-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية الشرف ج4 قسمة الشبينى - الفصل الرابع والعشرون

مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص مع رواية صعيدية جديدة للكاتبة المتألقة والمبدعة قسمة الشبينى التي سبق أن قدمنا لها العديد من القصص والروايات الجميلة علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل الرابع والعشرون من رواية الشرف الجزء الرابع بقلم قسمة الشبينى. 

رواية الشرف الجزء الرابع بقلم قسمة الشبينى - الفصل الرابع والعشرون

اقرأ أيضا: روايات رومانسية عربية كاملة

رواية الشرف ج4 قسمة الشبينى
رواية الشرف ج4 قسمة الشبينى


تابع أيضا: قصص رومانسية

رواية الشرف الجزء الرابع بقلم قسمة الشبينى - الفصل الرابع والعشرون

وصل دياب ودينا للمنزل لتسرع الخطى فزعا : الباب مفتوح ليه ؟
تجاوزته ركضا للداخل ليتبعها بصمت متلفتا حوله بريبة ، وقفا وسط البهو لتنتفض دينا للصرخات الصادرة من الدور العلوى ، أمسكت ذراعه بتلقائية لينظر لها بتوتر ويتجها الدرج ، صخب الصرخات حثه للترقى وهى تركض بمحاذاته لاهثة .
***
هجم هاشم على زيدان لينزعه عن الفراش فنزعه عنها لتفتح عينيها صارخة بفزع ، تعلقت بملابس زيدان الذى طوع بدنه ل هاشم ليسحبه بعيدا وبدأ بلكمه دون تفكير .
رفعت همت كفيها محيطة وجهها وهى تصرخ بجنون وفزع ولا تفهم ما الذى يحدث فقط ترى هاشم بهيئة أبيها وزيدان بهيئتها فيخيل لها أن تلك اللطمات واللكمات موجهة لها هى .
اتجه الجد نحوها بفزع احاطها بذراعيه لائما : ليه يا ولدى إكده ؟
حاول يزيد إبعاد أخيه عن يدى هاشم ليناله بعضا من ضرباته ودون تفكير أسرعت عفاف نحو زوجها بكل قوتها مندفعة نحو صدره ولعدم توقعه أعادته خطوة للخلف كانت كافية ليسحب يزيد أخيه .
أمسك كتفيها فى محاولة لنزعها عنه صارخا : بعدى .. هملينى اشرب من دمه ..بعدى
لتصرخ عفاف : بزيداك يا هاشم البنية هتموت من الفزع .
لينظر هاشم للمرة الأولى لوجه أخته ويستمع لصرخاتها بالتزامن مع اقتحام دينا ودياب الغرفة لتكون الصورة عفاف بين ذراعى هاشم وزيدان يمسكه أخيه وهمت بين ذراعى جدها تصرخ دون توقف ووسط الغرفة يقف حسين بملامح متألمة .
صرخت دينا : خبر إيه ؟؟
اتجهت نحو أخيها : حوصل إيه يا زيدان ؟ مين عمل فيك إكده ؟
ابتعدت عفاف تدريجيا عن هاشم وانفاسه الثائرة ، نظرت له برجاء : بزيداك .
كان وجهها شاحبا بشكل واضح ، ألقى ثقل بدنه للجدار خلفه مغمضا عينيه بقهر  . يعلم دياب مسبقا بموت سليمة لكنه لا يعلم سبب الشجار ، نظر له يزيد ليهز رأسه نفيا فيقترب من أخته : عمتك يا همت روحى لها .
نظرت له بفزع : مالها عمتى .
ربت دياب فوق كتفها : البقاء لله .
دار وجهها مواجها له : كنت تعرف ؟؟
ولم تبق لثانية بل إنطلقت إلى غرفة عمتها دون أن تغالب دموعها .
وقفت عفاف حائرة وقد خبت صرخات همت لتتحول لشهقات ينتفض لها قلب زيدان والذى لم يهتم بوجود أحد واقترب من جده ومنها هامسا : همت
رفعت وجهها المحتقن عن صدر جدها ليبتسم زيدان : ماتخافيش
عاد نحيبها ليرفع ذراعه رغبة في ضمها إليه فيأتى صوت هاشم : لو يدك اتحطت عليها ..
وقبل أن يتابع وعيده قاطعه حسين صارخا : بزيداكم عاد
جرت قدميها جرا نحو همت المرتعبة ، ابتسمت لها بوهن : تعالى يا همت ماتخافيش .
رفعت همت عينيها ل زيدان دون هاشم كعادتها قبل أن تترك نفسها ل عفاف التى ضمتها لتسير معها ، ربت الجد فوق ظهرها بحنان : روحى يا حبيبتي وانى هچيكى بعد شوى .
تحركت قدميها للخارج ليقول حسين : دياب اجفل باب الاوضة .
اتجه نحو خزانة الملابس ، فتحها وأخرج سلاحا ناريا وعاد يضعه فوق الطاولة بمنتصف الحجرة .
نظر الجميع للسلاح ليقول دياب : اى حاچة فى الدنيا ممكن تتحل بعيد عن السلاح ده .
نظر له حسين ليقول هاشم : لاه فى حاچات مايدويهاش ولا يمحيها غير السلاح والدم .
اسرع يزيد نحو جده الشاحب : تعالى يا چد .
نظر له ممتنا واتجه معه ليجلس فوق الفراش ، اتجه زيدان إلى السلاح ليرفعه ويثبت فوهته أسفل ذقنه ناظرا لأبيه : ماتخافش يا بوى إذا مكتوب على الموت هيبجى بيدى مش بيد هاشم .
ثم نظر ل هاشم : تلاتة بالله العظيم  ما فى بنية على وش الأرض بطهر همت .
اندفع نحوه هاشم ليلكمه مجددا : وكانت فى فرشتك ليه ؟؟
لم يستسلم زيدان هذه المرة ودفعه بصده : افهم يا اخى .
بدأ عراكا بينهما مجددا ليتدخل دياب حائلا بينهما فيدفع هاشم ويترك امر زيدان لأخيه الذى سحبه للخلف .
اتجه زيدان نحو أبيه بألم: ماحدا هيحس بيا غيرك يا بوى
ربت حسين فوق كتفه ليتابع : انا خلصت الصلاة وچيت چرى اخد خلجاتى واهمل الدار زى ما حكمتم على . لجيت همت جاعدة على باب عمتى مفحومة بكا .
أشار نحو صدره : كانت شهجتها سكين بارد بينخر فى صدرى . ماجدرتش اهملها
عودة للوراء ...
صعد زيدان الدرج مسرعا ليجد همت تجلس أرضا وتبكى بشكل هستيرى ليسرع نحوها : همت .. حوصل إيه ؟؟
أشارت نحو غرفة امها : أم .. أم ...
وعجزت عن النطق ليقتحم غرفة عمته ، كانت فوق فراشها مغمضة العينين بسكينة ، ردد اسمها أكثر من مرة دون فائدة ، اقترب منها ليكتشف وفاتها .
شهقة من همت أعادته للواقع ليسرع نحوها ويترك عمته خلفه ، ترك بابها مفتوحا ليثير ريبة يزيد الذى سيتفقدها حتما .
اتجه نحو همت المرتعبة ليحيطها بذراعيه : جومى يا همت . أنا معاكى ماتخافيش .
لم تعترض همت لينهض بها متجها نحو غرفته .
أجلسها فوق الفراش ليفرغ الماء من دورق بجوار الفراش ، جلس بجوارها رافعا الكوب إلى فمها : اشربى .
كان ذراعه الأيمن يربت فوق ظهرها وكفه الأيسر يحمل الكوب ، احنت همت رأسها لتلتقط شفتيها الكوب بنهم أخبره عن سبب تيقظها وتوجهها لغرفة أمها .
أنهت الكوب لتلهث وقد تبلل وجهها كاملا  ، وضع الكوب جانبا وهى تشهق : ام .. ام
احاطها بقلق : نايمة يا حبيبتي نايمة .
هزت رأسها الذى دفن في صدره : رد .. ردش
عاد يؤكد : نايمة ماتخافيش .. انعسى انت كمان .. انا چارك اهه .
امتد ذراعه أسفل ركبتيها ليحملها بلا جهد يذكر فتستقر بفراشه ، عاد يحيطها لتسكن رأسها فوق صدره بوهن واضح ليتساءل بقلق : همت حاچة بتوچعك ؟؟
رفعت كفها نحو صدرها وصمتت ليبدأ فى هدهدتها وفى لحظات انتظمت أنفاسها وغفت دون أن تتوقف تلك الشهقات المؤلمة .
انتفض زيدان صارخاً متجها نحو هاشم : انت دخلت لجيتنى معريها ولا أذيها .
دفعه بصدره وقد تبدلت الأدوار : ما ترد !!
أشار نحو صدره : انا أذى همت !!
أمسك ملابس هاشم ليهزه بعنف : انا بموت وياها كل ساعة .
اقترب دياب رابتا فوق ذراع زيدان بشفقة : خلص يا زيدان .
لم يمانع زيدان الدموع المتجمعة بعينيه وهو ينظر ل هاشم بتحدى : شوفتها في فرشتى اعجد لى عليها .
ليصرخ هاشم ويعود لمهاجمته : انت عاوز تجتلها .
بادله زيدان الدفع : وأما انت خابر إكده بتظن فيها ليه ؟
توقف ناظرا له برجاء : دى همت يا هاشم .. همت .
اتجه حسين ليمد ذراعه ممسكا برأس زيدان الذى بحاجة شديدة لصدره فلم يمانع أن يرتمى فيه ملقيا كل همومه فوق أكتاف أبيه .
تحدث الجد اخيرا متغاضيا عن الأمر برمته : يزيد شوف حرمة تغسل عمتك وانت يا حسين شوف الصوان اللى بايت من العرس جولهم يچهزوه للعزا .
حمحم دياب : بعد إذنك يا چد
رفع زيدان عينيه نحوه ليتابع : بسمة بت عمى طايع مغسلة شرعية وأمينة تعرف ربنا .
قاطعه الجد فورا : هاتها يا ولدى .
أمسك هاتفه : هخلى سويلم يچيبها وانا هروح المسچد اچيب المغسلة .
أومأ الجد بصمت ثم نظر ل هاشم : روح يا هاشم هات الحكيمة .
فتح الباب ليخرج منه دياب وهاشم . تلفت يزيد نحو أبيه : انا هشوف الصوان يا بوى خليك مع زيدان .
أومأ حسين وهو يسحب ابنه لفراشه حيث استقر الجد ، ربت الجد فوق رأس حفيده الذى فجر منابع حزنه لتفيض على ثلاثتهم .
******
دخل محمد للمنزل بهدوء بعد ليلة أخرى قضاها جالسا في سيارته وقبل أن يصل غرفتها جاءه صوت رفيع : كنت فين يا محمد ؟
التفت له محمد ليقول : انت عارف يا رفيع وانا مش هكدب .
أومأ رفيع مقتربا منه فقد فهم أن أخته أهدرت فرصة أخرى ، وقف أمامه متسائلا : بتحبها يا محمد ؟
ابتسم محمد : بتسأل عن مين بالضبط ؟
ابتسم رفيع : عن اللى تخصنى
تسرب الألم لملامح محمد قبل أن يتنهد زافره عن صدره : للاسف .
ارتفع حاجبى رفيع بدهشة ليتابع محمد : تعرف لو قدرت اكرهها هرتاح . أو هقدر أنهى دورها في حياتى زى ما هى نهت دورى فى حياتها .
عاد رفيع يتساءل : و وفية ؟؟
زادت علامات الألم بقسماته : وفية دى نعمة من ربنا .. زمان لما كانت بتيجى المحل شدتنى زى اى انسان محروم بنظراتها رغم إن انا وهى كنا بنقاوم .
سار خطوتين مبتعدا : لحد ما اتجوزنا وانا مش مصدق إنها هتكمل معايا .. بنت فى عمرها وجمالها ليه تقبل واحد زيى !!
دار على عقبيه لينظر ل رفيع : معاها عرفت حب تانى .. حب اتعودت أقدمه وعمرى ما دوقت حلاوته غير معاها
اقترب ليواجه رفيع : وفية حبتنى الحب اللى انا حبيته ل رحمة وحبها فى قلبى بيكبر يوم عن يوم .
ابتعد خطوة للخلف ليتابع : صدق او ماتصدقش يا رفيع بس انا فعلا بحبهم الاتنين رحمة بكل وجعها ووفية بكل حبها .
تنهد رفيع مستسلما للأمر الواقع : خلى بالك منيهم يا محمد .. ومن الولد كمان .. اوعى تسيب روحك تميل لواحدة عن التانية أو تهمل ولدك يبعدوا عن حضنك
كان الرجاء بصوته غالبا لكنه بصوت محمد صارخا : ادعى لى يا رفيع .
وقبل أن يتجاوزه كان سويلم يهبط الدرج عدوا ليلتفتا له : خبر إيه يا ولدى ؟
تساءل رفيع بقلق ليجيب سويلم : الست ام هاشم يا بوى ، ربنا استرد الأمانة .. هروح اخد بسمة تغسلها .
إنا لله وإنا إليه راجعون
تمتم رفيع ليقول محمد : انا جاى معاك يا سويلم .
وكانت فرصة أخرى للمغادرة بينما اتجه رفيع للدرج : انا هچيب رنوة ونروح على دار ابو العز .
*****
وصلت سيارة محمد امام منزل هيبة ليجد طايع وبسمة ينتظران ، ترجل سويلم ليقول طايع : خلاص روحوا وانا هاچى مع الرچالة .
عاد سويلم للسيارة وتبعته بسمة لينطلق محمد مجددا .
*****
غفت همت أخيرا بين ذراعى عفاف التى تشعر بالوهن من ناحية والحيرة والتخبط من ناحية أخرى مطارق عتيدة تطرق جنبات رأسها بجنون .
تسللت خارجا تجر قدميها جرا ، وقفت بالردهة فى حيرة من أمرها لا تدرى اين هاشم ولا تدرى ما الذى عليها فعله فى هذا المنزل الذى تدخله للمرة الأولى فى مصيبة كتلك .
تنهدت بحيرة ؛ هاشم !!
ترى هل تجول برأسه أفكارا سوداء عنها مجددا !!!
هل يعدها نذير شؤم الأن !!!
كانت بموضعها غارقة في حيرتها حين سمعت صوت خطوات وهمهمات قادمة من ناحية الدرج . دارت عينيها لتجد دياب ويزيد يحملان مغسلة الموتى ليضعاها أمام إحدى الغرف .
نظرا لها ليتساءل يزيد : فى حاچة يا مرت اخوى ؟؟
اشار كفيها بتخبط : همت نعست وانا ماخبراش اروح فين .
صدم دياب لهيئتها ليقبل نحوها بقلق : مالك يا عفاف ؟؟
أمسك يزيد كفه ليحول دون وصوله إليها : متاخدة بس من اللى چرى .
توقف دياب وتعلقت عينيه ب يزيد الذى تحذره نظراته من التقدم قبل أن يشير بكفه نحو الغرفة : إحنا محجوجين لك يا مرت اخوى هملناكى ودى اول نوبة تدخلى دارنا .. دى اوضة عمتى هتلاجى خيتى چوة ساعديها واخدمى حماتك لأول واخر مرة .
اومأت واتجهت للغرفة ، طرقت الباب ودخلت بهدوء ، وجدت دينا تجلس بصمت فقالت : أچدد وضوئى فين ؟؟
أشارت لها دينا بصمت لتتابع : جومى اتوضى ونقرأ لها قرآن .
******
وصلت بسمة ليترجل معها سويلم بينما قال محمد فورا : هروح عند هيبة علشان اللى عاوز يجى . واعمل حسابك تيجى معايا المركز بعد الدفنة .
فهم سويلم فورا ليتركه يرحل ويتجه معها للداخل ، همس قائلا : بسمة ابجى طمنينى على عفاف زمان العالم بيها ربنا .
تمتمت بشفقة : زمانها مخضوضة يا قلبى عليها .
تابع بتهكم : مخضوضة إيه !! زمان عيلة ابو العز هيجولوا عنيها شوم وجدمها خراب .
نظرت له بدهشة ليتابع : چوزها بس اللى يجدر يجطع الألسنة اللى ماهترحمهاش واصل .
حسنا تعلم أن التطير ليس من الدين فى شئ ، لكنها تعلم أيضا عقول الناس في النجع ورغم يقينها بصدقه إلا أن قلبها يرفض أن تتعرض عفاف لكل ذلك .
صعدا الدرج ليستقبلهما دياب الذى اقترب منها فورا : عفاف تعبانة جوى . بالله عليك ديرى بالك عليها .
نظرت له بدهشة وتابعت طريقها إعلانا منها لرفض هذه التوصية منه تحديدا ، تعرف عليها يزيد لمجرد صحبتها سويلم فأشار لها نحو الغرفة لتدخل بهدوء .
اقترب سويلم مصافحا يزيد : البقاء لله .
****
دخلت بسمة للغرفة لتجد عفاف ودينا وكلتاهما شاحبة للغاية ، اقتربت من الفراش : السلام عليكم . الدكتور الشرعى شافها ؟
هزت دينا رأسها نفيا : لسه .
جلست بسمة بطرف الفراش : يبقى نستنى لازم نتأكد إن فات على الوفاة ست ساعات
وبدأت هى أيضا ترتل القرآن بصوت رخيم لتتركا القراءة وتنصتا لها بخشوع .
مر نصف ساعة قبل أن يطرق الباب ، فتح عن هاشم الذى قال : اتفضلى يا دكتورة .
دخلت سيدة بملبس راق إلى الغرفة وتقدمت من الفراش : السلام عليكم .
تمتمت ليجبن بهدوء بينما اغلق هاشم الباب ووقف مطرق الرأس ، ساعدتها بسمة بحرفية لتفحصها قبل أن تقول : البقاء لله يا جماعة .
رفعت رأسها متسائلة : فى مغسلة شرعية .
أجابت بسمة فورا : ايوه انا هنا يا دكتورة .
أعادت الدثار فوق رأس سليمة : تقدرى تشوفى شغلك .
انفجر نحيب دينا المصاحب لشهقات هاشم فما كان من عفاف إلا أن اتجهت نحوه دون الاهتمام بالموجودات . رفعت كفها تقرب رأسه منها ليترك لها بدنه كاملا يرتخى فوقها باكيا .
أشارت بسمة للطبيبة التى غادرت بهدوء ، فتحت الباب لتقول بحدة واضحة : سويلم وصل الدكتورة من فضلك وانت يا دياب ادخل هدى مراتك .
كانت تنظر بعينيه مباشرة قبل أن تتجه نحو يزيد هامسة : الكفن جاهز ؟؟
رغم اليقين كانت الكلمة مؤلمة ، أومأ يزيد ولم يتحدث بل غادر صامتا ، نظر لها سويلم لائما قبل أن يتبع الطبيبة نحو الدرج .
عادت بسمة للغرفة لتجد هاشم على وضعه أما دينا فقد جلست أرضا وجلس أمامها دياب لا يعرف كيف يواسيها .
ضربة عكاز تنم عن ضعف حامله تبعها صوت زيدان : هملونى مع بتى لحالنا .
ارتفعت النظرات لتسحب عفاف زوجها خارجا بينما رفع دياب دينا عن الأرض ، شعر بوهنها ليلقى باللياقة جانبا ويرفعها بين ذراعيه بلا مشقة . افسح له أبيها الذى يستند إليه زيدان ليمر فيقول له : دخلها اوضتى تالت اوضة على يدك .
أومأ دياب وغادر الغرفة لتتبعه بسمة التى قالت : خد وقتك يا جدى وانا واقفة برة لما تحب تخرج نادى عليا علشان مانسيبهاش لوحدها .
وغادرت لتسحب الباب وتتركه مع ولديه ابنته التى غادرت الحياة وابنه الذى غادرته الحياة .
****
ارتمت عفاف فوق اول أريكة بالقرب من الباب وهو بين ذراعيها باكيا لتهمس : شد حيلك يا هاشم . امك محتاچاك النهاردة .
ربتت فوق ظهره ليمرغ وجهه فيخفى إسدالها دموعه ، رفع عينيه التى تلونت بالدماء : همت نعست ؟؟
تنهدت بحزن : ايوه بس هنعمل ايه لما تجوم ؟؟ هى تجرب لك ايه ؟؟
تساءلت بحيرة ليجيب : خيتى الصغيرة .
أخته !!!
لم تكن تعلم أن له اختا .
ولما لم تتعرف إليها سابقا !! لما لم يحدثها عنها هو أو أمه الراحلة !!
حسنا ليس وقتا للتساؤلات . لم تعد قادرة على التحمل وهو ابتعد عنها قليلا : ممكن تحضرى الغسل ؟؟
كان رجاءا أكثر منه سؤالاً ، ربتت فوق كفه الذى يرقد بين كفيها سامحة له بالمغادرة ، وقف متجلدا : هنادم فى الچوامع وارچع .
لم تتمكن حتى من منحة إيمائة واحدة ، غادر بصمت لتقترب منها بسمة التى اولتهما ظهرها حين مر مغادرا ، ربتت فوق كفها بحنان : عفاف انت كويسة ؟؟ حاجة تعباكى !!
ابتسمت عفاف اخيرا هناك شخص هنا يمكنها أن تطلب دعمه .
******
دخل دياب الغرفة ليضع دينا بالفراش ، مسح على رأسها : دينا .
انكمش كفيها قابضين على جلبابه ليهمس : ابكى كيف ما بدك .
زادت جذبا لملابسه وله بالتبعية وهو مستسلم تماما ، لحظات من النحيب الصامت قبل أن تقول : اول مرة احس إن ليا ام لما عمتى رچعت .. انا وعيت مالجيتش أمى .. عرفتها فى عنين ابوى الحزينة .. شوفتها في جلبه اللى ماماتتش فيه .. كنت راضية بطيفها اللى فى ابوى .
رفعت رأسها لتعتصر قلبه بعينيها الباكية : لحد ما عمتى رچعت الدار .. يومها حسيت اني مش يتيمة .. وجفت معاى كأنى بتها تمام .. فضلت چارى لحد ما حطت يدى فى يدك عشية .
عاد رأسها لأضلعه لتشهق : والنهاردة ماتت .. ماتت ورچعت يتيمة .
غمرها بحنان : وحدى الله يا دينا .. عمرها وربنا استرد أمانته محدش يجدر يمنع الموت لو عن نفسيه حتى .
لتعود دينا للهذيان ، لكن هذه المرة تبكى حياة عمتها لا موتها ، تبكى قهرها وعجز الجميع . تبكى ظلمها وصمت الجميع .
يعلم أن المجتمع ظالم ، وأن الدنيا مغوية .
يعلم الكثير عن خصال منصور وأفعاله ، لكنه مع مرور اللحظات رأى منصورا اخر ، بل رأى حجاجا اخر بصورة متطابقة .
زاد ألمه وغضبه وعجزه أيضا .
****
اقترب زيدان من فراش الموت مستندا لذراعى ولده الذى يتجلد لحمله فقط .
أجلسه وهم بالمغادرة ليوقفه زيدان : اجعد يا حسين .
جلس دون معارضة ليرفع زيدان الغطاء كاشفا وجه ابنته قبل أن يقول برجاء : سامحينى يا بتى .انى خابر انك سامعانى
نكس حسين رأسه ليتابع زيدان : انى غلطت لما رضيت بوچعك ومرارك ، ايوه جولت مادام ساكتة خليها عايشة لكن انت ماسكتيش . لو الحديت انكتم فى جلبك خوف وجهر جلبى سمعه .
أومأ مؤكداً : سمعه وانى سكت ورضيت لك الخوف والذل ... ماكنتش اعرف انى هخسرك جبل ما أجدر اعوضك .. جبل ما اطلب منك السماح .. جبل ما اخدلك حجك .
صمت لحظات وقال بنحيب : سامحينى يا بتى .
وغلبه البكاء ليتابع حسين : ماتخافيش على همت يا غالية .. همت أمانة عندى ماافرطش فيها واصل . ولا اهملها تتبهدل من بعدك ..بوها ماهيطولش ضافرها ولا هيطول مالها ..وسعادتها دين فى رجبتى حاسبينى عليه يوم ما أچيكى .
******
منذ غادره الجميع زاد تقوقعه على ذاته ، تنفس بعمق مستنشقا عبيرها العالق بملابسه ليحبسه بصدره دون الهواء .
لقد كانت هنا ، بين ذراعيه ، لقد ملك من الدنيا أكثر مما تمنى . اغمض عينيه مكتفيا ليغيب عن الدنيا .
******
وعدت عفاف بصحبتها لمنزلها بعد الانتهاء من عملية الغسل خاصة بعد أن غادر دياب معلنا غفوة دينا التى أسقطها فيها الإجهاد والحزن فكان على عفاف تحمل حضور الغسل والمساعدة فيه .
بعد قليل وصل يزيد حاملا كفن عمته لتتفقده بسمة وتعلن صلاحيته ثم تنتظر حتى غادر زيدان الغرفة ، ربتت فوق كف عفاف لتنهض معها ، أوقفها زيدان لتقف باحترام فيقول : بعد الغسل روحى دارك ولما هاشم ياچيكى بعد الدفنة سبحيه ووكليه وعاودى وياه .
اومأت بصمت وتبعت بسمة التى قالت فور دخولها : عفاف مفيش حاجة تقلق أو تخوف اهم حاجة غض البصر والرفق واى حاجة تشوفيها فى الاوضة دى ماتطلعش من الباب
اومأت عفاف بصمت لتبدءا العمل بهمة بسمة وحدها .
******
حين عاد هاشم وقف بباب أمه بينما خاله وجده يجلسان بصمت . هاتف حسين أعلمه بوصول عدة أشخاص ليغادر صاحبا والده الذى جلس ببهو المنزل .
وصلت نساء عائلة حسان ليتوجهن فورا إلى المطبخ فاليوم عصيب ويحتاج اعدادات متداخلة .
فاحت رائحة المسك لتسقط دموع هاشم مجددا وفي نفس الوقت فتحت همت باب غرفة دينا لتغادرها وهى تفرك عينيها ببراءة ، شعر بها لينظر لها ودون مقدمات عادت للصراخ .
إنكمشت على الباب صارخة تصم أذنيها بكفيها وتنظر له برعب ، اقترب منها مسرعا : خلص يا همت ماتصرخيش خلص .
ضمت شفتيها ودفنتهما بفمها لكن أغلقت عينيها ولم تتوقف عن البكاء ، فتح بابين لتخرج دينا من أحدهما بفزع : همت
بينما توقفت قدميه بباب غرفته يطالعها بألم  وهى تبعد ذراعى هاشم عنها بخوف ، ضمتها دينا مشيرة ل هاشم ليتراجع خطوة واحدة ، فتحت عينيها لتدفع دينا أيضا وتعدو نحوه تختبأ بين ذراعيه العاجز عن احاطتها بهما .
نظر لها هاشم بصدمة وقبل أن يتحرك كانت دينا تدفعهما معا للداخل وتغلق الباب دون ثلاثتهم .
لحظات من الألم والصراع قبل أن ينتصر قلبه فيرتفع ذراعيه يخفيها بصدره هامسا : ماتخافيش انا چارك . هاتى مية يا دينا .
نظر للباب المغلق بعجز ؛ دينا معهما يمكنه تمرير الأمر  .. وقف لدقائق يصارع رفضه تجاوزه ليقرر نزعها عنه ، تقدم من الباب بغضب وقبل أن يقتحمه جاء صوت يزيد : هاشم .
نظر له ليتابع : انزل جابل الناس وانا وزيدان هنحصلك علطول .
حسنا هو لن يحتمل صراخها الفزع لحظة انتزاعه منها مجددا ، ليمنح يزيد الفرصة ليقوم عنه بذلك وإن لم يلحقا به فى غضون دقائق سيعود . بلى سيفعل .
هكذا أهداه عقله بعض المنطقية التي وجدت صداها بقلبه الذى يريد لأخته الرحمة فغادر مسرعا بينما نظر يزيد فى أثره ودخل الغرفة ليجد نفس المشهد الصباحى .
*****
طرقات على الباب لتقترب منه عفاف بخفوت : خمس دجايج خلصنا أهه .
وفى أقل من خمس دقائق فتح الباب عن مجموعة من نسوة عائلة ابو العز واللائى نظرن ل عفاف لتتمنى للمرة الثانية أن تنشق الأرض وتبتلعها ، تقدمن من الجثمان المسجى ليتبع دخولهن دخول رحمة ورنوة ، أسرعت رحمة تضم عفاف بشفقة لترتفع اصوات مستنكرة .
رفعت رنوة رأسها ونظرت لجمعهن بحدة : إحنا فى حضرة الموت مش عاوزين تخاريف وكلام فاضى .
جادلتها إحداهن : هو احنا نطجنا ولا هو شكل والسلام ؟
لم تهتز رنوة وتابعت : لا ما هى مصمصة الشفايف دى انا فاهماها كويس .
احتدت نظراتهن لتتابع : اللى عاوزة تسلم وتودع بأدب تقعد تقرأ قرآن أو تقول اللى هى عاوزاه وتمشى وانا احتراما للموقف مش هرد على نظراتكم لبنتى دلوقتى .. بعدين لينا كلام .
أسرعت إحداهن مغادرة : لا بعدين ولا جبلين .. سيبنهالكم ما هى اللى زرعتكم وسطينا .
ارتجفت عفاف بين ذراعى رحمة لتشد عليها بينما غادرن الواحدة تلى الأخرى ، توقفت إحداهن بموازاة رنوة : حجك على راسنا يا ام سويلم هم ماجصدينش يهينوا بتكم لا سمح الله .
لم ترد رنوة زيادة الخلاف لتقول بهدوء : البقاء لله .. اتفضلى ارتاحى .
اقتربت بسمة من رنوة : يسلم لسانك يا طنط .. انا هاخد عفاف بيتها تغير وترتاح شوية .
ربتت رنوة فوق كفها لتتجه نحو رحمة تسحبها من بين ذراعيها برفق : تعالى معايا يا عفاف .
مسحت رحمة فوق رأسها وتركتها ل بسمة التى غادرت بها الغرفة .
وجدتا بعض النسوة لتصدر عنهن نفس الأصوات الممتعضة ، أمسكت عفاف صدر إسدالها وطرفه شاعرة بالخزى قبل أن تخفى وجهها بصدر بسمة التى رشقتهن بنظرة حادة وغادرت .
غادرتا المنزل من الباب الخلفي لقرب المسافة وما إن وصلت أمام منزلها الجديد حتى قالت بقهر : المفتاح مع هاشم
احتارت بسمة وفكرت فى مهاتفة سويلم ليحضر المفتاح لكن عفاف قالت برجاء : بسمة ساعديني اروح دار ابوى .
ولم تملك بسمة سوى الإذعان أمام ضعف عفاف لتسير معها في اتجاه منزل أبيها الذى غادرته عروسا منذ عدة ساعات .
بدأت خطواتها تزداد ضعفا وتقل سرعة وقد أحاط كفها خصرها وتملك الألم من ملامحها .
زادت مخاوف بسمة وحيرتها لتحيطها بذراعها فتستند إليها دون مقاومة .
كان منزل رفيع الأقرب لتقول بسمة : عفاف تعالى نروح بيت عمى رفيع اكيد هنلاقى حد يساعدنا
ولم تكن عفاف فى حالة تسمح بالرفض وفى نفس الوقت كان محمد يقود سيارته وبجواره سويلم الذى لم يخطئ توجههما نحو المنزل ليشير ل محمد : عمى نزلنى إهنه .
توقف محمد : فى إيه يا سويلم ؟
أجابه بقلق وقد لمح دياب يقتفى اثرهما : ماخابرش .. كلم عمتى تجابلك وتاخد الحاچة منيك وانى هحصلك .
وهرول لاحقا بهما وقد دخلتا المنزل بالفعل ، أسرعت سيلين نحوهما : عفاف !! حصل ايه يا بسمة !!
نظرت لها بسمة وقد احنت عفاف هامتها متألمة : ساعدينى يا سيلين مااعرفش مالها .
علت صرخات عفاف المتألمة وقد وقف دياب بالباب وقبل أن يقتحمه اوقفه ذراع سويلم : استنى إهنه .
ودخل مسرعا ليجد عفاف أرضا تتلوى من الألم . إنحنى فوقها ونهرهما للهلع الذى يبثانه فيها : چرى إيه ، وسعى انت وياها .
نظر لأخته : هاتى حبة للمغص واعملى لها حاچة دافية .
ركضت سيلين لينظر ل بسمة : افتحى الاوضة دى .
هرولت أيضا ليدس ذراعه أسفل ركبتيها والآخر أسفل رأسها هامسا : ماتخافيش يا خية .
ابتلع ريقه بتوتر مع بعض حروفه وقد غمر كفه سائل دافئ لزج ، رفع كفه بفزع لتصبح حالته أسوأ من ثلاثتهن ليصيح : غيتينى يا بسمة . دم .. دم
دارت على عقبيها بصدمة وفزع مع إقتحام دياب للمنزل .
وفى الخارج وبين الأشجار وقف مصطفى يبتسم بتهكم وقد منحته فرصة انتقام لرجولته التى نحرتها بدم بارد
*********************
إلي هنا ينتهي الفصل الرابع والعشرون من رواية الشرف الجزء الرابع بقلم قسمة الشبينى
تابع من هنا: جميع فصول رواية الشرف الجزء الرابع بقلم قسمة الشبينى
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة