-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية مصير التنانين لـ مورغان رايس - الفصل الرابع والعشرون

مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص الخيالية و روايات مترجمة علي موقعنا قصص 26  وموعدنا اليوم مع الفصل الرابع والعشرون من رواية مصير التنانين وهي الكتاب الثالث من "سلسلة طوق الساحر" للكاتب مورغان رايس وهي السلسلة التي تمتلك كل المقومات لتحقيق النجاح.
سنغوص سويا داخل سلسلة طوق الساحر وعبر أجزائها المتتالية في عالم من المؤامرات و المؤامرات المضادة و الغموض و الفرسان الشجعان و العلاقات المزدهرة التي تملئ القلوب المكسورة, الخداع و الخيانة,
تابع الجزء الأول من هنا: رواية السعي من أجل البطولة.
تابع الجزء الثاني من هنا: رواية مسيرة الملوك
سوف تقدم لك الترفيه لكثيرٍ من الوقت, وستتناسب مع جميع الأعمار. لذلك نوصي بوضعها في المكتبة الدائمة لجميع قرّاء القصص الخيالية المترجمة.

رواية مصير التنانين | مورغان رايس - الفصل الرابع والعشرون


رواية مصير التنانين لـ مورغان رايس
رواية مصير التنانين لـ مورغان رايس

رواية مصير التنانين | مورغان رايس (الكتاب الثالث في "سلسلة طوق الساحر") 

الفصل الرابع والعشرون

وقفت جويندولين على حافة شرفة القلعة العلوية في هذا اليوم البارد, والرياح تهبّ على شعرها الملقى على ظهرها, ونظرت باتجاه المناطق الريفية الرائعة. كانت الحقول مليئةً بآلات الحصاد, وبالعشرات من النساء اللواتي يجمعن الثمار في السلال. كلّ ما حولها, كل شيء, كان يتغير, كانت الأوراق الشجر ملونةً بألوانٍ لا تصحى, البنفسجي, الأحمر, البرتقالي, الأصفر... حتى لون الشمسين كان يتغير أيضاً, فكعادتهما دائماً في الخريف, يلقيان بالألوان الصفراء والأرجوانية. كان يوماً رائعاً, نظرت إلى الأفق الممتد أمامها, وقد بدا كل شيءٍ حقيقاً.
للمرة الأولى منذ وفاة والدها, شعرت ببعض التفاؤل. كانت قد استيقظت قبل الفجر, وانتظرت بفارغ الصبر قرع الأجراس التي تعلن عودة الفيلق. انتظرت وراقبت الأفق لعدة ساعات, كانت ترى الحشود التي بدأت تتشكل في شوارع البلاط الملكي, تحضيراً لعرض الترحيب بعودة الفيلق.
كانت جوين تشعر بسعادةٍ غامرة, مع الكثير من الحماس. كان هذا اليوم الذي سيعود فيه تور إليها.
لقد بقيت مستيقظةً طوال الليل, تعد الدقائق حتى شروق الشمس. لا يمكنها تصديق أنّ الوقت قد حان أخيراً. اليوم, سوف يعود تور. سوف يعود كل شيءٍ رائعاً مرةً أخرى في هذا العالم.
لقد شعرت أيضاً بشعورٍ غامرٍ من الفرح والإنجاز, بأن كندريك لم يُعدم. فبطريقةٍ أو بأخرى, قد حققت هدفها من زيارة أمها. كان حزينةٌ لأنه لا يزال ملقاً في الزنزانة, وهي تفكر في كل يومٍ بطريقةٍ لإخراجه, ولكن في الوقت الراهن, فهو على الأقل لا يزال على قيد الحياة.
كانت مصممةً على إثبات من قتل والدها, ولكنها لم تكن قادرةً على فعل أيّ شيءٍ خلال المئة يومٍ الأخيرة, على الرغم من بعض جهودها في إيجاد خطوطٍ جديدة لكشف القاتل. وغودفري أيضاً, قد وصل إلى طريقٍ مسدود. كان الطرق كلها قد أُغلقت في وجهيهما. وشعرت جويندولين بأنها أصبحت مهددةً بشكل متزايد بسبب عيون غاريث اليقظة, بسبب حشد جواسيسه الكبير. كانت تشعر بأنها القلعة أصبحت أقل أماناً مع مرور الأيام. كانت تشعر بالألم كلما فكرت بتلك الندبة التي تركها القاتل كلب غاريث على خدها الأيسر. كانت خفيفة جداً, ومن الصعب أن تُرى إلا تحت أشعة الشمس المباشرة, وتشبه خدشاً صغيراً. ولكن على الرغم من ذلك, كانت موجودة. في كل مرةٍ كانت تنظر فيها إلى المرآة, كانت تراها وتتذكر ما حصل. كانت تعلم أنت عليها فعل شيءٍ ما في القريب العاجل, فقد كان غاريث يصبح معتوهاً يوماً بعد يوم, ولا يمكن توقع ما الذي يمكن أن يفعله.
ولكن أهم شيء الآن أن تور عائد, وسيعود الفيلق إلى الوطن, بما في ذلك أخوها الأصغر ريس, لن تعود لتشعر بالوحدة كما هي الآن بعد كل هذا. التغيير يلوح في الأفق, والوضع الراهن لا يمكن أن يطول كثيراً. كانت تشعر بأنها مسألة وقتٍ فقط حتى تستطيع أن تجد طريقةً لإخراج شقيقها من السجن. والأهم من ذلك أنه بإمكانها البقاء مع تور بشكلٍ دائم. لم تتحدث إلى والدتها منذ ذلك الاجتماع الأخير المشؤوم, وتشك في إنها من الممكن ان تتحدث إليها مرةً أخرى, فهي على الأقل لن تكون عائقاً بينها وبين تور بعد الآن.
نظرت جوين إلى الأفق. ومن مسافةٍ بعيدة, ما وراء وادي كانيون, رأت بريقاً ضعيفاً للمحيط, وبحثت عن أيّ علاماتٍ تدل على وجود أشرعةٍ أو سفن. كانت تعرف أنها تفاؤلها كان مفرطاً جداً لتوقعها رؤية شيءٍ كهذا من هنا, فحتى لو أنهم رسوا الآن على الشاطئ, فهم بحاجةٍ إلى مسيرة نصف يوم حتى يصلوا إلى هنا. لم تكن متأكدةً إذا بإمكانها أن تشاهد وتنتظر فقط. كانت جميع الأجراس حولها تقرع. وقد ارتدت أجود فساتينها الحريرية البيضاء من أجل هذا اليوم. كان جزءٌ منها يريد أن يصطحبها تور بعيداً من هنا, بعيداً عن هذه القلعة التعيسة, إلى مكانٍ حيث بإمكانها أن تكون آمنةً فيه, وتبدأ حياةً جديدةً هناك, معه فقط. لم تكن تعرف أين أو ماذا. ولكنها كانت تعرف أن عليه أن تبدأ من جديد.
جويندولين؟" جاء صوت.
حاولت معرفة الصوت, ولكنها تفاجأت من رؤيةٍ رجلٍ يقف هناك, على بعد أمتارٍ قليلةٍ منها. كان قد تسلل حتى وصل إلى جانبها, والأسوأ من ذلك أنه كان رجلاً تحتقره بشدة, إنه ليس رجلاً في الواقع, إنه صبي.
ألتون, وجه النفاق الأكبر من الطبقة الأرستقراطية, وسبب كل شيءٍ سيءٍ في هذا المكان.
وقف هناك, ينظر بتغطرسِ شديد, لقد كان واثقاً بنفسه جداً, مرتدياً زيه السخيف, يرتدي ربطة عنقه تلك حتى في فصل الخريف. لقد كانت تحتقره أكثر من أي وقتٍ مضى. كان هذا الصبي يجمع كل شيءٍ تكرهه. كانت لا تزال غاضبةً منه بسبب كذبه عليها, بسبب تلك الأكاذيب التي نشرها حول تور والتي كادت أن تفرق بينهما. لقد جعلها تبدو حمقاء. كانت قد تعهدت بأن لا تجعله يقع تحت ناظريها مرةً اخرى أبداً.
وقد نجحت بذلك حتى الآن, فقد مضت عدة شهور منذ آخر مرةٍ رأته فيها, ولم تكن تعتقد أنه يملك الجرأة للخروج أمامها مرةً أخرى, وأن يقف هنا. تساءلت كم كان وقحاً حتى استطاع أن يصل إلى هنا, وكيف استطاع أن يمر من الحراس أيضاً. لا بدّ أنها استغل ذلك الهراء الذي يقوله بأنه من العائلة الملكية, ولا بدّ أنهم صدقوه. يمكنه أن يكون مُقنعاً للغاية, حتى في أكاذيبه.
"ما الذي تفعله هنا؟" سألته بغضب.
اقترب خطوةً اخرى منها, خطوةً واحدةً جعلته قريباً جداً منها. لم يكن هناك سوى بضعة أقدامٍ بينهما, وقد شعرت بالتوتر يرتفع في جسدها.
ابتسم ألتون, محاولاً إخفاء عدائيته.
"جئت كي أعطيكِ فرصةً ثانية," قال.
ضحكت بصوتٍ عالٍ مستهزئةً به.
"فرصةً ثانية؟ لي؟" سألته بارتياب. "كما لو أنني كنت دائماً أريد فرصةً أولى. ومن أنت لتعطيني فرصةً؟ إذا كان هناك أي شيءٍ من هذا القبيل, فأنا من يجب أن أعطيك فرصةً ثانية. ولكنني كما قلت, لا يوجد لديك أي فرص, أنت لا شيء بالنسبة لي. ولم تكن من قبل أيضاً. أنت تعيش في عالمٍ من الوهم."
تذمر في وجهها.
"أنا أفهم أن المرأة عندما تملك مشاعراً قويةً باتجاه شخصٍ ما, فمن الممكن أن تعيش في بعض الأحيان حالةً من الإنكار للواقع, لذلك أنا أغفر لك كلماتك الطائشة التي تقولينها. أنت تعرفين أنه أنا وأنت من المفترض أن نكون معاً, منذ أن كنا أطفالاً. يمكن أن تحاولي مقاومة ذلك, ولكن مهما فعلت, فأنت تعلمين أنه لا يمكن لأي شيءٍ أن يفرقنا.
"ضحكت عالياً.
"أن يفرقنا؟!" قالت بسخرية. "أنت مريضٌ حقاً. لم نكن أبداً معاً, ولن نكون أبداً كذلك. لا يوجد شيءٌ بيننا أصلاً. باستثناء أكاذيبك. كيف يمكنك أن تجرؤ وتكذب علي بشأن تور!" صرخت جويندولين وهي تزيد من حدّة لهجتها.
"إنه من عامة الشعب," قال ألتون من دون مبالاة. "من الذي يهتم لأمره؟""أنا أهتم لأمره, وجداً أيضا. لقد أسهبت في أكاذيبك وجعلتني معتوهةً أمامه."
"أنا أخذت حريتي في قول الحقائق, وهذا لا يصنع فرقاً. فإذا لم يكن مذنباً في أحد الأمور, فبالتأكيد سيكون مذنباً في أمورٍ أخرى. الحقيقة هي أنه واحدٌ من عامة الشعب, وأدنى منك, وأنت تعلمين أنني على حق. لا يمكن أن يكون مناسباً لك أبداً.
"ومن ناحيةٍ أخرى, فأنا على استعداد لقبولك كزوجةٍ لي. لقد جئت إلى هنا للتأكيد عليك بشأن الترتيبات اللازمة قبل أن أبدأ بها. فرغم كل شيء, تكاليف حفلة الزفاف تكون غالية الثمن, وستقوم عائلتي بدفعها.
"نظرت إليه جوين غير مصدقةٍ ما يقوله. لم تلتقِ من قبل مع أيّ شخصٍ منفصلٍ عن الواقع إلى هذا الحد. لا يمكنها أن تصدق كم بدا واقعياً في كلامه, لقد جعلها تشمئز منه.
"لا أعلم كم هي الطرق التي عليّ إخبارك فيها, ألتون, أنا لا أحبك, ولا أملك أيّ مشاعر اتجاهك. في الحقيقة أنا أكرهك بشدة, وسوف أبقى كذلك إلى الأبد. لذا اقترح عليك أن تغادر من أمامي الآن. لن اتزوجك أبداً, ولا يمكنني حتى أن أكون صديقتك. وإلى جانب ذلك, لدي مشاريعي الخاصة.
"ابتسم ألتون بسخرية.
"إذا كنت تقصدين بذلك, أنك ستتزوجين من تور, فاقترح عليك أن تفكري بذلك مرةً أخرى.
" قال بثقةٍ كبيرة, والابتسامة الخبيثة تعلو شفتيه. شعرت جوين بأن دمها بدأ يغلي.
"ما الذي تقصده بذلك؟" قالت جوين باستغراب.
وقف ألتون هناك, مبتسماً وفرحاً بهذه اللحظة.
"محبوبك تور, لن يعود مرةً أخرى. لدي مصادر موثوقة تقول بأنه قُتل على جزيرة الضباب. حصل معه حادثٌ مميت. وأنا أخشى أن عليكِ أن تتوقفي عن انتظار عودته, فذلك لم يحدث أبداً.
"رأت جوين الثقة الكبيرة في كلامه, وشعرت بقلبها يتحطم. هل كان يقول الحقيقة؟ إذا كان الأمر كذلك, فهي تريد أن تقتله الآن بيديها العاريتين.
تقدم ألتون عدة خطواتٍ باتجاهها, وحدّق في عينيها.
"والآن كما ترين جويندولين, القدر يريد لنا أن نكون نحن الاثنين معاً. توقفي عن مقاومة ذلك. أمسكي بيدي الآن, ودعينا نجعل الأمور تسير بشكل رسمي. دعينا نتوقف عن منع ما نعرف أنه يجب أن يحصل.
"مدّ ألتون يده, وأصبحت الابتسامة التي تعلو وجهه أكبر. وأخذ يحدق في وجهها. لقد استطاع أن يرى قطرات العرق التي تشكلت على جبهتها.
"ليس لديك ردّ حتى الآن؟" قال ألتون. "حسناً, اسمحي لي أن أضيف نقطةً أخرى.
" أكمل كلامه ويده ماتزال ممدودة و ترتجف. "لقد سمعت شائعاتٍ قوية تفيد بأن عائلتك تخطط إلى تزويجك في أقرب وقتٍ ممكن, مثل شقيقتك الكبرى. فرغم كلّ شيء لا يمكنهم أن يكون لديهم فتاةٌ من عائلة ماكجيل غير متزوجة وتتجول هنا وهناك. يمكنك ان تختاري الزواج مني الآن, وإلا فستدعين نفسك تتزوجين من رجلٍ غريب. وأريد أن أضيف أن ذلك الغريب يمكن أن يكون وحشياً, وحشياً من بعض الأماكن من الطوق. فأعتقد أنك ستكونين أفضل بكثير مع شخصٍ مثلي, شخص تعرفينه."
"أنت تكذب," قالت جوين بغضب, وشعرت بكامل جسمها يرتجف. "لا يمكنهم أن يزوجوني. لا يمكن لعائلتي أن تفعل ذلك, ولا لأي شخصٍ آخر.""أوه, لا يمكنهم؟! لقد فعلوا ذلك بأختك."
"كان ذلك عندما كان والدي حيّاً, عندما كان ملكاً."
"أوليس لدينا ملكٌ الآن أيضاً؟" سألها بابتسامةٍ ساخرة. "قانون الملك هو قانون الملك, ليس هناك فرق.
"خفق قلب جوين بشدة وهي تفكر بكلماته تلك. غاريث؟ شقيقها؟ يزوجها؟ هل يمكن أن يكون قاسياً إلى هذا الحد؟ هل يملك الحق أصلاً في القيام بذلك؟ فهو في الحقيقة الملك, ولكنه ليس والدها.
إنها لا تريد أن تفكر بأي شيءٍ آخر الآن, إنها مثارةٌ بسبب ألتون. ولم تكن لديها فكرة عما عليها تصديقه من فم ذلك الغبي. اقتربت خطوةً منه ووضعت يدها على وجهه بقوة.
"اسمح لي أن أوضح الأمر لك بقدر ما استطيع," قالت ذلك ببطء, وخرج صوتها بقوة كبيرة. "إذا اقتربت مني مرةً أخرى, سآمر الحرس الملكي, الحرس الملكي الخاص بالعائلة الملكية الحقيقية, يزجّون بك في السجن. سوف أجعلهم يرمونك في الزنزانة ولن تخرج منها مرةً أخرى. أؤكد لك أن ذلك سوف يحصل. والآن أغرب عن وجهي حالاً, وإلى الأبد.
"وقف ألتون هناك يحدق بها, وببطء تحولت ابتسامته إلى عبوس. وأخيراً رأت جوين وجهه الذي بدأ يرتعش, واستطاعت أن ترى ملامح وجهه التي بدأت تتغير إلى غضبٍ شديد.
"لا تنسي ذلك," قال ألتون بهمس. "لقد جلبتِ ذلك لنفسك.
"لم تسمعه يتكلم بهذا القدر من الغضب من قبل أبداً, ثمّ التفت ألتون وسمعت تردد خطاه وهو ينزل إلى الأسفل بعيداً عن شرفات القلعة.
وقفت جوين هناك, وحيدة, وهي ترتجف من الداخل, وتسمع خطاه وهي تختفي رويداً رويداً. كان تصلي كي لا تراه مرةً أخرى أبداً. اقتربت جوين من الشرفات مرةً أخرى, ونظرت إلى الأفق. هل كان هناك شيءٌ صحيحٌ من الذي قاله؟ صلت كي لا يكون ذلك صحيحاً. كانت هذه مشكلتها مع ألتون, كان يملك طريقته في زرع الكثير من الأفكار السيئة في رأسها, أفكارٌ لا يمكنها إخراجها من رأسها أبداً.
أغلقت عينيها, وحاولت التخلص من هذه الأفكار. لقد كان هذا الشخص مروعاً, كان يلخّص كل شيءٍ سيءٍ في هذا المكان, يلخّص كل شيءٍ شعرت بأنه خاطئٌ في هذا العالم.
فتحت عينيها ونظرت إلى البلاط الملكي, محاولةً نسيان كل ما حصل. حاولت أن تعود إلى الوضع الذي كانت عليه قبل أن يظهر ذلك الغبي ألتون. عادت إلى التفكير بتور, ووصوله إلى هنا اليوم, بالوقوف مرةً أخرى بين ذراعيه. فأقل شيء, أنها قد جعلت ألتون يدرك كم كان حبها لتور كبيراً. كان تور معاكساً لألتون في كل شيء: كان نبيلاً, محارباً, ذو قلبٍ نقي. كان صفاته ملكيةً أكثر من صفات ألتون بكثير.
جعلها ذلك تدرك كما كانت بحاجة إلى أن تكون مع تور, كم أنها قادرةٌ على فعل أي شيءٍ فقط كي يكونا هما الاثنين معاً الآن, بعيداً جداً عن هذا المكان. لقد أصبحت أكثر تصميماً من أي وقتٍ مضى بعدم السماح لأي شيءٍ أن يقف بينهما.

ولكن بينما كانت جوين تقف هناك, محاولةً استعادة الراحة التي كانت تستمتع بها, استعادة صورة تور في مخيلتها, فمه, لون عينيه, شفتيه, لم تستطع فعل ذلك. كان الغضب يحرقها, وذهب هدوئها كله. إنها لا تستطيع التفكير به بوضوحٍ بعد الآن, وأرادت أن تفكر بشكلٍ جيد قبل أن يأتي تور.التفت جوين بسرعة وعبرت شرفة القلعة, ثمّ خرجت من الباب ودخلت السلالم الدائرية, ثمّ بدأت بالنزول. أرادت أن تغير شيئاً ما من جوها, أرادت أن تدخل إلى الحدائق الملكية, وتمشي لفترةٍ طويلةٍ بين الزهور. ومن شأن ذلك أن يغير مزاجها إلى الأفضل, كما يفعل دائماً.
وبينما كانت تنزل, من مجموعةٍ إلى أخرى من السلالم, تمرّ عبر السلم الحجري المهترئ قليلاً والذي كانت تمر عليه منذ أن كانت طفلة, شعرت بشيءٍ ما, شيءٍ ما غير طبيعي. كان ذلك كقشعريرة, طاقة باردة, وكأن سحابة مفاجئة قد مرت فوق رأسه.
لقد رأت ذلك من زاوية عينها أخيراً, إنها حركة ما في الظلام. شيءٌ ما كالضباب, لقد حدث ذلك بسرعة.
ثمّ شعرت به. شيءٌ ما ظهر من خلفها, وأمسكها بيديه الخشنتين من خصرها, ثمّ قام بإلقائها على الأرض.
وقعت على السلم الحجري بقوة, ثمّ أخذت تنهار على السلالم, واحدةً تلو الأخرى.
بدأ العالم يلف بها, بينما كشطت ركبتيها ومرفقيها وساعديها. قامت جوين فوراً بتغطية رأسها بشكلٍ غريزي بينما كانت تتدحرج على السلالم, وهي الطريقة التي تعلمتها من مدرسيها عندما كانت طفلة, كي تحمي رأسها من أسوأ ما يمكن أن يحصل.
وبعد السقوط على عدة درجات, لم تعرف عددها, توقفت بعد مجموعةٍ من الدرجات, بجانب إحدى الممرات المؤدية إلى نهاية السلالم. استلقت هناك وهي تتنفس بصعوبة, محاولةً التقاط أنفاسها, بينما أحست ببعض الرياح تأتي نحوها.
لم يكن هناك وقت للاستراحة, فقط سمعت بعض الخطى التي تنزل بسرعة كبيرة, خطى ثقيلة كبيرة, وعرفت على الفور أنه كان الذي هاجمها. كائناً من كان, فهو يتبعها ويريد قتلها. حاولت استجماع قواها, كي تقف على قدميها مرةً أخرى, وحاولت أن تستغل كل ذرة طاقةٍ تمتلكها.
بطريقةٍ أو بأخرى, استطاعت أن تنهض على يديها وركبتيها, وعندما فعلت ذلك استطاعت أن تراه. إنه كلب غاريث, لقد عاد مرةً أخرى. ولكنه هذه المرة يرتدي قفازاً جلدياً واحداً, وكانت أصابعه مغطاةً بالمسامير المعدنية.
مدّت جوين يدها بسرعةٍ إلى أسفل خصرها, وأخرجت سلاحاً كان غودفري قد أعطاها إيّاه. سحبت خنجراً صغيراً من الغمد الخشبي, واندفعت باتجاهه. لقد كانت سريعة جداً, أسرع مما كانت تتوقع هي نفسها, ومدّت يدها دافعة الشفرة باتجاه قلبه مباشرةً.
ولكنه كان أسرع منها. فقد قام بضرب معصهما بقوة, فأفلتت الخنجر من يدها ووقعت على الأرض الحجرية, ثمّ أخذت تنزلق عبر السلالم.
التفت جوين وشاهدت سلاحها وهو يطير, وأحست بأن آمالها كلها تحلّق معه. لقد أصبحت تواجهه الآن وهي عزلاء, لا تملك شيئاً تدافع به عن نفسها.
رفع كلب غاريث قبضته التي كان يضع فيها ذلك الكف, ذو المسامير المعدنية, وأرسلها بقوة باتجاه وجه جوين مباشرةً. لقد حدث كل ذلك بسرعةٍ كبيرة بالنسبة لها, لم تستطع أن تقوم بأي تصرف. شاهدت قبضة يده, والمسامير المعدنية تتجه نحو خدها مباشرة, وعرفت أنه خلال لحظات ستخترق وجهها, تاركةً ندوباً فظيعة تشوهها طوال عمرها. أغلقت عينيها, وأعدت نفسها لاستقبال تلك الضربة والألم الذي سيغير حياتها.
ولكن فجأةً, سمعت صوت ضجيجٍ في المكان, وتوقفت قبضة ذلك الرجل في الهواء, قبل بوصةٍ واحدةٍ من خدها. لقد كان ذلك الصوت صوت رنين معدني, ونظرت إلى جانبها فرأت رجلاً يقف بجانبها, كان رجلاً عريض المنكبين ذو حدبةٍ على ظهره, ويمسك بعصا حديديةٍ قصيرة. لقد كانت قبضة الرجل على بعد بوصةٍ واحدةٍ من وجهها عندما قام بضربه مانعاً إياه من الوصول إلى وجهها.
إنه ستيفن, لقد أنقذها من تلك الضربة, ولكن ما الذي كان يفعله هنا؟أمسك ستيفن عصاه بيده التي كانت ترتجف, في وجه ذلك الرجل, مانعاً جوين من التعرض للإصابة. ثم انحنى إلى الأمام, ورفع عصاه الحديدية بقوة موجهاً ضربة قوية نحو وجه الرجل مباشرة. كسرت تلك الضربة أنفه وجعلته يتعثر إلى الخلف ويقع فوق الأرضية الحجرية الباردة, على ظهره.استلقى كلب غاريث هناك, على الأرض, بينما وقف ستيفن فوقه ممسكاً بعصاه الحديدية, وينظر نحوه مباشرةً.
التفت ستيفن للحظة ونظر باتجاه جوين, والقلق يبدو على وجهه.
"هل أنت بخير يا مولاتي؟" سألها.
"انتبه!" صاحت جوين.
التفت ستيفن فوراً, ولكن بعد فوات الأوان. لقد أبعد عينيه عن كلب غاريث لفترةٍ طويلة جداً. فقد نهض بسرعة واقترب من ستيفن وركله بقوة كبيرة بركبته, موقعاً إيّاه أرضاً على ظهره.
رنّ صوت العصا الحديدية في المكان وهي تسقط على الأرض, بينما قفز الرجل بسرعةٍ فوق رأس ستيفن, وثبّته من يديه وقدميه. مدّ يده وأمسك بخنجر جوين الصغير الذي كان ملقاً على الأرض, رفعه عالياً, وبحركةٍ واحدةٍ سريعة, أنزله مباشرةً باتجاه حلق ستيفن.
اذهب إلى الجحيم, يا مسخ النفايات المعتوه." صاح كلب غاريث عالياً.
ولكن بينما كانت الشفرة تنخفض نحو رقبته, صدر صوت أنين قوي, ولكنه لم يكن من ستيفن, لقد كان من كلب غاريث. وقفت جوين هناك بيديها المرتجفتين, لا تصدق ما قامت به للتو. لم تفكر حتى بذلك, لم تجد نفسها إلا وقد فعلت ذلك. كانت ترتعش بأكملها وتنظر إلى ما قامت به, كما لو أنها كانت غير مسيطرةٍ على نفسها. عندما وقعت تلك العصا الحديدية على الأرض, تناولتها جوين على الفور, وضرب كلب غاريث على المنطقة الجانبية من رأسه مباشرةً. كانت ضربةً قويةً جداً, قبل أن يطعن ستيفن ببرهة صغيرة, لقد أوقعته على الأرض فورا وهو يتلوى من ألمه. لقد كانت ضربةً مثالية, ضربة قاتلة.
رقد الرجل هناك ممدٌ على الأرض, والدم ينزف من رأسه وعينياه جامدتان. لقد كان ميتاً.
نظرت جوين إلى الأسفل نحو العصا الحديدية التي كانت تحملها, لقد كانت ثقيلةً جداً, وباردة, وفجأةً وقعت من يدها. وقعت على الحجر مع رنةٍ قويةٍ في المكان. شعرت برغبةٍ كبيرةٍ في الصراخ والبكاء. لقد أنقذ ستيفن حياته, ثمّ أنقذت هي حياته بالمقابل.
"سيدتي؟" جاء صوت.
نظرت أمامها, ورأت ستيفن يقف هناك, وينظر إلى وجهها بقلق.
"كنت أريد أن أنقذ حياتك," قال ستيفن. "ولكنك أنت من أنقذت حياتي, أنا أدين لك بشدة.
"ثمّ انحنى قليلاً تقديراً لها.
"أنا أدين لك بحياتي," قالت جوين. "لو لم تكن هنا, لكنت ميتةً الآن. ما الذي تفعله هنا؟"نظر ستيفن إلى الأرض, ثم حدّق بها مرةً أخرى. ولكن في هذه المرة, لم يتجنب نظراتها. هذه المرة كان ينظر إليها مباشرةً, لم يعد يتلفت هنا وهناك, ويحاول المراوغة. لقد بدا وكأنه شخصٌ مختلف.
"كنت أحاول الوصول إليكِ كي أعتذر," قال. "كنت أكذب عليكِ, وعلى أخيك. جئت كي أخبرك بالحقيقة, بشأن والدك. لقد أخبروني أنك كنت هنا, وجئت أبحث عنك. ثمّ وجدتك تواجهين ذلك الرجل. أنا محظوظٌ لأنني أتيت إلى هنا.
"نظرت جوين إلى ستيفن بنظرةٍ جديدةٍ كلياً, مليئة بالامتنان والإعجاب. كما أنها شعرت بالفضول يحرقها لمعرفة ما يريد إخبارها به.
كانت على وشك أن تطلب منه التكلم, ولكن في هذه المرة لم يكن ستيفن يحتاج إلى الحث كي يتحدث.
"لقد وقع النصل عبر المزالق في تلك الليلة," أكمل كلامه. "الخنجر, لقد وجدته, وأخذته بنفسي, ثمّ خبّأته. لم أكن أعرف لماذا, ولكنني أحسست بأن هناك شيئاً ما غير طبيعي, وبأنه ذو قيمة. لم يكن يسقط كل يوم شيءٌ يشبه ذلك عبر المزالق. لقد وقع في النفايات في ذلك اليوم, ولم أجد ضرراً في أن أحتفظ به لنفسي.
"تنحنح ستيفن قليلاً."ولكن شاء أن يحدث ذلك في تلك الليلة. لقد ضربني سيدي في تلك الليلة, في الواقع كان يضربني كل ليلة, منذ أن بدأت بالعمل هناك, أي منذ ثلاثين عاماً. لقد كان رجلاً قاسياً ومرعباً جداً. لقد قبلت ذلك في كل ليلة, ولكن في تلك الليلة كنت قد تحملته بما يكفي. هل ترين تلك الجلدات على ظهري؟"التفت ورفع قميصه, لقد أجفلت جوين عندما رأت ذلك المشهد: لقد كان ظهره مغطاً بالندوب من الجروح والتمزق.
التفت ستيفن نحوها مرةً أخرى.
"لقد استنفذَ كل صبري, وكان ذلك الخنجر في يدي حينها. ومن دون أن أفكر بالأمر, قررت أن أنتقم لعذابي طوال ثلاثين سنة, لقد كنت أدافع عن نفسي.
"قال ذلك وهو يناشدها.
"مولاتي, أنا لست قاتلاً, عليكِ أن تصدقيني.
"تقطع قلبها حزناً عليه.
"أنا أصدقك," قالت ذلك وهي تمد يديها وتمسك بيديه.
نظر إلى وجهها, وعيونه مليئةٌ بدموع الامتنان.
"هل أنت تصدقينني حقاً؟" سألها مرةً أخرى, كالصبي الصغير.
أومأت جوين برأسها.
"لم أخبركم بذلك," تابع ستيفن كلامه. "لأنني خشيت أن يتم سجني بسبب قتل سيدي. ولكني عليكِ أن تفهمي أن ذلك كان دفاعاً عن النفس. وقد كنتِ تعهدت لي حينها بأنني لن أذهب إلى السجن إذا أخبرتك بالحقيقة."
"أنا لا أزل عند عهدي," قالت جوين بصدق. "أنت لن تذهب إلى السجن. ولكن عليك مساعدتي في العثور على صاحب الخنجر. يجب عليّ أن أجد قاتل والدي بسرعة.
"مدّ ستيفن يده إلى خصره, وسحب سلاحاً صغيراً ملفوفاً بقطعةٍ قماشية. ثمّ مدّ يده نحوها وسلمها إياه, في راحة يدها.
سحبت ذلك الخنجر من القطعة القماشية ببطء, وكشفت عن السلاح الذي وجده ستيفن. بينما كانت جوين تشعر بوزنه داخل يدها, أخذ قلبها يخفق بشدة, وشعرت بالقشعريرة تسري داخل جسدها. لقد كانت تمسك السلاح الذي قتل به والدها. أرادت أن ترميه بعيداً, بعيداً جداً بقدر ما تملك من قوة.
ولكن في الوقت نفسه, كانت مذهولة. لقد شاهدت البقع التي كانت عليه, ورأى مقبضه, أخذت جوين تقلبه وتتفحصه بشكل كامل.
"لم أرى أي علاماتٍ عليه يا سيدتي," قال ستيفن. "لم أجد أي شيءٍ من شأنه أن يشير إلى صاحب الخنجر.
"ولكن جوين كانت قد كبرت وهي محاطةٌ بالأسلحة الملكية طوال حياتها, ليس كستيفن. كانت تعرف الأماكن التي عليها أن تنظر إليها, وما الذي عليها أن تبحث عنه. قامت بقلب الخنجر بالاتجاه المعاكس, ونظرت إلى أسفل المقبض. رأت الشعار الملكي على الفور, إنه ينتمي لأحدٍ من العائلة الملكية.
وبينما كانت تتفحص الشعار, توقف قلبها, لقد كانت الأحرف الأولى من اسم صاحب الخنجر محفورةً على المقبض: غام.غاريث أندرو ماكجيل.إنه نصل أخيها.
***********
*********************
إلي هنا ينتهي الفصل الرابع والعشرون من رواية مصير التنانين لـ مورغان رايس
تابع من هنا: جميع فصول رواية مصير التنانين
تابعوا صفحتنا على الفيس بوك للمزيد من الروايات الأخري
أو أرسل لنا رسالة مباشرة عبر الماسنجر باسم القصة التي تريدها
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة