكِ

وإعلمي جيداً أني أراكِ حتي لو لم يتسني لها اللقاء فلن تغيب عيني عنكِ لحظة

سأطلب منكِ شيئاً أخير ناك ورقة صغيرة بجانب هذا المغلف بها عنوان مشفي يرقد به والدي أرجو منكِ زيارته لأنه لن يتبقي له غيرك

إطلبي من الله أن يغفر لي ذنوبي التي قتلتني كما طلبتِ من قبل

عل شيئا من طهارتك يمحي بعضا من ذنوبي امامه

عل قلبا لم يكن يوما رحيما يرُحم

الي لقاء لن يحدث

يا حبة القلب)

كانت شهقاتها تتعالي عند كل كلمة تقرأها والدموع تتدفق كالأنهار والأمطار معاً وقلبها لا يعرف حالاً ولا مرسي فأين مرساه وقد فقدها بفقدانه...قلبها الذي ظلّ يهدر بعنف بين أَضلعها وجسدها المنتفض ووجهها الشاحب كل ذلك لم يكن ليُمثل أي شئ مما تشعر به...بماذا تشعر..هل تشعر بالسعادة لأنه قالها

أم تشعر بالحزن لأنها لن تلقاه مجدداً....كان كل حرف يخرج كأنما تراه يقوله وليس في مجرد ورقة..تراه أمامها بكل بروده يقول تلك الكلمات التي نهشت روحها وجعلتها بلا روح...عيناها زائغتان وتنظر للسماء بكلمة واحدة تُخرجها من أعماق أعماق قلبها المكلوم

(يااااااااااااااااااااااااااااااارب)

.............................................

عندما خرج من عند والده نظر للمصحف الذي بين يديه إرتعشت عضله في فكه وهو ينظر له..منذ متي لم يمسسه..بل منذ متي لم يراه..لا يعلم...ولكنه يعلم منذ........تذكر آخر ما حدث بعد إنتحارها الخبيث

كان يجلس إلي جانب القبر بعد رحيل كل المعزيين والدموع تغزو مقلتيه بلا رحمة..قد فقد شقيقته بل حبيبته التي لم تري ألواناللحياة بعد غير لونها القبيح..كانت شهقاته تتعالي بعنف منذُ وفاتها منذُ أربعة أيام بالتحديد وهو لا يبارح هذا المكان يأتي له الحارس ينهره بعنف ويخبره أنه لن يبرح مكانه حتي تعود إبتسامتها

وخصوصاً بعدما زادت الصدمة علي والده الذي تعرض لشلل مفاجئ في جميع أطراف جسده حتي فقد النطق

توحشت عيناه...إرتشعت عضلة فكه الأيمن..ضغط قبضتيه بشدة حتي إبيضت مفاصله..وأنفاسه هادرة بعنف قام من مكانه عاقداً العزم علي مكان وجهته

في ذلك المنزل القبيح الذي شهد أسوأ المأسي صعد الدرجات بسرعه خياليه ظلّ يطرق باب المنزل فتحته والدته المتشحه بالسواد حزناً علي إبنتها...إبتسم بسخريه شديدة وهو يقول

يوسف:زعلانه اوي مش كدا

نظرت له بخزي وتردد هي تقول

فوزية:حرام عليك...دي بنتي يايوسف

قاطع صوته صوت رجولي حاد قائلاً بسخرية

عادل:أهلاً بسبع البرومبة

لم يتمالك نفسه أكثر من ذلك بل تجاوزها وأمسكه من تلابيب عبائته المتسخه باغته بلكمة قوية أفرغ فيها كل عنفوانه وقوته...تلاها العديد من اللكمات التي لم يستطع عادل تفادي أي منها

حاولت فوزية تخليصه من بين يديه ولكن لم يكن ليخلصه أي شئ سوي الموت...فقد كان يوسف كالثور الهائج وعيناه حمروان كالدم

أمسكه من رقبته يخنق أنفاسه الكريهه حاول الجيران تخليصه ولكنه ما تركه إلا وقد لفظ أنفاسه الآخيرة

نظر لوالدته بإشمئزاز مضاعف ونظر لأحد الجيران قائلاً له بهدوء ناقض ما كان عليه منذ قليل

يوسف:كلم البوليس

عند هذه الكلمة توقف سيل الذكريات فلم يرد الإنغماس في حياته القذرة أكثر من ذلك

إتخذ طريقه إلي قسم الشرطة عاقداً عزمه علي ما قرر فعله منذُ الأمس

........................................

في الصباح الباكر إستيقظت تشعر بالنشاط والإستمتاع فاليوم هو خطبةهايدي صديقتها ورفيقة دربها وستذهب أيضاً لإبنة أشرف كما وعدته

أعدت كوب الشيكولا الساخن وقررت الإتصال بوالدها لتخبره أنها ستعود قريباً للمنزل

ماجد(بلهفة):ريما إزيك يابنتي وحشتيني أوي

ردت عليه بتأثر

ريما:وإنت كمان وحشتني يابابا...هو حضرتك بتكلم ماما!!

ماجد:أيوة بكلمها وبتسأل عنك علي طول بس أنا اللي قلتلها متكلمكيش غير لما تحسي إنك عاوزة تتكلمي

شعرت بالسلام النفسي لما قاله والدها فقط القليل وسأعود لحياتي بأفضل حال

أغلقت معه الهاتف بعدما طمأنته علي حالها وأخبرته عن خطبة هايدي الذي فرح كثيراً بها

إرتدت ملابسها المكونة من قميص قطني باللون الأزرق وسروال جينز وتركت شعرها للعنان ثُم إرتدت نظاراتها الشمسية وإنطلقت إلي أجمل محل ورود لتوصي علي باقة من أرق الورود علي عنوان هايدي وبعدها إنطلقت إلي المركز الذي تقيم به نسمة بعدما حددت موعداً مع الطبيب المعالج لها بالطبع

طرقت باب الغرفة ودلفت ثُم جلست بجانبها علي الفراش

كانت علي نفس جلستها منذُ البارحة كما أخبرتها الممرضة

لامست أناملها المرتعشة وهي تقول بصوت حزين مبحوح

ريما:تعرفي! أنا مكنتش في رقتك كدا ومكنتش طيبة زيك كنت دايماً مغرورة وببص للناس من فوق لدرجة إن كل زمايلي ف الجامعه مكانوش يحبوني ويوم ما إتقدملي إبن عمي رفضته لأنه تافه وملوش شخصية...عمي المبجل مقبلش إني أرفض إبنه عمل عليا خطة قذرة وساعده فيها واحد زميلي من الجامعة.(أكملت بصوت متهدج)..وبصراحه مبلموش لاني كنت شايفه نفسي السما واللي حواليا الأرض....أنا خسرت كتير أوي يانسمة بس إتعلمت أكتر إنتِ أنقي مني وأطهر من إنك تسمحي للحيوان ده إنه يقضي علي حياتك ومستقبلك..لازم تتعلمي إن الدنيا مبتديش غير اللي ياخد منها لازم تبقي أقوي

أنا مش هسيبك لأني مريت باللي إنتِ مريتي بيه...هفضل أجيلك كل يوم علي أمل إنك تتكلمي في يوم وأنا اللي أسمعك

قبلّتها من جبينها قبل قوية حيثُ كانت الفتاة الآخري ترتعش وتبكي في صمت...ربتت علي وجنتيها في حنان وهي تشعر أن اليوم أفضل من الأمس

تحدثت مع أشرف علي الهاتف وشكرها كثيراً علي ما فعلته ودعا الله أن تعود إبنته كما كانت...إتخذت طريقها إلي منزل هايدي فهي يجب أن تساعد في كل شئ منذُ البداية

سلمت علي أخويها الصغيرين ووالدتها وصعدت لغرفتها بخفه

طرقت الباب عدة طرقات ثُم دخلت بإبتسامة مشرقة

ريما:صباح الفل علي أجمل عروسة

إحتضتنها هايدي بإبتسامة مترددة وأدارت وجهها تدعي إنشغالها بإختيار الماكياج الملائم لها

هايدي:إتأخرتي ليه يا أستاذه

ساعدتها ريما بالنظر لكل الألوان حتي تختار أفضلهم وهي تقول

ريما:كنت بزور بنت الأستاذ أشرف إنتِ عارفة إني وعدته إني أزورها كل يوم

أومأت برأسها دون الرد أمسكتها ريما من ذراعيها برفق قائلة

ريما:مالك ياهايدي فيه حاجة مضايقاكي

إبتسمت بتردد وهي تقول

هايدي:لأ بس..تلاقيني متوترة يعني وكدا حتي أنا كلمت بتاعة الكوافير تيجي تظبطلي مكياجي هنا

نظرت لها نظرة ثاقبة ثُم قالت

ريما:إنتِ فيه حاجة مخبياها عليا ؟؟

إحتضتنها هايدي قائلة

هايدي:حاجة بس يابت إنتِ وبعدين بقي انا جايباكي علشان تساعديني يلا إخلصي

تظاهرت ريما بأن كل شئ علي ما يُرام كما تظاهرت هايدي أيضاً بأن كل شئ علي ما يرام

إرتدت هايدي فستان باللون الكريمي بتطريز هادئ من الخصر ضيق من الصدر ذات حمالات رفيعه إرتدت فوقه شال رقيق

أما ريما إرتدت فستان بلون السماء كاللون الأزرق في عينيها طويل متهدل علي خصرها النحيل بدون حمالات ضيق عند الصدر واسع من الأسف كانت كالأميرات

مرّت الخطبه علي خير وبعد رحيل أكثر الحضور وظلّ خطيب هايدي معها للعشاء كانت ريما علي وشك الرحيل عندما قامت هايدي ورائها بعدما إستأذنت من محمد وذهبت لها

ريما:إيه اللي جابك ياهبلة أنا مش سلمت عليكي خلاص

تململت هايدي في وقفتها ثُم قالت بتردد

هايدي:فيه حاجة مهمة كنت عاوزة أقولهالك

إبتسمت ريما كأنما تعلم شيئاً ثُم قالت

ريما:إنتِ مخبية عليا حاجة م الصبح صح؟

نظرت لها هايدي في حزن ثُم قالت

هايدي:فاكرة البنت اللي إسمها لورا اللي كانت عارفه صاحب

لم تكمل جملتها حتي قاطعتها ريما قائلة بصوت مبحوح

ريما:صاحب آسر...مالها؟؟

إبتلعت ريقها ثُم نظرت لها بخوف قائلة

هايدي:إتصلت بيا الصبح وقالتلي إن عُمر لقوه مقتول بس محدش يعرف لسه فيه إيه وإنه هو كان الوحيد اللي عارف كل حاجة عن آسر ودلوقتي هي متقدرش تساعدني

شعرت بالأرض تميد بها أمسكت رأسها ودموع الألم تقفز من عينيها بعدما كانت علي بعد خطوة من إنتقامها ينهار كل ما خططت لأجله

نظرت لهايدي بعينين زائغتين ثُم قالت بصوت حزين

ريما:إدخلي لخطيبك أنا هروح وبكرا نتكلم

أمسكت هايدي ذراعيها برجاء قائلة

هايدي:خليكي بايتة معايا إنهردة مينفعش تروحي كدا وبعدين الوقت تأخر الساعه داخله علي 12

ردت عليها والدموع تأبي التحرر من مقلتيها بصوت ثابت

ريما:لو سمحتِ ياهايدي بجد مش هقدر أنا عاوزة أكون لوحدي وأوعدك أول ما أروح هكلمك

لم تقل كلمة آخري ودعتها وروحها ليست معها صعدت السيارة ثُم إنطلقت ولكم تمنت لو ماتت في هذه اللحظة بالذات

.............................

بعد يوم عمل شاق ينشد في آخره الراحة والهدوء قرر أن يمشي قليلاً ويتمتع بتلك النسمات الهادئة التي تداعب شعره الطويل قليلاً

فقد وجد عملاً كمندوب مبيعات منذ يومين وها هو اليوم الثالث يمر عليه وهو سعيد وخالي البال من كل شئ سوي صاحبة شعر عسلي متطاير غلب عليه العجب وهو يفكر بها قاطع عليه حبل أفكاره من الشارع الخالي تقريبامن المارة عندما رأها

بفستان ساحر طويل تتهادي كالأميرات بالقرب من النيل بشعيرات عسلية هاربه من الأخريات المثبتة بمشبك صغير

كيف تجرؤ هذه الغبية علي التحرك في الشارع في مثل هذا الوقت المتأخر بهذا الفستان الساحر الفاتن كيف !! حتماً تحتاج لكسر رأسها من تهورها الدائم

تركت سيارتها عند المنزل وخرجت منها لإستشاق الهواء علّها تُهدئ من نار قلبها المشتعله وأمالها الباليه لم تهتم ولم تعطي بالاً لم ترتديه ولم تعطي تعطي بالاً لأن الوقت قد قارب علي الواحده منتصف الليل كل ما إهتمت به أن حلمها في أن تحطمه ذهب بلا رجعة أن تتشفي به كما فعل بها ذهب سدي

لم تشعر إلا بصوته الجهوري الذي جعلها تنتفض ذعراً في مكانها قائلاً بغضب مستعر

أحمد:إنتِ مجنونة ولا مجنونة

نظرت له بعينين مغشيتين من كثرة الدموع إبتلعت ريقها في خوف وهي تنظر له كأنما تراه لأول مرة...تراجعت حدة صوته عندما رأها بهذا الضعف وتلك الهشاشه الغريبة وضع سترته المتواضعه علي كتفيها العاريتين ثُم قال بحدة أقل

أحمد:إنتي رايحه فين؟

نظرت له مرة آخري وعيناها تائهتان كأنما ترجوه أين تذهب ثُم قالت بتشوش

ريما:مش عارفة...إنت تعرف لو تعرف المفروض أكون فين وديني

شعر بوخز في قلبه ولا يعلم لماذا...هذه الفتاة بها هالة تقول أحتاج للنصح أحتاج للحماية...هذه الفتاة التي لم يراها سوي ثلاث مرات تفعل به الأعاجيب

قادها برفق إلي أقرب مقهي في زاوية بعيداً نسبياً عن الآخرين طلب لها كوب من الليمون وأخذ هو فنجان قهوة علّه يهدئ هذا الصداع الذي يفتك به منذ الصباح

بعد قليل من الوقت كانت قد إستعادت نفسها وهدأت دموعها قليلاً نظرت له بإمتنان وعينان تنضحان حزناً خالصاً

ريما:شكراً

نظر لها قائلاً بحزم وصوت يتغلغل إلي أعماقها

أحمد:إنتِ مجنونة صح !! فيه بنت عاقله تمشي الساعه واحده بالليل لوحدها لأ ولابسه لبس...

أخذ نفساً عميقاً ثُم حرك رأسه في يأس ليُكمل ما قاله

أحمد:إنتِ كنتِ فين باللبس ده وإيه اللي ممشيكي دلوقتي كدا إديني مبرر واحد

نظرت لو بذعر ولم تعلم لماذا أجابته عن كل تلك الأسئلة التي يعلم هو أنه لا شأن له بها إطلاقاً

ردت بخنوع غريب عليها

ريما:أنا كنت في خطوبة واحده صاحبتي..أو تقدر تقول صاحبتي الوحيدة...بس كنت مخنوقة أوي ومقدرتش أروح قلت أتمشي شوية..والله مكنتش أعرف أن الوقت متأخر

لم يكن يتوقع أبداً أن تجيبه بل ستنفجر في وجهه وتخبره أن لا شأن له بها ولكنها خالفت كل توقعاته بأن ردت عليه في خنوع

إبتسم إبتسامة واسعه زادت من جاذبيته وظهور غمازتين بجانب وجهه ثُم قال بهدوء

أحمد:مش قلتلك سيبيها للصدف أدينا إتقابلنا تاني أهو بس المرادي صدقيني مكنتش هتهاون أبداً في ضربك...حتي لو مخنوقة ياأنسه تبصي ف الساعه وتبصي علي لبسك اللي إنتِ لابساه

أطرقت رأسها خجلاً من كلماته الحازمة والرقيقه في نفس الوقت وإبتسمت من بين دموعها ثُم قالت بإمتنان حقيقي

ريما:متشكرة بجد يا أحمد لو حد غيرك كان ممكن يستغل حالتي دي بس إنت مختلف

نظر لها بعينيه الساحرتين قائلاً

أحمد:لا شكر علي واجب...يلا بقي علشان أروحك

نظرت له بإبتسامة هادئة ثُم قالت

ريما:يلا بينا

بينما يتجولان في الطريق الخالي تقريباً من المارة كانت تتهادي أمامه كأميرة من القصص الخيالية تطرق رأسها خجلاً ولم تنبت بحرف إلي أن قطع الصمت قائلاً

أحمد:إيه بقي اللي كان خانقك ؟؟

لاحظ تصلب جسدها دفعة واحدة وإرتعاش كفيها الصغيرين نظرت له بعينان تائهتان خائفتان...ردّت عليه بصوت كئيب

ريما:عارف لما تبقي بتتمني حاجة وبتحلم بيها وهي اللي هتغير حياتك كلها هتخليك إنسان جديد بدون أخطاء نضيف من جوا وفجأه يضيع منك كل حاجة

ردّ عليها بصوت هادئ عقلاني

أحمد:ممكن تكوني إنسانة جديدة من غير الحلم دا..عارفة إزاي إنك تدوري علي حلم أحسن وأجمل لانك لما متحققيش الحلم ده معناه إن ربنا بعدك عن حاجة مفيهاش خير ليكي وهو وحده اللي عارف الخير فين...علشان كدا متزعليش علي حاجة ضاعت منك

عسي أن تكرهوا شيئاً وهو خيرُ لكم

ربنا قال كدا..يعني متكرهيش حاجة علشان ممكن تبقي الخير ليكي

نظرت له بإنبهار كأنه يعلم كل ما مرت به ويواسيها بطريقته الخاصة إبتسامة مائلة عينان لم تري فيهما سوي الحنان والتفهم

كانت قد وصلت للمنزل الدي كان يبعد كثيراً عن المكان التي كانت به ولكنها لم تشعر أبداً بطول الطريق معه بل كانت تشعر بالسعادة البالغة والهدوء النفسي

نظرت له بإمتنان والإبتسامة الرقيقة تزين وجهها

ريما:ميرسي بجد علي كل حاجة

أطرقت رأسها خجلاً ولا تعلم كيف تجرأت لتكمل

ريما:هشوفك تاني؟

إبتسم وهو يومئ برأسه وأرجع شعره الكثيف للوراء وهو يمسك يديها ويكتب عليها رقم هاتفه

أحمد:ده رقمي وقت ما تحبي تشوفيني كلميني وهتلاقيني قدامك

إدخلي بقي ومتبقيش تخرجي متأخر تاني ماشي؟

أطرقت برأسها خجلاً للمرة لا تعرف كم مرة تحديداً من كثرة خجلها من نظراته وكلماته..سحبت يديها من بين كفيه الدافئين ودلفت للمنزل وهي تشير له برأسها

أما هو بعدما تركها ضحك من نفسه كثيراً علي ما فعل...كيف فعل ذلك لا يعلم حقاً غير أن لا وعيه هو ما فعله وليس أحمد أبداً من فعل ذلك

أهكذا النبل يا أنت!!

أترك قلبي قليلاً

فأنت تدخل بكل قوة

وأنا لست بمستعدة لهذا الوفاء

فقط دعني أستوعب ما تقوله حتي أستطيع....التصديق

*********************
إلي هنا ينتهي الفصل الثامن عشر من رواية فى جحر الشيطان بقلم هند شريف 
تابع من هنا: جميع فصول رواية أباطرة العشق بقلم نهال مصطفى
تابع من هنا: جميع فصول رواية مشاعر حائرة بقلم تسنيم عبد الله
تابعوا صفحتنا على الفيس بوك للمزيد من روايات حزينة
أو أرسل لنا رسالة مباشرة عبر الماسنجر باسم القصة التي تريدها
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة