-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية إمبراطورية الرجال بقلم رحاب إبراهيم - الفصل السابع

مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة وأجمل الروايات الممتعة والروايات الرومانسية مع رواية رومانسية جديدة للكاتبة المتألقة رحاب إبراهيم والتي سبق أن قدمنا لها العديد من الروايات والقصص الرائعة من قبل واليوم مع روايتها التى نالت مؤخرا شهرة كبيرة جدا على مواقع البحث نقدمها علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل السابع من رواية إمبراطورية الرجال بقلم رحاب إبراهيم

رواية إمبراطورية الرجال بقلم رحاب إبراهيم - الفصل السابع

إقرأ أيضا: حدوتة رومانسية

رواية إمبراطورية الرجال بقلم رحاب إبراهيم
رواية إمبراطورية الرجال بقلم رحاب إبراهيم

رواية إمبراطورية الرجال بقلم رحاب إبراهيم - الفصل السابع

 ذهبت جميلة للموقع وببادئ الأمر كانت غاضبة ولكن هدأت أعصابها أثناء الطريق..خرجت من "الميكروباص" الشعبي بالقرب من مكان المبنى المراد معاينته ، نظرت له جيداً لتجد أن الهدوء يحيط بالمكان بعكس الأمس!! لا يبدو أنه يوجد أحداً هنا ولكن لا تستطيع الذهاب قبل أن تتأكد فربما أخذ العمال استراحة قصيرة بأحد الطوابق وسيعودون للعمل مرة أخرى..عاينت بنظرة سريعة المكان حولها وتذكرت أنه اعلمها بذكر كل ما يخص مواد البناء فقررت أن تلقي نظرة على الطوابق العلوية...مضت خطواتها للدرج الخرساني حتى صعدت درجة بعد الأخرى...الهدوء حولها يبدو مقلق بعض الشيء ولكنها لم تضع اهتمام كبير لهذا الأمر..

وقفت عند الطابق الأول "علوي" وتفحصت بنظرة شاملة كل الزوايا ، أدوات صغيرة خاصة بالبناء مترامية هنا وهناك وبرميل من البلاستيك الثقيل ممتلئ بالماء المعكر بأحد الزوايا وبعض شكائر الأسمنت الفارغة التي يظهر أن العمال استخدموها للجلوس بينما اعقاب السجائر المحترقة تعبأ الأرض...لا يوجد غير ذلك !!

رفعت جميلة حاجبيها بتعجب ثم توجهت للطابق الثاني من المبنى القائم على خمس طوابق..لم يتغير الطابق الثاني عن الأول وظلت تصعد طابق بعد الآخر حتى وقفت بالطابق الآخير بالأعلى...هناك بعض الأختلاف بالأمر فيوجد اكداس من الشكائر المعبأة بأشياء غريبة وصناديق خشبية...لم تعرف لما أخذها الفضول لرؤية ما بهذه الشكائر فاقتربت خطوات اليها حتى صاح صوت أحد العمال بخشونة وعصبية : أنتي مين وبتعملي ايه هنا؟!

استدارت بذعر فقد سبب صوته صدى بالمكان الخالي حولها مما جعل الرهبة تشمل سمعها..ابتلعت ريقها واخبرته بهويتها فرمقها الرجل بتمعن للحظات ثم قال:

- في إجازة النهاردة ، استاذ جاسر عارف كده من امبارح يبقى أزاي بعتك ؟!

قطبت جميلة حاجبيها بدهشة فإذا كان على علم إذن ٱرسالها الى هنا بقصد إثارة غضبها عندما تعلم !! أضاف الرجل بحدة:

- اللي بيشتغلوا هنا رجالة وانتي مش مهندسة عشان يخافوا منك ، لما تيجي تاني ابقي اتصلي بالريس بتاعنا الأول عشان حد فينا يكون موجود..

اغضبها حدة الرجل معها فقالت بذات الحدة: سواء مهندسة أو سكرتيرة فالنتيجة واحدة !! ده شغلي وبنفذه وانا مش بشتغل عندك عشان تديني تعليمات احضر امتى واستأذن !! المكتب واخد الموقع ده وهيسلمه بعد ما يخلص ، وكل حاجة تخص الشغل هنا انا مسؤولة عنها لأني بسلم التقارير لاستاذ جاسر ، اجي امتى بقى دي بتاعتي انا..

شعرت بشيء غامض خلف حديث هذا الرجل فأرادت أن تسن أنيابها حتى يخشاها أن كان هناك ما يخفيه...فطن الرجل لمدار فكرها فقال بهدوء: لمؤخذة يا استاذة...بس شكلك بنت بلد وعارفة أصول ولاد البلد ، ما تأخذنيش لو زعلتي أنتي زي أختي الصغيرة...

قالت جميلة وقد هدأت بعض الشيء: حصل خير..انتوا أجازتكم امتى؟

أجاب الرجل : اتنين وجمعة

اومات جميلة برأسها ثم تركت الطابق دون مزايدة في الحديث ، زفر الرجل بقوة متمتما: كنا هنروح في داهية ، الله يخربيتك

******

**بالأستقبال**

انتهت حميدة من تدوين الملفات على الحاسب الآلي ومقابلة بعض العملاء وترتيب المواعيد معهم لمناقشة المشاريع الجديدة مع فريق المهندسين والتخطيط...جلس يوسف متنهداً وقال :

- الشغل النهاردة كان مرهق ، بس الحمد لله خلصنا

ارتشفت حميدة من كوب الشاي ثم قالت: الحمد لله

تذكر يوسف أمر الشقة فتساءل: صحيح...عملتي ايه في موضوع الشقة اللي كلمتك عنها امبارح؟ فكرتي ؟

ابتسمت واجابت: أنا كلمت أبويا ووافق ، وعلى فكرة هو قالي مش هياخد منكم ايجار غير بعد ٣شهور..يومين أن شاء الله نكون رتبناها وتيجوا تقعدوا فيها ، هي فيها عفش بس لو حابب تفرشها على ذوقك مافيش مانع براحتك..

ابتسم يوسف لها بشكر وقال : مش عارف اقولك ايه.. تعرفي..أنا كان ممكن اختار مكان تاني يكون مناسب اكتر لولاد عمي من الحي الشعبي ، بس بصراحة من كتر كلامك عن منطقتكم وانا نفسي من زمان أشوفها ، أنا بحب اللمة والصحاب ، مش بحب ابقى لوحدي ، بس للأسف في القصر كان كل واحد لوحده ، عمي مش قاسي بس شغله خده مننا ، هو بصراحة ضحى كتير عشانا ، ضحى بحياته وأنه يكون ليه بيت وأسرة واعتبرنا ولاده ، عشان كده واخد على خاطري منه ، وحشني أوي

حميدة بنظرة حنونة: أنت طيب أوي يا يوسف ، ساعات...لأ هو مش ساعات هو اغلب الوقت بحس أنك طفل..

اتسعت ابتسامة يوسف بمرح وقال: هنبقى جيران يا حميدو

كتمت ضحكتها عندما رأت ضحكته العفوية تغمر ملامحها الوسيمة..

******

انتهى رعد مع مراجعة الحسابات مع رضوى فعاد لمكتبه وهو يتنفس الصعداء وقال: رضوان...روح قول لعمي مرزوق يعملي قهوة

القت رضوى الملف على الطاولة بحدة وهتفت:

- اللي اسمه رضوان يرد!!

اتسعت ابتسامته بشماته وقال: ما أنت رديت يا ابو الروض ههههه

هتفت بغيظ: هو انا جاية اشتغل ولا جاية اعملك قهوة؟!

أجاب بإستفزاز مبتسما: جاية تعمليلي قهوة..أنتي تطولي أصلا ؟! أنتي قاعدة مع واحد وقف قدامه أشهر الممثلين

قالت بضحكة: سمعتها البرسيم هههههه، كمل كمل

هجر ملامحه المرح ورمقها بغيظ حتى نهضت بنظرة مبتسمة وقالت : هروح اقول لعمي مرزوق يعملك قهوة

أجاب بغيظ: مش عايز يا ام لدغة...

كتمت ضحكتها فقد صدت الضربة بنجاح واغاظته ، عادت لتجلس وهي تكتم ضحكتها حتى دفع بوجهها القلم وهتف: ما اسمعش ضحكتك يا سئيلة

وقع القلم على قدميها فقالت بضحكة : أنت المفروض تفرح بنفسك ، بقيت حمار في السن ده ههههههههه ، واخد الحمورية من بدري ، اتاريك بترفس في الكلام ههههههههه

نهضت سريعاٌ عندما وجدته تحرك من مقعده وخرجت من المكتب وهي تكتم فمها من الضحك...

اغلق رعد المكتب بحدة ثم ظل دقيقة وابتسم رغما عنه قائلا: بومة...بس جزمة في الهزار

*****

**بمكتب جاسر**

جلس بإرياحية ومد ساقيه على المكتب بثقة وهو يتحدث بالهاتف وقال: وحشتيني يا كيرو "كاريمان" بقالي يومين ما شوفتكيش حاسس بالغربة وغلاوتك..

ضحكت كاريمان بدلال وقالت: وأنت وحشتني ، ليها حق توتو تتمسك بيك..

قال بثقة مبتسما: آه عارف عارف..مابحبش اتكلم عن نفسي كتير

قالت كاريمان بمكر: هكلمك شات..أوك؟

أجاب بضحكة: يا حبيبتي أنا مابقاش عندي راوتر...أنا بقيت باقة يعني آخرنا صداقة..

ارتفعت ضحكة كاريمان بصوتٍ ناعم وقالت: مسكين

قال بخبث : أوي أوي..عارفة يا بيبي شوفت ايه امبارح في الحلم ؟

كاريمان بضحكة: ايه؟

جاسر بابتسامة ماكرة: شوفت ملاك جاي عليا...وبيحتويني و

هجمت بتلك اللحظة جميلة وفتحت باب المكتب بوجه يتقد غيظ فقال جاسر بقلق وقد انزل قدماه من على المكتب: اقفلي دلوقتي بس اتصلي اطمني عليا...ماتسبنيش للوحوش تنهشني

أغلق الاتصال ووضع الهاتف ثم أغلق زر قميصه العلوي وأشار لجميلة : هتقربي خطوة هصوت وهلم عليكي الناس وهقول اتحرشت بيا...وانا صغنون

اغلقت جميلة الباب بغضب وهتفت:

- لما أنت عارف أن النهاردة اجازة العمال بتوديني ليه هناك؟!!

ابتسم بمكر من غيظها وقال ببساطة: نسيت

هزت رأسها رافضة اجابته الكاذبة وقالت: لأ أنت قاصد تعمل كده ، لو مش قاصد كنت جيت ورايا زي ما قولتلي..

جلس جاسر ببسمة خبيثة ارتسمت بعيناه وأجاب بهدوء: أنتي زعلانة أني نسيت وروحتي على الفاضي ولا زعلانة أني ما روحتش وراكي ؟ حاسس أنك زعلانة عشان ما اهتمتش

نظرت له بدهشة..قالت بصدق : أنت ليه عايزني غصب عني اهتم بيك! ليه اصلا المفروض اعمل كده !! انا جاية اشتغل مش جاية طالبة اهتمامك ولا عايزة اهتم بحد..ياريت تلتزم معايا بنظام الشغل وتبقى جد عن كده..أنا ما بفكرش غير في الشغل وبس..

ضيق عيناه بغيظ واستشاط من اجابتها فقال: بصرف النظر أنك مسترجلة وما تعتبريش بنت اصلا ، بس كمان معقدة..أنا ما بحبش أفضل قاعد وشي في وش واحدة كلها عقد كده !! وبعدين ايه الوهم اللي عيشتي نفسك فيه ده واهتمام ايه ؟! أنا عايزك أنتي تهتمي بيا ؟! ده من قلة البنات اللي أعرفها؟!

أنتي لو شوفتي واحدة فيهم هتعرفي مقامك...

غرزت جملته طعنة بكبريائها وقالت بنبرة تهدد بالبكاء ولكنها تماسكت : مقام الواحدة في اخلاقها واحترامها لنفسها ، واكيد اللي بتتكلم عنهم ويعرفوك كلهم شمال...انا ما وهمتش نفسي أنت اللي مش عاجبك وجودي عشان محترمة ،لكن لو ماشية على هواك كان زمانك دلوقتي...

ضيق عيناه بخبث وهو يتوجه اليها ، وقف ناظرا اليها بنظرة مطولة وقال: كان زماني ايه؟!

امتنعت عن الإجابة فأشتد،مكر عيناه وقال: مش بطالة

التفتت له بحدة وقالت: نعم ؟!

أشار جاسر لأحد المقاعد وقال: اقعدي نشوف شغلنا...ولا تحبي تروحي ترتاحي؟ راحتك عندي أهم

رمقته بحيرة وقالت بجدية حتى لا يلمح حيرتها وارتباكها: نكمل الشغل ، فاضل ساعتين

عاد جاسر لمكتبه ببسمة خفية وراقه أن تصبح بقائمة...نسائه

******

**بمكتب آسر**

آسر وهو يتطلع بالتصاميم الهندسية : خلصنا شغل النهاردة يا آنسة سما...حماسك للشغل فاجئني..

ضاقت سما من وضع الرسمية باسمها فقالت وتظاهرت بابتسامة:

أنا اللي اتفاجئت بصراحة، وعشان مش تحتار ، أنا كنت فكراك زي ولاد عمك ، بس طلعت جد اكتر من ما فكرتك ، ومتفهم اكتر من توقعاتي، اكيد لأنك بتحب شغلك..

أجاب آسر بصدق: بالعكس ، أنا مابحبش شغلي للدرجة اللي أنتي متخيلاها..لكن بحب انجح وبكره الفشل..لما الظروف وقفتني في مفترق الطرق كان لازم العقل يجي دوره في الأختيار..

سما بخجل : طب والقلب؟!

آسر بنظرة صادقة ، بعيدة عنها ، وعن أحلامها الوردية ، بعيدة عن ظنونها وأوهامها، لكن البعد حتى انها لم تراه ..قال:

- القلب بيخلينا نختار اصعب الطرق ، يبقى من الغباء أخير قلبي واسيب طريق مضمون ، مرسومله دراسة جدوى متخططه صح ، القلب مش سكتي ولا بحب اختاره..

تمتمت سما بغيظ : كل الروايات قالوا فيها كده وفي الأخر بتوقعوا في الغرام يا خبثاء..نحن السكرتيرات..أنا يعني هههه

كتمت ضحكتها فتساءل آسر بتعجب: بتضحكي ليه؟!

قالت سما ببسمة خجولة: لا أبداً..

*******

رمقت حميدة رضوى بنظرات متساءلة من طيلة جلستها بالخارج فقالت : أنتي نقلتي هنا ؟!

كتمت رضوى ضحكتها وقالت: بستريح بس من الشغل

نهضت وتوجهت لباب المكتب ثم دقت عليه ، أتاها صوت رعد بحدة : مش فاتح

اتسعت ابتسامتها ثم فتحت الباب ودلفت بهدوء..اغلقت الباب خلفها فرفع رأسه بغيظ بعدما كان يتفحص كاميرته وقال : هو انا قلتلك ادخلي يا رزلة ؟!

قالت لتغيظه: نداء الواجب مش محتاج استأذان، والشغل واجب...هو أنا ممكن اسألك سؤال؟

رد بسخرية: اتنيلي

قالت وهي تشير للكاميرا بإعجاب: الكاميرا دي بتستخدمها أزاي ، أصل شكلها عاجبني أوي...

نظر لها بابتسامة لمدحها لمحبوبته فنهض بعفوية وهو يحمل الكاميرا وقال: هوريكي...تعالي كده

نهضت رضوى حتى أشار لها على أزرار الالتقاط وبعض الزوايا وتعمق في الشرح..انصتت باهتمام غير مفتعل فقد شعرت بالفضول في استخدام هذا الشيء....ربما لأهتمامه هو بالأساس له..أشار لها بالكاميرا وقال : لو حابة تجربي مافيش مشكلة...بس يارب ما تدمنيش الكاميرات والتصوير زيي..

أخذت رضوى الكاميرا بابتسامة شاكرة وفعلت مثلما شرح لها فألتقط صورة له وهو يشير لأحد الزوايا وعدة صور أخرى وقالت بابتسامة:

- فعلا...احساس حلو وانت بتصور

أخذ منها الكاميرا وقال ببسمة عفوية: حسيتي بإيه؟

قالت بصدق : مش عارفة...بس كأني ركزت اكتر في التفاصيل أو يمكن كنت عايزة افضل شوية ادور على اكتر شيء شاددني واصوره ، التصوير احساس قبل أي شيء.

ابتسم بإعجاب وقال: برافوا يا رضوى..كأنك بتتكلمي بلساني

شعرت بالخجل في طريقته الجديدة وقالت وقد عادت لجمودها : نكمل شغل؟

أجاب بصدق: بصراحة أنا مصدع ، خليها بكرة

أخذت رضوى حقيبتها بهدوء وخرجت من المكتب...من المبالغ فيه أن يكن ثمة مشاعر جرت بينهم ولكن بداية الغيث قطرة..

*******

عاد الفتيات للمنزل فبمجرد أن دلفت حميدة وبدلت ملابسها وقفت وهي تشمر عن ساعديها وبنطالها الاسود فقالت سما بضحكة: مش ده الاسترتش بتاع البت رضوى؟

قالت حميدة بحماس: بعد ما ناكل هنطلع فوق نروق الشقة ترويقة تمام عشان هيجوا هنا بعد بكرة

ابتسمت سما وهي تنهض بخفة: انا هرتب اوضة آسر

رضوى وهي تقضم قطعة من الخيار: أوضة آسر !! دول هما أوضتين ، كل اتنين هيترموا في اوضة

رمقت حميدة جميلة وهي تجلس بشرود وعبوس على ملامحها فقالت متساءلة: مالك يا جميلة ؟ أنتي مش عجباني من امبارح ، لو الشغل مزعلك قوليلي ومالكيش دعوة..

قالت جميلة وهي تتظاهر بابتسامة باهتة: لا ابدا أنا بس بقيت بصدع كتير من المواصلات...كنتي بتقولي ايه ؟

كررت حميدة ما قالته فوافقت جميلة حتى انتهائهم من تناول الطعام...

******

بالأجواء الباريسية...

وقفت للي أمام المرآة بغرفتها بالفندق تتفحص مظهرها فقد قررت التنزه بليلة باريسية مثلما اعتادت...انتقت رداء اسود وعمدت أن يكون طويل ولكنه لم يغطي ذراعيها بالكامل..واحكمت حول عنقها قلادة جلدية بها زهرة صغيرة حمراء أضاءت لون بشرتها الصافية ولون شعرها الفحمي...كان الرداء مفصلا عليها وكأنها تنتمي لفصائل حوريات البحر...انتعلت حذاء عالي الكعب ثم خرجت من الفندق لتذهب لعنوان مطعم شهير الذي تنتظرها به صديقة مقيمة هنا منذ سنوات قد اعتادت الالتقاء بها عندما تأتي الى باريس

خرجت للي من الفندق واستقلت عربة خاصة للعنوان المطلوب...دق هاتفها وهي بداخل السيارة لتجيب:

- دقايق واكون عندك يا سها ، بس اوعي ما تكونيش جبتي العفريته بنتك معاكي ؟

ضحكت سها وأجابت: لأ جبتها معايا يا للي ، ولادي بيحبوكي اكتر ما بيحبوني !!

شاركتها للي في المرح حتى أنتهى الأتصال...وقف سائق العربة فجأة بطريق مجهول فرمقته للي بقلق وسألته بلغة انجليزية فلم يجيبها بل أشار لها كي تخرج من السيارة...ابتلعت للي ريقها بخوف وهي تنظر للمكان حولها بتمعن فلم يكن مارة الطريق داعم لها فهم لا يبالون بالغرباء كثيرا...خرجت من السيارة حتى تفاجئت بخروج آخر رجل تريد رؤيته..زوجها السابق "حسام عزام" اقترب لها بنظرة متفحصة بعناية واعجاب واضح ثم قال: لما شوفتك في المطار ما صدقتش نفسي...أنتي انتقمتي في الجمال يا للي ، لو كنتي بالجمال ده وانتي معايا مستحيل كنت اطلقك...

ارتعدت بخوف وهي تنظر له وذكريات الماضي تتراقص أمام عيناها بمشاهد العنف والألم النفسي الذي طبعهم هذا الرجل الكريه على روحها وجسدها...هناك رجل تتذكر عين المرأة الدموع عند رؤيته...أما حباً أو كرهاً....فكان أشد مراحل الكره بعيناها فتراجعت للخلف...أشار حسام للسائق ليرحل الذي اتضح انهم على اتفاق مسبق بذلك...رحل السائق وتبقت معه بمفردها...

اندفعت الدموع من عيناها لا ارديا وقالت : عايز مني ايه تاني حرام عليك ، كفاية اللي عملته فيا ، سيبني في حالي

ابتسم حسام وهو يقترب اليها بنظرة متفرسة شهوانية:

- عشان اكون صريح معاكي أنا مراقبك من فترة وجيت وراكي هنا ، محدش هيحميكي مني هنا ، طول عمري بختار الوقت المناسب والمكان المناسب والشخص المناسب..

ابتعدت عنه بذعر حتى كادت أن تركض فقبض على معصمها قائلا بهمس :

_ ليلة واحدة معايا...عايزانا نتجوز موافق، مش عايزة جواز برضو موافق بس مش هتنازل عن اللي عايزه..

دفعته للي عنها بصراخ ثم بصقت عليه بإحتقار فتناثر شعرها حول وجهها بتمرد...أسرعت مبتعدة عنه بالطريق الخالي فأسرع خلفها حسام بمقت...

ركضت للي بطريق مليء بالمحلات المزينة وحاولت أن تجد أحد يساعدها ولكن أن وقفت عن الركض سيلحقها ذلك البغيض...

******

بالمقهى اللبناني...

جلس وجيه مع ثلاثة من الرجال وأمراتان حول طاولة خشبية ، حيث احاط المكان زهور نادرة وأثاث جميعه من الخشب مما يجعل الهدوء والشاعرية تملأ النفس...هذا المقهى تابع لأحد الرجال اللبنانيين الذي تعرف عليهم وجيه منذ سنوات فأصبح "جان" مالك المقهى صديق وفي لوجيه...أتى جان مبتسما وتحدث مع وجيه بترحيب شديد بينما دقت الموسيقى العربية فأشار جان لوجيه أن يقم للرقص مع أحد هاتان الإمراتين ، رمقه وجيه بغيظ فابتسم جان بمرح...نهض وجيه مرغما فقد وضعه صديقه بموضع محرج...وتوجه لحلبة الرقص مرغما وبيده إمرأة فرنسية فاتنة وهي وكيلة أعمال مالك الشركة الذي تعاقد معها للتو...

دلفت للي للمقهى فقد هرعت اليه عندما لمحت اسمه العربي..فأطمئنت بعض الشيء حتى لحقها حسام للمقهى فركضت بوسط الجموع ووجهها مليء بالدموع خوفا أن يلحقها...راقبته وهي مندسة بين الراقصين حولها ببطء حتى صدمت بوجيه الذي توجه مع ٱمرأة معه لحلبة الرقص...التفتت لحسام فوجدته يقترب اليها وقد راها...ابتعدت للخلف والخوف يجتاحها...لم تشعر الا بتلك اليد التي سرقتها بدفء الى عينان أشد دفء وكأن القدر أراد اللقاء بأشد الأوقات احتياجا للأمان...لمحها تبكي خوفا من احدهم فلم يتمالك نفسه فترك من معه وسرقها الى صدره...تفاجئت وهي تقف أمامه وبأمانه...صدقا قد هجرها الخوف..كيف وهو يقف أمامها كالسد المنيع عن أي شيء يربكها...رمقها حسام من بعيد بغضب فأبتعد بحذر عندما لمح وجه وجيه الزيان...فهو على علاقة به بسوق العمل ولا يريد تشويه صورته أمامه...رحل من المفهى متوعدا لها ...

انتقلت نظرات وجيه على عيناها الباكية فقال :

- يعرفك؟

اجهشت بالبكاء وقالت : طليقي...

ضيق وجيه عيناه بصدمة حتى نظرت له بتوسل أن لا يتركها...ظلت نظرته حادة فنظرت للأسفل وازداد بكائها حتى شعرت أنه يشركها برقصة بطيئة...

بدي أعرف شو مبكيكي ، مني زعلانة براضيكي..تزعل الدنيا وما تزعل حياتي أنــــا...

وضعت يدها على كتفيه ونظرت لعيناه التي تحولت من القسوة للرفق وظلت صامته للحظات ثم قالت :

- مكنتش بحبه ، اهلي غصبوني عليه ، كان بيضربني وعاملني أسوأ معاملة...اطلقت منه من عشر سنين وفجأة النهاردة لقيته قدامي وعايز مني....

صمتت بحرج فضيق وجيه عيناه بغضب ثم هتف: عايز منك ايه؟!

أطرفت عيناها بخجل ولم تعرف بماذا تجيب حتى اسودت عين وجيه من الغضب وقبض على معصمها وجذبها للخارج...

خرج من المقهى وهي بيده فتساءلت: رايح فين؟!

التفت لها قبل أن يدخل سيارته وقال: هتقعدي في الفندق اللي أنا فيه ، مش هسيبك لوحدك...

*********************
إلي هنا ينتهي الفصل السابع من رواية إمبراطورية الرجال بقلم رحاب إبراهيم
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة