-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية فرط الحب بقلم دينا إبراهيم - الفصل الخامس عشر

مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة وأجمل الروايات الممتعة والروايات الرومانسية مع رواية رومانسية جديدة للكاتبة المتألقة دينا ابراهيم الشهيرة بروكا والتي سبق أن قدمنا لها العديد من الروايات والقصص الرائعة من قبل واليوم مع روايتها التى نالت مؤخرا شهرة كبيرة جدا على مواقع البحث نقدمها علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل الخامس عشر من رواية فرط الحب بقلم دينا إبراهيم

رواية فرط الحب بقلم دينا إبراهيم - الفصل الخامس عشر

إقرأ أيضا: حدوتة رومانسية

رواية فرط الحب بقلم دينا إبراهيم
رواية فرط الحب بقلم دينا إبراهيم


رواية فرط الحب بقلم دينا إبراهيم - الفصل الخامس عشر

تابع من هنا: روايات زوجية جريئة 

 خرج ريان من المرحاض بجسد غارق في التعب والإرهاق، لا يزال مبلل برذاذ الماء من حمامه البارد إلا أن ذلك لم يمنع الابتسامة الكبيرة التي ارتسمت على وجهه المشاكس في لهفه أثناء اقترابه من زوجته النائمة كالملائكة، طالع جسد صغيره المبعثر في كل اتجاه جوارها واتسعت ابتسامته وكم يتمنى النوم والصحو على هذا المشهد كوال العمر.

مسح رأسه وأعلى صدره مرة أخيره بالمنشفة قبل ان يلقيها ويستلقي ببطء بجوارها في رضا كمن أمتلك الحياة.

انكمشت ريم ما أن لامسها بجسده البارد نسبيًا فتابع القشعريرة التي سرت في سرعة بجسدها الصغير وملئت عنقها الرائع المغري لكنها ضغطت فوق جسد عمر تقربه منها مطالبة بالدفء.

خرجت منه ضحكة خفيفة بعد أن عانقها يقرب جسدها منه بعيدًا عن طفله في رغبة شريرة بطفوليه لامتلاكها وحدة فعمر ينعم بأحضانها منذ زمن، استقر برأسه فوق عنقها يستنشق رائحتها على أمل ارضاء الشوق المشتعل داخل صدره.

وتنهد بحرارة لقد أشتاق لها بجنون وكأنها المرة الأولى التي يبتعد فيها عنها.

رفرف قلبه بعد مرور دقائق ساكنة حين دفعت بظهرها نحوه مستمتعة بالحرارة المستجدة التي ألهبت جسده ما ان أقترب منها، فرفع ذراعه الذي لا يزال ملفوف حول خصرها ليضع كفه أسفل رأسها يرفعه نحوه قليلًا قبل أن يميل ويطبع قبلات صغيرة مبعثرة فوق وجنتها.

تململت ريم لكنها لم تستيقظ حتى حين استقر بشفتيه فوق عنقها يدمغها بأشواق قبلاته الحارة ا، تحركت منزعجة من حرارة تلك الأنفاس التي تداعب أسفل أذنها لكنها لوت عنقها في تطلب وهي تشعر بفمه يداعب مشاعرها مطالبة بالمزيد ولم يبخل هو.

تأججت نيرانه بقوة فمرر ذراعه الاخر من أسفل كتفها كي يضغط بكلا ذراعيه حول جسدها فيحتويها أكثر داخل أحضانه في غرام وشعر بسيطرته تنساب مع الرياح فتنهد هامسًا بين قبلاته:


-ريم...


-امم..


خرج أنينها كالموسيقى فضغط على جسدها أكثرًا لاثمً عنقها بقبلة قوية أخيرة مؤكدًا بأنفاس لاهثة غير قادر على إبعاد شفتيه عن بشرتها الناعمة:


-اصحي قبل ما نروح في داهية عمر جنبنا.


انفتحت جفون ريم تطالع الغرفة امامها في ذهول ثم قطبت حاجبيها في تعجب تحاول التركيز لاستيعاب ما يحدث خلفها:


-انا رجعت من السفر.


همس ببطء، فأفرجت عن صراح حاجبيها وشهقت تلتفت نحوه قائلة بصوت يشوبه النوم وهي تلامس وجهه تتأكد انها لا تحلم به كما كانت تفعل طيلة الأيام الماضية:


-ريان انت رجعت بجد؟


-وحشتيني...


ارتمت ريم في احضانه دون تفكير تعانقه في قوة ثم قالت في عتاب:


-لو وحشتك كنت اتصلت بيا، اقصد بعمر أصل انت كنت واحش عمر أوي.


-معلش مكنش عندي وقت اجيب شريحة جوال، بكره هفهمك كل حاجة،

وبعدين عمر بس اللي كنت واحشه؟


-وليان عملت ايه؟


قالت في حرج تغير الموضوع وهي تبتعد عنه قليلًا لا تريد الخضوع والاستسلام سريعًا، فصمت يطالع عيناها القلقة قبل ان يبلل شفتيه مخبرًا إياها:


-اتطلقت من جوزها ونزلت معايا.


-نزلت معاك مصر.


سألت بتلقائية بلمحة حزن فجزء منها شعر بعدم راحة لأنها مقتنعة بأن ما حدث لليان كان عقاب غدرها، سعل ريان قبل ان يرد في توتر:


-في أوضة عمر.


اتسعت عيون ريم التي اشتعلت بمشاعر جمه غير قادره على تحديدها ولكنها بالتأكيد ليست سعيدة، انتهت صدمتها سريعًا قبل أن تدفع كتفه تحاول إبعاده عنها ليردف في تعجل:


-أنا عارف انك زعلانة منها بس دي أختي والظروف جيت عليها جامد،

انتي شايفة كان ينفع اسيبها وهي محتاجاني؟


-حاجة متخصنيش، أعمل اللي تعمله.


أجابته في حده وقد بدأت مشاعرها في التخبط فهي لم تتوقع ان تأتي المواجهة أقرب مما تتوقع فعوده ليان يذكرها بقبح فعلتها وتدميرها لحياتها، حاولت ريم الإفلات من بين أصابعه المطبقة على جسدها لكنه رفض مؤكدًا:


-طيب ممكن ناخد بريك انهارده وننام، والصبح هخليها تمشي لو ده هيريحك ؟


عقدت حاجبيها ترمقه في غضب وحنق لأنه يعلم جيدًا انها لن تتركه يطرد شقيقته من منزله وقت محنتها حتى وان اذتها بشدة.


-يخربيت الطيبة اللي في دمك دي.


قال ريان بنبرة مرحه مستمتعًا بمشاعرها الفياضة ثم قرب وجهه منها عنوة يحاول تقبيلها فجزت على اسنانها قائلة:


-ريان متستفزنيش، دي مش طيبه انا بس انسانه طيبعيه أكيد مش هخليك ترمي اختك!


قرب شفتيه يحاول ملامسه شفتيها فسارعت بإخفاء رأسها في صدره هامسة في رفض:


-ريان، ممكن أفهم انت نايم جنبي ليه؟

يعني هو في حاجه جديدة فاتتني في علاقتنا؟


-شكلك مكنتيش حاسه بنفسك ولا ايه،

انتي اللي اول ما جيت قولتيلي خودني في حضنك يا ريان وحشتني يا ريان، بوسن...


اخبرها ريان في مشاكسه بينما يحرك ذراعه في الهواء يعبر عن هول أفعالها، فوضعت كفها فوق فمه تمنع حديثه الوقح بوجه أحمر ليقبل الوقح كفها مرات متتاليه حتى هربت منها ضحكاتها ناتجة عن دغدغاته لتوبخه:


-ريان، بطل هزار.


ابعد كفها ومال دون انذار سارقًا انفاسها في قبلة عميقة يبث بها مشاعره لها ثم أبتعد متنفسًا بالندم هامسًا:


-اعملي نفسك بتحلمي وسبيني انام كده وانتي في حضني.


لم تعارضه ريم وقد انقطعت انفاسها بسحر غرامه وذاب المنطق خلف جفنيها فتركته يضمها إلى احضانه غير قادره على الحركة او الاعتراض.

همهم ريان في رضا واغلق عيناه مطالبًا النوم في سلام بينما أغمضت هي جفونها تشعر بالأمان اخيرًا منذ أيام.


*****


في الصباح الباكر جلس أحمد فوق مكتبه يهز ساقه في عنف وتوتر وكل دقيقه تمر عليه تؤكد له بأن ريم باعت قضيته وأن ريان انتصر بسرقتها منه.


-ردي بقى!!


هتف في غضب وهو يعاود الاتصال بها دون جدوى، لمعت عيناه بشر وكم يتمنى بأن يرى البغيض اتصالاته غير مبالي بموقف ريم وقتها، زفر في حده فكم يشعر بالحقد والكره تجاه ذلك الرجل، فهو يملك امرأة محبة لا يستحقها وطفل صغير نعم حقير لكنه لا يستحقه ايضًا...

غامت عيناه في حقد فريات يملك أيضًا القوة والإصرار والمواجهة والقدرة على التحكم في حياته....

وجميعها اشياء عاجز هو عن امتلاكها، ضرب بقبضته فوق ساقه دون اهتمام برد فعل العاملتان المتعجبتان من حركته المفرطة، فمالت احداهما هامسة:


-اتلحلحي قبل ما ريم ترجع وتخطفه منك او يتجنن من غيرها، أيهما أقرب !!


-اتلحلح ايه اكتر من كده أيه!

ده بارد اجيله يمين اجيله شمال عينه ما بتترفعش نحيتي.


قالت الفتاة في حقد وغيظ فضحكت صديقتها مردفه:


-روحي قوليله يشرب ايه وافتحي البلوزه دي شوية، فكي عن نفسك وعلى الراجل يا بهيمة.


تنهدت "دعاء" في استسلام ثم خلعت أول زرين بقميصها في توتر لتتتقل بأناملها فوق وجنتيها تقرصها كي تزيد حمرتها أثناء تحركها بعزم نحو " أحمد" الغارق في عالمه الخاص، فسألت في صوت رقيق غنج نوعًا ما:


-صباح الخير، تحب اعملك قهوة يا أستاذ أحمد شكلك مضغوط انهارده.


لم يرفع أحمد رأسه او يرمقها بطرف عينه حتى واكتفى بقوله المقتضب:


-اعمليها سادة لو سمحتي.


-طيب تحب تفطر معايا انا و....


قاطعها أحمد في ملل يرغب في التفكير بمفرده:


-دعاء مش عايز حاجة، شكرا ليكي القهوة كفاية.


احمر وجهها بحرج لكتها ابتعدت تجرر اذيال الهزيمة نحو صديقتها التي تمط شفتيها لليمين واليسار في حنق، حدقتها "دعاء" بنظره قاتله هامسة:


-عجبك الكسفة والتهزيق ده!


-ابن الايه، أنا عمري ما شوفت راجل مش هامه الستات بالطريقة دي أيه حجر.


-لا يا اختي بيهمه بس ريم وبس.


اخبرتها دعاء في حقد واتجهت تحضر قهوته في غيظ مرير.

خطف أحمد نظرات مغيظه نحوهن فهن لا يملن من محاولاتهن الساذجة في لفت انتباهه، ابتسم في سخرية فقد تعلم درسًا قاسيًا لا يود تكريره مرة أخرى.

فهو يتعمد تجاهل جميع النساء منذ الموقف الأسود الذي تعرض له في مقتبل عمره، انكمشت ملامحه في غضب وقهر لا يزال يتذكر التخبط الذي تملكهُ حين لم يستطع إكمال معصيته مع تلك العاهرة في الليلة المشؤومة التي تحداه فيها أصدقاءه بأن يذهب معها للغرفة.

لقد رفض وقتها في تعنت لكنهم اتهموه بأفظع الاتهامات والجُبن واتهام واحد فقط نجح في اخترقته ودفعه ليدلف مع العاهرة وهو قول احدهم بأن والده قتل رجولته.

عاد بأفكاره لتلك اللحظة حيث كانت الأمور تجري في سلاسة وكم كان منغمسًا بين ذراعيها كالمجنون يحاول اثبات أمر لا يعلمه هو، حتى صدح صوت والده من حوله فانتفض جام جسده كمن تلبسه شيطان أقبح من شيطانه.

تعجبت السيدة من تحوله الحاد من الحرارة للبرودة التامة فلم يتحمل حاجبها الرفيع المرفوع بتساؤل ساخر، فهرع مبتعدًا في ذعر عنها.

لملم ملابسه يرتديها أثناء خروجه من الغرفة وإلى خارج المنزل بالكامل دون الالتفات لأصدقائه الضاحكين خلفه وللحين لا يقدر على نسيان تهكماتهم القبيحة.

فرك عينيه يحاول نسيان شعوره الكريه ورجولته المتألمة المنكسرة في قسوة.

لا يدري كيف استطاع تجاوز الأمر وقتها لكنه بالتأكيد عانى الكثير من الاحباط والقهر فالاحتفاظ بهذا السر بعيدًا عن الجميع كان يقتله ببطء فهو ليس مختلف عن أي رجل شرقي يخشى نظرة المجتمع ولن يتحمل معرفة أحد بالأمر.


-انا وثقت فيكي انتي يا ريم وعرفتك بأسوأ مخاوفي، بلاش تخذليني.


تمتمت في حزن فلا أحد على هذه الأرض يعلم بسره سواه هي وتلك العاهرة، ريم جعلته يشتهي الحب والرفقة الحنونة، جعلته يعتقد بأن حياته يمكن أن تكون مختلفة عن طابع الوحدة المتوقع فقد أخذ قرار بعدم الزواج غير قادر على إحباط روح أخرى معه وتعذيبها بعجزه.

اما ريم فكانت مختلفة كانت رفيقه حياة وروح، جعلته يؤمن بأن هناك أمور أهم من الجسد جعلته يؤمن بالاختلاف ونسيان الواقع، جعلته يقتنع بأن الانثى ليست هي من تحدد رجولة الرجل بل هو من يحددها باحترامه وعطاءه.

ريم بالنسبة له كانت شعاع الأمل من أجل حياة طبيعية يتمناها وعليها فهو يكره ريان بشدة لأنه سرق فرصته في تلك الحياة....


*****


في منزل "ريان" جلست ليان فوق الفراش تضم وساده في توتر فمنذ سمعت أصوات ريان وريم في الخارج، وهي تتصبب عرقًا كمن يوشك على خوض اختبار مدرسي مصيري، وعقلها يصرخ متسائلًا في حيرة:

كيف يا ترى ستقابها ريم هل تكرهها بشكل تام الآن؟

اهناك امل بأن تسامحها بعد اذيتها لها؟

والسؤال الأهم هل ستقدر ليان على قبول رد فعل ريم أيا كانت بالإيجاب أو السلب؟

طرقات خفيفة اخرجتها من أفكارها فعضت أطراف أصابعها تتمنى أن يستسلم الطارق لكنها تنفست عدة مرات تتمالك رباط جأشها حين عاود الطرق من جديد فقالت في نبرة خافتة:


-ايوة.


-صحيتي؟


أتاها صوت شقيقها الرخيم ببقايا اثار نومه، فأجابته سريعًا وتدعوا بأن يذهب دون ان تضطر لفتح الباب ومواجهتهم بالخارج.


-ايوة.


ساد الصمت قبل أن ينظر ريان بطرف عينيه نحو ريم التي تحول الأطباق على المائدة تتصنع الا مبالاة ثم التفت نحو باب الغرفة المغلق موبخًا:


-ما تفتحي الباب!


عضت ليان شفتيها في غيظ ولكنها اتجهت ببطء تفتح الباب وهي تتعجب أين اختفت تلك الفتاة الوقحة عديمة المشاعر التي تشكلت على يد نادر...


اه نعم لقد ابرحها نادر ضربًا حتى خرت هاربة فلم يتبقى سوى ليان التائهة الضعيفة...


فكرت في سخريه قبل ان تفتح اخيرًا الباب، مد ريان ذراعه يجذبها للخارج نحو الطاولة في هدوء متجاهلًا ثقل عضلاتها الرافضة.

رفعت ريم نظرها نحو ليان لتتسعا عيناها في صدمة وهي ترى مدى سوء وجه ليان المبرح ضربًا، ارتفع كفها يغطي فمها في ذعر، لا تتخيل كيف يمكن لرجل ان يتصرف بتلك الوحشية مع فتاة صغيرة الحجم كليان حتى وان كانت قبيحة الطباع.

تمالك ريان مشاعره المحبطة الجلادة للذات وهو يرى وجه ريم المشفق على شقيقته وتعجب للطيبة وفرط الحب داخلها فتلك طباع ريم ولن تتغير مهما حاولت اظهار العكس.

سعل بخفة وداخله تمني واحد بأن تمر الأمور بين ريم وليان بسلام، تصلبت ليان بجواره مثبته قدمها في الأرض تحاول الفرار من قبضته فالتفت إليها متعجبًا من حده رد فعلها ولكنه ذهل أكثر عندما انفجرت ليان باكية تتمتم بألفاظ غير واضحة تتوسل بأن يتركها كي تهرب من عيون ريم المشفقة...

لم تستطع ليان تحمل الشفقة والاهتمام المنبثقة من عيون ريم وشهرت بحقارة لا توصف وكرهت ذاتها أكثر وأكثر فانهارت باكيه لا تقدر على النظر نحوها فهي لا تستحق ان تعاملها ريم سوى بالاحتقار والاشمئزاز.

انفلتت من بين اصابع ريان راكضه للداخل من جديد فاتبعها ريان قائلًا:


-بتعيطي ليه يا مجنونه، هي كلمتك؟


-مش هقدر يا ريان، أنا مستحقش انها تزعل عليا حتى أنا احقر من كده بكتير.


-انا مش قولتلك اللي فات مات ومتفكريش في الموضوع ده من تاني.


اخبرها ريان بنبرة حادة فوضعت كفيها فوق رأسها مستكمله بكائها طالبة:


-عشان خاطري وديني بيت بيجاد دلوقتي.


زفر ريان في تعب ليخبرها مستسلمًا:


-تمام، اديني فرصة استحمى واغير هدومي وهوديكي لبيجاد.


وبذلك خرج لمواجهه ريم التي اتبعته داخل غرفتهما ثم اقتربت منه تسأله في قلق صادق:


-هي بتعيط ليه، هو وشها لسه بيوجعها؟


-لا الطيبة في عيونك هي اللي وجعتها.


رمشت ريم وهي تطالعه في عدم فهم لم تتوقع قوله، فمال يحاول تقبيل جبهتها لكنها ابتعدت خطوة عنيدة هامسة في حده:


-ممكن تبطل لعب بمشاعري وتقولي ايه حصل بالظبط؟


ارتفع حاجبه تعجبًا من حده لهجتها لكنه تعمد تجاهل الوضع ورد يخبرها بما مرت به شقيقته:


-اللي حصل ان جوز ليان طلع انسان واطي وليان طلبت منه يطلقها وحصل قبل ما أنا انزل مصر بكام شهر...


-وسيبتها ونزلت ليه؟


تسألت ريم في تعجب وهي تجلس قبالته فاخبرها ساخرًا:


-عشان مكنتش أعرف كنا مقاطعين بعض.


-عشاني؟


سألت في حيرة فحدقها بنظرة ذات معنى مؤكدًا:


-لا علشاني وعلشان خاطر ابني وعشان خاطر كدبتها اللي حرمتنا من أغلى حاجة عندنا.


حركت ريم جفنيها وازدردت ريقها في بطء تحاول ابتلاع تأثرها بجروح ماضية، فاستكمل ريان كي يبعدها عن منحنى افكارها الحزينة:


-نادر مكنش انسان سوي، كان عايز يستغلها بأي شكل فطلب منها مبلغ معين عشان يديها ورقه طلاق وكان بيهددها انه هيردها لعصمته من تاني في اي لحظة لو منفذتش.


صمت وهو يتجه نحو الطاولة يجذب سيجاره يشعلها قبل ان يستطرد:


-لحد ما راحلها من أسبوع ولما ملقاش المبلغ كامل اتجنن وزي ما انتي شايفة كده،

وقتها بعتتلي مسج من كلمة واحدة صفى دمي حرفيًا "الحقني"، اتصلت بيها زي المجنون لقتها بتعيط ومش قادرة تتكلم وبتقولي ان نادر ضربها...


صمت يبتلع غضبه هو تلك المرة فجلست ريم حواره تربت على كتفه مواسية تحثه على الإكمال:


-انا مش عارف طمنتها ازاي و قفلت معاها، عشان أكلم صديق ليا يلحقها بعدها اتصلت حجزت أول طيارة ولحظها كانت بعد ساعة،

وهناك اديت جوزها فلوسه وخدت ورقة طلاقها ورجعت بيها على هنا.


أخبرها ريان دون التطرق إلى عقابه الخاص والعنيف للغاية للنادر قبل العودة، صمت كلاهما يفكران في غرابة الوضع وغرابة الأحداث في حياتيهما.


لما لا يعيشان حياة طبيعية بلا أي مغامرات كباقي البشر؟


كان هذا تساؤل ريم قبل ان تخبره بنبرة هادئة:


-طيب تعالي دخلها فطار.


-لا انا هوديها لبيجاد.


-لو...


كادت تخبره ريم بانها لا تمانع بقائها لكنه سبقها بقوله:


-هي مش هتسامح نفسها دلوقتي، سبيها تروح تتعامل مع مشاكلها الأول.


هزت رأسها في صمت واتجهت للباب لإطعام طفلها فأوقفها همس ريان الغارق بصدق مشاعره:


-أنا بحبك يا ريم.


علت دقات قلبها من الصفر إلى مائه في أقل من لحظه عندما وجدت خلفها يرفع اناملها مقبلًا داخل كفها الصغير، لكنها أسرعت تحارب ارتباكها جاذبة يدها قبل ان تهرع في خطوات ثابته تهرب من امامه مغلقة الباب خلفها، وضعت ريم يدها فوق قلبها مغمغمه في اعتراض:


-يا ملطشة القلوب يا جلاب المصايب بصحيح!


دوت ضحكة ريان التي خرجت من القلب سارقه من شفتيها ابتسامه صغيره قبل ان تسمع صوت انغلاق المرحاض لتحمر وجنتيها في خجل عندما سرح خيالها في طقوس استحمامه...


قليلة الحياء...


هزت رأسها موبخه وكادت تتحرك حين قاطعها جرس الباب، اتجهت بتلقائية تفتح الباب، فاتسعت عيناها في صدمة حين وجدت "أحمد" يقف أمامها بنظرة منذرة بالشر:


-أحمد انت بتعمل أيه هنا؟


ارتفع جانب وجهه في ابتسامه ساخرة قائلًا في نبرة أشد سخرية:


-وأنتي كمان وحشتيني، شكرًا على السؤال...!


التفت ريم في توتر وخوف تتأكد بأن ريان لم يأتي قبل أن تدفع باب المنزل لتخرج مؤاربه إياه خلفها هامسة:


-أحمد انت مينفعش تجيلي البيت، ريان هيبهدل الدنيا.


-لا والله، أفهم من كده أن ريان هو المهم عندك، رجعتي بالسرعة دي،

طيب اتقلي شهرين تلاته واحفظي ماء الوجه قدام نفسك...


عقد ذراعيه وهو يرمقها باشمئزاز واتهام من اسفلها لأعلاها، فأخبرته ريم في حرج واصابعها تفرك طرف ردائها في توتر كتلميذة مشاغبة فكلماته دائمًا تضربها في الصميم:


-أحمد لو سمحت مالوش لازمه الكلام ده،

ممكن تقولي عايز ايه وتمشي قبل ما تحصل مصيبة.


-عايزك وعايز وعدك ليا.


قالها أحمد بابتسامه واسعة تخفي الكثير والكثير من الآلام.


*****


في هذه الأثناء فتحت ليان باب الغرفة تقسم بأنها سمعت صوت يهاجم أحلامها، ضيقت عيناها وهي تلمح باب المنزل مفتوح انشًا فوصلتها همهمات لشخصين من الخارج.

علت أنفاسها واغمضت جفونها تستمع لألحان صوته القاسي فتستقر داخل احشائها لتحملتها قدمها هناك دون وعي لكنها توقفت في حده حين لطمتها كلماته كالماء الحارق:


-عايزك وعايز وعدك ليا.


وضعت ليان كفها فوق فمها في ذعر ترغب التفكير في مغزى كلماته خاصة عندما وصلها صوت ريم المرتعب:


-جرالك أيه يا أحمد، أيه الطريقة اللي بتتكلم بيها دي؟

اللي حاصل ده مش ذنبي انا مضحكتش عليك وكنت مستعده اتجوزك فعلا لو كان ريان طلقني.


انعقدت تلك المنطقة بين حاجبي ليان وعلت دقات قلبها في توجس، لتتسع عيناها عندما هتف أحمد غير مبالي بقدرة غيرهما على الاستماع:


-أنتي كذابة مكنتيش هتتجوزيني من الأول انتي لسه بتحبي ريان والدليل شايفه قدامي.


نظرت ريم للأرض في خجل لكنها اكملت في حده:


-أنا ست متجوزة، يعني مينفعش أكلم ح...


-طيب ما انتي كنتي متجوزة وكنا بنتكلم عادي ايه اللي اتغير؟


-حاجات كتير اتغيرت وريان مش ممكن يتقبل كلامي معاك بسهولة.


أخبرته في نبرة خافته متوجسه:


-اقولك انا اللي اتغير يا ريم،

أنتي يا ريم، اتغيرتي ومبقتيش الصديقة والأخت اللي اعرفها، أنتي خنتيني وضحكتي عليا.


-أنا مخنتكش وعمري ما اتخليت عنك اللي انا فيه ده مش بأيدي..


-لا خنتيني لما توعديني بالأمل والحياة وبعدين تسحبيها بكل قسوة من تحت رجلي تبقي خنتي الأخوة اللي ما بينا.


بصق أحمد كلماته في حده وغضب جاهلًا عن ليان التي تناست للحظة الحوار الدائر بينهم وتاهت في حزن مع نبرة الألم المختبئ أسفل غضبه ليتمزق قلبها لا شعوريًا حين أكمل في حاجة صريحة:


-انتي عارفة اني لو متجوزتش خلال شهور قليلة ابويا هياخد مني محل شغلي وهيقطعني تمامًا من عيلتي،

يعني ببساطه خيارك الأناني الخارج عن ارادتك زي ما بتقولي، هيضيع بسببه حياة شخص وأسرة بالكامل.


خرج صوت ريم مختنق ببكائها غير ثادرة على كبح عبراتها وشعورها بالقذارة وعدم قدرتها على مساعدته يقتلاها:


-أنا أسفة والله بس مش بأيدي صدقني أنت أخويا يا أحمد.


هز أحمد رأسه في خيبة أمل يتعمد نقل مشاعره المحبطة والسلبية لعينيها الحزينة مستكملًا في حده:


-لا بإيدك يا ريم محدش بيجبر حد يفضل معاه لو انتي مش عايزة ريان كنتي هتطلبي منه الطلاق.


فركت ريم دموعها في حزن وغضب على الذات لأنه يصرخ بالحقيقة في وجهها.

الصقت ليان أذنها بالباب وقد انكمشت ملامحها في غضب مصدومة من التغيير المقيت في شخصية أحمد فهذا ليس الصديق الهادئ المحبب الذي جلست برفقته دوما مع ريم، لما يصر على ضغط ريم واحباطها فنبراتها تؤكد حبها لشقيقها.


-انتي بتعملي ايه؟


شهقت ليان واضعة يدها على فمها ملتفته في خضه مما دفع الباب للانغلاق في قوة رغمًا عنها، طالعت "ليان" شقيقها المتسائل بحاجب مرفوع عن سبب وقوفها المريب وتلعثمت تخبره:


-الراجل...

أقصد اه الزباله ... اه ايه ده وشي واجعني اوي مرة واحده ومش قادرة اجيب الزبالة للبواب ممكن تجيها انت.


قالت في نبرة مهتزة تحاول تمالك خوفها لكنها تنفسا الصعداء حين ابتلع شقيقها ارتباكها ليهز رأسه في ريبه متجهًا إلى المطبخ.


اما في الخارج فقد توقفت دقات قلب ريم داخل صدرها حين انغلق الباب وسمعت صوت ليان وريان، شعرت برعشة تتملكها كمن قبض عليه يرتكب خطيئة ونظرت لأحمد بعيون باكية تتوسل الإنقاذ.

رمقها أحمد في صمت وضاقت عيناه وهو يستمع لصوت امرأة مألوف لتتسع عيناه في معرفة مناظرًا ريم بقسوة اتهاماته لتقبلها وجود الحقيرة سريعًا.

انفتح الباب لتتأكد ظنونه حين ظهرت ليان شاحبة الوجه ولكن ملامحه الغاضبة اختفت وتحولت لتعجب حين لمح وجهها المكدوم فطالعها في ذهول صامت متسائلًا ايً من الشقيقين فعل ذلك بوجهها...بالتأكيد بيجاد المجنون....

تجاهلت ليان نظراته المتفحصة لوجهها وانتفض قلبها في صدرها متسائلة هل هو اهتمام أم مجرد فضول ذلك الذي تراه داخل عيناه الغامضة لكنها الجمت أفكارها بمطالعتها لريم هامسة:


-ريان طالع دلوقتي، ادخلي بسرعة مفيش وقت، لو سمحت امشي من هنا.


وجهت أخر جملتها لأحمد دون النظر إليه وحين استمرت نظرات ريم المصدومة دون أن تتحرك مدت ليان ذراعها تجذبها للداخل مغلقة الباب في وجه أحمد الساخر.

كانت ريم حائرة لا تدري ماذا تنوي ليان فعله لأنها بالتأكيد لن تثق بأي حركة تصدر منها بينما كانت ليان تحاول عدم مقابلة عيون ريم قدر الإمكان، قاطع حربهن الداخلية حضور ريان المتسائل بملامح الشك وحاجب مرفوع:


-هو مين هياخد الزبالة، احنا معندناش بواب؟


نظرت الفتاتان لبعضهم البعض لتخبره ريم في توتر واضح وتلعثم:


-لا مش بوابه ده ده ...

اه اصل لما سافرت السكان جابوا واحد ياخد الزبالة بس أنا مشيته دلوقتي.


-ومشتي ليه أنا جبتله الزبالة!


-ريحته وحشه.


-ريحته وحشه، هو احنا هنناسبه!


-في ايه يا ريان ما تسيبها براحتها.


انتقلت أعين ريان المتسعة في تعجب بينهما ألم ترفض كلتاهما التحدث لبعضهما منذ دقائق، والآن يغطيان على أمر ما فحدسه يؤكد له بأن مشاعر عدم الراحة المنبثقة منهما ليست من فراغ.


-الفطار جاهز.


اخبرتهم ريم الراكضة نحو الطاولة وداخلها كثير من التساؤلات وحدها ليان قادرة على الإجابة عنها، شاكرة حظها لأنها لم تخبر ريان فهي غير قادرة على تحمل إيذاء ريان لأحمد أو العكس يكفي ما تسببت به من خراب للأخير.

أعاد ريان القمامة ثم غسل يديه وعجله أفكاره تدور لليسار واليمين في شك، لمعت عيناه في مكر ثم اتجه نحو الشرفة فلم يجد أحد.

حرك شفتيه ربما هو من يفكر أكثر من اللازم تحرك للداخل مستسلمًا ولكن سيارة يعرف مالكها جيدًا انطلق محركها لتتحرك بعيدًا ببطء أمام عينيه، أغمض ريان عينان يخفي قسوة مشاعره ضاغطًا على فكيه بقوة يشعر بالغضب يكتنفه من كل جانب.

*********************
إلي هنا ينتهي الفصل الخامس عشر من رواية فرط الحب بقلم دينا إبراهيم
تابع من هنا: جميع فصول رواية رواية احفاد الجارحي بقلم آية محمد
تابعوا صفحتنا على الفيس بوك للمزيد من روايات حزينة
أو أرسل لنا رسالة مباشرة عبر الماسنجر باسم القصة التي تريدها
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة