-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية يونس بقلم إسراء على - الفصل الثانى والثلاثون (الأخير)

مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة وأجمل الروايات الممتعة والروايات الرومانسية مع رواية رومانسية جديدة للكاتبة إسراء على ورواياتها التى نالت مؤخرا شهرة على مواقع البحث نقدمها علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل الثانى والثلاثون (الأخير) من رواية يونس بقلم إسراء على

رواية يونس بقلم إسراء على  - الفصل الثانى والثلاثون (الأخير)

إقرأ أيضا: حدوتة رومانسية

رواية يونس بقلم إسراء على
رواية يونس بقلم إسراء على

 رواية يونس بقلم إسراء على  - الفصل الثانى والثلاثون (الأخير)


أحبك جداً

وأعرف أني أسافر في بحر عينيك دون يقين
وأترك عقلي ورائي وأركض أركض أركض خلف جنونـي

أيا امرأة تمسك القلب بين يديها سألتك بالله لا تتركيني لا تتركيني فماذا أكون أنا إذا لم تكوني
أحبك جداً وجداً وجداً وأرفض من نـار حبك أن أستقيلا

وهل يستطيع المتيم بالعشق أن يستقلا.!!!.

دلف كـ المجنون وهو يزأر بـ صوته

-بتوووول..بتـ...

ولكن توقفت الكلمات في حلقه وتصلب جسده كله ما أن وقعت عيناه على بقعةً ما..شعر بـ أن روحه تُسحب منه بـ طريقة مُؤلمة..مُؤلمة للغاية..تجمعت العبرات في عيناه وأخذت تسيل على وجنتيه في سباق..توجه بـ ساقين مُتخاذلتين إليها..جثى على ركبيته وهزها بـ رفق ثم قال بـ إبتسامة مهزوزة وقلبًا يخفق بـ رعب

-بتول قومي وبلاش هزار..قومي عشان خاطري..متسبنيش كدا وتمشي...

ولكن لا رد..وبدأ هو في هزها بـ قوة وهو يهتف بـ غضب وذهن لا يُريد تصديق تلك النهاية البشعة

-قومي وبطلي هزارك السخيف دا..أنا مش هستحمل هزار من النوع دا

وأيضًا لا رد..صدى صوته هو كان مؤنسه الوحيد..علا صوت نحيبه وهو يجذب رأسها إلى صدره وصرخ بـ وجع..صرخة تلتها صرخة تُعلن عن إستسلام قلب عاشق خفق بـ جنون لمن قررت الرحيل..هكذا دون وداع...

شدد من إحتضان رأسها إلى صدره وأخذ يتأرجح إلى الأمام والخلف وصوت صرخاته مُمتزج بـ بكاء رجل هُزم في حربه شر هزيمة...

أغمض عيناه بـ ألم وتضرع وهو يضم جسدها إليه..ذراعها مفرودان على الأرضية يهتزان مع إهتزاز جسد يونس ورأسها مدفون في صدره الذي تلوث بـ دماءها..ظل يبكي ويكبي وما تلا ذلك لم يشعر به..من دلوف شيقيقه والذي أخذ منه الأمر سويعات حتى يستدرك ماحدث..ولم يشعر بـ إنتزاعه لها من بين يديه وركضه إلى الخارج بها..ليركض خلفه و صوت عدي يصدح بـ صرامة ولكنها وصلت مشوشة إلى يونس

-هنطلع ع المستشفى العسكري..هى أقرب مستشفى
-ولكن رد يونس بـ شرود حزين:بس هى ماتت...

لم يستوعب يونس تلك الصفعة التي دوت على وجهه..ثم نظر إلى عدي بـ وجهً مصدوم..إلا أن الأخير صرخ بـ جموح

-فوق يا يونس..بتول عايشة وأنتو هتعيشوا اللي معشتهوش...

ثم جذبه وأدخله إلى السيارة عنوة..وفي ثوان إنطلقت السيارة مُحدثة صرير تقشعر له الأبدان...

وها هم بـ المشفى وما يمر به يونس ما هو إلا عرض سنيمائي أقنع به نفسه المُلتاعة..لحظات وأتى الفراش المُتنقل وبعض الممرضين يجروه خلفهم وبتول مُستلقية عليه بـ هدوء لا يعجبه..فهو إعتادها صاخبة ولا يزال يُريدها صاخبة..أما ذاك الهدوء فـ كم أشعره بـ النفور والضعف..دلفوا إلى غرفة الجراحة ومن ثم أمرهم الطبيب والذي كان يعرف يونس جيدًا

-أستنى هنا يا سيادة المقدم..وإن شاء الله هتكون كويسة...

رفع أنظاره إلى الطبيب وبـ الفعل كان يحتاج إلى أن يُطمأنه أحدًا ما..دلف الطبيب تاركًا يونس يُكمل بكاء..حقًا لقد شعر بـ الضعف والضياع من دونها...

****************************************

سار في الطرقات هائم الوجه..شريد القدمان..لم يأبه لـ أؤلئك الذين أخذوا يتهامسون عنه..بل ظل واجم الوجه..ولسان حاله ينطق بـ لا وعي

-أنا قتلتها..قتلت بتول..قتلت حلمي والحاجة النضيفة اللي فـ حياتي...

ذرف العبرات وأخذ يُكمل بـ صراخ

-خلاص معدتش موجودة..قتلتها وهى كرهاني...

ولم يجد نفسه سوى أمام أحد الأقسام..دلف إليه مُحطم النفس ورثّ الهيئة لم يقترب منه أحد فهم يعلمون من هو..وأول مكتب قابله دلفه لينتفض الضابط واقفًا بـ قلق

-سيادة الوزير!!...

ثم قال بـ لهفة

-أتفضل..أتفضل...

رفع عز أنظاره الضائعة وهمس بـ عدم تصديق لما آثمته يداه

-أنا قتلتها
-تعجب الضابط وتساءل:أفندم!
-همس مرة أخرى بـ شرود أكبر:سبتها تقع..أنا قتلتها...

تقدم الضابط منه و وضع يده على منكبه وقال ب توجس

-طب إتفضل إقعد
-دفعه عز بـ عنف ثم هتف بـ شراسة:بقولك قتلتها..يعني إرميني فـ الحبس..إعدمني..أنا قتلتها...

حاول الضابط تهدئته ولكن عز الدين ظل يدفعه وأخذ يصرخ بـ وحشية

-أنا قاتل..أنا قتلت الحاجة النضيفة فـ حياتي..وديني الحبس..عاوز أتعفن فيه
-لم يجد الضابط سوى أن يقول بـ خنوع:طيب..طيب..زي ما حضرتك تؤمر...

وفعل ما طلبه من أجل عز الدين والذي بدى أنه على حافة الجنون أو أنه سقط في هوة الجنون..جلس الضابط ثم رفع سماعة هاتفه وتحدث إلى أحدهم...

*****************************************

كان يونس جالس على الأرضية يضع رأسه بين كفيه وعدي بـ جانبه يتذكر ما حدث في الساعات الفائتة...

"عودة إلى وقتٍ سابق"

كان عدي يقود السيارة ويداه تشتد على المقود بـ عنف حتى كاد أن يُهشمه..ويونس بـ جانبه يُحاول تهدئته..إلا أن عدي صرخ

-الـ***..مش هرحمه والله مش هرحمه
-ربت يونس على منكبه وقال بـ هدوء:إهدى يا عدي..هو عايزني وأدينا رايحين
-تأسف عدي بـ ألم:أسف يا يونس..بسلـ...
-ولكن يونس قاطعه بـ إبتسامة:متقولش كدا أنت أخويا وأفديك بروحي...

لم يرد عدي ولم يبتسم من الأساس وكل شئ يسير ضده وضد شقيقه الذي لم تدم فرحته سوى سويعات...

وبعد نصف ساعة وصلا إلى المكان المنشود..ترجل عدي من السيارة بسرعة دون أن يستمع إلى نداءات شقيقه..تقاتلا مع رجلين من ذوي العضلات المفتولة..ودلفا من الباب في نفس الوقت الذي دلف من سيف من باب أخر..وبقى الثلاثة يُحدقون بـ بعضهم بـ شراسة وحقد..وروضة في المنتصف تصرخ وتبكي...

كان أول من تحرك هو سيف..بينما عدي كاد أن يتحرك ويقتله إلا أن يونس أمسكه وعيناه مُثبتتان على روضة وسيف...

حلّ سيف قيد روضة التي ثبتت نظرها بـ رعب على عدي والذي كانت نظراته جامدة..شرسة..تحوي الشر الذي كانت تتوقع أن تراه..وقف أمامها ثم أنهضها وتساءل بـ لهفة

-عملك حاجة!..أذاكي؟!...

هزت روضة رأسها ب نفي وعيناه لا تزال مُثبتتان على عدي..والذي تحرك خطوات هادئة بعدما نفض يده من يونس..ثم قال بـ صوتٍ هادئ ولكنه يحوي شيئًا من الخطورة

-إبعد عنها...

وبـ الرغم من تعجب سيف من الحديث وطلبه الغريب..إلا أنه إبتعد عن روضة وإلتفت إلى عدي وعلى ثغره إبتسامة ماكرة..وهتف بـ تسلية

-سيادة الرائد عدي!..إيه سر الزيارة دي !

لم يرد عدي بل بقى جامدًا ومن ثم تحرك مرة أخرى وهمس بـ حدة

-قولتلك إبعد عنها أحسنلك
-عقد سيف ذراعيه أمام صدره وقال بـ هدوء:بمناسبة إيه!..عارف إن عز إستدرجنا إحنا كلنا عشان نخلص على بعض..بس ليه يا ترى!!

نطق الأخيرة بـ نبرة ذات مغزى وهو ينظر إلى يونس الذي وقف مُتأهبًا شاعرًا بـ إنقباضة عنيفة رجت قلبه...

كانت روضة تبكي وتدعو الله في نفسها أن يخرج الجميع سالمًا من هذا الجحيم..إلا أن صوت سيف البغيض همس

-وبما أنه تعب عما جابنا..فـ إحنا هنحققله أمنيته...

ثم أخرج سلاحه تحت أنظار عدي و يونس المشدوهه وقذفه إلى رُكنًا بعيد وقال بـ شيطانية

-إيه رأيك نبدأ بيك يا سيادة الرائد
-همست روضة من خلفه وهى تضم قبتضيها إلى صدرها:لأ...

ولكن لم يستمع أحد ويبدو أن عدي كان ينتظر تلك المواجهه فعل المثل ولحظات وهجما على بعضهما البعض..دارت معركة طاحنة بين الأثنين وروضة تصرخ وكادت أن تركض للفصل بينهما لكن يونس منعها..نفى بـ رأسه قائلًا

-متخافيش على عدي...

هذا ما نطقه بـ جمود ولكن داخله براكين تثور من جملة سيف الغير مفهومة أخذ يُتابع المعركة الدائرة في أستعداد إن حدث شئ..وكما توقع كان النصر حليف سيف وهو يُشهر مسدسه إلى وجه عدي..ومنه إلى يونس ثم قال بـ خبث

-نزل سلاحك يا حضرة المقدم..نزله...

ظل يونس مُتصلب الجسد وعضلاته تأبى الإنصياع إلى أوامره..ضحك سيف وقال بـتحذير

-يلا يا سيادة المقدم...

وبـ الفعل قذف السلاح إلى قدم سيف وظل ينظر إليه بـ جمود..كانت روضة تصرخ وتبكي إلى أن لاحظت سلاح عدي في أحد الأركان..نظرت إلى سيف الموليها ظهره ثم إتجهت بـ خطى ثقيلة إلىالسلاح..وفي تلك الأثناء تشدق سيف قائًلا

-مش عاوز تعرف عز الدين قصده إيه من وجودنا هنا!!

تصلبت عضلات فكه وما لبثت أن إتسعت عيناه هلعًا وهو يهمس بـ خوفًا بائن

-بتووول
-ضحك سيف وقال:اسم الله عليك..بتول

كور يونس قبضته وقد طار كل هدوءه وثقته أدراج الرياح وسيف يُكمل

-بيرجع الحق اللي أخدته منه..لأ وعارف أخدها فين؟

عاد يُكمل ضحك وهويستشعر لذة الإنتصار ناظرًا إلى يونس الذي كاد ينفجر غضبًا وهلعًا..إلا أن صوت روضة الجامد جذب كل الأنظار إليها

-سيب مسدسك يا سيف...

إستدار بـ بطء وهو يراها تُشهر السلاح في وجهه وعيناه تلمعان بـ عزيمة لا يعلم أهى لقتله أم لسلامته!..همس سيف بـ إبتسامة متوجسة

-سيبي المسدس يا حبيبتي..أنا هخلص عليهم وهنمشي مع بعض
-صرخت روضة بـ عصبية:متقوليش حبيبتي..أنا عمري ما كنت حبيبتك ولا هكون..أنا مبحبكش..وبكره الوقت اللي بقضيه معاك..كرهت نفسي لما بسمحلك تلمس إيدي..كرهت وساختك وعدم ضميرك...

شحب وجه سيف تدريجيًا وهو يسألها بـ توتر

-يعني إيه!!..أنتي كنت بتضحكي عليا!..طب وحبي ليكي و و...

لم يستطع الحديث أكثر وهو يشعر بـ غصة في حلقه..وخاصةً تحت نظراتها الجامدة وملامحها التي لم تتقلص إلى الندم..فـ أكمل

-يعني عمرك ما حبتيني!..كل دا وهم عيشتيني فيه!!..طب ليه؟!

صرخ بـ الأخيرة لتصرخ بـ المثل

-لأخويا اللي قتلتوه بدم بارد لما دخل السجن بسببكوا..لنفسي وأمي اللي ضاعوا بسببكوا..لحاجات كتير أوي..أهمها كرهي ليكم...

ثم تشدقت بـ حدة

-ودلوقتي سيبه وسيب المسدس بدل أما أقتلك
-همس بـ عدم تصديق وكأنه أدرك لتو:بتحبيه!

لم ترد عليه وظلت تنظر إليه بـ كره..ليعود ويصرخ

-بتحبيه؟!
-هتفت بـ قوة:أكتر من أي حد فـ حياتي...

كان يونس يقف على أحر من الجمر وهو يُتابع ذلك الحديث ويتمنى أن يعلم أين هى بتول وأين أخذها عز الدين..وعدي الذي كان يصرخ بهم أن يوقفا هذا الحديث ولكن لا أحد يستجيب..كان يصرخ بـ سيف أن يحدثه هو لا روضة ولكن لا حاية لمن تُنادي...

بينما سيف كان على وشك الإصابة بـ ذبحة صدرية..أخفض رأسه ثم رفعها مرة أخرى وأبتسم قائلًا

-كنت عاوز أنضف عشانك..عشان أستحقك..كنت عاوزلك ديمًا الخير والأحسن..لو كنت شايف سعادتك بموتي كنت قتلت نفسي...

تعجبت روضة من هدوءه وحديثه فـ إبتلعت ريقها بـ توجس ولم تتحدث. هتف سيف بـ غموض

-عز الدين عنده بيت فـ......دا كان البيت اللي هيتجوزا فيه..هتلاقيها هناك أكيد...

ثم نظر إلى روضة وهو يرى كم الكره والحقد النافذ من عينيها وأدرك أنها النهاية هى لم تحبه ولن تحبه قط..كلن يشعر بها ولكنه أوهم نفسه أنها تشعر بـ النفور من عمله..يرى التصميم على قتله في سبيل إنقاذه..يرى كم تعشقه ونظراتها تنضح قلقًا وخوفًا عليه..إبتلع تلك الغصة المريرة في حلقه ثم قال بـ إبتسامة

-عاوزك تعرفي يا روضة أني حبيتك..حبك كان الشئ الطاهر فـ حياتي..حبك الحاجة الوحيدة اللي مش هندم عليها..سلام

تصاعدت ضربات قلبها وهى تستمع إلى حديثه الغريب وتتساءل عما أصابه من جنون..ثوان وإتسعت حدقتيها بـ رعب وهى تراه يرفع السلاح إلى رأسه مُبتسمًا ثم أطلق النار لتخترق رأسه من أحد جوانبها..ويسقط بعدها جثة هامدة وسط صرخات روضة ودموعها المُرتعبة...

وما تلا ذلك ركضهم خارج المكان وإيصال روضة إلى منزلهم وإنطلاقهم إلى ذاك المنزل وبعدها المفاجأة المفجعة...

"عودة إلى الوقت الحالي"

تنهد عدي بـ حزن وهو يرى أخيه في قمة ضعفه وعجزه..ربت على منكبه وقال بـ مواساه

-هتكون بخير إن شاء الله...

وبعد لحظات خرج الطبيب..فـ إنتفض يونس يسأله بـ لهفة

-بقت كويسة مش كدا!
-إبتسم الطبيب بـ مجاملة ثم قال:الحمد لله ربنا كتبلها عمر جديد...

تنفس يونس الصعداء وكأن روحه عادت إليه..ثم إستمع إلى باقي حديث الطبيب

-حاليًا المؤشرات مستقرة..لكن الخبطة كانت جامدة جدًا ع المخ عشان كدا هى دخلت فـ غيبوبة
-تلاشت إبتسامة يونس وسأل بـ قلق:يعني إيه؟!
-يعني دي حاجة طبيعية..المسافة مكنتش هينة والنزيف كان شديد..بس إحنا سيطرنا ع الوضع وإن شاء الله لما الحالة تتحسن هتفوق...

ثم تحرك الطبيب ولكنه عاد مرة أخرى يُخرج شيئًا من جيب مئزره الطبي

-إحنا إضطرينا نشيل الخاتم من إيدها..إتفضل...

أخذه يونس وقبض عليه بـ قوة دون حديث...

*****************************************

بعد عدة ساعات كان يجلس بـ جانبها على الفراش..يُملس على رأسها بـ رقته المعهودة وإبتسامته التي أصبحت حزينة..عينان تذرفان الدمع دون إنقطاع وهو يراها ساكنة ذات وجه شاحب ورأسها يُحيطه الشاش الطبي..همس بـ صوتٍ مبحوح

-أسف يا حبيبتي خذلتك..أسف إني جيت متأخر...

إنخفض يُقبل جبينها بـ حنو ولم يسلم من العبرات التي بللته..ثم عاد يهمس بـ ألم

-أسف..والله أسف وهاخد بالي منك بس إرجعيلي..إرجعيلي..أنتي وحشاني..وحشاني أوي...

وأجهش في بُكاء مرير..إشاراتها الطبية تصدر صوتًا يبعث الإنقباض بـ لحنه الرتيب..مسح عبراته بعد مدة من البكاء وأخذ يتلو بعض أيات القرآن بـ صوته العذب ذات البحة الطبيعية..ثم حدثها بـ ندم

-يارتني كنت حكيتلك حكاية يونس وعزيزة..ليه قولتي ان هيجي اليوم اللي مش هعرف أحكيلك فيه؟..كان قلبك حاسس واليوم جه قريب أوي..أوي أوي..

تنهد بـ حرارة ثم قال بـ إصرار

-إصحيلي أنتي بس وأنا هحكيلك كل اللي نفسك فيه...

ولكن صوت الأجهزة الطبية طغى على صوت تنفسه..هى لا تجيب والغُرفة تبدو كئيبة..وهو يشعر بـ الإختناق..ولكنه لن يتركها أبدًا...

إنحنى بـ رأسه مره أخرى وقبلها على شفتيها المفتوحة الموضوع به خرطومًا ما ثم همس بـ لوعة

-بحبك با بنت السلطان...

***************************************

بعد مرور شهر....

كان يجلس على ذلك المقعد الموضوع بـ جانب النافذة التي تطل على حديقة تعج بـ المرضى وحولهم الأطباء و بعض الأهالي..يجلس مُنذ ما يُقارب عشرون يومًا بعدما أحاله الطبيب الذي قررأنه يجب نقله إلى مشفى الأمراض العقلية..نظرًا لحالته التي كان يهذي بها مُنذ أن دلف إلى القسم...

الأحداث تتوالى أمام عينه..يُقبلها بـشراسة وهى تهرب..يترك يدها ألمًا وهى تسقط فاقدة الحياة..أغمض عيناه ودمعتان وحيدتان هبطتان على وجنتيه..وظل يُردد عبارته الهستيرية

-أنا قتلتها..قتلت الحاجة النضيفة فـ حياتي...

لم يتوقف عن ترتديها مُذ أن نقلوه إلى هنا..تذكر أنه بعد أيام قليلة كان قد تم نقله بعد مُعاينة الطبيب له والأحداث التالية كانت مُبهمة...

سمع صوت أقدام تدلف إلى الغُرفة وصوت إغلاق الباب والأقدام تقترب..لم ينظر ولم يتحدث كعادته..إلا أن ظل جلس أمامه على الطاولة..رفع عز الدين أنظاره ليجد يونس يجلس أمامه بـ جمود...

لم يُصدم عز الدين بل نظر إليه نظرة خالية من الحياة وعاد ينظر إلى النافذة..أخرج يونس من خلف جذعه سلاحًا ما ثم وضعه على الطاولة وقال بـ جمود ونبرة ميتة

-ماتت...

ثم تركه و رحل..أغلق الباب خلفه..مضى في طريقه وسمع صوت طلق ناري من غُرفته..لم يجفل ولم يشعر بـ الصدمة وظل يسير بـ خيلاء يشعر بـ إنتصار عظيم وها قد إنتقم لذاته وإنتقم لها..إنتقم لحبيبته ولكنه ناقصًا يشعر بـ الفراغ والألم لعدم وجودها..يتدافع العاملين بـ المشفى يتخبطون به وهو لا يتأثر بهم إطلاقًا بل تفكيره إنحصر عن تلك الغائبة عن عالمهم ولم يشعر بـ عبراته التي غرقت وجنته....

*****************************************

وبعد مرور شهر أخر..كانت والدة بتول تجلس معها بـ الغرفة تقرأ بـ المصحف الشريف وبعد أن أنتهت ظلت تضرع إلى الله..فُتح الباب بعد قليل يطل منه يونس وعلى وجه إبتسامة صغيرة..إبتسمت بدرية ونهضت..ربتت على كتفه وقالت بـ خفوت

-متيأسش يابني

إبتسم يونس بـ بهوت وقلبًا لا يضخ سوى عشقًا خالصًا لها..جلس على نفس مقعد والدتها ثم أمسك يدها يُقبلها كـ عادته مُنذ ستين يومًا ثم أخرج الحلقة النُحاسية من جيب بنطاله وهمس بـ حنو

-بقالك كتير مش لابساها..وأنتي وعدتيني...

أمسك يدها اليُسرى ثم ألبسها الحلقة ولم يترك يدها بل إنحنى بـ جذعه أكثر ويده الأخرى تُملس على خُصلاتها التي إستطالت قليلًا..وأكمل حديثه بـ إبتسامة حزينة

-هحكيلك حكاية يونس وعزيزة..بس تفوقي بعدها...

ضحك على عبارته ولكنه أكملت يداه سيرها على خُصلاتها ثم أكمل بـ شرود

-يونس دا يا ستي كان ابن اخت أبو زيد الهلالي..كان فيه واحدة اسمها عزيزة بنت معبد السلطان حاكم تونس..كانت بتحب يونس حب مش عادي..عرضت عليه كتير مقابل بس انه يحبها بس برضو مقدرتش..انتهت بحبسها ليه لمدة سبع سنين ولما عرضت عليه الجواز مقابل أنها تفك أسره..رفض وقالها مينفعش الحرية تكون مشروطة..مينفعش أقايض حريتي بـ مشاعري..بس هو فضل أسير عندها لحد أما أبو زيد فك أسره...

تلألأت العبرات في عيناه وهمس بـ ضحك

-يونس اللي فـ القصة نال حيرته..بس يونس الحقيقي لسه منلهاش...

تشوشت الرؤية بـ فعل تلك العبرات التي أبت الإنهمار..إلا أن الصدمة أاجمته وهو يشعر بـ تأوه خافت يصدر عنها..أزال عبراته ليجدها بـ الفعل تُكابح من أجل فتح عيناها...

لا يعلم كم إنتابته المشاعر..تتنقل من الصدمة إلى عدم الإستيعاب إلى السعادة..وجدها تبتسم وتقول بـ نعومة

-هاي...

ضحك يونس بـ تحشرج ولا تزال يده تُملس على خُصلاتها وهمس بـ المقابل

-هاي

رفعت يدها تُملس على ذقنه التي إستطالت وهتفت بـ شوق حقيقي

-وحشتني..أوي

إنهال عليها يُقبل وجنتها وجبهتها ويدها ثم قال بـ صوتٍ مبحوح

-وأنتي وحشتيني أوي..أوي يا قلب يونس وروح يونس من جوه...

ضحكت بتول ولا تزال يدها على وجنته وعيناها تسيران وتلتهمان من ملامحه التي إشتاقت إليها..لروحه التي تبعث في نفسها الإطمئنان..لعيناه التي تُخبرانها بـ أن العالم جميل..وهو فعل بـ المثل ولكن نظره مُثبت على عيناها التي إشتاقها حد الجنون..إلى زيتون عيناها الذي يتيه فيهما بـ كامل قواه العقلية..همس يونس بـ صوته العذب

-بحبك يا بنت السلطان
-ردت عليه يونس بـ نبرة أكثر عذوبة:وأنا بموت فيك يا أسير بنت السلطان...

*****************************************

بعد يومان كان يُطعهما طعام الإفطار وذهنه شارد..بعد أن إستيقظت وإقتظت الغرفة بـ العائلة..سألته بتول عما حدث وأنها لا تتذكر أي شئ..كيف حدث هذا لا تعلم..إلا أن يونس أخبرها بـ إبتسامة متوترة

-عملتي حادثة...

وعندما سأل الطبيب عن حالها أخبره بـ إختصار

-حصلها إرتجاج فـ المخ وأكيد لازم تنسى اللي حصل..دا طبيعي...

وبعدها لم يُثير معها مرة أخرى ذاك الحديث ولم يُحاول تذكيرها..ربما القدر يقف بـ صفه كي يجعلها تنسى اللحظات الذي خذلها فيها...

أفاق من شروده ثم نظر إليها مُطولًا وقال بـ نبرة حذرة وقلب يخفق بـ جنون

-عز مات...

تبعها صمت ثقيل..لحظات مرت عليه كـ سنون..لم يجرؤ على رفع عيناه لها وينظر إلى عمق عيناها..إلا أن ردها جعل الذهول يرتسم بـ حرفية على وجهه مُصطحبًا معه مشاعر أخرى لم يستطع تحديدها

-مين عز!!

حينها رفع رأسه سريعًا ينظر إلى حاجبيها المعقودان بـ تساؤل..وملامح البراءة مُرتمسة على وجهها..صمت يستشف ما أن تصتنع الجهل أم حقيقي..إلا أنه تنهد وقال بـ هدوء نسبي

-حد مش مهم
-هزت كتفيها بلامبالاه وقالت:طيب...

ظل يُراقبها ولكنها لم تتوتر ولم تهتز حدقيتها..لا شئ سوى أن القدر حليفه بـ أن تنسى أسوء الشخصيات التي عرفها يومًا..ذلك الحقير الذب قتل قرية كاملةً من أجل النفط فقط..من أجل بضع قطرات تُهرب إلى بلاد لا تعرف سوى إراقة الدماء...

إبتسم يونس لها بـ حنان قبل أن يدنو منها مرة أخرى وهمس بـ عبث

-هو أنا قولتلك أني بحبك!
-هزت كتفيها بـ دلال وقالت:امممم..دلوقتي!..لأ
-ليقول بـ عبوس:لأ إخص عليا..غلطة وهصلحها حالًا...

ثم مال على شفتيها يمتص رحقيًا لا يرتوي منه أبدًا..وكأن حياته تتوقف على تلك القطرات التي ينهلها منها..وهى لا تسطيع مُجابهه جموح عشقه وعنفوانه..لا تجد بدًا سوى الإنجراف وراء عشقه الذي تتعلم أبجادياته على يديه وهى حقًا محت تلك الفترة السابقة وكان يونس هو أول عشق عذري يكتسحها بـ براءة وطهارة....

*****************************************

بعد مرور ستة أشهر...

كانت بتول تقف بـ المطبخ الخاص بـ منزل عائلة يونس وبـ جانبها روضة التي عُقد قرانها قبل شهران بـ حضور والدتها لمدة يومًا واحد خارج دار رعايتها..واليوم يعدان مأدبة يحضر بها الجميع..إحتفالًا بـ زوال المحنة وترقية يونس إلى رتبة نقيب..وقد تم طمس الحقائق المُتعلقة بـ موت وزير البترول وأنتهى بـ موته على أنه أحد أبطال الوطن الشُرفاء...

سمعت بتول صوت روضة يأتي من خلفها

-بتول..أنا هشوف ماما صفوة إتأخرت ليه
-غمزتها بتول بـ وقاحة:ماما صفوة برضو!

إشتعلت وجنتي روضة بـخجل ثم هتفت بـ حنق مُفتعل

-بتول كدا عيب..مش مصدقاني يعني!
-رفعت منكبها وهتفت بـ نبرة ذات مغزى:لأ مصدقاكي..حتى هتلاقي ماما صفوة فـ البكلونة مع عمو رفعت ويونس بتلعب طاولة معاهم...

وكزتها روضة ثم خرجت من المطبخ وقبل أن ترنو إلى داخل أحد الغُرف كانت يد صلبة تلتف حول خصرها وتسحبها إلى المرحاض..شهقت روضة بـ هلع ثم هتفت بـ توتر

-عدي..إفرض حد...

ولم تُكمل حديثها وهى تجد شفتاه تُسكتها كما تعود مُنذ عقد قرانها..لا يشبع منها ولا يمل من إغضابها ومُصالحتها كما يعشق..مرت العاصفة ليضع جبهته على جبهتها ثم هتف بـ عشق

-بعشقك يا روضتي
-قبلت وجنته بـ نعومة وتشدقت بـ نبرة توازي نبرته:وأنا بعشقك...

****************************************

بحث بـ عيناه عنها وقد إشتاقت إليها كثيرًا وقد تحجج بـ أن يذهب للإستراحة قبل ميعاد الغداء..ولكن عيناه تبحث عنها بـ كل السبل حتى وجدها تقف بـ داخل المطبخ وخصرها يتمايل مع دندنة خافتة من بين شفتيها بـ أغنية شعبية...

كانت تُقلب محتويات القدر وهى تتمايل مع نغمتها الخافتة...

-دا تاعبني وبرضو عجبني وأنا لا حول ليا ولا قوة...

لتتفاجئ بعدها بيد صلبة تُحيط خصرها بـ قوة يضمها إليه بـ قوة أكبر وهو يهمس بـ عبث

-دا مين دا اللي تاعبك وأنا أقطعه؟!

أغلقت الشُعلة بعد نضوج الطعام ثم إلتفتت إليه ليجدها تُحيط عنقه وتتحدث بـ دلال يغوي القديس

-أقطعلك إيدك لو مديتها عليه..وبعدين هو عاجبني
-رفع أحد حاجبيه وتساءل بـ تسلية:عاجبك!
-غمزته بـ أحد عينيها وقالت:جدًا...

ضحك يونس ملئ فاه وعيناه تبعثان لها معاني العشق السامية..لم يقترب منها طيلة الستة أشهر إلتزامًا بـ وعده لأبيها وهو يُخبره أن حفل زفافه سيكون مع أخيه..ولكنه لا ينفك ويبُثها العشق بـ طرقه الخاصة...

تشدق بـ مرح

-اممم..طب أغنيلك أنا!
-تحمست بتول وهى تتعلق بـ عنقه أكثر:أيوة أيوة..
-ضحك يونس بـ خبث وقال:هغنيلك أغنية"هاتي حتة يا بت"

إمتعضت ملامحها وقد خبت حماستها ثم قالت بـ تقزز

-حتة إيه اللي أجيبها!!

شهقت وهى تراه يحملها ثم يتجه إلى الخارج..هتفت بتول بـ جزع

-رايح فين يا مجنون!
-غمزها بـ وقاحة:هقولك حتة إيه اللي عاوزها...

ثم إتجه إلى باب المنزل وفتحه..كادت أن تعترض بتول ولكنها تاهت مع شفتاه التي تنثر حبات القُبل بـ نعومة على وجهها و شفتيها الورديتين و وجنتيها الناعمتين وهو يبثها كلمات الغرام حتى وصل إلى سقفية المنزل..دفع الباب بـ قدمه وقد عمل على إلهاءها عن مفاجأته...

شعرت به يتجه إلى ركنًا ما ثم أنزلها وهو يهمس بـ إبتسامته التي تُذيبها

-بصي هناك...

نظرت إلى ما أشارت له رأسه..لتتسع عيناها بـ دهشة وهى ترى أرجوحة في مُنتصف السقيفة المنزل..حبلان قويان يلتف حولهما أفرع من النبات المُتسلق ذو زهرات جذابة والمقعد خشبي قد أصطبغ لونه بـ الوردي...

شهقت بتول وهى تضع يديها على فاها من الصدمة والسعادة..نظرت إليه بـ عينان مغروقتان بـ الدموع..ليبادلها الإبتسامة الحانية والنظرة التي تختصها هى فقط..ثم إتجه إليها وجذبها من يدها ليجلس أولًا وبعدها أجلسها على قدماه..أخذ يتأرجح بها بـ واسطة قدمه ولم يقدر أحدهما على الحديث فـ قد تكفلت العيون بـ ذلك..دفنت رأسها في صدره القوي وأحاطت خصره بـ قوة خشية أن يهرب..وهو ماثلها في فعلته إذ إلتفت يداه حول خصرها والأخر تُحيط بـ عنقها ثم همس بـ نبرة تحمل في طياتها عشق أبدي

-كان نفسي أعملك حاجة مميزة بـ إيدي..حاجة رقيقة زيك..ملقتش غير دي
-تشدقت وهى لا تزال مُختبئة في صدره:من النهاردة دي مملكتنا ومحدش هيدخلها

إنحنى يُقبل عنقها وهمس بـ تأكيد

-دي مملكتنا الصغيرة..اللي بينا وبين أطفالنا هتكبر..بحبك يا بنت السلطان وهفضل لأخر نفس أحبك...

وما كان منها أن تزداد في ضمه لها وكأنها تُخبره بـطريقتها عن مدى عشقها له...

ربما يأتينا العشق مُتأخرًا عن ألا يأتي أبدًا..والحكمة أن نستغل الفرصة المُتاحة لنا لربما لا يُعيدها القدر..تمسك بما تؤمن وحافظ على من تُحب فـ الحياه قد تغدر بنا في لحظة وتسرق منها أجمل اللحظات....

تمت_بحمد_الله
*********************
إلي هنا تنتهي رواية يونس بقلم إسراء على
تابع من هنا: جميع فصول رواية يونس بقلم إسراء على
تابع من هنا: جميع فصول رواية أرض زيكولا بقلم عمرو عبدالحميد
تابعوا صفحتنا على الفيس بوك للمزيد من روايات حب
أو أرسل لنا رسالة مباشرة عبر الماسنجر باسم القصة التي تريدها
اقرأ أيضا: رواية احببتها في انتقامي بقلم عليا حمدى
يمكنك تحميل تطبيق قصص وروايات عربية من متجر جوجل بلاي للإستمتاع بكل قصصنا
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة