-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية الشرف ج5 قسمة الشبينى - الفصل الرابع والعشرون (الأخير)

مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص مع رواية صعيدية جديدة للكاتبة المتألقة والمبدعة قسمة الشبينى التي سبق أن قدمنا لها العديد من القصص والروايات الجميلة علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل الرابع والعشرون (الأخير) من رواية الشرف ج5 بقلم قسمة الشبينى. 

رواية الشرف ج5 بقلم قسمة الشبينى - الفصل الرابع والعشرون (الأخير)

اقرأ أيضا: روايات رومانسية عربية كاملة

رواية الشرف ج5 قسمة الشبينى

رواية الشرف ج5 بقلم قسمة الشبينى - الفصل الرابع والعشرون (الأخير)

 جلس بجوارها بعد أن سطحها فوق الفراش برفق ، جالت عينيه فوق قسماتها المجهدة لينحنى مقبلا جبينها بدفء : ماكنتش اعرف جيمتك .. ماكنتش اعرف إنك الهوا اللى بتنفسه .. كنت انانى معاك انت وبس .. باخد واخد واخد .. وانت عطيتى كتير .. عطيتى حياة ماكنتش شايفها وحاطط عينى على الموت .. عطيتى حب كنت خايف اخسره فهملته وكنت هخسره من غير ذكرى طيبة تفتكرينى بيها .. آيات انا كنت بخاف من الحب وبفر منيكى ومنيه .. خايف اسلم جلبى للعشج والعشج موت .. عمرى ما كرهتك زى ما كنت فاكرة انا كنت كاره روحى ... سامحيني يا آيات .. ماكنتش فاهم إن العشج هو الحياة ونعيمها ..سامحينى


رفعها لتستقر بين ذراعيه ، لقد سامحته بالفعل لم تكن بحاجة لطلبه سماحها .. كانت فقط بحاجة هذا الدفء وهذا الصدر .


أغمضت عينيها تستشف المزيد من لهفته التى تزداد تطلبا .. طرقات فزعة أبعدته عنها قليلا متسائلا : خبر إيه ؟

جاءه صوت الخادمة : الست دينا وسى دياب يا بيه اتعاركوا وهو مشى .


دفعته برفق : انزل يا يزيد طلع لي دينا وشوف إيه الحكاية

أومأ بصمت وتحرك نحو الخارج . نظر للخادمة وأمرها : هاتى وكل الست اهنه جبل اى حاچة .


***


هبط الدرج حيث يجلس الجميع ودينا بين ذراعي أبيه تبكى . هرولت عفاف نحوها تحمل كوبا من الليمون : أشربى يا دينا ووحدى الله .


تابع جدها بحنان : هتأذى ولدك يا دينا بزيادة بكى .


رفع أبيها الكوب لترتشف بعضا منه حين استقر يزيد أمامها : حوصل إيه يا دينا ؟


عادت للبكاء ولم تجب فنظر يزيد نحو صهيب : إيه اللى چرى يا صهيب ؟


نظر الفتى نحو خاله : ولا حاچة يا خال بوى بس متعصب شوى دلوك يروج ويعاود


تحدثت من بين شهقاتها : لاه ماهيعاودش


تعجب الجميع بينما نظر لها مجددا : ماهيعاودش ليه يا دينا ؟ عملتى إيه ؟ جولى خلينى ألحجه .


نهره أبيه بعينيه للقسوة الظاهرة بكلماته لكن دينا بدأت تتحدث .


***


اوقف دياب السيارة بجانب الطريق فهو لا يرى بشكل جيد .. ربما الغضب وراء هذا التشوش الذى يشعر به .


اغمض عينيه وكفيه يبتلعا ملامحه التى تضارب الغضب والحزن أيهما سيفرض سيطرته عليها لتكون الكفة الراجحة لصالح الحزن الذى يضرب بقلبه نصال تمزقه اربا .


لا يصدق ما حدث منذ عاد ليلا للمنزل ليجد دينا تشتعل غضبا وتقف أمامه صارخة : انت فاكرنى إيه تاچى ترمينى فى دارك ومهملنى اغلى أكده ؟


نظر نحوها بإجهاد : ارميكى ايه بس يا دينا ؟؟ كان لازم تبعدى عن مرت اخوكى وهى بتولد ولا بدك تولدى جبل اوانك ؟؟ انت فى السادس يا دينا ومفيش حامل تحضر ولادة


لتصرخ دينا : انت بتدارى جسوة جلبك فى خوفك على !! انت إيه يا اخى ماعندكش ذرة رحمة ؟


علا صوت دياب أيضا : انى ماعنديش رحمة ؟ لو الرحمة هتأذيكى وتأذى ولدى يبجى ماعنديش رحمة يا دينا ارتحتى .


اتجهت نحو غرفتهما : وانى مااعيشش مع واحد جلبه ميت كأنه واد ليل


عاد جرحه القديم للنزف والتألم ؛ اتقصد تعيره بأبيه ؟؟

لا لن تفعل به هذا .. دينا لن تنطقها .

وماذا إن لم تنطقها لكن تعنيها ؟

أيمكن أن تراه بهذه الصورة؟


منحها شروده فرصة لتصل للغرفة فتغلق الباب بقوة .. اتجه نحو الباب يحاول فتحه لكنها إغلقته إعلانا عن رفضه .


نظر نحو الباب بفزع ؛ للمرة الأولى منذ تزوجا ترفض مشاركته الغرفة ..


للمرة الأولى ترفضه بهذا الشكل المهين .


يمكنه إسقاط الباب بضربة واحدة لكنه لن يفعل ..

ليس هو من يفرض نفسه على زوجته مهما كانت الأسباب ..


دار على عقبيه ليرى صغيريه وعمير الذى صمت عن تحالفه وأمه للمرة الأولى بحياته بينما تحدث صهيب بتلعثم : من وجت مارچعنا وامى بتغلى .. بتصرخ وشيفاكم مامعتبرنهاش من العيلة


صمت الفتى يستجمع شجاعته ثم تابع : بتجول انك خدت مكانها فى جلب أهلها .


ابتسم بتهكم وجثى فوق ركبتيه حتى وصل لطول عمير ليتحدث برفق : امك تعبانة هبابة .. هى لما بتزعل بتخربط فى الحديت .. الصبح هتبجى زينة .. ماشى ؟

أومأ الصغير بصمت ليستقيم دياب : صهيب خد خوك يبيت معاك الليلة .


سحب صهيب أخيه الخائف ليتجه هو نحو الأريكة يلقى فوقها انهاكه ..

فتح عينيه صباحا على صوت إغلاق الباب الخارجى ، احتاج وقتا ليستوعب ما الذى يحدث ولما ينام فوق الأريكة .؟؟ نهض متجها للغرفة التى كانت خاوية ليتجه نحو غرفة صهيب فيجد نفس الخواء .


دار عقله رافضا خروجها غاضبة من بيته دون علمه ليسرع لاحقا بها .


ساعدته بنيته و بدأ يراها ليرى أنها تسحب عمير بقوة وكما يبدو يحاول صهيب أن يثنيها عما تفعل .


ركض غير عابئ بمن يراه حتى أدركها بحديقة منزل أسرتها لتعيد على اسماعه رفضها الحياة مع رجل بقسوته .


كان صراخها على صهيب هو ما أسقط جسر تحمله ليرفع كفه ويهم بصفعها ويحمد الله أنه لم يفعل وأن هاشم أدركه .


رفع رأسه متطلعا لكفيه ما كان يحدث لو صفعها بهذا الكف ؟؟


ألقى ظهره يستند للمقعد وهو عاجز عن تحريك السيارة ليمسك هاتفه ، يعلم أن سويلم بالقاهرة لذا لم يتردد واتصل ب رفيع الذى ما إن سمع ألمه عبر صوته حتى أمره بالثبات موضعه حتى يأتيه سليم .


*************


يعلو رنين الهاتف مجددا ليتأفف إياد الذى يرفض الاستيقاظ ، مد ذراعه يلتقط الهاتف مجيبا بنعاس : ايوه يا فيروز


أتاه صوتها الرقيق : يا سلام لسه نايم حضرتك ومطنشنى عمالة اتصل ماتردش

ابتسم لثورتها : هو ممنوع انام يا فيروز ؟

أجابته بعند : ايوه ممنوع تصحى وتفكر فيا

كتم ضحكته وتحدث بتلقائية : ما أنا كنت بحلم بيكى وانا نايم

تساءلت بلهفة : بجد يا إياد ؟ بتحلم بيا ؟؟

أومأ وكأنها تراه : بجد يا فيروز ومش أول مرة احلم بيكى بس أول مرة أبقى مبسوط لانك دلوقتى حقى .. قبل كده كنت بزعل من نفسى لما احلم بيكى .


صمتت حتى خيل إليه أن الاتصال انقطع ليبعد الهاتف ويتفقده ثم يعيده متسائلا : فيروز انت فين ؟


ارهف السمع ليستمع لتضارب أنفاسها فيتساءل بلهفة : فيروز انت بتعيطى ؟

لا مش بعيط

أجابت بصوت مختنق لينهرها : فيروز ماتكدبيش عليا .. انت زعلانة علشان انا بحلم بيكى ؟ أصله غصب عني علشان بحبك .


علت شهقاتها : كفاية يا إياد .


قطب جبينه عاجزا عن فهم ما يحدث معها : كفاية إيه ؟ اقفلى يا فيروز انا جاي لك بعد شوية .


وأنهى المحادثة دون أن يسمح لها بالرفض .


******


تحركت بسمة لتغادر الفراش ليجذبها متسائلا بنعاس : هتزوغى على فين ؟

ضحكت بخفوت ونظرت نحوه : ازوغ اروح فين يا سويلم !! هشوف ولادك

جذبها نحوه بذراعه : لاه خليكى چارى شوية .. انا من زمان بحلم باوضتك دى .. سنين متچوزين واول مرة نبيتوا فيها

دفعته بكتفه بغيظ : اعملك ايه حبايبك كتير وكل ما ننزل تروح عند حد منهم وتسبنى لوحدى .


تنهد ثم قبل وجنتها : كنت دايما حاسس عمتى كارهانى .

اعترضت برقة : ليه تقول كده !! ماما عصبية بس طيبة جدا علفكرة ولا يمكن تكرهك


اقدام صغيرة مهرولة توقفت أمام الباب ، حاولت أن تتحرك ليشرف عليها هامسا : هشششش


طرقة لم تكتمل وسمعا صوت ليليان : عابد مش قولنا نسيب ماما وبابا نايمين

تحدث الصغير بنفس الهدوء : عاوز ماما يا نانا تقعد معايا انا ورائد .. إحنا زهقانين .

ابتعدت الأصوات قليلا : تعالوا نقعد مع جدو و ..

وغاب الصوت لابتعادهما عن الباب ، نظرت له بتحدى ليهمس : طول عمرى اجول مفيش فى العيلة دى زى عمتى لى لى


ضحكت وهو يمسك ذراعيها ليكمم ضحكتها بالنيابة عنها لكنه أودعها جوفه مع بعضا من أنفاسها الغالية .


************


صحبه سليم لمنزل عمه ليجلس صامتا شاردا لأكثر من نصف ساعة ويجلس رفيع أمامه بصبر .


حمحم رفيع ليفق من شروده وينظر نحوه ليتساءل : وبعدها لك يا دياب ؟ چرى حاچة بينك وبين مرتك ؟


بحث عن صوته الذى خرج اخيرا يحمل بحة منكسرة : عمى هو انى هضل طول عمرى شايل حمله ليه ؟


قطب رفيع جبينه قليلا حتى استوعب كلماته ليقول : ومين جال أنك شايل حمله ؟؟ انت دياب حچاچ اللى نجش اسمه في جلوب الخلج جبل عجولهم .. انت دياب اللى النچع كلاته بيحترمه ويعمل حساب لكلمته .. إذا لحد دلوك ماعارفش جيمة روحك يبجى ..


قاطعه دياب : تعرف يا عمى ؟

صمت رفيع وانتبه له ليتابع : زمان ماكانش بيهمنى العالم شيفنى ازاى ! اصل العالم كلاتهم مايهمونيش .. كنت شايف دياب الضعيف اللى لازمن اجويه .. بس لما چه فى بالى إن الست اللى بحبها ممكن تشوفنى إكده .. الفكرة وحديها دبحتنى .


انتقل رفيع ليجلس بجواره ، هو يعلم جيدا أن التخلص من آثار الماضى ليس بالأمر الهين .. هو نفسه عاش عمرا يظن أنه بخير وهو لم يكن كذلك ابدا .. وما مر به ابن أخيه يصعب تحمله أو تجاوزه .. ودياب لم يفعل .. كان يرى صورته الضعيفة فى كل ضعيف يساعده .. فى كل محتاج يسانده .. كان يرفض وجود صور اخرى عنه فى الأخرين .. ساعدته دينا كثيرا على التعايش حتى ظنوا جميعا أنه شفى من كل جروح ماضيه المؤلم لتأتى بضع كلمات وتطيح بكل ما كان .


رفع رفيع ذراعه ليحيط رقبة دياب ويقربه منه : مرتك ماتعملهاش يا دياب .. إذا هو ده اللي بناتكم يبجى انت اكيد فهمت غلط .. سواعى كتير نفهم غلط ومانشوفش غير الصورة اللى چوانا وبنهرب منيها .. من صورة چوانا وبس .هى دينا فين دلوك ؟


اجاب بإقتضاب : فى دار أهلها .. هملتها عنديهم


صمت رفيع قليلا يبدو أن الأمر أسوأ مما ظن .. ما الذى دعا ابن أخيه ليعيد زوجته التى لا يخجل بالاعتراف بعشقها إلى بيت أبيها ؟


****************


وصل إياد ليستقبله توفيق الذى تساءل بتوجس : انتو اتخانقتوا ولا إيه ؟

نفى إياد أفكاره : لا خالص ..

قاطعه توفيق : دخلت أصبح عليها لاقيتها معيطة ومارضيتش تفطر

أخبره إياد عن المحادثة دون أن يخبره بتفاصيلها سوى أنها صمتت وبكت وهو لا يدري ما بها لذا أراد تفقدها ربما احزنتها كلماته دون أن يدرك .


استبعد توفيق الفكرة ، يعلم جيدا كم تفهم ابنته إياد .. لقد كانت تقضى اوقات الغداء فى التحدث عنه طالما وصفت له انفعالاته واوضحت له أفكاره .. يستبعد أن بضعة كلمات منه قد تحزنها .


أشار نحو الدرج الداخلى : طيب اطلع لها يمكن تحكى لك

تلعثم إياد مشيرا لصدره بإستنكار : اطلع ؟؟ انا ؟؟

ابتسم توفيق : ايوه انت يابنى اوضتها اخر اوضة يمين .. انت جوزها دلوقتى مالك ؟


هز إياد كتفيه ولم ينطق بجملة واحدة منطقية حتى غاب عن ناظريه ليهز رأسه ضاحكا لبراءة الشاب .. لم تبالغ ابنته فى وصف هذه البراءة .


كان يسير ويتلفت حوله كلص يسرق للمرة الأولى بحياته .. وصل للباب الأخير ليتلفت مجددا ويطرقه .. وصله صوتها الحزين والذى دفعه للدخول فورا .


لمحها بالفراش ليوليها ظهره فورا : فير فيروز . فيروز قومى .. انا جيت


انتفضت غير مستوعبة وجوده بغرفتها .. اسرعت تلتقط مئزرا تضعه عليها وتتجه نحوه : إياد انت طلعت هنا ازاى ؟


تحدث بتلقائية : باباكى قالى اطلع لك علشان انت زعلانة

شعر بها خلفه لينظر لها : مالك بقا ؟ زعلتى منى ؟


كانت هيئتها مبعثرة كليا لكنها لم تهتم وهو لم يلتفت .. دارت عينيها تتأكد أنه معها لتندس بين ذراعيه بلا تردد فتصدمه لدرجة أفقدته القدرة على الحركة لحظات قبل أن يحيطها بتردد وتحفظ .


ظلا صامتين لدقائق تضاربت فيها مشاعره .. هدأت أعصابه وزالت صدمته ليتسرب الدفء إلى ضمته لها ويزول التحفظ عن ذراعيه فيرتخيان يضمان دفئها الذى يتذوقه للمرة الأولى .


تبع لهفته لتشعر به يزيدها ضما لصدره ، انتفضت مع لمسة شفتيه لجيدها وابعدته برفق لينظر لها دون أن يستجمع حواسه من ضمتها الأولى متسائلا بدهشة : فى إيه ؟؟

أمسكت كفه لتجذبه نحو الأريكة فيجلس وقد بدأ عقله يعد له بعضا من إدراكه للواقع .


ظل محتفظا بكفها ليقربه من صدره الثائر وهى لم تمانع منحه وقتا كافيا ليستعيد ثباته كاملا قبل أن يتساءل : ممكن تقولى لى زعلانة ليه ؟


حصلت على دورها لتضم ذراعه لصدرها متنهدة : تعرف يا إياد ؟؟ انا ماحدش حبنى غير بابا


قاطعها فورا : وانا


ضحكت بخفوت : اقصد قبل ما انت تحبنى .. كلهم كانوا بيمثلوا أنهم بيحبونى .. يا حد من العيلة طمعان فينا بعد عمايل مهند .. يا حد من وسطنا طمعان فينا بردو .. ماكانش فى حياتى حب حقيقي .. ما كانش فى دفا .. ماكانش فى امان


عارف لما قولت لى الصبح انك حلمت بيا ماكانتش أول مرة اسمع الجملة دى .. بس أول مرة يترعش ليها قلبى .. أول مرة قلبى يرقص لأنى حلم راجل .. ومش اى راجل .. الراجل اللى اتمنيته واخترته .

بدأ إياد يتحرك يمينا و يسارا برتابة وهى تتحرك معه وتتحدث عن الكثير من التضارب الذى عاشته .. أخبرته أنها تمنت أن تشعر كونها محبوبة ومرغوبة .. أخبرته أنها تمنت أن يكون هو ذلك المجهول الذي يصب على قلبها المتعطش للعشق فيرويه .


لم يكن قط بارعا فى التعبير بالكلمات .. اعتاد البحث عن أقل كلمات يمكنه أن يعبر بها لكنه فى هذه اللحظة عجز عن إيجاد اى كلمات نهائيا .


أنهت حديثها ولم تكن فعليا تنتظر منه تعقيبا لذا صمتت واكتفت بحركته الرتيبة التى تبث فى نفسها خمولا محببا .. بعد فترة رفعت رأسها تنظر له متسائلة : هو انت حلمت بإيه ؟


اجاب دون أن ينظر لها : هبقى احكى لك بعدين دلوقتى هروح علشان هنام لو فضلت قاعد كده


ضحكت بإنطلاق ثم اسرعت تجذبه : تعالى افرجك المكتبة بتاعتى .


تحرك معها نحو شرفتها التى كانت ملاذها كلما يأست من تحرك مشاعره نحوها .. ثم تبدل حالها لبقية اليوم الذى أصرت أن يقضيه برفقتها ووالدها الذى رحب به بمجرد رؤية ما طرأ على ابنته بوجوده .


**********


عنفها الجميع فلا يقبل اى منهم أن تتطاول ابنتهم على زوجها بهذا الشكل وان تقرر هجره وتغادر المنزل أيضا .

صحبتها عفاف للأعلى بينما اقترح هاشم تأجيل الأمر ليوم أو اثنين حتى يهدأ دياب ويمكنهم بعدها مراضاته والاعتذار منه واتفق معه يزيد .


أخبرهم الجد أنه من المحتمل أن يطول الأمر فما اتهمته به دينا كانت صفات أبيه ولابد أنه يذكر ذلك ويظنها تعيره به وهذا ما لن يقبله دياب مهما هام بها عشقا .


زادت الأمور سوءا بحديث الجد الذى لم يعترض عليه اى منهم فالجميع يعلم أنه حقيقة .


***


جلست بغرفة آيات دون أن تكف عن البكاء وقد قصت عفاف على آيات ما حدث وكان استماع دينا للأمر سببا لزيادة أحزانها فهى تحفظ دواخله كنفسها لذا أدركت كم جرحته !!


عاتبتها آيات برفق : البكى مالوش عازة يا دينا .. هيصيبك اكتر ويضعفك


نظرت لها بأعين محتقنة : خلص يا مرت اخوى .. انا خسرته بعصبيتى وچنانى .. هو ماهيعاودش وكبيرة جوى إن حد منيهم يتحايل عليه .


تنهدت آيات بينما تحدثت عفاف : واللى يچيبه لحد عنديكى !!

نظرتا لها بشك لتتابع : انا هچيبه وانت وشطارتك عاد


تساءلت بلهفة : هتچبيه كيه ؟؟ وإذا چه هيرضى يطلع فى خلجتى ؟


تمايلت عفاف واتكأت : ده هيچى يرمح عليكى رمح .. بس اوعى تهمليه يخرچ غير لما تراضيه .


وكزتها آيات : يعنى هتعملى إيه ما تنطجى !!


رفعت هاتفها وابتسمت : هأطلبه واجوله دينا غمت وچبنا لها الحكيمة


شهقتا معا لتتردد آيات : هنكدب ؟؟ لا يا عفاف عمى لو عرف هيزعل منينا جوى


تحدثت عفاف بثقة : ماحدش هيعرف انى هتصرف بس انتو اسمعوا كلامى زين .. ده واد عمى وانا ادرى بحاله .


نظرت نحو آيات : هو چوزك اللى ممكن يخرب الحكاية انى هنزل واشيعه ليكى .. هجوله مارضياش تاخد علاچها وانت اتچلعى عليه هبابة .. جولى له جرفانة .. ماريداش .. اى حاچة تخليه عنديكى اوعاكى ينزل تحت


ثم نظرت نحو دينا : وانت على اوضتك وفى السرير واستموتى على الأخر.. لما دياب يدخل عليكى .. طبعا هيكشفك بس انت وشطارتك .


ولم تمنح اى منهما فرصة للتفكير أو الرد وهاتفت دياب فعليا وما إن جاءها صوته حتى اخفضت نبرة صوتها : إلحج يا واد عمى .. دينا غمت وخوها چاب لها الحكيمة وجالت إنها فى الخطر ... اصلى بكلمك من وراهم جولت اخبرك محدش هيجولك الچو هنا مكهرب من لما هملتها ومشيت ... لا يا واد عمى محدش هيحوش مرتك منيك طبعا .


ابعدت الهاتف تنظر له بإستنكار : هتضلك جفل يا دياب

وكزتها دينا : اتلمى

لكنها قالت بحدة : جفل السكة فى وشى .

تنهدت بإرتياح ثم قفزت : يا مرى ده حدا عمى رفيع دجايج ويكون إهنه .. همى اتحركى .


هرولتا معا لتتجه دينا لغرفتها القديمة وتتجه عفاف للأسفل هاتفة : يا ابو زيدان


نظر لها زوجها ويزيد معا لتشير ل يزيد : آيات مارضياش تاخد علاچها .


قطب جبينه بحدة : مارضياش يعنى إيه ؟ هو العلاچ فيه راضية ومارضياش .


هزت كتفيها ببراءة لينهض متجها للأعلى : بالأذن


جلست بجوار زوجها ليتساءل حسين : دينا فين يا بتى ؟

أجابت فورا : نعست يا عمى فى أوضتها .


***


كان دياب يجلس بصحبة رفيع الذى أصر أن يقضى اليوم بمنزله حتى يهدأ ويفهم هو ما يحدث .

رفع الهاتف بدهشة : عفاف بتكلمنى ليه ؟

حثه رفيع : رد شوف .

اجاب برتابة : ايوه يا بت عمى .


انتفض واقفا : غمت ؟؟ ليه حوصل إيه ؟


صمت ثم تساءل بشك : انت بتوشوشى ليه ؟


عاد للحدة : ومحدش خبرنى ليه ؟ هيمنعونى عن مرتى اياك ؟؟


لحظات واغلق الخط ليلتقط متعلقاته : بالأذن يا عمى

اوقفه رفيع متوجسا : انى چاى معاك .


***


دخل يزيد للغرفة وكانت متسطحة بالفراش ليتساءل فورا : مابتاخديش الدوا ليه يا آيات ؟


لم تكذبه ولم تفكر أن تفعل ، حاولت أن تجلس ليسرع ويساعدها فتقول : حبيت تاچى تجعد معاى شوية .


تناول الأدوية مرحبا بالفكرة : اجعد معاكى كيه ما بدك بس تاخدى الدوا الاول .


***


اندفع دياب للداخل بشكل أفزع الجميع متسائلا بحدة : دينا فين ؟

اسرعت عفاف تتدارك الموقف : فى اوضتها يا واد عمى .


وقبل أن يتحدث اى منهم ارتقى الدرج فى لحظات لتبتسم بخبث وتخفض وجهها تخفى ابتسامتها فيميل هاشم متسائلا : عملتيها ازاى دى ؟؟


كادت أن تفلت ضحكتها لولا دخول رفيع الذى لم يكن فى حساباتها .. رحب به حسين : يا مرحب بالغالى .. اتفضل يا ابو سويلم .


جلس رفيع بجوار الحاج حسين يتساءل عن أحواله وصحته بحرج فهو غير ملم بالموضوع ولا يعرف ما الذى استجد لذا تساءل بترقب : ودينا اخبارها ايه دلوك ؟


وقبل أن تحظى بفرصة اجاب حسين بتلقائية : ربنا يهديهم مابطلتش بكى لحد ما نعست ..

تابع دون تردد : بس احنا فهمناها غلطها .


نظر رفيع نحو عفاف التى تهربت بعينيها ليفهم أنها قامت بكل هذا لترد دياب لزوجته فقال بهدوء : ربنا يصلح ما بينهم .. كل بيت مجفول على حكاويه يا واد عمى .

عاد بنظره ل عفاف : عاملة كيه يا بت اخوى ؟؟


تلعثمت عفاف وهى تندس مختبئة بجوار زوجها : تعيش يا عمى .. زينة الحمدلله .


***


اقتحم دياب الغرفة وكانت متكومة على نفسها بإنتظار وصوله تولى ظهرها للباب خوفا من اكتشاف أمرها ، اسرع نحو الفراش يهزها برفق : دينا .. دينا ردى عليا فيكى إيه ؟


تحدثت بلسان الندم وحالها الواهن : جلبى .. جلبى بيوچعنى يا دياب .


رفعها لتوارى وجهها بصدره المرتعب وهو يهمس : سلامة جلبك يا جلب دياب .. عملك ايه الزعل والعصبية دلوك ؟


زادت غوصا بين ذراعيه راجية : روحنى يا دياب .. بدى ارتاح فى فرشتى .


لم يفكر لحظة واحدة بل رفعها لتخفى وجهها بصدره ويتجه للخارج .. هبط الدرج بتؤده وقد تعلقت بهما الأعين دون أن يبالى .. وقف أمام أبيها ليسقط قلبها أرضا ويرجف قلب عفاف لكنه قال ببساطة : بالأذن يا چد .. بالأذن يا عمى .. انا هاخد مرتى ونروحوا دارنا .


كاد حسين أن يتساءل ليرفع الجد كفه : روح يا ولدى وماتغيبوش علينا .


نظر حوله باحثا عن طفليه لتقول عفاف : انا هچيب الولد على المسا .

وقف رفيع : طيب بالأذن هوصلهم دياب چاى معاى فى عربيتى .


غادروا وهى صمتت تماما بينما رفعت عفاف كفها لصدرها الذى كان يرجف فزعا وجلست ليبتسم الجد : طلعتى مش هينة يا عفاف

نظرت له بفزع ليتابع : بس عچبتينى


بدل حسين نظره بينهما ليقول له والده : دخلنى چوه يا حسين على ما يچهز الوكل


تحرك فورا يدفع مقعد والده ليقترب هاشم : ها جولى !!


ابتسمت وقصت عليه ما حدث لينظر لها بحدة : واه كيف تعملى إكده ؟ لو دياب رچعها دلوك يبجى الحل كيه ؟


هزت رأسها مبتسمة : ماهيرچعهاش .. وبعدين عملت ايه !! رچعتها بيت چوزها معززة مكرمة من غير ما احرچه ولا احرچ حد من الرچالة .


هز رأسه ف دياب نفسه الذى كاد يضرب زوجته صباحا حملها بين ذراعيه أمام الجميع وغادر دون عتاب و دينا التى كانت تصرخ وتتشدق بقسوته تختبئ بصدره وكأنه ملاذنا الوحيد .

ما أعجب العشق !!

وما اغرب العاشقين !!


****


لم يتحدث رفيع سوى بتمنى السلامة لها حين توقف أمام المنزل ليشكره دياب ويغادرا .. حملها للداخل حتى وضعها بالفراش لتتعلق بملابسه .. تلاقت الأعين لتدمع عينيها : لساك واخد على خاطرك منى ؟


ربت على كفيها ليخلص ملابسه منها : مش وجته .. ارتاحى دلوك


لكنها لم تفلته وزادت تشبثا به : اهون عليك يا دياب !؟


احاطها بذراع واحد : حتى لو هنت عليكى ماتهونيش ابدا .

نمى الأمل بقلبها لقرب رضاه لكن الصراحة اقصر الطرق وأفضلها لدى زوجها .. ابتعدت قليلا دون أن تطلقه لتقول : طب هجولك على حاچة بس بالله عليك ماتزعل ولا تعصب على .


بدأت هواجسه بالعمل لتخبره أنها لم تصب بإغماء ولم تزرها الطبيبة وأنها اختلقت القصة بمساعدة ابنة عمه لتستعطف قلبه وتزل غضبه ويمكنها أن تعود للمنزل وصارحته أنها ارتعبت بمجرد أن ألقى بها بين ذراعي أبيها وشعرت بفداحة ما أقدمت عليه .


صمت دياب بعد ما أخبرته به ، لم ينكر أنه شعر بسعادة لحرصها على العودة للمنزل وحرصها على رضاه ..

إذا كانت هواجسه خاطئة وصدق حديث عمه ..

عليه محو تلك الأفكار من رأسه ..

تلاعب بأعصابها قليلا بصمته ثم ابعدها برفق : واديكى رچعتى الدار بدك حاچة تانية ؟؟


نظرت له لتتجمع الدموع بعينيها مجددا ، كانت حالتها مزرية بالفعل .. أعين منتفخة وأنف أحمر وشفتين منفرجتين استعدادا للبكاء


رفع كفه يربت فوق خدها بحنو : خلص يا دينا بزيادة بكى .. مازعلانش منيكى

هزت رأسها نفيا : انت بتضحك عليا


تلفت حوله لقد فقد قوة تحمله وصبره هذا اليوم .. لا ليس اليوم بل منذ اشهر تفقده صبره وعقله أيضا .. لم تكن بتلك الكآبة مسبقا .


احاطها بذراعيه لتكف عن البكاء .. كانت مجهدة كليا .. تنهد وتسطح فوق الفراش : وكان علينا بإيه النكد ده .. ممكن تتكلمى بالراحة من غير بكى وتفهمينى إيه حوصل ؟


كان صوتها مجهدا كما حالها عامة لكنها تحدثت وأخبرته أنها غضبت بالأمس لعدم إخباره لها أية تفاصيل عن الوضع بالمشفى وعدم التواصل معها كأنه نسيها تماما ثم زاد غضبها حين لم يلحق بها للغرفة واحترقت صباحا حين وجدته نائما بينما لم تغفل تسترخ اجفانها .


انتظر حتى أنهت حديثها السطحى ثم أخبرها أن الظروف بالأمس لم تكن مناسبة ليتحدث معها وأنه لم يرفض اللحاق لها بل لحق بها ولكنها أغلقت الباب دونه لتطرده من غرفتهما أما نومه فلم يكن له حيلة فيه .. أسقطه ارهاقه لا يفهم ما الذى يغضبها فى نومه !!

حين أنهى حديثه كانت نائمة بالفعل وكان يحتاج إلى الراحة بشدة لذا اغمض عينيه واستسلم للنعاس أيضا .


**********


جلس مازن بالقرب منها وكانت فرح قد غفت بين ذراعيها بالفعل ، أشار لها بهدوء : نيمى فرح فى سريرها ترتاح اكتر .


قبلت الصغيرة واتجهت بها للداخل لتعود بعد قليل ، ابتسم وفتح ذراعيه لتجلس فوق ساقيه ، داعب خصلات شعرها هامسا : حبيبى هنسافر بكرة الغردقة انا حجزت طيران .


اختفت الابتسامة وظهر التوتر : الغردقة ؟؟ نعمل ايه هناك ؟ لا مش عاوزة يا مازن مش عاوزة .


لم يتوقف عن مداعبة خصلاتها واقترب يروى ظمأ قلبه لتلك القسمات ليخفف من حدة توترها .. تحدث بنفس النبرة الهامسة : اول حاجة هعمل لحبيبى احلى هانى مون .. تانى حاجة اتعرف على عيلتك .. تالت حاجة لازم يشوفوا فرح .. رابع حاجة لازم نصفى الأمور بينكم .


اثر عليها قربه وشوش تفكيرها قليلا لكنها حاولت التحدث بعقلانية : مازن انت ماتعرفش بابى .. بلاش علشان خاطرى .


توقف لحظة يطالع خيبة الأمل التى تعلو ملامحها ليقول : ماتخافيش من اى حاجة طول ما أنا موجود


وعاد يتلاعب بمشاعرها ليكن تجاوبها السريع هادما لتماسكه المزعوم .


***************


دخل مهران وروان للمنزل حيث ينتظرهما خضر بشغف ، اتجه نحوهما فورا : ها عملتوا إيه ؟؟


ابتسمت روان : ما كنت جيت معانا احسن

اشاح بكفه : خوفت ابوها يعقدها ونمسك في بعض


ضحك مهران : ليه رايحين نتعاركوا ولا نتفجوا ؟


تنهد خضر : المهم يا بابا عملتوا إيه ؟


أعلنت روان بسعادة : فرحك اخر الشهر .. مبسوط

جذبها ليضمها ويقبل وجنتيها : مبسوط بس ؟؟ مبسوط جدا


جذبه مهران للخلف بينما اتجهت للداخل بسعادة وقبل أن يتحدث مهران عاجله قائلا : انا عند كلمتى .. خيال عايش معاك لاخر الشهر .. حرمنا نترازل يا حجيج يا عسل انت .


وانطلق نحو غرفته فورا لينظر له مهران : عسل ؟؟ الولد چن .. يلا احسن ما كان كئيب وخلجته تغم .


*************


بعد ثلاثة أشهر

ساد الهرج فى المشفى فقد أعلنت الطبيبة أن دينا وضعت فتاة ومنذ سمع دياب كلمتها صمت تماما وكأنه فقد النطق ولم يجرأ اى من الحضور على التحدث إليه .


وصل رفيع ليهمس له حسين بالوضع وبما طرأ على دياب لتحتد ملامحه .. لا مجال للأعتراض على هبة الله وفضله .


اقترب منه هامسا بحدة : چرى إيه يا ولدى ؟ هتتبطر على رزج ربنا .


نظر له دياب لكنه لم ير غضبا بل فزعا وقبل أن يتحدث رفيع كانت الممرضة تخرج لتضع الصغيرة بين ذراعيه لقربه من الباب مهنئة بود .. نظر دياب نحو هذا الوجه الصغير العابس والذى تنذر ملامحه بوصلة من البكاء المزعج .


أحاط ظهرها بكفه الكبير ليرفعها رأسيا هامسا : هشششش .


ابتسم رفيع لخوفه الواضح لمجرد بكاء الطفلة ورأى الجميع جانبا لم يظهر منه مسبقا .. جانبا لم يرد الإعلان عن وجوده .. جانب شديد الرقة .


حين أفاقت دينا من وهن الولادة كان يجلس فوق الأريكة بالغرفة ، صامتا تماما يتطلع لهذا الوجه الصغير .. لم يتخل عن حملها لأى منهم ولم يحاول اى منهم اخذها بعيدا عن صدره .


دياب


نادته بضعف لينظر نحوها فتتساءل : هتحب بتك اكتر منى ولا إيه ؟


اقترب من الفراش مبتسما بحرص : شوفى يا دينا !! شوفى حلوة كد إيه ؟؟


ابتسمت وتساءلت مجددا : يعنى مازعلانش إنها بنية مش ولد؟


قطب جبينه وكأنه يفهم سؤالها بصعوبة قبل أن يجيب : لاه زعلان طبعا ..

نظر لها وتابع بصدق : مش زعلان انا خايف يا دينا .. خايف عليها وعليك من الدنيا .. خايف عليها من نفسى .. من الناس .. من الهوا .. خايف عليها من الجسوة .. من الوچع .. من الحزن .. انا خايف يا دينا


دس الصغيرة بصدره بفزع وقبل أن تتحدث طرق الباب وعبره جميع النساء . اتجهت رنوة نحو دياب : جرى إيه يا دياب مش هنشوف القمر الصغنن ولا إيه ؟


نظر لها لتحذره : مالك يا ابنى خايف ليه مش هاكلها ؟


ابتسم بتوتر : مش خايف هخاف من ايه يا مرت عمى .


مدت كفيها تلتقط الصغيرة لترى الأسف فوق ملامحه فتهمس : كان فى واحد مش عاوز يخلف بنات .. ماتعرفش راح فين ؟


فهم ما ترمى إليه ليهمس : راح فى الوبا


ضحكت رنوة وضمت الصغيرة لتتساءل بسمة : هتسموها إيه ؟


بدر


اعلن بفخر لتقول آيات : وهى بدر منور ما شاء الله .


تحرك قليلا نحو الخارج محذرا رنوة : مرت عمى ديرى بالك عليها


ضحكن جميعا بينما غادر هو الغرفة .. نظرت بسمة نحو دينا وعقدت ذراعيها : انت عملتى إيه يا اوزعة فى دياب ؟؟ مش ده دياب اللى كنا نعرفه .


جلست رنوة بطرف الفراش : لا هو ده دياب اللى كان بيستخبى مننا .


اقتربت بسمة تطالع الصغيرة ثم تتحدث بأسف : خسارة مش هقدر احضر السبوع علشان فرح إياد بعد يومين


*****


دفعت رنا عربة فرح التى تبكى وهى تتجه نحو مكتب مازن بحدة دون أن يوقفها أحد ودون أن تلتفت للمساعد الذى لم ينظر لها من الأساس .


وقف مازن يستقبلها بمجرد اقتراب صوت البكاء متسائلا : فى إيه ؟ مالها يا رنا ؟


نظرت له رنا وهى على وشك البكاء : مااعرفش


حمل الصغيرة التي تعلقت بملابسه وهو يسير بها عبر الغرفة ، لم يطل بكاء فرح لذا نظر نحو زوجته : رنا اتنرفزتى عليها صح ؟


لم تجب رنا ليضع الصغيرة بالعربة ويجثو أمامها ويتحدث إلى رنا : رنا قولت لك اقعدى فى البيت .. انت تعبانة من الحمل وفرح مالهاش ذنب ولا هتفهم .. خليكى فى البيت والمربية تراعيها تحت عنيكى وبطلى دماغك الناشفة دى .


نظرت له رنا .. هو محق تماما .. لقد تغيرت حياتها جذريا منذ تزوجته .. تحسنت علاقتها بالحياة فى وجوده لذا منذ عودتهما من تلك الرحلة التي اصلح فيها علاقتها بأسرتها حتى تغيرت حياتهما تماما واندمجت هى بحياته محطمة بنفسها كل الحدود التى وضعتها سابقا .

ربما عليها الأن أن تستمع لتوجيهه فقط .. هى حقا بحاجة للراحة .


*******

فى اليوم التالى ...

فتح الباب لينظر فارس للقادمين ويبادلانه نظراته .. ثلاثتهم يعرب عن توتره بصمت وترقب .

تنحى جانبا بهدوء : اتفضلوا .

تحرك المقعد للأمام وتبعه هذا الوقور بأعين تجوب المكان .. ظهرت نسمة مرحبة : اهلا وسهلا .. رؤوف زمانه جاى


ارتعش صوت والدته : انا خايفة من رد فعله .


إلتزم والده بالصمت فقد عبرت زوجته عن مخاوف لن يسمح كبريائه بطرحها خارج صدره بينما ابتسمت نسمة : رؤوف اتغير كتير واتعامل مع ماضيه واتصالح مع نفسه .. ادونى بس دقايق امهد له وجودكم


دخلا برفقة فارس الذى اغلق الباب بينما أمسكت تلك الصورة ثلاثية الأبعاد تنظر لها بإشتياق واضح وما هى إلا لحظات حتى فتح الباب عن رؤوف لتبادره : ليك عندى مفاجأتين

ارتفع حاجبيه مستمتعا : اتنين بس ؟


وكزته برقة : ماتبقاش طماع .


ضحك وأخفى وجهه بقبضتيه : إلحقينى بأول مفاجأة .


أمسكت كفيه تبعدهما : لا دى لازم تشوفها

رفعت الصورة أمام عينيه : أول صورة لأبننا .


اختطفها بلهفة معاتبا : كده تروحى من غيرى ؟؟


طلت السعادة من عينيها : كنت عاوزة اشوف نظرتك دى


اقتربت منه : مستعد تعمل ايه علشانه ؟


أجاب دون تردد : أموووت علشانك وعلشانهم

طربت للتلقائية التى جمعت ولديها معا لتمسك كفه وتهمس : تعرف أننا اوقات بنأذى ولادنا من كتر خوفنا عليهم .. يبيقى حياتهم أولوية لو وقفت قصاد اذيتهم هنختار حياتهم


قطب جبينه لتقطع سبيله وتفتح الباب فتتعلق الأعين كل يبحث عن وجه تاق لرؤيته قلبه قبل عينيه .

سقطت عينيه نزولا مع صدمة تدل على رؤيته لها بهذه الهيئة للمرة الأولى .


اندفع يجثو أمامها بفزع : أمى .. أمى مالك ؟؟ ازاى حصل كده وأمته ؟؟

دمعت الأعين لتحيطه بذراع واحد ونظرة امتنان موجهة نحو نسمة : خوفت اعرفك تقول عليا بمثل علشان اصعب عليك


أمسك كفها يقبله بلهفة : اسف يا امى سامحيني اسف .


زادت ضمه لصدرها : مسمحاك يا رؤوف وعذراك .

اقتربت نسمة تلتقط الصورة : شوفى يا طنط ربنا هيرزقنا ويعوض كل وجع رؤوف شافه فى حياته .


وقبل أن تلتقط الصورة رفعتها : شوف يا عمى .


ابتسم الرجل دون أن تنمحى علامات الحزن عن ملامحه ، لقد اكتشف أحدهم وجوده للتو .

لم يكن تجاهلهم يغضبه بكل الأحوال ، بل كان مستمتعا تماما بعودة ابنه لذراع زوجته الذى ما عادت تملك غيره .


هز رأسه ليستقيم رؤوف أمامه ويسود الصمت حتى مد الأب كفه لتتعلق به نظرات الجميع لكن كف رؤوف الذى بدى متعطشا لكفه أنهى جدل الأعين .


عاد رؤوف لساقى أمه هامسا : أنا محتاج لك اوى يا أمى .

سارعت نسمة تقتنص الفرصة هتقعدوا معانا فرح إياد اخويا بكرة ولازم اتشرف بيكم .

**********


ليلة العمر ...

جلس كل منهما فوق أريكة مستقلة .. مرت ساعة منذ انتهى حفل الزفاف .. ساعة كاملة وهما بالمنزل يتهرب كل منهما من رفيقه .. اختطف نظرة نحوها ليرى توترها الواضح .


يعلم أن عليه القيام بالخطوة الأولى لكن يمنعه الخجل الذى لا يحبذ تواجده فى هذا التوقيت ، رغم تقاربهما الشديد منذ عقد قرانهما إلا أنه يخشى هذه الخطوة .


نظر لها يضع بعض الصور للطريقة اللائقة للتقرب منها .. كانت تنظر أرضا بشرود أيضا ليتحرك فينتقل للأريكة التى تجلس عليها ، انتبهت له لتبتسم بود .


مرر عينيه على تفاصيل وجهها نزولا لهذا الرداء المثير .. اعتاد ملابسها التى كانت تهلكه بجرأتها منذ عقد القران فيتوعد لها .. لابد أنها تخشى أن يفى بوعيده .

ضحك بخفوت وكأنه يستخف الفكرة : فيروز انت خايفة منى ؟


أشارت بنفى وكأنها تخشى النطق به فيتصرف على أساسه .. أمسك كفها ليتساءل : ايدك بردانة ليه ؟


أغمضت عينيها وقبضت على كفه لتعترف : علشان انا خايفة


رفرفت ضحكاته لهذا التضارب ثم اقترب هامسا : لازم تخافى .


اتسعت عينيها ونظرت له بفزع : ليه ؟؟ اخاف ليه ؟؟ ها ليه ؟؟


عاد يضحك : مش عارف .. اهو كده وخلاص .


لكمته بصدره وشاركته الضحك .. أمسك كفها يقبل باطنه فيشعر برجفتها .. نظر لها هامسا بصدق : بحبك


ابتسمت وكأن تلك الكلمة هى ما ينزع عنها التوتر ويبث بقلبها الأمان الذى طالما وجدته قرب إياد .


اقترب متابعا همسه المتيم بها : احكى لك الحلم بتاعى !! انا محوش كل احلامى علشان احكيهالك .


النهاية

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة