-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية برلنت بقلم قسمة الشبيني - الفصل الأول

  مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص وأجمل الروايات الممتعة والروايات الرومانسية مع أحدث رواية للكاتبة المتألقة والمبدعة قسمة الشبينى التي سبق أن قدمنا لها العديد من القصص والروايات الجميلة علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع رواية رومانسية تتسم بالواقعية ذات طابع إجتماعى مميز مع الفصل الأول من رواية برلنت بقلم قسمة الشبيني

رواية برلنت بقلم قسمة الشبيني - الفصل الأول

رواية برلنت بقلم قسمة الشبيني

رواية برلنت بقلم قسمة الشبيني - الفصل الأول

منذ ساعات يتعاون سعفان مع مساعده رجب لنقل كل أدواته من الورشة التي غالى صاحبها فى إيجارها مجددا ليرغمه على المغادرة ، بحث كثيرا لكن المغالاة سمة سائدة حتى رشح له مساعده ورشة فى المنطقة التي يسكن بها ، المنطقة بعيدة عن مسكنه لكن يمكنه التغاضى عن ذلك أمام قيمة الإيجار المقبولة التى طلبت مقارنة بما عاينه مسبقا .

وضع القطعة الأخيرة فوق السيارة قبل أن يلتفت لمالك الورشة الذى ينتظر تسلمها ليقول : ورشتك اهيه يا حج لا ناقصة باب ولا شباك .. مرضى يا أبا ؟

تفحص الرجل بعينيه المكان ليجيب بلا مبالاة : مرضى مع السلامة .

زفر سعفان بضيق وهو يستقل السيارة بجوار السائق الذى انطلق بها وبينهما يجلس رجب ببدنه الصغير ، شرد سعفان بعقله فمساعده سيهتم بالطريق ، لقد طلب منه صاحب الورشة المغادرة عقب انتهاء مدة العقد ورفض بشكل قاطع تجديدها زاعما أن عمله يزعج السكان حوله ليعلم سعفان بطريقة أخرى أن هناك من يريد تأجير الورشة بضعف ما يدفعه هو لفتح متجر كبير المدعو سوبر ماركت .. ورغم عجبه من المبلغ إلا أنه يتعجب أكثر لتحول الناس لكائنات مستهلكة فقط ، لكم يرى من تزاحم أمام تلك المتاجر !!


لم يعد الناس يفكرون سوى فى التهام أكبر قدر من الطعام وتلك المسليات والمقرمشات التى لا يعلم لها فائدة سوى استنزاف المال .


وبينما يواجه صعوبة من أصحاب الملك لإيجاد مكان مناسب لعمله يقسم أنه سيجد عشرات الأماكن إن بدل نشاطه لمتجر بيع .


توقفت السيارة ليهرب من شروده ويسرع للخلف فى رغبة خالصة بعدم تكليف رجب بالمزيد من الأحمال هو يعلم أن بنيته لن تحتمل أكثر  ، هذا الفتى يعمل لديه منذ ثمانية أعوام انتقل هو خلالها لثلاث ورش ورغم ذلك لم يفكر الفتى فى تركه ، هذا وحده يشعره ببعض الراحة فلازال هناك من يحاول أن يعمل بجد مهما كان العمل صعباً مكتفيا بحلال ما يجنيه .


اخيرا نظر سعفان للورشة برضا ليقول رجب : ربنا يجعلها عتبة خير يا اسطى .. عقبال الملك 

ربت سعفان فوق كتفه : تشكر يا رجب .. بيتك جمب الورشة ابقى افتح الصبح على ما اجى .


إلتقط رجب المفتاح منه ليتقدم سعفان للداخل مجددا يراقبه رجب ، سعفان رجل منظم للغاية ، يحرص أن يكون كل معداته منظمة بترتيب أصبح رجب يحفظه عن ظهر قلب خاصة أنه يوفر الكثير من الوقت والجهد .


إنصرف سعفان اخيرا عائدا لمسكنه الذى تشاركه فيه أمه بعد أن سحبت الدنيا جميع أشقائه فى خضم زحامها ،لم  يتزوج سعفان فبمجرد أن تمكن من افتتاح ورشة خاصة ككهربائى سيارات وراودته فكرة الزواج اختطف الموت شقيقته الصغرى مخلفة وراءها صغيرتها التى توفيت أثناء ولادتها  بعد زواج استمر لعام وبضعة أشهر  أثر إهمال طبى لم يكلف الطبيب سوى حفنة من الجنيهات قضت بها المحكمة حين أثبت الأخير أن الحالة وصلت للمشفى بعد انفصال المشيمة وأن النزيف الذى أصيبت به الأم ليس لإهمال طبى لكنه قدرا قدر لها وتنصل من الإتهام ببراعة .ليحصل زوجها على التعويض ويتزوج من أخرى زاعما حاجته الماسة لزوجة تاركا طفلته العجية فى رعاية أمه المسنة والتى لم تتحمل رعاية رضيعة ليؤول الأمر بتلك الصغيرة له ولأمه وقد يكون  أفضل ما حدث منذ غادرت أخته عروس لبيت زوجها هو عودة تلك الصغيرة لبيته حيث أشعرته أن جزءا من شقيقته الراحلة لايزال بكنفه ..لا يزال على قيد الحياة .


يشفق سعفان على أمه كثيرا ما تضطر لمواجهته من افاعيل سما التى لا تنتهى منذ تمكنت الصغيرة من السير وهى تعيث فسادا فى كل الانحاء  ، يظن أحيانا أن هذه الصغيرة نبتت من طاقة وعدة أطراف لا تعمل إلا للفساد ورغم ذلك يرفرف قلبه لها حبا ما أوجد بقلب والدها .


*****

جلس ماهر فوق الأريكة يراقب زوجته التى تعمل على تنظيف فوضى أطفاله بعين الاشتهاء ، إنها فاتنة !!

همس لنفسه : عوضها الله عن عجزها عن الإنجاب بالكثير 

عاد يتطلع لها وقد زادت حواسه دفئا لتتسلل برودة الذكريات فتقتل شهوته فى مهدها ...

لقد تزوج من فتاة أحبها كثيرا ، كانت من نفس المنطقة واسعده أن يتقدم طالبها للزواج ليحظى بالقبول .

مرت السنوات وأنجبت زوجته فتاتين وفتى وكان سعيدا بهم للغاية رغم تعاسة زوجته التى كانت تصرخ بها فى كل يوم مرات عديدة متهمته بالتسبب فى تعاستها .

تبدلت نظراته للقسوة وهو يتذكر تركها منزل الزوجية مرة بعد مرة حتى غادرت أخيرا لترفع قضية خلع وبعد عدة جلسات ودية مع المحامى الذى أوكلته طلقها طواعية .

ارتسمت بعض الراحة الممتزجة بالتشفى وهو يتذكر كيف بخسها كل حقوقها .

عادت القسوة لملامحه ؛ بل كيف كانت مستعدة لدفع أى ثمن للتخلص منه !!


عادت عينيه لتتبع زوجته وقد عاد اشتهاء حواسه لها ، كانت تعمل بلا تذمر كالعادة وهو مستمتع تماما بمراقبتها .لقد تزوجها قبل أن يتخلص من زوجته الأولى أو قبل أن تتخلص هى منه ، لم يكلفه زواجه كثيرا فهى مطلقة لعدم الإنجاب ويريد والدها تزويجها ليطمئن قلبه كما أخبره لذا تساهل كثيرا فى حقوق ابنته لينالها هو كما يحب تماما .


*****


اختطفت برلنت نظرة نحو ماهر الذى تثق أن مراقبته تلك لن تنتهى بالخير لها ، تزوجته منذ ستة أشهر كانت أسوأ أيامها ، كلما أسرت لوالدها بسوء طباعه طلب منها التريث والتحمل فإمرأة مثلها مطلقة لعدم الإنجاب ستكون فرصها قليلة جدا للزواج إن طلقها ماهر أيضا .

تنهدت بألم وهى تتذكر  تلك الأعوام التى عاشتها مع زوجها الأول ، لم ينغص حياتها سوى تأخر الحمل لتتحول حياتها معه لجحيم بفضل أمه وأخواته اللائى لم يدخرن جهدا مطالبات بتطليقها لتنقشع غيوم الرجولة التى تخفى زوجها خلفها وتظهر حقيقته الضعيفة خاصة حين صارحها بعجزة عن إعالة زوجتين وعجزه أيضا عن الحياة دون الولد لتطلب هى الطلاق متحملة لوم الجميع ليسعى والدها لتزويجها مجددا فيكون حظها بشبيه رجل كسابقه ؛ بل أكثر سوءا .


نهض ماهر من مجلسه ليصيح بلهجة متلاعبة : هتفضلى تنضفى طول الليل ؟ خفى نفسك خلينا ننام .

رفعت عينيها وقلبها يهمس : ليتك تنم نومة أبدية 

ليقول لسانها بضعف : ما انت شايف يا ماهر العيال قالبين الشقة ازاى ؟ مش عارفة لو صغيرين شوية كانوا عملوا ايه ؟ 


ماذا سمع ؟!!!

تعترض !!!

تشكو !!!

تنتقد أطفاله !!!


اسرع نحوها يجذبها بعنف : انت هتعيبى على ولادى ؟؟ ولادى يعملوا اللى هم عاوزينه وانت شغلتك هنا خدامة ليهم .. فاهمة !


ارتجفت خوفا من ابراحها ضربا لتتراجع فورا : فاهمة .. انا عاوزة مصلحتهم والله يتعلموا الصح من الغلط دول زى ولادى 


تهكمت ملامحه : ولادك !! 

اخترقت لهجته الساخرة قلبها كنصل حاد لتخفض عينيها ألما ليدفعها للخلف : عشر دقايق وتحصلينى على الأوضة .

اتجه نحو غرفته مغلقا الباب ليفتح باب غرفة فتاتيه حيث تقف ابنته الكبرى متخصرة وعينيها تصرخان شماتة ، نظرت لها برلنت بحزن وعادت تتابع عملها بصمت .

لقد نشأت برلنت ابنة وحيدة ولها أربعة إخوة جميعا يفتقدون إلى الحنان ، هى أيضا تفتقد الحنان ربما لفقدهم أمهم فى سن مبكر أثر في ذلك . 

لم يكن لها سوى صديقة واحدة منذ دراستها الثانوية حتى أفقدها زواجها من هذا الماهر الاتصال بها .

كم تتمنى أن تتخلص من هذه الحياة !! لا ترى لحياتها معه اى مستقبل يرتجى ورغم ذلك يرفض أبيها تماما ذكر الطلاق وكأنه وصمة ستصيبه بعار أبدى .


***


دخل سعفان من الباب ليستقبله صياح سما المنادى بإسمه والتى رفعت رأسها للتو عن صدر جدتها : سعفااان جه يا ستى 

زفرت الجدة منال بإرهاق : ما أنا شايفة يا اختى انت لسه صاحية ؟

هرولت الصغيرة نحو سعفان الذى استقبلها بذراعيه : ههههه ما انت عارفة يا أما مش هتنام إلا أما تقلبنى هههه 

حاولت منال النهوض لتأن ممسكة ظهرها ليستوقفها سعفان : خليكى قاعدة يا أما .


عادت للجلوس مرغمة تحت وطأة الألم : هحضر لك العشا يابنى .

جلس سفيان حاملا سما : انا هحضره ماتشليش همى .. هو انا صغير !! 

ونظر ل سما بحنان : اتعشيتى يا سمايا ؟؟


رسمت الصغيرة ملامحا تحمل الأسى : لا ستى قالت لي ماتاكليش لحمة  وهى كلت كل اللحمة وانا اللى كنست الشقة ونضفت اوضتك وغسلت هدومك ونشرتهم 


اتسعت حدقتيه دهشة قبل أن يضرب مؤخرة رأسها برفق : يا نصااابة .. طيب ممكن اصدق انك نضفتى وكنستى بمزاجى يعنى ..لكن غسلتى ونشرتى ؟ هتطولى الغسالة ولا الحبل يا شبر وأقطع انت ؟؟

زاد الأسى المرتسم فوق ملامحها وهى تشير لصدرها بإستنكار : انت مش مصدقنى يا سعفان ؟؟ 

عاد سعفان للضحك مقبلا رأسها ثم ضمها لصدره متنهدا بألم ، فهذا ما كانت تفعله أمها الراحلة تماما .. تتسكع طيلة اليوم بين حجرات منزلهم ثم تدعى قيامها بكافة أعماله .. لكم كانت مدللة حنون !!


وعت منال ما يدور برأس سفيان فورا لتربت فوق كتفه بحزن : الله يرحمها .

أومأ دون حديث قبل أن ينهض والصغيرة بين أضلعه : بينا يا سمايا نشوف موضوع اللحمة ده .

لتضحك أمه : اهى دى وسعت منها عندنا مسقعة .


ابعد سفيان رأس سما ناظرا لها بخيبة مصطنعة : مسقعة !!

ربتت فوق صدره برفق : باللحمة المفرومة ماتخافش 

ليعود للضحك وضمها لصدره متجهين نحو المطبخ فيعودا بعد دقائق وهو يحمل صحنا وهى تحمل عدة أرغفة دون أن يفلتها حتى جلس أرضا لتجلس بجواره يتناولان الطعام فى صخب مستمر وادعاء سما الباطلة التي يصطنع تصديقها .


******

إلتقط ماهر أنفاسا ثائرة مستلقيا بالفراش وقد أسند ذراعه فوق جبهته متهكما : مفيش فايدة .. متجوز لوح تلج !!

نظرت له بألم ولم ترد ليتمادى وهو يوكزها : وبيحسدونى على حلاوتك !! تغور الحلاوة من برودك .. انت ايه مابتحسيش !! عاوز احس انى متجوز واحدة ست .. ست 

انتفضت برلنت مع كلماته ووكزاته لتقول بألم : انا عملت ايه ؟؟

عاد يلكمها بجدية : هو انت بتعملى حاجة خالصة ! جتك القرف .


أولاها ظهره سامحا للاسترخاء بالسطوع فوق ملامحه وهو يزفر براحة وخفوت بينما نظرت له بحزن .


لم تتعمد مضايقته لكن كيف يتوقع بعد أن يشبعها طعنا بكلماته طيلة اليوم أن تبثه شوقا فى نهايته !!

كيف ينتظر بعد ارتجافها خوفا من بطشه طيلة النهار أن تسكن بين ذراعيه ليلا !!!

وكيف يمكنها وهى أصبحت تكره قربه أن تمنحه نفسها برضا !!


تعلقت عينيها بسقف الغرفة وهى تسمع غطيطه الذى صدح مكذبا إدعائه منذ دقائق ، هزت رأسها بأسف وعادت لشرودها .


إنها تتعذب عذابا لا يحتمله بشر ، ليس فقط لتحقيره لها وبطشه وضربه .. لكنها تشعر أن أنوثتها تذبل .. تنزوى .. هى تخسر كل نفسها بمعاشرة هذا الرجل .


****

أستلقى سعفان وسما تتوسد ذراعه وقد غطت فى نوم عميق بعد أن انهكته مشاغبة ، أغمض عينيه حزنا لما وصل له حال أسرتهم .


كانوا خمسة أبناء جميعهم لنفس الأب والأم . لنفس الأصل والدم .. رحل والدهم سريعا وكان سعفان وقتها لم ينه دراسته الابتدائية وشقيقته الصغرى بالكاد التحقت بالمدرسة .


شقت الحياة وقست الظروف بعد رحيل عائل الأسرة لتجبر الأم على استبعاد الصغيرين من الدراسة والاكتفاء بالأخوة الأكبر فطريقهم بدت نهايته وقريبا يمكنهم مساعدتها لكنها لم تكن تعلم أن سعفان رفض هذا القرار .

*********************
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة