-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية الشرف ج5 قسمة الشبينى - الفصل الثامن

مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص مع رواية صعيدية جديدة للكاتبة المتألقة والمبدعة قسمة الشبينى التي سبق أن قدمنا لها العديد من القصص والروايات الجميلة علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل الثامن من رواية الشرف ج5 بقلم قسمة الشبينى. 

رواية الشرف ج5 بقلم قسمة الشبينى - الفصل الثامن

اقرأ أيضا: روايات رومانسية عربية كاملة

رواية الشرف ج5 قسمة الشبينى

رواية الشرف ج5 بقلم قسمة الشبينى - الفصل الثامن

استيقظ خالد شاعرا بالألم ، لقد غفى بمكتبه منتظرا أن تهاتفه لكنها لم تفعل .


كذلك فعل .. ربما فعلت ولم يشعر برنين الهاتف

تفقد هاتفه مع أمل ضعيف ثم نهض بتكاسل ، رغم أن اليوم عطلته الرسمية إلا أنه سيتابع العمل ، لا فائدة من العودة للمنزل وهما بهذا الخلاف . يبدو أنها لن تعترف أنها مخطئة وهو لم يخطئ ولن يبادر بالتنازل مجددا .


تحرك ليخلع سترته ويستبدلها بمعطف المعمل ، سيعمل ويعمل حتى يحقق كل ما يتمنى .

ونسى أثناء ذلك أن زوجته كانت يوما ما اهم ما يتمنى .


************


استيقظت بسمة مع حركة سويلم ومحاولته مغادرة الفراش لتتساءل بنعاس : هى الساعة كام ؟؟


اجاب وهو يفرك وجهه بكفيه دون النظر نحوها : عشرة


تحركت بتكاسل : يااه انا اتأخرت اوى .. الولاد اكيد صاحين من بدرى .


تحركت هى أيضا لتغادر الفراش الذى لازال جالسا بطرفه ، اتجهت نحو الباب لتفتحه فيستوقفها : بسمة ماتصحيش امى دلوك .


اومأت وغادرت الغرفة نحو غرفة صغيريها ، فتحت الباب بهدوء لتجد عابد جالسا فوق مكتبه ومنهمكا فى عمل ما ، اقتربت متسائلة : بتعمل ايه يا حبيبي ؟ واخوك فين ؟


رفع عابد رأسه مبتسما : بخلص الهوم ورك يا ماما ورائد نزل مع تيتة وجدو


ابتسمت وكأنه يخبرها بأمر اعتيادى ، كانت تعلم أنهما سيصلا لطريق يصل بهما للتفاهم

هذا الحب الذى تراه يغلف حياتهما لن يتأثر بشدة الخلافات ، ربما تزيده قوة لا ضعفا .

ربتت فوق رأس الصغير : طيب اجهز علشان ننزل نفطر معاهم .


***


عادت لزوجها الذى لم يبرح مكانه بعد ، جلست بجواره هامسة : اتصالحوا ونزلوا . ورائد نزل معاهم .


نظر لها مستنكرا لتتابع : فكها بقا .. التكشيرة مش لايقة عليك .

دفعت كتفه بكتفها ليبتسم فتتخذ من لهجته سبيلا : مالاكش صالح بيهم بجا خليهم يتراضوا لحالهم .


أشار نحو صدره عازما على الاعتراض لترفع سبابتها محذرة : كفاية عليهم ابنك .. عمو رفيع مش طايق نفسه ههههه .


ضحك سويلم لتتابع : هو انت هتفضل تغير عليا كده لما اكبر ؟؟


اقترب منها بدفء يحتاجه أكثر منها : تحبى تشوفى دلوك ولا لما تكبرى ؟؟


كتمت ضحكتها ليدور فيحتويها : بجول اديكى فكرة .


فاضت عينيه بأشواقه التى يغمرها حنان لا تتشبع منه . تعلقت عينيها بهما ليبدأ توتر ضربات قلبها الذى لم يتغير يوما لقربه .. اسدلت جفنيها على صورته التى تزداد قربا لا تتسرب منه اللهفة مطلقا .


*************


ترجل حمزة عن السيارة فور رؤيته سيلين ليحمل عنها الأغراض وتكتفى بحملها صغيرتها متسائلا : ازيك يا سيلى ؟ امال الدكتور فين ؟


شعر بإنقباض ملامحها ليبدأ فى المزاح وهو ينظر نحو الصغيرة : دكتور ايه وسيلى إيه اللى بسأل عليهم ؟ سورى برنسس .


ابتسمت سيلين بإرهاق وهو يتمسك بالصغيرة يقربها منه ويبدأ فى إضحاكها متغاضيا عن سؤاله الذى لا ترغب فى إجابته دون أن يشعرها بمزيد من الحرج .

أشار نحو السيارة : اتفضلى يا سيلى


قاد السيارة مع حمله الصغيرة مما أزاح سبب توتر سيلين الأساسى وانشأ توترا جديدا لم يلتفت له حمزة .. يرى أنه قادر على قيادة السيارة وحمل الصغيرة بذات الوقت وهذا ما ينتوى القيام به مع طفله الذى ينتظره بشوق كبير.


وصلا لمنزل رحمة التى استقبلتها بود كبير مما أشعر سيلين بأنها لم تخطئ باللجوء لعمتها .


غادر حمزة على أن يحضر مروة للانضمام لإجتماع الأسرة لاحقا .


جلست رحمة تضم سيلين بعد استيلاء ماسة على الرضيعة متسائلة : حصل إيه يا حبيبتي ؟


تنهدت سيلين بحزن : خلاص يا عمتو الحب مات .. خالد مابقاش شايفنى . علاقتنا محصورة فى صورة واحدة .. انا مش بكرهه يا عمتى .. بس انا عاوزة جوزى يكون معايا .. يحمينى من نفسى .. يلبى كل احتياجاتى النفسية والعاطفية قبل الجسدية .. انا تعبت يا عمتو .. مش عارفة افهمه وهو كل يوم يغرق فى أبحاثه وشغله اكتر ويهملنى اكتر واكتر ...


قاطع حديثهما دخول محمد بصحبة هبة التى ركضت نحو رحمة : ازيك يا طنط ؟ عندكم نونو صحيح ؟


ضحكت رحمة : ايوه يا بيبة رؤى مع ماسة جوه بس خلو بالكم منها


اتجهت هبة فورا لغرفة ماسة بينما جلس محمد ناظرا نحو سيلين بحنان : زيارتك النهاردة بتفكرنى بزيارة من امك زمان .. هى كمان لما زعلت من ابوكى جت عندنا .


اعتدلت سيلين بصدمة : ماما زعلت من بابا ؟؟ امته ده ؟؟


ربتت رحمة فوق كفها : ده قبل ما تتولدى يا سيلى .. حاجة قديمة اوى .


ترددت كلمات رحمة برأس سيلين لتجد لها صدى محببا بقلبها ، إذا لازالت فرصتها قائمة .

لا زال بإمكانها الحصول على حياة حلمت بها .


أخرجها من أفكارها صوت محمد : احكى لى زعلانة من إيه وانا هجيبلك حقك .


نظرت نحوه ثم نحو رحمة ثم تحدثت : زى ما قلت لعمتو .. خالد اتغير اوى .. بقى ليه حياة تانية بتاخده منى .. انا عارفة إن شغله مهم بس انا كمان مهمة .. مقدرة إنه بيتعب بس انا بتعب من غيره .. انا خايفة اخسره لأنى لسه بحبه ومش عاوزة أنهى حياة اخترتها واسيب انسان اخترته وحبيت اكمل معاه ..


استمع لها محمد حتى أنهت حديثها لينظر نحو رحمة التى تهربت من نظراته ، عاد بنظره نحو سيلين : انا فاهم كل كلمة قولتيها .. وعارف تأثير بعد الشخص اللى حبتيه عنك وتفضيله اى حاجة عليك مهما كانت مهمة .. انا فاهم يا بنتى بس المشكلة بينكم إن انت مش قادرة توصلى له مشكلتك مش عارفة تتواصلى معاه زى الاول ، كتير أشخاص مهمين فى حياتنا اهتماماتهم واولويتهم بتتغير من غير ما يراعوا إننا جزء من اهتماماتهم دى .. بيوجعونا من غير ما يحسوا ..


استقام واقفا : ماتخافيش انا هتصرف .. ارتاحى مع عمتك النهاردة .


تحرك مغادرا ثم توقف ليتساءل : رحمة اخد هبة معايا ؟


رفضت بهدوء : لا خليها مع الولاد دلوقتى زينة تيجى


غادر بهدوء لتنظر سيلين نحو عمتها : عمو محمد بيتكلم عليكم يا عمتو مش علينا ..


تنهدت رحمة : خلاص الكلام مابقاش ليه لازمة .. قومى شوفى بنتك احسن ياكلوها وانا هجهز الفطار .


نظرت سيلين فى أثر رحمة .. حقا الإهمال من الأحبة مؤلم جدا .

هى لا تريد لنفسها هذه الحياة .

لا تريد أن تخسره وفى نفس الوقت عاجزة عن القرب منه .


*****************


جلس دياب مسترخيا فى انتظار انتهاء زوجته من تبديل ثيابها ، جلس عمير بجواره صامتا بينما أخذ صهيب يقطع المسافة بين الباب ووالده ذهابا وعودة بتوتر .


رفع دياب نظره إليه بتأفف : وبعدهالك يا ولد ماتجعد على حيلك .

نظر إليه صهيب مشيرا للساعة : أمى بجى لها نص ساعة بتغير خلجاتها زمان ولد خالى راحوا الچمعية لحالهم .


رفع دياب أحد حاجبيه : وايه يعنى ؟؟ ما تروح لهم ولا انت صغير ؟؟


زفر صهيب : أمى ماهترضاش اروح لحالى


أشار له دياب بكفه : وانى بجولك روح وابجى تعالى مع الولد وعمتك عفاف على دار چدك .


تهلل وجه صهيب : صوح يا بوى ؟؟

ابتسم دياب ليهرول الفتى للخارج ، نظر نحو عمير الذى يلتزم الهدوء بشكل مبالغ فيه : وانت يا جرد مالك ساكت ليه ؟؟


ابتسم الصغير ابتسامة عريضة : مش جولت لى لو اتأدبت هتاخدنى العصرية حدا چدى رفيع ؟؟ انى متأدب اهو


ابتسم دياب : هاخدك ماتخافش . خليك إهنه لما اشوف امك هتفتح عكا ولا إيه !! كل ده بتغير


ظهر الغضب على وجه الصغير مع إطباق شفتيه بقوة أضحكت أبيه الذى قدر فعليا أنه يصمت مكرها .


****


دخل دياب للغرفة ليجد بالمنتصف كومة من الملابس ودينا تجلس أرضا باكية بشكل مفزع .


اقترب منها و ارتكز على ركبة واحدة ليصل لقامتها : واه حوصل إيه ؟؟


مسحت دموعها بطفولية وحماقة : مالاكش صالح بيا يا دياب .. هملنى فى غمى وخد عيالك وامشوا انتو .. انى هجعد اهنه .


ردد بحيرة : تجعدى اهنه ؟؟ تجعدى فين ؟؟ ده عم حسين يرچعنى من على البوابة .


نظرت نحوه بحسرة مبالغ بها وزاد نحيبها . تنهد وجلس بجوارها متسائلا : إيه اللى چرى بس ؟؟ ما كنت زينة وداخلة تغيرى ومستعچلة على الروحة .


ربت فوق رأسها وقربها منه : حوصل إيه يا دينا ؟؟


شهقت ببكاء وهى تختبئ منه : الخلجات كلها ضيجة


نظر لها بدهشة : ضيجة !! خلجات إيه اللى ضيجة يا دينا دى عبايات وكلها واسعة


نظرت نحوه بشر واضح : يعنى انى بكدب عليك ؟؟


زادت دهشته : لاااه انت چرى لراسك حاچة النهاردة


إلتقط عباءة : طيب جومى إلبسى دى


انتفضت فورا بغضب غير مبرر : يعنى مامصدجنيش .


نزعت ما ترتديه وارتدت العباءة بفوضاوية وحدة ، لاحظ فورا إبراز الجزء العلوى من بدنها بشكل كبير .

إلتقط أخرى بحزم : لا دى ضيجة صوح إلبسى دى .


بدلت عدة مرات ليجد نفس الهيئة ، لم يلحظ زيادة وزنها مطلقا ، وهذه الملابس ترتديها دائما .

أيعقل أن يزيد وزنها بشكل مفاجئ وبإفراط أيضا !!؟


خلعت العباءة وألقت بها أرضا وعادت للجلوس والبكاء ، رأى أنها محقة فى هذا الانهيار .

اى شخص يكتشف فجأة تغير هيئته بهذا الشكل الملحوظ سيتأثر سلبيا .


تنهد واقترب منها : خلص يا دينا بزيادة بكى ..


وكأنه يطلب منها المزيد لتزيد فى البكاء وهى تخفى وجهها عنه .

صمت لحظات ثم قال : طب ما تلبسى العباية الچديدة اللى كانت واسعة .


رفعت رأسها ليرى التشكك بعينيها ، نهض فورا تجاه خزينة الملابس ليحضر تلك العباءة التى اشترتها مؤخرا .

عاد بها وسحبها مع اعتراض واهى منها لتقف أمامه ، وضع عليها العباءة ونظر لها بإستحسان : هتاكل منك حتة .


دارت تنظر إلى المرآة بقلق لتجد أن تلك العباءة مناسبة لها تماما ، بدأت تهدأ قليلا لينحنى هامسا : بكرة إن شاء الله ننزل المركز نچيبلك عبايات چديدة ونچيبلك كتاكيتو كمان .


نظرت له مقطبة الجبين : جصدك إيه ؟؟


ضحك دياب : ماجصديش حاچة انت بدك تتعاركى وتبكى وخلاص .


شهقت وهى تلكمه : يعنى إيه نكدية وندابة ؟؟


أمسك قبضتها قبل أن تصل لصدره : احلى نكدية شوفتها فى حياتى .


تملكها فزع ادهشه : ليه يا دياب !! انت تعرف واحدة غيرى ؟


تنهد دياب واغمض عينيه لحظة قبل أن ينظر نحوها : دينا انى چبت أخرى .. هتكملى لبس ونروح دار بوكى ولا اشيلك زى ما انت إكده ؟؟


سحبت كفها منها لتتجه نحو المرآة ترتدى حجابها ونقابها ، اتجه للخارج وما هي إلا دقائق وكانت تقف أمامه ليغادروا جميعا بعد مشادة أخرى بسبب سماحه ل صهيب بالتوجه للجمعية وحده .


****************


جلس الجميع حول طاولة الطعام بمنزل رفيع مع تشاحن نفسى وتوتر واضح يدعى الجميع تجاهله .


نظر رفيع نحو ولده سليم متسائلا : ولدك فين ؟

حمحم سليم : بايت عند جده راجى من امبارح .


نظرة ثاقبة من رفيع نحو سويلم قبل أن يتجاوز عن كل ما كان متسائلا : هتعمل ايه فى المهر الچديد يا سويلم ؟


تعجب سويلم أن أبيه يتجاوز الأمس بكل ما حدث فيه ، نظر نحو رنوة التى ابتسمت ليجيب : هعمل ايه يا بوى ! زى كل مرة هخلى مصطفى يبيعه ..


تحدث رفيع بهدوء : انى هشتريه .


نظر له الجميع وتساءلت رنوة : هتعمل بيه ايه يا رفيع ؟


هدأت نبرة صوته بحنو : هخبرك بعدين .

ثم عاد لولده : وشوف لى مين من ولاد اعمامك عنده مهور صغيرة عاوز يبيعها .. انى هشترى .


تسلطت شخصية سليم المرحة : إيه يا بابا هتنافس مصطفى ولا إيه ؟؟


لم يجب رفيع بل نظر لزوجته وكأن الجميع من حولهما تبخر : ما تاچى ننزلوا مصر نزور سيلى ونغير چو ؟؟


تبادل الجميع نظرات سادتها ابتسامات حانية ليتدخل رائد مفسدا اللحظة : انت عاوز تاخد تيتة مننا كمان ؟؟

نظر له رفيع بحدة : وانى اخدت منك إيه يا زفت ؟؟ وبعدين دى مرتى اخدها واروح مطرح ما انى عاوز .


عقد رائد ذراعيه بحدة طفولية اشعرت رفيع بالرضا لعدم مناقشته له لكنه لم يلتفت لكف عابد الذى يضغط فوق ساق رائد يخبره أن عليه التوقف فورا .


************


وصلت دينا لمنزل أبيها الذى ينتظر وصولها ، كانت آيات بالبهو واسرعت لاستقابلها ، رفعت نقابها لتتوقف خطوات آيات وتنظر نحو دياب : حوصل إيه ؟؟ مالك يا دينا ؟؟


كان حسين يدفع مقعد والده المتحرك ليتساءل فورا : مالها دينا ؟؟ فى إيه يا دياب ؟


تململ دياب : ولا حاچة يا عمى هى زينة


اثار صمت دينا فضول الجميع . اوقف حسين مقعد زيدان الذى نظر لها : مالك يا حبيبتي ؟


نظرت نحو جدها واجهشت بالبكاء . تبادل الجميع النظرات ليصرخ عمير متهما أبيه : بوى انت زعلت أمى تانى ؟؟

واه

اعترض دياب ليتابع الصغير : انى مش جولت لك ماتزعلش أمى ؟


لطم دياب رأس صغيره بخفه شاعرا بالحرج : انكتم يا ولد .. انى مازعلتهاش .


نظر نحو أبيها بنظراته الغاضبة : والله يا عمى هى نفسها النهاردة مفتوحة للغم والبكى .. أهى جدامكم اهه اسألوها .


سحبها أبيها لتسير معه وهى تشهق . جلس واجلسها لتجلس آيات بالاتجاه الاخر وتربت فوق رأسها ، مسد أبيها كفها بحنان : حوصل إيه يا حبيبتي ؟ ليه البكا عاد ؟


ألقى دياب بدنه فوق أحد المقاعد بغضب ليتحدث الجد بحزم : دينا چوزك مزعلك ؟


هزت رأسها نفيا ليأمرها : يبجى جومى مع مرت اخوكى غسلى وشك وحضرى وياها الوكل الولد زمانهم چايين .


نظر حسين نحو والده معترضا لكنه لم يعترض لفظا بينما ضمتها آيات بود : جومى يا دينا .. تعالى يا حبيبتى ربنا يهديك


نظر دياب لصغيره متوعدا لينكمش الصغير ويهرع نحو جده حسين .


**************


دخل محمد لشقة وفية ، الهدوء المؤلم يلف المكان .


تعجب كيف تقضى الساعات بهذه الشقة ؟؟

لم تتذمر طيلة سنوات زواجهما من الوحدة ..

تقدم بهدوء نحو المطبخ حيث يصدر صوت تقليب رتيب ، كانت أمام الموقد تعد قهوتها .


تسلل حتى وقف خلفها لتقول : انت فاكر مش حاسة انك معايا ؟؟


سيطرت عليه الدهشة ، لقد تسلل بخفة شديدة رغبة فى ممازحتها ، كيف اكتشفت وجوده ؟؟


دارت تنظر نحو مبتسمة بينما دارت عينيه تلتهم تفاصيلها التى نقشت بين أجفانه ورغم ذلك لم يفقد شغفه بها مطلقا


رفع قبضته يلكم كتفها بلكمة واهية : انت بتعرفى انى جيت ازاى ؟


ضحكت وعادت لقهوتها خوفا من إهدارها : قلبى يا محمد بيحس بيك ..


ضمها بإحتياج : وفية انا مقصر فى حقك اوى .. ربنا هيعذبنى بذنبك .


دارت فورا ودفعته للخلف : انت بتقول ايه ؟


رفعت سبابتها بتحذير : محمد انت بتعدل فى كل حاجة تقدر عليها ..

انخفضت نبرة صوتها لتتابع : ربنا مش هيحاسبك على اللى ماتقدرش عليه .


رأى الألم واضحا بنهاية كلماتها ، تظنه يخبرها بتفضيله رحمة عليها بقلبه !!

كيف أوصل لها تلك الفكرة ؟؟

بل كيف اصبح بهذه القسوة ؟؟


كادت تدور مجددا لتولى اهتمامها لقهوتها لكنه رفض ذلك ، أمسك رأسها ليقول : مجرد انك تفكرى كده ده تقصير منى .. انا ماقصدتش اللى فهمتيه ومش هشرح قصدى .. بس لو انت شكيتى فى حبى لك يبقى انا ماقدرتش اعبرلك عن حبى كويس .. الحب اللى جوايا ليك يا وفية يكفى عمرين على عمرى .. الحب اللى جوايا ليك مش لأنك تستحقى كل حب الدنيا .. الحب اللى جوايا لأنك بالنسبة لي الدنيا .


شهقت مع صوت تلامس قطرات قهوتها للنيران مقدمة نفسها قربانا لتلك اللحظة التى لا يجب أن يتخللها عشق غير عشقهما . حصل على شهقتها رافعا إياها نحوه بنهم وكفه ينهى معاناة مشروبها الثائر فما يتفجر بعروقه من حمم مشتعلة يحتاج للكثير منها ليخمد حرارته .


****************


جلست نسمة تستريح بعد مغادرة فارس نحو مسجد النادى بصحبة رؤوف الذى صحبهما منذ الصباح . تأففت بالبداية لصحبته لكن مع شعورها براحة وسعادة فارس لوجوده قبلت بها .


ارتشفت القليل من كوب الحليب لتعيده للطاولة مع صوت بسول : هاى يا بيبى


جلس دون دعوة لتتأفف وتنظر نحوه بحدة : ممكن تبقى استريت لمرة واحدة فى حياتك وتقول نيتك صريحة ؟


مد ساقيه للأمام بأريحية : وهى النية بيتصرح بيها يا أستاذة ؟


تبدلت ملامحه لتقول فورا : استحالة يكون اللى جواك حب . سواء ليا أو ل فارس .. حكاية إنك عاوزنا نرجع دى وراها حاجة انت عاوز تقضى عليا بيها .


ضحك بسول وعادت ملامحه تخفى احقاده : طول عمرك ذكية يا بيبى .. هو من ناحية هقضى عليك فأنا هقضى عليك وطبعا مش هرجعك ليا ابدا .. مش بسول العارف اللى يرجع لواحدة رفضته ..

قاطعته : وطبعا لازم ترسم برائتك قدام ابنك وقدام المجتمع علشان لما تقضى عليا زى ما بتقول تبقى نضيف تماما قدام الكل .


نظر نحوها واعتدل بجلسته : طول عمرى معجب بتفكيرك المنظم .. بس انت فقرية ورفضك ليا زمان عديته بمزاجى علشان انتقامى منك دلوقتى يبقى ممتع جدا .


استقام واقفا : اشوفك قريب جدا فى مكان تستحقى تكونى فيه .


غادر بخيلاء لتنظر فى أثره بغضب لم يمنع سريان رجفة من الخوف وصلت لقلبها ، ذلك الحقد الذى رأته بعينيه مع معرفتها السابقة بطبيعته العنيفة يدفعها للخوف من القادم .


***************


خرجت عفاف من باب الجمعية بصحبة هاشم الذى قال : انى مش مطمن .. اوصلكم وابجى ارچع


رفضت عفاف : ماينفعش يا هاشم لأچل تلحج الفطور ماعاوزينش نزعل چدى زيدان تانى .


نظر هاشم للخلف حيث يعمل بعض الرجال فى سرعة وإتقان لتجهيز جزء من الحديقة لحفلة ستقام لتكريم بعض أبناء الجمعية لتفوقهم فى عدة مجالات .


عاد ينظر لها ليقول ولده زيدان : ماتخافش يا بوى . انى وصهيب هندير بالنا .


زفر هاشم : طيب ابجى طمنينى لما توصلوا وانا هخلص واحصلكم طوالى .


سارت عفاف وهى تمسك كف ابنتها ديما البالغة سبع سنوات بينما يركض زيدان وعمار ويوسف أبناء يزيد أمامها ويسير فى الخلفية ولدها زيدان بصحبة صهيب وخلف الجميع يسير علي .


مروا بجوار المجرى المائى المندفع بشدة لتنهرهم عفاف : تعالوا بعيد عن الرياح التيار شديد .


تحرك على للأمام ليمسك عمار ويوسف بينما انطلق زيدان ليعبر الجسر المؤدى للاتجاه الآخر من المجرى .


سحبت ديما كفها واسرعت تعدو : ماما انا هسبق زيدان .


نهرتها عفاف : ديما تعالى إهنه .


لم تسمع لها الصغيرة لتحث خطاها بينما يقول صهيب : هم يا زيدان نلحج خيتك وواد خالى .


كان عدو الصغيرين اسرع من خطوات الجميع ولخفة وزن دينا لحقت زيدان لتمسك ملابسه . دار على عقبيه بحركة تلقائية ليفقد توازنه بفعل ارتطام ساقه بحافة سور الجسر .


أمسكت به دينا بفزع ليسقطا معا مع صرخات عفاف التى نست كل تعقل وهى تهرول نحو السور .


احتضن علي الصغيرين بفزع مع صراخ عفاف : دينا .. زيدان .. إلحجونا يا ناس .


اقتراب الظهيرة موعد يندر فيه المرور وقبل أن تتقبل عفاف صدمة فقدها الصغيرين رأت اندفاع ابنها زيدان وصهيب ليقفزا فى المجرى المائي ليصبح صراخها عويلا مصحوبا بهسيتريا أشبه بالجنون .


***************


قطعت دينا الردهة مجددا وهى تنظر للساعة ، لقد هاتف زوجها هاشم الذى أخبره أن عفاف صحبت الصغار فى طريقها إليهم لذا غادر زوجها لملاقاة الجميع


ما سر هذا التأخير ؟؟


المسافة بين الجمعية ومنزل أبيها لا تحتاج سوى ربع ساعة على أقصى تقدير .


عادت تنظر نحو الساعة الكسيحة ثم تنظر للجميع : اتأخروا ليه ؟؟


رفع زيدان رأسه وقد بدأ القلق يساوره أيضا : فين يزيد يروح يطمنا عليهم .


اضطربت آيات : هنادم عليه اهه .


صعدت الدرج مع حث دينا لها لتسرع : بالكاد بلغت منتصفه ليهرول أحد الحرس دون استئذان على غير العادة صارخا : مصيبة يا حچ حسين .


انتفض الجميع وتوقفت آيات ليتابع الرجل صارخا : مرت هاشم بيه وهى چاية بالولد وجع بنتها وزيدان بيه الصغير فى الرياح .. ونط وراهم مصعب بيه وزيدان بيه ولدها .


ألقى الرجل كلماته وهو يلهث ، صرخات متتابعة من دينا : ولدى .. ولدى يا بوى


وقبل أن يتحرك حسين كان بدن آيات يرتطم بالدرج قبل أن يتابع سقوطه للاسفل ليصرخ حسين مستغيثا بولده .


سكن بدن آيات أرضا مع تدفق الدماء منه والجد يصرخ : انت فين يا يزيد .


هرول النساء العاملات نحوها بينما فزع الحارس للخارج .

ظهر يزيد أعلى الدرج لتتعلق عينيه بها أسفله . جلس أبيه بجوارها يضرب وجنتيها بخفة : آيات .آيا...


صوت ارتطام اخر ألجمه لينظر بالخلف فيجد ابنته متكومة أرضا .

نظر بغضب نحو ولده الذى لايزال أعلى الدرج : اتحرك جبل ما يچرى لها حاچة .


انتفض يزيد يعدو لأسفل ليسرع حسين نحو ابنته .


************


كان دياب يسير الهوينى لملاقاة ابنة عمه والصغار وعقله شارد بجنون زوجته لتفزعه الصرخات المجنونة.


أفاق من شروده على صوت الصرخات التى يعلم جيدا لمن تنتمى ، اسلم ساقيه للريح وفى لحظات كان قرب الجسر ليجد ابنه يضم ديما ويتمسك بأحد اعمدة الجسر دون أن تخفى الدماء التى لا يعلم مصدرها بينما يصارع زيدان ابن هاشم للتمسك بجسد زيدان الأصغر الذى يغطس ويطفو فيزيد صراع الأكبر .


لم يفكر دياب وألقى نفسه فى المياه نحو زيدان الذى يكاد يخسر فرصته فى النجاة .

*********************
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة