-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية ذئب يوسف بقلم زكية محمد - الفصل الثامن

 مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص والروايات حيث نغوص اليوم مع رواية رومانسية مصرية جديدة للكاتبة زكية محمد, وموعدنا اليوم علي موقع قصص 26 مع الفصل الثامن من رواية ذئب يوسف بقلم زكية محمد .

رواية ذئب يوسف بقلم زكية محمد - الفصل الثامن

تابع من هنا: روايات زوجية جريئة

رواية ذئب يوسف بقلم زكية محمد

رواية ذئب يوسف بقلم زكية محمد - الفصل الثامن

 خيم السكون المكان ، و الصدمة و الذهول حليفهم . فرغت آلاء ثغرها حتى كاد أن يصل للأرض عندما رأت ذلك الغريب يحتضن صديقتها ، و لم تختلف حالة الأخرى عنها ، حيث تخشب جسدها ، و تعالت دقات قلبها ، وعندما أدركت الوضع المحرج الذي هي فيه ، قامت بزجه بقوة بعيداً عنها قائلة بحدة وهي ترفع يدها لتصفعه :- أنت عملت إيه يا حيوان ؟


مسك رسغها ليظل متعلقاً بالهواء ، و ضحك بخفة قائلاً :- أهدي يا مجنونة و اعقلي .


حدجته بصدمة قائلة :- نعم ! أنت مستوعب عملت إيه ولا أنت شارب حاجة على الصبح ؟!


هز رأسه بنفي قائلاً بتلاعب :- لا مش شارب ، و ممكن أحضنك تاني على فكرة و أبوسك في خدودك الحلوين دول كمان .


شهقة عالية صدرت من آلاء عقب حديثه الوقح ، بينما تحول وجه الأخرى إلى اللون القرمزي دلالة على الغضب الشديد ، و صرخت بوجهه وهي تحاول جذب يدها من قبضته الفولاذية :- أنت قليل الأدب و واطي ، سيب أيدي يا مجنون ، والله لأروح أعملك محضر في القسم و أخرب بيتك .


أردف بضحك :- يا بت أهدي الله يحرقك ..


أردفت بشراسة :- ولا أنت هتصاحبني ولا إيه ؟ سيب أيدي بدل ما أقلع اللي في رجلي و أنزل بيه على دماغك .


ترك يدها ، يحدق بها بذهول قائلاً :- ولا ! لا أنتِ محتاجة ضبط مصنع ..


حررت يدها من قبضته أخيراً قائلة بحدة :- وأنت مالك ! و بعدين ماتوهش ، إزاي تحضني يا قليل الأدب ؟ هو أنت فاكرني واحدة من إياهم ولا فاكرني ضعيفة هسكتلك ؟


هز رأسه بيأس منها ، و أردف بحدة جعلتها تصمت فوراً :- ممكن تهدي و تقفلي ماسورة المجاري اللي اتفتحت دي ، و نتكلم بالعقل ؟


أردفت بحدة مماثلة :- عقل ! و هو أنت خليت فيها عقل يا أبو عقل !


جز على أسنانه بعنف ، و بدون سابق إنذار كمم فاهها بيده قائلاً بصرامة :- هتسمعيني يعني هتسمعيني فأهدي و اعقلي كدة ....


أخذت تتلوى بعنف ، إلا أن قوته كانت الكفة الراجحة ، حيث لم تستطع الفرار ، فأخذت تهمهم تحت يده ، إلا أنه أردف بحزم :- أنا حذرتك فمتلوميش غير نفسك .


ولوهلة شعرت بالخوف منه فهي لا تعلم نواياه تجاهها بعد ، أما آلاء فاقت من حالة الصدمة وهي تشاهد ذلك الغريب يتعامل بذلك النحو مع صديقتها فامسكت حقيبتها ، و قامت بضربه بقوة على ظهره قائلة بشجاعة مزيفة :- أبعد عنها يا حمار بدل ما أنادي الأمن .


ضيق عينيه وهو ينظر ناحيتها قائلاً ببعض الوجع :- لا الحكاية مش ناقصة تخلف هي ، بس يا بابا !


خرجت بسرعة تهرول تستغيث بسندس ، إذ فتحت الباب على حين غرة قائلة بذعر :- إلحقيني يا مدام سندس في واحد ماسك رحيق ومش عارفة عاوز منها إيه !


قطبت جبينها بتعجب قائلة :- واحد مين دة ؟! تعالي وريني .


توجهن نحو المكتب ، وما إن دلفت ، حلت الصدمة على وجوههن حينما رأوا شادي منبطح على الأرض وهي فوقه تكيل له اللكمات بحقيبتها ، و هو يحاول أن يتجنبها قائلاً بصراخ :- يا بنت المجنونة كفاية هفطس ..


نظرت سندس لالآء قائلة بريبة :- متأكدة من اللي قولتيه من شوية دة ؟!


أردفت بتأكيد :- اه والله زي ما قولتلك يا مدام ، بس شاطرة يا رورو أيوة أديله كمان يستاهل ..


سمعن صراخه قائلاً :- حد يلحقني من الهبلة دي ..


هتفت سندس بحدة :- رحيق بس كفاية !


ابتعدت عنه، ونهضت قائلة بتذمر :- يا مدام سندس دة واحد قليل الأدب و محتاج يتربى ..


نهض هو بدوره قائلاً بضيق :- روحي يا شيخة وأنتِ عاملة زي علبة الكبريت كدة ، صحيح اجتنبوا شر من اقترب من الأرض .


نظرت سندس له قائلة :- هو أنت لسة ما قولتلهاش ؟!


هز رأسه نافياً وهو يقول بغيظ :- وهي أدتني فرصة أتكلم ، دي مفترسة والله .


حدجته بشراسة قائلة :- شكلك عاوز تضرب تاني صح ؟

ثم نظرت لسندس قائلة بضيق وهي على وشك البكاء :- يا مدام دة ...دة حضني وقال كلام مش محترم زيه ، خديلي حقي منه ، انا عاوزة أبلغ البوليس .


تقدمت منها قائلة بحذر :- رحيق أهدي يا حبيبتي مفيش حاجة....


قاطعتها قائلة بصراخ :- مش ههدى محدش يقولي أهدي ، إزاي المحترم يعمل كدة هو محدش قالك أن دة حرام ولا أنت ما تعرفش ؟!


أردف بندم :- رحيق أهدي وأنا هفهمك كل حاجة .


صرخت بوجهه قائلة :- متنطقش اسمي على لسانك ، فاهم ؟


صرخ بوجهها بانفعال قائلاً :- أنا أخوكي ...افهمي أنا أخوكي يا رحيق .


نزل عليها الخبر كالصاعقة في ليلة شتاء قارس ، و أخذت تتطلع له ببلاهة و ضياع ، شعرت بتخدر في أطرافها ، فلم تستطع أن تحملها قدميها ، فاقتربت منها سندس وامسكت بيدها ، بينما كانت آلاء متجمدة كحال رفيقتها .


اقترب شادي منها أكثر قائلاً بحنو :- أيوة يا رحيق أنا أخوكي ، بابا ليه سنين بيدور عليكي لحد ما فقد الأمل إلا أن عناية ربنا لطفت بينا ..


هتفت بضياع :- أنت... أنت.بتقول إيه ؟ أخويا إيه ، و أبويا إيه دة كمان ، أنت هتشتغلني ؟!


هز رأسه بنفي قائلاً بتأكيد :- لا أنا بتكلم جد ، أنتِ رحيق مجدي المرشدي بنت رجل الأعمال مجدي المرشدي .


صمتت قليلاً قبل أن تدلف في نوبة ضحك هستيري وسط دهشة الجميع ، بينما أردفت هي بضحك وهي تنظر لآلاء :- اسمعي يا آلاء بيقول إيه الجدع دة ! إنما نكتة بصحيح .


أقترب منها وهتف بقلق :- رحيق بطلي ضحك ، أنا مقولتش نكتة !


و ما إن هم ليمسك يدها ، نفضتها بعيداً عنها قائلة بصراخ :- أبعد عني ماتقربليش ، يا مدام سندس خليه يمشي من هنا أرجوكِ .


جذبها من كتفيها ببعض القوة قائلاً بجدية وهو ينظر بعينيها مباشرة :- رحيق فوقي ، أنا اسمي شادي مجدي المرشدي أخوكي سامعة ولا لا ؟ سواء برضاكِ أو غصب عنك أخوكي ولا يمكن أسيبك تاني ، بابا هيفرح اوي لما يشوفك .


أردفت بدموع عالقة :- بابا ! يعني أنا عندي أب ؟ ! هو رجع خلاص من الخليج ! و أنت إزاي أخويا أنا أمي مخلفتش غيري ، أرجوك بطل لعب بأعصابي ، أنا مش هستحمل كفاية اللي أنا فيه .


هز رأسه بنفي قائلاً بحنو :- حبيبتي أنا مبضحكش عليكي ، طيب استني كدة ..


التقط حافظة نقوده و أخرج بطاقته الشخصية و مدها لها قائلاً :- شوفي أهو إتأكدي من اسمي ، اسم بابانا واحد ..


تطلعت للبطاقة ، ثم قطبت جبينها قائلة باقتضاب :- دة اكيد تشابه أسماء أنا مليش أخوات .


أردف بحذر :- ما أنا أخوكي من الأب بس ، بابا متجوز واحدة تانية اللي هي أمي ، و معاكي أخت تانية أصغر منك بشوية .


أردفت بذهول :- نعم ! أنت عاوز تجنني يا جدع أنت ! ولو كلامك صح أنا مش عاوزاكم ..


ثم أضافت بفؤاد ذبيح :- دلوقتي افتكرتوني ؟! كان فين أبويا وأنا مرمية ليا سنين عند خالتي ، بدل ما يطبطب عليا راح أتجوز و خلف ولا كأن عنده بنت و سابنا كلنا عايشين في كدبة أنه سافر الخليج ، مش عاوزة حد أبعدوا عني أنا اكتفيت ..


ثم صرخت بانهيار في وجهه :- أطلع برة أطلع ..


تدخلت سندس بقلق من تأزم حالتها قائلة :- أستاذ شادي يا ريت تطلع دلوقتي و تستنى في مكتبي .


هتف بأسى :- بس ...


قاطعته قائلة بهدوء :- يا ريت تطلع دلوقتي أنت مش شايف حالتها !


طالعها بحزن وهز رأسه بهدوء، ثم انصرف مسرعاً ، بينما تقدمت هي منها و احتضنتها بحنو ، و هنا انهارت رحيق حصونها ، إذ أخذت تبكي بصوت مسموع بحرقة بوجع على ما سمعته منذ قليل .


أخذت سندس تربت على ظهرها بحنو ، وهي تشرد بذاكرتها وتعود للخلف منذ أسبوع حينما أتت سميحة لمقر العمل و طلبت أن تقابل رحيق إلا أن الأخرى رفضت بعد أن اتهمتها في عرضها ، فتوسلت لتقابل سندس لأمر ضروري ..


عودة للخلف ، بعد أن أوصدت رحيق جميع أبواب الغفران بوجهها ، لم تجد غير سندس ، فتوجهت لها قائلة برجاء :- وحياة أغلى حاجة عندك لتسمعيني يا هانم ، في حاجة مهمة بخصوص رحيق عاوزة أقولك عليها.


هتفت بضيق :- حضرتك عاوزة تقولي إيه ؟ إيه اللي هيتقال بعد اللي حصل ؟!


أردفت بندم :- غصب عني إحنا يا هانم غلابة و محلتناش إلا شرفنا ، لما شوفت الصور عقلي وقف وصدقت زي ما الكل صدق ، الناس في الحارة على قد حالهم ميعرفوش شغل الفيتو ... إيه دة مش عارفة أقول اسمه ، بس المهم حصل خير ، و براءتها ظهرت و رفعت راسها وسط الخلق ودة بفضل ربنا و بعدين أنتِ ..


أومأت بضيق قائلة :- اممممم و بعدين ؟


بللت شفتيها و تابعت :- رحيق طيبة و تستاهل كل خير ، و علشان كدة أنا هقولك على سر خطير يخصها بس وحياة الغاليين عندك ما تجيبي سيرة لحد ، و تخلي بالك منها .


انتبهت لها قائلة بقلق :- مالها رحيق اتكلمي .


هزت رأسها بخفوت، ومن ثم راحت تقص عليها كل شئ يخصها تحت أنظارها المصدومة ، و بعد ذلك تركتها بعد أن أوصتها بأن تنتبه لها .


على الجانب الآخر عند عقد الصفقة لاحظ مراد اسمها الذي كان موقعاً بين الأوراق ، فتوجه لسندس على الفور و تحدث معها بأمرها ، فأخبرته حينها بكل ما يتعلق بها ، و طلب منها أن تجري لها تحليل DNA دون أن تعرف ليقطع الشك باليقين ، وهذا ما حدث بالفعل حينما أكدت النتيجة نسبها لعائلتهم ، وأنها هي من ظل عمه يبحث عنها طيلة حياته ، و أسند له مهمة البحث عنها ، و ها هو القدر قد ساقها نحوهم دون أدنى مجهود يذكر .

أخبر شادي بالأمر الذي أتى فوراً لرؤيتها ، وحدث ما حدث ...


عودة للوقت الحالي ، نظرت لتلك المسكينة التي نالت منها الحياة بقدر كبير ، سارت بها نحو الأريكة ، و هتفت بهدوء وهي تمسح لها عبراتها:- رحيق ممكن تبطلي عياط و نتكلم ؟


هتفت بصوت متحشرج :- هنتكلم نقول إيه ؟ هو دة حلم صح ؟ أنا بحلم يلا صحيني علشان دة كابوس بيخنقني ..


أردفت بروية :- أنا عارفة الصدمة كبيرة عليكِ و صعب تستوعبي كل دة مرة واحدة ، خدي وقتك براحتك ، آلاء !


هتفت تلك المتخشبة كالتمثال :- نعم يا مدام سندس !


أردفت بهدوء :- اقعدي مع رحيق هنا على ما أروح أشوف شادي و أرجع . بقلم زكية محمد


_______&&&&&&&&&&&&&&________


بعد مرور أسبوع ، عادت البسمة لوجهه لتنيره من جديد ، أشرق وجهه بمعرفته في العثور على ابنته ، تلك الجوهرة الباقية من طيف الراحلة التي غادرت دون أن يعلم عنها شئ عندما اختفت في ظروف غامضة.


هتف بابتسامة تشق ثغره منذ زمن :- شكلها إيه يا شادي دلوقتي ، وعاملة إيه ، و قاعدة فين ؟


ابتسم بحنو قائلاً بعبث :- شبه مامتها يا بابا مزة يعني ..


نهره بحدة قائلاً :- ولد ! بطل لماضة .


ضحك بصخب قائلاً :- الله يا حج مش بقول الحقيقة! و متخافش هي قاعدة في مكان آمن لحد ما ربنا يهديها و تيجي هنا .


أردف بحزن :- هي لسة بردو مش راضية تيجي ؟


هز رأسه بنفي قائلاً بأسف :- لا لسة دماغها عنيدة ، أنا مش عارف طالعة لمين !


ابتسم بحنين قائلاً :- طالعة لمامتها كانت راسها انشف من الحجر .


غمز له بعبث قائلاً :- اه يا بابا يا شقي ، طيب قولنا بقى كنت بتروضها إزاي بما إنك خبرة وكدة .


أردف بغيظ :- والله لولا حالتي لكنت قومت و وريتك شغلك .


جلس بجواره قائلاً بحزن حاول مداراته قائلاً:- أديني جتلك أهو بنفسي ، أعمل فيا اللي أنت عاوز تعمله .


وضع كفه على يد ابنه قائلاً بحنو :- أنا مش عارف من غيرك أنت و أختك كنت هعيش إزاي و أكمل ! و أديني أهو لقيت بنتي التانية اللي ليا سنين بدور عليها ، بس خايف ...خايف عليها هي لوحدها وأنا مشلول هحميها إزاي ؟


أردف بعتاب :- وأنا روحت فين يا بابا ، متقلقش أنا أقدر احميها كويس ، أنا عارف إنك خايف عليها من ماما و رد فعلها لما تعرف.


أردف بحزن :- مش ناريمان بس يا شادي ، خايف من جدك و جدتك ليعملوا أي حاجة و يفرقوها عني تاني بعد ما لقيتها .


ربت على يده قائلاً :- متقلقش مش هتحصل حاجة من دي ..

ثم أضاف بمرح :- بس إيه يا عم بنتك دي إيه متوحشة عليها سنان ما شاء الله سمكة قرش علطول ، كانت قطة مغمضة هي و صغيرة لما كنت تاخدني معاك عندهم .


ابتسم بحب قائلاً بلهفة :- شوقتني أشوفها يا شادي ، حاول معاها تاني وتالت و عاشر لحد ما ترضى تيجي ، قولها أبوكي مشلول هتيجي علطول ..


أردف بدموع مكبوتة :- هيحصل يا بابا قريب إن شاء الله و دة وعد مني .


قاطع حديثهم دلوف ناريمان التي هتفت بغيظ :- إيه مالكم قطعتوا النفس كدة ، ما تتكلموا ولا دي أسرار مش عاوزني أعرف حاجة عنها .


أردف شادي بمرح :- أسرار إيه بس يا ماما ! دة أنا كنت بقوله عن أحوال الشغل و إزاي ماشي علشان ميقولش عليا مستهتر شوفت أهو ..


نظر له بامتنان قائلاً :- شوفت يا لمض ، يلا روح علشان متتأخرش و مراد يشوف شغله معاك .


أردف بفزع :- يا نهار مش فايت أنا نسيت دة هيكدرني النهاردة ، سلام يا حج ، سلام يا حجة ..


جعدت أنفها بضيق قائلة باذدراء :- حجة ! ولد أنت بتجيب الألفاظ دي منين ؟


أردف بضحك :- حد يطول يبقى حج يا ماما ، ربنا يوعدنا ..يلا سلام .


انصرف مسرعاً لعمله ، بينما تساءلت بريبة :- بقالك كام يوم مش مظبوط و عمال تتهامس مع شادي شوية و مراد شوية في إيه ؟


أردف بضيق :- مفيش حاجة يا ناريمان هيكون في إيه يعني ! هو الكلام بقى عيب !


جزت على أسنانها بعنف قائلة :- ماشي يا مجدي براحتك ، أنا نازلة النادي وهاخد شيري معايا ، تشاو .


قالت ذلك ثم غادرت الغرفة ، فنظر لطيفها بحزن ، فهي لم تكلف نفسها أن تسأل على حالته حتى و تساءل بسخرية :- أين ذاك الحب الذي أدعته من قبل والذي بسببه بقي هو معها بعد أن خططت بنجاح للإيقاع به منذ زمن ؟!

تنهد بقهر وهو يتذكر تلك التي كان إلى جوارها طفلاً وليداً ، و برحيلها رحلت روحه معها فلم يتبقى غير شبح باق ، جسد بلا روح يزفر و يستنشق الأنفاس لا أكثر .

بقلم زكية محمد


______________________________________


بكاء الصغير و استماتته على رأيه بالنزول لرؤية جده موسى ، جعلها ترضخ له ، و بداخلها يخشى الخروج من الأساس فبأي وجه سيقابلونها بعدما حدثت تلك الواقعة ؟!


أثناء نزولها درجات السلم ، لاحظت بعض النسوة وهن يطالعنها بازدراء و ضيق دب الرعب بقلبها ، و تساءلت ماذا حدث يا ترى لتنال تلك النظرات التي بمثابة الرصاص الحي ؟


وصلت أخيراً للطابق المتواجد به عمها ، و وضع الصغير كفه الرقيق كعادته على الجرس ، ففتحت زوجة عمها الباب التي طالعتها بضيق خفي ، لاحظته الأخرى لتزدرد ريقها بتوتر ، فهتفت بشفاه مرتجفة و ابتسامة تتراقص على جمر :- صباح الخير يا مرات عمي ، هو ...هو عمي موسى موجود ؟ أصل أحمد عمال يعيط و عاوز جده .


اغتصبت ابتسامة مصطنعة قائلة :- أدخلي يا مريم ، موسى جوة بيفطر .


دلفت وهي تشعر بالصقيع يسري بأوردتها رغم دفئ الجو . تململ الصغير لينزل سريعاً من على ذراعي والدته و يركض ناحية جده بحماس ، ليحمله موسى و يضعه على قدميه بحنو قائلاً :- صباح الفل يا أبو حميد ، إزيك يا مريم عاملة ايه ؟


ابتسمت بوجه شاحب قائلة بأدب :- صباح الخير يا عمي ، الحمد لله بخير ، انتوا عاملين ايه ؟


أردف بود :- فضل و نعمة يا بنتي الحمد الله ، تعالي افطري .


هزت رأسها بنفي قائلة :- أاا....لا قصدي بالهنا يا عمي ، أصل معايا شغل هروح اخلصه ، أنا بس جبت أحمد علشان ينزل معاك الوكالة ، بالإذن ..


انصرفت سريعاً لتتفادى نظرات زوجة عمها الحارقة ، بينما زفرت عواطف بضيق قائلة :- نقول إيه أدي الله و أدي حكمته ، شوفت شورتك يا حج شوفت ، أدينا أتفضحنا وسط العمارة و الهانم عاملة من بنها .


أردف بضجر :- يا عواطف خلي اللي يقول يقول هو من إمتى الناس بتسكت ؟!


مطت شفتيها بضيق قائلة :- مش جوازة إسلام يا حج ، ظلمت الواد معاها .


أردف بصرامة :- عواطف ! الكلام دة ما يتفتحش تاني ، شوفي وراكي ايه و اعمليه .


مصمصت شفتيها بتهكم قائلة :- حاضر يا حج لما نشوف اخرتها ايه ..


تجر ساقيها اللذين أصابهما التخدر ، فلم تستطع أن تحملهما ، و دقات قلبها تعلو بصخب ، لا تعلم أي معجزة قادتها و جعلتها تصل لشقة والدها ، و رفعت يدها التي أصابها الشلل الجزئي المؤقت ، و طرقت الباب وهي تسترجع كلمات النسوة أثناء صعودها " بنات آخر زمن ما صدقت أخوه مات راحت تكوش على التاني " " صاحبة خاينة للعيش و الملح " .


فتحت الباب والدتها التي ابتسمت لها بتوتر ، سرعان ما اختفت حينما لاحظت وجه ابنتها الشاحب فهتفت بقلق :- مريم مالك يا بنتي ؟ مالك يا ضنايا ؟


جذبتها برفق للداخل ، و جلستا على الأريكة ، فأردفت توحيدة بقلق :- مريم انطقي يا ضنايا ، فيكي إيه ؟!


هزت رأسها بضياع يميناً و يساراً قائلة :- مش عارفة ، الناس بتبصلي وكأني عاملة عملة ..هما ...هما عرفوا باللي حصل ؟


هزت رأسها بأسى قائلة :- هو أنتِ عرفتي ؟


اتسعت عيناها بذعر قائلة :- ققصدك إيه بعرفتي ؟ يا مصيبتي يا مصيبتي ، حرام عليكم والله ما عملت حاجة ، قالوا إيه يا أما و عرفوا إيه ؟


أردفت بحزن :- بيقولوا إنك خطفتي إسلام من أسماء بعد ما أمه اتفقت على الخطبة و قراية الفاتحة .


شهقت بصدمة قائلة :- نعم ! خطفت إسلام ! هي حصلت يقولوا عليا كدة ، أنا مخطفتش حد أنتوا اللي غصبتوني قوليلهم يا أما بالله عليكي قوليلهم .


أردفت بذعر من حالتها :- حاضر يا حبيبتي حاضر ، أهدي يا قلب أمك ...


ألقت بنفسها بين ذراعي والدتها ، و انهارت في موجة بكاء عميقة تقطع نياط القلوب ، لم كل شئ يسير عكس ما تريد ، حتى الشخص الوحيد الذي تمنت قربه ، لم يتركوا لها الفرحة .


سالت دموعها على ابنتها ، تشعر بالعجز تجاهها ، تلك الشعلة التي انطفئت قبل أوانها .


خرج صوت مريم الباكي قائلة بوجع :- تعبت يا أما والله تعبت ، هما ليه مستكترين الفرحة عليا ؟ مش من حقي يعني ! مين اللي قال الكلام دة يا أما ؟


أردفت بحذر :- أسماء و أمها ..


تخشب جسدها ، و انقطعت وتيرة أنفاسها، و أردفت بتلعثم :- أس....أسماء ! هي اللي قالت عني كدة ؟ لا لا هي ما قلتش كدة دول كدابين .


أردفت بضيق و قسوة :- لا مش كدابين أنتِ اللي هبلة يا مريم ، أديكي اللي بتدافعي عنها ومش راضية تقولي سرها هي اللي قالت الكلام دة ، فوقي بقى فوقي ..


أردفت بدموع :- هي دي جزاتي يعني ! بعد كل اللي عملته معاها تكون دي النهاية !


أردفت توحيدة بانتباه :- أيوة بقى قوليلي عملت إيه وأنا هفضحهالك بت المفضوحة دي ..


هزت رأسها بعنف قائلة :- لا يا أما حرام ، مينفعش حرام عليا خافي ربنا .


مسكتها من ذراعها بعنف قائلة بصراخ :- وهي ماخفتش ربنا ليه ؟ بطلي عبط بقى ..


أردفت بضياع :- أنا هروحلها لازم أواجهها ..


مسحت عبراتها بعنف ، ثم توجهت للخارج بجنون ، بينما أردفت هي بغيظ :- بت دماغها حجر بصحيح ، ربنا يستر لما تعرف باقي اللي إتقال عليها ، بس يلا علشان تتعلم و تبطل الهبل اللي هي فيه دة .


وصلت بسرعة البرق للأسفل ، و طرقت الباب بحدة و ألسنة اللهب تتصاعد منها . فتحت الباب والدة أسماء التي قوست شفتيها بغل ، تجاهلته مريم ببراعة قائلة بهدوء :- صباح الخير يا خالتي نسمة ، أسماء موجودة ؟


هتفت بضيق فشلت في إخفاءه :- اه قاعدة جوة بتذاكر .


أردفت بهدوء :- طيب ممكن أشوفها ؟


تنحت قليلاً من أمام الباب ، و أشارت لها بالدلوف ، فولجت هي على الفور و فتحت الباب كالعاصفة ، فظنت الأخرى أنها والدتها :- في إيه يا أم....


توقفت الكلمات على لسانها ، و شعرت بجفاف حلقها حينما وجدت مريم ماثلة أمامها ، و سرعان ما أخذت تنظر لها بغل ، فلم تتحمل تلك النظرات التي تطلقها نحوها فهتفت بانفعال :- بتبصيلي كدة ليه ها ؟ نفسي أعرف إزاي جاتلك الجرأة إنك تقولي عليا كدة ! بعد كل اللي استحملته علشانك ! دة جزاتي يا أسماء دة أنا خدت ضرب من أبويا الحمار ما بيخدهوش و دة كله علشانك ، علشان خايفة عليكي تقومي تعملي كدة ؟ ساكتة ليه انطقي..


نهضت ببرود من مكانها و توقفت قبالتها و صرخت بوجهها بغضب قائلة :- علشان إنتي السبب في كل اللي حصل ، انتي اللي خططتي لكل دة ، إنتي قصدتي تأذيني يا جبروتك يا شيخة ....


______________________________________


تعمل بجدية غير مسبوقة منها حتى تهرب من الواقع ولا تسمح لعقلها مجرد الاقتراب من تلك الأسئلة و الحديث الذي سمعته من ذاك المدعو أخيها ، الذي يأتي يتودد لها يومياً بأن تذهب معه لرؤية والدها ، إلا أنها كانت ترفض ذلك في كل مرة ، فهي لم تستوعب الأمر بعد .


بالخارج أتت سندس لرؤيتها و هتفت بهمس لآلاء :- لسة برضه قاعدة ؟


مطت شفتيها بأسى قائلة :- أيوة لسة بتشتغل ، دي عاملة زي الآلة اللي بتشتغل بالأمر .


هزت رأسها بحزن قائلة :- طيب أنا هدخلها و أشوفها ، دي رافضة تتكلم معايا في البيت في الموضوع إياه ..


دلفت بعد أن طرقت الباب ، و جلست بهدوء مقابلتها ، ثم تنحنحت قائلة بمرح :- إيه يا رحيق يا حبيبتي مش نفسك تاخدي break و تشربي عصير فراولة من اللي بتحبيه .


هتفت بجمود :- مش عاوزة ورايا شغل عاوزة أخلصه .


زفرت بضيق من صمتها القاتل ذاك ، و ردودها المقتضبة ، و لكن يجب من وضع حد للأمر و إنهاءه ، فأردفت بصرامة :- رحيق بصيلي هنا و اسمعيني لحظة .


نظرت لها بانتباه قائلة بهدوء :- أيوة يا مدام سندس !


أردفت بصرامة :- بصي بقى الموضوع طول و بقي سخيف أوي ، ممكن أفهم ليه مش راضية تقابلي أهلك لحد دلوقتي ، و أخوكي شوية و هيبوس رجلك وأنتِ مصدراله الوش الخشب !


طالعتها بصدمة ، وقد فهمت الأمور بشكل خاطئ حيث أردفت بانكسار :- أنا مش عاوزة أروح عند حد ، و لو متقلة عليكي هاخد هدومي و أمشي ، ربنا ما بينساش حد .


جحظت عيناها بصدمة قائلة :- نعم ! هو أنتِ مفكراني بقولك كدة علشان تمشي ؟ لا دي راحت منك خالص ! رحيق أنا بس عاوزاكي تعيشي في وسط أهلك و تحسي أن ليكي سند في ضهرك ، إنما موضوع إنك تمشي دة يشهد ربنا إني مش عاوزة أسيبك أبداً ، بس أنا مش هكون أنانية .


أردفت بوجع :- عاوزاني أروح عند ناس معرفهاش لوحدي ، وأقعد وسطهم ! واحد بيقول أنه أبويا مسافرش زي ما بيقولوا لا دة متجوز و مخلف عادي و رماني ملطشة للكل ! لا لا مش هقدر أنا مكتفية بيكم ، مش عاوزة أتوجع كفاية اللي شفته كفاية .


قوست شفتيها بأسى قائلة :- حبيبتي أي حد بيروح مكان جديد عليه بيحس الاحساس دة لما تتعودي هتحبيهم .


رفعت حاجبها باستنكار قائلة :- والله ! أحبهم ! أحب مرات أبويا ! بتهزري صح ؟! لو سمحتي أنا عاوزة أقعد لوحدي أنا هروح ..


و كالعادة تركتها فهي تخشى المواجهة ، وليست في أتم الاستعداد لها .

نزلت للأسفل ، و قد غلفت دموعها طبقة كرستالية فالبكاد ترى ما أمامها بتشوش ، تشعر بالنقيض ، تريد أن تركض لوالدها لتنعم بحنان الأب الذي لم تجربه من قبل ، و عقلها ينهرها أنه لم يسأل عنها و تركها تعاني بمفردها .


ظهرت فجأة سيارة سوداء على آخر الطريق ، و بلحظة تم جذبها لداخلها ، و ما كادت أن تصرخ حتى شعرت بخدر يسري في أوصالها عندما وضع أحدهم مخدر على أنفها فغابت عن الوعي سريعاً ، ولا تعلم إلى أين سيكون مصيرها .؟.........

*********************
إلي هنا ينتهى الفصل الثامن من رواية ذئب يوسف بقلم زكية محمد .
تابعوا صفحتنا على الفيس بوك للمزيد من روايات رومانسية
أو أرسل لنا رسالة مباشرة عبر الماسنجر باسم القصة التي تريدها
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة