-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية أثواب حريرية - إلهام رفعت - الفصل السادس والعشرون

مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة وأجمل الروايات الممتعة والروايات الرومانسية مع رواية رومانسية اجتماعية واقعية وصعيدية جديدة للكاتبة إلهام رفعت ورواياتها التى نالت مؤخرا شهرة على مواقع البحث نقدمها علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل السادس والعشرون من رواية أثواب حريرية بقلم إلهام رفعت

رواية أثواب حريرية بقلم إلهام رفعت - الفصل السادس والعشرون

اقرأ أيضا : حدوتة قبل النوم

رواية أثواب حريرية - إلهام رفعت
رواية أثواب حريرية - إلهام رفعت

 رواية أثواب حريرية بقلم إلهام رفعت - الفصل السادس والعشرون

تابع من هنا: روايات رومانسية جريئة

بعد منتصف الليل حيث عم السكون المكان وجدت نفسها على أرضية رخوة ليست بنظيفة، حين فتحت أمل عينيها انتبهت بعد وقت أنها بحظيرة المواشي، دُهشت كليًا واستغربت كيف جاءت إلى هنا؟، اعتدلت مستندة على ساعديها ثم شهقت بفزع وابن سيدها منتصر يقف أمامها يتطلع عليها بنظرات غامضة، ابتلعت ريقها وبدا عليها الروعة، بطرف عينيها لمحت سيدة كبيرة في السِن تقف منزوية جانبًا وبمنشفة صغيرة تجفف يديها، رمشت قليلاً ثم عاودت النظر إليه، رددت بجهل واضطراب:
-آني إهنه ليه، ومين اللي جابني الزريبة؟
انزل نظراتها ناحية ساقيها فلا إراديًا فعلت مثله، فغرت فاهها بعدم استيعاب حين رأت الدماء على ملابسها وساقيها، فطنت أنه افتعل ما تخوفت منه، هتف منتصر باستهجان:
-على آخر الزمن حتة خدامة هتجبلنا عيل من دمنا، شكلك سوقتي فيها ونسيتي نفسك
لم تشعر بألم بل تجمعت الدموع في مقلتيها، نظرت له فاكمل بنبرة جافة:
-كان ممكن انزلهولك من غير حتى ما تعرفي إني السبب، بس جيتلك بنفسي علشان اقولك لو اتكرر الموضوع هيحصلك حاجة من اتنين
ركزت انتباهها عليه فاردف بقساوة:
-يا مش هتلاقي نفسك، يا عُمرك ما هتخلفي تاني، لا من بابا ولا من غيره!
في أوج حديثه ذرفت بغزارة، لم تجرؤ على النقاش معه، غلاظته البائنة في حديثه جعلتها تتقبل وتنصاع دون مجادلة، لعقت أمل شفتيها وقالت:
-حاضر يا بيه!
أعجب بطاعتها له فقال:
-كده فهمتي عليا، عاوزك تبسطي أبويا واتمتعي في العِز مش هقول حاجة، وعاوزك تعرفي حاجة مهمة، إنتي هنا بمزاجي، وكلمتي أنا اللي ماشية
حاولت أمل أن تعدل من جلستها ثم تطلعت عليه مترقبة بانكسار باقي أوامره، لم يقول منتصر الكثير بل خاطب السيدة بجدية:
-كملي شغلك معاها، طلعيها زي ما هي فوق علشان نكمل بقية الموضوع
تحركت المرأة نحوها فاستندت أمل عليها مستسلمة لتنهض، انحدار قيمتها في تلك اللحظة جعلها ذليلة أمامه، بالفعل من هي لتنجب من السيد؟، وهي تسير بمعاونة المرأة عاود تحذيرها بحدية:
-مش عاوزك تنسى كلامي ده......................!!
____________________________________

دلف لفيلته بعدما غادر الجميع الحفل، تنفس بغضب وبات عصبيًا، تحرك أنيس في البهو فوجد جاسم يجلس شبه متسطحًا على الأريكة ويرتشف من كأس الكحول، دنا منه هائجًا وهو يرى بروده وعدم فعله لأي شيء، صاح بانفعال وهو يقف أمامه:
-إزاي تسيبه ياخدها، ومالك قاعد كده ولا كأن حاجة حصلت!
بنفس هيئته الهادئة نظر له جاسم، قال:
-هي عايزة كده، عاوزني اعمل أيه؟
أكمل بنصح وهو يتابع مؤشرات وجهه الغاضبة:
-اقعد، شوية وهتلاقيها جاية
زوى بين حاجبيه وتساءل:
-ليه بتقول كده؟!
اعتدل جاسم قليلاً ثم رد بمعنى:
-مش بالسهل يوافقوا على جواز مراد، ناسي إنه متجوز من بنت عمه، يعني لو اختار غزل الكل هيقف قصاده، وأولهم جده
هتف أنيس بتوجس:
-ما هو ممكن ياخدها بعيد ومحدش يوصله خبر
رد ببسمة خبيثة:
-من قبل ما يجي وجده وصله خبر، والكل مولع هناك وعارفين
تحرك ليجلس مقابلته، استفهم بترقب:
-يعني ممكن يطلقها لو اجبروه
بصراحة تكاد تكون غير محببة للأخير قال:
-وأولها إنهم عارفين إنها بنتك..............!!
________________________________

في السيارة من الخلف برزت محبتها له حين اعترف بزواجهما، حيث أسندت غزل رأسها على كتفه معربة عن قبولها الذهاب معه، قبل قليل كان مراد ثائرًا من أفعالها، لكن الآن تناسى ليضمها إليه، رفعت رأسها لتنظر إليه، قالت:
-سامحني
اكتفى بهز رأسه لها متقبلاً اعتذارها، قال:
-يعني هو دا اللي إنتي عيزاه؟
ضحكت بخفوت ثم ردت:
-أيوة!
شدد من ضمها لصدره ثم انتبه للطريق، لاحظ أن يزيد يتجه ناحية القصر وبدا غير راضً لما حدث، خاطبه بتردد:
-ودينا على شقتي يا يزيد
ابتعدت غزل عنه لتنظر إليه بغرابة، كادت أن ترد لكن سبقها يزيد قائلاً بسخط:
-مش المفروض تجبها القصر وتواجه الكل بيها زي ما عملت الليلة!
حدقت غزل به مستاءة، قرر مراد أن يخرج من بؤرة ارتيابها فقال بثبات مزيف:
-خلاص ودينا على القصر
نظرت غزل أمامها قلقة، لا تعرف لما شعورها بأنه ما زال يخجل منها، التزمت الهدوء التام كي تتابع ما سيحدث لاحقًا....
أنوار القصر كلها مضاءة وهذا ما وجدته غزل حين مرت السيارة من البوابة،عن مراد خشي من تبعثر صورته أمام الجميع، زواجه من خادمته السابقة بالفعل سيقلل من قيمته في نظراتهم، ذاك سببه الوحيد، توقفت السيارة ثم بتردد ترجل منها، خلفته غزل سريعًا متشوقة لرؤية ردود أفعالهم، أمسكت بيد مراد مبتسمة فبادلها ابتسامة مزيفة، تحركت معه حتى مرق من الباب ويزيد رفض الانضمام لتلك المشاهدة متأكدًا من احتدام المناقشة..
خطوة واحدة فقط خطاها مراد معها ثم وجد من يوقفه قائلاً بحزم:
-خليك عندك
بحث مراد عن مصدر صوت جده المألوف فوجده جالسًا في الصالون المكشوف مستندًا بكفيه على عجازه وبجانبه عمه ماهر والسيدة هدى، رد مراد وهو يقف مكانه:
-جدي عاوز اتكلم معاك لوحدنا
وجه السيد رشدي نظراته عليه، قال بدهاء منقطع النظير:
-هاسمحلك تتكلم معايا في حالة واحدة... لو اللي في إيدك دي طلقتها دلوقت
اضطربت غزل من نبرة السيد المتشددة، أدركت أنها لن تمكث هنا ثانية واحدة، بينما ابتسم ماهر بثقة فالقرار الأخير لـ جده مهما فعل مراد..
لحظات مرت جعلت مراد في حيرة من أمره فلم يكن الآن قادرًا على مواجهته، رغم ذلك قال بتردد:
-وإن قولت لأ؟
هنا رد السيد بهدوء مقلق:
-تبقى تنسى إن ليك جد، وإن ليك عيلة يا مراد
ظهر تحدي مراد له وهو يقول:
-كله حاجة باسمي وبتاعتي، ومحدش يقدر يكسر كلمتي
لمح ماهر ضيق السيد رشدي من عدم اهتمامه برأيه، هو من جعله هكذا ثم وجد الاجحاف في حديثه، مرر السيد نظراته المحتقرة على غزل وثيابها الفاضحة ثم ابتسم بسخرية، انتبهت غزل فخجلت من نفسها، كذلك مراد الذي اشعرته بالحرج فنظر لها بعتاب جعلها تندم، نهض السيد من جلسته متكئًا على عصاه ثم نهض ماهر والسيدة هدى، خاطبه بصريمة وتصميم غريب وهو يسير نحوهما:
-البت دي مش هتشيل اسم عيلتنا ولا هتقارنها ببنت عمتك، ودلوقتي هتختار يا مراد، لكن استنى
دنا اكثر حتى وصل إليه، تابع بجدية قوية:
-بس لو اختارتها اعرف إنك مبقتش مننا، وأنا كمان مبقتش عاوز حتى أشوفك
تدخلت هدى قائلة بعدم رضى:
-بالراحة يا بابا، الكلام يكون بالعقل مش كده
ثبت السيد نظراته على مراد الذي ربطه بقراره وفطن أنه يحذره من التهور، أصبح مقيدًا أمامه ومتحيرًا، تدريجيًا أفلت يد غزل فشهقت في نفسها وهي تحملق به، نظرت هدى لـ غزل وتعطفت معها، لم تتجرأ على الوقوف بجانبها فهي ابنة أختها ولم يعرف أحد، قال مراد دون النظر إليها:
-إنتي طالق!
فور نطقه للكلمة المترقبة لم ينتظر السيد ليرى ردة فعل أحد، بل أمره:
-تعالى نتكلم جوه
ثم سار السيد ناحية مكتبه ومراد من خلفه، وقفت غزل مشدوهة غير مستوعبة ما حدث، حدثها ماهر بفظاظة:
-يلا ملكيش مكان هنا، باين مش عارفة إحنا مين
ثم ترك المكان بعدما رمقها باستهجان، العجيب سكوت غزل وكأنها لا تبالي، جاءت لتتحرك فاوقفتها هدى قائلة:
-متزعليش يا غزل
أدارت رأسها لها قليلاً، قالت متهكمة:
-هو اللي طلب يتجوزني، وكويس إن دا حصل
ثم دلفت للخارج وهدى واقفة موضعها تريد أن تهتم بها هي وتبعدها عن والدها، تنهدت بقلة حيلة ثم تحركت للخارج هي الأخرى....
وقفت هدير تبكي في صمت وهي تتابع من الأعلى، شفقت عليها والدتها ثم سارت نحوها، قالت لها بلطف:
-مراد ليكي يا هدير، قولتلك كتير مش لعبة إنه يتجوز عليكي كده، عمك أسعد نفسه ميقدرش يعملها، أخره بس يبقى مع واحدة كده!
دنت منها والدتها لتمحى باصابعها دموعها من على خديها، بينما حزنت هدير على نفسها وما فعله زوجها، بكت أكثر حين ارتمت على والدتها، أخرجت ما في داخلها من آلام حين قالت:
-مش هرجعله يا ماما، أنا مش لعبة ولا برمي نفسي عليه، مراد عُمره ما حبني
ربتت سميحة على ظهرها، قالت:
-سيبك من الكلام الخايب ده، المهم جوزك معاكي حافظي عليه، واعتبريها نزوة
رفضت تصديق أن تكون حياتها طبيعية معه فهتفت بدموع:
-مش قادرة اكمل معاه ولا أبُص في وشه، خلوه يطلقني
قالت سميحة بعقلانية:
-إنتي علشان زعلانة بتقولي كده، إهدي وبكرة تنسي...........!!
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
عند انغلاق الباب عليهما هتف السيد رشدي باعجاب:
-أنا مبسوط منك، عملت كل اللي امرتك بيه
ثم جلس بتعب، قال مراد بامتعاض وهو يجلس جواره:
-بس ضرغام مبقتش مرتاحله
قال السيد بتأنيب:
-علشان بيوصلني أخبارك، أنا من ليلة جوازك منها وأنا عارف، فاكرني تعبت وقعدت يبقى معرفش أيه بيحصل حواليا، وضرغام كان الراجل بتاعي قبلك
-مش قصدي يا جدي
خاطبه السيد باجهاد واضح:
-انسى يا مراد، جوازك منها علشان تكسر بنت عمتك، لكن تفكيرك كان غلط، لازم تكسبهم ليك، نسيت ابوك واللي عملوه معاه
هز مراد رأسه متفهمًا فتابع:
-أنا مش بقلل منك قدامهم، أنا عاوزهم يفهموا انك اختارت حياتك وسطينا ومع بنت عمتك، كل ده علشان مصلحتك، سميحة بنتي كانت هتزعل مني واعمامك هيشيلوك من دماغهم
تنهد مراد واطرق رأسه، سأله بمغزى:
-اوعى تكون بتفكر في البت دي ولا شدتك ليها
قال مراد بغيظ:
-لو كانت وافقت تبقى معايا من غير حد ما يعرف، بس ابوها اللي ظهر ده
هتف السيد بعدم قبول:
-خلاص يا مراد مش عاوز كلام في الموضوع ده تاني، ذلوقت اطلع كلم مراتك واضحك عليها بكلمتين
لوى مراد فمه قليلاً، بداخله مزعوجًا مما حدث ولم ينكر أنها قد أعجبته، زفر بقوة فربما تأتيه فرصة أخرى لأن يجتمع بها......!!
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
دلكت ذراعيها ثم ضمتهما لصدرها فالجو بارد في تلك الساعة المتأخرة من الليل، نفخت غزل بقوة وهي تسير في الطريق المجاور لسور القصر بمفردها، شعرت بالبرودة في أنحاء جسدها فثوبها لم يخفى الكثير، جهلت لما حالة عدم الاهتمام اللائحة عليها مما حدث للتو، لما أيضًا شعرت بأنها حُرة غير مقيدة عن السابق، بالفعل لما هي كذلك؟، تنهدت بعمق محاولة البحث عن سيارة تقلها في هذه الساعة..
انتبهت لأنوار سيارة قادمة من خلفها فتوقفت، استدارت بجسدها لتراها وتأملت خيرًا حين تقترب منها، ابطأت السيارة حين تتقدم منها فهذا يعني أنها هنا من أجلها، دققت النظر في سائقها فدهشت حين وجدته يوسف، أوقف السيارة بجانبها فتطلعت عليه لبعض الوقت، تعثرت في استجماع كلمة واحدة لذا تحركت في صمت لتركب بجواره، حين جلست على المقعد نظرت له فإذ به ينظر أمامه، رفعت حاجبها قائلة:
-طالما مطنشني كده ليه جيت ورايا
أدار رأسه لها، قال بجمود:
-أنا باعمل شغلي، مش آني السواج
مسكت نفسها كي لا تفشي أمامه ما حدث، قالت بأمر:
-طيب يلا نمشي من هنا أنا بردت!
خطف نظرة سريعة على جسدها ثم شلح سترته، أعطاها إياها قائلاً:
-البسيها!
تذكرت في تلك اللحظة تفانيه في اسعادها كما كان يفعل، أخذتها غزل ثم نظرت لها لبعض الوقت فقد فعل ذلك مرات ليزيل البرد القارص عنها، ارتدتها ثم سترت جزئها العلوي كله بها، نظرت له قائلة بامتنان:
-متشكرة
استنكر كلمتها الآن، قال بهدوء غريب:
-مافيش داعي دلوقتي تشكريني، ياما عملت كده
سايرته وتوقفت عن الحديث فبداخلها تصارع فكري يصيب أي أحد بالجنون، تحرك يوسف بالسيارة صامتًا، لكنه على وعي بما حدث معها وكل ذلك بالتأكيد أسعده............!!
______________________________

بعد أسبوعين من ذلك، بشقة توفيق ظلت سناء دائبة المكوث فيها، وعدها أنيس بفيلا أخرى غير الذي أخذها منها ولم يفعل، تأزمت المسألة بظهور ابنته التي أخذت كل شيء، حتى عقله!، دلف توفيق من غرفته يتمطى بذراعيه ويتثائب فانتبه لها تجلس على طاولة القمار الخاصة به وتلعب الورق مع نفسها، تحرك نحوها قائلاً:
-صباح الخير..... بتعملي أيه؟
ثم جلس فوضعت هي الورق أمامها، نظرت له قائلة بعبوس:
-أنيس مبقاش يسأل فيا، ولا كأنه يعرفني
رد زاممًا شفتيه بتفهم:
-تلاقي مشغول مع بنته، أصل الصراحة الموضوع غريب وصعب حد يتعود بسرعة عليه
ردت غير مقتنعة:
-لا أنيس نساني، بنته كلت عقله، أنا كلمته امبارح وسألته ليه معزمنيش فرده عليا معجبنيش، زي ما يكون بيتهرب مني
زفر توفيق بقوة ثم نهض، قال بجدية:
-خلاص روحيله بنفسك وكلميه، شوفي نظامه
حقًا كانت سناء منزعجة من ذلك، قالت موافقة:
-هروحله، واشوف حكايته أيه.........!!
_________________________________

كانت غزل ماكثة بغرفتها لم تخرج قط، تركها أنيس على راحتها فربما تحتاج وقت لتفيق من ما هي عليه، لكن لم يرتضي جاسم بذلك لذا تجرأ وتوجه لها..
دق بابها ثم ولج، بحث عنها حتى وقعت عيناها عليها وهي جالسة بالشرفة تحدق بالفراغ، حدثها بغرابة:
-معقول اللي إنتي فيه ده، ممكن اعرف مش بتخرجي ليه؟!
لم يجد رد منها فتلطف في حديثه معها وهو يتابع:
-قومي نروح النادي سوا نشم الهوا شوية
نطقت قائلة بغير رغبة:
-زهقانة، جو الناس يكون عندها علم باللي بيحصلك مضايقني
-ولا يهمك من الكلام ده كله، كفاية إن بعد ما عدتك تخلص هنتجوز، يعني طنشي مش وراهم غير الكلام على أسيادهم
نظرت له قائلة:
-أصل بقى شكلي وحش، كمان بيطلعوا على بابا كلام مش كويس، حاسة إني جبتله الكلام وبوظت سمعته
أراد جاسم أن ينفجر ضحكًا لكنه تماسك، رد بمغازلة وهو يجثو أمامها:
-دا إنتي الحاجة الحلوة وسطينا
ابتسمت فأشرق وجهها، جمد نظراته عليها فادركت أنه معجبًا بها، قالت:
-يلا هلبس وآجي معاك..........!!
_________________________________

ارتبك حين دلف من المرحاض وجدها تقف أمام الباب تاركة لشعرها العنان وملابسه مثيرة، قال بتلعثم:
-و. واجفة إكده.. ليه؟!
اقتربت حتى انعدمت المسافة بينهما، ردت بنظرات عرفها جيدًا:
-ليه يا سي ضرغام بتعاملني كده، أنا مراتك مش غريبة
ازاحها جانبًا بيده ثم مرق قائلاً بتجهم:
-جولت سابج إنك متل بتي، يعني جوازنا علشان أسترك
ثم تفاجأ بها تحتضنه من الخلف، قالت متوسلة بلؤم:
-بس أنا باحبك، وإنت عمرك ما اتجوزت، جرب الجواز دا حلو
تملص منها متوترًا ومزعزًا، رد بحزم مزيف:
-برة علشان ما اجلبش عليكي
بحثها أدركت من شكله أن زيادة جرعة تأثيرها ستجعله يوافق عليها، ردت بدلال:
-بس أنا مش هبطل اللي بعمله، أنا مراتك ومش معقول هافضل عايشة كده محرومة
ابتلع ريقه وظهر العرق على جبينه، ابتسمت بمكر ثم قررت المغادرة قائلة:
-أنا هروح اوضتي، خليك كده عايش وحيد
ثم تحركت متعمدة التغنج في مشيتها، حاول تحاشي النظر إليها قدر الإمكان، لم ينكر أيضًا أنها حركت شيء ما بداخله، وجد أن وجوده معها ربما سيضعفه، كذلك كِبر سِنه مقارنةً بها لم يحبه، توجه ضرغام ليرتدي ملابسه نافضًا التفكير في الأمر.........!!
________________________________

وهي تسير معه في النادي سألها بغرابة:
-هو اللي كان أخوكي دا فين؟
ضيقت نظراتها وبدت غير متفهمة، قالها علنية:
-أقصد يوسف، بقاله اسبوعين مش بيجي الشغل
وقفت غزل وقالت مهتمة:
-ليكون تعبان، أنا لازم أسأل عليه
غار جاسم داخليًا، قال:
-عادي، ما هو في يوم كان برضوه أخوكي!!
أكملت غزل سيرها وهو يرافقها، امسك جاسم يدها بتملك متخللاً أصابعه بين أصابعها، نظرت له بطرف عينيها متعجبة ومبتسمة، قال:
-دي فترة الخطوبة ولازم نقرب من بعض
ارجعت شعرها الذي بعثره الهواء على وجهها خلف أذنها، ردت ساخطة:
-لا وإنت الصادق دي فترة عدتي ولازم مقربش من حد
ثم نظرت أمامها فلمحت أبناء مراد، شريف وحسام، ابتسمت تلقائيًا ثم نادتهما بألفة:
-حســام، شـريف!!
تنبه الصبيان لها وبمحبة ركضا ناحيتها، حين اقتربا حدثتهما بمسرة:
-وحشتوني عاملين أيه؟
مرر نظراتهما عليها فهتف شريف باعجاب:
-بقيتي حلوة قوي يا غزل، صحيح أبوكي طلع راجل غني؟
ردت هازة رأسها بتأكيد:
-صحيح
قال حسام بعبوس طفولي:
-يا خسارة، كنا عاوزينك معانا
رفعت كتفيها قائلة بمعنى:
-حصل خير، بس لازم تعرفوا إني باحبكم، وإحنا هنفضل أصحاب مش كده؟
ردا بكل ترحيب:
-أيوة أصحاب، بنبقى هنا في النادي على طول، إنتي عارفة مكانا
ابتسمت لهما قائلة بنصح:
-متتخانقوش مع حد، وملكوش دعوة بالولاد اللي كانوا بيضايقوكوا
حركوا رؤوسهم بامتثال ثم رحلا، وقف جاسم من خلفها قائلاً بتكشر:
-هما دول ولاد مراد؟
لم ترد فالاجابة واضحة، قالت:
-أنا متضايقة، عاوزة أسافر مكان بعيد شوية.........!!
_________________________________

وضع حزمتين من النقود أمامه على المكتب، خاطبه بمحبة:
-خدهم يا يوسف، دي فلوس مهمة هتقوم بيها
ظهرت هيئة يوسف وهو يتناول هم، بدا مختلفًا عن السابق، المال غير به الكثير حتى طريقته، قال بامتنان:
-حضرتك بتديني فلوس كتير جوي
رد بمغزى:
-أصل أعداء مراد وعيلته حبايبي
ثم تابع بتأكيد:
-وكمان أنا نظرتي متخيبش لما اخترتك تكون معايا، إنت قلبك ميت، باين عليك راجل
لم يعلق يوسف على ما سبق، لذا سأل بمفهوم:
-أيه المطلوب مني؟
بعد تردد قال موسى بجدية شديدة:
-منتصر الخياط، عنده مخزن سري محدش يعرف بيه، مدخل فيه بضاعة بمية ألف جنية، أنا عاوزك تولع فيه
ذُهل يوسف من المبلغ ولمح موسى ربما رفضه، تابع:
-مش عاوزك تخاف، جمد قلبك ويلا ولع فيه
هتف بجهامة ظاهرة:
-دا خراب بيوت، حرام أولع في الخير دا كله!!
-كده تزعلني، نسيت منتصر اللي خد الفلوس واتهمك فيها، نسيت عملت علشانك أيه؟!
قالها موسى ليذكره بوقوفه معه حتى صار لما هو عليه، كذلك رؤيته لـ منتصر برفقة رجلين أثناء سرقة المال، لم يكن يعرفه حينها، لكن الأمر اتضح الآن، رد بطاعة:
-تحت أمرك يا بيه........!!
_________________________________

غطت ساقيها بعدما انتهت المرأة، سألتها بشغف كبير:
-قولي بسرعة قلبي هيقف
ابتسمت المرأة قائلة بتأكيد:
-إنتي حامل!
لمعت عين نوال بفرح وهي تبشرها، وضعت يدها على بطنها تريد الرقص لكن عليها الحذر والانتباه لصحتها جيدًا، قالت لها وهي تتجه نحو محفظة نقودها:
-هحليلك بوقك على الخبر الحلو ده
ثم أخرجت قرابة العشرين جنية، اعطتهم لها قائلة:
-خدي مش خسارة فيكي
اخذتهم المرأة بتلهف واضح، رددت بمدح:
-ربنا يكرمك يا رب، طول عُمري باقول الست نوال دي أحسن واحدة في الحارة....!!

ولجت فتحية الشقة حاملة في سبت صغير بعض الخضروات والفاكهة، وجدت نوال تخرج من غرفتها بصحبة سيدة ما، أمرت نوال المرآة أن ترحل فوضعت فتحية المشتريات وهي مستغربة، اغلقت نوال الباب خلفها ثم خاطبت فتحية بتهلل:
-دي واحدة جارتنا ممرضة، كشفت عليا وطلعت حامل
رددت فتحية بمباركة وهي تحتضنها:
-مبروك يا نوال، يوسف هيبقى عنده عيال
-الله يبارك فيكي يا خالتي
قالت فتحية بابتئاس:
-أنا لو مش خايفة أهل جوزك ياخدوا ابنك كنت قولتلك نرجع البلد كلنا، واللهِ القعدة هنا ملهاش لازمة
-أهل يوسف بخير وبيبعتلهم كل شوية شيء وشويات
هنا ولج يوسف ليستمع لحديثها عنهما، نظرن له فرد عليها مرتابًا:
-أيوة ببعتلهم بس مش شايفهم، والواد اللي بيروحلهم ده مش مريحني
سألت فتحية بترقب:
-ليه يا يوسف؟
رد وهو يتعمق للداخل ويبدو بمزاجٍ سيئ:
-بيقولي إن أبويا عاوز أكتر، الفلوس مش بتكفيه، أبويا أنا عارفه ميهموش الفلوس ومش مصدق إن يقول كده وميطلبش يشوفني حتى!!
دنت فتحية منه، قالت متوجسة:
-خوفتني يا يوسف، كده هتخليني أسافر البلد اطمن عليهم وأشوفهم
قال بتوسل:
-يا ريت يا خالتي، هتريحيني قوي
قالت مبتسمة بلطافة:
-الاسبوع الجاي هروح، بعد ما أقول لـ غزل علشان لما تسأل عني
تجاهل نطقها لاسمها، كذلك اغتاظت نوال، غطت على سيرتها قائلة بخجل مصطنع:
-مش هتقولي لـ يوسف ولا أيه يا خالتي؟
تذكرت فتحية واهتم يوسف ليعرف ما يخبئنه، قالت فتحية بود:
-مبروك يا يوسف، نوال حامل
تجمد فجأة وهو ينظر للأخيرة، تضاربت مشاعره من فرح لعدم رضى لضيق، خشيت نوال ضيقه فقالت بحب رائع:
-هجبلك ولد يا يوسف، مش فرحان إنك هتبقى أب؟!............
________________________________

وهي على تختها ظلت شاردة بعدما اجهضت عنوة، لم يختفي حزنها وخوفها حتى تلك اللحظة، اقترب منها أسعد، خاطبها بضجر:
-هتفضلي قاعدة كده، على الأقل اضحكي في وشي أنا بزهق بسرعة
نظرت له باستغراب، قالت:
-أصلي زعلانة حبتين
رد بجفاء:
-وأنا مبحبش الزعل، عاوز اللي تفرفشني على طول، نزل خلصنا مش هنقعد نعيط وتنكد عليا كده
ثم توجه ليجلب طبنجته، نهضت أمل ثم تقدمت منه، قالت بأسف:
-طيب متزعلشي مني
ثم قبلت كتفه متابعة:
-كان نفسي جوي أجيبلك عيل
علق الطبنجة على كتفه، التفت لها قائلاً باقتطاب:
-اللي حصل حصل، أنا هطلع اصطاد شوية، عاوز ارجع الاقي الوش ده اتغير
تحرك نحو الباب فاستاءت من معاملته، قالت لنفسها بتوبيخ:
-مينفعش أفضل إكده ليطفش مني، لازم أخليه يرجع معايا كيف الأول
ثم اغتمت مما هي عليه، تابعت بأسى:
-كل ده بيحصلي من أيه بس؟!
ثم توجهت ناحية المرآة لترى هيئتها، نظرت لنفسها بتحسر، جذبتها علبة تحوي مجوهراتها التي جلبها لها، جهلت لما خشيت عليهم، حملت العلبة ثم فتحتها، أحبت المصوغات الذهبية بها، لمحت قرط والدتها فامسكته، نظرت له باستخفاف فقد كان صغيرًا للغاية وسط البقية، تنهدت لتضعه مرة أخرى، انتبهت أيضًا لورقة ما، أظلمت عينيها متذكرة إياها، هذا كارت أعطاه الرجل لها أثناء الحفل، تجاهلته قائلة:
-جال يعني بعرف اقرى المكتوب فيه
وضعتها باهمال ثم اغلقت العلبة، قالت بحرس:
-لازم أخبيها في مكان محدش يعرفه، محدش ضامن ممكن يحصل إمعايا أيه بعدين.............!!
_______________________________

مر أكثر من شهرين يراقبها فيهما ويخطط بحنكة، تعمد يوسف عدم مقابلتها، لا يعرف لماذا؟، لكن بالطبع ستسأله كيف وصل لما هو عليه، بالفعل تعجبت غزل من نطق اسمه أكثر من مرة وسط اجتماعاتها في شركة أبيها، جاهدت أن تعرف كل شيء عنه لكن اكتشفت تركه لمسكنه القديم، وكذلك تأخر عودة خالتها من البلد حتى الآن...
وهي بمكتبها سألت جاسم باهتمام:
-سمعت الراجل ده بيقول عن يوسف أيه، إنت تعرف حاجة عنه؟
رد بامتعاض:
-يوسف دا بيشتغل مع موسى القاضي، يعني قتل تلاقي، سرقة وفيها أيه، عاوزاه في الوقت الصغير ده يكون أيه غير إن شغله في الحرام
رددت باستياء:
-استغفر الله العظيم، يوسف إزاي يتغير كده، دا مبيطقش حاجة اسمها حرام
انزعجت غزل فهو الشخص الأنقى بين الجميع، قال جاسم نافرًا من سماع اسمه:
-مش عاوز اسمع اسمه، ودا مش أخوكي علشان كل شوية تقولي اخويا وكلام خايب، أنا واحد بغِير على خطيبتي
ردت متذبذبة:
-طيب هو أنا قولت أيه، أنا بس لحد دلوقت باعتبره اخويا
نهض قائلاً بجدية:
-اتنين يا غزل مش عاوز اسمعك بتجيبي سيرتهم قدامي، مراد ويوسف، علشان لو لسه مش عارفاني أنا بغِير جدًا من أي حد ياخد حاجة تخصني
اومأت بايجاب فتحرك مغادرًا، نفخت بقوة فمن الآن يفرض سيطرته عليها، ما أن نهضت هي الأخرى حتى استأذنت سكرتيرتها بالدخول، ولجت الأخيرة قائلة:
-فيه واحدة ست اسمها فتحية مستنية حضرتك في جراج الشركة
انشرح قلب غزل وقالت وهي تجمع متعلقاتها:
-أنا ريحالها حالاً، دي خالتي.........!!
________________________________

في غرفة واحدة ظلا معًا، لكن حياتهما فاترة، فقط التزمت هدير بالأصول فهي زوجته، ما زاد الأمر هو انتهاء دراستها واضحت تقريبًا لا تترك الغرفة، وهو يتجهز للخروج خاطبها مراد:
-مش عاوزة حاجة اجبهالك وأنا جاي
مؤخرًا بدأت ترد عليه، قالت باقتضاب:
-لأ
عادةً ما يناقشها بأمر عودة علاقتهما، لكن جدد الحديث حين قال متضايقًا:
-طيب لو هتفضلي كده قولي نتطلق، مش معقول متجوز بالشكل بس
أحدت إليه النظر، قالت برعونة:
-وماله أما نطلق، وبالمرة ترجع للست اللي كنت متجوزها، تلحقها قبل ما تتجوز غيرك
صاح باحتجاج:
-كلامك دا مش صح
انفعلت وهي تقول:
-إنت متغير بعد ما أعلنت خطوبتها، بتحضر الحفلات وتسهر علشان تشوفها
مل مراد من تلك الأجواء المفعمة بالضيق، رد بنفاذ صبر:
-خليكي زي ما إنتي كده، وعلى فكرة أنا ممكن اتجوز عليكي، وقتها شكلك هيبقى وحش
فور أن انتهى تركها مراد تبكي، شعرت بوجع داخلي تريد إكمال حياتها معه، لكنه دعس على كرامتها، ما زالت تشك في ميله للأخيرة، وسواس بعقلها يؤكد ظنونها، انسابت عبراتها حين لا يهتم أكثر بها، انتبهت لوالدتها وهي تقف في مدخل الغرفة وتقول:
-هتفضلي كده طول ما إنتي بعيدة عنه، وفي الآخر هيزهق......!!
________________________________

ثارت وهاجت حين فطنت خطفه لها، خدعها اللعين طيلة الفترة الماضية، افتعل كل ذلك لينتقم منها، هي تعرفه فسكوته كان مريبًا، حقًا كانت تخشى أن يعنفها، قالت بامتعاض:
-يا ترى هيعمل معايا أيه، ممكن يقتلني
صمتت لتتابع برفض:
-هو مش أخويا، وملوش حكم عليا
ثم تسارعت أنفاسها وهي مكبلة هكذا، ولجت الخادمة حاملة صينية بها الأكل ثم وضعتها أمامها، بعنف وضراوة ركلت بقدميها المكبلة صينية الطعام وهي تتنفس بغضب، لاحت في نظراتها الشراسة وهي تحاول فك قيد يديها من الخلف لتحرر نفسها والتي تعيق التنفيس عن هياجها، لم تعلق الخادمة على ردة فعلها بل بوجوم تام قامت بجمع ما كانت تحويه الصينية من طعام قد بعثر معظمه هنا وهناك، بعدما انتهت نهضت حاملة إياها لتدلف للخارج بهدوء وسط نظرات الأخيرة المستشاطة، اثناء خروج الخادمة شهقت فجأة حين وجدته كان واقفًا أمام الغرفة وقد تابع ما حدث، نطقت الخادمة بارتباك:
-هي مش عاوزة تاكل يا سعادة البيه!!
لم يرد بل هز رأسه بالإضافة لنظرة توحي بمغادرتها، امتثلت الخادمة لذلك لتتحرك بخطوات منكتلة تاركة المكان، أخذ نفسًا عميقًا متأهبًا للدخول عليها بطلعته التي تجعل الجميع يرجف منه لكنها كانت غيرهم، رغم شدته معها كانت تلتزم الثقة بنفسها، فور ولوجه رمقته بنظرة عدائية فقابلها ببسمة صغيرة كأنه لا يهتم، وقف أمامها قائلاً بنبرة صلبة ونظرات أثارت حنقها:
-مش عاوزة تاكلي ليه؟
حدجته بغيظ وهي ترد بنفور:
-عاوز مني أيه، فكني وخرجني من المكان الزفت ده!
أطلق ضحكة رنانة مستخفة بها سعرت رغبتها في الثأر لنفسها، رد باستفزاز:
-لسه مجاش مزاجي لكده!
صرخت بهياج مدروس:
-لو فاكر إني خايفة منك تبقى غلطان، أنا غيرهم ولازم تكون عارف كده، يلا فكني
ثم حاولت بكل قوتها فك قيدها وجسدها يتشنج بشدة وهي جاثية على ركبتيها، لم يبالي بحالتها بل إقترب منها فتوقفت عما تفعله وظلت تلهث من فرط انفعالاتها، وقف مقابلتها مباشرةً ورأسه منخفضًا ليحدق بها بنظرات غير مفهومة فرفعت رأسها ناظرة له بترقب عما سينتويه، بهدوء مقلق قام بجمع شعرها بكلتا يديه ثم رفعه للأعلى فطأطأت رأسها وبؤبؤي عينيها يهتز بعدم فهم وبدت مشدوهة، هنا هتفت لترضي فضولها القاتل:
-هتعمل أيه سيب شعري!
وهي منكسة الرأس لمحته بطرف عينيها يخرج من جيب بنطاله سكين صغيرة مسنونة ببراعة فحملقت فيها بصدمة، ارتجف جسدها بشدة لتهتف بتخوف:
-هتدبحني!
لم يعقب على كلمتها فصرخت بهيستيرية حين وجدته يرفع يده ظانة بأنه سيقطع عنقها فانسحبت الدماء من عروقها، فجأة تراجعت عفويًا للخلف غير متزنة لترتمي على ظهرها، تنفست بسرعة جنونية حين لم يفعل ذلك لتهدأ أنفاسها قليلاً، نظرت له بغل فوجدته يبتسم بانتشاء، عقدت حاجبيها غير متفهمة حتى وقعت عيناها لما في قبضته، أجل هو، جحظت عينيها بصدمة لتردد بذهول قبل أن تصرخ:
- شعري!!
على وتيرته الهادئة رفع شعرها الذي انتزعه للأعلى أمام نظراتها المغلولة، قال مستهزئًا:
-هو دا اللي عاوزة الكل يتفرج عليه، أهو خلصتك منه
استشفت منظرها بعد قصه، بالفعل بدت كالرجل فقد أخذ الكثير، اغتاظت في تلك اللحظة وهتفت:
-لو مفكر بكده هتجبرني إني ارجع زي الأول تبقى غلطان
توجه ليضع شعرها على الطاولة جانبًا، رد ببرود:
-ما أنا عاوزوه كده، أصل أحب أشوف مراتي بشعرها
اختلقت ضحكة لتغطي على غضبها ثم قالت:
-بتحلم
التفت لها قائلاً بمكر:
-ما احنا متجوزين!، وإنتي بنفسك ماضية على الورقة
بدت قسماتها مدهوشة فاستفهمت:
-أيه زورتها؟
أخرج القسيمة المطوية من جيب سترته ثم بسطها وهو يتجه نحوها، لم تخفي غزل ترقبها وتوترها مما يفعله، زاد شغفها وهو يُقرب الورقة من وجهها، بالفعل سلطت نظراتها على الورقة وبأعين غير مصدقة كانت تقرأ ما دون فيها، صُدمت عندما رأت توقيعها أسفل الورقة، أيضًا بصمة اصبعها، رفعت نظراتها نحوه فابتسم يوسف بانتصار فقد أخذها وهي غافية، تراخت أعضاؤها وهبطت انفعالاتها، سكونها جعله متيقنًا أنها ارضخت للأمر الواقع، دس الورقة في مكانها مجددًا ثم انخفض لمستواه، بدا في مواجهتها وهما يتبادلا النظرات، قالت بتعابير غير مفسّرة:
-كده الجواز مينفعش، وتم غصب عني
رد بلا مبالاة:
-مش مهم، الأهم إني عايز كده
-أنا خايفة عليك، مراد بيكرهك، وجاسم خطيبي، لو عرف مش هيسكت
قالت ذلك بخوف حقيقي، لكن استنبط عدم رغبتها به هو، سألها بضيق داخلي:
-وإنتي عايزة مين؟
تخوفت من نظراته المتصلبة عليها، بات سؤاله بمثابة تهديد إذا نطقت عكس ما يريد، ردت برهبة:
-إ.إنتَ...............
*********************
إلي هنا ينتهي الفصل السادس والعشرون من رواية أثواب حريرية بقلم إلهام رفعت
تابع من هنا: جميع فصول رواية أثواب حريرية بقلم إلهام رفعت
تابع من هنا: جميع فصول رواية أرض زيكولا بقلم عمرو عبدالحميد
تابعوا صفحتنا على الفيس بوك للمزيد من روايات عربية
أو أرسل لنا رسالة مباشرة عبر الماسنجر باسم القصة التي تريدها
اقرأ أيضا: رواية احببتها في انتقامي بقلم عليا حمدى
يمكنك تحميل تطبيق قصص وروايات عربية من متجر جوجل بلاي للإستمتاع بكل قصصنا
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة