-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية الشرف ج4 قسمة الشبينى - الفصل الثامن

مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص مع رواية صعيدية جديدة للكاتبة المتألقة والمبدعة قسمة الشبينى التي سبق أن قدمنا لها العديد من القصص والروايات الجميلة علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل الثامن من رواية الشرف الجزء الرابع بقلم قسمة الشبينى. 

رواية الشرف الجزء الرابع بقلم قسمة الشبينى - الفصل الثامن

اقرأ أيضا: روايات رومانسية عربية كاملة

رواية الشرف ج4 قسمة الشبينى
رواية الشرف ج4 قسمة الشبينى


تابع أيضا: قصص رومانسية

رواية الشرف الجزء الرابع بقلم قسمة الشبينى - الفصل الثامن

انكمشت همت بين ذراعى أخيها أثناء مرورهما للداخل هربا من نظرات أبيها القاتلة ، ربت هاشم فوق رأسها ليصرخ منصور : غورى من خلجتى خلينى اكل بنفس داهية تسد نفسك .. انى عارف مابتموتيش وتريحينى ليه ؟
نظرت له سليمة بحزن بينما تساءل هاشم : وهى اذتك فى إيه بس يا بوى ؟
نظر له منصور بحدة : اذتنى فى إيه ؟ بزيدانى إن بتى انى دون عن بنات العيلة مخبولة .. بزيدانى خلجتها المجرفة اللى تسد النفس .. بزيدانى إنها جطعت خلف امك وماعرفتش اخويك براچل يجف فى ضهرك .
أسرعت سليمة تقاطعه : روح يا منصور اتچوز وهمل البت في حالها .
نظر لها منصور شزرا : اتچوز !! مستنى اذنك انا إياك !!
واخذ يهمهم بكلمات مبهمة لا يفهمها سوى ولده فأبيه يخشى أن يتزوج أخرى فيسحب منه جده ارض أمه التى وضع يده عليها منذ زواجه منها  لكنه فى تلك اللحظة فعليا ليس واثقا من أبيه ورغم ذلك ليس أمامه إلا الصمت .
سحبت سليمة همت من اضلع هاشم لتتعلق بها وتدفن رأسها فى صدرها خوفا وتسير معها إلى غرفتها أو سجنها الذى تلزمه طيلة وجود أبيها فى المنزل .
ضمتها بحنان تعلم أنها تخطئ فى حق تلك الصغيرة والتى تعلم جيدا أنها تحتاج لرعاية ؛ طبية على أقل تقدير نظرا لمولدها بخلل فى القلب ، لكن ماذا تفعل !!
اتطلق من ابن عمها لتوصم للابد !!
لتعود لبيت أبيها الذى لا تطأه قدميها سوى فى أحلك الظروف !!
وماذا عن ابنها !!
لم تعد لها قدرة على اتخاذ قرار صحيح ، اعتادت أن تترك دفة حياتها للأيام فتوجهها حيثما أرادت .
كذلك مصير تلك الفتاة ، ابنتها الغالية ، ليس أمامها سوى أن تترك الأيام لترسى سفينتها كما تريد
*****
اخيرا أغلقت بسمة باب غرفتها وقد انتهى يوما طويلا تألمت من تفاصيله قبل أن تحياها ، لم تكن بحاجة للتفكير الذى منحته لتختار سويلم أو لا . هى اختارته بالفعل ، ربما قناعتها فاقت قناعة الجميع .
تسطحت فوق الفراش شاردة تتذكر نظراته وألمه , لكن هذا الألم لم يشفع له عندها ، لا يمكنها أن تنسى أنه حاول أن يتركها .
لم يكن عليه أن يسئ الاختيار ...
لم يكن عليه أن يحاول الفرار منها ...
سامحته على سوء اختيار لكن لم تغفر الألم ...
ستعلمه مستقبلا أن يفر إليها لا منها .
***
استلقى طايع فوق فراشه مغمضا عينيه براحة ظاهرية ، لا ينكر خوفه من إساءة سويلم للاختيار مجددا .
إنها فرصته الأخيرة ورغم تعلق ابنته به إلا أنه سيكون أول من يلقى به خارجا فى المرة المقبلة .
اقتربت زوجته لتجلس بطرف الفراش : طايع عاوزة اتكلم معاك فى موضوع قبل ما تنام .
لم يتحرك بل تساءل بخفوت : خير يا لى لى !!
لم تتردد لحظة لتتابع : نسمة متقدم لها عريس وهى موافقة .
انتفض طايع ليستوى جالسا في طرفة عين وتحولت ملامح وجهه كافة للتهجم : مين ده ؟ وعرفها فين ؟ ووافجت عليه ميته ؟؟
رفعت كفيها تدعوه لتمالك نفسه : بالراحة يا طايع . ده بسول الهادى .. كلمها فى التمرين النهاردة وهى بلغتنى ، ومعنى أنها بلغتنى إنها موافقة .
زاد تجهم ملامحه : مش كانت رافضة الارتباط ؟ إيه اللى چد دلوك ؟؟
هزت كتفيها بتوتر : انا سألتها قالت غيرت رأيها لانه مناسب .
عاد طايع يستلقى وعقله يحاصر تضارب أفكاره بين جنبات رأسه ، شعر بها تتوسد كتفه ليتحرك ذراعه بآلية ويحيط كتفيها بدفء صامت .
فقط ذراعه يحيطها أما قلبه وعقله فى تلك اللحظة ليسا هنا فعليا بل يلهثان فى أثر فتاتيه وقد حكمت عليه نسمة توا بالتشتت فما الذى دعاها فى هذا التوقيت تحديدا لقبول الزواج !!
إنه يتذكر جيدا منذ شهر واحد فقط رفضت الارتباط وصممت أن تنهى رسالة الماجستير ورسم مستقبلها أولا .
فما الذى جد !!
***
حين سمحت له والدته بالعودة إلى غرفته كانت غافية بإجهاد واضح أسرى الندم لأول مرة في صدره .
جلس أمام الفراش محاولا اتخاذ موقف حاسم ، هو ينكر اى مشاعر تربطه بها ، يرى علاقته بها تقوم على دوافع حسية لا تتخللها أية مشاعر ، فماذا عن هذا الصغير الذى تحمله ؟!
أحقا هو على استعداد أن يكون أبا لطفل منها ؟!
ظل لوقت لم يحصيه يراقبها ويراقب نفسه في قربها ليخرج بنتيجة واحدة ، إن أرادت اسمه لمن تحمل بين احشائها فلتحصل عليه ؛ وهذا يكفيها .
أما هو فلا يريد منها إلا لحظات يروى فيها ظمأ شبابه لفتنتها هى لها وهو يرى أن الصفقة رابحة .
ليحصل كل منهما من الاخر على ما يحتاج وبعد ذلك تتفرق الطرقات ويعود كل منهما إلى حياته .
هى تعود لحياتها وتحمل معها هذا الصغير خارج حياته وهو يعود ل زينة والتى سيحيا معها ما بقى من عمره .
****
شاركوا جميعا حمزة حجرته رغم وجود غرف شاغرة ، اخيرا انفرد بقلبه الذى يأن ، منذ عاد من منزل أبيها وعقله وقلبه فى صراع .
إنه لا ينكر أن فرصته ليست جيدة ، لكنه لا ينكر أيضا أن الأمر كله لا حيلة له ولا لغيره فيه .
هى لن تتخلى عنه ؛ يثق بذلك أكثر مما يثق بنفسه ، لكن ماذا إن لم يرزقهما الله !!؟
أيتحمل نظرة الحرمان بعينيها ؟!!
أيتحمل صرخة ألم لن تبارح صدرها ؟!!
وسؤال اخر فرض نفسه على عقله ؛ أيتحمل خسارتها ؟!
لم يحاول اى منهم أن يتحدث أو يخرجه من أفكاره ، الجميع اكتفى بمراقبة انقباض ملامحه وتصلب بدنه من حين لآخر ليفهم ثلاثتهم أن سويلم لا يزال يصارع نفسه وأفكاره .
****
تسطحت بالفراش لينظر لها محمد ، لقد قرر فعليا الزواج بأخرى ، فهل يمكنه تنفيذ هذا القرار !!
هل يمكنه أن يسكن غيرها قلبه ويسكن إليها !!
إنها على نفس الحال ، لم تحاول حتى تبديل ملابسها ، لم يعد الأمر هاما ، ربما يمكنه القبول بذلك على مضض .
بلى يمكنه أن يفعل لأجلها ، ولأجل صغيريه .
ارتخت ملامحه وتبسم اخيرا ؛ سيفعل . اخيرا شعر ببعض الراحة بعد صراع طويل .لكن راحته تلك مصدرها نفسه فقط في علاقة تقوم على طرفين إثنين.
اقترب منها ليندس ذراعه أسفلها ويحيطها الآخر ، سمع صوت تأففها ليهمس : نامى يا رحمة ، انا بس محتاج اخدك فى حضنى .
تململت بضجر : وانام ازاى وانت مكتفنى كده !!
عاد يهمس متصنعا الهدوء : رحمة انا حاضنك مش مكتفك وبعدين قولت لك هحضنك مش اكتر . محتاج دفا يا رحمة قلبى بردان . افهمينى بقا حرام عليك .
اعتدلت رحمة لتنفض ذراعه عنها : افهم إيه يا محمد ؟؟ انت بتكلم ولا المراهقين !! قلبك بردان إيه يا راجل بلاش كلام فاضى .
أعادت كل غضبه منها في لحظة ببضعة كلمات أطلقتها بلسانها السليط . انتفض غضبا : انا غلطان .. بحاول اوصل مشاعرى لمين !! لواحدة ماتعرفش الاحساس اصلا .
وابتعد عن مضجعها الذى أصبحت برودته تفوق تلك البرودة التى ترعى بقلبه .
*****
مرت عدة أيام عصيبة على الجميع .
زادت علاقة مازن وهيا سوءا رغم محاولات محمود وحياة للسيطرة على تجبر مازن لكنه يصر على إخراج أسوأ ما فيه.
قبل طايع مقابلة بسول وعائلته رغم عدم قناعته أن نسمة قد غيرت اتجاه حياتها لمجرد أنه شاب مناسب .
وصل رفيع للقاهرة فولديه لم يعودا برفقة دياب الذى عاد لارتباطه بأعمال عليه إنجازها .
لم يحاول محمد التقرب من رحمة مجددا بل وضع حدا مزعجا بينهما احتراما للحب الذى يكنه لها وخوفا من لحظة تهور أخرى تفقدهما الكثير .
****
اندفعت بسمة لغرفة نسمة بسعادة لتجدها تجلس بشرود أمام المرآة ، اقتربت منها فورا : نسمة انت لسه قاعدة ؟!
نظرت لها نسمة عبر المرآة : امال اعمل ايه !!
اتسعت ابتسامة بسمة : جهزى نفسك مش بسول وأهله جايين النهاردة ؟
جلست أمامها بحماس : انا فرحانة اوى يا نسمة . بسول بيحبك ودى حاجة واضحة زى عين الشمس .. بتحبيه ؟
لقد منحت توأمتها كل الخصوصية التى تحتاج طيلة الأيام الماضية ، لم تحاول رغم حماسها الشديد التحدث إليها عن ارتباطها بهذا الفارس الذى تقدم لخطبتها ظنا منها أن شقيقتها سمحت للحب أن يتخلل حياتها ، لكن بعد هذه الأيام رأت فى تلك اللحظة ما ارجف قلبها ، تحولت نظرات نسمة للتهكم وعينيها غلفهما الغموض وهي تجيب : أحبه ! انت فكرانى ساذجة وهضيع حياتى .. انا حسبتها يا بسمة ، حسبتها كويس .
ذابت الفرحة فى قلب بسمة واختفت من ملامحها وهى تستنكر : حسبتيها ؟؟
نهضت نسمة نحو خزانتها : ايوه حسبتها .. بسول مناسب ليا من كل النواحى ، اول حاجة مش أكبر منى بكتير ، تانى حاجة بيشتغل في الخارجية ومستقبله ممتاز ، تالت حاجة مستواه الاجتماعي اعلى مننا يعنى معاه هطلع لفوق مش هنزل لتحت ، همشى لقدام مش هرجع لورا ، رابع حاجة فارس زيى تمام يعنى مش هيفكر يحرمنى من هوايتى واهم حاجة إن عنده استعداد يخسر قدامى فى بطولة من غير ما ده يأثر على علاقتنا وده معناه انى اقدر اقود العلاقة معناه إن نجاحى مش هيقف بنا ، معناه إن اللى انا عاوزاه هو اللى هيحصل .
هزت كتفيها : هحتاج إيه اكتر من كده !!
أخرجت فستان بلون هادئ : حلو الفستان مش كده !!
نظرت لها بسمة بتيه اسعد نسمة وهى تهز رأسها : حلو ، ايوه حلو .
نهضت مغادرة وقد غادرها كل الحماس الذى دخلت به منذ دقائق لتنظر نسمة في أثرها بتهكم ؛
 تحب !!
تخضع !!
تتألم !!
لأجل رجل !!
لن يحدث فهى ليست بسذاجة بسمة ...
***
جلس رفيع أمام محمد فى متجره حيث يمكنهما التحدث بحرية ، نظر رفيع له بقوة متسائلا : وانت شايف الچوازة التانية هتسعدك ؟
أسند محمد مرفقيه للمكتب ونظر لعينى رفيع مباشرة ليقول : رفيع انا مش بدى نفسى حاجة مش من حقى . ومش هشكى من رحمة تانى انت ممكن تسألها عن جوازنا وعن العمر اللى عاشته معايا ، انا عارف رحمة كويس مش هتنكر اللى انا اتحملته منها ولا هتنكر اللى وصلنا ليه بسبب تفكيرها الغلط . انا قلت لك انى هتجوز واحافظ على بيتى بدل ما افضل كده ونخسر اكتر من كده .
لم تتغير نظرات رفيع ولم تهدأ ثورة غضبه بل قال باتهام مباشر : انت هتكسر خيتى ! فكرت في ولادك ! هتجولهم إيه !! اتچوزت على امهم ليه !! بلاش ولادك انت هتجدر تعدل ؟ هتجدر تكون لحرمتين ؟؟
تشتت نظرات محمد وانتباهه أيضا حين وصله صوتها الذى يحرك ساكنا فى صدره ، لاحظ رفيع فورا التغير الذى طرأ عليه واختلاج عضلات فكه وعينيه المغمضة رفضا لاختلاس النظر . أنفاسه التى يحاول التحكم بها .
تحولت عينا رفيع لمصدر الصوت فورا لتقابله عينيها المتعلقة ب محمد ترجو الارتواء من محياه ، انقبض قلبه فورا فقد تأكدت ظنونه ، إحداهن قد حصلت على قلب زوج شقيقته .
عاد بعينيه ل محمد الذى لم تنته معاناته ليتساءل : هى دى ؟
لم يفتح عينيه بل أومأ بصمت لينهض رفيع فورا ، فقد تأخر .. تأخر جدا .
*****
جلس بسول بصحبة والديه أمام طايع ومهران وليليان التى لم تخف سعادتها البالغة .
بسول عارف الهادى ، الابن الأصغر للسفير السابق ؛ عارف الهادى والوحيد من أبنائه الذى نهج نهجه ويبدو أن شأنه لن يقل عن شأن أبيه فخطاه ثابتة مدروسة بعناية .
والدته السيدة عبلة تمام ؛ سيدة مجتمع من الدرجة الأولى ، نظرت ليليان لهذه العائلة التى ستكون سببا أساسيا في رسم مستقبل أفضل لصغيرتها ، لقد احسنت تلك الصغيرة الاختيار.
تحدث طايع بهدوء بعد عرض الزواج الذى قدمه عارف : انا مجدر كل اللى حضرتك اتكلمت فيه ، لكن كل ده ماديات ، انا يهمنى سعادة بنتى .
ابتسم بسول بدبلوماسية : يا عمى تقدر تطمن على نسمة معايا ، هى حقيقى غالية عليا جدا ، وبغض النظر عن انى اقدر اقدم لها كل اللى بابا اتكلم فيه فأنا قبل اى حاجة هقدم لها دعمى المطلق .
عقد مهران ذراعيه متسائلا : كيف يعنى ؟
تحولت نظرات بسول نحوه : انا ماعنديش مانع ابدا إن نسمة تبنى لنفسها كرير ومستقبل بالعكس أنا هكون فخور بيها جدا ، اقدر اساعدها تقدم فى صروح إعلامية وده لأنى واثق فى قدراتها وعارف إنها هتنجح ، بالنسبة للفروسية طبعا مفيش خلاف نهائى بالعكس أنا سعيد إنها فارسة ليها اسمها انا يهمنى فى المستقبل ولادنا يفخروا بينا احنا الاتنين.
اختلجت ملامح مهران ليصر على أسنانه متحكما فى نفسه بينما قال طايع : مبدئيا مفيش مانع .
أسرعت عبلة تتدخل : يبقى نسمة تنزل تختار شبكتها إحنا زى ما عارف قال هنجيب سولتير
تحدث عارف أيضا : وتقدروا تيجوا تشوفوا الفيلا اللى هيتجوزوا فيها ، الكومبوند راقى جدا والخصوصية والأمن ممتازين .
أومأ طايع بتفهم : أيام بس فى موضوع مهم نحدده واتصل بيكم ونشوف مواعيد مناسبة .
ثم نظر لزوجته : لى لى نادى نسمة تسلم على الضيوف .
تحركت ليليان بحماس بينما ظل مهران عاقدا ذراعيه ينقل بصره بين الجميع بعدم رضا .
خرجت نسمة مرفوعة الرأس لا يبدو عليها اى من علامات الخجل أو لمحات التردد ، تقدمت بنظرات قوية نحو مجلسهم .
رفع مهران وطايع اعينهما ؛ الشغف بعينى بسول لا يخفى وهذا وحده مبشر ، نهض فورا يحيطها بنظراته لتبتسم له بلا تكلف ورغم علمه أنها لن تصافحه إلا أنه استقبلها مقتربا منها بجرأة ليقف قبالتها على مسافة كافية ليقول : مبارك يا نسمة ، إن شاء الله تكونى سعيدة جدا معايا .
لم تهتز عينيها ولم تتخضب وجنتيها بل نظرت لعينيه مباشرة : بارك الله فيك يا بسول ، انت كمان هتكون سعيد معايا .
لم يشعر طايع بالراحة لما يحدث لينهى الموقف : اقعدى يا نسمة .
****
تجلس رحمة أمام رفيع منذ ربع ساعة وهو يستند بذقنه إلى كفه الممسك بعصاه دون أن يتحدث .
منذ عاد وعلم أن زوجته ذهبت لزيارة اختها وصحبت أبنائها جميعا وان ولديها لم يعودا بعد ، طلب منها أن تجلس ليحادثها بأمر هام ، ومنذ جلست وهو غارق في صمته .
حمحمت بحرج : احمم رفيع هو فى إيه ؟
رفع عينيه فقط ليتساءل : عاملة كيه يا رحمة ؟
قطبت جبينها : زينة يا خوى . بجى لك زمن بتكنينى بولدى جربت انسى أسمى منيك .
تحدثت بمرح قابله بجمود : كنت غلطان يا رحمة ، الحرمة منيكم بنكنيها بولدها لأچل نفرحها لكن بنكبرها واحنا ماواعينش .. وانت بعدك صغيرة .
راقب ملامحها جيدا لتتسع ابتسامتها وتستنكر فورا : صغيرة !! دى بتى بجت طولى وابنى أطول منى !!
زادت ملامح رفيع جمود : وايه يعنى ما انتى واعية سويلم وسليم اطول من امهم وعمرى ما حسيت إنها كبرت .. بتها بتكبر وهى بتصغر كانها بترچع بالسنين لورا .
تجهمت ملامح رحمة وتساءلت : وايه لازمته الحديت ده دلوك ؟
فطن رفيع أنها فهمت ما يرمى إليه ليقول بلا تردد : احكى لى عن محمد يا رحمة ، جولى لى كام مرة كسر خاطرك ؟ كام مرة أتخلى عنيكى ؟ كام مرة وجعك أو چه عليكى ؟ كام مرة چرحك جدام غريب او جريب ؟
كان يتساءل وملامحه الباردة تثور ويحتلها الغضب ، تململت بجلستها ، لقد صدق حدسها ويبدو أن محمد قد اشتكى لأخيها منها .
نظرت أرضا وعقدت ساعديها بغضب واضح : عمره ما عمل اى حاچة من دول .. بس بجى يغير من ولاده ، بجى رايدنى لازجة فيه كيه العلجة ، كنه كبر وخرف .
ضرب الأرض بعصاه بغضب انتفضت له لترفع عينيها إليه ليتساءل بغضب : هو ده اللي ربيتك عليه ! تغلطى فى چوزك ؟
انتفض واقفا : يعنى الراچل عاش عمره أصيل وشايلك فى عنيه واخد إيه منيكى ؟ الغلط ؟
ارتعشت أطرافها : ماجصديش يا خوى ، ده چوزى وعلى راسى .
هز رأسه بألم : انت ضيعتيه يا رحمة .. فيها ايه لما يغير من ولده !!
أشار نحو صدره : انى بغير من ولدى .
اقترب منها لتعود للخلف بقلق : فيها ايه لما تحايلى چوزك وتراضيه مادام مراعيكى .. رايدك چاره خليكى چاره ، إيه فى حياتك اهم منيه ؟
لم تجد فرصة تدافع عن نفسها أمام هجوم أخيها الذى ترى أنه يتخذ جانب زوجها بمبالغة بينما تابع رفيع : چوزك ماكبرش يا رحمة لكن انت اللى خرفتى .. خرفتى لما اهملتيه وهملتيه .. خرفتى لما حرمتيه منيكى .. خرفتى لما شوفتى نفسك كبرتى وحكمتى على روحك بالموت .
زاد تجهم ملامحها بينما صمت رفيع وقد أغمض عينيه بألم واضح قبل أن ينظر نحوها بنفس الألم : چوزك هيتچوز عليكى وانى ماجادرش ألومه .. الراچل منينا مهما كبر يحتاچ صدر حبيبته يتخبى چواه من الدنيا ومن نفسه كمان .
شحب وجهها وارتعش كفها مرتفعا نحو صدرها بفزع : يتچوز !!
هبت واقفة : وانت هتسكت له يا رفيع ؟
اقترب ممسكا ذراعها : بدك اعمله ايه ؟؟ انى چيت أسألك ولو كان ليكى حج ماكنتش ههمله .. لكن اعمله ايه وهو جدم كل حاچة والغلط عنديكى .
دفعها لترتد جالسة لينحنى فوقها : ماشوفتيش عذابنا مع امك وبوكى بينها وبين حسنات !!؟ ماشبعتيش من وچع حچاچ وكرهه لينا ؟؟
ارتد واقفا مبتعدا عنها : امك اتغصبت وماكانتش تجدر تجول لاه ، لا هى ولا أما حسنات ، لكن انت عذرك إيه !! تحكمى على ولادك بده ليه !! ليه يعيشوا اللى عيشتيه ؟
استجمعت شجاعتها لتقف بشموخ : انى مش هسكت له .
ضرب الأرض بعصاه مجددا : هتعملى إيه ؟ هتمنعى شرع ربنا ؟؟ مادمتى شايفة روحك كبرتى وماجدراش تحمى چوزك وتكفيه يبجى من حجه يروح للصغيرة اللى تجدر .جوزك ماكملش خمسة وأربعين وانت يادوب عديتى الاربعين الكبر مش بالسنين يابت ابوى الكبر فى راسك وعجلك اللى ضيعوكى .
وانهى الحوار مبتعدا نحو الباب ليصفعه منفثا عن غضبه من شقيقته التى أفسدت حياتها . انتفضت تنظر فى أثر أخيها الذى صفعها بالحقيقة .
*****
دخل ضاحى إلى غرفته لتسرع ريتاچ نحوه بلهفة : ها عملت ايه ؟
جلس ضاحى فوق الأريكة : ولا حاچة بردك ماشى وراها بيراجبها من بعيد .
جلست أمامه بحزم : خلاص يا ضاحى اخطبهاله وريح قلبه .
أسند جبهته لكفيه المنعقدين فوق عكازه : يا ريتا البنية من صغرها موعودة لواد عمها وكلنا خابرين إكده . وبعدين دى اكبر من ولدك بأكتر من تلت سنين .
زفرت ريتاچ بألم ، إنه جرح محقق لقلب صغيرها لن يمكنهما تفاديه ، لقد راقبه والده أملا ألا يعود لتعقبها كما اخبرهما لبيب بعد أن اعجزته الحيل لردعه بلا فائدة .
*****
وصل محمود للمنزل ليجد هيا بصحبة حياة كالعادة منذ عدة أيام حياهما وجلس بهدوء : مروة فين ؟
ابتسمت حياة : بتذاكر .
ابتسم بمحبة فصغيرته تبلى حسنا لينظر ل هيا : وانت مابتذاكريش ليه ؟
ضحكت هيا : ذاكرت والله يا عمو . بعد اذنك انا عاوزة انزل الجامعة من بكرة انا فاتنى كتير .وعاوزة اروح مع مروة المقرأة احفظ القرآن .
ابتسم محمود بود : وماله يابنتى .. اتفقتى مع مازن ؟
غابت البشاشة عن ملامحها واخفضت عينيها وهى تهز رأسها نفيا ، تألم محمود فابنه يصر على الخطأ ولم يتعظ مما حدث .
تساءل بخفوت : هو فين ؟
صمتت هيا لتجيب حياة : جوه فى اوضته .
نهض محمود نافضا همومه متجها نحو غرفة ابنه عله يعيد إليه عقله .
دخل ليجده متسطحا يتابع هاتفه ، إعتدل مازن ليزفر محمود بضيق : عامل ايه يا مازن ؟
أجاب مازن دون أن ينظر لأبيه : كويس يا بابا .
تساءل محمود : وعامل إيه مع مراتك ؟
هز كتفيه : ولا حاجة هعمل ايه .
جلس محمود بجواره : يا بنى انت خلاص بقيت مسئول عن زوجة وطفل لسه ماشفش النور . بلاش اللامبالاة دى ، راعى بيتك ومراتك
ابتسم مازن بسخرية : بيتى ومراتى ؟ بيت إيه يا بابا انا باخد مصروف منك ومراتى دى مجرد لعبة اسلى بيها وقتى .
شعر محمود بصدمة : لعبة !! مراتك لعبة !
وقف بحدة : طيب اخر كلام بقا علشان انا تعبت منك ومن تفكيرك الغلط ، هيا مالاكش حكم عليها ، مصروف مفيش ، عاوز فلوس تنزل كل يوم بعد الجامعة محل السبتية .
انتفض مازن : يعنى إيه يا بابا هتحرمنى من المصروف ! هو انا صغير ؟
ابتسم محمود بتهكم : علشان ما باقتش صغير .
اتجه نحو الباب : علشان تبقى عارف هيا راجعة الجامعة بكرة وانا اللى سمحت لها وهتروح مقرأة كمان إياك يا مازن فى يوم تمنعها عن حاجة انا سمحت علشان
نظر له بحدة ليتابع : علشان تتسلى .
وغادر تاركا خلفه مازن وقد طوى الغضب إدراكه تماما .
***
دخل ريان لغرفة ولديه ليجدهما منهمكين فى الدراسة ، اقترب وجلس بجوار ابنه : ازيك يا تاج ؟؟
ابتسم تاج : الحمدلله يا بابا فى نعمة .
اتسعت عينا ريان : الحمدلله ، عارف إنك فى نعمة .
تحولت نظريه ل تريم الذى لم يتحدث وغادر الغرفة بهدوء ليعود إلى تاج الذى لم تخف دهشته ليتابع : نعم ربنا كتير اوى يا تاج ، الحب اجملها .
اتسعت عينا تاج وتبدلت ملامحه ليكلل الخجل محياه ويحمم بصوت مرتعش : حب !! حب ايه حضرتك ؟
ضحك ريان ومد ذراعه ليقرب رأس صغيره : ههههه ، كل الحب يا تاج . سيدنا النبى قال ( لا أرى للمتحابين غير الزواج ) .
أغمض تاج عينيه رافضا الألم : ده لما يبقوا متحابين يا بابا .
ابعده ريان برفق : قصدك ايه ؟
زفر تاج بضيق : قصدى إنها مش شيفانى .. قلبها مش معايا يا بابا مع واحد تانى وللاسف التانى ده قلبه مش معاها .
ربت ريان فوق كتفه : تعرف يا تاج . جدك شاف جدتك مرة واحدة وكانت بتبكى ، فى نفس اليوم قرر يتجوزها .. كانت في ضيقة واتجوزته زيه زي اى راجل ، ومن معاملته وحبه ليها اللى ربنا زرعه فى قلبه كسب قلبها .. انا كمان كنت في زيارة للصعيد ، معرفش لمحت امك امته ولا دخلت قلبى امته ، لاقيت نفسى بحلم بيها ، الأول حسيت بالذنب ولومت نفسى ، وبعدين واجهت نفسى إن قلبى مال ليها ، اشتغلت ليل نهار وجازفت وطلبتها للجواز وده فى حد ذاته كان مستحيل ، لكن علشان ربنا مطلع على قلوبنا وعارف انى طلبت الحلال سهل الصعب والمستحيل بقى ممكن وفى محنة على الكل ظهرت منحة ربنا لقلبى ولاقيت جدك بيقول خد مراتك وانت ماشى .. تعبنا كتير بس ربنا كان معانا . والحمد لله لحد النهاردة نعم ربنا مغرقانا .
نظر تاج لوالده ، هو يعلم كل ما أخبره به للتو ، لطالما قصت عليه جدته كل هذا التاريخ الذى سبق وجوده .
نظر لأبيه الذى اتسعت ابتسامته ليقول : لو بتحبها اطلبها من ربنا .. اتق ربنا واطلب حلاله .. حلاله وبس يا تاج وإذا كان الخير معاها ربنا هيقربه .
غادر ريان الغرفة تاركا صغيره وقلبه الذى تشبع عذابا لأجلها ومن أجلها ها هو يشعر ببعض الأمل الذى لا ينكر أنه انتشى لمجرد أن لاح بالأفق .
*********************
إلي هنا ينتهي الفصل الثامن من رواية الشرف الجزء الرابع بقلم قسمة الشبينى
تابع من هنا: جميع فصول رواية الشرف الجزء الرابع بقلم قسمة الشبينى
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة