-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية فرط الحب بقلم دينا إبراهيم - الفصل الثامن

مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة وأجمل الروايات الممتعة والروايات الرومانسية مع رواية رومانسية جديدة للكاتبة المتألقة دينا ابراهيم الشهيرة بروكا والتي سبق أن قدمنا لها العديد من الروايات والقصص الرائعة من قبل واليوم مع روايتها التى نالت مؤخرا شهرة كبيرة جدا على مواقع البحث نقدمها علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل الثامن من رواية فرط الحب بقلم دينا إبراهيم

رواية فرط الحب بقلم دينا إبراهيم - الفصل الثامن

إقرأ أيضا: حدوتة رومانسية

رواية فرط الحب بقلم دينا إبراهيم
رواية فرط الحب بقلم دينا إبراهيم


رواية فرط الحب بقلم دينا إبراهيم - الفصل الثامن

تابع من هنا: روايات زوجية جريئة 

 أغلق أحمد محل الملابس الخاص به ما أن حَلّ الليل رغم ذلك الشعور الذي يدفعه للبقاء حتى الصباح هربًا من الافكار التي تهاجم وحدته في المنزل، دلف إلى سيارته وتنفس الصعداء حين رن الهاتف ولمَح اسم شقيقته ليجيبها سريعًا:


- لُبنى عامله ايه يا حبيبتي مش بتردوا عليا ليه قلقتوني؟


- إحنا الحمدلله يا احمد متقلقش بس مكنتش عارفه ارد عليك، أبوك منزلش من البيت من امبارح.


أغمض احمد جفونه يحاول ابتلاع غصه تتملكه فسأل في تعجب:


- هو منعكم تكلموني تاني ليه، مش أنا خطبت وهتجوز زي ما هو عايز؟


ارتبكت شقيقته ذات السابعة عشر عام ولكنها اجابته بصدق:


- انا سمعته بيقول لأمي انه مش مصدقك عشان مرضتش تجبها البلد لما قالك.


- يا سلام وابوكي عايزني اجيب واحده مش مراتي معايا البلد عادي كده،

دي مجرد خطيبتي هجيبها معايا ازاي ولا ابوكي ممشي الأصول على مزاجه!


ارتبكت لُبنى وهي تعض على أظافرها بتوتر وردت بلا حيلة:


- مش عارفه والله يا احمد، إنت بتزعقلي انا ليه؟


تنفس احمد من انفه يحاول تمالك مشاعره قبل أن يسأل في تهكم:


- معقول خالتي مكلمتكوش وقالتلكم إني حضرت الفرح مع ريم خطيبتي؟


- قالت طبعا بس إنت عارف دماغ ابوك مش بيصدق حاجة.


ردت شقيقته في نبرة ساخرة فضغط احمد على أسفل رقبته وللحظة شعر بالاختناق وبرغبة كبيره في البكاء، لكنه تحامل على ذاته وسأل في شوق:


- طيب اديني أمك اسمع صوتها.


وصله الصمت قبل أن تهمس لُبنى في خجل وحسرة:


- ماما ...اصل... أصل ... ماما نايمه.


لم يَفت عليه الاهتزاز في صوتها فسأل في قلق:


- فيه ايه بالظبط يا لُبنى، هي امي جرالها حاجة، انطقي ومتكذبيش عليا.


عضت داخل فمها في حرج قبل ان تخبره بصدق:


- اطمن مفيش حاجة ماما بألف خير، بس ابوك حالف عليها يمين طلاق لو كلمتك في التليفون.


انحسرت أنفاسه داخل صدره وكأن والده يجذب بقايا أدميته، فساد الصمت حتى اتاه صوت والدته المنادي بتحذير:


- بت يا لُبنى ابوكي طالع تاني، اياكي تمسكي التلفون قدامه عدي يومنا على خير.


هربت دمعه حارة على وجنته ما إن اتاه صوت والدته الخائف، فأغلق الهاتف سريعًا ومسحها في عنف وغضب مخنوق، ضغط على عينيه بكفيه يرفض الضعف فقد أظهر ما يكفي منه طوال حياته، حتى أصبح كالمجند الذي تربى على الضعف والمهانة بحجة تقويته ليكون أقوى الرجال.

خرجت منه ضحكة ساخرة مختلطه بزمجرة حاقده فحتى كلمة رجل مسحت من قاموسه وانتهى به الأمر كالحيوان المساق لا يقدر على فتح فمه وإلا كان العقاب ليطوله ويطول معه والدته قبل اشقائه فقط لإثبات قوة مظلمة.

والمبرر كان إن القسوة تربي الرجال ولكن الأمر كان أشبه بتكتيك إرهابي مريض أفقده كل ما يملك من مشاعر فصار كالفأر يختبئ في كل مكان يخشى إلقاء الضوء عليه حتى بين أصدقاءه كان وحيد صامت يخشى العقاب.

واخيرًا حين آتته الجراءة واتجه للتجارة كمرمى للابتعاد عن والده لم يصدق الحظ الذي حالفه ورماه من قريته الصغيرة إلى القاهرة ليمتلك دكانهُ الصغير ويبدأ تجارته ولكن كما يقال الحلو دائمًا لا يكتمل.

فقد ظهر والده في الصورة بسلاح الأصول والاحترام فيمضي على عقد احلامه وممتلكات ما شقى به باسمه، وقتها كاد يثور وينتفض بأنانية امتلاك ما هو حقه وقد عثر اخيرًا على ذاته ولكنه الأكثر دراية بالعقاب، فصمت كالعادة خوفًا على والدته واشقائه من بطش والده.

تنهد في أسى واشعل محرك السيارة، لا يزال يتذكر حين رفض الزواج من ابنة صديقه فثار والده ولكنه صمت، شعر وقتها "أحمد" بالانتصار وبأنه اخيرًا استطاع الابتعاد وكسر الحاجز وبأنه أصبح قادر على فعل ما يمليه عليه قلبه حتى انه ذلك اليوم استطاع النوم دون دواءه الذي يلازمه منذ كان في السادسة عشر من العمر.

ليتفاجأ بعد شهرين بأن والده منع شقيقته من إكمال سنتها الدراسية مقررًا انهاء رحلتها التعليمية كعقاب خفي تلقّاه هو، لتنهار كل احلامه ويزول شعوره الوهمي بالانتصار فينكسر أكثر وأكثر.

وأين صار به الحال؟

صار شابًا في التاسعة والعشرون من العمر عازب غير قادر على الزواج أو بناء أسرة ولا يزال مرهونًا برغبات ومتطلبات والده حتى عائلته لا يستطيع التواصل معها حتى يتزوج وان لم يفعل سيأخذ والده المحل بشكل قانوني ويقطعه من الأهل للأبد، جالت ريم في عقله فكل ما يحتاجه الآن هو الاستماع لصوتها قبل أن يجن، رفع هاتفه يحادثها وانتظر قليلًا حتى أتاه الرد فلم يمهلها وقال في كسره:


- أبويا حالف طلاق على أمي انها متردش عليا ومش مصدق اني خطبتك من الأساس،

مش عايزك تردي او تديني حل عايزك تسمعيني وبس.


ابتلعت "ريم" اجابتها وصمت هو في حسرة قبل ان يخبرها في صوت مهتز المشاعر جريح:


-أنا بحبك رغم اني انسان مش سوي ومريض نفسي بس انا والله العظيم بحبك متتخليش عني يا ريم عشان صدقيني هتبقي القشة اللي كسرت ضهر البعير.


- أحمد انت سايق العربية ليه وانت في الحالة دي ممكن تركن عشان نعرف نتكلم.


سألت ريم باضطراب وصوت منخفض وقد تأهبت حواسها للأصوات من حوله فأجابها بتهكم:


- خايفه على ايه ياريت اموت وارتاح من الهم اللي انا فيه ده.


- انا مش هقدر اساعدك طول ما انت راعبني عشان خاطري وقف العربية دلوقتي.


تشنج جسد ريم وهي تضغط على طرف ثوبها في خوف حتى سمعته يفعل ما تريد فهمست:


- متشكره يا احمد، ممكن بقى تسمعني أنا كمان؟


- إتكلمي انا سامعك.


- اولًا انت مش مريض نفسي انت أحسن إنسان في الدنيا،

ثانيًا قريب اوي مشكلتك مع والدك هتنتهي انت لسه معاك ست شهور قبل ما تكمل التلاتين سنة يعني المحل لسه في أمان.


ضحك أحمد في سخرية قائلًا:


- أمان ... ايه الكلمة الغريبة دي؟


- احمد مش وقت تهريج.


قالت من بين اسنانها فاستكمل في حدة:


- التهريج بجد اني خليته يكسرني لما كتب أكل عيشي باسمه وسمحتله يهددني بيه لو ماتجوزتش وكل ده عشان عايز حفيد،

متخيلة الراجل اللي من غير مشاعر وميعرفش معنى الأبوة عايز حفيد!


قاطعت ريم في لهجة مستنكره:


- تفكير ابوك وتصرفاته المجنونة مش ذنبك.


- لا ذنبي لإني كنت ولازلت ضعيف قدامه، كان هيجرى ايه لو سبتهم كلهم يولعوا،

ده حتى أمي معندهاش الشجاعه تكلمني.


- ما تلومش عليها يا احمد أمك ست وضعيفة وابوك مفتري طول عمره.


- انا بكره كلمة أبوك أو كلمة أب.


صمتت ريم عاجزه عن الإجابة ومر صمت مريح بين كلاهما قاطعته هي بحنو:


- احسن دلوقتي؟


- الحمدلله، أنا آسف اني بزعجك كل شوية بس كل ما بحس ان الدنيا بتضيق عليا واني بتخنق مش بلاقي غيرك اكلمه.


- اخص عليك متقولش كده إنت تكلمني أي وقت، يلا روّح على طول وسوق كويس وابقى طمني لما تروّح.


قالت ريم وابتسامة صغيرة ترتسم على فمها بينما تعود للاستلقاء بجوار عُمر النائم لكنها اختفت ببطء حين سأل أحمد بخفوت:


- متخليش ريان يخدعك من تاني، هو عايز يستغلك مش أكتر عشان ابنه ومتنسيش انه مكنش عايز يخلف منك...


- احمد ارجوك متندمنيش اني حكيتلك تفاصيل خاصة عن حياتي في لحظة ضعف وحزن،

موضوع الاولاد ده كان قراري قبل ما يكون قرار ريان فأرجوك انساه ومتقلقش انا أقوى مما تتخيل، ريم بتاعت زمان انتهت.


قاطعته ريم في حنق فوصلتها ضحكة خفيفة تخالط تنفسه وهو يؤكد لها:


- ريم عمرها ما هتنتهي ريم بتاعت زمان خايفه ومستخبيه جوا لحد ما يجي اللي يقدّرها.


تنهدت بقوة وأسى قبل ان تقول بصوت منخفض:


- تصبح على خير يا احمد.


- وإنتِ من أهل الخير.


اغلقت الهاتف وظلت تطالعه في صمت ووجوم ف ريم المختبئة داخلها تحاربها ولا تنتظر من يقدّرها بل تنتظر من امتلكها ليأتي ويختطفها من جديد.


-عشم إبليس في الجنة يا ابن بياعة الجزر.


قالت في نبرة هادئة متوعدة فأجفلها صوت "عُمر" بجوارها:


-مالك يا ريم؟


-مفيش يا حبيبي كمل نومك.


قالت وهي تستلقي بجواره وتقبل جبهته فأبتسم مطالبًا:


-طيب ممكن تغنيلي قلبي سعيد.


ابتسمت ريم وهمست في طفولية:


-من بين كل الأغاني دي بس اللي دماغ حضرتك فكراها انت قديم زي ابوك ليه كده يا واد انت.


خرجت همهمات ضاحكة من بين شفتي عمر الذي تعلق بأحضانه يخفي رأسه في صدرها مؤكدًا:


-بحب صوتك فيها.


قابلته ريم بصوتها الحنون المليء بالشجن وهي تسترسل في غناء أغنية "وردة" المحفوظة عن ظهر قلب في مخيلتها بصوت والدتها رحمها الله، غير منتبهه لذلك الظل القابع خلف باب الغرفة يستمع في شوق إلى ألحان صوتها المغرد على أمل ان ينطفئ الصراع النفسي داخل صدره ما أن سمعها تحادث أحمد.

وقف "ريان" في مكانه فاقد القدرة على التنفس يميل به صوتها الخافت المتراقص بالأنغام فوق الزمان حتى تدرج في خفوت بعد دقائق دامت طويلًا وساد السكوت بنومها.

ابتعد في بطء وهم العالم أجمع فوق أكتافه متجهًا إلى غرفته فجلس فوق فراشه ثم جذب إحدى سجائره ينفس فيها غضبه واشواقه وعقله مشتت بين يساري متفتح يحثه على منحها مساحتها لاكتساب ثقتها الذي فقدها بخبث ويميني متطرف يصرخ كالشيطان في اذنه كي يهشم رأسها وعظامها فلا تحادث رجل غيره.

ضرب على صدره يشعر باختناق متسائلًا كيف انتقل من شخص استحواذ على كل تفكيرها إلى انسان لا تطيق لمح طيفه، تذكر وقت كانت تنتظره بالساعات حين كان يتأخر في العمل أثناء مهمته بمتابعة إنشاء الفرع الجديد كمهندس له منصبه الإداري داخل الشركة وتطوعه لهذه المهمة المنسوجة على أرض الوطن على أمل تطبيع صغيره بأهل بلده كي لا ينشأ كالغريب في الخارج بلا فهم لأصول حياتهم في مصر.

مهمة يشعر بالامتنان لها لأنها سمحت له بالانتباه إلي ريم تلك الشابة التي كانت تجول حوله وحول صغيره حتى خلبته قلبه وسرقت صوابه، ابتسم متذكرًا غنجها وابتسامتها الرائعة المشاكسة كلما علد من العمل.

***

ولج "ريان" إلى المنزل بعد العشاء يشعر بالإرهاق والألم الجسدي من الوقوف طيلة اليوم في مقر العمل، تنهد في راحة وهو يلقي بأغراضه ويخلع قميصه ثم ابتسم حين انتقلت عيناه لتلك الراكضة في حماسه كالفراشة نحوه وذلك المشاغب الراكض من خلفها.


-وحشتنا يا بابي.


خرجت انفاسه من صدره في رضا ودفئ بخروج كلمة "بابي" منها وهو يلتقط جسدها ويضمها نحوه مقبلًا عنقها مجيبًا إياها في نبرة صادقة مهلكة:


-وانتوا كمان وحشتوني.


مال يساعد صغيره على التسلق فوق جسده فيضم كلاهما في آن واحد قبل أن يتساءل:


-أيه الريحة الحلوة دي؟


-دي ريحة الغدا، يلا عشان هنموت من الجوع.


تركها تمسك ذراعه وتدفعه للداخل نحو الطاولة بينما يحمل الصغير جيدا فوق ذراعه ثم قال مستنكرًا:


-غدا؟


انا مش قولت قبل كده متستننيش على الأكل، بتجوعي نفسك ليه؟


احمرت وجنتها في خجل وهزت كتفها في لا مبالاة هامسة:


-عادي مش بعرف أكل لوحدي.


شعر بعيونها تنطفئ وهي تحاول الانفلات من اصابعه والجلوس فجذبها خطوة نحوه ليستقر بشفتيه فوق جبينها هامسًا في خشونة محببة لقلبها:


-أنا كمان بحب أكل معاكي بس بطلي دلع ولما اتأخر متستننيش تاني،

ولا الهانم عايزة الناس تقول اتجوزتك عشان اجوعك.


ضحكت في خفوت وهي تحارب خجلها اللامتناهي وتمد ذراعيها لحمل عمر كي تضعه في مقعده جوارها وهمست في دلال:


-هنشوف.


كانت كشعلة نشاط متوهجة اصابعها تتطاير على طول المائدة بين اطعامه واطعام نفسها وطفله، كانت طفلة تُسكنه قلبها وتفوح منها رائحة العائلة والحميمية.

ارتفع جانب وجهه في ابتسامة راضية تلتها غمزة مشاكسة حين اشتعلت وجنتيها في خجل وترقب لما تخبرها به اللمعة في حدقتيه السوداء وحين انتهى العشاء أخذ "ريان" وقته لينهي حمامه الدافئ على أمل ان ينام عمر المتطلب لبقائها في احضانه الليلة كي يملي شوقه من طفلة الريم خاصته.

خرج عاري الصدر مرتدي سرواله القطني فقط بينما يمسح فوق رأسه بالمنشفة واستقر على نهاية الفراش منتظرها ولكن انتظاره لم يدم طويلًا حين دخلت "ريم" بابتسامتها الخلابة والحمرة المشتعل في وجنتيها تحايله وقالت في ارتباك:


-عمر نام خلاص، هتنام انت كمان؟


ترك ما بيده واتجه نحوها في خطوات ثابتة رغم اللهفة التي تغمر صدره، رفع كفه يحاوط جانب وجهها في حب ومال يقبل جبينها في شغف، ابتعد يناظر عيناها الواسعة ببراءة قاتلة وكالعادة سرقت نبضاته من جديد حين همست في تضرع:


-بحبك.


أغمض جفونه مستمتع بتخدر أوصاله بكلمتها تلك ودون كلمة أخرى مال يقضى على المسافة بين وجهيهما ويعبر عن حبه في قبلة ضارية حميمة نسى فيها الخدر ونست هي فيها الخجل.

***

عاد "ريان" من ذكرياته على صوت أنفاسه المضطربة فأغمضت عيناه بقوة قبل أن يلقي بجسده للخلف فوق الفراش ويهمس للهواء في لوعة:


-بحبك....


لدرجة ان قلبي بيتحرق طول اليوم ويرجع يستنى الليل يداويه عشان يقدر يتحرق في حبك من تاني.


كلما عاد تفكيره لما اخبرها به أحمد يسأل نفسه كيف لم ينتبه لحاجتها لكلماته بل كيف لم ينتبه انه لم يترجم تلك المشاعر على لسانه يومًا ولكن كيف سيفعل وقد كانت ترسم له حياة سعيدة وردية تخطها بأناملها وتغدقه بمشاعرها فلما تفعل وإن كانت تشك في محبته لها.

كان يخجل من الاعتراف بمشاعره نعم يعترف انه كان بلا خبرة تُذكر في عالم الحب وقد كانت ريم امرأة بروح طفلة عاشقة للحياة ولا تعرف معنى القيود فكان يخشى الانسياق في عالمها المنسوج بالمشاعر ونسيان واقع ان عليه لعب دور الأب قبل دوره كزوج لها.

وبذلك تقلب على يمينه يتمنى النوم وهو يحتضن وسادتها التي أصبحت تخلو من رائحتها بقلب ينتفض شوق ولوعة بين ضلوعه.

******


في ذات الوقت بإحدى دول الخليج جلست "ليان" داخل منزلها تشارك صديقتها حسائها الساخن فقاطعت رويدا الصمت بسؤالها:


-بس مش غريبة اخوكي يطول في خصامه كده ما انتي اعتذرتي وعرفتي غلطك من زمان.


رفعت ليان الوعاء من على فمها وبانزعاج لجأت لعلبة سجائرها على الطاولة منهيه وجبتها مجيبة إياها في سخرية:


-هيعمل ايه الاعتذار مع ريان انتي متعرفيش اخواتي مش بيسامحوا بسرعة!


-ليه يعني؟


زفرت ليان الدخان في غضب قائلة في ضيق:


-بطلي اسئلة تقهر فيا كفاية الهم اللي انا فيه.


لوت "رويدا" شفتيها بفضول وهي تجذب السيجارة من يدها تنفخها فقالت ليان في تهكم:


-انتي بتشربي سجاير من امتى؟


-مش بشرب لقيتها في ايدك قولت اجرب.


قالت رويدا في صدق فجذبتها ليان من بين أصابعها بشيء من الحدة مستنكرة:

-بطلي فضولك ده، انتي ايه مش بتتعلمي مني ومن فضولي؟

اديني قدامك شوفي فضولي مشاني ورا واحد ضحك عليا واستغل سذاجتي وعلمني السجاير وعرفني الشرب.


لوت رويدا شفتيها مرة أخرى وقالت موبخه:


-على فكرة بقى مش ذنبك انه طلع ندل انتي كنتي بتحبيه عشان كده عملتي كده.


ضحكت ليان في مرارة وخرج منها نفس حارق وهي تخبرها:


-يا ريت كنت بحبه انا كنت واهمه نفسي بكده وبقنع نفسي ان كل حاجة ماشية صح،

والنتيجة ايه مصدقتش قلبي وسيبته يضحك عليا بكلامه وان ريم مرات ريان مش هتخلي يرجعني هنا تاني واني هفضل مع بيجاد طول العمر .


انهت ليان جملتها وتفكيرها يعود لذلك الأسمر الذي سرق قلبها من زمن بعيونه المكحلة بالغموض.


-انا أموت وأعرف بقى ليه بيجاد عاملك بعبع في دماغك؟


رمشت " ليان" ونظرت لصديقتها قبل ان تفرك وجنتها وقد تذكرت صفعت "بيجاد" لها حين كانت تبكي وترثي والدها محذرًا إياها بإظهار ضعف أمام الناس القادمون لتأدية واجب العزاء يومها خلق داخلها شعور غريب نحو الجميع شعور مرعب، جذبت نفس أخر وزفرت في حدة وهي تجيب:


-بيجاد اخويا طيب بس مجنون، لو عاشرتيه هتعرفي ان اللي يعيش معاه يبقى لازم يشيل كفنه على ايده.


مالت صديقتها نحوها تجذب السيجارة من اصابعها وتطفأها في تحدي قائلة:


-مش عايزة اشوفك بتشربيها قدامي بتفكرني بجوزك المقرف، كملي وعملك ايه بيجاد لما ريان سافر اول مرة.


ارتفع جانب وجهها في تهكم فلو علمت صديقتها ما اراده نادر ان تفعل لاقتلعت عيناه بيدها، تنهدت ليان ثم أكملت ساخرة:


-زي ما تقولي كده كنت بخاف اتنفس في البيت وانا لوحدي من غير ريان،

ولو حد عاكسني في المنطقه وبيجاد عرف كان بيكسر عضمه يعني باختصار كان مربيلي الرعب وحاسه انه يا هيموتني يا هيوقف حالي طول ما انا جنبه.


حركت رويدا فمها لليمين واليسار بعدم رضا متشدقه في نبرة متعجبة:


-ده ربنا يكون في عون مراته.


طأطأت "ليان" بنفي وهي تعتدل بأريحيه على اريكتها مخبرة إياها بتأكيد:


-لا خالص، وسام دي طول عمرها خط أحمر عند بيجاد ده بيعشق تراب رجليها.


-سبحان الله، عقبالك وعقبالي.


-عقبالك أنتي، كفاية اللي خدته وسففني التراب.


قالت ليان ساخرة وهي ترفع كفيها في الهواء باكتفاء فضحكت رويدا وأكدت:


-لا ان شاء الله تلاقي اللي يهنيكي ويسعدك يا بنتي.


هزت ليان رأسها دون جدال فسألت "رويدا" في خفوت:


-هو فاضل قد ايه وعده طلاقك تخلص؟


-اسبوع وورقتي هتكون عندي الباشا مستني اديله المبلغ اللي عايزة الأول.


قالت ليان وهي تستقيم وتحمل الأطباق للمطبخ فاتبعتها رويدا واستطردت:


-ايه ده انتي عرفتي تجمعي الفلوس؟


-لا طبعا استلفتهم من حد واتفقت ارجعهم على مهلي زي قرض كده.


قالت "ليان" في حسرة فضربت "رويدا" كف على الأخر وقالت في استنكار:


-يا بنتي كلمي اخوكي وخلي يساعدك بدل الهم ده بلاش عناد.


-عناد ايه يا رويدا هو بيرد عليا اصلا!


هتفت "ليان" في حده فوقفت "رويدا" امامها ويداها فوق خصرها قائلة:


-لو بعتيله رسالة انك في ضيقه ومحتاجه اكيد هيرد، اخوكي مش هيتخلى عنك صدقيني مهما كان زعلان.


-انا مش هطلب حاجه منه يا رويدا كفاية اللي حصل، سيبيني اتقبل العقاب على ذنوبي من سكات.


-ذنوبك مرة واحدة، فوقي يا ماما انتي كنتي مجرد واحده لا ليكي اب ولا أم وخايفة من الدنيا،

دي غريزة الحياة اللي وصلتك لكده والحاجة الوحيدة اللي اذنبتي فيها انك وقعتي بين رييان ومراته غير كده لا.


-اسكتي يا رويدا ارجوكي.


همست "ليان" فزفرت "رويدا" في اعتراض وكادت تمطرها بوابل من التوبيخ فأوقفتها "ليان" محذرة بصوت منفعل:


-اقفلي الموضوع والا هرجعك سكنك تاني، انا اللي ضربني في دماغك واقولك اشتركي معايا في السكن يا بت انتي!


-ماشي يا ليان هعدهالك انهارده عشان ورانا شغل بدري انجري قدامي واتخمدي يا أم عقاب.


قالت رويدا وهي تدفعها نحو الغرفة، حركت ليان رأسها بقلة حيلة وسبقتها للنوم متمنيه ان يأتيها بالفعل.

*********************
إلي هنا ينتهي الفصل الثامن من رواية فرط الحب بقلم دينا إبراهيم
تابع من هنا: جميع فصول رواية رواية احفاد الجارحي بقلم آية محمد
تابعوا صفحتنا على الفيس بوك للمزيد من روايات حزينة
أو أرسل لنا رسالة مباشرة عبر الماسنجر باسم القصة التي تريدها
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة