-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية مع وقف التنفيذ لدعاء عبدالرحمن ( الفصل الثانى والعشرون )

أصدقائي الأعزاء متابعي موقع قصص 26 يسعدني أن أقدم لكم الفصل الثانى والعشرون من رواية مع وقف التنفيذ لدعاء عبدالرحمن وهي رواية رومانسية واقعية ذات طابع ديني تتسم بالكثير من الأحداث والمواقف المتشابكة التي ستنال اعجابك بالتأكيد فتابع معنا.

رواية مع وقف التنفيذ لدعاء عبدالرحمن ( الفصل الحادى والعشرون )

رواية مع وقف التنفيذ لدعاء عبدالرحمن ( الفصل الثانى والعشرون )
رواية مع وقف التنفيذ لدعاء عبدالرحمن ( الفصل الثانى والعشرون )

رواية مع وقف التنفيذ لدعاء عبدالرحمن ( الفصل الثانى والعشرون )

أغلق فارس باب شقة والدة دنيا خلف المعزيين وعاد ليجلس بجوارها منهكاً من شدة التعب ..نظر إليها فوجدها تدفن راسها بين كفيها وتنساب عبراتها المنهمرة على وجنتيها لتبلل كفيها ووجهها ...أقتربت والدته منهما ومسحت على ظهر دنيا بحنان قائلة:
- كفايه يا بنتى هتموتى نفسك من العياط أدعيلها بالرحمه
ثم نظرت لـ فارس وأردفت :
- قوم يابنى خد مراتك وأدخلوا أرتاحوا شويه انتوا منمتوش من أمبارح
نهض فارس بتثاقل فكم كان محتاجاً لقسط من الراحه لبعض الوقت بعد نهار طويل من اجراءات الدفن والوقوف لاستقبال المعزين  ...أمسك يدها وساعدها على النهوض وهو يقول بإشفاق:
- تعالى ارتاحى شويه جوه يا دنيا قومى يالا
نهضت وهى تجفف دموعها وقد اطرقت راسها إلى الارض وكادت أن تسقط من فرط اجهادها وحالتها النفسية السيئة لولا أن أسندها بيديه ومضى بها إلى غرفتها ..ساعدها فى الجلوس على طرف فراشها قائلاً:
- يالا ناميلك شويه علشان أعصابك تهدى
رفعت رأسها إليه ببطء ونظرت له من بين دموعها وقالت بصوت مبحوح من كثرة البكاء:
- أقعد لو سمحت
جلس بجوارها على الفراش وألتفت إليها مشفقاً لحالها ..فأرتمت على صدره وأخذت تبكى وتشهق بقوة وهى ترجوه قائلةً:
- متسبنيش يا فارس أنا ماليش غيرك دلوقتى ...أرجوك متسبنيش لوحدى ...أنا بعتذرلك عن كل اللى عملته معاك وكل اللى غلطته فى حقك بس أنا عارفه أنك شهم ونبيل ومش هتتخلى عنى ..وشهقت بقوة أكبر وهى تقول بإنهيار:
- اخر حاجه ماما قالتهالى أقولك تفضل جنبى علشان ماليش غيرك علشان خاطرها يا فارس مش علشان خاطرى انا..أرجوك يا فارس أرجوك
رفع رأسه لأعلى وتنفس بقوة ثم ربت على كتفها مطمئناً وقال :
- متخافيش يا دنيا متخافيش ..ولمعت عينيه من التأثر وهو يردف قائلاً:
- أنا جنبك متقلقيش من حاجه ابدا
أعتدلت ونظرت إليه بلهفة قائلة:
- بجد يا فارس يعنى مش هتطلقنى
ربت على يدها وقال بهدوء :
- متفكريش فى الكلام ده دلوقتى انا عاوزك تنامى وترتاحى أنتى مش شايفه نفسك عامله ازاى
أستلقت فى فراشها مطمئنة وأغمضت عينيها ..ظل جالساً بجوارها حتى ذهبت فى سبات عميق .. ألقى عليها نظرة مشفقة ونهض بهدوء وخرج وأغلق الباب خلفه ..خرج فوجد والدته قد غفوت على الاريكة الخارجيه ..حاول ايقاظها ولكنها لم تستجب له من شدة الارهاق ... هوى بجسده على المقعد جانبها واستند الى ظهر المقعد وأغمض عينيه وهو يحاول استيعاب الامر من جديد ...
لقد أصبحت وحيدة الان وليس من الشهامة أن يتخلى عنها هكذا ويتركها بمفردها ..لقد أستنجدت به وتوسلت اليه ان لا يتركها فكيف يفعل تأبى رجولته ودينه أن يفعل ذلك ولكن كيف يحتفظ بها وهى من هى ...لن يستطيع أن يتخذها زوجة حقيقية ولن يستطيع ان يطلقها فى مثل هذه الظروف ..وضع كفيه على وجهه ملتجأً إلى الله عزوجل هاتفاً بقلبه :
- ما العمل ياربى ما العمل ......
*************************************
لم يشعر أحد بغيابهم عن المنزل نظراً لاستعدادات عقد القران التى خيمت أجوائها على بنايتهم بل على شارعهم كله ..جلست مُهرة بجوار علاء بعد ان وقعت عقد زواجها منه وأنهمرت عليها القبلات المهنئة السعيده من الجارات  والصديقات ودوت اصوات الزغاريد معلنةً أشهار زواجهما ..حضرت الحفلة جميع الجارات ماعدا والدة عمرو فقلد كانت غاضبة  لغضب ولدها محمود  فلم تذهب لتبارك الزواج ... بينما كان يحيى سعيدا جدا لان أخته تزوجت من لاعب كره شهير فجلس بجواره وأخذ يلتقط معه بعض الصور ... أما والدتها فقد فرت دموع الفرح من عينيها وهى ترى طفلتها وقد اصبحت عروساً جميله فمالت على زوجها قائلة :
- شايف يا ابو يحيى مُهرة زى القمر أزاى
- لازم تبقى قمر طبعا مش بنتى
نظرت له مستنكرة وتركته وذهبت لتقف بجوار عمرو متسائلة:
- متعرفش يا بشمهندس الاستاذ فارس ووالدته فين اصلى خبطت عليهم كتير اوى النهارده محدش رد
وضع  عمرو قطعة من الكعك فى فمه وقال :
- عند مراته فى شقة أمها اصل حماته ماتت من يجى اسبوع كده
عقدت أم يحيى  حاجبيها وقالت بأستغراب:
- لا حول ولا قوة الا بالله ومحدش قالنا ليه
قال عمرو بلا مبالاة:
- تلاقيهم مرضيوش يبوظوا فرحتكوا يا ست أم يحيى ..ثم اردف وهو يمد طبقه اليها قائلا:
- اومال فين الجاتوه بتاعى يا ام العروسه
ابتسمت ام يحيى وهى تأخذ منه الطبق قائلة :
- من عنيه يا بشمهندس
مال علاء على مُهرة بشكل ملفت للنظر وهمس فى اذنيها قائلاً :
- مبروك يا حبيبتى
ألتفتت إليه بحرج وابتعدت قليلا وهى تقول :
- الله يبارك فيك بس من فضلك ابعد شويه مينفعش كده
أردف هامساً دون أن يبتعد :
- وابعد ليه هو انتى مش مراتى ولا ايه هو انا صممت اكتب الكتاب علشان تيجى تقوليلى ابعد شويه
همت بالنهوض بإنفعال من جانبه ولكنه امسك يديها قائلا :
- خلاص خلاص هبعد أهو خاليكى
سحبت يدها من يده بضيق وقالت :
- أنا هروح اصلى العشاء عن اذنك
أبتسم ساخرا وقال :
- سلامات يا شيخه مُهرة
ألقت عليه بنظرة غاضبة ونهضت بضيق ودخلت غرفتها أرتدت ثياب الصلاة ووقفت تصلى وهى تبكى غير مصدقة ما فعلته بنفسها ..كيف تلقى جزيرتها  فى مياه غريبةً الشطئان كيف لم يشغلها أن تبحث عن زورق للنجاة ..كانت تكفى الخطبه فلماذا وافقت على عقد القران لماذا سبحت فى بحر متلاطم الامواج ليس لديها بوصلة للطريق تنظر خلفها فلا طريق للعودة ولا سبيل للرجوع ولا فناراً تتقدم على ضوءه ...أين السبيل أذن وكيف النجاة

وبعد يومين عادت أم فارس إلى بيتها وتركتهم هناك بعد أن ألحت على فارس أن يبقى مع زوجته فى شقة والدتها ثم يعود بها بعد أن تتحسن حالتها قليلاً ..وتفاجأت بأن زواج مُهرة قد تم بالفعل
فقالت بضيق:
- كده برضوا هو أنا مش من حقى افرح بيها زيك ولا أيه يا أم يحيى
قالت أم يحيى بحرج:
- والله سألت عليكى يا ست أم فارس ملقتكيش وبعدها عرفت من عمرو ان حماة الاستاذ فارس تعيشى أنتى وأتلخمت فى كتب الكتاب ومعرفتش اوصلك
- مُهره فين علشان أباركلها
اشارت لها أم يحيى الى غرفتها قائلة:
- قاعده جوه بتذاكر ثوانى أندهالك
خرجت مُهرة من غرفتها وتلاقت عينيها بعينين ام فارس كل عينين بها ما بها وتنطق بالكثير ولكن مُهرة لم تستطع أن تنتظر أكثر ..جرت بسرعة وأرتمت بين أحضان أم فارس وأخذت تبكى وتبكى وأمه تمسح على رأسها وقد لمعت عينيها بالدموع ولكنها تماسكت فقالت أم يحيى:
- ايه يا بت مالك بتعيطى ليه كده
رفعت أم فارس رأسها لأم يحيى قائلة:
- تلاقيها واخده على خاطرها منى علشان محضرتش فرحها
مطت ام يحيى شفتيها وهى تقول :
- انا عارفه ايه دلع البنات ده ..دى من ساعة كتب الكتاب وهى لويه بوزها كده حتى عريسها مبتديلوش ريق حلو ابدا
أزداد بكاء مُهرة ولكنها لم ترفع راسها من حضن أم فارس حتى بللت حجابها بدموعها فقالت ام فارس وقد رسمت ابتسامة مصطنعة على شفتيها :
- ايه يا ست انتى... انتى بقيتى بخيله ولا ايه فين الشربات بتاعى
ضحكت أم يحيى بسعادة وهى متوجهة الى المطبخ قائلة:
- من عنيا يا ست الكل
تبعتها أم فارس بعينيها حتى أختفت داخل المطبخ فربتت على راس مُهرة وقالت بخفوت:
- متقهريش نفسك يا بنتى كل شىء قسمة ونصيب
 توقفت مُهرة عن البكاء ورفعت رأسها تنظر فى عينيها متعجبة بإستغراب :
- فابتسمت لها أم فارس وقالت بخفوت :
- انتى ناسيه انى انا اللى  مربياكى واقدر أحس بيكى كويس ولا فاكرانى مش حاسه بيكى كل ده
 ..ثم امسكت وجهها بين يديها وقالت بحنان:
- ركزى فى مذاكرتك ومتفكريش فى حاجه وأرضى بقضاء ربنا علشان ربنا يرضى عنك ويرضيكى
***********************************
 دخلت مُهرة هى وأخيها يحيى النادى الرياضى تتطلع حولها منبهرة بما ترى بينما كان علاء الذى يسير بجوارها بزهو وهو يشاهد الانبهار فى عينيها هى وأخيها وهو يشعر بالسعاده فتلك المرة الاولى التى وافقت على أن تخرج بصحبته منذ أن عقد عليها ..مرت بجوارهما مجموعة من الفتيات أستوقفوه بلهفة وهن يصافحنه ويتضاحكن معه بجرأة وبجوارها يحيى يكاد أن يلتهمهن بعينيه.. ألتفت علاء الى مُهرة فوجدها موصوبة نظرها عليهم بملامح خاليه من أى تعبير ولكن يغلب عليها بعض الدهشة ...أنصرفت الفتيات وأقترب منها قائلا :
- أيه يا حبيبتى غيرانه ولا أيه... لا لازم تتعودى على كده دى ضريبة الشهرة ولا ايه يا يحيى
قال يحيى مؤكداً :
- طبعا يا نجم
نظرت إليهما مُهرة وكأنها لم تسمعهما ولم ترى حديثه مع الفتيات
 وقالت :
- هو مين اللى بيصرف على كل الحاجات الفخمه اللى فى النادى دى
نظر لها متعجباً وقال بإستنكار:
- هو ده كل اللى لفت نظرك
أومأت برأسها وقالت بأهتمام:
- غريبة أوى أنا كنت بشوف الحاجات دى فى التيلفزيون بس كنت فاكراهم بيضحكوا علينا طلع بحق وحقيق
عقد ذراعيه أمام صدره بضيق وقال وهو يسير بجوارهما ببطء:
- وأيه الغريب فى كده أذا كانت مكافأتنا لوحدها بتوصل للألفات وساعات الواحد فينا بياخد مليون لوحده مكفأة ..مستغربه ان النادى نفسه يبقى فخم
ثم أشار لهما على أحدى الطاولات لتجلس وجلس قبالتها فانحنت للامام مستندة إلى الطاولة الصغيرة
 وقالت :
- ومين اللى بيدفع كل ده
رفع كتفيه قائلا بلا مبالاة :
- تبرعات رجال الاعمال مكافآت من الدولة وحاجات زى كده يعنى
اسندت ذقنها على راحة يدها وقالت بإستغراب:
- سبحان الله مصر ماليانه أحياء شعبيه محتاجه نص اللى بيتحط فى النادى ده والماتشات بتاعته هو وغيره ورجال الاعمال دول لو أتبرعوا للأحياء الشعبيه ولا لأطفال الشوارع ولا للمستشفيات اللى محتاجه أجهزة وأدويه كان هيبقى ثوابهم أكبر عند ربنا  مش يجوا يحطوا فلوسهم فى حمام سباحه ولا ماتش ..
عقد حاجبيه وقال بحنق:
- أحنا بندى البلد دى جوايز ومسابقات عالميه ودورى وكاس
ضحكت وهى تقول :
- غريبه أوى أنتوا بيتصرف عليكوا ملايين علشان دورى وكاس لكن العلماء محدش بيسأل فيهم و بيضطروا بيهاجروا بره مصر علشان يلاقوا اللى يصرف على ابحاثهم اللى هتخدم البشريه كلها  ...
قال يحيى بحماس معترضاً:
- والماتشات دى برضه حاجه كويسه يا مُهرة مش بتخرج الطاقه صح والناس بتحبها وبتتبسط منها يعنى كلنا بنستفاد والبلد كمان بتستفاد
نظرت إلى يحيى وقالت بتلقائية:
- يابنى ده انا أختك وبشوفك أنت وصحابك وأنتوا بتتخانقوا بعد كل ماتش ده غير الشتيمه اللى بتقعدوا تشتموها للاعيبه وتاخدوا عليها ذنوب والقهوة اللى على اول شارعنا اللى بيضربوا بعض بالكراسى وفى الاخر بعد الماتش ما يخلص هما ياخدوا المكافات وانتوا تتخانقوا وتخسروا بعض
 وبلد ايه اللى بتستفاد دى ؟! الفريق بيسافر والبلد تصرف عليهم فى البلد التانيه وفى الاخر لو كسبوا يقولوا مصر فازت ولو خسروا مصر خسرت طب مصر كسب ايه وخسرت ايه واحنا مش مهتمين بالعلم والعلماء وبنقولهم فوت علينا بكره ..كسبت كاس بيتحط على رف النادى مكتوب عليه تاريخ الانتصار  وفلوس تتوزع على اللاعيبه زى الرز وفى ناس أحق بالفلوس دى بيباتوا من غير اكل ولا دوا وبيموتوا من كتر الاهمال فى المستشفيات الحكوميه...الكلام ده لو فى عدل لو كل واحد بياخد حقه
نسى علاء أنه فى مكان عام وهتف غاضباً:
- سيبك من كل ده تنكرى أن الرياضه شىء مهم جدا وسيدنا عمر بن الخطاب حث عليها وقال علموا أولادكم السباحه والرمايه وركوب الخيل
رفعت حاجبيها متهكمةً وقالت :
- بيتهيألى سيدنا عمر لو عرف أن الكوره بيتصرف عليها ملايين وفى ناس جعانه مش لاقيه تاكل وناس تعبانه وبتموت ومش لاقيه دوا كان زمانه منع حاجه اسمها كوره ...ضحكت عندما وصلت لاخر كلمة قالتها
 بينما هب هو اقفا وقال بضيق :
- وحضرتك بقى وافقتى تتجوزينى ليه طالما شايفه أن شغلى تافه أوى كده
حملت حقيبة يدها وقالت بتلقائية :
- منا قلتلك كنت فاكراهم بيضحكوا علينا فى التلفزيون وبيبالغوا بس كلامك ده واللى أنا شايفاه أكدلى ..وبعدين مالك زعلان أوى كده ليه أختلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية وأنا بقول رأيى
نظر لها يحيى مندهشاً وهو يقول :
- سبحان الله كأنى سامع الاستاذ فارس هو اللى بيتكلم
نظرت له مُهرة بتأثر ولمعت عينيها حنيناً بينما قال علاء متسائلاً:
- مين الاستاذ فارس ده
ضحك يحيى وهو يقول :
- ده بقى يا سيدى الاب الروحى لمراتك هو اللى مربيها ومحفظها الكلام ده
ظن علاء أن الشخص الذى يتحدث عنه يحيى رجل طاعن فى السن مثلاً فلم يبالى بالامر وقال بأستهزاء :
- وأنا أقول برضه اتعلمتى منين التخاريف دى
هتفت مُهرة وهى تنظر له بغضب :
- أتكلم باسلوب أحس من كده
تدخل يحيى بسرعة وقال مهدئاً للموقف :
- صلوا على النبى يا جماعه دى مجرد مناقشة
تأملها علاء لبعض الوقت ثم قال حانقاً :
- يالا نمشى
سارت بجواره وهو يمشى بخطوات واسعة وهى تحاول اللحاق به جاهدة ويحيى يلقى النظرات الاخيرة على النادى الذى حلم دائما بدخوله ..حتى وجدته يقف فجأه وتتغير ملامحه الغاضبة إلى الابتهاج عندما صافح أحد الرجال الذى كان يبدو عليه أنه فى أوائل العقد الخامس من عمره يرتدى حلة وقبعة رياضية ثم استدار إليها يعرفها إلى الرجل قائلا :
- دى مُهرة مراتى يا كوتش وده يحيى أخوها
نظر إليها الرجل مبتسماً ومد يده يصافحها قائلا :
- أهلا وسهلا نورتى النادى
عقد ذراعيها وقالت بجمود:
- أهلا بحضرتك بس معلش مش بسلم ...
مد يحيى يده وصافح الرجل بحرارة بينما نظر لها علاء نظرة نارية وضغط اسنانه حتى خُيل إليها أنها استمعت الى صوت صكيكها وقال آمراً :
- سلمي يا مُهرة ده الكوتش بتاعى انتى متعرفيهوش ولا أيه
نظرت إليه وظلت عاقدة ذراعها ولم ترد فقال الرجل بسرعة وهو يربط على كتف علاء :
- خلاص يا كابتن مش مشكله يالا اشوفك فى التدريب سلام
جذبها من ذراعها بقوة وهو يقول :
- انا غلطان أنى جبتك هنا..أمسكه يحيى وهو يحاول تخليص ذراعها منه هاتفاً :
- مش كده يا كابتن التفاهم بالراحه
دفعت يده بعيدا بضيق وأسرعت الخطى وقد لمعت عيناها بالدموع ظلت جالسه فى المقعد الخلفى فى السياره وعلاء يقودها حانقاً فى طريقة الى المنزلها وهى تنظر من النافذة بجوارها وكلما فرت دمعة من عينيها رغماً عنها مسحتها بسرعة حتى لا يراها فى المرآة ..أما هو فكان يصيح طول الطريق بغضب قائلاً:
- بتحرجينى مع الكوتش بتاعى يا مُهرة يعنى لو كنت قابلت حد من الرجال الاعمال اللى بيرعانى كنتى برضه هتحرجينى قدامه كده مش كفايه مش عاجبك شغلى ومستخسرة فيا الفلوس اللى باخدها ..
كانت تستمع الى يحيى وهو يحاول تهدئته أما هى فقد ظلت صامتة ولم ترد عليه وتركته يخرج ما فى صدره من حنق وغضب عليها كانت تشعر أنها وحيدة لا تشعر بالامان معه تريد ان  تصل لمنزلها سريعا لتحتمى بجدرانه بعد ان فقدت النصير الذى غاب عنها وتاه فى دنياه !...

**********************************************
وضع فارس حقيبة دنيا فى غرفتها وخرج منها وأغلق الباب خلفه قائلا لوالدته فى عجلة من أمرة :
- لازم أمشى حالا أتأخرت اوى على المكتب
همست له والدته بخفوت:
- مش تستنى مع مراتك شويه يا فارس وبعدين تنزل
ربت على كتفها برقه وقال وهو يضع الهاتف فى جيبه ويأخذ مفاتيحه :
- هستنى أعمل أيه يا ماما هى خلاص بقت كويسه معلش عندى شغل متأخر يالا مع السلامة
ترجل يحيى فى بداية المنعطف المؤدى الى شارعهم عندما ألتقت عيناه بعينيى محمود الذى قاطعه منذ زواج مُهرة  وهو يقول :
- معلش يا كابتن واحد صاحبى زعلان منى عاوز ألحقه يالا سلام
تابع علاء طريقة بتثاقل ووضع السيارة بجوار المنزل هبطت مُهرة بسرعه دون أن تنتظره   .. لحق بها على الدرج وأمسكها من ذراعها وجذبها اليه بحدة وهو يقول :
- كمان مش معبرانى ده بدل ما تعتذريلى يا هانم
ألتفتت إليه وقد أغرورقت عيناها بالدموع وقالت :
- لو سمحت سيب أيدى مش كفايه الكلام الجارح اللى عمال تقوله طول الطريق جاى تكمل هنا كمان
حاولت أن تتملص منه ولكنه جذبها مرة أخرى وقال بعصبية :
- مُهرة انتى متعرفنيش كويس أنا عصبى متخلنيش أمد ايدى عليكى ..أعتذرى حالاً
بدأت تبكى بصوت مرتفع وهى تحاول التملص منه عندها سمعت وقع اقدام تهبط الدرج بسرعة  ..وما أن اقتربت حتى زادت من سرعتها على صوت بكائها واخيرا ظهر فارس وهو ينزل سريعاً نظر إليهما متسائلاً وهو ينقل بصره بينهما ولكنه قال وهو ينظر اليها والى دموعها التى أنسابت على خديها وقال بلوعه :
- مالك بتعيطى ليه ؟
قبض علاء على يدها أكثر حتى تالمت ثم قال :
- وأنت مالك أنت خاليك فى حالك ..لم يكد علاء أن يتم عبارته حتى وجد فارس قد قبض بعنف على يده الممسكة بذراعها وضغط رسغه بقوة تألم لها علاء وأضطر أن يترك ذراع مُهرة التى بمجرد ان تحررت من يد علاء حتى صعدت أربع درجات خلف فارس ..نظر له علاء بغضب وصاح هائجاً:
- وانت مالك أنت دى مراتى
ألتفت فارس أليها فوجدها تنظر إليهما بألم و تمسح دموعها بكلتا يديها وقد أطلت من عينيها نظرت أستغاثة ملهوفة مخلوطة بالعتاب..ألتفت إليه وقال محذرا والشرر يتطاير من عينيه :
- هى الرجوله أنك تفرد عضلاتك على بنت وتقول مراتى أنت كده مفكر نفسك راجل
حاول علاء أن يتخطاه إليها ولكن فارس وضع يده على سور السلم ففصل بينهما بجسده فقال علاء غاضبا:
- بقولك وأنت مالك أنت مين انت علشان تدخل أضربها ولاحتى اكسر دماغها مدام عاوزه تتربى
لم يكد أن يتم كلمته حتى وجد لكمة شديدة توجهت ألى أنفه ارتد على آثارها الى الخلف ولكن لحسن قدره أن يحيى كان فى طريقة الى الصعود فارتطم بجسده مما منعه من السقوط وربما ما هو أكثر من ذلك
بكت مُهرة بشدة وصعدت تعدو الى شقتها بينما وضع علاء يده على أنفه فوجد الدماء تسيل منها نظر الى راحته برعب وهو ينظر الى الدماء التى لوثتها ..دفعهما فارس الاثنان معا وغادر البناية على الفور وهو فى قمة غضبه
أخذه يحيى وصعد به الى شقتهم ..جلس والد مُهرة بجوار علاء يعطيه بعض المناديل الورقيه ليمسح دمائه التى لوثت وجهه ..بينما كان يحيى وأمه يؤنبانها فى الداخل وهى ملقاة على الفراش وتبكى بحرارة ..ولم يكتفوا بذلك وأنما أجبروها هم ووالدها على الخرج والاعتذار منه ..وعادت لغرفتها مكسورة مهزومة ورغم أحساسها بالدونية والضياع والمهانه الا أنها شعرت انها لم تفقد المظلة التى كانت وظلت وستظل تحميها من عوادى الدنيا وزخات السُحب ...
********************************
ألتفت بلال الى فارس ورفع حاجبيه بإستغراب شديد وقال متعجباً :
- ضربته !!!
أشاح فارس بوجهه وضرب بيده على قدمه وقال وهو غاضب :
- تصدق بالله انا لو مكنتش مسكت أعصابى مكنش هيبقى ضرب بس أنا كان ممكن اقتله
أستند بلال بمرفقيه الى مكتبه فى المركز ونظر اليه متفحصاً وقال بهدوء :
- أنت لو بتتخانق مع مراتك تحب حد يدخل بينكوا بالطريقه دى
هتف فارس حانقاً :
- يعنى كنت اسيبه يعمل فيها كده قدامى واقول سلام عليكم وأنزل عادى كده
هز بلال راسه نفيا  وقال :
- لا يا سيدى محدش قالك كده بس برضه فى حاجه اسمها بالمعروف بالنصيحه .. تسمع عنهم ولا لاء؟
- دمى غلى فى عروقى يا بلال مفكرتش ومقدرتش استحمل سفالته
شبك بلال بين اصباعه وقال بثقة :
- طبعا مش هقولك أنك غلطان علشان أنت عارف انك غلطان
أومأ فارس براسه بعصبية وهو ينظر أمامه بشرود قائلا :
- معاك حق انا غلطان...غلطان انى ضربته بس .. كان المفروض أكسرله عضمه علشان بعد كده ايده متلمسهاش تانى
صمت بلال لبعض الوقت وهو يفكر هل من الحكمة أن يتكلم معه بصراحه ويكشف له عن ما يراه ويشعربه أم يصمت مادام فارس يفسر افعاله على انها شهامة منه تجاهها ...ولو صارحه فما جدوى ذلك وهو متزوج وهى متزوجة ..الامر يحتاج لتفكير أكثر من هذا قبل المصارحه ...
أخرجه فارس من تفكيرة العميق على صوته الهادر وهو ينهض واقفاً ويقول :
شوف يا بلال أنا جيتلك علشان عرفت أنه عرفها عن طريقك يعنى انت تعرفه كويس ..عاوزك تبلغه أنى لو عرفت أنه مد ايده عليها بحلو ولا بوحش هتبقى اخر مره يستعمل فيها ايده دى.. سلام
نهض بلال وحاول ايقافه ولكنه لم يفلح فى ذلك فلقد كان غاضبا جدا عاد الى مكتبه وجلس خلفه فى وجوم وهو يشعر ان المصارحه بعد ما راه وسمعه الان منه ستكون تبعتها أكبر من الكتمان بكثير فلابد من التمهل ...فهذه النبرة وهذا الزئير وهذه التصرفات ليست لرجل يغار فقط أو يحب فقط وأنما هو يراها كنزه الثمين ومهرته الاصيلة الذى لابد ان يحافظ عليه دائما وابدا من ان تمتد اليه يداً غريبة  ويرى نفسه حاميها وحارسها وفارسها النبيل الذى يبذل الغالى والرخيص فداءا لها فهى مازالت وستظل طفلته التى تحتاجه ومن الجائز ان نعشق أطفالنا أحيانا ..

**********************************************
بمجرد أن دخل فارس مكتبه وقد هدأت ملامحه قليلاً حتى لحقت به نورا على الفور قائلة بسعادة:
- دكتور فارس اتأخرت ليه
جلسه خلف مكتبه واسند ظهره للخلف وهو يشعر بإرهاق ذهنى رهيب وأغمض عينيه قائلاً :
- خير يا استاذه نورا فى حاجه ؟
قالت بسرعة وهى مبتسمة ببهجه :
- فى زبون معايا فى المكتب وجاى لحضرتك ومصمم أنك انت اللى تمسكله القضيه بتاعته بنفسك مش حد تانى
فتح عينيه ببطء وقال مستفهماً :
- أشمعنى يعنى
قالت بحماس :
- القضية اللى حضرتك اشتغلتها من شهر وجبت فيها براءة للقاتل سمعت أوى والرجل جاى ملهوف وعنده استعداد يدفع اى مبلغ تطلبه ..ده ملياردير يا دكتور فارس مليادريييييير ..
ابتسم فارس لحماسها المفرط وقد تسلل حماسها إليه وقال :
- خليه يدخل
فرقعت نورا اصابعها بحماس وفرحة وخرجت مسرعة وسمحت للرجل بالدخول إليه ... نهض فارس وصافحه بأدب وتواضع قائلا وهو يشير اليه بالجلوس :
- أتفضل يا فندم
جلس الرجل وهو ينظر الى فارس مندهشا وقال بدون مقدمات :
- الحقيقة انا كنت فاكر حضرتك اكبر من كده يا دكتور فارس
ابتسم فارس وقال بلباقه :
- ده مدح ولا ذم
أستدرك الرجل بسرعة وقال بإحترام :
- مدح طبعا يا دكتور يعنى حضرتك سمعتك مسمعى كده وانت فى السن ده ..يعنى اكيد حضرتك نبغه فى مهنتك ..دى خبرتى كراجل فى السوق من زمان وعلشان كده انا جيتلك مصمم انك أنت اللى تترافع عن ابنى
قال عبارته الاخيره ووضع الملف الذى بيده امامه على المكتب ..فتحه فارس وبدا يقلب اوراقه
بينما قال الرجل بحزن :
- ابنى يا دكتور شاب فى عز شبابه ومتربى واخلاقه عاليه ..يتهموه ظلم فى قضية زى دى ..أنا ابنى مش ممكن يقتل يا دكتور مش ممكن ابدا انا متأكد أن تقرير التحريات اللى اتقدم ده افترى وظلم  علشان أعدائى فى السوق عايزين ينتقموا منى بأى شكل ويشوهوا سمعتى بأى طريقة ...
هز فارس رأسه وقال متفهماً :
- طيب حضرتك سبلى القضة ادرسها واقلبها فى دماغى من كل النواحى وهرد عليك بكره أن شاء الله بس حضرتك أعملى توكيل علشان أعرف أطلع أزوره وأتكلم معاه شويه قبل ما اقول رايى فى القضيه
قال الرجل على الفور :
- انا يا دكتور مستعد ادفع اللى حضرتك تطلبه ملايين الدنيا كلها فدى ابنى
قال فارس بإشفاق :
- متقلقش أن شاء الله لو بريء فعلا ربنا مش هيتخلى عنه وانا هبذل كل جهدى علشان اطلعه منها
حياه الرجل وغادر المكتب وقبل أن يبدأ فى فتح الملف  لقراءته بتمعن قفزت مُهرة الى ذهنه مرة اخرى وصورتها التى رآها عليها اليوم وهى تنظر له تستنجده أن لا يتخلى عنها ولكن الذى حيره فعلا هى النظرة الاخرى التى رآها فى لمحة لم تتعدى ثانية من الوقت لقد كانت نظرة عتاب ..
وجد نفسه يخرج هاتفه النقال ويكتب رساله من كلمتين :
- بتعاتبينى ليه ؟!
أعلن هاتفها على وصول رسالة نصية فتحتها وهى تجلس على طرف فراشها دون أن تنظر لاسم الراسل ..استعت عيناها دهشة وخفق قلبها بقوة وهى تقرأ حروفه التى ارسلها دون وعى فوجدت دمعتين قد فرتا من مقلتيها  وابتلعت ريقها بصعوبه وكتمت انفاسها وهى تكتب بشرود :
- السؤال ده لوحده محتاج عتاب ..
قرا رسالتها ووضع الهاتف على مكتبه ودفن وجهه بين يديه وقد ازدادت حيرته واشعلت التساؤلات فى قلبه من جديد ...زفر بقوة وتناول القهوة التى وضعت امامه بتمهل وبدا فى فتح ملف القضيه ...وهو لا يعلم أنه فتح عليه باب من أبواب جهنم  ..
*********************

إلي هنا ينتهي الفصل الثانى والعشرون من  رواية مع وقف التنفيذ لدعاء عبدالرحمن، 
تابعونا على صفحتنا على الفيس بوك من هنا للمزيد من الروايات الأخري
تابع 

الفصل الثالث والعشرون

 من رواية مع وقف التنفيذ لدعاء عبدالرحمن 




اقرأ أيضا رواية آدم ولانا

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة