-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية فؤادة بقلم ميمي عوالي - الفصل الثالث عشر

مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص مع رواية رومانسية جديدة للكاتبة المتألقة ميمى عوالى و التى سبق أن قدمنا لها العديد من الروايات علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل الثالث عشر من رواية فؤادة بقلم ميمى عوالى .

رواية فؤادة بقلم ميمى عوالى - الفصل الثالث عشر

إقرأ أيضا: حدوتة رومانسية

رواية فؤادة بقلم ميمى عوالى

رواية فؤادة بقلم ميمى عوالى - الفصل الثالث عشر

 فزع الجميع عند سماعهم لصوت اطلاق النار الذى انطلق بعده طلقات اخرى متباعدة من اماكن خارج المزرعة ومن اتجاهات مختلفة ، ونهض جلال وعارف معا على الفور واتجهوا الى باب المنزل الذى وجدوا عند بابه العم نبيل وهو يهم بالدخول اليهم ليباغته جلال بلهفة قائلا : ايه صوت ضرب النار ده ، ايه اللى حصل


نبيل بابتسامة وهو يطمئنهم : ماتقلقوش ، ده طلق بنضربه كل يوم وبيبتدى من عندنا والمزارع التانية بترد علينا ، عشان نبلغ بعض ان عربيات التموين والماية وصلت


عارف : امممم زى سيم يعنى


نبيل : ايوة


ليأتيهم صوت فؤادة بتساؤل : ومن امتى السيم ده ياعمو


نبيل : بقاله دلوقتى سنة يابنتى ويمكن اكتر كمان ، ولما العيار انطلق النهاردة ، افتكرت انك ماتعرفيش عنه حاجة فجيت اطمنكم


جلال : وهو انتم هنا ماعندكمش ماية


نبيل : عندنا بس ضعيفة ، وعشان كده بنجيب ماية من برة نملى الخزانات اللى بنستعملها فى الحموم والنضافة ، و دول ليهم حنفيات مخصوص ، لكن الماية الحلوة ، بنستخدمها للاكل والشرب بس


فؤادة وهى تستدير لتعود الى مائدة الطعام : ياللا يا جماعة كملوا اكلكم قبل ما الاكل يبرد ، و تعالى ياعمو اتغدى معانا ياللا


ليعود الجميع الى الداخل بينما اعتذر نبيل متعللا بانه قد تناول غداءه بالفعل ، وبانه سيعود اليهم مرة اخرى ليتناول معهم الشاى


وعند جلوسهم مرة اخرى قامت فؤادة بطمأنة حسنة والاطفال ليعود الجميع الى طعامه مرة اخرى


عارف : بصراحة يا فؤادة ، الاكل يجنن


فؤادة بسعادة : اومال ، ده متسوى كله فى فخار فى فرن بلدى


حسنة : رغم ان احنا كمان حاجتنا كلها بيتى ومن خير الارض ، لكن بصراحة الحاجة ليها طعم مختلف برضة عن عندنا


فؤادة : انا مبسوطة اوى ان الاكل عجبكم


سلوى بسعادة : والبيت كمان حلو اوى ياطنط فؤادة ، هتودينا بقى نتفرج على الخيل امتى


فؤادة بضحك : ااه يامصلحجية ، حاضر ، بكرة الصبح ان شاء الله بعد الفطار ، اوديكم


سلوى باعتراض : وليه مش النهاردة


فؤادة : حبيبتى النهاردة خلاص قرب يخلص ، والدنيا قربت تضلم ، فمش هتلحقوا تتفرجوا وتنبسطوا ، انما بكرة الصبح اليوم هيبقى طويل ، وهتقدروا تتفرجوا وتلعبوا وتركبوا خيل كمان


جلال بحدة : لا ، افرضى حد وقع واللا اتعور ، مش تتكلمى كلام مسئول


تفاجئت فؤادة بهجوم جلال الغير مبرر عليها فقالت بندية وهى تتشبث بيدها المعلقة بطرف غطاء رأسها وتتلاعب به بشده : هو حضرتك شفت الخيل اللى عندنا


جلال بسخرية : وهشوفها امتى بقى ان شاء الله ، فى الحلم


فؤادة : يبقى ممكن تصبر على ماتشوفها وبعدين تقول الكلام ده ، اولا الخيل اللى عندنا هادية جدا ، ثانيا والاهم انى عمرى ماكنت هسمح ان حد من الولاد يركب خيل من غير مايبقى معاهم حد من السياس


جلال بعند : برضة لا ، مافيش ركوب خيل


لتنظر له فؤادة بحنق ثم التفتت الى الجهة الاخرى فى صمت وعلامات الانزعاج بادية على وجهها


حسنة : سيبوا بكرة لربنا ، وبطلوا نقار بقى شوية ، ده انا قلت انكوا عقلتوا


عارف بمرح وهو ينهض من مكانه بعد ان انهى طعامه : يموت الزمار وصباعه بيلعب ، سفرة دايمة ياست فؤادة ، ربنا يستر ومانامش وانا سايق


فؤادة بابتسامة : الف هنا ، طب ماتخليك معانا يومين ، هتنبسط اوى


عارف بمرح : لا ياختى ، مابحبش النقار


جلال بتساؤل : انت هترجع دلوقتى على طول


جلال : هشرب بس فنجان قهوة واتوكل على الله على طول


لتنهض فؤادة من فورها وهى تتجه الى باب المنزل من الداخل ، وتضغط على ذر جهاز معلق بجوار الباب وتقول : مين اللى موجود ، انا فؤادة


ليأتيها صوت سيدة ما قائلة : حمدلله على السلامة ياست البنات ، انا سعدية


فؤادة بابتسامة : خالة سعدية ، وحشتينى ، اكيد هجيلك واسلم عليكم كلكم ،بس عاوزة منك خدمة


سعدية : اؤمرينى ياستنا


فؤادة : عاوزة قفص من كل نوع فاكهة ويبقوا عندى فى ظرف نص ساعة ، ممكن


سعدية : ده انتى تؤمرى ، قبل النص ساعة هيبقوا عندك


لترفع فؤادة اصبعها عن الزر وتعود اليهم مرة اخرى لتدعوهم الى تناول الشاى والقهوة فى الخارج


ليخرجوا جميعهم الى خارج المنزل فيجدوا اريكتين خشبيتين مرصوص عليهم بعض الوسائد ويوجد فوقهم مظلة ضخمة ، وامام الارائك يوجد منضدة ، وجدوا نبيل قد اتى ووضع عليها عدة انواع من الفاكهة وهو يقول : دوقوا من خير ربنا اللى من ارضنا ، الفاكهة مغسولة وزى الفل


قام عارف يالتقاط ثمرة من فاكهة الخوخ وتناولها على الفور ، وسلوى التى امتدت يدها وتذوقت من معظم الاصناف وهى تصدر اصوات تنم عن الاستمتاع ، وكان ادهم يحاول مجاراة سلوى فيما تفعله وسط ضحكات ليلى الرنانة وهى تنظر اليهم بينما تتلاعب ببعض حبات العنب بين يديها ، واعتذرت حسنة بأن معدتها حاليا ممتلئة ، بينما جلال ظل يتلفت حوله وكأنه يدرس المكان بعينيه دون ان ينظر الى الفاكهة او مايحدث الى ان تنبه على صوت عارف وهو يقول باستمتاع : ياخبر يافؤادة ، انتى ازاى كنتى حارمة نفسك من الجمال ده


فؤادة وهى تحاول ابعاد سحابة حزن من عينيها : ما انت عارف يا استاذ عارف .. مجبر اخاك لا بطل


عارف بمرح : آه يا ولاد اللذين ، هسيبكوا انتو مع الحاجات الحلوة دى وامشى انا


فؤادة بابتسامة : لا ماتقلقش ، ما انت هتاخد نصيبك معاك


عارف بضحك : اوعى تكونى فهمتينى صح


فؤادة : ده مايجيش من بعض فضلكم عليا


حسنة وهى تربت على يد فؤادة : ماتقوليش كده يا بنتى ، انتى تستاهلى كل خير


نبيل وهو يوجه كلامه لفؤادة : قلتيلى فى التليفون ان كتفك و دراعك منصاب ، لكن ماقولتيليش من ايه ، كنتى متشعبطة على الشجر برضة


لتضحك فؤادة بملئ فيها وتقول : تصدق فكرتنى ، بس ماتقلقش اول ما اخف ان شاء الله هتلاقينى فوق شجرة التوت


سلوى بشهقة : انتى بتتشعبطى على الشجر ياطنط


نبيل بضحك : بتتشعبط بس ، ده كان فاضل نبنيلها اوضة فوق الشجرة تنام فيها


ليضحك ادهم وسلوى بطفولية ، بينما كرمشت فؤادة وجهها بشكل لطيف وقالت : بتضحكوا عليا ، معلش ، اصبروا عليا بس اما اخف وانا اوريكم


سلوى ضاحكة وهى تحذر فؤادة بسبابتها : لو عملتيها تانى بابا هيعاقبك


لتلتفت فؤادة تلقائيا على جلال لتجده ينظر اليها بتركيز لتخفض عينيها بسرعة وكأنها ضبطت بالجرم المشهود ليخرجها نبيل مما هى فيه مرة اخرى قائلا : ولما انتى ماوقعتيش من على شجرة اومال ايه اللى عمل فيكى كده


فؤادة بتردد وهى تحاول تخفيف الخبر عن نبيل : دى حاجة بسيطة يا عمو ، ماتقلقش


وعندما وجدت نبيل مازال ينتظر اجابة قالت بتنهيدة : انضرب عليا نار


نبيل بدون فهم : انتى محروقة واللا متعورة


فؤادة بتوضيح : رصاصة ياعم نبيل ، انضرب عليا رصاصة


نبيل بصدمة : ومين اللى عمل كده ، واتقبض عليه واللا لا ، وكان قاصدك انتى واللا جت فيكى بالغلط


فؤادة : براحة ياعمو ، انا كويسة اهو قدامك ، تعالى اقعد بس ، وانا هحكيلك على كل حاجة


وما ان جلس نبيل حتى رأوا مجموعة من السيدات كل منهم تحمل على رأسها صندوقا مغلقا ويتجهون ناحيتهم ، لتنهض فؤادة مسرعة وهى تصرخ بسعادة قائلة : خالة سعدية وحشتينى


لتضع سعدية ماتحمله ارضا ، وتفتح ذراعيها محتضنة فؤادة بحب شديد وهى تتفحص كتفها وذراعيها وهى تحاول الاطمئنان عليها


لتفعل باقى السيدات مثلما فعلت سعدية


عارف : واضح ان الكل هنا بيحب فؤادة


نبيل : ومين يعرف فؤادة ومايحبهاش ، فؤادة متربية وسطنا هنا ، حتى وقت الدراسة لما كانت تضطر تروح اسكندرية ، كانت بتصمم تقضى كل اجازة هنا وسطنا ، حتى الفترة اللى اشتغلتها كانت بتشتغل من هنا وكل فين وفين على ماتنزل المكتب مرة وترد على طول


ثم اكمل بتنهيدة : سليم بية الله يرحمه ، كان دايما يقول فؤادة عمرها من عمر اول بذرة انغرست فى الارض دى ، ورغم انها اتعلمت ودخلت الجامعة ، الا انها فلاحة اصيلة


ثم ضحك قائلا : الليدى اللى قدامكم دى ، ياسلام عليها وهى لابسه البرنيطة القش وبتجمع المحصول وسط الستات


كان جلال مصوبا نظره على فؤادة يتفحصها ويركز مع ردود افعالها ، كانت بسيطة ، رقيقة ، مرحة مرح طفل يلهو مع رفاقه وهو يحاول تأجيل المغيب كيلا تفوته لعبة هنا او اطروحة هناك


كانت فؤادة قد استأذنت من السيدات بعد ان شكرتهم على مساعدتها واشارت الى سيارة عارف طالبة منهم ان يضعوا بها الفاكهة


عارف وهو يضحك بصوت عالى : ايه يابنتى كل ده ، مين اللى هياكل كل ده


فؤادة بابتسامة : خد اللى يكفيكم انت ودكتور حسين والباقى هادى بيه حبايبك واصحابك


عارف : ماشى ياستى ، شكرا


وعندما التفتت وجدت نظرات جلال تتفحصها مرة اخرى ، لينتابها شعور لم ينتابها من قبل ، شعور بالخجل ولم تدرى سببا لهذا الشعور ولكن وجهها اعتلته حمرة خفيفة زادتها جمالا ورقة


فعادت للجلوس بجوار حسنة مرة اخرى بينما قال عارف بعد ان انتهى من شرب القهوة : انا هضطر امشى بقى عشان الحق الطريق قبل الليل


نبيل : تحب ابعت معاك حد لغاية البوابات


عارف : لا وعلى ايه ، متشكر جدا ، بس انا متعود على الطريق وعارفه ماتقلقش


ليتجه عارف الى حسنة ويقبل رأسها ، ويقبل الصغار بمداعبة ، بينما وقف جلال واتكأ على عصاه وذهب معه الى ان اوصله الى السيارة ، وبعد ان جلس عارف خلف المقود نظر الى جلال وقال : عيشلك يومين ياجلال ، وسيب روحك ، وحاول تنسى اى حاجة تانية طول ما انت هنا


جلال : حاجة ايه اللى عاوزنى انساها ياعارف


عارف : اى حاجة ياجلال ، اى حاجة


جلال : خد بالك من نفسك وطمننى عليك اول ماتوصل بالسلامة


عارف : حاضر ، لا اله الا الله


جلال وهو يشير اليه مودعا اياه : محمد رسول الله


بعد ان خرج عارف من البوابة واغلقت خلفه مرة اخرى ، عاد جلال اليهم مرة اخرى ليجد ان سلوى وادهم قد جلسوا حول فؤادة وهم يتهامسون معها فى شئ ما وهى ترد عليهم بابتسامة خبيثة وهى ترفع حاجبا وتخفض الاخر ، وكأنهم يدبرون امرا ما


وعندما جلس مرة اخرى وجدها نهضت مصطحبة الاطفال الثلاثة معها وتسير بالهوينا من اجل خطوات ليلى الضعيفة وهى تمسك يدها وقالت موجهة حديثها الى نبيل قبل انصرافها : معلش بقى ياعمو نبيل ، انا هسيب استاذ جلال يشرحلك اللى حصل عشان الولاد عاوزينى اوريهم حاجة


جلال بتساؤل حذر : انتو رايحين فين


فؤادة وهى تنظر لسلوى وترفع كتفيها ببراءة : مش رايحين فى حتة ، احنا قدامكم هنا ، قالتها وهى تشير الى شجرة التوت الضخمة التى تلقى بظلالها عليهم


ليومئ جلال برأسه ، وبدأ فى قص ماحدث لفؤادة وقت الحادث على نبيل ، وتعمد الا يقص عليه اى شئ يخص كيفية زواجهم ، ولكنه وضح له ان فؤادة تشك ان الجانى هو نفسه نفس الشخص الطامع فى المزرعة


كان يقص على نبيل ماحدث وعينه لاتفارق فؤادة والاطفال فوجدهم ذهبوا الى شجرة التوت لتشير فؤادة اليهم على ارجوحة معلقة ، ليجدها قد حملت ليلى بذراعها السليم واجلستها على الارجوحة وهى تضحك معها وتلاغيها بينما تحاول ارجحتها ببطء حتى لا تخاف


وكانت تحكى شئ ما لادهم وسلوى اللذان كانا يضحكان بمرح شديد بين الفينة والاخرى ، وعندما انزلت ليلى من الارجوحة قالت لهم شيئا ما وهى تشير اليهم بتحذير باصبعها السبابة وعندما وافقها الصغار على ما قالته ابتسمت بمكر واتجهت خلف الشجرة وغابت عن عينيه عندما اختفت خلف الشجرة ، فتشتت انتباهه وهو يتحدث مع نبيل ، فكان يأكله الفضول ليعرف محتوى مايقولونه وما يخططون اليه معا ، ولكنه انتبه فجأة عندما سمع تهليل الصغار وتصفيقهم ليراهم ينظرون الى الاعلى ووجد فؤادة تطل عليهم من فوق احد الاغصان وهى تساقط عليهم التوت وهى تهز فرع الشجرة وسط ضحكاتهم المرحة وهم يتلقفونه بأيديهم ويأكلونه بسعادة


لينهض جلال من مكانه منتفضا وهو يقول بغضب : دى مجنونة رسمى


حسنة والتى كانت تتابع كل ما يحدث بابتسامة هادئة : فى ايه بس يابنى


جلال بغضب : انتى مش شايفة عملت ايه ، افرضى وقعت دلوقتى ، يبقى ازى الحال


لتنظر اليه فؤادة على اثر صوته العالى الغاضب فتقول بعناد : انا طول عمرى بطلع على الشجر ، واعلى من كده بكتير وعمرى ما وقعت ، ده انا لولا بس كتفى كنت طلعت فوق عن كده بكتير


جلال بحدة : ولما حد من الولاد يقلدك ويحصل له حاجة هتفيدينى بايه بقى ان شاء الله


فؤادة بدفاع وهى تشير اليهم : انا ماطلعتش غير لما هم وعدونى انهم مش هيعملوا زيى ، حتى اسألهم


ادهم : وعد مش هنعمل كده ياعمو ، ماتخافش


سلوى : وانا كمان يا بابا .. وعد


جلال بتردد : ومش المفروض التوت ده يتغسل قبل ما يتاكل


هنا نظرت له فؤادة بتردد وقالت : الشجرة دى عمرها ما اترشت بأى مبيدات ، بس هو طبعا فى دى انت عندك حق


لينفخ جلال بغيظ وهو يتجه اليها وقال بنوع من الشماته : ورينى بقى هتعرفى تنزلى ازاى وانتى بكتفك ده


لتنظر له فؤادة بتحدى ليجدها استدارت وهى مازالت على فرع الشجرة لتصبح مستلقية عليه بظهرها ، لتعتدل جالسة فى ثوانى ، ثم اسندت قدميها على فرع منخفض عن الفرع الذى تجلس عليه واستندت بيدها السليمة لتهبط بقدميها بكل سلاسة وكأنها تهبط درج المنزل حتى وصلت الى الارض وسط تصفيق الاطفال وضحكات عالية من حسنة التى كانت تراقب جلال وهو يلقى بعصاه ارضا ويفتح ذراعيه متحركا يمينا ويسارا مع خطواتها منتظرا سقوط فؤادة المحتوم فى كل لحظة و نبيل ايضا ظل بمكانه بابتسامة عريضة تملأ وجهه ولم يتدخل وهو يعلم تمام العلم ان فؤادة تستطيع فعلها دون خوف عليها


وما ان وصلت الي الارض حتى مدت يدها لتعدل هندام ملابسها وهى تنظر الى جلال بكبر وقالت للاطفال : تعالوا نلم بقى التوت ده ونديهولهم جوا يغسلوهولنا عشان بابا مايزعلش وتركته مكانه مذهولا ومغتاظا فى نفس الوقت من عنجهيتها المجوفة


والتفت متأهبا للانحناء ارضا ليلتقط عصاه ، الا انه وجدها قد ناولته اياها وهى تجلس ارضا مع الاطفال وهم يجمعون التوت الذى تساقط من الشجرة


ليشكرها جلال بخفوت وعاد الى مجلسه مع حسنة التى كانت تنظر بسعادة للاطفال وهى تراقب ضحكاتهم التى لم تنقطع منذ وصولهم الى هذا المكان الذى يخيم عليه سحرا من نوع خاص ، اما نبيل فقال بود : ماتقلقش على فؤادة يا استاذ جلال


جلال بابتسامة ود : جلال بس ياعم نبيل


نبيل : تكرم يابنى ، بس لما فؤادة شاكة ان ممكن يكون الزينى ورا موضوع ضرب النار ده ، ليه خاطرت بروحها وجت لحد هنا دلوقتى


ليأتيهم صوت فؤادة التى ارسلت الصغار الى الداخل لغسل ايديهم وانضمت لهم قائلة : وانت من امتى تعرف عنى انى ممكن اهرب واللا اخاف يا عمو


نبيل : ماقلتش تهربى ولا تخافى ، لكن الموضوع وصل لمحاولة قتل يابنتى ، لازم تحرصى على روحك


فؤادة : انا لا يمكن اسيبه يفكر لحظة واحدة انه قدر يخوفنى ، وعاوزاك توصل له بطريقتك انى شاكة فيه وانى رجعت هنا عشان كده ، لا يفكر انى جاية هنا عسان استخبى واللا حاجة


لينظر اليها جلال ولاول مرة وهو معترفا باعجابه الشديد بشجاعتها وجرأتها فى الدفاع عن حقها


نبيل : بس برضة لازم تحرصى


فؤادة بثقة : قل لن يصيبنا الا ماكتب الله لنا


جلال : ماتقلقش ياعم نبيل ، انا معاها ومش هسيبها لحد ما اتطمن عليها


نبيل بتساؤل : هو انت يابنى ، ممكن تسيبها عشان شغلك وترجعلها تانى


جلال : انا كمان عندى ارض بتابعها ، مش موظف مرتبط بايام ومواعيد


نبيل : ربنا يبارك فيما اعطى ، ثم نهض وقال : انا هروح دلوقتى ابيت على الحراسة واتمم على كل حاجة ، واوصل رسالتك يافؤادة


جلال باستفسار : هتوصلها ازاى


نبيل : كل المزارع اللى حوالينا ، عاملين جروب على الواتس بنتواصل مع بعض عليه فى الحاجات اللى تخص المزارع


هبعت عليه رسالة ابلغهم ان صاحبة المزرعة موجودة لو حد محتاج انه يشورها فى اى حاجة ، وهقول كمان انها موجودة هنا فترة لانها اتعرضت لضرب نار وعارفة ان اللى عمل كده من النواحى دى ، فجاية عشان تعرف هو مين وعاوز ايه


فؤادة بابتسامة : هو ده بالظبط اللى عاوزاه يوصل للزينى ياعمو ، الزينى لازم يعرف ان لو سليم عز الدين مات ، فانا بداله وعمرى ماهفرط فى شبر واحد منها


ليومئ نبيل برأسه ويتركهم منصرفا ليلتفت جلال الى فؤادة قائلا : هو اشمعنى مزرعتكم انتو بالذات اللى طمعان فيها اللى اسمه الزينى ده


فؤادة : لما جه اشترى حتة ارض جنبنا وحب يكبرها ، اخد اللى قى ضهر مزرعتنا بالظبط ، ولما جارنا اللى فى اليمة التانية حصلتله ظروف وعرض مزرعته للبيع ، اشتراها منه ، فاصبح محاوطنا يمين وشمال ومن ضهرنا كمان ، وحاسس ان مزرعتنا هى صرة الارض بتاعته ، لو اخدها هتبقى الارض على بعضها ، وكمان بابا الله يرحمه حفر ابيار كتير ، والبير الواحد دلوقتى تكلفة حفره عالية جدا … فهمت


جلال : اممم ، الابيار وعاملينله زى الخازوق يعنى


فؤادة بسخرية : بالظبط كده


حسنة : بس مش شايفة انك كده بتقوليله حاربنى على المكشوف


فؤادة : اصلك ماتعرفيش يا امى ، اللى زى الزينى ده مابيعرفش يلعب غير فى الضلمة ، مابيحبش النور .. بيخاف منه ، و ده اول سلاح لازم يبقى فى ايدى ضده


حسنة : ربنا يحفظك يابنتى ويبعد عنك كل شر


فؤادة وهى تنظر الى السماء : الدنيا ابتدت تضلم ، والجو هنا بالليل بيبرد ، اتفضلوا جوة


جلال : روحوا انتو انا هدخن سيجارة وهحصلكم


لتدلف فؤادة وحسنة الى الداخل ليجدوا الصغار الثلاثة قد تجمعوا ارضا حول طبق من التوت اللذيذ وهم يتناولونه بشهية شغوفة


فضحكت حسنة وقالت : كلتوا التوت كله ، ماسيبتوش لتيتة حبة


لتجد ليلى قد مدت يدها والتقطت بعض حبات من التوت واتجهت الى حسنة ومدت يدها بحبات التوت الى فم حسنة لتدسها بداخلها


فؤادة بابتسامة وهى تربت على رأس ليلى بحنان وهى تقول : ماشاء الله عليها ، جميلة وحنينة


حسنة بابتسامة : ايوة ، ربنا يديمها نعمة


سلوى : على فكرة فى لسه طبق توت مليان على الترابيزة عشانكم ياتيتا


حسنة ضاحكة : طب والله كتر خيركم


فؤادة : حضرتك مادقتيش حاجة لسه من الفاكهة بتاعتنا ، انا هعمللك طبق على ذوقى


حسنة : ماشى ياستى مش هكسفك


لتعد فؤادة طبقين من الفاكهة وتعود لتجلس مع حسنة وتعطيها احدهم وتضع الاخر جانبا وهى تقول : ياللا بقى ، دوقى وقوليلى رأيك


لتلتقط حسنة بعض حبات الفاكهة وهى تقول بابتسامة : صدقتى والله يابنتى ، فعلا طعمهم مختلف ، وخصوصا الخوخ والبرقوق


سلوى بمرح : وكلهم ياتيتا


فؤادة : ها بقى يا سلوى ، هتفضلى معايا هنا واللا ترجعى طنطا


سلوى بتأكيد : هنا طبعا بس تورينى الخيل


فؤادة : وانت يا دومى


ادهم بابتسامة : انا كمان عاوز افضل هنا ، بس هى ماما تنفع تيجى هنا


فؤادة بحنان : حبيبى وقت ماما ماتحب تيجى هتنور المزرعة كلها


ادهم : بس هى ماتعرفش السكة


فؤادة : هى بس توافق تيجى وانا ابعتلها عربية مخصوص تجيبها


ادهم وهو ينظر خلف فؤادة : ينفع تكلمها ياعمو وتقوللها تيجى ، ماما وحشتنى


لتلتفت فؤادة فتجد جلال يقف خلفها وعلى مايبدو قد استمع لحوارها مع ادهم فقال بتنهبدة : حاضر يا ادهم ، هكلم خالو كريم يقوللها


ادهم وهو يرفع كفوفه بالدعاء : يارب توافق


نظرت فؤادة لجلال وقالت وهى تشير على طبق الفاكهة الاخر : اتفضل حضرتك انا عملتلك الطبق ده ، انت ما اكلتش فاكهة


جلال وهو يجلس امامهم : انا ماليش تقل اوى على الفاكهة لكن هتدوق عشان ماتزعليش


فؤادة : بألف هنا


ليبدأ جلال فى تذوق الفاكهة بينما اتت سلوى وجلست بجوار فؤادة وقالت : هتحكيلنا حواديت وحكايات ايه النهاردة


ليأتى ادهم ويجلس بجوارها من الجهة الاخرى قائلا : انتى وعدتينا تحكيلنا قصة سيدنا يوسف


فؤادة بابتسامة : حاضر ، لما تيجوا تناموا هطلع معاكم واحكيلكم اللى انتم عاوزينه


ليتفاجئ الجميع بليلى قد اتت مسرعة والقت بنفسها فى احضان فؤادة وهى تغمغم بشئ ما وكأنها تشترك معهم فى الحوار وتقول لهم انى معكم


لينفجر الجميع ضاحكين بشدة عليها ، ثم قالت سلوى : وكمان تحكيلنا سنو وايت .. انتى وافقتى


فؤادة بمرح : هو انتى ليه محسسانى انى انكرت ، ماشى ياستى حاضر ، بس افرضوا بقى نمتو منى قبل ما اكمل


سلوى ضاحكة : المهم انتى ماتناميش


فؤادة وهى تدعى النعاس : ااه يا لولو ، شكلى هنام من دلوقتى


سلوى وادهم بازعاج : لا ماتناميش


فؤادة بضحك : خلاص ياعم انت وهى ، مش هنام


سلوى وهى تنهض وتسحب فؤادة من يدها : طب ياللا دلوقتى


فؤادة : طب مش لما تتعشوا


ادهم : انا مش جعان ، انا اكلت توت كتير اوى


سلوى : وانا كمان ، ياللا بقى


فؤادة بقلة حيلة : ياللا ، لتجد ان كف ليلى قد تشبث بملابسها فانحنت وحملتها واتجهت الى الدرج قائلة : بعد اذنكم ، هنيم الولاد وارجعلكم .. البيت بيتكم ، وخالتى ام ابراهيم وماجدة فى المطبخ لو احتجتم اى حاجة


حسنة وهى تنادى ام ابراهيم : طيب يابنتى كتر خيرك ، وام ابراهيم هتطلع وراكى عشان تغير لليلى وتساعدك انها تنام


وبعد صعودهم التفتت حسنة لجلال قائلة : البنت دى بنت حلال مصفى


جلال وهو يمد يده فى طبق الفاكهة : فعلا


لتقول حسنة بمكر : واضح ان الفاكهة عجبتك


جلال : ااه ، بس انتى عارفة انى ماليش تقل على الفاكهة


حسنة بضحك : اومال لو ليك تقل ياجلال


نظر لها جلال بعدم فهم ثم نظر الى الطبق الذي اعدته له فؤادة ليجده قد فرغ تماما من الفاكهة ولم يتبقى سوى البقايا فقال بانتباه : تصدقى ما اخدتش بالى انى اكلت كل ده


حسنة بخبث : اللى واخد بالك يتهنى به


لال بانتباه : تقصدى ايه


حسنة ببراءة : هقصد ايه يعنى يابنى ، بس قوللى صحيح ، انت هتكلم كريم بجد عشان موضوع ندا ومجيها هنا


جلال بتنهيدة : وانتى تعرفى عنى انى ممكن اوعد وما اوفيش


حسنة : تفتكر هترضى


جلال : والله هى حرة ، انا هعمل اللى عليا وخلاص


ليسمع جلال صوت هاتفه وعندما نظر الى شاشته وجد ان عارف هو المتصل فاجابه قائلا : السلام عليكم .. انت فين دلوقتى


عارف : وعليكم السلام : انا يعتبر وصلت ، بس عديت على قصر الثقافة الاول ، هقعد شوية وبعدين اروح ، بس قلت اطمنكم انى وصلت


جلال : ماشى ياسيدى ، حمدلله على السلامة


عارف : الله يسلمك .. ياللا سلام


وبعد ان اغلق الهاتف : الوقت عدى بسرعة اوى ، وانا حاسس انى تعبت وعاوز انام ، وانتى مش هتنامى


لتنهض حسنة من مكانها قائلة : انا كمان عاوزة انام بس ماكنتش عاوزة اسيبك لوحدك


جلال : طب ياللا بينا


ليصعدا الى الاعلى لتدلف حسنة الى غرفتها مباشرة بينما مر جلال على غرفة الصغار التى كان بابها مردودا دون اغلاق ليلمح فؤادة تجلس بين الفراشين وظهرها الى الباب وكل من سلوى وادهم فى فراش وهم منتبهين اليها بكل تركيزهم وهى تقول : ولما رموا القميص على وش سيدنا يعقوب راح مفتح ورجع يشوف من تانى ، فقاللهم شفتوا بقى ان ربنا عرفنى حاجات انتو ماتعرفوهاش ، وقاموا راحوا كلهم مصرعند سيدنا يوسف اللى رحب بيهم جدا وقعد باباه ومامته على العرش ولما انحنوا له كلهم قال لباباه ، ان هو ده تفسير الرؤية اللى شافها وهو صغير


سلوى : يعنى سيدنا يوسف سامح اخواته على اللى عملوه معاه وهو صغير


فؤادة : ااه يا لولو ، سامحهم كلهم


ادهم : بس دول كانوا عاوزين يموتوه


فؤادة سكتت شوية وبعدين قالتلهم : عاوزاكم تعرفوا حاجة ، بس فكروا كده شوية معايا ، هو لو ماكانش اخواته عملوا فيه كده كان جه مصر وبقى هو العزيز بتاعها


سلوى وادهم : لا


فؤادة : اخواته كانوا يقصدوا يأذوه ، لكن ربنا كان رايد حاجة تانية ، والحاجة التانية دى ماحصلتش غير لما اخواته نفذوا اللى كانوا عاوزين يعملوه .. انتو فاهمين حاجة


سلوى وادهم : لا😁


فؤادة بتوضيح : يعنى اخواته كانوا عاوزين يأذوه ، فربنا حول اذيتهم دى لخير كتير اوى لسيدنا يوسف ، لكن البداية بتاعة الخير دى كانت بانهم رموه فى البير .. فهمتوا 😄


سلوى : انا فهمت


ادهم : وانا كمان


فؤادة : انا طبعا ما اعرفش السبب الحقيقى اللى خلى سيدنا يوسف سامحهم ، لكن لما فكرت فيها قلت ممكن يكون عشان كده


ادهم : بس انتى كبيرة ، المفروض تبقى عارفة


فؤادة بمرح : ابقى عارفة اكتر منكم ااه ، لكن عارفة كل حاجة كل حاجة ..لا


ادهم وهو يتثائب : ياللا بقى سنو وايت


فؤادة برجاء : طب ممكن احط ليلى فى سرير تيتا عشان نامت ، واشوف لو تيتا او بابا عاوزين حاجة وارجعلكم تانى


سلوى وادهم : ماشى


لتنهض فؤادة وهى تحاول الاعتدال بينما تحمل ليلى النائمة بذراعها السليم ليسرع اليها جلال دون تفكير ويلتقط منها ليلى قائلا بتحذير هامس : حاسبى لا تقعى بيها


لتشهق فؤادة من المفاجأة حتى كادت ترتد ساقطة ارضا بينما تلقفها جلال بين ذراعيه مانعا اياها من السقوط 

*********************
إلي هنا ينتهي الفصل الثالث عشر من رواية فؤادة بقلم ميمى عوالى
تابع من هنا: جميع فصول رواية فؤادة بقلم ميمى عوالى 
تابع أيضا: جميع فصول رواية الفريسة والصياد بقلم منال سالم
تابع من هنا: جميع فصول رواية اماريتا بقلم عمرو عبدالحميد
تابع أيضاً: جميع فصول رواية انتقام اثم بقلم زينب مصطفى
تابعوا صفحتنا على الفيس بوك للمزيد من روايات مصرية كاملة
اقرأ أيضا: رواية شرسة ولكن بقلم لولو طارق
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة