-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية الشرف ج5 قسمة الشبينى - الفصل السادس

مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص مع رواية صعيدية جديدة للكاتبة المتألقة والمبدعة قسمة الشبينى التي سبق أن قدمنا لها العديد من القصص والروايات الجميلة علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل السادس من رواية الشرف ج5 بقلم قسمة الشبينى. 

رواية الشرف ج5 بقلم قسمة الشبينى - الفصل السادس

اقرأ أيضا: روايات رومانسية عربية كاملة

رواية الشرف ج5 قسمة الشبينى

رواية الشرف ج5 بقلم قسمة الشبينى - الفصل السادس

 دخل خالد لمنزله عصرا ، عليه أن يحصل على قسط من الراحة ثم يعد للمركز حيث يتم العمل على أبحاثه الراهنة .


دخل ليستقبله الهدوء كالعادة ولكن هذه المرة بدأ الضيق يتسرب لقلبه ، ليس لأعتياده الضجيج والصخب فى المنزل ، بل لعدم اعتياده هدوئها هى .


لم تكن شديدة الصخب فعليا لكن لها خصال طفولية أصبح يفتقدها بشكل كبير .


ابتسم متذكرا كم مرة كانت تختبئ لتفزعه !!

كم مرة كانت تستقبله ببكاء أثناء حملها !!

وكم مرة بكت لبكاء الصغيرة وعجزها عن اسكاتها !!

كم مرة كانت تسهر ليلا متهمة إياه بإصدار شخير مزعج !!

وكم مرة كانت تلتقط كلماته لتحولها لنكات ببراعة منقطعة النظير !!

وكم مرة طالبته بالحلوى واتهمته بالتقصير !!

وكم أصبحت هادئة وقد تناست كل هذا


أين ذهب كل هذا ؟؟؟


كيف هرمت تلك الطفولة بثنايا تلك الشقية لتصل لهذا الصمت ؟؟


دخل الحجرة ليجد نفس المشهد الذى اعتاده مؤخرا . هى تستلقى بصمت تطالع الصغيرة التي غفت بفراشها الملحق والذى رفضت بشكل قاطع وضعه بحجرة منفصلة .


اقترب حتى جلس بطرف الفراش لتسرع نحو الاتجاه المعاكس . أمسك كفها متسائلا : مالك ؟؟ سيلى انت اتغيرت اوى ؟؟


لحق بها ليثبتها بالفراش ، أطل عليها بشموخ ليرى تجمد عينيها بشكل زاد من ضيق صدره ليتساءل مجددا : فى إيه يا سيلين ؟؟


زفرت بضيق ونظرت بالاتجاه الاخر : هتكمل ولا اقوم احضر الاكل ؟

انتفض عنها فزعا : اكمل ؟؟


زاد فزعه مع انتفاضها عن الفراش لتصفعه بقولها : مالك متفاجئ اوى كده !! هو بقى فى بينا غير رغباتك ؟؟

انتفض بالتبعية : رغباتى ؟؟ سيلين انت بتقولى إيه ؟؟ انت مدركة كلامك ؟؟ انا قربى منك حب بيولد الرغبة والمفروض إنها رغبة متبادلة .. انت جرى لك إيه ؟؟


اتجهت نحو الباب وهى تضغط فوق أسنانها خشية افزاع صغيرتها : قرفت من نفسى .. هو ده الجواز يا خالد ؟؟


غادرت الغرفة ليلحق بها : استنى هنا تقصدى إيه بقرفتى دى ؟؟


دارت على عقبيها تواجهه : اقصد أنى كيان يا خالد مش جسم لتفريغ رغباتك .. انا ليا قلب ومشاعر وإحساس وانت مش شايف فيا غير حاجة واحدة ..


مسح وجهه بإرهاق لتتابع بإنكسار : انا عاوزة احس اني انثى .. انى ست حلوة وجوزها بيحبها .. مش جارية راميها فى البيت لحد ما يجى مزاجه يرجع يلاقى حضنها مستنيه .


أشار نحو صدره بإستنكار : انت بتكلمى عنى انا !!! انا يا سيلين !! انا اللى ربطت نفسى بيكى واستنيت لما الهانم تحقق طموحها !! انا اللى رضيت نأخر الحمل لحد ما الهانم تاخد الدكتوراه وتطلب بالاسم فى أكبر جامعة فى البلد !!! انا اللى استحملت سنين يا سيلين مش انت .


وقبل أن تحصل على فرصة للرد اتجه نحو الباب صارخا : كفاية يا هانم بقا انا سايب لك البيت


وصفق الباب لترتعد بدنيا ، نظرت نحو الخواء الذى خلفه واجهشت بالبكاء ، لقد حدث كل ما من عليها به للتو ، وقد قدم كل تلك التضحيات لكنها لم تجبره عليها .

هى لم تشترط سوى تأجيل الزفاف وقد كان راضيا تماما لأنه فعليا لم يكن مستعدا له أما ما تلاه فقد كان بإتفاق وتفاهم بينهما دون أن يفرض اى منهما رغبته كانا يتناقشان سويا قبل كل خطوة .


فلما يشير إليها متهما وكأنها أجبرته على التضحية ؟؟


*************


نظرت بسمة فى ساعة الهاتف مجددا ليتساءل عابد : ماما حضرتك مستنية حاجة ؟؟

ربتت فوق رأسه : ماما رنوة اتأخرت


نظرت لهما بالتبادل ثم قالت : انا هنزل اشوف تيتة وانتو تخلصوا الواجب لحد ما ارجع . متفقين ؟؟


نطقا معا : متفقين بس هاتيها معاكى


ضحكت ونهضت عن مقعدها نحو الغرفة لتبدل ملابسها وتغادر .


طرقت الباب وانتظرت قليلا دون إجابة لتعيد الطرق مجددا مع نزول حورية التى ابتسمت لها ممازحة : شدى حيلك يا حورية هانت


وضعت حورية كفها فوق بطنها المنتفخ : الحمدلله انا هتمشى شوية اروح لماما سليم ودى زياد من الصبح.. انت واقفة هنا في حاجة ؟؟


هزت كتفيها : بخبط على ماما رنوة تقريبا نامت ولا حاجة .


قطبت حورية جبينها بإندهاش : مش معقول سليم بيقول عمرها ما تنام العصر إلا لو تعبانة .


عادت بسمة نحو الباب : انت هتقلقينى ليه !! بقول يمكن يعنى بترتاح شوية


أعادت طرق الباب مرتين دون إجابة لتنظر نحو حورية : حورية معلش استنى هروح اجيب المفتاح الاحتياطي واكلم سويلم .


اومأت حورية بينما هرولت هى صعودا لترفع حورية هاتفها وتهاتف سليم فورا .


دقائق وعادت بسمة بأنفاس لاهثة ، فتحت الباب ودخلت هى وحورية بترقب تناديان وتنظران هنا وهناك دون جدوى .


أشارت حورية إلى الغرفة لتسرعا نحوها ، فتحت بسمة الباب وتبعتها حورية لتجدا رنوة أرضا فاقدة للوعي .


شهقة مزدوجة مع إندفاع بسمة لتجلس وترفع رأسها وتبدأ فى محاولة إفاقتها ، حاولت رفعها عن الأرض لتجد صعوبة فى ذلك مع اقتحام سويلم للغرفة يتبعه سليم الذى صرخ متسائلا : إيه اللى حصل ؟؟


اسرع سويلم يرفعها عن الأرض مهرولا صوب فراشها لتتحدث حورية بفزع : دخلنا لقيناها واقعة كده .


اسرعت بسمة تحاول إفاقة رنوة لتنظر لزوجها : سويلم هات جهاز الضغط من فوق ممكن نحتاج نروح مستشفى .


شهقت حورية مجددا بينما تساءل سليم : بابا فين ؟؟


بدأ يحاول مهاتفة والده والذى رفض إجابة الاتصال بينما عاد سويلم بعد لحظات حاملا جهاز قياس ضغط الدم .

لحظات ونظرت نحوه بقلق : الضغط عالى اوى يا سويلم .. انا بقول نروح المستشفى احسن .


نظر لأخيه الذى هز الهاتف وكأنه يفهم ما يريد قائلا : مابيردش .


عاد لزوجته راجيا : اتصرفى يا بسمة


رفعت إصبعها بتحذير : انا هحاول بالدوا بتاعها مرة واحدة مافقتش هوديها المستشفى حتى لو عمى مارجعش .. اتفضلوا اخرجوا وسيبوا حورية معايا .


نفذا بصمت بينما اختبأ الصغيرين اللذين كانا يتلصصا .


مر نصف ساعة قبل أن تفتح حورية الباب : فاقت بس بتعيط جامد .


هرولا للداخل ليجلس كل منهما بجهة من الفراش ويتساءل سويلم : چرى إيه يا امى ؟؟ باكية ليه ؟؟


رفعت عينيها نحوه ولم تجب ليتساءل : زعلانة منى !!

صمتت ليتابع : من سليم ؟؟

لم تجب ليتابع : سيلى فيها حاچة ؟؟

مزيدا من الصمت ليصمت هو لحظة ثم يتابع : باكية من بوى ؟؟


لم تجب بل زاد نحيبها الصامت ليقرب رأسها من صدره فتزيد من البكاء : خلص يا امى بالله عليك .


تحدثت بسمة وهى ترى كف رنوة يرتفع ليضغط موضعا مؤلما بصدرها: ماما ضغطك عالى اوى كده خطر عليكى .


اقترب سليم ليرفع ذراعه ويحيط كتفيها : ابكى يا ماما .. ابكى لحد ما ترتاحى .


انتقلت من صدر سويلم لصدره ليحيطها بذراعيه بينما عاد سويلم للخلف وقد تبدلت ملامحه واكتسى وجهه بسواد الغضب ، اقتربت منه بهدوء لتربت فوق كتفه برفق .


ظل الوضع على نفس الحال لدقائق طويلة حتى هدأت شهقات رنوة ، أعادها برفق للوسادة ونظر نحو بسمة التى همست : نامت ماتقلقش


قدمت له ورقة : هات الحقن دى من الصيدلية عندنا .


أومأ بصمت ليقول سويلم بحزم : وهاتهم على شجتى فوج .


نظر له الجميع بصدمة إلا أنه دس ذراعيه أسفل بدن أمه المنهك ليحملها ويتجه للخارج تبعته زوجته تنهره برفق : سويلم مايصحش كده .


لكنه نهرها أيضًا بحزم : محدش يتدخل .


نظرت نحوه بصدمة بينما تابع طريقه ، تلفتت نحو حفيف الستائر لتتجه نحوها ، سحبتها لتجد الصغيرين ليسرع عابد مدافعا عن نفسه وأخيه : كنا عاوزين نطمن على تيتة بس .


أشارت لهما ليسرعا مغادرين ويتبع الجميع سويلم صعودا


***************


دخلت نسمة غرفتها بعد أن تظاهرت بتناول الطعام خشية إثارة الريبة فهى تثق أن أمها لا تمرر أى من إضطراب يمر به أحدهم وتعالج الأمر بطريقة غير مستحبة بالمرة .


استلقت فوق الفراش وقد زاد نهش المخاوف بصدرها .. طرقات خفيفة دفعتها لتعتدل جالسة فيدخل فارس بوجه بشوش ، رحبت به فورا : تعالى يا حبيبى .


اقترب وجلس بطرف الفراش : مالك يا ماما ؟؟ هو بابا زعلك تانى ؟

تهربت بنظراتها منه ليتحدث بحدة أصبحت عادته مؤخرا : ماما من فضلك صارحينى .


نظرت نحوه بحدة : فارس لاحظ إن صوتك بقا يعلا كتير ..


نظر فارس أرضا : انا يا ماما مااقصدش أعلى صوتى لكن حضرتك بتحاولى تبعدينى عن المشاكل رغم إن انا بتحمل النتائج مع حضرتك .. حضرتك فى الفروسية بتعاملينى على أنى راجل ولازم اتحمل المسئولية وفى حياتى بتعاملينى على أنى طفل مااعرفش حاجة .. انا مش صغير يا ماما ..


نهض ليغادر لتوقفه بترقب : فارس استنى .


نظر لها لتتابع : بيهددنى ياخدك بالمحكمة .. المحامى قال القانون فى صفى وهو قال لا القانون ولا المحامى ولا اى حد هيقدر يساعدني قدامه .


قطب الفتى جبينه بحزن وكأنه فقد أملا اخيرا للتو ، نهضت عن الفراش واسرعت نحوه تضمه بحزن : انا اسفة يا فارس .


ضمها فارس وقد بلغ طولها فعليا وشرد مع ومضات من حديث رؤوف الذى خفف كثيرا من توتره وساعده لمواجهة نفسه ، كان يعلم أنه ليس بغية أبيه .. علم أنه يسعى لأمه عبره .. لكنه كان يحمل املا صغيرا أن يكون هو أيضا له ولو مقدارا قليلا برغبة أبيه ، ظنه سيحاول ترميم ما مضى .. ظنه سيحاول تعويضه ما خسر .. ظنه سيحاول لأجله بينما كان يحاول لأجل نفسه .. ربما انتقاما .. وربما رغبة .. وربما تسلطا لكنه بعقله الذى بدأ يطرق أبواب الرجولة يدرك أن الحب بعيدا كل البعد عن أفكار أبيه .


وكم هو آسف لأجل ذلك !!!


ربت فوق رأسها وكأنه هو الأكبر .. لم يدر كم استمر معانقا لها لكنه حين أبعدها شعر بالسكينة .

لم يعد التخبط بين قلبه وعقله .. بل أصبح واثقا من رغبته ومما هو مقدم عليه .


ويعلم جيدا من سيساعده فى ما يريد ..

تعجب حين ذكر حديث رؤوف المباشر وقوله : انا معجب بمامتك يا فارس .. لا يمكن عديت مرحلة الاعجاب من فترة .. انت دلوقتى راجل وممكن تقدر مشاعرى علشان كده انا اتكلمت معاك بصراحة .


عاد بناظريه لغرفة أمه التى عادت تجلس فوق فراشها مطرقة الرأس ، لم يشعر طيلة حياته برغبة أمه في الزواج مجددا .. كثيرا ما تحدثت جدته بهذا الموضوع لكن والدته رفضها قاطع ومع تفتح براعم رجولته بدأت شكوكه حول أبيه سببا رئيسيا لهذا الرفض خاصة بعد ما حدث منه مؤخرا .


*****************


ارتقى يزيد الدرج بخطوات متثاقلة ، أخبره أبيه أنها لم تغادر غرفتها اليوم وحمله جده سبب ذلك .

لا يفهم ما الذى حدث !!

كانت بخير مساءا .


وصل أعلى الدرج متسائلا : هل كانت ؟؟


عاد يتقدم بخطوات متثاقلة أيضا ، يعلم أنها لم تكن بخير منذ أعادها أخيها لمنزله ليصرخ هو بعدم رغبته وجودها .


وقد كذب ..


بالتأكيد فعل .


إن فقد رغبته فيها فيمن يرغب ؟؟


لم ولن يفقد رغبته فيها ما حيا .. لا يمكنه إنكار ذلك بينه وبين نفسه .. بل لقد تعدى أمره الرغبة بمراحل .


إنه يتوق لها ..

يذوب شوقا لدفء لا يعرفه إلا بين ذراعيها ..

لا يتحمل مرور ليلة واحدة دون أن يرتوى منها

وسرعان ما يهاجمه الظمأ مجددا ممزقا صدره حتى يهرع لرى قلبه مجددا .


وقف أمام الباب مترددا فى عبوره ..


هل سيشعر بنفورها مجددا ؟؟

اغمض عينيه مستدعيا ثباته قبل أن يفتح الباب ويدخل بهدوء ، تقدم وكانت تجلس بجوار النافذة تستمد بعضا من الدفء من شمس باهتة .


خلع ملابسه دون أن تنظر نحوه أو تهتم بدخوله وكأنه لم يدخل للغرفة .. أو كأنها انفصلت عن واقع هو فيه .


بدل ملابسه ليقترب فيقف بينها وبين أشعة الشمس التى تستمد منها دفئا كاذبا .


رفعت عينيها نحوه ليمد كفه ملتقطا كفها ، سحبها نحو صدره لتتحرك دون مقاومة .


وقفت بين ذراعيه ليحيط وجهها متسائلا لأول مرة بحياته : فيكى إيه ؟؟ إيه اللى چرى لك ؟؟


ابتسمت بتهكم : ولا حاچة .. انى زينة .


أعاد حجابها للخلف : زينة كيف ؟؟


وقبل أن تجيب اقترب تقوده لهفته التى تتوق لقربها ، إلتقط أنفاسها وقد زادها قربا بأذرع قوية .


زاد تطلبا واستسلمت كما إعتاد منها .. كم يرغب فى المبادلة التى لم تعد تحاول أن تمنحه إياها ولو تظاهرا .


إلتهبت أنفاسه حين أشرف عليها دون أن يحاول النظر لوجهها ، إضطراب بأنفاسها اشعره بالمزيد من الاحتراق ،

هلل حبيس بين أضلعه ظنا أن هذا الإضطراب بداية تجاوبها الممتع .


لمست ذقنه النامية وجنتها الناعمة ليشعر بنداها الذى افزعه ونفضه عنها .


اغمض عينيه وهز رأسه رفضا : خبر إيه ؟؟ بتبكى ليه ؟؟


وكأن سؤاله إيذانا لها لتفجر ينابيع عينيها ، أمسك وجهها يجبرها على النظر نحوه لكنها زادت بكاءا مع همهمات لم يفهم منها شيئا ، دفعته تلقائية كرهها لضم رأسها هامسا : خلص .. بزيداكى .. ماهجربش منيكى لو كارهة جوى إكده .


زادت بكاءا ليزيد ضمه لها ويلفه إعصارا من الحيرة ينزعه من جذور تمسكه بثبات اراده لنفسه وافقدته إياه ببضع دمعات .


استلقى ليسحبها فتستقر حيثما تمنت أن تستقر لكن ليس كيفما تمنت مطلقا .


***************


جلس مازن أمام الغرفة وقد استسلمت للنوم بفعل المهدئ الذى حقنت به ، أخبره الطبيب أنه لم ير امرأة من قبل خاضت ولادة طبيعية وظلت بذلك الإدراك لتلك الفترة مما دفعه لحقنها لتسمح لبدنها بالراحة قبل أن تصل للانهيار .


استل الصغيرة من بين ذراعيها بعد أن غفت تماما وغادر الغرفة ليجلس بالقرب منها . مد سبابته يتلمس نعومة كفها ليدق قلبه بقوة مقاربة لدقاته يوم ميلاد صغيرته نور .


قبضت الصغيرة بنعومة على سبابته ليبتسم بتلقائية ، رغم عدم رفض هيا صحبته نور مطلقا إلا أنه فقد الكثير فى عمرها المبكر ، رفع كف الصغيرة يلثمه بنعومة .


نظر نحو الصغيرة وشرد فى حديث أمها ، هل يملك أحدهم قلبا متحجرا ليتخلى عن صغير لم تلده أمه ؟؟


أعاد رأسه للخلف ؛ لم لا !! لقد كاد يفعل !!


تضاربت ذكرياته بين حديث رنا وبين مشاهد من جبروته مع هيا رغم علمه بحملها إلا أنه لم يشفق عليها مطلقا .

بل سعى لشهواته ورغباته دون النظر لحالتها أو الاهتمام لحياة الجنين الذى بأحشائها .


للمرة التى لا يعلم عددها يشعر تجاه هيا بالامتنان ، لولا فرارها منه ما نجت صغيرته وماكنب لها الحياة .


ربما هذا الامتنان هو ما دفعه للمحاربة لأجل هيا لاحقا .

وللمرة التى لا يعلم عددها أيضا لام نفسه وجلدها لذنوبه ، لقد اختار الحرمان من لذة كادت تهلكه بإرادته عقابا لنفسه على ما قد سلف .


سنوات طويلة عاناها وحده تكفيرا عما كان منه وكم يتمنى أن يغفر له ما اقترفت يداه .


انتبه للصوت لينهض فتقبل نحوه چودى وزوجها ساهر والفزع يحتل ملامحه ، نادته چودى ليقف وينظر نحوها : عمتو چودى حمد الله على السلامة .


اومأت ليتساءل ساهر : رنا !! رنا عاملة إيه يا مازن ؟؟


رقد كف چودى فوق رأس الصغيرة ليبتسم مازن : بنتها .

وتابع مخاطبا ساهر : كويسة جدا يا عمى حضرتك اطمن خالص .. هى بس نايمة الدكتور منيمها علشان ترتاح .


مدت چودى كفيها تلتقط الصغيرة بينما اسرع ساهر مقتحما الغرفة ، جلس بطرف الفراش متلمسا جبينها الشاحب : رنا .. ردى عليا يا حبيبتي .


حين أملته الرقم علم فورا أنه ل ساهر وحين رفع عينيه ينظر لها متسائلا : عمو ساهر ؟

أجابت بحدة : عندك مانع !!

لم يشأ أن يخض حديثا يزيد من متاعبها فيكفيها تماما ما مرت به لذا سارع بمهاتفة ساهر ولم ترق له ابدا تلك اللهفة الصارخة بصوته اولا وبقسماته منذ وصل وهذا الأمر يزعجه بشدة .


شعر مازن بالأسف لإستيلاء چودى على الصغيرة التي أججت مشاعره لكنه انتفض مبتعدا مع رنين هاتفه .


***************


فتحت حياة عينيها تنظر نحو الساعة الجانبية ، ربتت فوق صدر محمود الذى تتوسده لينتفض ناظرا لها بأعين ناعسة ومتحدثا بصوت متحشرج : مالك يا حياة ؟؟ تعبتى ؟؟


هزت رأسها نفيا : لا يا حبيبي ماتقلقش بس مازن مارجعش


أعاد رأسه للوسادة : نامى يا حياة تلاقيه مشغول ولا اتغدا برة .. ابنك بقا راجل ماتخافيش عليه .


عادت تتوسد صدره لدقيقة واحدة قبل أن تهمس : محمود .


هااا


همهم بنعاس لتتابع : علشان خاطرى اطلب مازن اطمن عليه .

ضحك محمود وهو يرفع رأسه ناظرا نحوها : استحملتى دقيقة كاملة ازاى هههه يا حياة ارحمى نفسك القلق ده بيتعبك اكتر .


اعتدلت جالسة ليجلس بالتبعية ، إلتقط هاتفه فهو عاجز تماما أمام رجائها ، أعاد تشغيل الهاتف ليتسلل بعض من قلقها لصدره وهو يرى عدد المكالمات التى وردت من مازن بالإضافة لمكالمات أخرى من كافة المتاجر والمصنع أيضا ، شعرت بتوتره فورا : فى إيه يا محمود ؟؟


ابتسم متغافلا : الشغل هيكون ايه يعنى ؟؟


طلب رقم مازن وانتظر قليلا حتى أتاه صوته المضطرب : بابا حضرتك فين من الصبح ؟؟


حاول التحكم فى توتره : انت فين يا مازن ؟؟ انا فى البيت انت عارف حياة تعبانة .


صمت محمود يستمع لحديث ابنه غير المنظم عما حدث ، أخبره أنه بالمشفى بصحبة رنا التى داهمتها آلام الولادة ، أخبره بحيرته وعجزه عن التصرف ولجوءه إليه ، أخبره عن حديثها المبهم والذى لم يفهم منه سوى تخلى الجميع عنها ، اخيرا أخبره بحيرة عن طلبها ساهر وچودى ووصول الأخيرين جوا من الغردقة بلهفة لا يفهمها وتزعجه بشدة .


انتظر محمود حتى أتم حديثه ليجيب : طيب يا مازن انا جايلك ماتقلقش .


أنهى المحادثة وهو ينهض عن الفراش لتتساءل : فى إيه يا محمود ؟؟


أعاد ارتداء ملابسه : ابدا يا حبيبتي رنا ولدت وساهر وچودى جم من الغردقة على المستشفى .


لمح تلك النظرة بعينيها والتى يعلم أن مبعثها الغيرة ، ابتسم وعاد للفراش ليمسك كفيها : مش عاوزانى انزل مش هنزل .


هزت رأسها نفيا : لا يا محمود انزل براحتك .


ضحك محمود : متأكدة ؟؟

زفرت بضيق ليتابع رافعا عنها حرج الاعتراف : تيجى معايا ؟؟

تهللت ملامحها رغم الشحوب ليقطف ثمرة سعادتها ثم يقول : خدى حمام هنا وانا هروح الحمام اللى برة .

ابتعد محذرا : وبراحتك لو تعبتى مش هننزل .


****************


دخلت ليليان لغرفة إياد بعد أن أذن للطارق ، ورغم أنه لا يحبذ تسلطها فى هذا التوقيت إلا أنه ابتسم لها .


اقتربت وجلست بجواره : مالك يا إياد قاعد لوحدك مش عادتك ؟؟

هز كتفيه ببراءة : عاوز اقعد لوحدى


نظرت له بلوم : انت بتطردنى ؟؟

نفى فورا : لا لا مش ش قصدى .


ضحكت وأخرجت من جيب عباءتها عدة صور قدمتها له : إيه رأيك ؟؟


نظر نحو الصور بفضول : مين دوول ؟؟ صحباتك ؟؟


ضحكت ليليان : ههههه لا بنات صحباتى .

أشارت نحو إحداهن : شوف دى مهندسة ومعجبة جدا بتصاميمك


أشار نحو الصورة بفخر : دهه تصميمى موديل السنة دى .


ابتسمت لتتساءل : ها حلوة ؟؟


هز كتفيه فالأمر لا يعنيه واجاب : حلوة اه .


بدأت تعرض عليه المزيد ومع كل صورة تثنى على صاحبتها وتقدم له بعض المعلومات عنها دون أن يدرك السبب وهو يخبرها أن صاحبة الصورة جميلة فقط


انتهت اخيرا لتضع أمامه كل الصور : ها مين احلى واحدة ؟؟


رفع حاجبيه واجاب : كلهم .. كلهم حلوين .


أشارت نحو الصور : يعنى اخد مواعيد منهم كلهم واللى تعجبك تخطبها ؟؟


إلتقى حاجبيه فى محاولة لتجاوز هذه المراوغة وهو يردد : أخطبها ؟؟ اخطبها ليه انا مش عاوز أخطب انا دول مش عاوز


أشار نحو الصور بكفه لترفعها من أمامه بحدة : انت مش بتقول كلهم حلوين ؟؟


زفر إياد : ما ماما كل البنات كلهم حلوين .. أخطب كل البنات انا ؟؟ وانا مش هخطب بنت علشان حلوة .. انا هخطب بنت علشان بحبها .. بحبها بس .

عادت تنظر له بإستنكار : طيب ما تحب يابنى حد مانعك ؟؟


نهض من جوارها ، طالما كانت الأفكار بينه وأمه غير متصلة بشكل جيد . ابتعد خطوتين : ماا حدش مانعنى .. ماما من فضلك .


انتفضت ليليان : انا مش فهماك يا إياد .. لما محدش مانعك إيه مأخرك فى الجواز كده ؟؟


نظر لها بحدة مستنكرا لينقذ الموقف دخول طايع وينقذه أيضا .

اقترب منهما : فى إيه يا لى لى ؟؟

نظرت نحوه لقد حذرها من هذه الخطوة لكنها أصرت عليها ، رفع طايع ذراعه لكتف إياد متحدثا بهدوء : من فضلك سيبينى مع إياد شوية .


بدلت نظرها بينهما وغادرت بحدة ، أغلقت الباب لينظر نحو إياد مبتسما فيسرع إياد يختبئ بصدره ، ربت فوق رأسه مطمئنا : اسمها ايه اللى شاغلة حبيبى عننا ومخلياه سرحان كده ؟؟


قبض إياد على ملابسه ليسحبه نحو الأريكة ، جلسا متقابلين ليرى طايع الحيرة بنظرات صغيره الذى تساءل : هو ازاى الحب يا بابا ازاى ؟؟


ابتسم طايع متحدثا بهدوء : الحب دقة غريبة فى صدرك .. قلق عليها بمجرد ما تغيب عن عينك .. عاوزها معاك علطول من غير ما تعرف ليه .. عاوز تطمن عليها .. عاوز تشوفها .. عاوز تتكلم معاها .. عاوزها كل حاجة فى حياتك .. عاوزها هى كل حياتك .. عاوز حاجات كتير انت اكيد عارفها .


ابتسم إياد ونظر أرضاً متحدثا بحماس : ايوه يا بابا هو .. هو ده اللي انا مش عارف ليه بيحصل لى . عا . عاوزها


ربت فوق كفه يوقف حديثه : تعرفها من امته احكى لى .


ليبدأ إياد حديثا طويلا ، هو نفسه لم يكن يعلم أنه يحمل لها كل تلك الذكريات التى كانت تثير غضبه بينما الأن تثير ضحكاته وجميع حواسه بالتبعية .


****************


التزمت بسمة الصمت رغم رفضها ما أقدم عليه سويلم إلا أنها تقدر عواطفه وتعلم جيدا شعوره ورغم ذلك تخشى رد فعل رفيع والذى تثق أنه لن يكون بهين .

دارت عينيها لترخى اجفانها شاعرة بإرهاق نفسى شديد ؛ ما أصعب الساعات القادمة !!!!

*********************
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة