-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية الشرف ج5 قسمة الشبينى - الفصل الخامس

مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص مع رواية صعيدية جديدة للكاتبة المتألقة والمبدعة قسمة الشبينى التي سبق أن قدمنا لها العديد من القصص والروايات الجميلة علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل الخامس من رواية الشرف ج5 بقلم قسمة الشبينى. 

رواية الشرف ج5 بقلم قسمة الشبينى - الفصل الخامس

اقرأ أيضا: روايات رومانسية عربية كاملة

رواية الشرف ج5 قسمة الشبينى

رواية الشرف ج5 بقلم قسمة الشبينى - الفصل الخامس

 مرت عدة أيام زاد الأمر سوءا وزادت المسافات بعدا ، لم تعد تنظر له مطلقا ، أصبح يقضى ساعات وهما بغرفة واحدة فإما تتظاهر بالنوم أو تطرق رأسها بصمت يصل به للجنون .


كأنها لم تعد تراه !!


ذبلت نضارة وجهها وخبت ابتسامتها ، بدأ بدنها أيضا يعلن عن حزنه بفقدان الوزن بشكل مريب .. حتى روحها أصبحت مقيدة وفقدت انطلاقها الذى كان يتلهف للشعور به وهى بين أصابعه .


يراها تتناول الطعام برفقة الأسرة بإنتظام ويسمع تقيؤها ما تناولت بعيدا عن الجميع .


طرقات خفيفة أخرجته من شروده ودعتها لرفع رأسها نحو الباب ليأمر هو الطارق بالدخول ، دخلت أم علي : الست دينا چت وبتسأل على الست آيات .


نظر نحوها وكانت عينيها نحو المرأة وكأنه خواء لتقول : چاية اهه .


وتبعت قولها بتنفيذه فتحركت بتثاقل نحو الباب مغادرة وتاركة خلفها من يعذبها ويتعذب بها .


هبطت الدرج ترسم شبح ابتسامة لتستقبلها دينا ببشاشة , رحبت بها وجلستا لتتساءل دينا : مالك يا آيات ؟ كانك بعافية ولا حزينة


اتسعت ابتسامتها الكاذبة : لا ابدا انى زينة الحمدلله .


اقتربت دينا برأسها : خوى مزعلك صوح ؟

هزت رأسها نفيا بإيجاب مستتر لتتنهد دينا : ربنا يهديك يا واد ابوى .. والله يا آيات يزيد مش كيه ما بيرسم لروحه .. ده جلبه ابيض من اللبن الحليب .


ضحكت آيات وكأنها لا تعرفه حق المعرفة !!!

أتظن دينا أنها تقدم له تبريرا !!

وهل هناك ما يمكنه أن يدفعها للتغاضى عن تحقيره !!

عن تهميشه !!

عن سحق قلبها بقسوته المجردة من الرحمة !!


تلفتت حولها مغيرة مجرى الحديث : انت چاية لحالك ولا إيه ؟؟ عمير وين ؟؟


ضحكت دينا : فى الچنينة مع چده والولد دلوك يتعاركوا وتلاجيه چاى يتخبى .


ضحكت آيات ضحكة بلا روح أثناء اقباله هابطا الدرج بتروى .. وكأن القدر ساقه فى هذه اللحظة تحديدا ليرى كم أصبحت جوفاء !!

رأى تلك الضحكة فلم تزد جلده لنفسه سوى سوطا جديدا انتفض له قلبه الذى يعذبها ويعذبه ويتعذب بهما .


اقترب لتهرول دينا نحوه : اتوحشتك يا واد ابوى .


ضم شقيقته وعينيها تراقب تلك الجالسة بالخلفية والتى اطرقت وذابت ابتسامتها الكاذبة كرقاقة من ثلج فى يوم قائظ فلم تترك حتى أثرا لتبخرها .


ابعد شقيقته متسائلا : كيفك يا خية ؟؟ ودياب حاله كيه ؟؟


ضحكت دينا : بخير نحمد ربنا انت خابر دياب حنية الدنيا فى جلبه .

ربتت فوق صدره : مايتخيرش عنيك يا خوى .


أومأ متهربا من الغصة التى تكاد تزهق روحه ، هو ليس ك دياب بالطبع .. لقد تصالح الأخير مع نفسه وماضيه فثبتت قدمه على الطريق الصحيح لتشرق حياته بوجود شقيقته بها .

أما هو فلازال يتخبط بين ألم فقدان بالماضى ويتهرب من ألم فقدان يشعر أنه سيأتى بنهايته فلم يعد يجيد سوى الهروب المؤلم الذى سيأتى بالنهاية أيضا .


قضت آيات اليوم برفقة دينا مرحبة بالتهرب من التواجد بحيز وجوده الذى أصبح فى الأيام الأخيرة حريصا عليه .

فهل يكفى هذا الحرص !!!

بالطبع لا .

لقد فقدت الشعور بالأمان بوجوده وهذا ما لن يمكنه أن يعوضها عنه .


****************


أعاد مازن طلب مساعده وهو يصيح : فين مدام رنا ؟؟ انا مش طلبتها من نص ساعة ؟؟


أتاه صوت مساعده مرتبكا : بعت لها يا فندم .. هطلبها تانى .

نهره مازن : لا استنى


ونهض عن مقعده مغادرا المكتب : انا هروح اشوف الأستاذة إيه شاغلها عن شغلها .


واندفع عبر الطرقات نحو قسم الدعاية والإعلان .لقد تغاضى كثيرا عن تكاسلها وتهربها من العمل رغم أن هذا التغاضى مجهول السبب يغضبه داخليا .

كلما هم بتوبيخها رأى تلك النظرة المنكسرة والتى تردعه فورا .. ليس انكسار نظرتها ما يردعه بل هذا الخوف الذى لم يخطئه وليس له الحق فى التطلع إلى منشأه وإن تلهف لهذا .


زفر بضيق ؛ لم يعتد لين القلوب


اقتحم المكتب متسائلا بحدة : فين مدام رنا ؟؟


صمتت الأفواه تماما وأشارت احداهن نحو غرفة مغلقة ليهز رأسه مستنكرا حصولها على مكتب منفرد قبل أن يسرع بإقتحامه صافقا الباب خلفه بحدة أجفلت الجميع واحيت تساؤلات عبر النظرات الصامتة .


كانت تجلس ورأسها ملقى فوق كفيها والغريب أن اقتحامه للمكتب لم يثر اى من انفعال أو مجرد رد فعل بسيط بل ظلت كما هى ليقترب ويضرب المكتب بقبضته : مش شايف شغل يعنى مأخر سيادتك !!


لم تجب أيضا ليدور حول مكتبها ويضرب رأسها بسبابته للخلف فيرفع رأسها كرها .


***


كانت تتألم بشدة ولا تفهم ما الذى يحدث معها ، لم يكن اقتحامه للمكتب أو صراخه يعنيان شيئا أمام ما تشعر به .. لقد اعتادت منه الصراخ الذى لا يمكن أن يؤثر عليها فى هذه اللحظة فلا مجال لمزيد من الألم سواء بدنيا أو نفسيا لذا تجاهلت وجوده وهى تظن أنه سيزيد ثورة ويغادر بنفس الحدة إلا أنه اقترب ليدفع رأسها فيرى ما تعانيه بصمت .


ارتد مازن للخلف فور رؤيتها مغمضة الأعين بوجه شاحب متعرق ، يبدو من زم شفتيها أنها تتألم ألما ساحقا .


استعاد رباط جأشه مع تلاشى غضبه ليتساءل : إيه ده مالك يا مدام ؟؟


أعادت رأسها لموضعه بين كفيها مع فرار بعض انين دفعه للتراجع خطوة أخرى للخلف .


انحنى من موقعه وهمس بتساؤل حذر : اوعى تكونى بتولدى ؟؟


شهقت ونظرت له بفزع وكأنها لم تصل لتلك الفكرة ، دارت عينيها بفزع أكبر وهى تردد بتساؤل وانفاس لاهثة : أولد ؟؟ أولد لا .. مش عارفة لا .. انا بولد ؟؟


وضعت كفها الأيمن فوق بطنها واعادت الأيسر خلف ظهرها وزاد تتابع أنفاسها بدافع من فزعها الشديد ليسرى خدرا فوريا فى أطرافها مذيبا عظامها ومسببا ارتخاء عضليا زاد الألم .


اقترب منها خطوة واحدة دون أن يرفع رأسه متحدثا برفق : أهدى من فضلك .. حافظة رقم جوزك ؟؟ أو حد من أهلك ؟؟


زاد الأمر سوءا مع انخراطها فى بكاء حاد لا يفهم سببه ليقترب خطوة أخرى : مدام رنا بصى لى هنا .. ماتخافيش انا هنقلك المستشفى بس نطلب جوزك واهلك الاول .


ماليش حد .. ماتسبنيش .. انا ماليش حد


كان هذا هو كل ما فهمه من صرخات متتالية ارتحت لها الجدران حوله ليقترب مجدداً بفزع مماثل لفزعها صارخا : يعنى إيه ؟؟ اعملك ايه طيب انا ؟؟


صرخت بألم ممتزج بقهر لم يخطئه دفعه ليتحرك بلا تردد حاملا إياها ومهرولا نحو الخارج ، اقتحم التجمهر الصغير الذى تكون لصراخها أمام الباب ليغادر تاركا خلفه بركان ثائر فى نظرات وهمسات هو محورها الأول .


***************


طلب إياد خضر الذى دخل مكتبه للتو لينتفض إياد واقفا : خضر .. خضر في فيروووز ماجتش

رأى خضر شديد انفعاله ليفهم ما خلفه من خوف واضح فيسرع نحوه : عادى يا إياد .. ما هى فيروز بتغيب كتير .


نظر له إياد برفض ليمسك كفه ويجلسه : إياد انت بقى لك كام يوم بس متابع فيروز لكن هى عمرها ماكانت بتيجى اسبوع على بعضه .


زادت دهشة إياد ليقترح خضر : طيب ما تتصل بيها !!


تهرب إياد بعينيه : ماا اعرفش رقمها

ضحك خضر لبراءة ابن عمه الذى كما يبدو قد سقط فى بحر من رمال فيروز وغاصت قدميه دون أن يملك سبيلا للنجاة .


ولم العجب !!


فهى كسحر يخطف العقول ويذهب بها فى رحلة بلا عودة ولا يظن أن شخصا ما قد يرغب فى هذه العودة .


نهض خضر : لو عاوز الرقم اجيبهولك .. لكن لازم تتأكد انت عاوز ايه الاول .. انا فى مكتبى .. سلام .


وغادر خضر وهو يثق أنها أسرت ابن عمه كما فعلت معه مسبقا حقا يختلف الوضع هنا فهى راغبة ب إياد بينما كان هو راغبا فيها وحده وحالما بها وحده وعاشقا لها وحده .

لذا فهو يتألم الأن وحده .


***


تركه خضر وغادر لينتفض بحدة رافضا هذا الشعور الذى يشعره بالاختناق ، لم يفر الهواء من رئتيه بغيابها ؟؟

لم يتألم اليوم لعدم رؤيتها ؟؟

لم يريد رؤيتها بهذا الإلحاح المزعج ؟؟


اتجه نحو مكتبه ليجلس أمام حاسوبه ؛ ما الذى يحدث معه ؟؟؟


****************


وصل للمشفى دون أن تتوقف عن البكاء ، تسللت رأفة بها إلى قلبه لتبدأ التساؤلات عما تعانيه وعما تعنيه بكونها لا تملك أحدا ؟؟


ما الذى يحدث مع هذه المرأة ؟؟


زفر بضيق وهى تخفى وجهها عنه بينما يدفعها أحدهم بذلك المقعد الذى حملت عليه من سيارته .


سار خلف المقعد بشرود ليوقفه أحدهم : حضرتك لازم تملى البيانات وتدفع مبلغ تأمين .


أشار نحو المقعد الذى يبتعد ليقول ذلك الغريب : المدام هتبقى بخير ماتقلقش حضرتك .. الدكتور هيشوفها لحد ما تخلص الإجراءات ويعمل لها اللازم .


صحبه هذا الرجل إلى مكتب الاستعلامات ليقف ينظر لتلك الأوراق التى عليها ملأها ، هو لا يعرف عنها شيئا سوى اسمها الأول


ما الذى أوقع نفسه فيه !!!


ظل ينظر للأوراق حتى سأله الموظف : فى مشكلة يافندم ؟؟


نظر نحوه يتساءل بشرود عده الرجل لفزعه : اكتب ايه ؟؟


ابتسم الرجل بهدوء : حضرتك ادينى بطاقتك وانا اتصرف ومحتاجين مبلغ التأمين و...

قاطعه رنين الهاتف ليرفعه ويجيب بإختصار ثم ينظر نحوه دون أن ينهى المكالمة : المدام حالة ولادة مبكرة وهتدخل عمليات ..حضرتك التكاليف بتختلف حسب الحالة .. انتو متفقين على ولادة طبيعية بدون ألم ولا قيصرية ؟ حالة المدام مطمئنة .


زاد تخبطه ودهشته ليعيد تساؤلاته : مش عارف هى ..


قاطعه الرجل بهدوء : هى الولادة المبكرة مربكة شوية بس الافضل ولادة طبيعية بدون ألم .


هز كتفيه : خلاص اعملها ده .


عاد الرجل للهاتف بينما انشغل هو بالبحث عن بطاقته الشخصية وبطاقة الإئتمان خاصته ، قدمهما إلى ذلك الهادئ وأخرج هاتفه عليه التحدث إلى أبيه فقد يجد بعض إجابات .


****************


وقف رفيع بباب مدرسة حفيديه وحتى هذه اللحظة لا يصدق أنها اقنعته بذلك ، لحظات واقبل الصغيرين ركضا ورائد ينادى اسمه بفخر ليلتفت وينظر نحوهما ، اقبل الصغيرين ليجد ابتسامته تعبر عن سعادة حقيقية ، لم يكن يعلم مسبقا أن صحبة الصغار من المدرسة قد يكون سببا للبهجة .


نظر رائد بإتجاه بعض الصغار لتتجه عينى رفيع نحوهما بتلقائية ، رأى خوفا فعليا بنظرات هؤلاء ، لابد أنهم المتسببين فى إيذاء حفيده مسبقا .


أجبر رائد على النظر نحوه متسائلا : ولد مين اللى بيطلعوا لك يا رائد ؟


هز رائد رأسه وهو يعود بنظراته لهم : ولد السوهاچى يا چد


تقدم رفيع نحو الصغار الذين زاغت أعينهم فزعا مع اقترابه ، طالعهم بحدة أصابت قلوبهم ، لم تتخيل عقولهم الصغيرة أن أعين ملونة قد تكون بهذه القوة والحدة .


وقف رفيع أمامهم متسائلا : واد مين من عيلة السوهاچى يا ولد ؟


تبادلوا النظرات ليقول أحدهم بخوف : إحنا ماعملناش حاچة .. مابجيناش نتحدت وياهم من أصله .


هز رفيع رأسه مستحسنا : عملتم خير .. ولما تروح انت وياه جول لبوك إن رفيع صخر من الحساينة بيجولكم ربونا زين بدل ما يربينا هو .


وعاد نحو الصغيرين اللذين اتجها نحو سيارته عدوا ليلحق بهما وينطلق عائدا نحو المنزل ربما يغضبه هذا الصغير الذى يشبهه كثيرا .

بل يصل به احيانا لحافة الجنون

لكنه لن يسمح مطلقا بإيذائه ولن يكن له إلا درعا حاميا من كل من تسول له شياطينه أن هذه الهيئة التى ورثها عنه تمثل شيئا من اللين .


**************


جلس محمود بجوار زوجته بعد أن وضع قناع التنفس فوق فمها وقام بتشغيل الجهاز . نظرت نحوه حياة و تحدثت بهدوء : انت عطلت نفسك بسببى تانى يا محمود .. انا كويسة انزل الشغل ماتقلقش عليا .

بسط محمود ذراعه ليحيط كتفيها : انت زعلانة انى قاعد معاك يا حياة ولا إيه ؟؟

سعلت حياة بضعف : لا طبعا بس مش عاوزة شغلك يتعطل انا هاخد الجلسة وابقى كويسة دلوقتى .


ابتسم محمود : عارف يا حبيبتي بس عاوز اقعد معاك وحشنى القعدة معاك لوحدنا من غير مشاكل الشغل والعيال ودوشة الدنيا .


اعتدل فورا ممسكا بهاتفه : وادى الموبايل كمان مش عاوز حاجة تاخدنى منك النهاردة .


ابتسمت واعادت رأسها للخلف مع عودته ليضم كتفيها فتستقر بين ذراعيه ، بدأت تتنفس بهدوء فى محاولة لإلتقاط انفاس تريح صدرها الذى ضاق بالانفاس .


عرفت أنامله طريقها إلى خصلاتها التى غزاها اللون الأبيض وترفض بشكل قاطع تغيره دون أن يؤثر هذا على شغفه بها .

هى فاتنة وإن تحولت لكتلة من الخصلات البيضاء سيظل شغوفا بكل تفاصيلها .

قدم لها تدليكا خفيفا ساعد على استرخاء بدنها ليساعدها على تنظيم أنفاسها بشكل أفضل .


***********


أعاد مازن طلب الرقم لتأتيه نفس الرسالة التى تفيد أن الهاتف مغلق أو خارج التغطية .


البحث عن أبيه فى عدم وجود هاتفه المحمول صعب للغاية .

زفر بضيق وقد عزم على إيجاد أبيه بأى شكل .. بدأ بمهاتفة المتاجر واحد يليه الأخر ونفس الإجابة كل مرة : محمود بيه ماعداش على المحل النهاردة .


إلتقى حاجبيه بحيرة : انت فين يا بابا ؟؟


وقبل أن يعيد المحاولة أتاه صوت انثوى : استاذ مازن


دار على عقبيه نحو الصوت ليجد ممرضة تقترب منه لتضع بين كفيه قطعة من القمر : بنت زى القمر .. المدام هتبقى فى الاوضة خلال نص ساعة .

وغادرت دون أن يملك وقتا للاعتراض أو التوضيح أو يملك القوة لنفى تلك الصغيرة عن نفسه .


تطلع لوجهها الوردى لتفتح عينيها وتغلقهما فورا ، عينين رماديتين مبهرتين لم يجد بقلبه قوة لنزع عينيه عن وجهها خاصة مع ابتسامة رغم يقينه أنها ليست له إلا أنه بادلها متغاضيا عن كون هذه الطفلة بين ذراعيه لا تدرك اى مما يحدث .


ضمها نحو صدره متلفتا حوله ، تقدم فورا نحو الغرفة المفترض

تواجد رنا داخلها متبعا اللوحات الإرشادية لها وغير مهتم باللوحات التحذيرية من الاقتراب ، وصل ليطرق الباب بحدة .

لحظات وكانت الممرضة التى وضعتها بين يديه أمامه : فى إيه يا استاذ ؟؟ دى غرفة عمليات حضرتك وصلت هنا ازاى ؟؟


لم يلتفت لأى مما قالته بل تساءل بحدة : انت ماعندكيش رحمة ؟؟ ده لبس لطفلة فى البرد ده ؟؟


نظرت نحوه بصدمة وتقدمت منه : حضرتك جاى انت والمدام من غير لبس للبنت اصلا ده لبس من عندنا من الحضانة ومفيش غيره للاسف


انتبه لقولها لتتجهم ملامحه .. خلع عنه سترته يدس الصغيرة داخلها بحرص بينما أشارت له الممرضة : من فضلك أخرج من هنا وجودك هنا مش مسموح .


كان سيغادر بكل الأحوال مادامت لا تملك ما يعاونه على تدفئة مجسم الجمال بين ذراعيه


لتكن أضلعه منبع دفئها إذا .

*****************


أشار رؤوف ل فارس برفض : لا يا فارس مستواك مش عاجبني .


ترجل الفتى عن فرسه بحدة متجاهلا رؤوف ومتجها نحو غرفة تبديل الملابس ليلحق به رؤوف الذى لم يخف عنه توتر فارس الذى اثر على مستواه بشكل مقلق .


وقف رؤوف بطريقه لينظر نحوه الفتى فيتحدث بهدوء : الفروسية يا فارس مش إنك بس تركب خيل .. الفروسية إن يكون فى ائتلاف بينك وبين الفرس .. في تفاهم .. في تواصل .. تعاملك بحدة مع الفرس ومحاولتك تنفيس غضبك فيه هتخسرك ثقته فيك وممكن تخسرك الفرس نفسه


نظر فارس أرضا : من فضلك يا كابتن انا محتاج ارتاح .


زادت حيرة رؤوف بأمر فارس ليتساءل : طيب ممكن نتمشى مع بعض شوية .. منها ترخى اعصابك ومنها نحاول نشوف حل للمشكلة اللى مضايقاك .


حاول فارس تجاوزه : انا ماعنديش مشاكل .


أمسك رؤوف ذراعه يمنعه من التقدم : كلنا عندنا مشاكل .. وإنكار المشكلة مش هيحلها ابدا بالعكس هيعقدها .. اى مشكلة مهما كانت كبيرة ليها حل المهم إننا نقدر نواجهها مش نهرب منها .


عاد فارس ينظر أرضا بحيرة منحت رؤوف الفرصة ليدفعه مرة أخرى للخارج ويسيرا معا ويسود الصمت لفترة ليست قصيرة قبل أن يقف رؤوف متسائلا : إيه رأيك ناكل ايس كريم ؟؟


لم يكن استخراج ما يعتمل بقلب الفتى بالأمر الهين لكن نجح فى التسلل إلى عقله ليكشف ذلك الصراع الذى يعيشه والذى لم يؤهله عمره له بعد .


***************


دخلت رنوة للغرفة حيث انفرد رفيع بنفسه منذ عاد من الخارج ، كان واجما شاردا حتى جلست بجواره متسائلة بقلق : مالك يا رفيع ؟؟


نظر لها بشئ من الحدة : انى زين اهه .


زادت حيرتها وهو يرفع نبرة صوته : كنت فين من لما رچعت ؟؟


أجابت فورا بتلقائية : هكون فين !! عند سويلم بطمن على رائد وعابد .


اعتدل بحدة اجفلتها : وهم رائد وعابد مش حدا امهم ؟؟ هيچرى لهم ايه يعنى ؟؟ ولا انت خلاص مابجاش فى راسك غير رائد وعابد ؟؟


تبدلت نظراتها الحائرة لأخرى عابثة : رفيع انت بتغير من احفادك ؟؟


انتفض رفيع بحدة فعلية : جولت لك ألف مرة بغير من خلجاتك


استدار نحوها : انت ليه بتعملى فيا إكده !! بتريحك نارى ؟؟ بتبسطك حرجة جلبى ؟؟


انتفضت بدورها رافضة : رفيع دى مش غيرة .. انت كده اتجننت .


رفع كفه لتتسع عينيها فزعا ، توقف كفه بالهواء وظلت عينيه متعلقة بفزعها لدقيقة كاملة مرت دهرا بينهما ثم سقطت ذراعه وانحنى ملتقطا عباءته مهرولا للخارج بينما سقطت فوق المقعد وكفها فوق صدرها المتتابعة أنفاسه : رفيع كان هيضربنى !!!


رددتها عدة مرات قبل أن تلقى بدنها للخلف وتترك العنان لدموع عينيها .


تعلم أنه يغار لكن أحفاده ؟؟

زادت أنفاسها هياجا مؤلما بشكل استرعى منها محاولة للاسترخاء باتت بفشل ذريع .

مهما مرت الأيام .. ومهما تقدما بالعمر

يظل الألم الذى يتسبب به هو أكثر ما يزعزع قلبها زارعا بين ضلوعها اشواكا تؤلم حتى أنفاسها فى غضبه .


**********


ابتسمت نسمة للضيف وللكاميرا الموجهة نحو وجهها لتقول : بنشكر حضرتك دكتور عامر على وجودك معانا وعلى ردك على كل الأسئلة .

ابتسم لها الرجل ذو الشعر الأشهب لتنظر فى الاتجاه الآخر : وبكده خلصت حلقتنا لكن الأسئلة ما خلصتش .. دكتور عامر استاذ القانون بجامعة القاهرة هيكون معانا فى نفس المعاد الاسبوع المقبل إن شاء الله للرد على كل استفسارات المشاهدين .. نترككم فى رعاية الله مع وعد بلقاء جديد .


انتهى برنامجها لينظر الضيف نحوها ويقترب بمقعده قليلا : مش حضرتك يا أستاذة كنت زوجة بسول العارف الدبلوماسي المعروف ؟

اومأت بضيق ليتابع : أستاذة نسمة تسمحى لى بنصيحة انا زى والدك


نظرت نحوه بدهشة : اتفضل يا دكتور


تنهد بضيق : طليقك هيحاول ياخد منك ابنك .. هو جالى المكتب امبارح وعرفت منه التفاصيل ..


شحب وجه نسمة ليتابع : انا لسه ماردتش عليه هاخد القضية ولا لا لكن أنا كنت منتظر اقابلك النهاردة علشان اتأكد إن رفضى قرار صحيح واقولك إنه مايقدرش ياخد منك الولد القانون فى صفك مهما حاول يتلاعب .


اهتز صوتها وتحدثت بلا وعى : ده من كام يوم راح للولد المدرسة وقاله إنه عاوزانى ارجع له .

أومأ بتفهم : يبقى هيرفع القضية علشان يخوفك ويجبرك ترجعى له


تنهدت وهى تدفن وجهها براحتيها : انا لو عمى عرف ممكن يقتله .. انا أطلقت منه بمعجزة ماعنديش استعداد اعرض اى حد من اهلى لمشاكل تانى بسببه .


نظر لها الرجل فبمجرد رؤيته لها اليوم اتضحت له نوايا بسول والذى اتجه لمكتبه بالأمس بمحض الصدفة كما يظن زاعما رغبته بضم صغير له من زوجته الأولى التى تعمل مذيعة .. قدم له البيانات ليعلم أنه يتحدث عن نفس المذيعة التى ستجرى معه لقاءا فى الغد لذا لم يمنح بسول ردا نهائيا حتى يقيم الموقف .. وقد فهم اليوم أن رؤيته كانت صحيحة فمنذ بدأ بسول يستعرض أمامه مركزه ومركز والده فطن فورا أنه لا يملك الحق لضم صغيره واراد أن يتيقن فقط وكان اليقين برؤيته نسمة اليوم وبتعاطفها مع أصحاب المكالمات التى وردته اليوم .


غادرت الاستديو لتجده أمامها يقف أمام سيارته بين حراسه كعادته المعروفة ، اقتربت منه بحدة ليبتسم : الرسالة وصلت ؟؟


توقفت خطواتها ، لقد تعمد زيارته للسيد عامر !!


اقترب منها خطوة واحدة وتابع بهدوء : مهما قالك عامر المنصور أنا أقدر اخد منك فارس .. لا القانون ولا عامر ولا حد هيقف فى صفك لو انا قررت اهدك .. وافتكرى انى بسول العارف .


وغادر بتغطرس بينما ظلت بين صدمتها ومغادرته ورؤيته .

لقد وصلت سطوته لإعداد برنامجها ليعرف شخصية الضيف والذى لم يعلن عنها إلا صباح اليوم بل واقدم على زيارة ضيفها قبلا ليدس لها بذور تهديده ومحاصرته .


************


دخل مازن للغرفة التى ارشدوه إليها حيث رنا ترقد بإنهاك واضح ، تلهفت عينيها لما يحمله : بنتى !!


قدمها لها بقلب آسف ، ضمتها دون أن تعيد له سترته ، جلس أمامها متسائلا : ممكن افهم بقا ؟؟ انا ماعرفتش حتى املى بياناتك .. كل المستشفى فاكرين انك مراتى وانا مش عارف اتصرف .


نظرت نحوه ليتساءل : جوزك فين ؟؟

أجابت دون تردد أو تفكير : انا مش متجوزة اصلا .

*********************
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة