-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية إمبراطورية الرجال بقلم رحاب إبراهيم - الفصل التاسع عشر

مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة وأجمل الروايات الممتعة والروايات الرومانسية مع رواية رومانسية جديدة للكاتبة المتألقة رحاب إبراهيم والتي سبق أن قدمنا لها العديد من الروايات والقصص الرائعة من قبل واليوم مع روايتها التى نالت مؤخرا شهرة كبيرة جدا على مواقع البحث نقدمها علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل التاسع عشر من رواية إمبراطورية الرجال بقلم رحاب إبراهيم

رواية إمبراطورية الرجال بقلم رحاب إبراهيم - الفصل التاسع عشر

إقرأ أيضا: حدوتة رومانسية

رواية إمبراطورية الرجال بقلم رحاب إبراهيم
رواية إمبراطورية الرجال بقلم رحاب إبراهيم

رواية إمبراطورية الرجال بقلم رحاب إبراهيم - الفصل التاسع عشر

 ***بشركة آل الزيان***


وضع الساعي فنجان القهوة على مكتب وجيه عقب إنتهاء الاجتماع العام لأفراد الشركة ثم خرج بهدوء دون حديث عندما شاهد وجيه مشغولا ببعض الأوراق..

رفع وجيه الفنجان لشفتيه دون أن يغير اتجاه عيناه من على الأوراق ليتأت فجأة عيناها بين الأسطر ، طرفاتها وكأنها الكلمات تُقرأ بصمت..ضاق من نفسه ووضع الأوراق بعصبية على مكتبه..

إلى متى سيظل هكذا ؟! حتى في الأجتماع سرت بعقله ليجتاحه حنين الى رؤيتها...زحام العمل لم يبعدها عن فكره مثلما اعتقد!

ارتفع صوت الهاتف فرفع السماعة وأجاب:- الو؟

أجاب الطرف الآخر :-

معاك يا وجيه بيه ، بالنسبة للموضوع اللي أمرتني بيه قبل السفر فشغلهم ماشي كويس ، أنا بعتلهم كام زبون كده من بعيد والا ماكنش حد هيروحلهم أصلا ، دول لسه صغيرين أوي في السوق...بس معلش في السؤال..طالما طردتهم ليه بتساعدهم ؟!

تنهد وجيه بعمق فقط أطمأن عليهم وقال:- ما تنساش أنهم في الأخر والأول ولاد أخواتي يعني ولادي ، أنا عايزهم يشيلوا مسؤولية مش ادمرهم واخليهم يحبطوا ، عايزهم ينجحوا في شغلهم ويحبوا الشغل ولو وقعت مايضيعوش من بعدي ، الأب بيعاقب بإيد وبيسند بالأيد التانية...

قال الطرف الأخر:- عندك حق ، أنا أول مرة أشوفهم متجمعين كده وبيشتغلوا ، دول حتى سكنوا في حارة !!

ابتسم وجيه رغما بعدما اندهش بعض الشيء وقال:-

_ كده تمام..كل شيء ماشي صح..بعد ما تمر السنة هيعرفوا قيمة القصر والشركة والشغل...هيرجعولي زي ما أنا عايزهم وساعتها ايديا هتكون مفتوحالهم..خلي عينك عليهم ولو في أي حاجة اتصل بيا فوراً..

الطرف الآخر:- تمام...

انتهى الأتصال ووضع وجيه سماعة الهاتف مع شوق آخر سرى بقلبه لصغاره...نعم صغاره وسيظلون هكذا بعيناه...وكأن قدره أن يفقد أحبائه!!

******

بالمساء...

وعقب إنتهاء العشاء..جلس الفتيات الأربعة أمام التلفاز...كل واحدة منهنّ شاردة بخاطرها...فقالت حميدة بابتسامة :-

_ هو اللي بيغير ده يا عيال بيبقى شكله ايه؟

تمددت سما على الأرض ووضعت ساقا على ساق وقال بسرحان وابتسامة بلهاء :- بيزعق..بيشخط فيكي كده..ويرجع يصالحك..الغيرة تحسي كده أنها بطعم الشطة

قالت جميلة بحيرة:- طب واللي بيحب..بيبقى شكله ايه؟

أجابت سما وهي تهز قدميها بأندماج :- متشحتف..متشحتف دايمًا على اللي بيحبه..رايح بيسأل علـيه ،جاي بيسأل علـيه..

نظرت رضوى لهنّ بتعجب وقالت:- مالكم سرحانين كده؟!

ضربتها سما بمرح بقدميها على ساقها وقالت:- انتي خنفسه يابت ، الا عمرك ما حبيتي كده ولا سرحتي جاتك القرف ، اللي جوه ده مش قلب دي طاسة زيت سمك

رضوى بسخرية :- ليه هو أنا هبلة زيكوا ؟! انا ممكن اعجب بحد آه لكن الحب ده مشواره طويل معايا ، أنا نفسي احقق احلامي الأول ،مش عايزة الاقي نفسي فجأة في بيت بين واحد وعيال وطبيخ وغسيل ومسح!! انتوا تفكيركم عادي انما أنا غيركم...

سما بمكر:- يعني بذمتك مافيش حاجة كده ؟!

اجابت رضوى بصدق :- تقصدي رعد يعني؟! بصراحة مش هنكر أن فيه كتير من مواصفات فتى احلامى بس مقدرش اقول أني حبيته !! أنا مش بحب بسرعة كده زيكوا ، حتى لو عاجبني بس برضو مش حب..

اعتدلت سما وهافت بالفتيات :- أنا مش هلبس البتاعة المعفنة اللي اسمها النضارة دي تاني ، مش هروح بيها الشغل

حميدة بحيرة :- مديالكم شكل جد ، أخاف لو رجعتوا لطبيعتكم يطمعوا فيكوا ، بالنسبالي والله لو قلبت رقاصة يوسف مش بيشوف غير الأكل وهو اصلا زي الاطفال مافيش خوف منه..

قالت سما ساخرة:- بالعكس يا غبية ، تعرفي رغم أنك بتشتغلي معاه اكتر من سنة بس لسه مافيهمتهوش صح ، أنتي اللي عودتيه على شكلك ده ، أنتي اللي حسستيه من البداية أنه بيتعامل مع راجل..

لوت حميدة شفتيها بضيق وقالت:- كنت أعمل ايه يعني؟!

قالت رضوى :- أول حاجة تعمليها تقلعي قعر الكوباية دي ، في اختراع اسمه عدسات

قالت جميلة بدهشة:- يعني تلبس ضيق وتبقى مابرجة عشان تعجبه؟!

اجابت سما بغيظ:- هو أنا بقولها انحرفي ؟! لكن مافيش عقل يقول أننا نخلي مظهرنا بالمنظر الزفت ده؟! اظن جميلة هتشيل النضارة في خطوبتها ولو لبستها بعد كده هيبقى شكلها غريب وبصراحة بقى انا عيني بقت بتوجعني منها وحاسة أن نظري هيضعف بجد

قالت رضوى بقوة:- بقولكم ايه ، أنا شايفة أن كل واحدة ترجع لطبيعتها ، مش حلو اننا نوحش نفسنا ، احنا بس هنرجع لطبيعتنا العادية ، بنات عادية...

قالت سما بموافقة:- ايوة ، ده اللي بقوله

صمتت جميلة بشرود بينما قالت حميدة :- خلاص ماشي ، بس الاحسن ننفذ الكلام ده بعد خطوبة جميلة..

سما بتصريح:- أنا مش ههحضر الخطوية وانا لابسة النضارة

وافقتها رضوى:- وانا كمان زهقت منها ، كفاية كده

قالت جميلة بتفهم :- كلنا هنرجع لطبيعتنا يوم خطوبتي...

هزت حميدة رأسها بموافقة ولم تجد مر من الأنصياع...

*******

**بمنزل الشباب**

ظل يوسف ناظرا للتلفاز الذي يقدم برنامج إعداد طعام...قال بابتسامة:- الأكل شكله يفتح النفس..

بينما باقي الشباب جالسين بإرياحية على المقاعد القديمة بالمنزل...نهض رعد بعدما انتشل نفسه من موجة شرود عالية وهتف بالشباب:- أنا عايز أعرف دلوقتي حالا..يعني ايه حب؟!

أشار له يوسف وأجاب بتنهيدة وهو يأكل قطعة من الخبز:-

اممممم...الحب...الحب يعني تجوعوا في نفس الوقت ، وتحبوا نفس الأكل ،وتصحيك بليل وتسألك..اتعشيت ياروحي؟ الحب فيه حاجة من الطبيخ..

اغتاظ رعد من اجابة يوسف وهتف:- أنت ما تتكلمش خالص...كل كلامك بحسه بالكاتشب الحامض

تذمر يوسف وعاد انتباهه للتلفاز بابتسامته ، قال آسر بسخرية:- هو في حاجة اسمها حب أصلا؟! انت بتسأل اسئلة غريبة!!

زم رعد شفتيه بغيظ ثم قال:- هتفضل تفكر كده لحد ما تعجز وتلاقي نفسك لوحدك يا عقد!!

أجاب آسر بحدة:- الجواز شيء والحب شيء...حتى لو في حب ،أنا مش هتجوز واحدة بحبها..

ترك بعض الأوراق من يده بعصبية ودلف لغرفته...ابتسم جاسر لنظرة رعد المتوجهة اليه وقال بمكر:- انا لو جاوبت وشك هيحمر..بلاش أنا

ابتسم رعد وقال:- كنت عارف أن دي هتكون اجابتك يا سافل ، عموماً خلاص..

*****

وقفت للي بشرفة منزلها تتنهد بشعور ممزوج بين الشوق والحزن والعتاب...انتبهت لهاتفها ويبدو انه رقم دولي فأجابت :- الو؟

قالت سها بصوت هادئ:- حمد الله على سلامتك يا للي ، مرضيتش اتصل بيكي امبارح عشان السفر وكده

قالت للي وقد اعادها صوت سها ذكريات ما حدث وأجابت:- الله يسلمك يا سها..انا كويسة الحمد لله..

قالت سها :- ربنا خادلك حقك ، شلة الفساد اللي كنتي تعرفيهم عرفت أنهم وصلوا فرنسا أصلا بطريقة غير شرعية واتمسكوا وبيتحقق معاهم ، انا مش راضية اتواصل معاهم عشان ما يجبوليش مشاكل بس عرفت من صديق هنا بالصدفة ولسه الزفت حسام بيتحقق معاهم والدنيا مقلوبة عليه هنا..

للي بدهشة:- طب أزاي وجيه يعمل كده ؟! مش معقول يسيبهم بعد ما جابهم لفرنسا؟!

اجابت سها بهدوء:- اللي يخليه يجيبهم مخصوص عشان يعملك فخ ، يخليه يسيبهم برضو ولا كأنه يعرفهم وماتنسيش أنهم اشتركوا معاكي في المقلب الأولاني يعني الانتقام مش منك أنتي لوحدك..

شعرت للي بالسخف من كل شيء فقالت:- سها ...ما تفتحيش الموضوع ده تاني لو سمحتي ، وياريت لو قدامك حل للبنات عشان يرجعوا اعمليه فورا...ربنا يهديهم

قالت سها بصدق:- أنا كلمت فعلا حد واثقة فيه عشان يساعدهم ، لكن هفضل بعيد عنهم انا مش عايزة مشاكل...

قالت للي بتفهم :- كده تمام..

*******

مر الأسبوع...بشكل بطيء ، مثلما مرت الأيام السابقة لم يكن ثمة تجديد...ورغم شعورها بالخوف الا أنها اشتاقت لرؤيته ، وتعجبت لما لم يحاول رؤيتها بعد آخر مقابلة؟! هل هو غاضب، يأس ، أم ندم؟!

بيوم الخطوبة .....

تجمع الفتيات حولها بغرفة حميدة بمنزل والدها سمعه لتقل سما وهي تنظر لوجه جميلة بمساحيق تجميل غير متجانسة الألوان:-

_ ايه النيلة ده !!

اغتاظت جميلة منها وأجابت:- ماهو حلو اهو؟!

حميدة وهي تتفحص وجه جميلة :- هو مش وحش ، ومش حلو

هتفت رضوى وقالت:- وشك مجير ، الكحل مالوش عشرين لازمة وقديم وسايح ، وبعدين ده لون روچ بذمتك ؟!

قالت جميلة وهي تنظر للمرآة بضيق:- ياريتني جبت حد زوقني

هتفت حميدة بغيظ:- ما انا اتحايلت على عليكي وانتي لا لا لا

جلست سما بحدة:- طب هنعمل ايه؟! ده الناس برا وكلها شوية والمفروض جاسر وولاد عمه يجوا ، مش هنحلق نجيب حد دلوقتي !! والمفروض احنا كمان نتنيل نتزوق...اقووول عليكي اايه يا جميلة..

اطرق سقراط باب الغرفة فذهبت رضوى لتفتح الباب حتى دلف لخطوة واحدة بالداخل وقال:- كويس أني لحقتكوا قبل ما تطلعوا ، استنوا هعرفكم على بونبوناية الحارة..ادخلي يا للي

دلفت للي برداء سهرة فضي اللون وبكامل اناقتها ، شهق الفتيات من الفتاة التي يبدو وكأنها خرجت من أحد اساطير قصور الأميرات الفاتنات...تعجبت للي من نظراتهن وقالت بابتسامة ونظرة يشوبها الحيرة:- الف مبروك

قالتها للي بابتسامة ونظرة حائرة بنظرات الفتيات المحدقة بها وكأنهم يتأكدون أن كانت حقيقة أم لا!!

ظل الفتيات ينظرون لها بدهشة حتى توجهوا إليها ملتفين حولها بنظرة تتفحصها بدقة من رأسها لأخمص قدميها!!

ابتلعت للي ريقها بتوتر حتى قالت حميدة وهي تنظر لشعر للي المسترسل بنعومة فائقة وتهب منه رائحة ذكية منعشة :-

بقى أخويا سقراط الجربان يعرف السنيورة دي؟!!

تمعنت سما في وجه للي المزين بحرافية عاليـة بمساحيق التجميل التي بدت وكأنها طبيعية..قالت باتساع بؤبؤ العين :-

_ قمر قمر يعني !! اكيد مش بتاكل غير مربى وقشطة..

تطلعت جميلة في رداء للي الفضي وقالت بإعجاب:- حلوة...وفستانها حلو..احلى من فستاني الحقير..

أشارت رضوى على الحلق الفضي الذي يلتمع بأذن للي الصغيرة وقالت :- الماظ ده؟! ليكون فالصوا!!

ابعدهم سقراط بغيظ مع ضحكة للي الخافته وهتف بالفتيات بعصبية:-

_هو انتوا كمان هتعاكسوها يا غجر؟! ده على ما جبتها لهنا دخلت في معارك وخناقات متأجلة !!

هتفت حميدة بتساؤل:- مين دي يا سقراط؟!

قالت سما بضحكة واثقة:- الرقاصة..مش حوار يعني!!

قطبت للي حاجبيها بضيق وكادت أن تتحدث وتعلن عن هويتها ليقل سقراط معنفاً الفتيات:- ما انتوا ما تعرفوش ريحة الجمال يا برعي منك ليها!! بقى في حد في الحارة مابقاش يعرف مين ليان يوسف؟! ده انا هنكتب الشارع باسمها..

شهق الفتيات عندما تذكروا ذلك المحل الفخم الذي يتم تجهيزوه منذ مدة كبيرة...قالت حميدة بدهشة:- يالهوي!! ليان يوسف اللي بتطلع في التليفزيون وفي البرامج عندنا في البيت؟!!!

خرجت سما من صدمتها وقالت:-

_ بقى القمر دي ليان يوسف ؟! اه..كده صح..بس كنت فكراها اكبر من كده!! طلعت كتكوته..

ضحكت للي على مظهر الفتيات وقالت بلطف :-

_ مش اوي كده يا بنات !! عادي يعني

قالت رضوى بقوة:- عادي ايه !! ده نهارنا ابيض النهاردة

قالت جميلة بابتسامة وهي تشير لها لتجلس :- نورتينا يا مدام ليان..اتفضلي اقعدي ارتاحي

ابتسمت للي وقالت بود:- تقدري تقوليلي للي ، مابحبش ليان

جلست للي للمقعد المشار عليه...حتى هتفت حميدة بشقيقها وقالت:- حاجة ساقعة يا سقراط بســـرعة

رفضت للي وقالت :- لا لا أنا لسه شاربة والله ،أنا اصلا مش بشرب مياه غازية عشان النظام الغذائي بتاعي..

همست سما بعدم فهم وقالت لحميدة:-

_ هو ايه النظام الغذائي ده يا حميدة ؟! هي بتبعتر وهي بتاكل؟!

قالت حميدة وأجابت:- هبقى أسأل يوسف ، مفتاح أي سؤال يخص الطبيخ..ضليع في شؤون المحشي والصلصة..

تساءلت جميلة بتعجب:-

_ بس ليه اخترتي حارتنا بالذات ،مع أنك مشهورة أوي ، كان ممكن تختاري مكان انضف من ده بكتير !!

اجابت للي بابتسامة ولم يغفل عنها وجه جميلة الملطخ بمساحيق تجميل سيئة التناسق:-

_ انا عندي فرعين كبار بس اللي خلاني افتح فرع هنا هو أن أصلا البيت اللي فتحت فيه الفرع الجديد بتاع جدي الله يرحمه ، كنت بحب أجي ازوره هنا أوي وانا صغيرة ، ليا ذكريات جميلة كتير هنا

سما بتعجب:- كنتي بتيجي هنا؟! بس ماشوفناكيش خالص هنا ؟!

اجابت للي بلمحة عابسة بملامحها:-

لأن من بعد جوازي وحتى لما اتطلقت ماجيتش هنا ، تقريبًا من ١٥ سنة ، وجدو مات بعد جوازي بشهرين

هتفت رضوى وقالت وهي تستعجلهم:- يا بنات خلصوا يلا العريس زمانه جاي والوقت سرقنا..

اسرعت جميلة للمرآة وقالت بضيق:- يعني مكياج زفت وكمان ساح!! كنت عارفة أنها شبكة منيلة

ضربت سما قدميها بالأرض كالطفلة وصاحت:- محدش سمع كلامي ، كان زماني دلوقتي جايبة البت سكرة بتاعت كوافير ام سماح للعرايس..

نهضت للي وقد انفجرت من الضحك ثم قالت لجميلة بحماس:-

_ روحي اغسلي وشك وتعالوا ورايا كلكم ، اعتبروني الساحرة الطيبة..

قالت للي ذلك بحماس كبير وابتسامة قد وصلت لقلبها بصدق لرؤية الفرحة بأعين الفتيات..

نظر الفتيات لبعضهن بابتسامة خفية فقالت سما :- طب هنطلع أزاي من النسوان اللي في الصالة دي!!

قال سقراط بقوة :- سيبيهملي

قفزت سما بضحكة:- حلوووو، وهطفي لمبة السلم عشان ماتنورش الشارع واحنا طالعين ونتشاف

هم سقراط بالخروج فقال قبل أن يفتح الباب:-

_ هحبس النسوان في اوضة ستك حميدة وانزل اسخن التوكتوك وهستناكم قدام البيت عشان محدش ياخد باله منكم

قالت للي باستحسان:- برافوا سقراط

اسبل أهداب عيناه بهيام وهو يتوجه للباب ببطء حتى اصطدم رأسه بالباب فتلفظ الشتائم:- باب أبن....

قالت للي بتحذير :- قولنا إيـه؟! لازم تبطل تشتم !!

صحح سقراط سريعاً بابتسامة ارغمها على الظهور:- قلب..باب أبن قلب..قلبي يعني

ارتفعت ضحكت للي ثم قالت للفتيات:-

_ تعرفوا مكانش عندي حماس للشغل بس دلوقتي حاسة أني ممكن اخلص عشر عرايس في ساعة..هطلعكم قمرات..ساعتين بس واخلص

قالت جميلة بقلق:- ساعتين هتكون الخطوبة خلصت!!

تدخلت سما بالأمر:- هتخلصك أنتي الأول وبعدين احنا

قالت للي بقوة:- طب يلا مافيش وقت ولازم نأخر العريس شوية على ما يوصل

قالت رضوى بمرح:- دي مهمة سقراط ، هو هيتصرف

كتمت للي ضحكتها من طريقة رضوى بالحديث حتى أسرع الفتيات بجمع ما يلزم من الفساتين المخصصة للخطوبة فقالت للي معترضة:-

_ سيبوا الفساتين دي ، انا عندي اللي يناسبكوا واحلى ، يلا بسرعة

خرج سقراط من الغرفة وهم بدفع النسوة داخل غرفة الجدة حميدة وهو يهتف :-

_ يلا يا ولية ستي عايزاكم في اوضتها ، يلاااا ده في كنافة جوا

فتحت سما الباب بخفوت لطريق أن الطريق أصبح خالِ فأشارت للفتيات...

***امام المبنى***

جلس سقراط بمقعد القيادة بالتوكتوك وارتدى نظارة شمسية بثقة عالية فقالت حميدة وهي تلكمه على ظهره بغيظ:- هتلبسنا في الحيطة يا اهبل !!

تحركت رأسه وانفه دلالالة على السخرية ثم قال برقة ل "للي" تعالي اقعدي جانبي يا للي..حاجزلك جانبي

نظر الفتيات لبعضهن بضحكة بينما رمقته حميدة بغيظ ،جلست للي بابتسامة واسعة وشعرت وكأنها نست ما يؤلم قلبها ولو بعض الوقت..تحرك سقراط بالتوكتوك حتى مكان البيوتي سنتر....خرج الفتيات من التوكتوك لتقل للي بمرح لسقراط:- زي ما قولتلك ، حاول تأخر العريس شوية ، ساعة ساعتين كده على ما نخلص

قال سقراط بابتسامة عذبة:- لو عايزاني أرشه بجاز هرشه ، انفخه زي الكوتش ما يضرش ، انت تؤمر يا عسل

لوت حميدة فمها وقالت بهمس:- شوف الواااد!!

اتسعت ابتسامة للي وقالت بضحكة :- لأ اخره بس

ذهب سقراط ضاحكا من امام المكان ودلف الفتيات للداخل خلف للي..نظر كلا من الفتيات للمكان بأنبهار ولرائحة العطور المنبعثة منه ،والأضواء التي تحاوط مرآة كبيرة مستطيلة الشكل تأخد مساحة كبيرة من الحائط بينما المكان بالداخل ذو مساحة كبيرة اكبر من مظهره بالخارج..

قالت للي للفتيات العاملات بالمكان :- جومانة ، سااارة ،جهزولي التلات بنات دول على ما اخلص العروسة

قالت جميلة وهي تسرع لغسل وجهها:- هغسل وشي هنا بقى مالحقتش اغسله في البيت

اعطتها للي غسول مناسب للبشرة بعدما تساءلت عن نوع بشرتها فبدأت جميلة تنظف وجهها بقوة...تبعها الفتيات حتى ذهبت للي لزاوية خاصة بفساتين السواريه الخاصة بالمحجبات لتقل لها جومانة بهمس:-

_ للي...أنتي متأكدة أن البنات دول هيقدروا يدفعوا تكلفة الليلة دي؟!

تطلعت بها للي بتحذير:- وطي صوتك يا جومانة!! دول تبعي ماتسأليهمش على فلوس خالص ، دي هدية مني ليهم ، وحق شغلكم أنا هدفعه ما تقلقيش

جومانة بأسف :- مش أقصد بس ماكنتش أعرف أنهم تبعك معلش ، هروح بقى اقف معاهم

عادت للي للفساتين وانتقت ما يناسب الفتيات بعناية ودقة..

جلست جميلة على احد المقاعد أمام مرآة كبيرة نظيفة ، وامتزج شعورها ما بين القلق والتوتر والبهجة والأطمئنان لهذه الفتاة الذي وكأنها نجدة السماء..

لم تستطع للي تغيير ردائها نظرا لضيق الوقت فبدأت العمل بحماس عالي وابتسامة وضحكات متشاركة بينهنّ..

****** صل على النبي الحبيب

***بمنزل الشباب***

وقف جاسر أمام مرآة بالغرفة وهو يرتدي جاكته الأسود الأنيق على قميص أبيض ناصع ورابطة عنق سوداء رفيعة اظهرت بشدة عرض منكبيه..قال يوسف بمرح:-

_ آخر حاجة كنت اتوقعها أن الفاسد اللي فينا هو أول واحد يدخل القفص..

عدل جاسر ياقة المعطف بموازاة مع ياقة القميص وقال وقد بدأ يرتدي ساعة معصمه:-

_ ومين اللي مأكدلك أني هدخل القفص؟! دي خطوبة مش جواز !!

قال رعد بضحكة:- ماهي بتبدأ كده ومابتعرفش بعد كده ايه اللي بيحصل...هتصحى في يوم هتلاقي نفسك بقيت متجوز وليك بيت وأسرة..

لوى جاسر شفتيه بسخرية..لم تكن مجال للسخرية بداخله مثلما يظهر بل كان شيء من التعنيف للنفس ، لما كل هذا؟! ما هذا الهراء الذي وضع نفسه به؟! تخلل شعوره بنجاح خطته شيء من السخف للأمر وشيء آخر مجهول لم يستطع كنه!!

تساءل آسر وهو يربط ربطة عنقه بعناية:-

_ أنت كلمت عمك وجيه يا يوسف وقلتله؟

مط يوسف شفتيه بتذمر وقال:- حاولت اتصل بيه لكن رفض يرد عليا ، بعتله رسالة بموضوع الخطوبة وطبعاً عزمته ، بس أنا متأكد انه مش جاي..

قال جاسر بغموض:- احسن أنه مش جاي ، هيجي على الفاضي

ضيق يوسف عيناه بشك وتوجه لجاسر مستفسرا ببعض العصبية:- تقصد ايه يا جاسر؟! انا افتكرتك عقلت !! ياريت ما تحطناش في موقف وحش قدام أهل حميدة..

تحاشى جاسر النظر ليوسف وتظاهر بنثر العطر الرجالي على ملابسه وأجاب:- ما تكبرش الموضوع يا يوسف

احتدت نبرة يوسف الذي كلما اصبحت هكذا:-

_ أنت اللي مابقتش فاهمك؟! انا متأكد أنك لا يمكن تاخد الخطوة دي لمجرد عند او غرور !! ، بس لما بسمع كلامك بقلق منك

توجه جاسر له بتساؤل حاد:-

_ قولي أنت بقى حكايتك ايه؟! كل ما تتكلم تقول أهل حميدة أهل حميدة..أنت مابتعملش حساب لحد للدرجادي..واضح أن مش اهل حميدة هما السبب في خوفك وقلقك ده..دي حميدة نفسها!!

تلعثم يوسف بالقول..لم يعرف بأي اجابة يرد...فهو نفسه لا يعرف حقيقة ما يمر به..قال ببطء:-

_ وفيها ايه يعني؟! هي أو أهلها واحد وبعدين دماغك ما تروحش لبعيد ، أنا ماينفعش افكر في أي واحدة غير لما أحس أني اقدر ابقى مسؤول عن زوجة واولاد مش عمي هيصرف عليهم كمان!! وكمان أنا فعلا مش شايف حميدة بأكتر من صداقة

قال جاسر بحدة:- يبقى خلاص ما تقعدش تديني عبر ومواعظ !!، لما يبقى يحصل حاجة ابقى اتكلم

انتبهوا الشباب لصوت قرع على باب الشقة فذهب رعد ليفتحه...

دلف سقراط وبيده زجاجات مشروب بارد واعطى لكل شاب زجاجة وقال بمرح:-

_ الف مبروك يا عريس

وضع جاسر زجاجته على منضدة تتوسط الغرفة وقال:- طب يلا عشان كده هنتأخر..

قال سقراط سريعا:- لأ استنوا خمس دقايق كده لسه الليلة ما بدأتش..هروح اجيب كوباية أشرب فيها...

اسرع سقراط للمطبخ وسكب محتوى الزجاجة بكوب زجاجي كبير ثم ركض بإتجاه جاسر الذي وقف متحدثا مع آسر في أمراً ما...تظاهر سقراط بالتعثر حتى وقع المشروب على ملابس جاسر ونال آسر حظا من هذا المشروب أيضاً...

نهض سقراط وابتسم لنفسه لنجاح الخطة وتظاهر بالأسف وهو يتوجه لجاسر :-

_ والله ما خدت بالي ، هات البدلة ثواني وتكون نضفت عند الولا علي المكوجي ..

خلع جاسر سترته بنظرات غاضبة وقد كتم عصبيته بأعجوبة ، هتف آسر بانفعال:- هدومي انا كمان اتبهدلت..

قال سقراط متأسفاً :- هات أنت كمان البدلة ،دقايق وهرجعلكم بيهم زي الفل..

اعطاه كلا من جاسر وآسر السترات السوداء فركض سقراط خارجا من المنزل بضحكة خافته...قال جاسر بغيظ:- لولا أنه قريبهم كنت لزقته في الحيطة

آسر بضيق:- يارب ما يتأخر ، انا مش بحب اروح مناسبة بحاجة لبستها قبل كده

قال يوسف بلطف:- هو قال دقايق ما تخافوش وبعدين لسه الليلة طويلة

******* لا حول ولا قوة الا بالله

انهت جميلة تنظيف بشرتها بعدة مسكات طبيعية ثم بدأت للي بتجفيف وجهها برفق ثم قالت:- قومي البسي الفستان السيمون الأول ، هيبقى تحفة عليكي

نظرت جميلة للرداء المعلق على مشجب بإنبهار وترددت في النهوض لتحسها للي على الاسراع..توجهت جميلة لزاوية مغلقة خاصة لذلك وبدأت ترتديه..مرت دقائق ووقفت أمام المرآة بابتسامة..تسللت فرحة غامضة لقلبها ، لأول مرة ترتدي شيء يظهر انوثتها لهذا الحد ، تطلعت بتمعن على مظهرها ولم تصدق أنها تمتلك هذا الكم من الأنوثة...لاسيما أنها كانت دائما تتخفى بملابس الرجال فأين لها أن تكتشف هذا؟! كان الرداء يناسبها تمامًا وكأنه صنع خصيصا لها!! رغم أنها بالحركة تشعر ببعض الضيق عند منطقة الخصر وهذا الشيء الوحيد الذي بدا مزعجا بالرداء..هتفت للي بعجالة فخرجت جميلة بنظرات خجلى من تطلع الفتيات بها...شهقت سما وقالت:- تحفة

اشاد الجميع بانبهار لتقل للي بثقة:- كنت عارفة أنه انسب حاجة ليكي ،خبيرة بقى

جلست جميلة على مقعدها مجددا وبدأت للي بتزيين وجهها فأتت جومانة بحجاب يناسب الفستان حتى انتهت للي بعد مرور نصف ساعة ثم بدأت بربط الحجاب على وجهها بيد احترافية قد اعتادت على ذلك لسنوات عدة..

اخيرا وقفت جميلة التي تجاهلت النظر للمرآة حتى الأنتهاء تمامًا فوجهتها للي للمرآة بابتسامة وقالت:- ها بقى ،قوليلي رايك

التفت الفتيات اليها وتركوا استعدادهنّ للتزيين لتهتف سما بضحكة:- جاسر هيتجوزها النهاردة ههههههه

ابتسمت حميدة بسعادة وقالت لجميلة:- طول عمرك زي القمر يا جميلة

قالت رضوى بفرحة حقيقية:- نفسي أشوف وشه لما يشوفك قمر كده ، الواد هيتهبل

اطرفت جميلة عيناها بعدم تصديق ، اهي تلك الفاتنة التي تراه بالمرآة ؟! ما هذا السحر الذي وضعته للي لتتحول من فتاة بسيطة لتلك الأميرة!! رفرف قلبها بفرحة لنفسها ولثقتها العالية التي اكتسبتها للتو...قالت للي:- هخلص حميدة بسرعة عشان هتسبقونا الأول..

ذهبت حميدة لإرتداء فستان بلون الكرز الأحمر يتشكل برسمة وكأنها عروس البحر..بعكس رداء جميلة الذي وكأنه صنع لأميرة المملكة..

بدأت للي بتزيين حميدة حتى انتهت بمدة أقل بضعة دقائق لتنال حميدة ذات الاطراء فقالت للي:-

_ استنوا نشوف سقراط الأول عمل ايه

كادت للي أن تخرج من المكان حتى دلف سقراط وهو يلهث :-

_ اخرتهم ساعة ساعة الاربع وخلصت بس دلة جاسر اللي انكب عليها العصير ،فكرته هيستنى ابن عمه بس استعجل وراح بيتنا ،يلا لو خلصتوا عشان ارجع أشوف بدلة آسر

ذهبت جميلة وحميدة معه فنظر لهم بذهول:- انتوا استحميتوا بتنر ولا بمية نار ؟! ده انتوا اتصنفرتوا مش اتمكيجتوا!!

كتمت للي ضحكتها حتى ذهبوا فأطلق الجميع ضحكاته بقوة...

******* لا اله الا الله

***بمنزل حميدة****

ارتجف جسد جميلة وهي تصعد الدرجات حتى باب المنزل بالطابق الثاني ...قالت حميدة بغيظ من سقراط:- مش كنت تولع نور السلم يا غبي !!

قال بحدة:- جيت اولعه اللمبة فرقعت يا فقر!! مافيش فايدة...البوم عمره ما هيبقى سمان ابداً..

اخيرا وقفوا بالقرب من مدخل الشقة فوقفت جميلة بقلق جعل قلبها يدق بعنف من الخجل فهمست حميدة بابتسامة:-

_ هيتلوح اقسم بالله ، وهفكرك بعد كام ساعة

ابتسمت جميلة بخجل واشتعلت وجنتيها احمرارا بشدة حتى اطلقت حميدة زغروظة الدخول ويداها متعلقة بيد جميلة وباليد الأخرى تمسك سقراط وتوجه للداخل بفهامة وكأنه يزف موكب السلطان...

وقف جاسر بعدما هب من مقعده بصدمة ، راقبه رعم ببسمة خفية وهمس :- هابي جواز داي يا وحش ، كنت فاسد وصايع ومحدش قدك ، ده أنت مش هتدخل القفص ده أنت هتجري على القفص..

ابتسم يوسف وقال:- مين الكريزة اللي جانبها دي وبتزغرد؟! هما يعرفوا ناس نضيفة اوي كده ؟!

ابعدهم جاسر بكلتا يداه وقال وعيناه متسمرة على جميلة :- غوروا في داهية دلوقتي وسيبوني مع التنين ده.. دي هليكوبتر كان مستخبي في عربية فول!!

توجه جاسر اليها ببسمة ماكرة ومذهولة من الجمال الفاتن التي طلت به جميلة...ابتلعت ريقها بخجل ورجفة كلما توجه خطوة اليها ، تحاشت النظر اليه وهي تجيب على مباركة الجيران لها..

وقف أمامها وقال ببسمة تناغمت مع مكر عيناه الشديد حتى قال سقراط:- يلا عشان تقعدوا ، مرحبا بكم ، الكراسي البلاستيك تنتظركم..

ابتسمت جميلة لمزحة سقراط حتى توجهت للمقاعد وجلست على أحدهم ،جلس جاسر بجانبها وتعلقت عيناه بها دون خجل ممن حوله..ان يعرف أنها جميلة ،اكتشف ذلك سريعا ، ولكنه لم يدرك أنها فاتنة لهذا الحد !! اكثر ما زين فتنتها حيائها الواضح بعيناها..ليكن صادق مع نفسه ، العاهرات لم يخجلن ، العفيفات فقط من يمتلكون ذلك السحر الذي يغمر قلب الرجل بالسيطرة والرفق لأنثاه..

قال بهمس خبيث :-

ماينفعش كلام خالص دلوقتي ، هستنى لما نقعد لوحدنا

اطرفت عيناها بدقات قلب عالية ، تراه ماذا يقصد وماذا ينوى هذا المغرور ؟!


راقبت حميدة نظرات يوسف اليها بين الحين والآخر بينما انتبهت لسؤاله وهو يسال سقراط عنها فقالت له:-

_ بتسأل عليا ليه؟!

تراقص المرح بنظراتها وهي ترى اتساع عيناه بصدمة حتى قالت ضاحكة:- أنا حميدة يا يوسف ؟!

حملق يوسف بها لبعض الوقت بذهول فقال بحدة:-

_ حميدة مين يا وزة أنتي احنا هنهزر؟!

لوت شفتيها بسخرية وقالت:- اعملك ايه عشان تصدق ، تحب احكيلك أول مرة اتقابلنا فيها لما اتخبطت فيك وانا نازلة على السلم بتاع الشركة وشنطتي اتفتحت والأكل بتاعي وقع وقمت واخد سندوتشين من سندوتشاتي يا طمااااع

حدق فيها بدهشة ثم ابتسم بعدم تصديق ليعود بعد ثواني للدهشة وظل هكذا لعدة دقائق حتى ضحكت حميدة بقوة وقالت:-

_ أنت مصدوم ولا مبسوط ولامالك فيك ايه؟!

قال يوسف بابتسامة تطوف بعيناها بدفء:-

_ عملتي ايه في حميدو صاحبي طلعيه ، مش هعرف اشتغل معاكي تاني بالشكل ده !!

ابتسمت وهي تنظر لجهة أخرى ولكنها قالت:-

_ خلاص همشي واسيبك

تطلع لعيناها لدقيقة وقال بابتسامة :- وتفتكري أنا هسيبك؟!

ارتبكت من طريقته التي لم تعهدها عليه وذهبت من امامه وهي تركض تقريبا...قال يوسف بضحكة:- ملبن..

كتمت حميدة ابتسامتها حتى ركضت لغرفتها واغلقت الباب خلفها وهي تلهث ، دقات قلبها عالية لدرجة الجنون ، ما حدث له ؟! كأنه زهد الطعام فجأة !! وما حل بنظراته البريئة لتتحول الى المكر هكذا!!

ابتسمت ببطء وبسعادة تدق ابواب قلبها بجنون...

****** الله أكبر

ركضت رضوى الذي تركت سما تتزين بصالون التجميل ، واتت للفتيات قبل ان تنتهي السهرة ، وقفت امام المدخل بعد أن انتبهت لصوت هتف باسمها فجأة...نهض رعد الذي كان جالسا على أحد درجات السلم بالخارج ينتظرها فقد علم من سقراط أنها على وصول بعد دقائق...استدارت رضوى لتجد رعد يقف أمامها بوجاهة وسترته الزرقاء تخطف لون عيناه الأسود بجاذبية هائلة...قال مبتسما وهو يرمق ردائها السماوي الفضفاض وكأنها اسطورة خيالية :-

_ هما استغربوا من التغيير ،بس أنا مش مستغرب ، انا عارف انك حلوة وتقدري تبقي اجمل من كده بكتير كمان..

هربت بعيناها وشعرت بدفء يسري بكامل جسدها فقالت بحياء:- بتحرج..

ضحك رغما عنه وقال بمرح:- حاولي ما تقوليش أي كلمة فيها حرف "ر"

نظرت له بتقطيبة وضيق فأعتذر برقة:- مقصدش أزعلك

قالت وقد تظاهرت بالحدة رغم انها تبتسم سرا:- عايز ايه يا رعد ؟

ضحك مرة أخرى ثم قال برقة لعيناها:- عايزك تسافري معايا اليونان

قالت بغيظ:- قلتلك مستحيل ، وما تفتحش الموضوع ده تاني ، ماينفعش اسافر مع حد غريب !!

اقترب خطوة فأبتعدت ذات الخطوة بخجل :- انا مصمم تسافري معايا ، وطالما ماينفعش وانا غريب فأكيد هينفع وأنا قريب ، مبروك يا رضوى..

ابتسم بتسلية وهو يراقب ارتباكها الشديد فقالت بتلعثم :- مبروك على ايه؟!

اشار للحفل بالداخل وقال بمكر:- لخطوبة جاسر وجميلة ، يلا ندخل نباركلهم..

دلفت للداخل واخفت ابتسامتها فقال بهمس ماكر:- بطلي تضحكي الناس يقولوا علينا ايه؟!

فالتفتت له بغيظ فضحك ضحكةً عالية...

****** سبحان الله العظيم

اتت سما وهي تركض أيضا لتلحق السهرة قبل أن تنتهي ووعدتها للي بأغلاق الصالون وستأت بعد قليل...ركضت وتراقت الدرجات بخطوات سريعة حتى التوى قدميها وسقط نعل حذائها للأسفل ،نظرت سما بضيق للسلم المعتم وقالت:- ده وقته!!

كان الصعود بهذا الظلام اسهل بكثير من الهبوط..استند على الجدار القصير هبوطا حتى اصطدمت بكتف احدهم...لم يمضي الكثير فهي اكتشفته من عطره الخاص..

اخرج آسر قداحة من جيبه واشعلها أمام وجهها ،نظرت له سما وتجمدت..نظر آسر اليها بعمق وبعيناه شرود عميق..ارتفع صوتها انفاسها بتوتر وارتباك فقالت بتلعثم :- جزمتي..وقعت وكنت

تفاجئت بنطقه لاسمها ببطء:- سما

أرادت ان تبتسم ، لم تكن تتمنى أكثر من هذه النظرة الدافئة الحنونة ، ولكنه يبدو أنه يحتجزها عن الحركة !! تساءلت بتوتر..كم ستبقى من الوقت هكذا تنظر له وينظر لها ، وشعور خفي تمنى لو تلك اللحظات تدوم للأبد..

قالت بخجل:- ممكن..الجزمة بتاعتي!!

لم يحرك ساكنا!! بل ظل ينظر لها ،بالتأكيد لم تكن اجمل من شاهد ، ولكنه تفاجئ أنه راها بهذا الشكل تماما بخياله ، ربما تمنى ان تكن هكذا !! التقط حذائها سريعا واعطاه لها بنظرات لم تحيد من عليها ،ابتعدت وارتدت حذائها وصعدت الدرجات بجانبه..لما لم تكن الدرجات أكثر من ذلك؟! لم وصل لمدخل المنزل بهذه السرعة فرمقها ببسمة وقال:- فستانك يجنن بس ضيق!! كويس أن كل الموجودين ستات..

كادت أن تجيب حتى التفتت على صوت أسعد الذي صعد السلم بعدما عانى في السؤال ليعثر على البيت الصحيح...قال عندما شاهد آسر:- اخيرااا وصلت

صدم آسر لمجيء أسعد وقال:- انت عرفت منين؟!

قال أسعد وهو يرمق سما بنظرات اعجاب ولم يكتشف أنها سما السكرتيرة ذو النظارات الغليظة :- آنسة سما اللي عزمتني ، هي مين الانسة دي مش تعرفنا؟!

توجه بالحديث لسما لتتبدل ملامح آسر للغضب وهو يرمق سما حتى قال:- عزمتك!!

اكد أسعد على الأمر وهو يبتسم لسما وقال:- اه والله عزمتني

تدخلت سما بشعور مرح ظهر بعيناها :- اه فيها ايه لما اعزمه ؟!

ذهل أسعد منها وهتف :- أنتي سما معقول؟! ايه القمر ده يخربيتك!

تفاجئت سما بإلاطراء وحقا لم يروقها وبالأخص عندما اتقدت عين آسر بغضب مميت ، دلف آسر للداخل بخطوات سريعة غاضبة وتركهم فنظرت سما بإتجاه بضيق وعنفت نفسها بهذه الدعوة الذي هدمت أكثر لحظاتها شاعرية مع آسر...

دلفت وتعمدت تجاهل أسعد الذي لم يبتعد بعيناه عنها..حتى وبعد لحظات اختفى تمامًا...بحثت عنه بعبوس على ملامحها ولم تجده ،

اتت للي وهنأت الجميع مع فرحة حقيقية نبعت من الفرحة التي وضعتها بقلب الفتيات... قاربت السهرة على الانتهاء فأستأذنت سما وقالت لحميدة :- هطلع انا فوق ،حاسة اني صدعت

وافقت حميدة بقلق عليها ليقل يوسف بابتسامة:-

_ ممكن تجيبيلي طبق جاتوه كمان ؟

ابتسمت حميدة وقالت:- حاضر ، ساعات بتحسسني أني مامتك !!

قالتها بمرح ولكنه صوب نظره عليها بحنان ،لم تعلم أنه يعتبرها ذلك بالفعل!!

***** سبحان الله وبحمده

صعدت سما خطوات للأعلى وكانت بطريقها لغرفة السطوح حتى جذبتها يدها لحائط الغرفة بظلام السماء وضي القمر ليلا...قال بعنف:- مين اللي سمحلك تعزميه ؟! وأزاي انا معرفش ولا قولتيلي ؟!

كادت سما أن يغشى عليها من بذعر والارتياع من مفاجئة وجوده فقالت وقد جف ريقها تماما :- أنت بتعمل ايه هنا؟!

قال بذات العنف:- ردي عليا وجاوبيني الأول؟!

نظرت لقربه لها بمقت واستياء وحاولت أن تبعده عنها بقوة ولكنه فهم محاولاتها بأنها تكرهه فهتف بغضب:-

_ معجبة بيه صح؟ أو ممكن تكوني حبتيه كمان !! مانتي

اشارت له سما بتحذير وبدأت تجهش بالبكاء:-

_ ما تتكلمش كلمة عليا ،انا ما كنتش هعزمه اصلا بس هو جه وانا بعزم الباشمهندسة ندى وهو اللي عزم نفسه بنفسه وحرجني فأضطريت ااكد عليه يجي..وبعدين اقولك ليه واخد اذنك ليه ؟!

اقترب اليها مجددا بشراسية وهتف:- عشان أنتي المفروض مسؤولة مني!!

احتارت عيناها من امر هذا الغامض!! فقالت معترفة:- مسؤولة منك ليه!! كوني اني سكرتيرتك ده مايقولش أني بقيت مسؤولة منك انا مش طفلة!!

اكد آسر بعصبية:- لأ مسؤولة مني غصب عنك ، انا حذرتك مرة بس

قاطعته ببكاء :- ما تزعقليش كده !! انا مش تحت امرك ولا خدامة عندك !!

رمقها بضيق وقد بدأت عصبية تقل..قال بعد لحظات:- بطلي عياط

هزت رأسها برفض فابتسم رغما عنه لطفوليتها وقال:- طب عشان خاطري

ارتبكت وهي تزيل دموعها فقال هامسا رغم المسافة بينهم الذي تبعد خطوات:- ما تلبسيش ضيق كده تاني

قالت سما وتظاهرت ببعض الثبات:- طب لو سمحت امشي عشان محدش يطلع فجأة ويلقيك هنا ، هتعملي مشكلة كبيرة

قال آسر وقد تمالك مشاعره بعض الشيء:- همشي ، بس خليكي فاكرة أن دي آخر مرة بحذرك فيها ، المرة الجاية هطرده من الشغل

ذهب من أمامها وتركها تحملق بذهول في الظلام ، حتى تدرجت الابتسامة التي خبأتها لوقت كبير ثم قفزت ضاحكة بمرح..

****** الحمد لله

جلست جميلة بغرفة الجلوس مع جاسر الذي لا زال يرمقها بمكر فقالت وهي تنهض:- هروح اجيبلك حاجة تشربها

نهض وسبقها عن باب الغرفة قبل أن تخرج لتصطدم بصدره ويبدو انه تعمد ذلك...ابتعدت عنه بنظرة عنيفة وقالت بتحذير:- اياك تمسك ايدي تاني أنت فاهم ؟!

نظر جاسر للدبلة بأصبعها وقال :- كلها شهرين وتبقي كلك ملكي

ضيقت عيناها بدهشة وهي تمتمت :- انت بتقول ايه؟!!! انت صدقت!!

هز رأسه مؤكدا ببسمة خبيثة:- أوي ، مش عارفة ليه بتعامليني كده !! في واحدة تعامل خطيبها...حبيبها..بالقسوة دي؟!!

عموما كلها شهرين وهعدلك دماغك دي ياروحي..

ابتسم ابتسامة واسعة وهو يرى عيناها اشتعلت غيظاها وعصبية فأجلسها على المقعدة بالقوة وقال لعيناها ببطء :-

_ اقولك حاجة...لو بإيدي كنت كتبت كتابي عليكي النهاردة...ماتنكريش أني عاجبك ، انا عمري ما قابلت بنت وما عجبتهاش !!

نهض بشراسة وقالت:- مغرور وشايف نفسك ، مستحيل اتجوز واحد زيك

نظر لها بتحدي وقال وقد اظهرت نبرته قوة تحديه:- لو رفضتي...هخطفك

*********************
إلي هنا ينتهي الفصل التاسع عشر من رواية إمبراطورية الرجال بقلم رحاب إبراهيم
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة