-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية إمبراطورية الرجال بقلم رحاب إبراهيم - الفصل الثامن والخمسون

 مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة وأجمل الروايات الممتعة والروايات الرومانسية مع رواية رومانسية جديدة للكاتبة المتألقة رحاب إبراهيم والتي سبق أن قدمنا لها العديد من الروايات والقصص الرائعة من قبل واليوم مع روايتها التى نالت مؤخرا شهرة كبيرة جدا على مواقع البحث نقدمها علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل الثامن والخمسون من رواية إمبراطورية الرجال بقلم رحاب إبراهيم

رواية إمبراطورية الرجال بقلم رحاب إبراهيم - الفصل الثامن والخمسون

إقرأ أيضا: حدوتة رومانسية

رواية إمبراطورية الرجال بقلم رحاب إبراهيم
رواية إمبراطورية الرجال بقلم رحاب إبراهيم

رواية إمبراطورية الرجال بقلم رحاب إبراهيم - الفصل الثامن والخمسون

عاد وجيه للقصر وبداخله اشتياق لرؤيتها....رغم أنه تركها منذ ساعات قليلة ولكن اتصالها جعله يقلق من شيء غامض لا يعرفه.....

أسرع حتى غرفته الذي فتح بابها بابتسامة معدة لاستقبالها حتى وجد الغرفة خالية.....نظر للشرفة المفتوحة فظن أنها تجلس بداخلها فتوجهه اليها بخطوات سريعة......

بشيء يقول أنها هجرت !

ربما هذا الشيء ظنه....أو خوفه !

لم يجدها أيضا بالشرفة فأستدار ليبحث عنها بالخارج حتى انتبه للورقة المثبت عليها زجاجة عطره......أطراف الورقة البيضاء متدلية تترنح بالهواء فجذبها اليه بتوجس.....ليجد الطعنة التي كانت طعنة قاتلة لم يسبق أنه شعر بهذا القهر قبلاً....

كلمة واحدة ولكنها كآخر الأنفاس بالحياة....كوداع الأحبة...تطلع بالكلمة وبكل حرف فيها...يريد التأكد انها تقصد معناها....حروف تفرقت وتجمعت أمام عينيه لتجمع تلك الكلمة القاتلة لآخر آماله....

هز وجيه رأسه رافضاً الأمر....بعينين التهبت من الألم والغضب...بقلب يبرم معاهدة مع الألم...وردد بذهول :- مستحيــــل ، مستحيل أصدق !!

دلفت أحدى الخادمات للغرفة ذات الباب المفتوح لتهم بالتنظيف....نظرت له بتوجس حتى استدار وجيه اليها وصاح بعنف :-

_ لِلي فين ؟!

أجابت الخادمة بتوتر :- أنا شوفتها خارجة ومعاها شنطة سفر ، مقالتش لحد فينا أي حاجة..

طاحت التيه برأسه مجددًا..وعصفت بأفكاره كل الظنون....خنق الورقة بقبضته بغضب ثم خرج من الغرفة بخطوات واسعة...

********


إن الحسنات يذهبن السيئات....هكذا قال الله تعالى في كتابهِ العزيز...

بشرى لقلوب المؤمنين ، والتائبين من الذنوب....وكما أن الله يغفر الذنوب جميعـًا إلا الشرك به...إذن الأمل في الغفران قائم مقاماً مستقيماً....يلزمه توبه نصوح ،ويلزمه استغفار ، ويلزمه كفارات مثل الصدقات والصيام....

الأمل موجود برحمة الله.....

علم "جاسر" طريق الصلاة....وسار إليها بالفرض والسُنة...سجد لربه محبة وتوسل...يرجو المغفرة ، ويرجو إزاحة ظلام الماضي من الآتِ...استغفر بالسجود ....

بقلبه.....وكيانه...في حضرت الله

انتهى من صلاته ولكنه لم ينهض بل ظل جالساً يسبح على يديه....اطمئن بعض الشيء...زارته السكينة...

اقتربت منه جميلة بابتسامة وقالت :- حرماً

التفت لها بنظرة مطمئنة وأجاب :- جمعاً أن شاء الله...

أحبت رؤيته يصلي ،ونظراته الهادئة بعد الصلاة...تأملت عينيه براحة وقالت :- حضرت الغدا....يلا نتغدى بقى

نهض من موضعه وهو يطوي سجاد الصلاة وقال بصدق:- بصراحة مش جعان...

اتسعت ابتسامتها وقالت بمرح :- تصدق وأنا كمان !!

تمدد على فراشه وأشار اليها لتقترب...اقتربت جميلة بابتسامة رقيقة حتى جذبها اليه وتمددت بجانبه فوضع رأسها على صدره ثم ربت عليها برفق....قال :- ساعات من كتر ما بنحتاج الأمان بنسكت...بنحتاج بس الناس اللي بنحبهم يبقوا ايدهم في ايدينا....

احاطت يدها على صدره وقالت بصوت يشبه الهمس :-

_ حساك دايمًا محتاج للأمان ! ليه كل الخوف ده جواك ؟!

تنهدت جاسر بعمق ثم قال باعتراف :-

_ لأني غلطت كتير ، ما تفتكريش الذنب بيدي المتعة بس ، الذنب ده كتلة عذاب متغلفة بطبقة بسيطة من الشكولاتة ، بسيطة جدًا....بتختفي بسرعة وبيبان طعم المرار بعدها...مرار بطعم الندم....نكهة علقم ما بتروحش..

نفت جميلة وقالت :- بتروح بالتوبة ، ربنا ادالنا رحمته في التوبة ، والدعاء ، والاستغفار...وحاجات كتير أوي ....تعرف أن حتى الندم بعد الذنب بتؤجر عليه !

وافقها جاسر وقال :- الندم أول خطوة ، بس باقي الخطوة هو أصرارنا أننا ما نرجعش....قرار صعب وخصوصا أننا مالينا الضعف..

اسندت جميلة رأسها على صدره وقالت بلطف :-

_ الجنة مش ببلاش ، ضعفك مع توبتك بتساوي أجر كبير عند ربنا....زي بالضبط الانسان المريض اللي مش بيقدر يقف وعافر عشان يتوضأ ويصلي....هل هيبقى زي السليم اللي أتوضأ بسهولة وصلى؟!

الاتنين ليهم اجر الصلاة ولكن الأول خد ثواب الأصرار رغم الضعف....المفروض ما تخافش من ضعفك...خُد ضعفك وروح لربنا واترجاه للمغفرة......

تساءل جاسر بقلق :- طب والبشر....بيسامحوا؟

قالت جميلة وقد شعرت بما خلف سؤاله فأجابت :-

_ لو بيحبوك هيسامحوا....

تسللت ابتسامة إلى شفتيه فتسللت يده لإضاءة المصباح القريب واغلقها بواسطة مكبس صغير.....غرقت الغرفة بالظلام إلا قليلًا

*********


سانتورينـــي......

السير على الرمال البركانية تحت أشعة الشمس يبدو مغري.. ..

يقبض على أنامل يدها بقوة ورفق معاً....كانت تلهو قدميه بالرمال سيراً حتى تساءل فجأة :-

_ أنا أول واحد في حياتك يا رضوى ؟! يعني حبيتي قبل كده ؟

توقفت رضوى فجأة من الدهشة والتفتت له سريعاً وكأنه يتهمها بتهمة كارثية.....قالت بحدة :- تقصد ايه ؟!

أوضح بنظرة ثابته على انفعالات وجهها :- سؤالي واضح....على فكرة بسأله لأنه جه في بالي فجأة مش لأي سبب تاني...

سحبت يدها من قبضته بعصبية وقالت:-

_ عمري ما عرفت حد ولا كلمت حد....يعني في الآخر عمري ما حبيت قبلك....

ابتسم بمكر يتمايل بعينيه وقال :- قبلي....

ضيقت عينيها بغضب وقالت :- قول أنك عايز توصل لكده !!

تركته وركضت للكوخ في خطوات عصبية واضحة....تأملها بنظرات متسلية وأسرع إليها......

****بالكوخ****

خلعت حذائها بعصبية ودفعته بحركة عشوائية واتجهت للحمام بنظرات منفعلة.....اوقفها صوته قائلًا :- استني يا رضوى..

توقفت ولكنها لم تستدير له....اقترب اليها خطوة خلف أخرى حتى وقف خلفها واضعاً راحتي يديها على كافيها وهمس بأذنها برقة :-

_ ما تزعليش مني يا رضوى....سؤالي كان طبيعي بسبب موقفك بس إجابتك اتحفرت جوايا....مش ندمان أني سألته...

ابتلعت ريقها لقربه....همسه أربك دفعاتها فاستدارت متظاهرة بالعصبية حتى جذبها اليه وهمس بقرب اذنها مجدداً :-

_ احساس يجنن أنك لما تقوليلي بحبك تكوني بتقوليها لأول مرة وقلبك ما قالهاش لحد غيري....أنا بحب كل حاجة نادرة وأنتِ مالكيش زي...تركيبة ما شوفتهاش في حد غيرك...

انتفض جسدها بحياء وابتعدت قليلًا.....هجم السؤال على شفتيها رغما وقالت :- مش فاهمة ؟!

هي تفهم مدحه...ولكنها تريده يخبرها عن نفسها بعينيه.....ابتسم لها عشقاً وقال :- كل حاجة بحبها....الكسوف والشقاوة....بريئة جدًا ،ومكارة جدًا.....بتبعديني وأنتِ مش عايزاني ابعد ! وبحب ضحكتك بعد الدموع...وحاجات كتير......هقولك عليها واحدة واحدة...

ترددت ابتسامة على ثغرها في الظهور.....قال بقرب عينيها :-

_ لسه زعلانة ؟

صعد المكر بداخلها فنظرت له بابتسامة اخفتها وهزت رأسها بالايجاب.....فهم ما خلف نظرتها الماكرة فحملها بين ذراعيه لخارج الكوخ باتجاه البحر.... فهتفت بصوتٍ عالي :- رايح فين ؟!

قال بضحكة :- هخلي المية تصالحك....لما تغرقي هبقى انقذك

تحركت قدميها بحركة عصبية ليتركها بينما ضحكات تتعالى بداخلها.....اقترب رعد من المياه وهو يحملها وبدأت المياه تغمره رويداً رويدا مع صيحاتها.....حالفه الحظ فلم يظهر مخلوق حولهما !!


تعالت ضحكاته عليها وهي تطرق بذراعيها على المياه لتطفو حتى اسندها من خصرها ورفع ذراعيها على كتفيه قائلًا بانتصار :-

_ ها لسه زعلانة ولا تغرقي وتزعلي للأبد.....

اتسعت ابتسامته بوجهه الذي يقطر الماء بشدة.....قالت وهي تلهث وتتمسك بذراعيه جيدًا....قالت مرغمة :- خلاص مش زعلانــــــــة !!

رماها بنظرة مبتسمة ثم جذبها إلى الشاطئ ليحملها مجددًا وهو يسير على الرمال عائدًا للكوخ....

قد ترك الباب مفتوح فدلف إليه بيسر حتى انزلها على الأرض واجسادهما تتساقط منها المياه بشدة....

اجتاحها لفحة برد فجأة فبدأ يظهر عليها الرجفة....لاحظ رعد ذلك فتوجه إلى خزانة الملابس الصغيرة وأخرج منه ملابس مناسبة لها...

قال لها وهو يعطيها ملابسها الجافة :- بدلي هدومك عشان ما تاخديش برد...تحبي اساعدك ؟

اخذت الملابس منه وأسرعت للحمام وهي تجيبه بالرفض فابتسم بمرح....

توجه رعد مرة أخرى إلى الخزانة ليبدل ملابسه المبتلة هو الآخر....خرجت رضوى من الحمام بعدما بدلت ملابسها سريعاً حتى تفاجئت أنه يكاد أن يرتدي تيشرت أبيض فأخفت وجهها بخجل وتوتر......تباطيء في الانتهاء وهو يضحك بتسلية من خجلها حتى ارتدي تيشرته ثم قال :-

_ خلاص فتحي عينك....

سقطت يديها ببطء حتى استطاعت النظر له....قالت وهي تتهرب من عينيه المتطلعة فيها بجرأة ولردائها الضيق من المخمل:-

_ هروح اجهز الغداء...اكيد جوعت

اجابها ببطء متعمد :- آه

ازدردت ريقها بتوتر واتجهت لزاوية المطبخ المطلة على البحر مباشرةً.....تركت شعرها حراً طليقاً حتى يجف من ماء البحر بينما تطاير من النسمات الزائرة من النافذة....

اقترب اليها بنظرة مدققة حتى جذبها لتقف أمامه وابعد الخصلة المتطايرة وازعجت عينيها....ثم وقفت نظرته على عينيها قائلا بمحبة :-

_ أنتِ عملتي فيا ايه ؟! لحد دلوقتي مش لاقي إجابة !!

أطرفت عينيها بتوتر حاد ولم تستطع قول شيء.....استطرد بهمس :-

_ ماتختبريش صبري كتير لأني مش صبور....بس صبرت عشانك أنتِ....لأنك استثناء...

قالت بتلعثم وارتباك:- يعني ايه مش فاهمة ؟!

هز رعد رأسه بابتسامة وأجاب :- أنتِ فاهمة وعارفة بس خايفة...

أنا جانبك عشانك...وجانبك وليكِ....

اسدلت رضوى عينيها بلمعة باكية مرت بعينيها فجأة....الأمان يأتِ فجأة على هيئة دموع ! فضمها برقة.....وقال :-

_ خليكِ فاكرة الأيام دي كويس ، عيشي تفاصيلها بكل روحك ، عشان لو غلطت في حقك في يوم تكون ليا ذكريات حلوة تشفعلي...وتعرفي أني اتحملت فوق طاقتي عشان اوصلك...

تعجبت وتساءلت :- فوق طاقتك !!

اكد بقوة :- بُعدك في قربك فوق طاقتي...وحقي في قربك موجود...بس اتعلمت أن الجواز مش مجرد اتنين عايشين مع بعض وخلاص....

لو أول خطوة فيه مكنتش فيه مشاركة ومحبة يبقى الاساس هيقع في أول مشكلة ولو موقعش فيها هيقع في اللي بعديها....


*************


وقف وجيه أمام شقتها الخاصة بنظرات شرسة...خطرة ومتوعدة ، ورغم ذلك الاشتياق المجنون اليها يعصف كل غضب...لا يصدق أنها ابتعدت بهذه البساطة وتريد الطلاق !!


بداخل الشقة رفعت لِلي سماعة هاتفها الارضي....فقد اغلقت هاتفها الخاص منذ رحلت من القصر....أجابت وعينيها تغرقها الدموع :- الو

قال راشد بضحكة منتصرة :- برافوا عليكِ ، كنت شاكك أنك هتسمعي كلامي وتنفذيه...بس نفذتيه بالضبط واتأكدت كمان من الورقة اللي سبتيها....الطلاق لازم يحصل بأسرع وقت.

كتمت لِلي فمها كي لا تظهر ضعفها وقالت بتظاهر :- طيب...وجيه هيطلقني طالما سيبت البيت وطلبت اتطلق...هو ما بيحبش حد يمس كرامته...

سخر "راشد" بشماته :- كرامته!! وكرامته فين لما تطلبي الطلاق بعد أقل من شهرين لجوازكم !!

التهب الغضب بداخلها بعدما فهمت مقصدها واقسمت لو كان أمامها لصفعته حتى جعلت وجهه ينزف دماء....فكأن الذباب يُكيد للثعالب !

اغلقت الخط حتى لا تنفعل وتلفظ الشتائم....فإلى هنا ولن تسمح بإهانة زوجها أكثر من ذلك....

كادت أن تجلس على فراشها بعينيها الدامعة حتى انتبهت لطرق شديد على باب الشقة....ابتلعت ريقها في قلق فلابد أنه وجيه....

خشيت حتى أن تذهب وتتأكد من العين السحرية فرؤيته ولو من بعيد تكفي لأضعافها وركضها اليه....

تنتظر اليوم فقط حتى ترحل من هنا فجراً لشقة خالية لأحدى صديقاتها التي اتفقت معها بعدما اتت لهنا منذ ساعات....

تجاهلت الدق تمامًا حتى توقف بعد دقائق كثيرة.......

يأس وجيه وغادر المبنى....فليست ساذجة لتأتي الى هنا وهي تعلم أن هذا أول مكان سيبحث عنها فيه....

*********

بالمساء.....

اعتدلت سما بكسل بفراشها والتفتت جانبـًا لتجد أن آسر يغرف في سُباتٍ عميق...مررت يدها برقة على جانب وجهه ثم رأسه بحنان وفجأة تذكرت اعترافه وما عاناه....ادمعت عينيها بعاطفة كبيرة....

حتى مرت دموعها على وجنتيها وهي تنظر له بحنان ليفتح جفنيه ببطء وكسل...تفاجأ من عينيها الدامعة فأعتدل سريعا وتساءل بأعين ازعجها ضوء الغرفة.....وقال بقلق :- بتعيطي ليه ؟!

مسحت سما عينيها وقالت :- لا ابدًا مافيش حاجة....

صمم على معرفة الأمر :- لأ في...قوليلي بتعيطي ليه ؟!

ابتلعت سما غصة بحلقها واعترفت :-

_ اصلي افتكرت لما قولتلي سبب معاملتك ليا ....قلبي وجعني عشانك وقعدت اعيط...

اجهشت بالبكاء بقوة فجأة ولأول مرة يأت هذا الموضوع ويبتسم....قال بمشاكسة :-

_ يعني مصحياني عشان تنكدي عليا ؟!

هزت رأسها بالنفي وقالت :- لأ....بس زعلت عشانك...بص هقوم اعملك العشا عشان تاكل ، ماكلتش من العصر....

اتسعت ابتسامته بمرح وقال :- مالحقتش اجوع والله...ايه رأيك نخرج نتفسح ؟

تطلعت به وابتسمت فجأة وعينيها تغرق وجنتيها دموع وقالت بموافقة :- ماشي...

انخرط في ضحكة عالية وهو ينظر لها على حالتها هذه.....

*******

مر يومان.....

كانت غادرت فيهما لِلي شقتها الخاصة وذهبت لشقة صديقتها "منال" ولم تخبرها سوى انها تشاجرا قليلًا وتريد الانفراد بنفسها لبعض الوقت....

قضت لِلي اصعب يومان مر بعمرها تقريبًا بخلال تلك الأيام....

كان في فراقه شيء يشبه التقاط الأنفاس الآخيرة بالروح....أو الكلمات الوداعية قبل الوداع....

لم تعرف عينيها سوى الدموع خلالهما....كأن الحياة بدأت تُسلب منها...

كانت ممددة على فراشها بوضعية الجنين....انتفخت عينيها من كثرة البكاء حتى صرخت "للي" باسمه بألم وشوق ثائر وكأنه أصبح الحياة والأنفاس....

ما أصعب أن نختار الفراق رغم عن إرادتنا....ونطعن قلوبنا بإيدينا....

انتفضت فجأة من موضعها وقررت أن تذهب اليه وتخبره كل الحقيقة....ولكنها أن فعلت ستضعه بيديها أمام نهايته !!

ضغطت بيديها على رأسها من حدة الألم الناجم من كثرة البكاء والألم والتفكير طيلة الفترة الماضية من الفراق.....

انتبهت لصوت بخارج الغرفة فدب القلق بداخلها ...تسللت ببطء حتى فتحت باب الغرفة فتفاجئت بأن باب الشقة مفتوح !!

ربما تركته مفتوح وغفلت...تقدمت خطوات حتى أغلقته بإحكام ثم استدارت لتعود لغرفتها فاتسعت عينيها بصدمة كادت أن تهوي بها أرضاً.....تمتمت بذهول :- وجيــه !!


كانت عينيه مظلمة...قاتمة من القسوة ، ويبدو أنه استيقظ لعدة أيام بالإرهاق الواضح بعينيه وملامحه القاسية.....بأشد حالاته قسوة لم تراه هكذا !

ابتعدت وهي تبتلع ريقها بجسد يرتجف عندما لمحته يقترب اليها....قالت ودموعها تتسرب على وجنتيها دون رادع :- دخلت هنا أزاي وعرفت مكاني منين ؟!

هربت بنظرتها من عينيه....لم تكن تلك الاجابة التي تريدها بل بكل قوتها أرادت أن تركض الى صدره وتحتمي....تبكِ حتى تهدأ....تسرق من دفء قلبه الأمان....اجتاز المسافة بينهما وجذبها اليه بيد قاسية ونظرات عينيه نارية من الغضب....نظرت له ولم تستطع كبح لهفتها وإخفاء شوقها اليه....وضعت رأسها على صدره باكية فأبعدها بنظرة عنيفة قائلا :-

_ مابقاش مكانك

انهمرت دموعها بحرقة وهي ترميه بنظرات منها الراجية والعاتبة حتى وضعت رأسها مرة أخرى على صدره واحاطت يديها خصره بقوة فحاول ابعادها ولكنها هتفت ببكاء :-

_ من قبل ما اقابلك وهو مكاني

اشتدت العصبية بداخله وحاول ابعادها عنه ولكنها تعلقت برقبته وواصلت بكائها حتى خلف ظنها وضمها بقوة.....بكل شوقه اليها طيلة الأيام الماضية وهمس بحزن شديد بجانب أذنيها :-

_ بعدتِ ليــه وسبتيني ؟! أنا كنت هتجنن !! مستحيل أصدق أنك عايزة تطلقي !!

*********************
إلي هنا ينتهي الفصل الثامن والخمسون من رواية إمبراطورية الرجال بقلم رحاب إبراهيم
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة