-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية عصفورة تحدت صقراً بقلم فاطمة رزق - الفصل السابع والأربعون

مرحبا بكم متابعين قصص 26 موعدنا في قسم روايات رومانسية كاملة والكاتبة فاطمة رزق والفصل السابع والأربعون برواية عصفوره تحدت صقراً 

وَعَـىَ على مُر الحياهِ ، حين إِصطَدم بواقِعِــهِ .. فنشأَ على كُره حــواءَ ، فلم تكن يوما منزلُــهُ .. وبنفورِهِ جعلَ الجواري تَشتهى قُربَــهُ .. فعُزِزَ الغُــرور في نفسهِ ، بأنُ لا مِثل لـهُ .. فأتتْ هي قبل أن ينخدِعَ بِظَنــهِ .. لتُريهُ مدى ضآلة حجمــهِ .. فليست من الجــَواري، ولا أَمـه يروق لها منزلــُه .. هي سيـدةٌ فى قصرٍ من الحيــاءِ تزينت جُدرانُـهُ .. هي سيـدةُ حسنـاءٌ ، تملك من الكـِبْرِياءِ ما تَكبَح بـِهِ غـرورَهُ .. فقطعَ العهــودَ والمواثيــقَ على نفســهِ .. بأن أيامها القادمــةُ ستكونُ داخلَ جحيمــهِ .. ولِتـَـرى ابنه حــواء ذاك الذي قَـللتْ من شأنِــهِ .. كيف يَسوقهـا إلى هاويةِ الهـلاكِ بنفسـهِ ..! هل ستقاوم سَبيـهُ ، أَم هل ترضـخُ لــهُ ؟ هل ستعيش حبيسَــةً ، أَم سيُجّــلِي قَيــّدَهُ ؟ اللي مشفش الفصل الرابع يقدر يشوفه من هنا رواية عصفوره تحدت صقراً "الفصل السادس والأربعون"
روايات رومانسية كاملة | رواية عصفوره تحدت صقراً "الفصل السابع  والأربعون"

عصفوره تحدت صقراً

الفصل السابع والأربعون


انعكس ضوء الغروب على البحر الساكن، فجعل له لونًا مختلفًا. برغم سكون البحر في هذا اليوم هناك صوت لأمواج صغيرة تتلاطم. والبديع جمال المنظر..

الرمال ما تزال دافئة، وظلها ينعكس بجانبها كمرافقٍ لها وهي تنظر للأعلى بهدوء. تقدمت عدة خطوات لتبلل قدماها بمياه البحر، وأخذت تنظر لانعكاس الغروب على سطحه.

و من خلفها بعدة أمتارٍ وقف هو. كان ينظر لها وكأنه يراها لأول مرة، ككل مرةٍ يراها فيها يفكر أنها برغم هدوئها الدائم بها ما يشغله بها ما يجعله يراها في كل مرة كشمسٍ أضوت الأرجاء بنورها و وهجها الساطع.. يكاد يقسم في داخله أنه واثق أن ذاك السكون يُخفي خلفه الجنون، الإنطلاق للعالم ليتبعه نوعٌ مختلف من الإثارة.. تلك الإثارة التي تشعرك بالحرية، و المجازفة..

عيناها تُخبرانه دومًا أنها لا تنتمي لهذا الواقع البائس كما أخبرته عيناه دومًا حين كان ينظر في المرآة أنه لا ينتمي لهذا الواقع!
حين رآها تتقدم للبحر سار إليها بثبات، و ما إن وصل إلى حيث تقف هي سألها بهدوء:
-ها المكان عجبك؟

لم تحرك عيناها وهي تجيبه بخفوت:
-عجبني
رد بثقة:
-كنت عارف.
صمتت ولم تعقب، فتابع هو بنفس هدوئه وهو ينظر إلى حيث تنظر:
-لما كنت بتخنق كنت باجي هنا من غير ما اعرف حد.
-يعني إنت مخنوق!

كان سؤلاً وجيهًا منها، فأجاب بوجوم:
-الخنقة دي هتبقى وصف مبسط لحالتي حاليًا.
بنفس الهدوء أردفت:
-مفكرتش للحظة إن مفيش داعي للخنقة دي!

سألها باهتمام:
-ازاي؟
-مفكرتش إن إنت شايف الموضوع من وجهة نظرك، مجربتش تشوفها من وجهة نظره هو!
زفر، وقطب حاجباه، فقد علم أنها تفهم لما يشعر بالإختناق و الغضب بداخله، ربما أي شخص سيحتاج إلى ساعاتٍ من الشرح لكي يفهم أن عمه هو والده، أما هي فلا، لقد صمتت حين علمت وكأن شيئًا لم يكن، وهذا ما جعله يسامح نفسه على ذلة اللسان تلك. والآن هي تتطرق إلى الأمر وكأنها درسته عن كثب وتفهم كل أركانه وزواياه. برغم ما يسيطر عليه من غضبٍ وحنقٍ حين يتذكر الأمر، لكن شعوره أنها مهتمة بالأمر ولو قليلاً يُسعده.

-لنفترض، إنتي لو كنتي مكاني، عايشة كل الوقت دة على إنه بس عمك، و.. وفجأة عرفتي إنه أبوكي هتعملي إيه؟

أخذت نفسًا، ثم نظرت له وبدأت تتحدث بروية:
-صهيب، مينفعش تحطني مكانك تحت أي ظرف، أنا في حالتك كان تصرفي هيبقى مختلف. كنت هسيبه يشرحلي وجهة نظره، غلط لما نحكم بس من منظورنا الخاص.

سكن وجهه، وتبدلت ملامحه للشرود والوجوم، ثم أردف بنبرة بدت منكسرة من الداخل:
-يا جويرية أنا حياتي غير، كل أفراد عيلتي كانوا بيقتلوا في بعض!

استشفت هي من حديثه أمرًا مهمًا، فسألته بتريث:
-دة معناه إن والدتك ليها دخل بالموضوع!

تجهم وجهه ونظر لها مجيبًا إياها بانفعال وذكريات الماضي تلاحقه:
-مسمهاش أمي، أنا معنديش أم، الست دي مش أمي بأي شكل من الأشكال.

ردت عليه بنبرة عالية قليلاً:
-هي أمك حتى لو إنت اتبريت منها و..
-لأ مش أمي سامعة، الست اللي تقتل وتخون وتكدب متبقاش أمي، أنا عمري ما هعترف بيها أبدًا ولا عمري هسامحها، بكرها وبكره كل الستات، كلهم زيها، كلهم خاينين، كدابين، بيظهروا الوش البريء وبس و..

يا الله، عيناه قد احمرتا، وأنفاسه قد علا صوتها، كما أنها لم تره غاضبًا هكذا من قبل. هل هو مجنون! يخبرها أنه يكره النساء، إذًا ماذا يراها؟ رجلاً مثلاً!

انحنت حتى وصلت للمياه بالأسفل، ملأت يدها بالماء ثم وقفت ونثرتها بقوة على وجهه وهي تقاطعه بصرامة:
-مش من حقك تحكم على حد من وجهة نظرك إنت بس، وبعدين إنت أعلنت إنك بتكرهني، وإنت مش بتكرهني، إنت متقدرش تكرهني يا صهيب.

-أيوة عشان إنتي مش زيهم، إفهمي بقى أنا متمسك بيكي عشان إنتي شبهي، بتخليني أنسى كل حاجة بس أول ما أبدأ أفكر فيكي.

صمتت قليلاً قبل أن تهدأ من نبرتها وتتحدث بثبات:
-من وجهة نظري يا صهيب إن مفيش حد اتولد شرير، ومحدش الشر ملاه من مفيش، عارف الشيطان؟ 

حتى دة كان ليه سبب إنه يكفر ويبقى شرير، وبعد إرادت ربنا سبحانه وتعالي كان السبب غيرته من آدم عليه السلام وغروره اللي منعه يسجدله لما ربنا أمره وقال "ءَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلْقتَ طِينًا" وكان دة بالنسبة ليه سبب وجيه عشان يكفر، بس طبعًا دة عشان ربنا كان عاوز يخلي فيه جنة ونار، بس الموضوع هنا هل إنت شايف أمك أسوأ من الشيطان عشان تعمل كدة من غير سبب حتى لو مكانش مقنع! بنصحك تدور حلو ورا الموضوع دة، ثقة في الله هتلاقي إجابات تشفيك.

ثم وبدون حرف آخر تركته على عجالة، كيف تستطيع جعله يهدأ بعد أن توصله إلى تلك الدرجة من الإنفعال؟!
وكيف يخبرها أنه يكره النساء وهي منهن هل حسبته يقصدها! لا لا لقد أخبرته أنها تعلم أنه لا يكرهها. ولكن كيف علمت!

أخذ نفسًا مطولاً وقرر أن يلحق بها ليسألها عن شيءٍ ما.
كانت هي حينها قد ولجت للداخل، فلحقها إلى أن وجدها تتجه نحو إحدى الغرف، حينها أسرع إليها وأوقفها في منتصف الطريق وهو يمسك بيدها لكيلا تتابع السير. تنهدت وانتظرته حتى يتحدث، واستدارت لتنظر إليه.

بترقب سألها:
-جويرية أكيد مخدتيش الكلام دة عليكي!

ابتسمت باكتهاء وهي تجيبه بفتور:
-لأ يا صهيب إنت عمرك ما بصتلي بكره، و أنا عمري ما أغلط في نظرات الكره أبدًا، أنا عارفاها كويس أوي.
كيف يخبرها أنه يود لو يفعل أي شيء في مقابل معرفة ماضيها، من الواضح أنه لم يكن جميلاً كماضيه، أي كرهٍ هذا الذي تتحدث عنه؟ وأي ألمٍ قاسته!
-أنا أعرف إن كان عندك أخت، بس.. بس معرفش عنها حاجة، وازاي ماتت!
تبدلت نظراتها إلى الصدمة الممزوجة بالألم فجأة، وقالت:
-إنت قولت جينا هنا عشان ننسى!
ظهرت الجدية على ملامحه وهو يجيبها ببساطة:
-أقدر أزود يومين كمان لو حابة ننسى فيهم، بس أنا يهمني اعرف، يهمني عشان..
صمت قليلاً ولم يدرِ ماذا يقول، فهو بالفعل لا يعلم لما يهتم بمعرفة الأمر، لكنه إلى درجة كبيرة يشعر أن هذا الأمر له علاقة بحزنها الدائم.
نظر لها وتابع بهدوء:
-هتقولي!
نظرت له مطولاً في صمتٍ رهيب، وعلم أنها لن تجيبه، لذلك قرر أن يـ..
-إسمها سوفانا، كانت توأم ليا، ماتت.. ماتت بإنهيار عصبي وهي عندها ١٦ سنة.
كانت تتحدث وتصمت ثم تتابع وهي مطرقة الرأس، بعد أن استندت على الحائط خلفها.
سألها هو بهدوء:
-حصلها نفس إللي حصل لفيروز صح؟
نظرت له مصدومة فهي لم تكن تنوي إخباره، وسألته بثبات:
-براء قالك حاجة؟
هز رأسه نافيًا وأجابها:
-لأ مجرد إحساس.
تنهدت بأسى، ثم نظرت للأسفل مرة أخرى، و استمر الصمت نحو عشر ثوانٍ قبل أن ترفع رأسها له فجأة وتتابع متشبثة بحروف كلماتها:
-بس إحنا مسيبناهمش، هي صح ماتت، بس أنا.. أنا أخدتلها حقها.
كانت عيناها جامدتان بطريقة قاسية، وهي تنطق بشراسة:
-كل واحد في الخمسة دول خد جزاؤه.
اتسعت عينا وهو يسألها:
-خمسة!
أجابته بنوعٍ من الإستهجان:
-خمسة.
أغمض عينيه وفتحها عدة مرات، كيف يعقل هذا! خمسة رجال على فتاة! فتاة تشبه زوجته إلى حدٍ كبير. أصابته الفكرة بالغضب والاستنكار. ثم عاد ليسألها بانفعال:
-وإنتم سيبتوهم!
هزت رأسها نافية وهي تجيبه بعينين حادتين:
-ولو على جثتي، قتلناهم كلهم.
لم يصدق هو ما قالته، تلك المسالمة تقتل! هل يتوهم ما سمع، لكنها تابعت لتؤكد له الأمر:
-معتصم قدر يجمع منهم أربعة، ووداهم في مكان برا المحافظة، لأنه كان وعدني أنا وبراء يمسكهم، ولما جابهم قال لنا وروحنا هناك.
نظرت له وعينيها بدأتا تشتعلان وهي تتابع:
-أنا متحكمتش في نفسي لما شوفتهم، وكنت جايبة سكينة معايا، و..
لم تكن جويرية تشعر أنها تقص له ما حدث، بل كانت تتذكر فقط الأمر وكأنه واقع أمامها، ولم تعلم أنها كانت تروي له ما تتذكره حينها..

...
٢٠٠٥
كان الأربعة رجال مقيدون في مقاعدهم، وكلاً منهم يستجدي ويصيح متوسلاً بتركه.
اقتربت هي منهم حاملة سكينًا حادة بيدها، فركض نحوها الآخر يمسكها ويردف:
-جويرية استني، اهدي شوية.
نظرت له والشرار يتطاير من عينها وصاحت به:
-براء منصحكش تقرب مني الوقت، خالص.
ثم اقترب منهما الثالث ووقف أمامها فهدرت بغضب:
-معتصم ابعد الوقت
أخذ معتصم نفسًا هادءًا وأجابها بثبات:
-لأ إنتي فهمتيني غلط، أنا بتمنالهم أكتر من الموت
ثم مد يده لها بمسدسه وهو يتابع ناظرًا لهم بحقد:
-أنا مش عاوزك بس تتوسخي بدم الأنجاس دول.
ابتسمت له ابتسامة مرعبة، ورفعت السكين أمام بصرها وهي تجيبه بهدوء:
-بس أنا شايفة إن السكينة هتوجع أكتر
نظر لها براء بصمت، هو لا يمانع أن يقتلهم هو وصديقه، لكنه لم يكن يريدها أن تدنس يدها بدمهم، ولكن لا بأس إن كانت تريد ذلك فلها ما شاءت.
ابتعد معتصم من أمامها فتقدمت هي نحو أحد الرجال. كان معصوب العينين، فنزعت له غطاء عينيه، ولكنه بمجرد أن أبصرها اتسعت عيناه هاتفًا بصدمة:
-آآ إنتي!
أمسكت هي بشعره وجذبته بعنف، وبدأت تتحدث بخفوت كفحيح الأفعى:
-إيه خايف!
ثم وضعت السكين على رقبته وهي تتابع بنفس النبرة:
-بسألك، خايف؟
هز الرجل رأسه أي نعم بذعر، فضحكت، وبعدها سألته بهدوء:
-هسألك سؤال واحد بس تجاوبني بصراحة
أومأ رأسه سريعًا، فبدأت تتحدث:
-لما إنتم كنتم بتتهجموا عليا زي الحيوانات، و أنا فضلت أصرخ عشان تسيبوني، سبتوني؟!
أطرق الرجل رأسه، فصفعته بقوة وسألته بانفعال:
-جاوب.
أجابها برعب:
-لأ
ابتسمت بجمود فأرعبته، وقالت:
-يبقى أنا ليه أسيبك!
اتسعت عينا الرجل وبدأت أواصله ترتجف، وتحدث بخوف:
-أنا آسف، أنا مكنش قصدي آآآ..
أقرا أيضا رواية آدم وحياة الفصل الثامن
لم يتابع لأنها كانت قد غرست السكين فى بطنه، وعاودت النظر إليه قائلة بألم:
-آسف دي مبترجعش اللي مات، آسف مش هترجع أختي.

ثم قررت القضاء عليه نهائيًا، فرفعت السكين إلى رقبته، وذبحته كما الخرفان.

في ذاك الحين كانت أصوات الرجال الثلاث تتضارب بين الذعر والبكاء، وبراء ومعتصم ينظران له بتشفي، أما نظراتها فكانت تختلط نظراتها بين التشفي والألم، وبدون مقدمات صوب كلًا من معتصم وبراء مسدسهما نحو أحد الرجال، وسويًا أطلقا النار فقتلاهما.

و ظلت جويرية تنظر للقتيلان الجدد بخواء، حينها كاد معتصم أن يصوب المسدس نحو الأخير ليقتله، لكنها أوقفته قائلة بهدوء:
-كفاية عليك كدة، دة ليا أنا.

نظر لها بصلابة، لقد اشترك الجميع يومها في نفس النظرة. نظرة الحقد والكره، أعطاها المسدس، فأمسكته بثبات، وصوبته نحو قلبه مباشرةً، وبمجرد أن أطلقت النار، لقي مصرعه.

العجيب أنها لم تخف حتى من الإمساك بالمسدس أو القتل، لم تخف أبدًا بل استدارت ونظرت لمعتصم بجمود، ثم قالت وهي تعيد له سلاحه:
-الخامس فين؟
أخذ نفسًا حادًا وأجابها:
-لسة همسكه متقلقيش، و دة عليا أنا.

...

٢٠١٠

بعد أن انتهت جويرية من سرد الأحداث تفاجأت أنه ينصت إليها، ولم يمهلها وقتًا حتى سأل صهيب مصدومًا:
-يعني إنتي عاوزة تفهميني إنك كان عندك ١٦ سنة، وقتلتلي راجلين، ومسكتي مسدس!
أجابته بهدوء برغم غضبها من نفسها لانسياقها للحديث هكذا:
-أهلي خط أحمر.

أخذ نفسًا حاول فيه السيطرة على أعصابه، وسألها:
-طب والخامس

-معتصم لقاه بعدها بسنتين وقتله، بس اتكشف ساعتها لأنه قتله في مكان عام، وبما إنهم كانوا بينضفوا دفاترهم أول بأول فمكنش مذنب من وجهة نظر الحكومة، ومعتصم كان مستحيل يسيبه للقضاء الشامخ بتاعنا! بس اتكشف للأسف وكان ممكن الموضوع يكبر لولا إن والده وشوية من صحابه اتدخلوا وخرجوه من الموضوع.

اقترب منها صهيب ووضع يده على وجهها وقد حانت ملامحه كثيرًا لدرجة لم تفهمها هي، فهي حين انتهت من الأمر ظنت أنه سيكرهها، فهاهي تقتل كوالدته تمامًا، لكنه وضع يدها على وجهها وأردف باسمًا بحزن:
-لو كنت مكانت كنت هعمل نفس اللي عملتيه.
صمت لثوانٍ، ثم عاد يتابع بخفوت:
-إحنا اتحملنا كتير أوي، أكتر من طاقتنا.

تابعت هي بشرود:
-ولسة بنتحمل، لسة عشان عايشين.
هز رأسه نافيًا، فانتبهت له يقول بعدها بثقة:
-مش إنتي بتقولي دايمًا إن عندك أمل في ربنا!

-أكيد
-أنا كمان عندي أمل إنه مش هيسيبنا نعاني أكتر من كدة.
ابتسمت له، ثم قالت بعد صمت ثوانٍ:
-فكرت هتكرهني زيهم بعد ما..
-قولتلك لو كنت مكانك كان فات دي ردة فعلي، وكمان دة حقك.

لم تصدق أنه يعطيها العذر في كل ما تقول، أو ما تفعل، يعطيها الرد الذي تريد سماعه أغلب الوقت، لا يحاسبها بل دائمًا يؤيدها!
تقدمت خطوتين واستقرت داخل ذراعاه، ثم ضمت يداها إليها، وأستندت رأسها على صدره وهي تنظر تحتها، أما هو فقد اعتلى ثغره ابتسامة راضية، وقيدها بذراعيه بقوة، يريد أن يخبرها أن الأمر لا يحتاج كل هذا العناء، بقاؤهما سويًا سيجعل الجروح تنضب سريعًا..

هل سمعت من قبل بأن الداء فيه الدواء! فالأفعى تبخ سمًا قاتلاً وعلاجه الوحيد يُستخرج منها! والقهوة تزيد الهالات السوداء بينما ما يتبقى من كوب القهوة يوضع تحت العين فيزيل الهالات! حسنًا هل تعلم أن أجنحة البعوضة أحدهما سام والآخر فيه الدواء، سبحان الله، هكذا الأمر بينهما، هو السم والدواء، وهي الدواء والسم.

مضى الوقت ولم يحسب له أحدهما حسابًا. وتوقف كلاهما عن التفكير.. توففا عن الشعور بالألم والحزن وتركا الهدوء والسكينة يتسللان إلى قلبهما..

-لما شوفتك أول مرة قولت إنك حية سامة، بس الفرق إنك مش بتخبي سمومك، مش خبيثة.. وأخدت وقت عشان أعرف إنتي إيه بالظبط.
سألته بهدوء:
-ولاقتني إيه؟!
رد باسمًا بخفوت:
-جويرية، لقيتك جويرية كائن فريد من نوعه، وباقي السلالات منه انقرضت!
ضحكت ساخرة وهي تقول:
-قكرتك هتزهق مني بسرعة
ارتفع حاجباه للأعلى عفويًا، وسألها بدهشة:
-أزهق منك!
ابتسمت بوجوم وهي تتابع:
-آه، أنا مش بسلي فاهم
ثم ابتعدت عنه قليلاً وتابعت بجدية وهي تنظر له:
-مش بضحك كتير، مش بتكلم كتير، انطوائية، سلبية مع المواقف الجديدة، مش فضولية، وبـ..
-سؤال واحد بس!
قاطعها هو بتلك الكلمات وقد بدى عليه الإندهاش وهو يسألها:
-إنتي بجد معتبرة دول عيوب!
عقدت حاجبها وهي تردف بجدية:
-لأ طبعًا، أنا بحب نفسي كدة ومش هتغير. أنا بتكلم عليك إنت لأن مش أي حد يقدر يتحملني لفترة طويلة.
زفر صهيب يائسًا منها، فبتسمت في المقابل. وضع يده على جبهته ومن ثم مسح على رأسه بسرعة، فكتفت يداها ورفعت حاجباها.
-إنتي نسيتي حاجة وإنتي بتوصفي نفسك.
-قصدك إني باردة يعني!
ابتسم وهو يجيب بهدوء:
-أيوة، هو دة اللي أقصده.
حركت يدها في الهواء، وبنبرة غير مكترثة أردفت:
-أكيد كنت هقول، بس إنت قاطعتني
صمتت قليلاً قبل أن تكمل بجدية:
-ثم إني مطلبتش نخرج عشان أتحبس في البيت برضوه!
عقد حاجباه بحيرة وسألها:
-طيب، نروح مطعم!
-لأ
-جنينة
-لأ
-البحر!
-طب ما البحر قدامنا، لأ برضوه!
-طب عاوزة تروحي فين!
ظلت تفكر قليلاً، ثم نظرت له فجأة وقالت:
-مش عارفة، بس مش عاوزة أفضل هنا بجد مليت.
كتف يداه بهدوء، وظل يفكر لدقيقة، ثم نظر لها، وتحدث:
-خلاص أنا عرفت.
ثم أخرج هاتفه من جيبه ونظر للأرقام، ثم أخرج رقمًا ما وطلبه......!!!

.......................................!!!!

يتبع ....

يارب تكون حلقة النهارده عجبتكم وأستنونا كل يوم في نفس الميعاد فصل جديد من رواية عصفورة تحدت صقرا وعلشان تجيلكم الفصول بتسلسلها تقدروا تتابعونا من خلال صفحتنا علي الفيس بوك
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة