-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية إمبراطورية الرجال بقلم رحاب إبراهيم - الفصل الثانى والخمسون

مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة وأجمل الروايات الممتعة والروايات الرومانسية مع رواية رومانسية جديدة للكاتبة المتألقة رحاب إبراهيم والتي سبق أن قدمنا لها العديد من الروايات والقصص الرائعة من قبل واليوم مع روايتها التى نالت مؤخرا شهرة كبيرة جدا على مواقع البحث نقدمها علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل الثانى والخمسون من رواية إمبراطورية الرجال بقلم رحاب إبراهيم

رواية إمبراطورية الرجال بقلم رحاب إبراهيم - الفصل الثانى والخمسون

إقرأ أيضا: حدوتة رومانسية

رواية إمبراطورية الرجال بقلم رحاب إبراهيم
رواية إمبراطورية الرجال بقلم رحاب إبراهيم

رواية إمبراطورية الرجال بقلم رحاب إبراهيم - الفصل الثانى والخمسون

 تسللت نظرة آسر إليهـا بشيء من العشق والكبرياء....لا زالت كلماتها تدور بأذنيه وبعقله...لا زال هذه الهواجس تُشكل حاجز كبير بينها وبينه....

تركهم بالمكتب وخرج بخطوات سريعة ليستجمع شتات فكره....التفتت سما بنظرة قلقة من انسحابه المحير هذا !

نظر الشباب لبعضهما البعض حتى انتبه وجيه لذلك ولكنه لم يريد أن يشكك سما بالأمر...قال بلطف :-

_ هترجعي شغلك مع آسر ، خالد يعتبر قدم استقالته ، بس شغلك هيبدأ من بعد الخطوبة عشان ترتاحي شوية بعد اللي حصل..

ما كان ينقصها هذا الخبر لتزيد حمرة خديها بحياء شديد....هذا كثير على قلبها...تُهديها الحياة الأماني دفعة واحدة وهذا شيء يُخيفها!!

العودة للعمل معه كانت أمنية مختبأة....للآن لم تصدق أنها ستكن زوجته بعد أيام معدودة...

تمنت أن يتركها الجميع لتنفرد مع فكرها ودقات قلبها المتسارعة ، وتترك لابتسامتها وخجلها العنان..

أهداها "وجيه" نظرة قريبة لنظرة الأبوة ثم خرج ومعه الشباب....

مالت سما برأسها مجددًا على ذراع الأريكة....لم تعطي لأنسحابه كثيرًا من الشك بل دعمت فرحتها بابتسامة حالمة للعمر الآت معـه...لكل شيء تمنت أن يشاركها به...

ابتسمت...ورسمت بالقلب أيام تنتظرهما..

**********

دخل مكتبه بنظرات مرتبكة...حائرة...شيء يدفعه للهجر والف شيء يقربه اليها....ما أصعب الأختيار عندما يكون بالأمر عشق !

دلف يوسف للمكتب ، أتى لآسر خصيصاً.....وقف أمام مكتبه قائلًا بشيء من الضيق :- أنا مش عارف ليه أنت مش عايز تفرح ؟!

تطلع به آسر وهو يجلس على مكتبه بتنهيدة ثقيلة وأجاب بعتاب:-

_ في حد مش عايز يفرح ؟!

أكد يوسف :- أنت....لو أي حد مكانك كان زمان الفرحة مش سيعاه !! يا آسر أنت مش بتشوف نفسك وأنت بتتعامل معاها !

آسر بضيق :- صدمتني يا يوسف لما وافقت على خالد !! لحد دلوقتي مش عارف انسهالها ، ولا هسامح نفسي أن دموعي نزلت بسببها !! شيء صعب عليا أوي..

يوسف بحدة :- أنت اللي خليتها تعمل كده ،ومتنساش أنك خطبت شاهي وسيبتها !!

آسر بعصبية :- الفترة اللي رجعت واشتغلت معايا لمحتلها أني محبتش شاهي ، وقرار الخطوبة كان لظروف خاصة...انا روحتلها يا يوسف واعترفتلها أني بحبها وهخطبها...على الأقل لو كان لسه جواها زعل مني كانت سألتني واتكلمنا...عاتبتني...حتى لو بعدت كنت هحترم قرارها...لكن ما قالتش حاجة ، أي حاجة !! ومجرد ما خالد اتقدملها وافقت !!

دي كانت عايزاني أمضي على عقد جوازها كمان !!

للأسف يا يوسف في حاجات بتتكسر جوانا حتى الحب مابيعرفش يرجعها...

زفر يوسف بضيق وقال :- صارحها يا آسر...قولها السبب اللي خلاك تبقى كده...

انتفض آسر من مقعده بنظرة شرسة وقال :- أنت بتقول ايه ؟! أقول أن أمي كانت....

ظهر العذاب بعين آسر بعد هذه الجملة....

الأم دائمـًا أكثر ما يؤثر بحياة الطفل...تعطيه ما تشعر به...فإذا كانت فاقدة لكل شيء أفقدت طفلها النشأة السوية...

تحدث يوسف بنظرة حنونة :- هي هتكون مراتك ، يعني سرك وأقرب ليك مننا كلنا ، اتكلم وفهمها وأنا متأكد أنها هتفهمك وهتقدر...

نمت نظرة آسر عن آلالام مختبأة...تتخفى وراء الجمود والقسوة...تحدث :- في حاجات ماتنفعش تتقال ، خصوصا لما تكون تمسنا بالشكل ده ، قرار عمي بالخطوبة مكنش ينفع دلوقتي...بعد ما الثقة اتكسرت مابينا ، مش هنكر أن في حاجة جوايا فرحانة بالقرار ده....بس في حاجة تانية رافضاه!! أنا تايه يا يوسف ومن كتر ما كتمت جوايا كلام كتير من صغري مابقتش حمل أي وجع حتى لو في كلمة!!

يوسف بحيرة :- طب هتعمل ايه ؟! مش معقول هتفضل كده !!

صمت آسر لدقيقة ثم قال :-

_ هسيبها للظروف...انا ما اعترضتش على الخطوبة...حتى ما قولتلهاش أن القرار ده قرار عمي...عشان ماتزعلش

ربت يوسف على كتف آسر قائلًا :- كل شيء هيتصلح بأذن الله...

************

**بمكتب جاسر**

دلف جاسر لمكتبه فوجد جميلة منكبة على بعض الأوراق لتدرسها وتفحصها.....نظرتها واضحة أنها لاتنظر لما أمامها ولكنها شاردة بعالما آخر...يعرف سبب حيرتها وهذا الحزن بعينيها.....

أقترب ببطء حتى سحب مقعد وجلس امام مكتبها....كانت تتجنب رؤيته ، والنظر اليه ، الاهتمام لوجوده أشد ما اخفته...حتى قال وبعينيه نظرة اعتذار:-

_ نفسي تنسي اللي فات

استمرت في النظر للأوراق ولم تجيبه بل كانت اجابتها اللامبلاة....قال بحدة :- جميلــة !! احنا محتاجين نتكلم

رفعت رأسها بنظرة منفعلة ودفعت الأوراق على مكتبها بعصبية وقالت :-

_ نتكلم في ايه ؟ أنت عملت اللي أنت عايزه ؟ خطبتني بالغصب وخلتني أخاف من كلام الناس....كنت همشي بكرامتي وبهدوء ،ومن غير ما اجرحك لكن وصلتني لنفس البداية معاك ، هتجوزك غصب عني عشان كلام الناس وكرامة الراجل اللي رباني وجمايله مغرقاني....ماتفتكرش أن الموافقة كانت برضايا !!

جاسر بضيق وعصبية :- يعني أنتِ عايزة تفهميني أنك رافضة تتجوزيني؟! وأن فترة الخطوبة اللي فاتت كانت غصب عنك ؟!

ادمعت عينيها رغما وقالت :- ادتيلك فرص كتير ، بس واضح أنك لسه مش عارف تبقى انسان ينفع اثق فيه ، بص ياجاسر أنا مش هنكر وأقول أني كنت موافقة على الجواز وبرضايا...كنت مبسوطة وأنت بتقوى عشاني بس موضوع الفيديو لغبط كل حساباتي...أنت ضعفت وأنا معاك !!

هتف جاسر بعصبية :- اثبتلك أزاي أني ما ضعفتش ؟!

جميلة بدموع :- أنت بنفسك اعترفت أنك غلطت مرة قبل موضوع الفيديو ، مش عارفة أنسى كلامك !! أنا مش قوية كفاية عشان استحمل الخيانة وأصبر عليها ! ولا في حب ممكن يخليني اسامحك لو خونتني !

شوية الثقة اللي اتبنوا جوايا الفترة اللي فاتت وقعوا وكل شيء راح....حتى لما وافقت مكنش قلبي اللي قال آه...كل الظروف اللي حواليـا مخلتنيش أقدر أقول لأ...

نهض جاسر من مقعدها بتنهيدة عميقة....واقترب اليها بضع خطوات حتى استند بيده على حافة مكتبها الخشبي وقال بصوت ظهرت به نبرة حنونة :-

_ الظروف اللي خليتك توافقي دي دعواتي أنك ما تسبنيش...أنتِ بالنسبالي قارب النجاة لحياة نفسي اعيشها...متمسك بيكِ عشان أعيش ولو عايز أفضل غرقان كنت سيبتك !!

ثقتك فيا هرجعها واكتر من الأول ومع الوقت ، والمرادي أنا اللي هصبر عليكي لحد ما ترجعيلي تاني...اعتبري ده اتفاق ما بينا..خدي وقتك

نظرت له بنظرة سريعة ثم انسحبت نظرتها لجهة أخرى....مع اخلص أمانيها أن يكن صادقا.....

**********

مر اليومان.....وأتت الخطوبة بفترة المساء....

بغرفة حميدة حيث تجمع الفتيات مع للي وقد اتمت للي زينتهنّ.....ثم اقتربت لسما التي التمعت عينيها بسعادة غامرة ولكن يبدو وكأنها تخاف أن تظهرها فالتزمت الصمت على غير عادتها.....قالت لها للي :-

_ أجمل مرة شوفتك فيها يا سمكة....أنتِ فرحانة وباين عليكي...

ابتسمت سما بحياء ثم قالت :-

_ فرحانة أوي....بس بقيت بخاف اتعشم زيادة في الفرحة...اصل أنا يا أفرح أوي يا ازعل أوي....

تطلعت بها للي بمحبة وقالت برقة :- لأ أفرحي عشان هو بيحبك بجد

اتسعت ابتسامة سما بسعادة حتى دلف سقراط للغرفة ونظر لهنّ بمرح قائلا :- يلا يا ولية أنتِ وهي عشان نخلص

ارتفع ضحكات الفتيات ثم أخذ سقراط رضوى وسما وخرج معهم حيث الحفل بصالة المنزل البسيط....

************


همس جاسر لرعد قائلا بضحكة مكتومة:-

_ فاكر اول يوم اشتغلوا معانا ونزلنا تريقة عليهم ؟! احنا اتغفلنا ياصاحبي !!

اجاب رعد وعينيه مثبته بأتجاه الغرفة التي اعتاد الفتايات الخروج منها بأنتظار أميرته وقال :- احلى تغفيلة...من تاني نظرة لرضوى عرفت أنها هتكون ليا...

جاسر بتعجب :- مش من أول نظرة يعني ؟!

هز رعد رأسه بالرفض وأجاب :- أول نظرة لينا كشباب بتكون على الشكل ، وانا مخترتهاش عشان الأحلى ، أنا اخترت الروح الحلوة اللي تسعدني ، واللي تستحملني ، واللي ما اهونش عليها وتحبني حتى لو جيبي فاضي ، ماهو الغنى غنى النفس مش الفلوس...والفلوس مش مضمون وجودها للأبد....

جاسر بابتسامة متسلية :- يا شكسبير عليتنا ومصور نبضات القلب ياروحي....ايه يابني ده !! بس تعرف أنا حبيت جميلة من النظرة الكام

رعد بفضول :- الكام ؟

جاسر بضحكة :- الخامسة..


بزاوية أخرى.....

تطلع يوسف بنظرات آسر الملتهفة بشوف عنيف لرؤيتها....منذ يومين وهي غائبة عن نظره بقرار عمه....يومان كعامين في بعادها...قال يوسف بتعجب :- هتموت وتشوفها وادي دقني أنك لما تشوفها هتبقى دبش

آسر بحدة :- مش وقتك يا يوسف !!

يوسف بغيظ :- بعتني قبل ما تشوفها ؟؟ اومال لما تتجوزها هتتبرا مننا؟!

نظر له آسر بعصبية بينما انخرط يوسف بضحكة لم يستطع كتمانها...


خرج سقراط وبيده الفتيات حتى تعالت الزراغيد من حولهم....تطلع آسر بحبيبته بشوق ولهفة واضحة ،ونظرات عشق لم تعلن ثورتها إلى الآن....جلست سما بجانبه على مقعد ، الحياء والابتسامة الخجولة يغمر وجهها ، بينما نبضات قلبها تتسارع بعنف منذ أن وقعت النظرات بينهما في شوق عنيف.....


جلست رضوى بابتسامة جميلة للحاضرين بينما تطلع بها رعد بنظرة ماكرة ويبدو أنه يضع خطط مستقبلية لإيقاعها في شباك قلبه....ستغرم به رغما عنها...ستعشقه حد الجنون.....هكذا توعد...فلم يكن من العدل أن يحبها بهذا القدر وحده...

بدأ الحفل تحت نظرات الجميع المبتسمة والسعيدة والضحكات العالية حتى وضع كلا من رعد وآسر خاتم الخطوبة بأصابع الفتاتان....


شعرت كلًا منهما أن هذا أكبر من خاتم يوضع بالأصبع...هذا وعد بالبقاء...وعد بأن يأتي غدا وهما معاً....وعد ألا يفترقا....


شبكت للي أصابعها بيد زوجها ، ثم مالت رأسها على كتفه بابتسامة واسعة...فهمس لها بشيء جعلها تحمر خجلًا ورفعت نظرتها اليه بمرح...

مر وقت الحفل حتى استأذن وجيه من الجميع وترك الشباب بمنزل والد حميدة لبعض الوقت....


************


وقفت سما مع آسر بشرفة الجلوس بالمنزل....بينما جلس رعد مع رضوى بداخل الغرفة على أحد المقاعد المبتعدة عن بعضها.....

وبالشرفة....

تسارعت نبضات قلبها....التمعت بعينيها المحبة الخالصة الذي تنتظر الوقت المناسب لتعترف بها....تنظر للطريق تحت ضوء القمر وجسدها يرتجف من الخجل....

وقف آسر على بُعد خطوات منها ، هذه الفتاة وكأنها خلقت له !! حتى خوفها ونظراتها الخجولة تأسره !! تروق له ....شعر ببسمة مرت على شفتيه من فرط ارتباكها الواضح....

انتظرته يقول شيء...ليس من اللائق أن تتحدث أولًا أو ربما شعرت بذلك..فقال بصوت ثابت محاولا ايجاد أي شيء للحديث به :-

_ اليوم النهاردة حلو

اربكها صوته أكثر فهزت رأسها بموافقة وهي تكاد تكون لم تنتبه لما قاله....رمقها بتسلية من رجفتها الواضحة فتابع عن قصد :-

_ فستانك حلو أوي...عجبني

هذا المدح لم يغفل له القلب بل افترش له الوعي وتربع....نظرت للأسفل بابتسامة وهي تفرك يديها ببعضهما في توتر حاد...قال بتعجب :-

_ مش بتردي ليه ؟!

خرج صوتها بصعوبة وقالت بتلعثم :- هقول ايه ؟!

وقف أمامها بهالة مسيطرة وقال بثقة :- مبسوطة ؟

رغم بساطة السؤال الا أنه جعلها ترتجف اكثر...يبدو أنه يتلذذ بأرباكها !! هزت رأسها بالايجاب وببسمة خجولة...اكتفت بذلك...إن كان يقصد ارباكها بمكر فستضع اجابتها غير مكتملة....اجابة دون إجابة...تنتظر الافصاح

شعر ببعض الغيظ فقال :-

_ هتيجي الشركة بكرة عشان نكمل شغلنا..

رفعت نظرتها اليه بضيق....اهذا وقت للحديث عن العمل ؟! تبدلت ملامحها للضيق بينما ابتسم بعدما نال مقصده واستفزها....لاحظت ذلك فزاد غيظها حتى تحركت لتعود للداخل ولكنه وضع يده على مدخل الشرفة مغلقا الطريق بيده قائلا بابتسامة ماكرة وهمس:-

_ نسيت أقولك أني تقريبًا ما شوفتش حد غيرك من وقت ما وقفتي قدامي....دبلتي نورت ايدك ، مبروك رجوعنا لبعض يا سمكة...سمكتي

بدت وكأن فراشات قلبها تحلق عاليـًا حتى حدود السماء....وانتفض القلب بغمرة جنون وهي تلتفت له ببطء ونظرتها في حالة ذهول من هذا التحول....اشتد مكر عينيه من ارتباكها حتى أفسح الطريق..نظرت له بابتسامة اتسعت بالتدؤيج ودمعة التمعت بعينيها بغير مناسبة....

لم تعرف لما ركضت للداخل وابتعدت عنه لأبعد مسافة حتى غرفة أخرى تختبأ فيها بهذا الكم الهائل من العشق....


راقبت رضوى سما بنظرة ضاحكة حتى نهض رعد وقال :- تعالي نقف في البلكونة....

نظرت رضوى لآسر الذي لم تغادر الابتسامة شفتيه وخرج من الشرفة فنهضت هي ووافقت رعد.....

خرج آسر من المنزل كاملا وهو يعرف أن هذا يبدو كافيا لليوم....لا قلبه ولا قلبها يتحمل المزيد....


بالشرفة.......

تطلع رعد بوجه رضوى البيضاوي الشكل ببشرة حنطية....عينان سوداء كحبات الزيتون الأسود وطابع الحسن يزين أسفل شفتيها بفتنة !!

هناك سحر عند السمراء لا يضاهيه سحر....فتنة عنيفة لا يدركها الا رجلا ماكر....قال بنبرة تقرب للهمس :- بعشق الليل وقمره....

توترت عينيها وشعرت أنها ممزوجة بهذا الحديث....وأن الأمر يخصها....وشيء من البهاء لأنه جذبه سمارها...قالت بمكر :-

_ دايمـًا الليل أحلى....هدوء ، غموض ، دفا وبرد !! كل شيء وعكسه

أجابها وقد فهم مقصدها :-

_ عشان كده بحبه....فيه السحر كله...

ابتسمت برضا وقالت :- كنت بتحب الكاميرا اكتر من أي شيء

ضحك ضحكةٍ بسيطة وأجاب :- العاصفة لما بتيجي بتغطي على كل موجة شغلت البحر عن الشط......على فكرة أحنا هنسافر تاني يوم من الفرح ، هنكون في المطار الفجر...

انكمشت تعابير رضوى وأصبحت قلقة....قالت بتلعثم :- عمري ما ركبت طيارة....خايفة أوي

هز رعد رأسه بالنفي وقال بابتسامة خبيثة :- الخوف ده لما تكوني لوحدك ، مش وأنتِ ايدك في ايدي!!

هربت نظرتها لجهة أخرى وحاولت تغيير دفة الحديث فقالت :-

_ شوقتني لسنتوريني ، بقيت مستنية الايام تعدي عشان أشوفها !!

لم تلاحظ ما قالته الا عندما انتهت ، ارتبكت فابتسم بتسلية وقال بخبث :-

_ وأنا بعد الأيام عشان نسافر....

************


باليوم التاليــ.....

صبيحة اليوم استيقظت بالكاد....ظلت حتى بعد صلاة الفجر ولم تغفل بالليل إلا لماماً....تنهدت سما تنهيدة عميقة وهي تتثاءب وتشاجرت ابتسامة مع عينيها الكسولة.....اسرعت من فراشها إلى الحمام لتأخذ حماما سريعا قبل أن تستعد للخروج.....

استيقظ الفتيات واحدة تلو الأخرى......


بشركة الزيان.....

أتى الشباب للشركة مع عمهم "وجيه " بالصباح الباكر....توجه كلا منهما لمكتبه الخاص...

بعد مرور الوقت أتى الفتيات للعمل بعدما ظلوا طيلة الطريق يتحدثن ويتشاركن الضحكات على سما التي أصبحت تشرد كثيرا بابتسامة حالمة...

***********

**بمكتب آسر**

دلفت وهي تجر قدميها جرًا للمكتب...كانت تريد التأكد من هيئتها قبل أن تراه ولكن لم تتاح الفرصة لذلك سوى بمرآة المصعد....

جلست على مكتبها بالخارج وبدأت تلتقط أنفاسها حتى تهدأ قبل أن تراه ولا يظهر توترها كالأمس...

فتح باب مكتبه وظهر بطوله الفارع وجسده الرياضي وهو مثبت نظرته عليها لبعض الثوانِ.....اطرفت عينيها بتوتر قبل أن تلتفت له قائلة بتلعثم :- صباح الخير

تحرك وجهتها ببطء متعمد حتى وقف أمام مكتبه قائلا بابتسامة :-

_ صباح النور....

لم يقل شيء أكثر من ذلك ولكن عيناه الماكرة قالت كل شيء....بحثت بتوتر عن شيء لا تعرف ماهو بالتحديد أمامها فتساءل :-

_ بتدوري على ايه ؟!

تلعثمت في الأجابة:- ال....ال

اتسعت ابتسامته بتسلية وقال مشيرا لها على المكتب :-

_ تقصدي الأجندة بتاعت مراجعة التصميمات ؟

نظرت بحرج بعيدا عنه وصمتت....أضاف بابتسامة :-

_ على فكرة هي قدامك...نفس الأجندة...ما اتغيرتش !

نظرت سما على المكتب لتتسع عينيها وهي ترى الأجندة أمامها مباشرة!! يا للغباء !!

رفعت نظرتها له ببطء وتوتر حتى وجدته يبتسم بمرح مستمتعا بإحراجها....قالت بغيظ :- أنت مبسوط كده ليه ؟!

التمعت عينيه بخبث فأجاب :-

_ في حد يشوف القمر بالنهار وما ينبسطش ؟! على فكرة أنا حجزت شهر العسل في اوتيل ، هنقضي فيه أسبوع بعد كده هنسافر أي مكان تحبي تروحيه...

توقفت عند جملته الأولى....تسمرت في مقعدها وتخشب جسدها ، حتى رفات عينيها بدت بلا حركة....ردات فعلها تجعله يضحك رغما ، أراد أن يسرق من الألم السعادة ، لابد أن يترك الماض بأكمله....

أتى عامل الكافيتريا بكوبين من العصير الطازج...وضعهم على المكتب ولا زالت سما تنظر لآسر بصدمة.....

ذهب عامل الكافتريا بينما وضع آسر أحد الأكواب أمامها وكتم ضحكته من تسمرها هكذا....قال :- أشربي العصير ده

دلف لمكتبه تحت نظراتها المصدومة حتى تمتمت بذهول :- أنا قمر !! آسر بيقول أنا قمر !! قلبي هيوقف..

*********

**بمكتب يوسف**

جلست حميدة بنظرات جدية أمام مكتب يوسف وقالت :-

_ في عملا هنقابلهم النهاردة والمواعيد....

قاطعها في غيظ :- سيبك من الشغل دلوقتي....أنا مش راضي اضغط عليكي بالسؤال لكن بصراحة عايز أعرف قريتي اللي في الأجندة ولا لأ

اخفت حميدة ابتسامتها ثم نظرت له بثبات وأجابت :-

_ كنت مشغولة وقريتي حاجات منها

رمقها يوسف بصمت وغموض ثم قال :- أنتِ قرتيها كلها على فكرة يا لئيمة !!

ابتسم رغما واعترفت :- بصراحة آه...بس أنت عارف أني مش عايزة اتكلم في المواضيع دي دلوقتي...خصوصا أن خلاص الفرح فاضله أيام

تبدل ضيقه وغيظه الى ابتسامة وقال :-

_ كل ما افتكر أفرح والله ومزاجي يروق....ماشي هصبر بس والله خايف عند الفرح تعملي نفسك عبيطة وماتقوليش بحبك برضو

نظرت حميدة لما بيدها من أوراق وأجابت بابتسامة رقيقة :-

_ ما تخافش...كلها أيام يا يوسف

***********


الأيام....مرت بابتسامات...على قلب أحدهم

وحيرة وتردد لأحدا آخر....حتى أتى يوم كتب الكتاب قبل الزفاف بيوم فقط....وبعد صلاة الظهر بيوم الجمعة بدأ عقد القران بالمسجد المجاور لمنزل الاسطى سمعه....

بغرفة حميدة.....

جلس الأربع فتيات في صمت....كل واحدة شاردة بسعادتها ، ينظرن لبعضهن بضحكات متشاركة وراقبتهن "للي" بمحبة وسعادة ثم قالت :-

_ الف مبروك يا بنـــات كلها دقايق ويتكتب كتابكوا ، بس ليه والدك يا حميدة رفض تقعدوا معاهم بعد كتب الكتاب ؟!

أجابت حميدة بابتسامة :- في الخطوبة كان بيسيبنا وواثق فينا ، بس بعد كتب الكتاب مش واثق في واحد من الشباب ، وكده كده الفرح بكرة

للي بضحكة :- والله صح...حتى توحشوهم اكتر

سما بابتسامة شاردة :- ما هما اصلا وحشينا

ضحكت للي ضحكة عالية ثم لاحظت أن جميلة يتخلل ضحكتها بعض الحزن ، لم تشأ التحدث بشيء وتعكر تلك المناسبة السعيدة...

انتهت مراسم عقد القران للفتيات والشباب مع مباركات الأهل والجيران......

وزع سقراط المشروبات على الجميع بينما حاول تفادي الصدام مع وجيه بأقصى جهد....

تجمع الجمع حول مائدة الطعام بعد ذلك......

جلست الفتيات بجهة مقابلة للشباب وكل فتاة تهرب بنظراتها خجلا من زوجها.....

تطلع جاسر بوجه جميلة بمكر وهو يلوك الطعام بفمه....واغتاظ من والد حميدة ولولاه لكان جالسا معها بمفرده الآن ويحق له....

لم تحيد نظرة يوسف عن حميدة بنظرة حنونة مبتسمة طيلة فترة الطعام وكأنه غفل عن عشقه للطعام.....

اشتعلت نظرة آسر بحنين وشوق قاتل لعناقها ولكن لابد أن ينتظر للغد....وهربت سما بنظرتها ارتباكاً

اطلق رعد غمزة ماكرة لرضوى التي رمقته بتعجب فاتسعت ابتسامته متمتما:- صبرني يارب

**********

باليوم التالي...يوم الزفاف

بغرفة العرائس الخاصة بالفندق لتحضير العروس قبل الذهاب لقاعة الاحتفالات....تجمع الفتيات وعلى رأسهن "للي" التي جهزت الأمر منذ أيام حتى انتهت تماماً من وضع اللمسات الأخيرة وطلتهن التي بدت كالأميرات بحجاب رأسهن الأبيض المطرز بحرفية واناقة... ووقفت أمامهنّ في ابتسامة سعيدة وراضية :-

_ كده تمـــام أوي...مكياجكوا خلص وكله تمام ، رضوى وجميلة هيطلعوا الأول وبعدين حميدة وسمكة

نظر الفتيات لأنفسهن بالمرآة لتتسع ابتسامتهن برضا.....

دلفت للغرفة الجدة حميدة....نظرت للفتيات بدموع حتى اقترب اليها الفتيات الأربعة وضمت كل واحدة على حدى.....

قالت وهي تمسح دموعها التي غلبتها :-

_ بنتي بهية الله يرحمها كان نفسها تشوف اليوم ده بالذات ليكوا ، ووداد مرات أبني الف رحمة ونور تنزل عليها...

ادمعت عين الفتيات فما أقرب من الأم بهذا اليوم....دلف الأسطى سمعة للغرفة وتمالك دموعه بالكاد وهو يبارك لهنّ....قال بتحذير يتخلله محبة :-

_ اللي جوزها هيشتكيلي منها في يوم ماتزعلش من اللي هعمله ، ارفعوا راسي

هزت حميدة رأسها قائلة بابتسامة :- ما تقلقش علينا ، ده احنا تربية الاسطى سمعه...الراجل الجدع الطيب

قال سمعه وانسابت دمعة من عينيه رغما عنه :- هتوحشوني ، اربع بنات مرة واحدة يعني بياخدوا روحي مني....ماتنسوش ابوكم

ارتمت حميدة بدموع على صدر أبيها حتى ابعدها بضحكة شاركت دموعه وقال :- في عروسة تعيط يوم فرحها ؟!

مرر يديه بحنان على رأس الفتيات الثلاث ورافقت دموعه دعوات لسعادتهنّ...

فتح سقراط باب الغرفة بابتسامة واسعة وبذلته السوداء الانيقة وقال :-

_ اخيرا هخلص منكم يا عرر وهاخد السطح لوحدي

رمقته حميدة بسخرية حتى ركض اليها باكيا وفهمت أنه كان يجاهد حتى لا يبكِ طيلة الأيام الماضية....ربتت على كتفه قائلة بابتسامة :-

_ مش كنا عرر !!

قال سقراط وهو يمسح عينيه :- لأ انا فرحان أنكم هتغورو في داهية ، مش مصدق نفسي والله

تجمع الفتيات حوله بضربات على كتفيه وضحكات تشاركن فيها...

مسحت للي عينيها وقالت :- هروح بقى اجهز أنا كمان ، مهمتي انتهت

ذهبت من الغرفة لغرفة أخرى تم حجزها خصيصا لتستعد فيها عقب الانتهاء.....

بعد قليل كان جاسر ورعد يقفون يدلفون للغرفة.....

وقف جاسر بنظرة تلتمع عشق ومكر أمامها....كان يرتدي حلة سوداء فائقة الاناقة ، يبدو بها وكأنه عارض للأزياء بعرض عالمي..

توترت جميلة وسرت رعشة طافت بكامل جسدها....لا زالت لم تثق به ...ولكنها تحبه....تحبه بقوة لم يتخيلها...اقترب إليها وقبل رأسها بقبلة طويلة أمام الجميع جعلت جسدها بكامله ينتفض خجلا....

وضع يديها بيده وتقدم للأمام بابتسامة راضية تماما عن الآت ، طالما ستكن معه سيكن راضيا عن كل شيء....


نظرت رضوى بخجل شديد بعين رعد....حاولت أن تستشف مدى اعجابه بطلتها....ولكن عيناه الزرقاء الماكرة لم تفصح بهذه السهولة عن أي شيء... ولم تغفل عن وسامته الآخاذة التي سحرته لأول وهلة....رفع رعد أناملها بنظرة حنونة لشفتيه....وبقبلة رقيقة على أناملها قال:-

_ الف مبروك يا حبيبتي

تسارعت دقات قلبها ريثما أنه يقول ذلك أمام الجميع وتحت نظراتهم....

حتى فعل ما فعله جاسر وأخذها بيده للخارج....


نظرت سما لهما وانتظرت بشوق ظهور آسر.....قال الاسطى سمعة لوالدته :- تعالي معايا ياما عشان نستناهم في القاعة...يلا يا سقراط

خرج سقراط ومعه والدته وجدته بينما طل آسر الذي كان آسرا بحق....ويوسف الذي لم يقل عنه سحرا وأناقة....

توجه يوسف لحميدة مباشرة...وقف أمامها بابتسامة كانت الأسعد على الأطلاق....وقال :- هيبقى وهيكون أجمل يوم بعمري

ابتسمت حميدة بسعادة وهي تنظر لحلمها الذي أصبح حقيقة.....هو لا غيره...كان حلمها فقط أن يبتسم ، أو ربما تطمع وتنتظر كلمة منه....فكيف وهو يقف أمامها....حبيب وزوج !! كل الأماني تجمعت بعينيه الصادقة ....ضمها ضمة سريعة....يعرف أنها ستخجل أمام من بالغرفة.....كان رحيم حتى على حيائها...

اقترب آسر لسمائه....لعشقه وجنونه....لحبه الذي رغما عن كبربائه انتصر واقترب اليها بابتسامته الساحرة وكاد أن يتحدث حتى هتف "خالد من خلفه قائلا بحقد ونظرة شيطانية:-

_ عملت اللي أنت عايزه....

نظر اليه الجميع بصدمة فتابع خالد :- عارف أنا اتقدمتلها ليه ؟ لأنها استخدمتني عشان توصل لهدفها...خسىرتك يبقى كسبتني ، كسبتك يبقى لعبتها صح....

ضيق آسر عينيه بذهول ....اتسعت عين سما بصدمةثم قالت :-

_ أنت بتقول ايه يا مجنون أنت ؟!

أشار خالد بنظرة شيطانية شرسة لها وقال :-

_ مش ده اللي فضلتي تتكلمي عنه وتشتميه عشان معاملته ليكِ ؟! مش كنتِ حالفة لتخليه يركع قدامك !! وأنا ؟ ضحكتي عليا وفهمتيني أنك معجبة بيا !! أنا عمري ما كنت هتقدملك وأنا عندي شك واحد في المية أنك هترفضي....بس كنت غبي ولعبة سهلة في ايدك

هتفت حميدة باحتقار :- أنت كداب وكل اللي بتقوله افترا وكدب


هز خالد رأسه بتأكيد :- لا مش كداب ، ومكدبتش على حد فيكوا حتى الفيديو بتاع جاسر حقيقي وهو معترف بيه ، مكنتش هأذيه لكن لما لقيتها هترفض عشان حست انها ممكن تكسب آسر تاني بعد ما رجعت للشركة هددتها....سما استخدمتني ومكنش عندها مانع تستغلني عشان توصل لهدفها...هدفها اللي هو اكيد مش الحب

نظرت سما لآسر الذي تسمر مكانه بصدمة جعلتها يصمت تماما....هتفت به :-

_ ما تصدقهوش يا آسر ده كداب..

صاح خالد بعنف :- وكل اللي حكيتهولي عنه ؟ وكرهك ليه ؟ حتى يوم ما اغمى عليكي في فرح سمر وجاب والدتها عشان تفوقك !!

ضيق آسر عينيه بصدمة أخرى ، كيف عرف خالد بهذا الأمر !!

فغرت سما فاها من الصدمة ،نظرت حميدة لسما بذهول حتى اقترب يوسف لخالد يدفعه للخارج بصياح :-

_ محدش هيصدقك لأنك عمرك ما كنت صادق مع أي حد

تصنع خالد الألم وقال :- وأنا لو باقي عليها مكنتش هخلي الفرح يكمل لكن جيت عشان آسر ، صحيح اتخانقنا لكن هنفضل دم واحد واللي يأذيه يأذيني...وهي اذيتنا احنا الاتنين....اترددت كتير اجيله ومكنتش أعرف معاد الفرح وللأسف عرفت متأخر...

دفعه يوسف بقوة للخارج ثم عاد لآسر الذي كان يقف كلوح الثلج لا يتحرك....يبدو أن هناك بؤرة تكونت من جديد للحيرة....

قال يوسف برجاء :- ده كداب يا آسر ما تصدقهوش !!


نظر آسر لسما الذي بدأت تبكِ بقوة وقال بهدوء ما قبل العاصفة :-

_ كل ما افتكر نظرة عنيكي وأنت بتقولي موافقة لما اتقدملك أحس أني هبقى غبي لو كدبته...مكنش لازم اسمع كلام عمي وأوافق على الجوازة دي ، للأسف اتحطيط قدام الأمر الواقع

اتسعت عين سما بصدمة وتلعثمت في القول :- تسمع كلام عمك !! يعني ايه ؟!

نظر يوسف له بعصبية وهتف :- كفاية يا آسر بقى

أجاب آسر بعنف وبنظرة انتقامية :-

_ يعني عمي اللي طلب ايدك ليا من قبل موافقتي ومن غير إرادتي...كنت حاسس أنك كدابة...كنت شاكك

صعقت سما مما سمعته وكادت أن تسقط حتى اسندتها حميدة سريعا....خرج آسر من الغرفة بنظرات نارية من الغضب.....

زفر يوسف بعصبية وهتف فجأة :- مش هصبر اكتر من كده ولازم أقول الحقيقة...آسر بيضيع نفسه بنفسه ومش حاسس.

نظرت له سما ببكاء حتى قال بضيق :-

_ آسر نفسيته تعبانة يا سما...تقدري تقولي مريض نفسي ، والسبب...


**********

كاد آسر أن يصعد يلغي الغرفة المحجوزة له مسبقا بالفندق حتى تفاجئ بعمه الذي كان ينوي الصعود لزوجته بالطابق الثاني للفندق....تطلع وجيه بآسر بتعجب وقال :- المفروض تكون في القاعة دلوقتي مع عروستك !!

ظل آسر صامتا للحظات حتى قال وجيه بشيء من العصبية :- في ايه يا آسر ؟!

أتى يوسف من خلفه وقال بغضب :- هقولك أنا يا عمي

تطلع وجيه بهما بريبة حتى تحدث يوسف وروى ما حدث بالتفصيل ، نظر وجيه لآسر بعصبية وقال :- وأنت بقى كنت هتسيب الفرح وتمشي ؟!

اجاب آسر بعصبية :- مش هقدر اكمل

ضيق وجيه نظرته بعنف على آسر وقال :-

_ لو ماجيتش معايا دلوقتي وكسرت كلامي اعتبر أن مالكش عم وأنت عارف يا آسر أني اد كلامي ، أنت فاهم يعني ايه تسيب الفرح وتمشي ولا غبائك عاميك !! لا يمكن اسمحلك تعمل كده وتأذي سمعة بنت بريئة من ظنونك !!

تطلع به آسر بغضب فهتف وجيه مجددا :- ايوة بريئة لأن خالد كداب ، وطول عمره كداب ، أنت اللي مابتعرفش تثق في حد وهضيع عمرك كله وأنت تايه كده.....قدامي

تحدث يوسف قائلا :- انا سايبها منهارة من العياط والله صعبت عليا

وجيه بصرامة :- قدامي يا آسر...والا قسما بالله لتشوف مني وش عمرك ما شوفته....

*********


ظلت دموعها تنزف بصمت....انحدر حزنها على نفسها بعدما اكتشفت ما خلف تصرفاته...وغضبه الدائم...وعدم ثقته بالآخرين...ربتت حميدة على كتفها وقالت :- ما تقوليش ليه أنك عرفتي حاجة زي ما يوسف حذرك ...هتتعبي معاه شوية بس....

سما بدموع والم :- حتى لو ظلمني يا حميدة بس قلبي وجعني عليه....دلوقتي فهمت كل تصرفاته كان سببها ايه...حتى لما صدق خالد ، هو شاف امه فيا ما شافنيش أنا !!

حميدة بشفقة :- والله يا سمكة أنتِ طيبة أوي حتى وهو ظلمك ادتيله عذر وهو برضو معذور شوية....

مسحت سما عينيها ولاحظت بالمرآة أن زينة وجهها لم تتأثر كثيرا حتى أتى وجيه وبيده آسر يدفعه للداخل.....

وقف وجيه بمنتصف الغرفة بهيمنة وقال بأمر :- خد عروستك للفرح ، ما اسمعش أي اعتراض منك لأنه مش مقبول

تطلعت سما بنظرة وكأنها ضمة....هرب منها ووقف متبلدًا....اقتربت منه هي...لابد أن تأخذ هي تلك الخطوة...وتمسكت بيده بنظرة صادقة ومحبة بعينيها جعلته في ارتباك وحيرة من أمر قلبه....

مضى الخطوات وهي تتمسك بيده بإتجاه الحفل....

تنفس يوسف الصعداء حتى أشار وجيه له ليفعل مثل آسر.....اقترب يوسف من حميدة بابتسامة عادت لشفتيه وقال ليجعلها تبتسم :-

_ ما تقلقيش....كله هيبقى تمام وهيتصالحوا أنا متأكد..

ابتسمت حميدة له وحقأ اطمأنت.....

***********


بقاعة العرس.....

تجمع العرائس على الجهتين وكلا أثنين على حدى حتى بدأت أصوات الموسيقى تعلو.....أتى حشد كبير من أصدقاء جاسر ورعد وجذبوا جاسر من مقعده ثم يوسف ورعد ولكن آسر رفض بشدة......

قال جاسر بضحكة :- الليلة ليلتي بقى

نظر جاسر جانبا لرعد ليبتسم رعد بهزة من رأسه ثم نظر ليوسف فقال يوسف :- ايوة هرقص ده فرحي ، يلااااااا


تجمع الشباب تحت أصوات الموسيقى العالية وبدأ جاسر يشارك أصدقائه عدة رقصات وضحاته تعلو مع كل حركة....

ظهر يوسف مضحكا وهو يردد كلمات المقطوعة الغنائية وهو يمرح راقصا بين الأصدقاء.....

كتمت جميلة ضحكتها كلما نظرت لجاسر......

دخلت رضوى بنوبة من الضحك لمظهر الشباب هكذا بينما تعجبت من آسر الذي لم يشاركهم الاحتفال......

انتهت المقطوعة وعاد جاسر لمقعده وهو يتنهد بابتسامة واسعة قائلا :-

_ والله هيوحشني الانحراف وشلة الأنس.....دنيـــــا !!

سومته جميلة بنظرة غيظ حتى همس لها فجأة بشيء جعلها تدير رأسها عنه فأطلق ضحكة عالية استفزتها أكثر.....


جلس رعد بجانب رضوى قائلا :-

_ يلا.. اهي اي حاجة تحسسني أن فرحي النهاردة وأني عريس وكده

فهمت رضوى معزى حديثه واطلقت ضحكة فرت منها رغما فقال بابتسامة خبيثة:-

_ ضحكت يبقى قلبها مال...يا مسهل


التقط يوسف أنفايه اللاهثة من فرط الحركة عندما جلس بجانب حميدة فقال فجأة :- كويس أني اتعشيت ، رقصت وهضمت

حميدة بدهشة :- يعني مش هتتعشى معايا انا مكلتش من صباحية ربنا !

نظر لها يوسف بابتسامة وقال بهدوء :- هتعشى طبعا

تساءل بفضول :- حميدة...هي ستك طبخالنا ايه ؟

ابتسمت حميدة بفخر وأجابت :-

_حمـــام وبط ومحشي

يوسف بقلق :- مافيش ملوخية ؟!

حميدة بتأكيد :- اكدت عليها تعملك...عرفاك بتغرق في الطبيخ

التزم آسر الصمت تماما ولم يتحدث مع سما ولو بكلمة......كانت سما تختلس النظرات الجانبيه اليه في الم...ليس لأجلها بل لأجله....كان معروفا كبيرا من يوسف بأخبارها ما يخفيه هذا الآسر....قلب الموازين تماما بفكرها.....

**********

بغرفة للي بالفندق.....

انتظرها حتى اتمت زينتها وارتدت الحجاب....تطلع بها بنظرة عاشقة وجذبتها يديه لصدره قائلا :-

_ هو في حد أجمل منك في الدنيا ؟!

ابتسمت له برقة واجابت :- قلبك

نظر لملامح وجهها بشوق ثم لعينيها مجددا وقال :-

_ حاسس. كأن يوم فرحي النهاردة

اتسعت ابتسامتها وقالت :- على فكرة احنا هنتأخر كده

رفع حاجبيه بغيظ ثم قال مستسلما للأمر :- اوك ....ممكن ايدك ؟

وضعت يدها بيديه وخرجت معه من الغرفة بابتسامة تشرق وجهها....


انتهت حفلة العرس حيث توجه كل واحدا منهم في طريقه لقضاء شهر العسل مثلما خطط.....

ذهب جاسر لشقته الخاصة التي جهزها لقضاء عدة أيام قبل السفر لشرم الشيخ...بينما ذهب الشباب الثلاث لغرفهم المحجوزة بالفندق مسبقا....

************

**بغرفة يوسف**


وقف يوسف أمام باب الجناح الخاص به وفتح بابه على مصراعيه....ثم كادت حميدة أن تخطو لتتفاجأ بأنه حملها بابتسامة اظهرت وسامته بقوة..... اغلق الباب بطرف قدميه حتى تحرك وهي على ذراعيه ترتجف خجلا.....وضعها أمام غرفتهم بالجناح.....

سرت رعشة شديدة بجسدها عندما وضعت قدميها على الأرض مجددا وحاولت أن تبدو ثابته أكثر من ذلك....نظرت حولها جيدا وانتبهت للطعام التي صممت جدتها على أحضاره ولم تعير للفندق اهتمام.....قالت :-

_ اكيد جوعت ، يلا عشان تتعشى

فتح يوسف باب الغرفة بابتسامة وقال :- طب نصلي الأول....

جذبها للداخل حتى أصبحت على بعد ثوان من السقوط مغشيا عليها من فرط الخجل والقلق الذي غمرها.....

فتح يوسف باب خزانة الملابس وأخرج ردائين أحداهما له والآخر لها....قال بعدما استدار لها ووضع الملابس على الفراش :-

_ نصلي الأول...نبدأ حياتنا بدعوة حلوة ....


اطمأنت لحديثه....كانت تحتاج تطمأن ....ريثما بهذا الوقت المحمل بالتوتر والقلق....ذهب لزاوية بالغرفة وافترش سجاد الصلاة....

بعد عدة دقائق انتهت فيها حميدة بدعوات وهي ترفع يديها مغمضة العينين....فتحت عينيها لتجده ينظر لها بابتسامة عاشقة ويبدو أنه انهى صلاته وتسبيحه قبلها...

نهض وجذبها من يدها لتنهض قائلًا بهمس :-

_ استنيتك كتير...ودلوقتي بقيتي حلالي...أقول بقى اللي نفسي فيه

ابتسمت بخجل ونظرت للأسفل بارتباك شديد حتى جذبها اليه من خصرها بتملك وقوة....بجرأة لم تعهدها فيه وقال بمكر :-

_ بموت فيكِ.....أظن دلوقتي مالكيش حجة

تلعثمت بعض الشيء...شعرت وكأن حتى كلمة أحبك لها عذرية مثل الجسد...لم تقولها لأحد غيره...حتى هو لم تخبره بها قط.....رفعت عينيها لعيناه المنتظرة منذ زمن وقالت بابتسامة ودمعة كانت دليل فرحتها :-

_ أنا عمري ما حبيت غيرك يا يوسف...بحبك دي قليلة عليك أوي...بس أنت عايز تسمعها وأنا عايزة أقولهالك وهفضل أقولهالك.....بحبك وبموت فيك في كل لحظة مليون.....

قاطعها بأقترابه.......إقتراب حلله رب العالمين لم يكن به شيء محرم...اقتراب زينه الانتظار شوق وعذوبة....وزاده الحرص لهفة مثيرة....حتى الكلمة بدت أكثر رقة وجمالًا لأنها خرجت لأول مرة بأول يوم زواج بينهما......بارك الله لهما وبارك عليهما وجمع بينهما في خير...

*********************
إلي هنا ينتهي الفصل الثانى والخمسون من رواية إمبراطورية الرجال بقلم رحاب إبراهيم
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة