-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية إمبراطورية الرجال بقلم رحاب إبراهيم - الفصل الثانى عشر

مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة وأجمل الروايات الممتعة والروايات الرومانسية مع رواية رومانسية جديدة للكاتبة المتألقة رحاب إبراهيم والتي سبق أن قدمنا لها العديد من الروايات والقصص الرائعة من قبل واليوم مع روايتها التى نالت مؤخرا شهرة كبيرة جدا على مواقع البحث نقدمها علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل الثانى عشر من رواية إمبراطورية الرجال بقلم رحاب إبراهيم

رواية إمبراطورية الرجال بقلم رحاب إبراهيم - الفصل الثانى عشر

إقرأ أيضا: حدوتة رومانسية

رواية إمبراطورية الرجال بقلم رحاب إبراهيم
رواية إمبراطورية الرجال بقلم رحاب إبراهيم

رواية إمبراطورية الرجال بقلم رحاب إبراهيم - الفصل الثانى عشر

 بهذا الصباح..تكرر ما حدث بالأمس وتشارك الشباب وسيلة مواصلة واحدة وهي "الأتوبيس" بينما وجد الفتيات مقعدين شاغرين فجلست سما ورضوى بجانب بعضهما بينما وقفت جميلة وحميدة متمسكين بذلك العمود الافقي..

همس يوسف لحميدة وقال:-

_ تعرف يا صاحبي..أنا عمري ما ركبت اتوبيسات غير لما جيت الحارة بتاعتكم..ومع ذلك للأمانة أنا حاسس أني مبسوط..

تغاضت حميدة عن ما يؤذيها بحديثه بهذه الكلمة الكريهة إلى نفسها "صاحبي" وابتسمت لنصف الكوب الممتليء..قالت:-

_ اللمة حلوة يا يوسف ، تعرف رغم أن عيال الحارة بيطلعوا عيني وبينرفزوني بس بحبهم ، والشارع بيحبهم ، لو سكتوا مابيبقاش للحته طعم..الفلل اللي بتعيشوا فيها دي عاملة زي الاستراحة السيراميك بتاعت المدافن..

ابتسم يوسف بتنهيدة وقال:- عندك حق ، القصر بتاعتنا ماشوفتش اجمل منه ، وماشوفتش ايتم منه!!

التفتت حميدة اليه بتعجب وقالت مستفسرة:- ايتم منه؟!

هز يوسف رأسه وأكد بعبوس اعتلى ملامحه وغصة:- آه..كل حاجة فيه بتفكرني باليتم وبأهلي اللي ماتوا فجأة ، بعمامي اللي كنت بحبهم ، حتى عمي الوحيد اللي فضلنا طردنا وفضل وحيد هو كمان ، على اد ما زعلان منه على اد ما وحشني وقلقان عليه.

لمحت حميدة دمعة مسجونة بعين يوسف..فهجم ذلك الشعور الذي

بداخلها بأنه طفلها..طفلها الكبير..هو بالفعل كالطفل الكبير..لا يستطيع احداً أن لا يحبه..رغما فرت دمعة من عيناها لأجله..وكم تمنت أن كانت زوجته الآن ، لو كانت لأخذته بين ذراعيها بضمة حنون تطمأنه أنها ستكن الأم قبل الحبيبة ، ستكن كل ما يحتاج..هكذا المرأة حين تحب..تتقن الاكتفاء..

رمقها بضيق وقال:- بتعيطي ليه بقى دلوقتي؟! إذا كان أنا جعت !!

ابتسمت وهي تهز رأسها قائلة:- مافيش فايدة فيك!!

قال بطفولية مبتسما:- أنا عارف أنك زعلان عشاني يا صاحبي..هو أنا بحبك من شوية!!

تجمدت حميدة واتسعت عيناها ، تدرجت الابتسامة ببطء لثغرها ، فقد قالها بعفوية وتعرف ذلك ، ولكن القلب طرب بمطلع الكلمة من شفتيه..

راقبت رضوى تلك الجالسة بجانبها وهي تحسب شيء على اصابع يدها بخفوت فقالت متساءلة:- بتعدي ايه يا سمكة؟!

مطت سما شفتيها بغيظ وقالت:- لغبطيني !!

صمتت لبرهة ثم قالت:- لو ٣أوض كده هحتاج كام مفرش سرير وكام بطانية يا رضوانة أنتي؟

رفعت رضوى حاجبيها بتعجب وقالت:- ليه هتتجوزي؟!

هزت سما رأسها بخجل وأجابت بابتسامة:- ايون

أجابت رضوى ببسمة مكتومة:- اوعي تقولي أنك قررتي توافقي خلاص على عطية العجلاتي..صراحة الواد مؤدب ويستحقك ،هيخيط نعل مخك المخروم ده..

وكزتها سما بغيظ وقالت :- عطية مين يا عرسة بقى أنا اتجوز واحد متجوز اتنين غيري؟! ، أنا هتجوز آسر ، احنا الاتنين بنعشق بعض في السيكرت...في السر يعني هههههه

قالت رضوى بسخرية:- ليه عاملين عاملة؟!

أجابت سما بمرح:- جريمة حب..عقبال ما اتسجن في بيته ياااارب..

وقف جاسر بجانب جميلة التي منذ الأمس وهي تتجنبه بتعمد..راقه تجاهلها واستفزه بآن واحد..رمقها بنظرة جانبية وقال بهمس ماكر:-

_ مش عارف أنتي واخدة مني موقف ليه من امبارح !! هو مش أنتي اللي وقعتي في حضني؟!

قصد استفزازها بابتسامة فضغطت على اسنانها بغيظ وقالت :- برا الشغل مالكش كلام معايا..ماشي؟

رفع حاجبيه بسخرية وتمتم:- يخربيت ثقتك بنفسك يا كوز الدرة انتي..

وقف الاتوبيس فأختل توازن جميلة وكادت تسقط على المقعد الجانبي الذي كان يجلس عليه شاب ثلاثيني ، فرد جاسر ذراعيه امامها وتمسك بحافة المقعد حتى يمنعها من السقوط على الشاب وهتف بعصبية:- أنتي رايحة فين يا حاجة أنتي؟!

توازنت جميلة بوقفتها ثم قالت بغيظ:- ما تزعقليش كده !! أنا بدوخ من الاتوبيسات..

زم جاسر شفتيه بغيظ وهتف:- يبقى ما تركبيهاش بدل ما تقعي على الناس كده!!

نهض الشاب من مقعده بتهذيب وقال لها :- اتفضلي يا أنسة اقعدي

جلست جميلة وشكرته بصوت خافت ليقل الشاب دون قصد محادثتها:- بعد أذنك الساعة كام ؟

رفعت جميلة معصمها بساعة اليد بينما تظر جاسر للشاب بعصبية وكاد أن يتشاجر معه ، تعجبت جميلة من شعورها بضحكة جاهدت كي لا تفلت منها ، فقالت له بلطف:- الساعة ٨

هز الشاب رأسه وقال:- تمام..شكراً

قالت جميلة بابتسامة لطيفة:- العفو

تنفس جاسر بحدة فاسدلت نظرتها برفة ابتسامة..لم تعرف لما شعرت بالمرح في الأمر ، ولم تعرف لما راقها عصبيته!!

راقبت سما وهي بمقعدها ذلك الوجه الشارد الذي يتطلع بعيناه للبعيد..يقف بجانب يوسف ولكنه بعيد الفكر عن ما حوله..تشعر المرأة بإنجذاب في غموض الرجل كما يشعر الرجل بتلك الجاذبية في غموض المرأة..وكأن الجاذبية قانونها مبهم غير مستبين..

الوضع بين رعد ورضوى كان مختلف عن الجميع..كان به نوع من الصداقة الخفية والظاهرة !!..والتسلل للحب لكلايهما..كان به تفهماً غامضاً ونوع من الألفة..


**بالمكتب**

دلف الشباب للمكتب فأخذ كلا منهم موضعه..فجلست حميدة أمام مكتبها بالاستقبال وبدأت فحص الأيميل الالكتروني لتلقي الرسائل بينما تلقى يوسف عدة مكالمات لترتيب مواعيد العملاء..

**بمكتب جاسر**

دلف للمكتب بملامح عصبية وجلس أمام المكتب بحركة اظهرت عصبيته..وقفت جميلة أمام المكتب وقالت:-

_ حضرتك مش بتروح الموقع خالص وده ماينفعش !! احنا هنستلم موقع جديد النهاردة ولازم تبقى موجود..

تطلع اليها بنظرة حادة ، تساءل في نفسه بحيرة ، لما تعامل الجميع بلطف سواه!! لما يستفزه هذا !! منذ أول لقاء واستطاعت أن تجابه ثقته بنفسه ، يريد بشدة أن يراه خاضعة له..وقف وقرر أن يلعب تلك اللعبة..قرر أن يعذبها ثم يترك على مد ذراعيه ويرحل..

توجه إليها بخطوات تبدو هادئة ولكن ما به من حيرة ومن إصرار على كسر هذه الثقة بها أشد من أي شيء واجهه بعمره..ليست جميلة..فليكن..ولكنها عنيدة ، واثقة ، تتحداه..ربما لو كانت جميلة وخاصعة له لكانت مثل الأخريات ولم يلتفت لها مطلقاً..

وضع يداه بجيوب بنطاله الجينز الأسود وتمدد عرض منكبيه ظاهراً بقوة ، ابتلعت ريقها ونظرت للأسفل ثم لجهة أخرى تهربا من نظرته المتفحصة بمكر..يعرف أنه وسيم لدرجة عالية..يعتز ويفخر بذلك ، ويعرف أن نادرا ما كان يجد إمرأة لا تكترث به فربما لم يرى فتاة لم تعجب به من قبل..وإن لم تقل فكان يتضح بنظراتهن..ولكن تلك المخلوقة ذات النظارات السميكة يبدو أنها لا تراه من الاساس..قال بصوت اظهر به بعض العصبية عمدا:-

_ ما تركبيش اتوبيسات تاني

أطرفت عيناها بإرتباك ، ابتسمت بداخلها سرا ، اظهرت النقيض وثبتت على ملامح الجمود..قالت مستفسرة وكأنها لا تفهمه:- ليه؟!

رمق نظرتها المتهربة بتسلية..ارتباكها اخبره أنها تلمست طريق وضعه لها بخداع..أجاب بتنهيدة:- عشان اللي حصل النهاردة ما يتكررش تاني..

رفعت نظرتها لعيناه وقالت بتساؤل أراده شيء بداخلها..تمنت أن لا يكن القلب..فإذا كان القلب اتبع ميلها..فياويلها..قالت بتلعثم:- مافيش حاجة حصلت ، أنا مش عارفة تقصد ايه؟!

اقترب خطوة إليها عمداً..فأبتعدت ذات الخطوة بتوتر..قربه مربك ، وهو أراد القرب لإرباكها..قال :- أنتي عارفة قصدي ، أنا ماحبش أنك تكلمي حد..

قطبت حاجبيها بحيرة ، كان جريئا في قوله..يبدو أنه يقصد كل كلمة!! حاولت أن لا تطرق بفكرها لشيء بعيد..اجابت بثبات:-

_ المفروض نبدأ شغل ، مافيش وقت نضيعه في الكلام..خصوصا أني مش فاهمة بتتكلم عن ايه!!

استدارت لتبتعد فجذبها من معصم يدها الى صدرها وقال ببسمة ماكرة:- أنتي ليه مش عايزة تعترفي أني بوترك ، خايفة تحبيني صح؟

ضيقت عيناها بنظرة غاضبة ، وعندما ابتعدت عنه دفعته بقوة حتى دفع على مكتبه بحدة..استقام واستدار اليها بعصبية وقال:- مش هعديلك اللي عملتيه ده ، لولا أنك بنت كان هيبقى ليا تصرف تاني ، بس عموما أنا برضو ليا تصرف تاني معاكي..وبطلي تهربي مني

صفعته على وجهه بغضب ولم تستطع تمالك نفسها..فصدم وذهل مما فعلته..ادمعت عيناها وقالت:-

_ احبك أنت؟! أنت فيك ايه يتحب؟! مغرور على ايه!! وليه حاطتني في دماغك ؟! أنا بقى اقصى امنية ليا أنك تسيبني في حالي وبلاش الطريقة اللي بتتعامل بيها معايادي..أنت تعرف أني بكرهك؟

ضيق عيناه بغضب وبتر المسافة بينهم وأصبح أمامها عنوة..قال بتوعد:- لا مش بتكرهيني بدليل الدموع اللي في عنيكي ، ولا أنا بكرهك بدليل غيرتي عليكي النهاردة..وآه هتحبيني بكيفك أو غصب عنك..مش عشان انا متعود أني اتحب ، عشان أنا عايزك أنتي بالذات تحبيني..وهتحبيني

تطلع اليها بنظرة قوية ثم خرج من المكتب..صفق الباب خلفه فأهتز جسدها برعشة..ابتلعت ريقها بخوف حقيقي..ربما اعجبت به بالفعل ولكن من تحب ؟ ذلك المغرور؟! الدنجوان!! ستكن حمقاء أن تركت قلبها له...مسحت عيناها من الدموع وتماسكت بعض الشيء..

****

**بمكتب رعد**

ظلت تدرس الملفات كعادتها..وكان يرمقها ببسمة خفية بين الحين والآخر..فقال بصدق:- عايز أخد رأيك في حاجة يا رضوى.

احبت وكرهت منادته باسمها دون رسميات..واحبت أن يشركها في بعضا من اموره..قالت :- قول

قال رعد بحماس:- في رحلة كبيرة بتضم احسن المصورين ، تقريبًا كده زي مسابقة..لسه عارف الموضوع ده امبارح..هنسافر اليونان..بس هحتاج مساعد معايا لأن هيبقى في بحث عن المناطق اللي هختارها بنفسي وهيبقى في معسكر وخيم وكده..غالبًا بختار المناطق اللي فيها جبال ومزارع خيل..

ابتسمت رضوى لهذا الحلم الجميل وقالت:- الله..يابخت اللي هيروح معاك..

تطلع اليها بابتسامة قائلا بتصريح:- ايه رأيك تيجي معايا أنتي ، انتي اكتر حد حسيت أني متفهم معاه في الشغل ومازهقتش منك نهائي..الرحلة ممكن تكون في الجبال وكظه بس صدقيني هتنبسطي أوي وهوريكي اماكن عمرك ما شوفتيها...أنا سافرت اليونان قبل كده مرتين..

فغرت فاها من الصدمة ، هزت رأسها برفض وقالت:- لا طبعا ، هو ايه اللي اروح معاك!! أنت اكيد بتهزر؟!

انكمش ما بين حاجبيه بغيظ من رفضها وقال:-

_ لا مش بهزر دي حقيقة ، وبعدين فيها ايه لما تيجي معايا هو انا هاكلك؟! أنتي شوفتي مني أي حاجة تقلقك؟!

قالت رضوى بحدة:- لأ ، بس ماينفعش اروح معاك طبعا...عيب

قال رعد بسخرية:- عيب!! أنتي محسساني اننا هنتجوز في السر!! دي سفرية شغل !!

اغلقت رضوى الملف بيدها وقالت وقد ارتبكت بعض الشيء:-

_ عارفة أنه شغل بس برضو مش أصول أني ابقى مع واحد غريب واسافر معاه كده عادي..اقفل الموضوع ده بعد اذنك..

زم رعد شفتيه بغيظ منها..ضاق لرفضها واغتاظ..

******

مرت سما أمام حميدة وهي تحمل طبق عليه فنجان قهوة وشيء آخر اخفته بيدها...رمقتها حميدة بتمعن وقالت:- خير يااارب

دلفت سما للمكتب ببسمتها المعتادة ووضعت الطبق الذي عليه قطع من التفاح وبعض السندوتشات وبجانبه فنجان القهوة وقالت:-

_ فطارك..

رفع آسر عيناه من على التصميمات ورمقها ببسمة قائلا:- بس أنا فطرت!!

قالت بخجل وابتسامة:- زيادة الخير خيرين ، افطر كويس عشان تعرف تشتغل بتركيز..

رمق آسر قطع التفاح وقال بابتسامة:- وجيبالي تفاح مع القهوة..

اتسعت ابتسامتها وقالت بمرح وعفوية:-

_ البت حميدة جابت تفاح امبارح والتفحاية دي نصيبي هههههه

ظل آسر ناظرا لها للحظات ثم انفجر ضحكا وقال :- أنتي ضحكتك بتضحكني غصب عني..شبه ضحكة الأطفال الصغيرة

اتسعت ابتسامتها وقالت:- طب افطر بقى

قال بمرح وقد أخذه طفوليتها:- طالما كانت نصيبك يبقى هتاكلي معايا..انا مش جعان بس مش عايز ازعلك..

اعطاها بعض قطع التفاح فأخذتهم منه ببسمة خجولة...

******

بالفندق بالعاصمة الفرنسية..

انتهت "للي* من استعداها للخروج بهذا الصباح..خرجت من غرفتها وعلى يدها معطفها الجلدي نظرا لتقلب الطقس فجأة..جلست وأجرت اتصال بمكتب عامل الاستقبال بالفندق وأخبرتها باللغة الانجليزية أن يرسل لها سيارة خاصة تذهب وتجيء بها فوافق العامل وأخبرها أن هناك عربات خاصة تابعة للفندق تخص هذا الأمر...وستكن بإنتظاره خلال دقائق..انهت للي الاتصال بإرتياح..ثم جلست بتعجب وبعضا من الضيق..لم يحمل لها هذا الصباح أي رسالة منه حتى الآن!! ربما ضاق من ذهابها بالأمس ، أو ربما أراد وهج لهفتها حتى اللقاء المنتظر..

هذا اللقاء الذي يسري بروحها بفرحة كفرحة الأطفال بليالي العيد..كأن الفرحة حتى ننالها لابد أن نسير على الجمر أولا..لتنضج وتأتي للعمر بشهية تلهب القلب عشقاً..أخذت معطفها وخرجت من الغرفة..

وفي طريق السير الى منزل صديقتها بعدما اعطت السائق العنوان..كانت زاهدة عن مرأى أي جمال يمر على ناظريها بالطرق الباريسية..تمنت أن ترى الأمطار وهي بين ذراعيه..تركض وتركض وتبتسم ضاحكة ويشاركها في ذلك..ستفعل ذلك حتما..ابتسمت بمحبة وتعجبت من ممر العمر..يأت بالمفآجات دون إنذار..دون اختيار..السعادة لا تعترف بالأعمار..فقد يشيَّب الألم صغيرا وتُصبا السعادة كهلا...

وقفت سيارة أمام عربتها على بُعد مسافة ليست قصيرة ولكنها سدت طريق السير..اضطر السائق أن يقف فجأة وتلفظ بالشتائم بلغته الفرنسية التي لم تفهم منها للي شيء..نظرت للأمام بضيق حتى اتسعت عيناها بذعر وهي ترى ذلك البغيض وهو يترجل من سيارته متوجها اليها..هتفت بالسائق أن يتحرك بالسيارة لاي اتجاه ولكن السائق هتف بعصبية ولم تفهم مما قاله شيء...فتح حسام باب السيارة من جهتها وجذبها بحدة من معصم يدها فصرخت به :-

_ سيبيني يا حيوااان، أنت جاي ورايا ليه تاني وعايز مني ايه؟!

تلوت بقبضته فتطلع اليها بنظرة تفترس جسدها بشهوة وقال:- عايزك أنتي..لو تطاوعيني هتريحي نفسك وتريحيني ، فيها ايه لو نقضي كام يوم مع بعض وبعد كده كل واحد يروح لحاله؟! اوعدك مش هتشوفيني تاني بعدها..بس اشبع منك يومين

لكمته على صدره وكتفيه صارخة ببكاء وصاحت :-

_ أنت وصلتني أني ادعي على ابويا وامي اللي جوزوني في يوم لواحد مختل نفسيا..حرام عليك..كفاية اللي عملته فيا زمان جاي دلوقتي ومستكتر عليا اعيش بهدوء ومرتاحة؟! أنت مش بني آدم !!

ضحك ضحكة بغيضة..تشمئز لها نفسها وقال:-

_ وحشني العذاب اللي كنت بعذبهولك ، وحشني أشوفك بتعيطي وبتتمني الموت..اوعي تتحديني لأنك عارفة كويس أني ماعنديش مانع حتى أني اعمل جريمة لحاجة انا عايزها..وجيه الزيان مش هيرحمك مني..وعلى فكرة بيلعب بيكي ده مش بتاع جواز

دفعته بقوة وهي تلكمه بأقوى ما فيها...هتفت بشراسة:- اوعي تجيب سيرته على لسانك القذر ده ، أنت مين عشان تقارن نفسك بيه ولا تتكلم عنه؟!

جز حسام على اسنانه بعنف وقال:- اه...شكلك وقعتي في هواه..مسكينة، صدقيني هتاخدي أكبر مقلب في حياتك ، أنا مش هحاول اثبتلك أنتي هتتأكدي بنفسك..هتجيلي بنفسك يا للي وساعتها أنا اللي هرميكي..

هتفت بصراخ:- لو بدبح عمري ما هوقع نفسي في طريقك تاني..وابعد عني احسنلك لأنك مش اد وجيه الزيان ولا هتقدر تقف قصاده..واظن أنت عارف مين هو وجيه الزيان وممكن يعمل في حشرة زيك ايه!!

ضحك حسام بسخرية وقال:- انا عارف اكتر من اللي انتي تعرفيه يا حلوة ، راقبتك من ساعة ما خرجتي معاه يوم ماهربتي مني ، قريب هتعرفي مين فينا الحشرة وأني مش الحيوان الوحيد اللي عرفتيه في حياتك..سلام يا..للي

قال اسمها بسخرية..كأنه حقا يعلم ما لا تعلمه..لم تكترث لما يقله فهو حاقد ولا يروقه سعادة الأخرين ، تركها وعاد لسيارته فعادت جالسة بداخل سيارتها الاجرة..ومضت السيارة في الطريق الى منزل صديقتها سها..

وقفت العربة أمام المنزل التي تبتلت الأشجار على جانبيه..ووارفت أوراقها بنضرة زمردية..خرجت للي وقد استعادت هدوئها بعض الشيء بينما خرجت سها بمجرد أن انتبهت لصوت سيارة بالخارج..خرجت من المنزل بعجالة واضحة وصافحت للي بحرارة ثم قالت للي بحيرة:- عايزة اقول للسواق يستناني بس مش عارفة وشكله مابيفهمش انجليزي كويس وانا مابعرفش اتكلم فرنساوي كويس..رغم أني متفقة مع الفندق يستناني بس شكله هيمشي..

رمقتها سها بنظرة حائرة ثم ظلت للحظات تفكر بتردد قبل أن تقل للسائق بلغة فرنسية متقنة شيء لم تفهم منه للي اي كلمة..فبعض الجمل الفرنسية التي تتقنها لم تساعدها على فهم الحديث بالكامل..هز السائق رأسه واجاب بشيء لم تفهم منه للي أيضا ثم أخذ السيارة وذهب..تعجبت للي وقالت:- انتي قولتيله امشي؟!

اجابت سها :- لأ...هيرجع تاني بس هو رايح محطة البنزين وراجع..

هزت للي رأسها بتفهم ودعتها سها للدخول..

كان المنزل انيقا، هادئ ، متوسط الحجم، يكثر اللون الأبيض به مما يدعو للهدوء فقالت للي مبتسمة:-

_ فرنسا بقى ليها غلاوة خاصة عندي ، عشت فيها اجمل أيام

ترددت سها في الابتسامة وقالت:- ربنا يسعدك يارب

تعجبت للي وقالت:- فين العفريته بنتك مش شيفاها ؟!!

ابتلعت سها ريقها واجابت:- في رحلة تبع المدرسة بتاعتها هي واخواتها..هروح اعملك حاجة تشربيها على ما الاكل يجهز..

ذهبت سها وتعجبت للي من نظرات صديقتها الشاردة!! نهضت من مقعدها وخرجت للحديقة وهي تتنفس بعمق..ابتسمت وهي تشاهد عدد من القطط الصغيرة وهي تتغذى من حليب الام..شعور جارف للأمومة سار بقلبها..ابتسمت وهي ترى قبس من الخيال الذي يريها اطفالها من ذاك الرجل الذي سرق قلبها منذ أول نظرة..المستقبل يبتسم لها كلما تذكرته..يخفق قلبها بقوة..انتبهت ليد سها وهي توجه لها كوب من عصير الفاكهة الطازجة...اخذته للي بمرح وقالت:-

_ تعرفي يا سها أنا حاسة أني مابقتش اخاف زي الاول..قابلت المجرم اللي اسمه حسام من شوية قبل ما اجيلك..في أول لحظة حسيت برعب بس لما افتكرت وجيه معرفش القوة اللي حسيت بيها جاتلي منين...احساس حلو لما تتحامي في راجل شيفاه كل قوتك وسندك..اسمه بس خلاني مطمنة ومش خايفة..وغير أنه خطفني وسرق قلبي فهو سرق خوفي..

كانت ترتشف من الكوب وهي تتحدث حتى اضافت بابتسامة :-

_ مستنية اليوم اللي هسمع فيه كلمة بحبك منه ومني...أنا..

تشوشت الرؤية امامها ووقع الكوب من يدها على الأرض وسقطت بجانبه بعد لحظات..تطلعت سها اليها بدمعة فرت من عيناها وقالت:- غصب عني يا للي ، أنتي مش أغلى عندي من بنتي..

*********************
إلي هنا ينتهي الفصل الثانى عشر من رواية إمبراطورية الرجال بقلم رحاب إبراهيم
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة