-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية أثواب حريرية - إلهام رفعت - الفصل التاسع عشر

مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة وأجمل الروايات الممتعة والروايات الرومانسية مع رواية رومانسية اجتماعية واقعية وصعيدية جديدة للكاتبة إلهام رفعت ورواياتها التى نالت مؤخرا شهرة على مواقع البحث نقدمها علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل التاسع عشر من رواية أثواب حريرية بقلم إلهام رفعت

رواية أثواب حريرية بقلم إلهام رفعت - الفصل التاسع عشر

اقرأ أيضا : حدوتة قبل النوم

رواية أثواب حريرية - إلهام رفعت
رواية أثواب حريرية - إلهام رفعت

 رواية أثواب حريرية بقلم إلهام رفعت - الفصل التاسع عشر

تابع من هنا: روايات رومانسية جريئة

اغتبطت حين ناداه أحدهم لتختفي حدة ارتعادها من افتعاله لما تخشاه، لحظات سريعة وكانت غزل تركض هربًا منه ناجية من تعسفه الذي باتت تأخذه في اعتبارها، سار يوسف ليتابع عمله ولسانه يقطر توعدًا لها، وهو يحمل طلبات الحفل مع البقية لم يضمر غرابته مما أصبحت عليه، ردد في نفسه باستياء:
-هي دي غزل اللي مربيها على يدي، كيف تبجى إكده، هو دا يعني اللي عاوزاه واللي هتحبه!
تهكم في قوله الأخير وتعجب، أيضًا شجن مجرد رؤيته لها وهي لم تعد تهتم لحديثه كالسابق، أدرك في تلك اللحظة بأنه حتمًا سيخفي حقيقتها، فإذا علمت لن يفرض أوامره عليها، اقتنع بذلك مقررًا أن يتوانى قليلاً حتى يتسنى له أن يقترب منها ويحصل عليها بطريقته..............!!
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
على النقيض هي، ترهبه بشدة عكس ما تخيل، وقفت غزل تتابعه من خلف النافذة بأعين ثاقبة، مدركة بأنه لن يغفر لها، من شدة خوفها الممزوج بحزنها قالت:
-يوسف مش هيعديهالي، هيفتكر إني جبت العار، يا ريتك ما جيت
ثم ابتعدت عن النافذة وهي تنفخ بضيق، جلست على المقعد ناظرة أمامها متحيرة ماذا ستتخذ من قرار؟، رجحت أن تعود معه وتتناسى كل شيء هنا قائلة:
-أحسن حاجة أرجع معاه، وأقوله أي حاجة هيسامحني، يوسف أصلاً ميقدرش يزعلني
تأملت خيرًا من رغبتها تلك وتنهدت معتزمة الذهاب له في الصباح والرحيل برفقته...
حين دخلت فتحية الغرفة بعد انتهاء الحفل وعنائها حينها الذي اهتاف عليها توجهت لتريح جسدها المنهك وجدتها جالسة على التخت بثياب نومها وزائغة، بل تتحدث أحيانًا مع نفسها، جلست جوارها ثم شرعت في تدليك كعبي قدميها، خاطبتها باستنكار:
-أنا افتكرتك هتفضلي في الحفلة لحد ما تخلص
لم تعقب غزل لتظل كما هي، لا تهتم بكل ما حولها فشاغلها الوحيد ماذا سيفعل يوسف معها؟، نظرت لها فتحية بدهشة كبيرة ثم استفهمت:
-غزل سرحانة في أيه؟، اللي واخد عقلك!!
لفظها لاسمها جعلها تنتبه، ردت بتوتر:
-خالتي مش فايقة دلوقت، يا ريت تسيبيني باللي أنا فيه
اعتدلت فتحية في جلستها مهتمة بحالها، تأملت تعابيرها الباهتة وقالت:
-طيب احكيلي أيه اللي شاغلك كده، أنا خالتك حبيبتك، فضفضي واتكلمي
نظرت لها غزل مطولاً، لم تكن مترددة بل خوفها شتت كلماتها، ردت بقلق ظاهر:
-يوسف هنا وشافني بالهدوم اللي كنت لبساها وشعري العريان، كان باين عليه عاوز يقتلني
زمت فتحية ثغرها قائلة بلا مبالاة:
-مش هيعملك حاجة، إنتي بس ارجعي زي الأول غزل اللي نعرفها وكل حاجة هتكون تمام، ووقتها بقى سافروا البلد تاني
وجدت حديث خالتها يتفق مع ما قررته، أكملت فتحية بمفهوم حمل الخوف عليها:
-هنا مش هتعرفي تعيشي، أديكي شوفتي حصلك أيه هنا، في البلد هتروحي مدرستك، وإنتي كده كده شوية وهتمتحني وكنتي هترجعي
اطرقت رأسها بحزن فلم تنكر مدى تعلقها بأن تعيش هنا، ردت باذعان:
-خلاص يا خالتي همشي معاه
ثم حملقت فيها متابعة بتوجس:
-بس خلي يوسف ميضربنيش ولا يعملي حاجة
ابتسمت فتحية لها بود وقالت بنبرة أراحتها لعلمها بتعلق الأخير المجنون بها:
-مش هيضربك أنا متأكدة، دا إنتي غالية عنده...........!!
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
درست خطوتها القادمة بتمكن، فتلك النظرات تتيقنها جيدًا، كيف له أن يتنازل ويتحدث مع الخادمة هكذا، من غير المعقول أن تصدق تودد عابر بينهما، لا ليس كذلك! فما رأته يلفت انتباه الأخبل لهما وابتسمت بمكر...
سارت قسمت في غرفتها هنا وهناك تفكر بعقلانية مربحة لنفسها الضارية للثأر من جميعهم، أجل فتلك فرصتها، توقفت موضعها وعينيها تحدق في التليفون تنظم بدهاء ما عليها قوله، قالت بادراك:
-الموضوع مش سهل، لازم أعرف كويس هقول أيه
مرت لحظات قليلة وكانت انتهت، تنهدت لتتأهب جيدًا؛ كي تبلغ أهدافها، أمسكت بسماعة التليفون ثم شرعت في تدوير رقم الأخير، ردت الخادمة أولاً ولم يتأخر هو في سرعة رده، هتف بتلهف:
-قسمت، فينك من آخر مرة؟
جلست قائلة بنظرات فاحت منها الدسيسة:
-اسكت يا أنيس، أنا عندي ليك خبر مش هتصدقه
هتف بشغفٍ مدروس:
-قولي بسرعة حصل أيه، لو بخصوص اللي حصل انا سيرتي مجتش في الموضوع، العمارة بتاعتي بس مش باسمي
كانت مدركة بأنه ليس بتلك السهولة ليقع فيفخ قد نُصب له، ردت موضحة بجهامة:
-الموضوع بخصوص هالة!!
هذا الاسم أعاده للخلف سنوات قلبت فيهم مشاعر مختلفة مكنونة استلهبت قلبه، رد بهدوء عجيب:
-مالها هالة؟!
لم تجادل كالماضي في علاقته بها فليس الآن، قالت بحقد مدفون:
-طبعًا إنت عارف إن هالة كانت جابت بنت منك
تحفزت حواسه مهتمًا بحديثها المتقطع والمريب، ابتسمت مردفة بمغزى وقد أذاعت مكرها:
-بنتك عايشة يا أنيس، متحرقتش مع هالة وعيلتها
دقة شاردة بل وخزة غائرة غزت قلبه جعلت رؤيته تتشوش، حيث ذهب عقله لآخر مرة قد رأى ابنته فيها، لم تكمل شهرها الأول، سأل بألم وقد لمعت عيناه بدموع:
-هي فين؟
تصنعت الحزن وقالت مماطلة إياه:
-أنا لسه باشوف الموضوع، فيه واحدة كانت صاحبتنا هي اللي قالتلي إنها مماتتش معاهم وعارفة مين خدها وقتها وربوها
-يعني إنتي مشوفتهاش بعينك؟
بهت وهو يسألها، استنتجت قسمت لهفته عليها وحقدت، كبحت أن تفشي غيظها كونه يحب الأخيرة إلى الآن، ألهبت حواسه حين قالت بخديعة:
-هتشوفها يا أنيس، يومين كده وهعرفلك أراضيها، أنا علشان باحبك مخبتش عنك
انضوت عليه كذبتها المحنكة فنطق بلسان عسر:
-يا ريت يا قسمت، هحليلك بوقك لو جبتي بنتي
ابتهجت داخليًا ووجدت بأن ذلك أفضل، فليس الآن ليعرف من هي؛ كي لا يرتاب في أمرها، رغم أنها تريد اذاقته من كأس تدنيسه لها لكن تبدلت الظروف، ردت بمحبة زائفة:
-هتشبع منها، بس اوعى تتخلى وقتها عنها................!!
___________________________________

تقطع نومها لتفيق عدة مرات، حتى جاء في حلمها، اعتدلت غزل مستندة بظهرها على الوسادة متوجسة، لا تعلم لما كل هذا القلق ليجافيها النوم؟، مر وقت تفكر فيه ردة فعل يوسف حيالها حتى ملت، نهضت لتفعل أي شيء يلهيها عن ذلك، ارتدت جلباب جلبته معها ثم دلفت للحديقة، مجرد أن خطت للخارج وجدت من يسحبها من ذراعها حتى شهقت بخوف كأنه ينتظرها بين الفينة والأخرى، رددت دون وعي:
-يــوسف!!
ألصقها بالحائط من خلفها فجحظت غزل عينيها حين وجدته السيد، قالت بتلعثم:
-سـ سـ سعادة البيه
انزعج مراد من نطقها اسم شخص آخر واستفهم:
-مين يوسف؟
ازدردت ريقها في توتر وردت لتمحي شكه:
-دا أخويا، أصله هنا وجاي ياخدني معاه
عبس قائلاً باحتجاج:
-متمشيش، أنا عاوزك خليكي
دهشت من حديث السيد لها، كذلك نظراته التي اربكتها، تنبهت التصاقه بجسدها وذراعيه التي تطوقها فقالت وهي تبعده:
-عيب يا بيه
ابتسم مراد في سخط، قال بنبرة لم تعجبها:
-أحسن منك يتمنى
كبحت ضيقها من اسلوبه معها، ردت بتعالٍ:
-أنا متربية كويس، واعرف الغلط فين، ومش معنى إنك سيدي أسيبك تلمسني كده
تبدلت نظراته للأعجاب وقال بمكر:
-عاوزة تتجوزيني يعني؟
لم تعلق عليه، لكن ردت بدهاء أشد:
-وتتجوزني ليه، إنت في حالك وأنا في حالي
عاود التقرب منها فاضطربت، رد بضيق:
-غزل متعمليش مش فاهمة، إنتي صغيرة آه بس تعرفي أنا عاوز أيه كويس
تأجج خوفها من طلبه لها شيء قبيح، لم يدم ذلك الخوف حتى أكمل:
-إنتي عجباني ومن زمان مافيش واحدة حركتني كده، تتجوزيني؟
حدقت به بأعين متفاجئة، لم تتوقع طلب السيد لها، فكيف؟، لن يوافق أحد على ذلك، بالفعل صدق تخمينها وهو يقول بجدية:
-هنتجوز في السر!
ابتعلت غصة في حلقها فذلك آخر ما تمنت أن يحدث كونها تريد حياة طبيعية يغمرها الحلال، ردت معلنة رفضها لذلك:
-اللي عاوزني يكون قدام الناس، علشان كده حرام
ثم دفعته بكفيها ليبتعد، قال منزعجًا:
-هنتجوز عادي بس محدش هيعرف، محدش يهمني، كل الحكاية مش عاوز أزعل جدي
أمسك بكف يدها متابعًا:
-النهار ده يا غزل، وهنتقابل في شقتي
وقفت متحيرة وفكرها متزعزع، مرر نظراته المعجبة عليها وقال:
-أيه مش عاوزاني، مش عاجبك
كذبت ما يحدث الآن فمتى رغب بها؟، يبدو أنه يضمر الكثير، ردت بعقلانية وهي تتحرك:
-خليني أفكر
استاء من تدللها عليه، أوقفها وهو يقول بحزم:
-عاوز اسمع دلوقت
استدارت له لترى احتدام نظراته نحوها، وضعها في خانة اليك ولم يمنحها فرصة الأختيار، لكن وجدتها فرصة سائغة فكم تمنت أن تجمعها علاقة به، فلم الرفض الآن، ردت بقبول:
-مــوافقة
زالت حدته ثم اقترب منها فتوترت، أمرها بصريمة اضرمت قلقها:
-مش عاوز أي حد يعرف، حتى خالتك...................!!
____________________________________

هذي ببعض الكلمات الغير مفهومة اغلبها أثناء نومه، استمعت له نوال النائمة بجانبه ثم اعتدلت فورًا، حملقت فيه بقلق جم فالعرق يتصبب من جبينه كأنه يحارب أثناء نومه، سريعًا كانت تهزه كي يفيق وتبعد عنه الهواجس وقالت:
- يوسف، اصحى يا حبيبي
استمرت هكذا حتى فتح عينيه بتقاعس، انتبه أنه على فراشه ثم تنفس باطراق، رفع جزعه قليلاً على الوسادة فتابعت:
-باين كنت بتحلم
حين شحذ قواه واستجمع كلماته رد:
-أبويا، حلمت بيه ومكانش حلو، كان زعلان
قالت وهي تمسح على رأسه:
-إن شاء الله هيكون حلو، إنت بس علشان أول مرة تبعد عنهم فقلقان
ما زالت دقات قلبه موجودة وهو يتذكر معاناة والده، تنهد باختناق فتخيل احتياج والديه له، قال بجدية:
-عاوز ابعتلهم فلوس، تلاجيهم محتاجين دلوق وممعهمش
رحبت بذلك قائلة بألفة:
-عندك حق، دول أهلك ولازم تنشغل بيهم، أنا مستعدة ابعتلهم اللي تقول عليه
نظر لها بعدم رضى فاكملت مصححة فهمه:
-دا على ما تقبض وابقى ردهملي تاني
وافق على ذلك قائلاً:
-بكرة هبعتلهم، وكمان عاوز اكتبلهم كلمتين إكده اطمنهم عني
ابتسمت كي تريح من اضطراباته، قالت بحب:
-هقوم احضرلك أحلى فطار، خلاص النهار قرب يطلع
ثم نهضت بنشاط فتابع خروجها بملل، تذكر أمر الأخيرة فتحولت قسماته للازعاج وقال:
-مبجتش اعرف هاعمل أييه، كل حاجة انجلبت عليا، كنت جاي علشانها ودلوق معرفش هسوي أيه مع الحُرمة اللي معايا دي
كلح كليًا فكيف له أيضًا أن يترك والديه هكذا، عرف وجهته معتزمًا أن يعود وجميعهم معه، وعليه الاعتذار من نوال فالذنب له هو...
ولجت نوال بصينية الطعام وقد أشرق وجهها، دنت من الفراش لتضع الطعام أمامه وقالت باستنكار استمرار ضيقه:
-اوعى تكون لسه زعلان، ما قولنا خلاص بقى، يلا علشان تفطر.....................!!
_____________________________________

ارتعش جسدها حين لامست يدها بشرته الباردة، ناهيك عن تصلب جسده وسكون أنفاسه، دون الحاجة للتفكير تيقنت أنه تركها، أطلقت صرخة مفجوعة وهي تتفحصه مرددة:
-مت كيف يعني، سايبني لمين يا حسن؟
تجمعت العبرات في مقلتيها لتجلس بجانبه وقد لاح الاعياء قسماتها، بكت بحرقة وهي تتطلع على وجهه المسجور والذي زالت منه معالم الحياة، قالت بوجع:
-متستهلش إكده، إزاي تموت زعلان، يوسف وغزل وأمل جاين، ليه مستنتهمش يا حسن
انفجرت أكثر بالبكاء واضحت قليلة الحيلة، فمن أين ستجلب ثمن دفنه، لم يعد معها أي شيء فقد أنفقت ما بحوزتها، قالت بأسى:
-مش إمعايا حتى ادفنك
طغا عليها التعب والخمول، هي سيدة كبيرة وقوتها قد ضعفت، نظرت الفراغ وقالت:
-يوسف ابني، فينك يا جلب أمك، كنت مهتخلنيش اشتغل ومريحني، عارفة إنك هتزعل على اللي بجينا فيه
تسعر نحيبها وهي تتابع بنبرة تفطر القلوب:
-أبوك مات تعالى
ثم وجهت بصرها للأعلى مستنجدة بالقدير ليرحم ضعفها وقلة حيلتها، تابعت بمناجاة:
-خدني آني كمان وارحمني زيه، أنا مهستحملش...................!!
___________________________________

تضع الأطباق على المائدة مدركة نظراته التي يستلبها نحوها، لم تكن بمفردها التي لاحظت، كانت قسمت لهما بالمرصاد وتتابع بمكر، ملأ غزل غيرة لا تعرف سببها حين مالت عليه زوجته الفظة وتتدلل عليه ثم تأففت في نفسها لترحل...
ابتسم مراد حين استشف غيرتها تلك، قالت هدير وهي تتأبط ذراعه بعشق:
-لحد دلوقت مش مصدقة إننا اتجوزنا، أنا دلوقتي زاد حبي ليك يا مراد
اكتفى بتزيف بسمة صغيرة لها، تدخل ماهر قائلاً بسخطٍ داخلي:
-مش قدامنا يا هدير، باين مراد مكسوف يقولك كلمتين حلوين قدامنا!!
هيئة مراد الجافة اعربت عن اجباره للزواج منها، رد عليه بنفور مكبوت:
-أيوة زي ما قولت كده
ثم ابعد يد هدير التي تكبله، خاطبها بجمود وهو ينهض:
-أنا عندي شغل
نهضت هي الأخرى قائلة باعتراض:
-لسه مفطرتش يا مراد، أنا عملت حاجة ضايقتك
ظهر امتعاض سميحة مما يفعله مع ابنتها، بينما اتسعت بسمة قسمت مما يحدث، رد عليها بمحبة مصطنعة:
-لا يا حبيبتي، هو الشغل اللي بيضايقني
ليقصي حزنها طبع قبلة على خدها جعلتها تبتسم بتهلل، خاطبته بمودة:
-هنخرج نتعشى سوا النهار ده
فاجأته بقرارها هذا ليتأفف، وافق على مضض منه:
-طيب اللي تشوفيه
أحبت هدير نبرته العطوفة معها، عفويًا قامت بمعانقته وهي تشرأب بقدميها؛ كي تصل لمستواه بالكاد وقالت:
-هستناك
احرجته بحركاتها الجهولة ثم ابعدها، قال متنحنحًا:
-يلا أشوفك بليل
لم يمهلها الفرصة لتقول المزيد حيث تحرك سريعًا، في طريقه اصطدم بـ غزل التي تحمل الطبق متعمدًا، بعجالة همس لها:
-كمان ساعة في عربية برة هتيجي تاخدك
ثم اكمل سيره تاركًا إياه خلفه مشدوهة ومضطربة، تابعت تحركها نحوهم راسمة للثبات ثم شرعت في وضع الطبق، حدثت سميحة ابنتها باطلاع:
-هدير اللي بتعمليه ده يكون بينك وبين مراد، هو جوزك بس كده غلط، احرجتيه
ردت بلا مبالاة:
-هو أنتم اغراب، إنتم أهلنا، برة مش هاعمل كده
تدخلت قسمت بعد فترة صمت باتت فيها كالمتفرجة وقالت بخبث داخلي:
-طالما كده كانوا اتجوزوا وخلصونا، مش عارفة ليه شرط مراد إنه يستناها لما تخلص
أوجمت هدير من ذلك فردت سميحة بعدم ممانعة:
-السنة قربت تخلص، يعني مفرقتش كتير، المهم مراد لـ هدير والكل عارف كده
لم تتحمل غزل حديثهم هذا فغادرت متضايقة، نفخت وهي تتحرك ناحية المطبخ تحت نظرات قسمت القاتمة، خشيت أن تقلل من قيمتها بزواجها بتلك الطريقة المستقبحة وتندثر كرامتها، قالت في نفسها وهي تلمع الاطباق:
-آخرة الجوازة دي أيه، مش معقول هيفضلني على بنت عمه
ثم تابعت بدعاء وتمنٍ:
-يا رب اقدرلي الخير...................!!
____________________________________

افزعته صراخات سيدة ما فهرول ناحية الباب، فتحه ضرغام بسهولة ثم توجه لهبوط الدرج وهو يرتدي جلبابه...
أثناء هبوطه الدرج وجد تجمع من الناس أمام باب السيدة فتنة، مرق من بينهم حتى وصل لـ نسمة التي تولول وتصك وجهها، دنا منها واستنبط من هيئة السيدة فتنة ما حدث، ردد بغرابة:
-لا حول ولا قوة الا بالله، كان عنديها أييه؟
انتبهت نسمة لحضوره، نهضت من جوار السيدة فتنة قائلة ببكاء عظيم:
-الست فتنة مرة واحدة لقيتها مش بترد عليا، بهزها لقيتها مش بتاخد نفسها
وجه بصره للسيدة المسجية على الأريكة واستنكر رحيلها المفاجئ هذا، لكن قدر الله وما شاء فعل، قال بشهامة:
-الست دفنتها عليا، دي وحيدة وملهاش حد
نكست نسمة رأسها وقالت بضيق ذراع:
-أروح لمين دلوقت، أنا خلاص اتعودت عليها واكيد هتبهدل من بعدها
جاءت سيدة من الحارة وقالت لها بمواساة:
-ربنا كبير يا بنتي وأكيد مش هيتخلى عنك، إنتي حلوة وصغيرة متعمليش في نفسك كده
وضعت نسمة رأسها على كتف السيدة لتقول ببكاء:
-حظي وحش أنا عارفة، المفروض كنت أنا اللي أموت
هنا بالفعل بكت نسمة من أعماق قلبها فلم تتخيل أن تصل لهذا الطريق الضال، لم يعلق ضرغام على ما قالته لكن اشفق عليها، قال بمفهوم:
-إكرام الميت دفنه، مهينفعش نسيب الست كتير راجدة إكده
هزت رأسها بتفهم ثم كفكفت عبراتها، شرعن النسوة في الالتمام حول السيدة فتنة ثم حملناها بلطف كي يتم تغسلها والاستعداد لمراسم دفنها...............!!
____________________________________

وهي برفقته وتتحدث في أمور مختلفة لاحظت حالته الشاردة ورده المقتضب عليها، حضر أخيها الذي يمارس مهنة المحاماة حاملاً لبعض المستجدات بخصوص ما حدث، جلس منهكًا فخاطبته بفضول:
-عملت أيه يا توفيق؟
أخذ نفسا طويلاً، قال باغتباط:
-كل حاجة مشيت زي ما احنا عاوزين، بس يا خسارة العمارة اتحفظت عليها النيابة، يعني راحت منك يا أنيس
التفتت سناء له لـ أنيس فرأته كما هو لا يهتم، عقدت جبينها باستغراب وقالت:
-أنيس ما تصحصح كده معانا
انتبه لينظر لها، تابعت بعبوس:
-توفيق بيكلمك وإنت مش معانا خالص
تنهد وهو يوزع نظراته عليهما، قال بعدم اهتمام:
-خليه يعمل اللي يشوفه، المهم يخرجني من كل ده
-بيقولك العمارة راحت عليك
-تروح ما يهمنيش
قالها وهو ينهض تاركًا إياهم مذهولين، استفهم توفيق بغرابة:
-ماله ده؟
تحيرت سناء هي الأخرى وحملقت فيه وهو يقف في الشرفة بمفرده، قالت بظلمة:
-يا ترى حصل أيه تاني، أكيد الموضوع فيه قسمت...!!

حدق أنيس بالخلاء أمامه متذكرًا حديث قسمت معه، خشي أن تكون تتلاعب به وبمشاعره، قال في نفسه بنفي:
-مظنش تكذب عليا، هي عارفة إني مش عبيط علشان اصدقها بسهولة، اكيد بنتي عايشة، علشان ملقوهاش يوم الحريقة
تبهج قلبه وتلهف حتى زين ثغره بسمة عجيبة، ردد بعدم تصديق:
-معقول عندي بنت من صُلبي، يــاه، أنا أب!!
حن لمشاعر الأبوة وجرفته لسيل من الحنان سيغدق به فلذة كبده بالتأكيد، تابع بعزيمة قوية:
-بنتي هتكون معايا، محدش هياخدها مني خلاص..................!!
______________________________________

قهقهت بصوت عالّ وهو يحاول حملها كنوع من محبته لها تعويضًا لفترة غيابه عنها، طوقت أمل عنقه وقالت وهي في أحضانه:
-مش هتعرف تشيلني
رد وهو ينهج باستسلام:
-باين كده، خسي شوية
لوت فمها فالعيب يكمن في عُمره الكبير، ردت محتجة:
-أنا حلوة إكده، شوف السبب هياجي إمنين
رد مبتسمًا ببلاهة:
-عندك حق، إنت حلوة وعاملة زي المربى
قطبت جبينها واستفهمت:
-مربى يعني أيه؟!
رد وهو يضمها إليه بقوة:
-أكله حلوة قوي ومسكرة زي شفايفك الحلوة دي
ثم استرق قبلة فضحكت، قالت بحزن مزيف:
-يا ترى جبتيلي أيه إمعاك من البندر
تذكر أسعد الحقائب فقال بحماس وهو يسحبها ناحيتهن:
-تعالي اتفرجي
شغفت في معرفة ما جلبه لها، فتح الحقائب وعاونته، ظهرت الأثواب البراقة ذات الألوان المختلفة، سحبت أحدهم لتتأمله بسعادة غامرة، رأت آخر لا يقل جمالاً عنه، جذبتها الأثواب فتهللت قائلة:
-كل الخلجات الحلوة دي بتاعتي
رد مؤكدًا ويده تتمرر على ظهرها:
-بتاعتك يا أمل، ولسه فيه حاجات تانية أحسن
فتح علبة مزخرفة فشهقت بذهول وهي ترى أساور من الذهب الخالص، أخذتهن منه مرددة باستنكار:
-الغوايش دي ليا؟!
سحب الأساور من العلبة كي يلبسها إياهن، تأملت كيف زينوا ساعدها ولمعت عيناها، جعلها ترتدي الأخيرة وقال:
-عجبوكي
لامستهن بأناملها وهي غير مستوعبة كل ذلك ثم هزتهن، التفتت له وقالت ممتنة:
-ربنا ما يحرمني منك يا رب
ثم احتضنته بشدة فضمها إليه، قال بألفة:
-هجبلك أكتر يا أمل، لسه ما شوفتيش حاجة
ردت بمسرة:
-وآني هابجى ملك إيديك...................!!
___________________________________

وكّل ضرغام يوسف بدلاً منه ليتولى مراسم دفن السيدة فتنة واستقبال الحضور حين غادر منتصف الوقت مستجيبًا لأمر سيده مراد..
عند مأذون ما جلس مراد برفقة اثنين من رجاله منتظرًا مجيء ضرغام الذي حضر في غضون نصف الساعة، خاطبه مراد بامتعاض:
-أيه يا ضرغام، كل ده غياب؟!
جلس ضرغام أمامه وقال:
-الست فتنة اللي ساكنة تحتي تعيش إنت، وملهاش حد فـ.....
قاطعه مراد متأففًا:
-خلاص الله يرحمها
تقبل مراد عذره فلم يكن سبب ضيفه هو غيابه، فقد تأخرت الأخيرة وهذا أساس حالته العصبية، بعد تردد كبير سأله ضرغام:
-إحنا هنا ليه يا مراد بيه؟!
رد باقتضاب ألجم لسانه:
-هاتجوز
صمت ضرغام ولم يجادل، لكن توالت استفهماته فقد عقد قرانه أمس، مرت ساعة وهم على حالهم والمأذون متخوف من سؤاله عن سبب التأخير، لكن نفخ مراد بغضب ليسب من بين شفتيه، حالته المتجهمة لم تشجع أحد للحديث معه، ردد مراد مع نفسه بامتعاض:
-اتأخرت ليه دي؟، معقول مش جاية
انتظر ساعة أخرى حتى وصل لقمته محدثًا نفسه:
-ماشي يا غزل، أنا تعملي معايا كده
ثم نهض متيقنًا أنها لن تأتي، توعد لها وغضب، قبل أن يأمرهم بالرحيل وجدها تدلف برفقة السائق، رمقها باستشاطة سرعان ما زالت بسبب ملاحظته لجرح في جبينها، تحركت نحوه فقابلها مستفهمًا بقلق:
-أيه اللي حصلك؟
ردت وهي تتحسس جبينها بحذر:
-السواق كان هيعمل حادثة بس ربنا ستر، اتخبطت في شباك العربية
لاح خوفه عليها وهو يمسك بيديها، تطلع ضرغام عليهما بصدمة، من هذه الفتاة الذي يتلهف السيد عليها هكذا؟، سحبها مراد لتجلس بجانب مقعده، قال وهو يجفف جرحها بمنديله:
-دا جرح بسيط، هيخف بسرعة!
ابتسمت لاهتمامه، كذلك سعد هو من مجيئها ولم تخيب ظنه، التفت مراد للمأذون وأمره:
-يلا ابدأ
توترت غزل مما يحدث ولم تخفي فرحتها فستضحى زوجة سيدها، وجه مراد بصره لـ ضرغام وحدثه:
-ضرغام إنت وكيلها، أصلها صغيرة
فطن السبب في وجود رجلين غيره، لم يمانع بل امتثل لرغبته ولم يمنعه رغم رفضه الأمر، شرع المأذون في عقد القران ومراد يتطلع عليها بنظرات اخجلتها....
حين افرغ المأذون من مهمته أغلق دفتره، نهض مراد ممسكًا بتملك بيد غزل، خاطب ضرغام بحزم:
-خد الرجالة على المخزن، علشان مش هابقى فاضي، واللي حصل هنا بينا
تفهم عليه هازًا رأسه، أولاً غادر مراد برفقتها وكذلك ضرغام الذي لم يعي ما يحدث، توجه مراد لسيارته وحين جلست غزل بجانبه لاحظ شحوب وجهها وانكماشها، سألها باندهاش:
-غزل إنتي تعبانة؟!
نظرت له ويظهر عليها التخوف، ردت بتردد:
-إحنا رايحين فين؟
رد بمفهوم:
-على شقتي
اضطربت قائلة بتذبذب:
-ليه؟
سؤالها جعله يدرك سبب حالتها، زم شفتيه حين تفهم، قال بتروٍ:
-أنا جوزك
بدا عليها عدم الاستعداد، لذا لم يجبرها وتأنى، رد بهدوء:
-طيب هسيبك النهار ده
نظرت له بامتنان ممتزج بالراحة، قال بتسلية:
-طيب ما فيش حاجة كده، أنا راجل بقالي سنين ملمستش واحدة................!!
____________________________________

قدمت أكثر مما أخذت، عاشت عمرها في بُلوحٍ أكمد روحها قبل أن يضعف جسدها، لأول مرة رغم فقرها تتسول كي تأتي بثمن دفن زوجها، وقفت سعاد حينها متحيرة يائسة عن تقديم الأفضل له، فقط اكتفت بالدعاء له عله يجدي معه، ملتزمة ببكائها الذي لم يتوقف...
ابتسمت بألم فهي بمفردها، يستحق زوجها الأفضل فقد كرّس حياته للحلال رغم افتقاره لكل ملذات الحياة، جلست على مصطبة بجوار المدافن تبكي على كل شيء...
وضع أحدهم يده على كتفها فنظرت له متأملة أن يكون ابنها، خاب ظنها حين وجدت المرأة المخبولة تبتسم لها، تجاهلتها سعاد فجلست هانم عند قدميها، مدت لها يدها بقطعة من الخبز الطري وقالت:
-وكل حلو
نظرت سعاد له مطولاً، لم تأكل من البارحة وتتضور جوعًا، قبل أن تمسك به نظرت لـ هانم لبعض الوقت ممتنة لمشاركتها لها موقفها المحزن من بين الجميع، أخذته سعاد بأيدٍ مرتعشة وهي تبكي أكثر من الأول حزينة على وضعها الذي باتت عليه، تابعت هانم وهي تلتقم الخبز بشراهة:
-تعالي إمعايا كل يوم هناخد أكتر
أجهدها البكاء ولم تعد تحتمل لتكف عنه، خاطبتها سعاد بإعياء:
-ساعديني أروح، مجدراش أمشي....................!!
____________________________________

قامت من مكانها مصدومة والأخير يخبرها عبر التليفون أنه تزوج بها، فقد أمرت قسمت بمن يراقبه ويطلعها بخطواته، اغلقت السماعة ثم رددت بذهول:
-بالسرعة دي يا مراد، وأنا اللي قولت استنى اتأكد الأول
ثبت مخططها الشيطاني واعتزمت، جلست ثانيةً لتمسك بالسماعة شارعة في مهاتفة أنيس عدوها اللدود، قالت وهي تنتظر الرد:
-اشبعي يا سميحة، أما أنا فرحانة فيكي فرح، علشان تبطلي تشمتي فيا
انتظرت قسمت على أحر من الجمر رغم سرعته في الاستجابة، هتفت بحماس سافر:
-عرفتها يا أنيس، مش هتصدق مين
ردد بشغف كاد أن يوقف قلبه:
-بنتي مين، انطقي يا قسمت مبقتش مستحمل
عبثت بعقدها المتدلي وقالت:
-غزل!!
قال ساخرًا:
-غــزل... هتهزري!!
قالت بثقة جعلته يتوتر:
-أنا عندي الدليل اللي هيخليك تتأكد
استفهم رغم عدم اقتناعه:
-وأيه دليـــلك؟! ....................................
*********************
إلي هنا ينتهي الفصل التاسع عشر من رواية أثواب حريرية بقلم إلهام رفعت
تابع من هنا: جميع فصول رواية أثواب حريرية بقلم إلهام رفعت
تابع من هنا: جميع فصول رواية أرض زيكولا بقلم عمرو عبدالحميد
تابعوا صفحتنا على الفيس بوك للمزيد من روايات عربية
أو أرسل لنا رسالة مباشرة عبر الماسنجر باسم القصة التي تريدها
اقرأ أيضا: رواية احببتها في انتقامي بقلم عليا حمدى
يمكنك تحميل تطبيق قصص وروايات عربية من متجر جوجل بلاي للإستمتاع بكل قصصنا
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة