-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية أنت لى بقلم منى المرشود - الفصل السابع والثلاثون

مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي في موقعنا قصص 26 مع روايات رومانسية وإجتماعية ومثيرة مع الفصل السابع والثلاثون من رواية أنت لى بقلم د/ منى المرشود،وهى من الروايات ذات البحث الكثير على مواقع التواصل الإجتماعى 

رواية أنت لي بقلم منى المرشود - الفصل السابع والثلاثون


اقرأ أيضا: روايات إجتماعية
رواية أنت لي بقلم منى المرشود
رواية أنت لي بقلم منى المرشود

رواية أنت لي بقلم منى المرشود - الفصل السابع والثلاثون

في البداية ذهبنا إلى مكتب المحامي أبي سيف الذي سار بسيارته إلى جوارنا ... ثم إلى مكتبين آخرين ... كان وليد يبقينا في السيارة و يرافق المحامي ، ثم يعود إلينا و يذكر المكان التالي و ينطلق نحوه !

في وقت انتظارنا كنا أنا و أمي نتبادل الأحاديث، بينما رغد لائذة بالصمت المغدق ! لم أتعمّد مخاطبتها فأنا لم أنس بعد كيف رمت بالهاتف صوب وجهي و لا كيف طردتني من غرفتها ذاك الصباح ... إلا إنني أشعر الآن بشفقة عليها لا أدرك ما مصدرها !

عاد و ليد و قال :

" سنذهب إلى مكتب إدارة المصنع الآن ! قد يطول مكوثنا هناك ... أأعيدكن إلى البيت ؟ "

و استدار إلى الوراء موجها نظراته و كذا سؤاله إلى رغد !

رغد قالت :

" سنبقى معك "

لا أدري أي متعة تجدها هذه الفتاة في البقاء حبيسة السيارة في انتظار عودة وليد ! وددت أن أعترض إلا أن مبادرة وليد بتشغيل السيارة و من ثم اللحاق بسيارة المحامي جعلتني ألتزم الصمت ...

حين وصلنا إلى المكان المنشود أصابتني الدهشة !

كان مبنى كبيرا مؤلف من عدّة طوابق ... حديث الطراز و يبدو فاخرا !
قال وليد و هو يركن السيارة في أحد المواقف و يبتسم :

" هنا إدارة مصنعك ِ يا أروى ! هذا المبنى كلّه ملكك ! "

دهشت، و ابتسمت في آن واحد ... و راودتني رغبة في إلقاء نظرة شاملة
قلت – و أنا أمد يدي إلى مقبض باب السيارة و افتحه - :

" سألقي نظرة "

و خارج السيارة وقفت أنا و تبعني وليد و جعلت أتأمل المبنى الضخم الذي يفترض أن يكون ملكي !

قلت :

" كل هذا ... لي !؟ "

ابتسم وليد و قال :

" هذا لا شيء ! حين ترين المصنع ستفاجئين ! ... هنيئا لك ! "

شعرت ببهجة كبيرة اجتاحت قلبي ... قلت :

" أتمنى أن أراه من الداخل ! "

فكر وليد قليلا و تردد فقلت :

" ألستُ أنا المالكة ؟ ألا يمكنني إلقاء نظرة سريعة على ممتلكاتي ؟ أرجوك وليد ! "

ابتسم وليد و قال :

" لا أعرف إن كان هناك سيدات في الداخل... ! لم يسبق لي الدخول و لكن ... لا بأس إن كانت هذه رغبتك ! "

فرحت كثيرا و أمسكت بيد خطيبي في امتنان ...

ما الذي سيجعلني أشعر بسعادة أكثر من هذه ؟؟ لدي خطيب رائع يقف إلى جواري ... و أمامي مبنى ضخم هو ملكي و جزء من ثروتي ... لا شك أنني هذه اللحظة أسعد الناس

الحمد لله

وليد أشار على أمي و رغد أن تنزلا ... ثم لحقنا نحن الأربعة بالمحامي و وجدنا في استقبالنا أناس آخرون، رافقونا داخل المبنى إلى المكان المنشود !

و المكان المنشود كان المكتب الرئيسي للمبنى ... مكتب المدير !

ما إن دخلنا حتى وجدنا أناس آخرون في استقبالنا ... أظنهم دهشوا لدى رؤيتنا نحن الثلاث – أنا و أمي و رغد – نسير خلف الموكب ! لكن ذلك لم يمنعهم من الترحيب بنا عامة ...

دُعينا للجلوس في مكان جانبي ... بعيدا عن الآخرين ...

فيما كنّا نعبر الغرفة شاقات طريقنا نحو المقاعد، كانت عيناي لا تتوقفان عن التجول و النظر إلى كل ما حولي ... في دهشة و إعجاب !

كم كان مكتبا فخما و راقيا ! كل أثاثه يشير إلى مدى البذخ الذي كان عمّي رحمه الله يعيش فيه !

استقرّت عيناي أخيرا على الحائط خلف المكتب مباشرة ...

هناك عُلقت صورتان كبيرتان جدا لرجل كهل و شاب صغير... في إطارين أسودين !
إنهما عمّي و ابنه الراحلان، رحمهما الله !

توقّفت برهة أتأمّل الصورتين ... لهذين الشخصين اللذين ما عرفتهما يوما في حياتي ... و ها هي ثروتهما الضخمة تصبح فجأة بين يدي !

" سبحان الله ... أتصدّق يا وليد ؟ "

قلت ذلك و التفت إلى وليد متوقعة منه أن يكرر التسبيح ... و يمنحني ابتسامة عذبة و مطمئنة من شفتيه ... لكن ... لم يبد على وليد أنه سمع شيئا مما قلت ...
وليد كان يحدّق تجاه الصورتين بحدّة و تعبيرات وجهه غاضبة و مكفهرّة

عجبا ! لماذا ينظر وليد إلى هاتين الصورتين بهذا الشكل ؟؟

" وليد ...؟؟ "

رمقني وليد بنظرة غريبة و مخيفة ... و عاد يدقق النظر تجاه الصورتين

أليس هذا غريبا ؟؟

انتظروا... هذا لا شيء أمام ما حصل بعد ذلك !

" عمّار !! "

تصوروا ممن خرجت هذه الكلمة أشبه بالصيحة المباغتة ؟؟

من رغد !

التفت إلى رغد لأتأكد من أن أذني لم تكن تتخيل ... فرأيت رغد تحدّق هي الأخرى تجاه الصورتين و قد علا وجهها الذعر !

و الآن ماذا ؟؟

رغد تلتفت إلى وليد بسرعة ... ثم إلى الصورة ... و تشير بإصبعها نحو صورة عمّار ابن عمّي ... و تعود للهتاف :

" عمّار !! "

ثم تلتفت إلى وليد و تقول بذعر :

" إنه هو ! أليس كذلك ؟ هو ... هو "

وليد يحدّق برغد الآن ... و مزيج من الغضب و التوتر و القلق و تعبيرات أخرى أجهل تفسيرها بادية على وجهه جاعلة منه جمرة ملتهبة !

رغد ألقت علي نظرة سريعة ، ثم على الصورتين ، ثم على وليد الذي كان لا يزال يحدّق بها ... و هتفت :

" وليد ! "

وليد اقترب من رغد و قال :

" أجل ... إنهما عم أروى و ابنه "

بدا الذهول الفظيع على وجه رغد ... و كأنها اكتشفت أمرا خطيرا لم تكن تعرفه ! أما الذهول الذي على وجهي أنا هو لأنني لم أكتشف بعد ماذا يدور من حولي ؟!

رغد أمسكت بذراع وليد و هتفت :

" أخرجني من هنا ! "

تحوّلت نظرات وليد إلى القلق و الخوف الفاضحين و فتح فمه و لكن ما خرج منه كان النفَس خال ٍ من أي كلام !

" أخرجني من هنا بسرعة ... أخرجني فورا "

قالت ذلك رغد و ضعت يدها الأخرى على صدغيها كمن يعاني من صداع شديد... !

" رغد "

ناداها وليد بصوت حنون قلق فلما رفعت بصرها إليه ... مالت بنظراتها نحو الحائط فأغمضت عينيها بسرعة و أخفتهما خلف يدها و صاحت :

" أرجوك.. "

من فوره وليد حثّها على السير متراجعين نحو الباب ... و كانت لا تزال متشبثة بذراعه ... و خاطبنا قائلا :

" هيا بنا "

أنا و أمي و لأننا لم نفهم أي شيء ... تبادلنا النظرات المستغربة المذهولة... و لحقنا بوليد و رغد على عجل ... وسط أنظار الاستغراب من الأشخاص الآخرين !

إن في الأمر سر ما !
ما عساه يكون ؟؟؟

رغد بين يدي منهارة و مرتبكة...
و أنا مذهول و مأخوذ بالدهشة ... إن من رؤية وجه عمار الخسيس يبتسم تلك الابتسامة الحقيرة ... و التي تستفز حتى أتفه ذرات النفور في جسدي ... أو من تأثّر رغد بالصورة ... و الذعر الذي علاها ... و الذي يؤكد أنها لا تزال تذكر وجه عمّار ... بعد كل تلك السنين
و كيف لوجه مجرم كهذا أن يُنسى ؟؟

طفلتي الصغيرة لا تزال تحتفظ في ذكرياتها بصورة للشاب الحقير الذي تجرأ على اختطافها ذات يوم ...

ذلك اليوم الذي غير مجرى حياتي ... و حياتها كذلك ...

فتحت باب السيارة الأمامي الأيمن و جعلتها تدخل و تجلس عليه ... و جلست من ثم إلى جوارها ... كانت لا تزال في نوبة المفاجأة و النفور ...

وصلني صوت أروى – و التي جلست خلفي – تقول :

" ماذا هناك ؟؟ "

لم أجب

" وليد ما الأمر ؟ "

قلت بغضب :

" الزمي الصمت يا أروى رجاء ً "

قالت ليندا :

" أخبرانا ما الخطب "

قلت:

" الصمت رجاء "

و أدرت مفتاح السيارة في ذات اللحظة التي ظهر فيها أبو سيف و هو يقول :

" ما المشكلة ؟ "

أخرجت رأسي عبر النافذة و أجبته :

" لنؤجل الأمر للغد "

و انطلقت بالسيارة عائدا إلى المنزل ...

كنت أرى رغد و هي تضع يدها على صدغيها و يعبّر وجهها عن الألم بين الفينة و الأخرى ... فأدرك أنها الذكريات تعود إلى رأسها و تعصرها ألما... فأدوس على مكابح السيارة غيظا ...

عندما وصلنا إلى المنزل أوت رغد إلى غرفتها مباشرة ... هممت باللحاق بها فاستوقفني سؤال أروى :

" ماذا هناك يا وليد ؟ هل لا شرحت لي ؟ "

قلت بسرعة :

" فيما بعد "

و تابعت طريقي إلى غرفة رغد ...

كان الباب مغلقا، طرقته و ناديت رغد فأجابت :

" نعم ؟ "

و كان صوتها متحشرجا مخنوقا ...

قلت :

" أيمكنني الدخول ؟ "

أجابت :

" ماذا تريد ؟ "

قلت :

" أن نتحدّث قليلا "

" دعني و شأني "

آلمني ردها هذا فعدت أقول :

" أريد أن أحدثك يا رغد ... أيكنني الدخول ؟ "

و لم تجب

عدت أسأل :

" أأستطيع أن أدخل يا رغد ؟ أرجوك ؟ "

و لكنها أيضا لم تجب ...

أرجوك يا رغد لا تزيدي عذابا فوق عذابي ...
أخذت أطرق الباب و أناديها حتى قالت أخيرا

" دعني بمفردي يا وليد "

استدرت ُ للخلف في يأس ... فوجدت أروى تراقبني عن بعد ... و لابد أن عشرات الأسئلة تدور في رأسها ... كما تدور عشرات بل مئات الذكريات المريرة في رأسي و تفقده أي قدرة على التفكير السليم ...

استدرت ُ نحو الباب مجددا و قلت مخاطبا رغد :

" لا لن أدعك بمفردك يا رغد ! سأدخل "

و حرّكت مقبض الباب ببطء ... و دفعت الباب قليلا للأمام ...

قلت :

" سأدخل رغد ! "

و لما لم تجب ... واصلت فتح الباب ببطء ... و سمحت لصريره أن يتذبذب في أذني ّ طويلا ...

على سريرها كانت صغيرتي تجلس و عيناها موجهتان نحوي ...

تقدمت خطى نحوها و أنا أقول :

" أيمكنني أن أدخل ؟ "

و أعرف أنني في الداخل و أنني سأدخل من كل بد !

قلت :

" أنا آسف ! "

طأطأت رغد رأسها هاربة من نظراتي...

اقتربت منها أكثر و أكثر و قلت :

" أأنت ِ بخير ؟ "

و استطعت أن أرى دمعة تهوي من عينها لتبلل يديها المضمومتين فوق ركبتيها ...

اقتربت أكثر و أكثر حتى صرب جوارها مباشرة ... و قلت بصوت حنون أجش :

" لم أجد داعيا يدفعني لأن ... أخبرك ... بأن أروى هي ابنة عم عمّار.... و أن الثروة التي حصلت عليها كانت ... لعمّار و أبيه "

رغد رفعت نظرها إلي و صرخت :

" لا تذكر اسمه أمامي "

جفلت ... أخذني الذهول ... و ابتلعت لساني ... رغد رمقتني بنظرة عميقة غصت في جوفها فغرقت ... و لاطمتني أمواج الأفكار و الهواجس ... و لم أدر ِ أين كنت و متى كنت ... و على أية حال قد كنت ...

تعود للإمساك برأسها كمن يحاول جاهدا منع الذكريات من الظهور فيه ...
تتلاعب بي الأفكار و التخيلات حتّى تثير جنوني...
ماذا حصل؟ ماذا لم يحصل؟
أجيبيني يا رغد ...؟؟
و لم تزد حيرتي إلا حيرة ...

بعد صمت قصير طويل في آن معا ...

قلت :

" حسنا يا رغد...
بعد دخولي إلى السجن، تعرّفت إلى نديم، والد أروى رحمه الله... و قد ساعدني كثيرا و أحببته محبة خالصة في الله.. و قبل موته أوصاني بعائلته خيرا... و لم يكن يعرف ... أنني ... "

و لم أكمل، استدرت للخلف لأتأكد من أن أروى على مبعدة و لا تسمعنا... ثم اقتربت من رغد أكثر و أضفت ُ هامسا :

" أنني أنا من قتل ... ذلك الوغد "

بدا التفهم على تعبيرات وجه رغد فقلت ُ مترددا و مخفضا صوتي حد الهمس بل حد السكون :

" وهذا... ما لا تعرفه أروى أيضا "

و تنهّدت بمرارة و حيرة و أضفت :

" و ما أخشى عواقبه ... "

شعرتُ بشيء يسيطر على فكري فجأة... تبدلت تعبيرات وجهي إلى الجدية و الحزم... و تطايرت سهام شريرة من عيني... و شعرت بشياطين رأسي تتعارك في داخله...
كانت رغد تراقبني بقلق و حيرة... و بالتأكيد سمعتني و أنا أعض على أسناني فيما أضيّق فتحتي عيني و أشد على قبضتي بإصرار و أقول :

" و الآن ... أصبحت ثروة ذلك الحقير ... بين يدي ... "
وجهت ْ إلي ّ سؤالا مباشرا و لكنني تهربت ُ منه ثم وعدت ُ أروى بأن أخبرها بالأمر فيما بعد...
و رغم الحيرة ِ و الشكِ اللذين طغيا عليها طيلة الفترة التالية، لم تصر على معرفة ما علاقة رغد بعمّار...

في صبيحة اليوم التالي عدت إلى مكتب إدارة المصنع الرئيسي... لإتمام المهام المتبقية دون مرافقة من أحد...
يومها وقفت أتأمل صورتـَي عاطف و عمّار قليلا ... و ابتسمتُ ابتسامة النصر...

ها هي يا عمار ثروتك الضخمة... تصبح بين يدي... و المصنع الذي كنت تتباهى به و تطلب منّي العمل فيه ساخرا... أصبحت ُ أنا سيّده...

يا للأقدار...

بعدها أمرت بنزع الصورتين و علّقت عوضا عنهما لوحات ٍ لمناظر طبيعية... و أخذت أتصرّف و كأنني سيّد المكان و مالكه..
و من الخزانة الرئيسية للأموال المتداولة، و ما أكثرها، أخذت ُ مبلغا كبيرا كنا أنا و أروى قد اتفقنا على سحبه لتغطية بعض المصاريف...
أما عن أوّل شيء خطر ببالي آنذاك، فهو إعادة المبلغ الذي استلفته من صديقي سيف قبل عام...
و انطلاقا من هذا اليوم بدأت أتصرف في النقود بتصريح من أروى و أدون و أراجع الحسابات و احتفظ بسجلات المصاريف و أطلعها عليها...

كان لا يزال أمامي وقت طويل حتى أتمكّن من وظيفتي الجديدة و رتّبت الأمور بحيث يظل المصنع تحت إدارة المشرف العام ذاته– السيد أسامة- إلى أن أستلم المنصب بعد بضعة أسابيع...
و السيد أسامة بشهادة من سيف و والده و المحامي يونس المنذر هو رجل أمين نزيه الذمّة... و كان هو الساعي وراء تسليم الثروة للوريثة الوحيدة...

كانت خطّتنا تقتضي العودة بأهلي إلى المزرعة أولا...
أما فكرة أروى فكانت الزواج ثانيا!
أما عن نفسي فأنا أريد تأجيل هذا الأمر... حتى إشعار آخر...

عندما عدت ُ إلى المنزل وقت الزوال... و دخلت من ثم إلى غرفة نومي، دهشت !
لقد كانت نظيفة و مرتبة و منظمة تماما كما كانت أيام الصبا... حين غادرتها ذاهبا إلى السجن...
نظرت من حولي مبتهجا... ثم سمعت صوت أروى مقبلا من ناحية الباب:

" هل أعجبتك ؟ "

التفت ُ إليها فإذا بي أراها مبتسمة مسرورة بما أنجزت...

قلت :

" عظيم ! لكن لابد أنّك أجهدت ِ نفسك كثيرا لإزالة أكوام الغبار ! "

" ساعدتني أمّي و لم تكن مهمّة صعبة ! "

أعدت النظر من حولي مسرورا... كل شيء يبدو نظيفا و منظما... بدأت أشم رائحة الماضي... و استعيد الذكريات...

هذا سريري الوثير... و هذا مكتبي القديم... و هذه مكتبتي الكبيرة... و هذه كتبي الدراسية و الثقافية ... مرصوصة إلى جانب بعضها البعض بكل شموخ... و كأن تسع سنين و أكثر لم تمض ِ على هجرها و إهمالها... ها هي تقف في أرففها معززة مكرمة من جديد !

فجأة... انتبهت ُ إلى شيء مهم...

اقتربت من المكتبة و وزعت نظراتي على جميع أجزائها ... ثم التفت إلى أروى و سألت بقلق :

" أين الصندوق ؟ "

نظرت إلى أروى بعدم فهم :

" أي صندوق ؟؟ "

قلت موضحا :

" صندوق الأماني ... اسطوانة ورقية مغطاة بالطوابع... كانت هنا "

و أشرت إلى الموضع الذي كنت قد تركته فيه ليلة أن أبت رغد فتحه...

بدا على أروى الفهم فقالت :

" تقصد ذاك الشيء المجعّد البالي ؟ "

" نعم . أين هو ؟؟ "

كانت أروى تنظر إلي باستغراب ثم قالت :

" رميتـُه ! "

دهشت... هتفت بانفعال :

" رميتـِه !! "

" نعم...ظننته قمامة و ... ... "

~~~~~~~

لم أتم جملتي ... إذ أن وليد هتف غاضبا :

" أي قمامة ؟ لم فعلت ِ ذلك ؟؟ "

ثم خرج من الغرفة باحثا عنه و استخرجه من سلة المهملات !

بدا الموقف سخيفا لكنه أثار فضولي و دهشتي... سألته مستغربة :

" لم تحتفظ بشيء كهذا ؟؟ "

أجاب بحنق :

" إياك و لمسه ثانية يا أروى... "

و لما رأى منّي نظرات الاستنكار عاد يقول بحدّة :

" إياك ... أتفهمين ؟ "

حقيقة أنا لم أفهم شيئا... لكن فضولي قد تفاقم خصوصا و أنا أراه ينفعل بهذا الشكل... ثم يعيد ذلك الشيء المجعد تماما إلى المكان الذي كان فيه !

استغرب ... ما أهمية علبة ورقية مجعدة مغطاة بطوابع طفولية قديمة ... لرجل في الثامنة و العشرين من عمره... على وشك إدارة أكبر مصنع في هذه المنطقة ؟؟

لابد أن أعرف...

في وقت لاحق، تسللت إلى غرفة وليد خلسة و تناولت تلك العلبة... و تأملتها...

اكتشفت وجود هذه الجملة مكتوبة عليها : ( صندوق الأماني ) ... و اكتشفت أنها تحوي فتحة صغيرة في أحد طرفيها و بأن في داخلها أوراق ما!

تملكني الفضول الشديد لفتح العلبة و معرفة محتواها... و ليتني فعلت!
تذكرت تحذير وليد و احتراما و طاعة لأوامره... تراجعت في آخر لحظة و أعدت العلبة إلى مكانها...
لكن... ألا يتملككم الفضول مثلي لمعرفة... قصّة هذه العلبة ؟؟

و لو علمت قصّتها الآن... لتغيرت أمور كثيرة لم أدركها... إلا بعد زمن طويل...
*********************
إلي هنا ينتهي الفصل السابع والثلاثون من رواية أنت لي بقلم منى المرشود
تابع من هنا: جميع فصول رواية أنت لى بقلم منى المرشود
تابع من هنا: جميع فصول رواية آدم بقلم جودى سامى
تابعوا صفحتنا على الفيس بوك للمزيد من روايات حب
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة