-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية أثواب حريرية - إلهام رفعت - الفصل الثامن والخمسون

مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة وأجمل الروايات الممتعة والروايات الرومانسية مع رواية رومانسية اجتماعية واقعية وصعيدية جديدة للكاتبة إلهام رفعت ورواياتها التى نالت مؤخرا شهرة على مواقع البحث نقدمها علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل الثامن والخمسون من رواية أثواب حريرية بقلم إلهام رفعت

رواية أثواب حريرية بقلم إلهام رفعت - الفصل الثامن والخمسون

اقرأ أيضا : حدوتة قبل النوم

رواية أثواب حريرية - إلهام رفعت
رواية أثواب حريرية - إلهام رفعت

 رواية أثواب حريرية بقلم إلهام رفعت - الفصل الثامن والخمسون

تابع من هنا: روايات رومانسية جريئة


علت دقات اليأس في نفوسهم ورفعت شعارها بينهم، وسكنت لذة التمتع بالحياة لمن تأثر فقط، ولمن طالته نار الفراق على من قبعت محبتهم في قلوبهم، واذعنوا لما حدث؛ لكن ذاك التواصل الروحاني، أثاب الأمل بداخلهم، وبقى فقط خيط رفيع منه، لربما ينفع استجدائهم، ويمن الرب عليهم ويتعطف..

فبعد مــرور يومـين، حالة من الأسى أصابتهم، وهي عدم العثور على الولدين بالأخص، لم يتحمل أحد هذه الفاجعة الدموية، ورسخت في داخلهم شفقة غير طبيعية، لم تكن موجودة من قبل!، وحتى تلك اللحظة يستجمع السيد رشدي قواه ويثبت وجوده في كل مكان، كان تفاؤله عجيب، وإصراره لم يكن له مثيل، فبمجرد بقاء حفيده المقرب إليه على قيد الحياة، دفعه ذلك للمثابرة، والبحث الدائب عن الأولاد، مشددًا على عدم التوقف مطلقًا..

وهو يسير ببهو القصر متكئًا على عصاه ومن خلفه يزيد، قابلته هدير ومعها سميحة ابنته، والتي قالت بتحنن:
-بالراحة يا بابا اتفضل، كنت خليك، هدى بخير!
تخشنت نبرته وهو ينهرها بتضايق:
-إنتِ اللي ملكيش مكان هنا، مش قولت عمك متسيبهوش لحظة
قبلت زجره لها ولم تعلق، فليكفي ما به، قالت مبررة بطلعة ما زالت تغطيها آثار الحزن:
-أنا جيت اطمن على هدى، هدير بلغتني إنها تعبانة!
أمرها باستياء:
-هدير هنا معاها، يلا ارجعي.
هتفت مستفهمة بفضول:
-طيب مافيش خبر عن العيال؟!
تكشّرت ملامحه تعبيرًا عن لا شيء ثم تحرك نحو الأعلى، لذا أومأت متفهمة، امتثلت فورًا وقالت بصوت رفعته قليلاً ليسمعه:
-حاضر يا بابا!
وهو يصعد كان يجاهد على شحذ قواه، وبمجرد أن تعثر في إحدى الدرجات، أسرع يزيد الذي يتحرك خلفه بمساندته، وكذلك هدير التي أمسكت بمرفقه، نظر لهما السيد مطولاً، فشعوره بالعجز محزن، رضي بالأمر الواقع وتركهما، واتكأ عليهما ثم أكمل صعود الدرج بمعاونتهما، سألت هدير بتردد:
-هو حضرتك هتروح عند طنط هدى؟، أصلها نايمة.
بذوق طلبت منه هدير أن يترك الأخيرة تتلقى بعض الراحة، تفهم السيد هازًا رأسه، قال:
-خلوها نايمة ومرتاحة
تابع حديثه لـ يزيد:
-يزيد وديني أوضة المكتب عاوز اتكلم معاك ضروري
انسحبت هدير بهدوء متفهمة عدم رغبته في وجودها، مسحت حرجها وهي تقول:
-وأنا هاقعد جنب طنط هدى أذاكر شوية.
ثم تحركت تجاه غرفة السيدة، بينما تحرك يزيد بجده نحو مكتب مراد وهو يسنده..
عندما فتح يزيد باب المكتب وقف السيد على عتبته لبعض الوقت يتأمله من الداخل، تنهد ثم خطا بقدمه ليلج، أمره:
-اقفل الباب بالمفتاح!
دُهش يزيد من رغبة جده، لكنه نفّذ في صمت، بعدها جعله يزيد يجلس على الأريكة، قال السيد ممتنًا:
-متشكـر!
وقف يزيد باحترام أمامه، قال:
-أخليهم يعملولك قهوة
لوح بيده بمعنى لا، فشهيته لم تسوقه لتناول أي شيء، قال مجهدًا:
-كنت عاوز أقولك إن عملية مراد التانية محتاجة فلوس كتير، وعلشان كده أنا جبتك هنا
استنتج يزيد من كلامه ومن وجوده بغرفة المكتب أنه سيجلب مال، وعفويًا وجه بصره لمكتب مراد وبالأخص خزنته، قال ببديهة:
-هو حضرتك هتاخد من هنا فلوس
نظر السيد شزرًا لخزنة النقود، قال متهكمــًا:
-مافيهاش فلوس
تحير يزيد في أمره وبدا جاهلاً، قال السيد بحذر:
-اللي هقولهولك بيني وبينك، مراد فلوسه كلها هنا
قارن يزيد كلام السيد منذ قليل بما نطقه للتو، وزادت حيرته، قال:
-مش حضرتك بتقول الخزنة مافيهاش فلوس؟!
رفع السيد يده له دليل أنه يريد النهوض، أسرع يزيد في امساكها ليعاونه على ذلك، قال السيد بمعنى:
-تعالى معايا!
ثم تحرك يزيد معه نحو مكتبة معلقة على الحائط، وكان مندهشًا بشكل غريب، ويتساءل، ماذا يريد جده أن يخبره؟، بالفعل لم يتفهم وترقب فقط، وقف السيد أمام المكتبة وقال:
-في زرار هنا اضغط عليه
دله على مكانه باستخدام عصاه، تحرك يزيد ليضغط عليه مطيعًا له دون أن يناقش، وحين ضغط عليه تحرك الحائط، شهق يزيد بصدمة ثم وجه نظره للسيد مذهولاً، قال السيد بتفهم:
-محدش يعرف الغرفة دي غيري أنا ومراد، قالي عليها لما جيت عنده هنا!
عاود يزيد النظر للغرفة والحائط يتحرك، ثم انبهر بهذا الاختراع السري، قال السيد بجدية:
-يلا دخلني
أخذه يزيد من يده ليخطو داخل الغرفة، وبالطبع كان يحملق ببلاهة ممتزجة بالدهشة في محتويات الغرفة، وحينما ولجوا تحرك الجدار لينغلق عليهم، باشر السيد قائلاً:
-افتح النور ده بسرعة!
تحرك يزيد نحو مقبس النور الذي أشار عليه ثم ضغط، وعند تحركه ناحية السيد مجددًا وقعت عيناه على ما جعله يتجمد مكانه، وكانت هيئته تعرب عن رؤيته شبحًا أو ما شابه، تعجب السيد من ذلك ولا إراديًا وجه نظراته نحو ما يراه وبحث عنه، ضيق عينيه حتى لمح ذراع أحدهم، ارتعب داخليًا ظنًا بأنها جثة، لكن كلام يزيد المفزوع وهو يهرول ناحيتها جمده وهو الآخر، حين هتف:
-حســام، شريف!
اهتز السيد مكانه ولم يصدق ما يسمع، وبكل قوة وجدت به تحرك خلفه مضطربًا، حدق بـ يزيد وهو يوقظ الولدين بخوف وهلع جارف، كانت كلمة واحدة على لسان السيد سأله بها:
-عايشين؟!
فورًا تحسس يزيد نبضهما، انشرحت قسماتها وهو يقول:
-عايشين، عايشين يا جدي
ثم تابع بأنفاس متذبذبة:
-كانوا محبوسين هنا من وقت الحادثة باين
لم يهمه السيد شيء آخر جاء من أجله، سواهما، هتف بحزم:
-يلا خرجهم بسرعة
حمل يزيد حسام أولاً وبخفة توجه ناحية الحائط، كان السيد قبلها يستعد لفتحه، مجرد أن فُتح قليلاً، انسل ليخرج، ثم وضعه على الأريكة، وبسرعة أكبر كان يفعل المثل مع شريف، وهو يضعه بجوار أخيه هتف:
-هاتصل بالإسعاف يجوا
لم يأخذ الإذن بل يعلن فقط ما سيفعله بعد ذلك، وتوجه ناحية التليفون، تاركًا السيد بقلب ينبض بقوة، وهو يتأملهما براحة ظن أنه لن يجدها، ردد بلمعة حزن في عينيه:
-ربنا ما يحرمني منكم أبدًا.....................!!
__________________________________

استغلت وجودها في لبنان لتأخذ خطوة علاجها من الإدمان، بعيدًا عن من يعرف هويتها، ووجدتها فكرة سديدة لتعيش حياة طبيعية كغيرها، لكن عطّلها عن ذلك ما حدث لـ غزل، وملت من حزن زوجها الذي لم ينقطع عليها، أيضًا خالته التي تعيش بثياب سوداء حتى وهي نائمة؛ حزنًا على فراقها، تأففت ياسمين من كل ذلك، فقد ماتت وانتهى أمرهـا، فلما الجلبة إذًا..

وضعت ياسمين ثيابها بخزانة الملابس ثم توجهت ناحية الفراش مستعدة للنوم، صعدت بجانبه لتجلس، ثم نظرت له قائلة:
-هتفضل كده لحد إمتى؟!
لم يرد يوسف وظل كما هو يحدق بالفراغ وشاردًا، لم تُعجب بوضعه فقالت متصنعة الحزن:
-عُمرها كده، ادعيلها بالرحمة، هي عند اللي خلقها!
فجأة عاد يبكي من جديد، وضع يوسف يده على وجهه ليخبئه، فهو رجل وقليل ما يبكي الرجل على شيء، رغم أن ياسمين غارت من حبه العظيم للأخيرة أشفقت عليه، متمنية أن يكن لها مقدار هذا العشق، شهق يوسف ببكاء وقال:
-مش مصدق إني خلاص مش هاشوفها، دي كانت كل حياتي، حرمت نفسي من كل حاجة علشان أشوفها بتضحك بس
ثم بكفه مسح دموعه، قالت ياسمين موضحة:
-أنا قبل ما آجي اتأكدت من موتها، ومتقلقش هما عملولها اللازم، ودفنوها في مقابر عيلتهم
حرك رأسه للجانبين وقد تناوب بكاؤه، ردد بعشق:
-حبيبتي يا غزل، معقول تسيبيني من غير ما أودعك
لم يدرك يوسف بأن حزنه الشديد ومدحه للأخيرة يزعج ياسمين، لكن احتفظت بذلك في نفسها، فلا يهم إعلانها مشاعر الغِيرة أو توجيه اللوم له، تابع بمرارة:
-أول مرة اتمنى أموت، علشان نفسي أروح عندهـــا............!!
_________________________________

رفضت هذا الهراء الذي يفعله بداخل الفيلا، وجلست بالحديقة مبدية عدم موافقتها على تصرفه الطائش دون أن يلجأ إليها، دلف جاسم من باب الفيلا متجهًا نحوها، وكان على علم بأنها غير متقبلة ما فعله، حين وصل إليها تصنع الابتسام، جلس بجانبها يتأمل أناقتها وشعرها الأبيض اللامع، قال:
-You look pretty Mom.
-تبدين جميلة أمي!
تجاهلته عمدًا ولم تتأثر بمدحه لها، سأل بتردد:
-What's your?
-ما بكِ؟!
نظرت له بجهامة، متهكمة من سؤاله، تابع متنهدًا بعُمق:
-This girl is your niece, She lost concsiousness and brought her.
-هذه الفتاة هي ابنة أخيكِ، حدثت معها غيبوبة فقررت أن آتي بها إلى هنا
هتفت مستنكرة:
-After Anis death, She was told that She was not his daughter, just a mistake
-بلغني بعد وفاة أنيس أنها ليست ابنته، مجرد خطأ!
توتر داخليًا وهو يختلق سبب آخر لوجودها:
-My mom got attached to her, and she is now sick
and has No one but me, should i leave her?
-لقد تعلقت بها أمي، وهي الآن مريضة وليس لها أحد سواي، هل أتركها؟!
قطبت جبينها لتقول بعقلانية:
-Put she in hospital, you get better care here, but not here.
-أودعها بالمشفى، تتلقى هناك عناية أفضل، لكن ليس هنا!
قال معللاً:
-I don't have her papers now, When I'm done, I'll do it, only temporarily I prepared her room upstairs
-ليس معي أوراق خاصة بها الآن، حين انتهى منها سأفعل ذلك، مؤقتًا فقط جهزت لها الغرفة بالأعلى
مطت شفتيها مفكرة، وبدت متقبلة ذلك إلى حدٍ ما، استفهمت بجدية:
-What her illness?
-ما علتها؟!
ردد ما قاله الطبيب له:
She got in to a coma, because of a psychological condition, May be it goes on, No body knows
-دخلت في غيبوبة بسبب حالة نفسية، ربما تطول، لا أحد يعرف
شعرت السيدة بالشفقة عليها وقالت:
-Oh my good, poor girl
-يا إلاهي، مسكينة هذه الفتاة!
قال مؤكدًا بحزن طفيف:
-Of cource Mom
-بالطبع أمي!
تذكرت وقت رأتها حين جاءت، قالت مادحة إياها:
-She is distinctive and attractive
-ملامحها تروق لي، مميزة وجذابة
ابتسم جاسم فهذا صحيح، واتضح أن رأي الجميع فيها لا يختلف، استفهمت السيدة باهتمام:
-What's her name?
-ما اسمها؟!
-Gazal......!!
-غـــزل..................!!
__________________________________

بعد مرور ثـلاث أســابيعٍ..
كانت بُشرة افاقته، وبالأحرى تعافيه لا تقدر بثمن، فتح عينيه منذ الحادثة كان بمثابة أفراح تضيء معالم ابتهاجها في قلوبهم، لدرجة بكاء السيد رشدي وتقافزه تهللاً، ولم يتوانى حتى توجه للمشفى المستوطن فيه من فترة..
دنا السيد من السرير الراقد عليه مبتسمًا بمحبة، مسرورًا برؤيته يفتح عيناه وينظر إليه، عاونه يزيد على الجلوس على المقعد بجوار السرير، قال:
-أخيرًا يا مراد، حمد الله على سلامتك!!
فقط تزمّت مراد ليخرج من وعورة ما تعرض له، كان متعبًا وبادي ذلك على أعينه وقسماته، تابع السيد بمسرة كبيرة:
-الولاد بخير يا مراد، كانوا عايزين يجوا يشوفوك بس قولت بلاش دلوقت، لما تتحسن أكتر
كأن جده يفهمه، حقًا أراد مراد معرفة أخبارهم، انتظر أن يتحدث عن غزل وهذا ما تفهمه السيد، سأل بوهن:
-وغزل؟!
تردد في إخباره ثم نظر لـ يزيد، الذي رد بدلاً منه بتعقل:
-غزل بخير، هي مع الولاد
تعجب مراد من عدم حضورها للإطمئنان عليه، المفترض أن تكون أول الحاضرين، قال بعدم رضى:
-معقول.. متجيش تشوفني؟!
اختلق يزيد حجة لغيابها فقال بتوتر:
-أصلها قاعدة جنب ماما، هي تعبانة قوي من بعد اللي حصلك
رغم أنه عُذر مقبول؛ لكنه أرادها بجانبه، تشدد من أزره، لم يعاتبها لربما هناك من شغلها، قال السيد بتودد:
-قوم إنت بالسلامة يا مراد، كلنا بندعيلك
شعر بوجع في أنحاء جسده، خاصة ساقه، قال عابسًا:
-تعبان قوي، ورجلي مش حاسس بيها
نظر السيد لـ يزيد بنظرات مهزوزة، وذلك ما جعل الشك يخالج مراد، استفهم بجدية:
-أنا عندي حاجة؟!
بنبرة سريعة قال السيد بنفي كاذب:
-إنت بخير، إحنا كنا فين وبقينا فين
لم يقتنع مراد وشك أنه ليس بخير، سأل:
-هخرج إمتى؟!
هتف يزيد بدراية:
-الدكتور بيقول أسبوع بالكتير وهتخرج من المستشفى
ارتضى مراد بذلك، فهو لن يتحمل البقاء هنا كثيرًا، استفهم متذكرًا:
-عرفتوا مين اللي حاول يقتلني؟
رد السيد بجهل:
-للأسف لأ، دا حتى الشرطة مستنية تاخد أقوالك بعد ما تتحسن شوية
قال ساخطًا:
-أنا معرفش حاجة، ومش فاكر اللي حصل
لاحظ السيد انفعاله وهذا خطأ، قال بقلق:
-متتكلمش كتير يا مراد، صحتك يا حبيبي!!
هدأ مراد مجبرًا، لكن فكره ظل مشغولاً بمن حاول قتله، وتلقائيًا وجه اتهامه لأعمامه، فمن غيرهم، لم يذيع ذلك وتأنى، حتى يخرج ويواجههم، زفر بخفوت وقال:
-كلموا غزل تيجيني، عاوز أشوفها..................!!
___________________________________

خيّم الحزن عليهما بعد معرفتهم برحيلها، لتأتي ومضات خاطفة لتضحيتها من أجلهما، فهي سبب وجودهما حتى الآن، بكاؤهما المتواصل جعلهم غير قادرين على تهدئتهما، ولبثوا في غرفتهما مكتربين، حتى السيدة هدى لم ينفع حديثها معهما، حين ملت من هذا الوضع صاحت بنفاذ صبر:
-لحد إمتى هيفضلوا كده، أنا مصدقت عيني شافتهم تاني وكانوا بخير
ربتت هدير على ظهرها قائلة بتفهم:
-هما عارفين إن غزل ضحت بحياتها علشانهم، فهما زعلانين عليها ودا طبيعي، الله يرحمها، مكنتش اعرف إنها ممكن تضحي بالشكل ده
جلست السيدة تنتحب، قالت:
-ومراد فاق، وبيسأل عليها، هنقوله أيه هو كمان
قالت حسب تطلعها على الأمر:
-مكنش لازم تخبوا عليه، هو مسيره يعرف
ردت بقلة حيلة:
-بابا هو اللي قال مش دلوقتي، لما يخرج ويتحسن أفضل ليه، علشان يخف بسرعة
لم تناقش هدير ذلك وسكتت، فتابعت السيدة بوجع:
-بقى دي نهايتك يا غزل، أنا لحد دلوقتي مش مصدقة، وقلبي وجعني عليها، فغمضة عين اتحرم منها كده
توالت شهقات السيدة ألمًا، متذكرة أيضًا رحيل أسرتها، اردفت:
-أهي راحت عند مامتها، وماشفتش يوم حلو في حياتها
حزنت هدير هي الأخرى عليها، رغم بُغضها لها سابقًا، فما فعلته علا من شأنها ورفع من قيمتها، قالت بصدق:
-الله يرحمها، ويصبر مراد......!!
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
تودد لهما بعطفه الزائد، فرؤيتهما بصحة جيدة تدخل السرور لقلبه، توسطهما السيد رشدي حين جلس على تخت أحدهما، ضمهما بألفة إليه وقال:
-كنت باصلي وبادعي كل يوم تقوموا بالسلامة، مش مصدق إنكم قدامي وكويسين
ما حدث لهما زعزع فيهما الثقة، وجعل الخوف ينبض بداخلهما، ناهيك عن عدم تناولهما الماء والشراب لمدة يومين، حقًا ساءت حالتهما، ورأفة الرب بهما سبب وجودهما لتلك الساعة، وبقى ما فعلته غزل راسخًا في عقلهما، قال شريف بنبرة شاجنة:
-غزل هي اللي خبتنا، كنا جوه زعلانين منها قوي، علشان نسيتنا ومسألتش عننا، وبعدين عرفنا إنها بتخبينا من المجرمين، واتقتلت هي.
كلما تذكر شريف بكى، خلفه حسام البكاء بائسًا، كل ذلك جعل السيد يدعو لهذه الفتاة من قلبه، ويندم أنه رفضها زوجة لحفيده في يوم؛ لكن بات مجبرًا لينسى وينسيهم أيضًا، لذا قال بتماسك:
-طيب مش مبسوطين إن بابا بخير وهيرجعلكم
نظروا له فبادر شريف بالقول:
-بابا لما يعرف هيزعل قوي، أصل غزل كانت بتحبنا، وإحنا حبيناها قوي
ابتسم السيد بحزن له، فهتف حسام بنبرة موجعة:
-عاوزين نزورها يا جدي، عاوز ادعيلها وأقول كلام كتير...........!!
__________________________________

بعدما أشبع عينيه من التطلع عليها يوميًا كعادته حين يزورها بالمشفى، قرر التوجه لغرفة الطبيب المعالج، حين قابله جاسم كان مزعوجًا بشكل ملحوظ، هتف:
-إلى متى ستظل هكذا، مر شهر وهي بتلك الحالة؟!
رد الطبيب بجدية قوية:
-السيدة إميليا تتلقى رعاية ممتازة، وما نفعله معها سيفيد بالتأكيد، لأن من الواضح أنها مرت بأمور أثرت في نفسيتها إلى حد كبير
تجهم جاسم بالكامل، وظن أنه يتلاعب به، قال:
-أريد أن أنقلها لمشفى آخر، أو بلد مختصة بنفس حالتها
هتف الطبيب معارضًا:
-سيدي، لن تجد أفضل من هنا، وما ستفعله ربما يعرضها للخطر، لا تقلق فالسيدة بصحة ممتازة، وأنت تراها يوميًا، ربما تكون زيارتك سببًا في شفائها
نهض جاسم ولم يحصل على إفادة كعادته منذ جلبها هنا، غادر دون سلام حانقًا، وهو يسير بالرواق، يقتله شغفه بها أن تفيق وتعيش معه، وتخوف داخليًا أن تطيل فترة نومها تلك..
توجه لسيارته، ولاحظ بداخلها فتاة رقيقة تبتسم له، أخذ يقترب منها إلى أن تعرف عليها، هتف وهو يفتح الباب:
-ماري عزيزتي، كيف حالك؟
ثم ركب خلف عجلة القيادة فاقتربت منه لتضع قبلة ودية على وجنته، قالت:
-أخبرتني عمتي أنك هنا، فحضرت فورًا، أراك تتهرب مني
هتف محتجًا:
-ليس كذلك، أنتِ فقط فتاة مشاغبة، تحبين السهر والخروج كثيرًا، أما أنا فـ لا.
قلبت شفتيها كالأطفال، قالت مستاءة:
-من الواضح أن الفتاة المريضة سلبت عقلك، وجعلتك جادًا في معاملتك، حتى معي
ضحك بقلة حيلة وقال:
-لقد يئست ماري، لم تتحسن حالتها، كما هي
قالت متذكرة أمر ما:
-لا تقلق، لن تجد أفضل من ألمانيا، فقد كان لدي صديقة نفس حالتها، تركها حبيبها فدخلت في غيبوبة استمرت عدة أشهر، وفاقت حاليًا، وكان السبب وجود أسرتها حولها، والتي دعمتها لتقاوم ثُباتها هذا
كلامها كان مستحيل ليفعل مثله مع غزل، فبالطبع لن يجعلها تلتقي بأي أحد سواه، نفخ بقوة ثم حدق أمامه، قال في نفسه:
-لو وقف الموضوع على كده، تبقى مش هتفوق..............!!
_________________________________

بيده دفع المعدات الطبية من جواره حتى سقطت أرضًا محدثة ضجة، كان ثائرًا بشكل مدروس وهو لم يستطع الوقوف على قدمية، جلس مراد على طرف السرير غاضبًا حزينًا، يكبح ألمه بداخله، ولم يستطع تقبل هذا العجز بتاتًا..
وقف يزيد على مقربة منه حزينا لرؤيته يعاني، نظر له مراد بقساوة، هتف:
-فين غزل؟!
كان ذلك سبب معرفته بما حدث لـ (رجله)، تعجبه من عدم حضورها أغضبه، رد يزيد بتريث:
-المهم دلوقتي إنت يا مراد؟
اهتضب في الحديث هادرًا:
-أنا في داهية، غزل مش بتيجي ليـــه؟!
تقلقل يزيد وهو يرد باندفاع:
-غزل ماتت يا مراد
اهتز بؤبؤي عينيه وقد خبا اتزانه، هتف:
-إنت بتقول أيه؟!
رد يزيد مطرقًا رأسه بابتئاس:
-اللي كانوا عاوزين يقتلوك، فعلوا مع الولاد وغزل زيك، بس غزل حمت الولاد منهم، وضحت بعُمرها علشان يعيشوا
ما يهذي به جعله يوصفه بالأحمق، وكان غير طبيعي وهو يستمع لهرائه، في لحظة تهور نهض قائلاً:
-عاوز ارجع القصر
ثم تلقائيًا تعثر وسقط، سريعًا تقدم يزيد منه ليرفعه فضربه مراد ليمنعه، صرخ بصوتٍ جهوري:
-سيبنـــي!
حاول الوقوف ولم يستطع، يأس من محاولاته الفاشلة فافترش الأرض حزينًا، يريد البكاء؛ لكن بداخله رفض تصديق كل ما قاله، همد فجأة ليأمره:
-عاوز أخرج من هنا، مش قادر.................!!
___________________________________

فيمــا بعد، كانوا جميعهم من حوله، مترقبين ردة فعله، والغريب هدوءه المقلق، نظر له السيد بحسرة وهو يمسك بـ عكاز ليمشي به، وبدت نظرات الشفقة تنبثق من البعض، لكن منتصر لم يحثه قلبه على الاشفاق مطلقًا، ولم يتشفى أيضًا، سوى أنه وجده انتقام على طمعه، وسريعًا نفض ذلك فهو فقد من أحبها هو الآخر، ولقى مصيره..
فتح السيد الحديث قائلاً:
-مراد فيه دكتور كويس أنا أعرفه، كلمته على حالتك وقال بإذن الله تتعالج
رد بيأس:
-مش عاوز اتعالج!
عاتبه السيد بألم:
-ليه يا مراد، إنت صغير وولادك محتاجينك
وجه بصره لأولاده، فرح في نفسه كونهم بأمان وبخير، كان يجاهد في عقله أن لا تأتي غزل على فكره، كلما جاءت كان يفكر بشيء آخر، مجرد تذكرها سيقتله داخليًا، قال:
-أنا عاوز أرتاح واقعد مع نفسي
ثم اتكأ على العكاز لينهض، لم يجيد مسكه، لذا سار مجتهدًا في التحرك، لم يساعده أحد؛ كي لا يتعصب أو ينفعل من جديد، تركوه يصعد بمفرده، فتتبعته السيدة بأعينها الباكية وقالت:
-مراد صعبان عليا، بعد دا كله هيبقى كده، عاجز
ثم التفتت للسيد تخاطبه بتكليفٍ متوسل:
-اتصرف يا بابا، مراد لازم يتعالج ويخف، مش لازم نسيبه كده
قال بجدية أعربت عن تأكيده لذلك:
-هيتعالج، وهيسافر أحسن بلد كمان، بس سبوه شوية على ما يرتاح نفسيًا بسبب اللي حصل....!!
______________________________________

شهر خلّفه أخر، وكل شيء لم يتغيّر في أحوالهم، التناسي جاء من عند الله، فربط على قلوبهم، عقد خلالها يزيد قرانه على هدير، واقتصر على الهدوء وفيما بينهم فقط، وفي تلك الفترة ألحّ السيد على مراد بضرورة السفر والعلاج، لكل وقت يتأخر فيه تقل فرصة شفائه، امتثل في النهاية ليوافقه الرأي، فلن يكمل بقية عمره عاجزًا هكذا..
وقف مراد بجوار تخته يجمع متعلقاته الخاصة من داخل الكومود استعدادًا للسفر، وكان السيد جالسًا على المقعد خلفه يتابعه باطراق، حين استدار مراد باستخدام عكازه وقد أتقن امساكه، قال السيد:
-كان نفسي آجي معاك
رد مراد برزانة وهو يجلس أمامه:
-ملوش لزوم، أنا لوحدي كفاية
قال السيد بمفهوم:
-الدكتور إدريس، هو مصري وعايش في ألمانيا، هتروح عليه، هو عنده مستشفى شركة مع طبيب ألماني، وبيفهم في الحالات اللي زي بتاعتك، وخف كتير على إيده، عقبالك يا مراد
قالها السيد بدعاء، اومأ مراد متفهمًا، قال:
-الولاد يا جدي أمانة عندك
أدرك السيد أنه ما زال يتذكر الحادثة الملعونة، قال:
-إزاي لحد دلوقت مش عارفين مين عمل كده، مين عدونا بالشكل ده؟!
في البداية كان يشك مراد في عمه، لكن نفض هذا الهاجس من رأسه، وانتزح بفكره لبعيد، حد أنه شك بـ جاسم، لربما جاء وانتقم، فرك مراد رأسه متحيرًا وهو مقيد غير قادرٍ حتى عن كشف من فعل به هذا، ومن شتت أسرته وأفسد حياته لهذا الحد، من طلعته تيقن السيد أنه يفكر فيما مضى، لذا بكل تعقل طلب منه:
-إنسى يا مراد، خليك في اللي جاي
نهض مراد قائلاً باستعداد:
-يلا أسلم عليكم، علشان متأخرش على الطيارة...............!!
___________________________________

تخضب فجأة، فلحظته المترقبة قد أتت، شهور من الانتظار الدؤوب، وها قد جاءت لحظة وعيها، ما يوتر جاسم حين علم باستعادة وعيها أنها ربما تبغضه، تنفر منه وتحدث ضجة بسبب وجودها، أو تتذكر ما فعله وتقلب الأوضاع..
وبالتأكيد ذهب ليراها، رغم دقاته العنيفة، ووقف عند باب غرفتها لبعض الوقت، متردد في رؤيتها له، وردة فعلها حينها، تنفس بهدوء وحاول تهدئة نفسه، ثم أخذ القرار بالدخول.
عند فتحه للباب نظر له الطبيب، دعاه للدخول بإشارة مش يده، خطا جاسم للداخل ببطء وهو يتأمل غزل التي تخفض رأسها وتجلس على التخت مستندة على الوسادة خلفها، وهو يقترب منها قال الطبيب:
-Mrs. Amelia Who has regained consciousness Mr Jassim, and she is well
-السيدة اميليا استعادت وعيها سيد جاسم، وها هي بخير
ازدرد جاسم ريقه، خاطبها بتلعثم:
-غـ... أ.. إميليــا!!
لم ترد عليه وكأنه يتحدث مع أخرى غيرها، مناداته لها مجددًا دون رد منها، جعلت الطبيب يقترب منها ليجعلها تنتبه له، قال:
-Lady Amelia, do you hear me?
-سيدة اميليا، هل تسمعينني؟!
حدق بها جاسم متوترًا حين رفعت رأسها، نظرت بتوهان فيما حوله وجسدها متعب، رددت بلغة لم يتفهمها أحد سوى جاسم:
-أنا مين، أنا فين؟!
مط الطبيب شفتيه غير متفهم ما قالته للتو، بل اشتبه في اللغة قائلاً:
-I thik she speake Arabic
-اعتقد تتحدث العربية
ضيق جاسم نظراته وتمنى من قلبه أن تفقد الذاكرة، خاطبها بشجاعة:
-هو إنتِ مش فاكرة حاجة؟!
نظرت له باعياء، قالت:
-لأ، أنا مين؟!
تهلل جاسم واتسعت بسمته علنًا، حدث الطبيب محتفظًا بفرحته داخله:
-She does not remember any thing
-هي تقول أنها لا تتذكر أي شيء
انتصب الطبيب في وقفته، وبدا أنه كان متوجس من هذه النقطة، قال:
-The situation has become difficult
-أصبح الوضع صعب الآن!
هتف جاسم بلا مبالاة:
-Why, Themost important, That she is good
-لماذا؟، الأهم أنها على ما يرام وفاقت
أرجعت غزل رأسها للخلف شاعرة بدوار ما، وراغبة في بعض الراحة، تخوف جاسم من عودة غيبوبتها، فقال الطبيب بعملية:
-She is okay, We'll just take She to do some important checks and analyzes
-هي بخير، فقط سنأخذها لعمل بعض الفحوصات والتحاليل المهمة............!!
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
سار برفقة الطبيب في الرواق يتحدث معه حول حالته، أعجب مراد بذكائه وثقته العالية في نفسه، وتفاءل كثيرًا، قال الطبيب إدريس باطلاع:
-مرت علينا حالات أصعب من حالتك وبأمر الله خفت وبمجهوداتنا
استفهم مراد بتمنٍ:
-يعني اطمن
-خليك واثق في ربنا، إحنا عوامل مساعدة
ابتسم مراد وارتاح من مقابلته له حين وصل، قال:
-طيب في إجراءات هاعملها النهار ده ولا راحة
قال مبتسمًا بسماحة:
-من بكرة هنبتدي، إنما دلوقت هنقعد في مكتبي نستنى دكتور جون وتفهم منه هيحصل أيه
ثم وقف به الطبيب إدريس عند باب مكتبه متأهبًا لدخوله، فتحه ثم خطا أولاً، أشار لـ مراد بالدخول وقبيل ذلك لمح مراد عفويًا فتاة على مقعد متحرك وتدفعها ممرضة، لفتته هيئتها لأن ينظر لها، لم تكن ملامحها غريبة، وتخيل أنه رأها من قبل، وحين تمعّن النظر وجدها آخر شخص يحلم أن يراه، ما أدهشه أن الفتاة تشبهها بتطابق عجيب، مرت من أمامه وملامحه تظهر له، تأججت غرابته حين لم تنظر إليه، هذا يعني أنها ليست هي غزل، ناداه الطبيب متعجبًا:
-مراد بيه، فيه حاجة؟!
تخبط مراد ولم يعرف يذهب خلفها أو يدخل مكتب الطبيب، اضطربت أنفاسه وهو يراها، ولم يكن يتوهم، حقًا مطابقة لها، رغب في التحرك نحوها؛ لكن ناداه الطبيب مرة أخرى، نفخ مراد ثم التفت له، ولج مكتبه وهو مشغول بها، قال معتذرًا:
-آسف، حسيت بصداع مفاجئ.........................!!
*********************
إلي هنا ينتهي الفصل الثامن والخمسون من رواية أثواب حريرية بقلم إلهام رفعت
تابع من هنا: جميع فصول رواية أثواب حريرية بقلم إلهام رفعت
تابع من هنا: جميع فصول رواية أرض زيكولا بقلم عمرو عبدالحميد
تابعوا صفحتنا على الفيس بوك للمزيد من روايات عربية
أو أرسل لنا رسالة مباشرة عبر الماسنجر باسم القصة التي تريدها
اقرأ أيضا: رواية احببتها في انتقامي بقلم عليا حمدى
يمكنك تحميل تطبيق قصص وروايات عربية من متجر جوجل بلاي للإستمتاع بكل قصصنا
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة