-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت - الفصل السابع عشر

مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة وأجمل الروايات الممتعة والروايات الرومانسية مع رواية رومانسية اجتماعية واقعية جديدة للكاتبة إلهام رفعت ورواياتها التى نالت مؤخرا شهرة على مواقع البحث نقدمها علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل السابع عشر من رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت

رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت - الفصل السابع عشر

تابع من هنا: روايات رومانسية جريئة 

رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت

رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت - الفصل السابع عشر

 يقضي لحظات لا بأس بها مع أولاده، حيث يضاحكهم ويستمع باهتمام لفكر لكل واحد، ولا حرج من تنفيذ بعض متطلباتهم، وما يسره أكثر هو نضج تفكيرهم رويدًا رويدًا؛ خاصةً ابنه الأكبر، حين وصل الأمر للتحدث في موضوع يفوق أعمارهم، فسأل ابنه وهو يخفي بسمته:

-وليه مش عاوز تخلف بنات؟!

تكشًر وجهه مروان وهو يرد عليه:

-دمهم تقيل يا بابي وبيزهقوا، مش بحبهم

رفع أيهم حاجبه مستنكرًا وهو يرد متجاوبًا معه:

-يمكن علشان إنتم صغيرين لسه، لما تكبر هتغيّر رأيك.

قلب الصغير شفتيه السفليه بمعنى الجهل ولم يعلق، فوجه أيهم حديثه لـ سليم ابنه الثاني، سأله:

-وإنت يا سليم؟

رد الطفل بعفوية شديدة:

-أنا هتجوز ماما!

رمقه أيهم بنظرة مستهزئة وهو يعلق عليه:

-هتتجوز أمك، وأنا أروح فين؟!

مرر أيهم نظراته عليهم ووجد فيهم البراءة؛ ورغم ما يهذون به تفهم درجة تفكيرهم، ثم انتبه لـ رسيل الصغيرة تجلس جانبًا ولم تشارك معهم، نظر لها ثم ابتسم؛ ليحثها على التجاوب أكثر، ثم دعاها لتقترب منه حين خاطبها:

-تعالي يا حبيبتي!

تحركت فورًا ناحيته فجعلها أيهم تجلس على فخذه، قبّل خدها بود ثم وجه حديثه لابنائه قائلا:

-على فكرة لازم تحترموا رسيل، لأنها عمتكم، يعني أختي الصغيرة، فاهمين!

رددوا حديث أيهم دون التعمق في فهم الأمر أكثر، فقضى أيهم برفقتهم وقت داعب أكثر؛ حتى أراد الراحة، تنهد وقال:

-هي مامتكم فين؟!

-بتعمل كيك ولبن علشان بنحبه

قالها مروان، فنهض أيهم وقد تهيأ لتركهم حين ودعهم، دلف للخارج وهو يفرك مقدمة رأسه إثر جلوسه مع هؤلاء الصغار، وأثناء سيره لغرفته قابلته سميرة، وحين لاحظت تقطب وجهه سألته باهتمام:

-إنت تعبان من حاجة يا أيهم؟!

حملق فيها متعجبًا من مبالاتها بأمره، قال:

-بتسألي ليه؟!

قالت بقلق لابد منه:

-أصل رسيل كانت منبهة عليا آخد بالي منك وهي مش موجودة، علشان خايفة عليك من ساعة تعبك آخر مرة

ركز أيهم في كلامها جيدًا، وبعد تفكير ماكر قال:

-فعلاً أنا حاسس إني تعبان، و...... وحاسس إن راسي بتوجعني جدًا

قالها وهو يضع يده على مقدمة رأسه ورسم معالم التعب، فقالت سميرة بجدية:

-طيب الحمد لله رسيل هنا، ادخل ارتاح وأنا هنزل أقولها كده، لأنها بتجهز تخرج

شكرها أيهم بنبرة متعبة قد زيفها:

-متشكر لحضرتك، يا ريت بسرعة

أغذت سميرة في السير لتخبرها، بينما تبسم أيهم بحيلة ثم ولج لغرفته؛ مترقبًا حضورها الفازع عليـه..

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

لحظات قليلة فقط مرت بمجرد تسطحه على التخت كانت قد حضرتك، فسريعًا زيف المرض ببراعة وهو يأن، وذلك ما سبّب الخوف في قلبها، ثم ركضت ناحيته وهي تسأله:

-حاسس بأيه؟!

تمادى في تمثيله عليها حين تشبث بها كطفل صغير وقال:

-تعبان يا رسيل، وبردان، خديني في حضنك

سحبت الغطاء لتدثره به أفضل وقالت:

-اتغطى يا حبيبي، وأنا هجبلك المسكن.

ثم جاءت لتتركه؛ لكنه رفض حين تمسك أكثر بها، قال:

-متسبنيش، خليكِ جنبي وأنا هابقى كويس

تجاهل أيهم حالة القلق المتملكة منها وأحب بقائها بجانبه، ثم كشّر فجأة حين جعلت رسيل الغطاء يلتف حوله كالكفن، قالت وهي تضمه:

-مش حاسس إنك نفسك في حاجة!

قصدت رسيل بسؤالها مدى رغبته في العقار الذي تناوله سابقًا؛ لتربط ذلك بكونه أدمنه أو من عدمه، بينما تفهم أيهم السؤال بطريقة مغايرة، فاخشوشنت نبرته وهو يرد مزعوجًا:

-هو أنا هموت ولا أيه؟!

ثم بنفور أقصى الغطاء من عليه، فتأملت ما يفعله بدهشة وقالت:

-أنا مش قصدي، ويلا استغطى إنت بردان

رد كابحًا حنقه:

-دلوقتي حران!

مزح أيهم معها كان طبيعي بالنسبة له؛ أما هي فقد أحدث بداخلها رهبة شديدة، وتخوف لا مثيل له من نتائج ما فعلته بجهولية، ثم شرع في فك أزرار منامتها، قال:

-الجو حر قوي يا رسيل

قطبت جبينها وهي تسأله:

-إنت اللي حران مش أنا!

ادعى عدم وعيه وقال:

-أنا مبقتش مركز خالص، ومبقتش عارف مالي!

مررت يديها على جبينه ووجهه تتحسسه باهتمام، ولم تدرك ما يفعله من دهاء نحوها لتبقى بجانبه، قال

-رسيل لما قعدتي جنبي الشوية دول حسيت إني كويس

انتبهت جيدًا له وسكن خوفها إلى حدٍ ما، قالت:

-يعني مافيش حاجة دلوقتي بتوجعك؟

توجس من تركها له فقال:

-طبعًا تعبان، وقوي كمان

وبخفة الصقها به وهو يضمها بقوة وقد أخفى ضحكته، وقبيل أن يبادر في إكمال خديعته لها استوقفته حين قالت:

-أيهم لازم تيجي بكرة المعمل معايا!

ثم أبعدته عنها لتتابع بعملية وسط استنكاره:

-لازم نقارنك بالقـرد

بدا عليه الصدمة والغيظ معًا مما تتفوه به، هتف موبخًا إياها:

-قـرد!، نعم يا اختي؟!............

______________________________________


فعلت الواجب منها كونها زوجته، وبقيت من حوله تتلاطف معه وتلبي رغباته بعين الطاعة، وبالتأكيد تفهمت حالة سكوته تلك، وأنه متفاجئ، بل مصدوم من خداع التي فضلها عليها، ولذلك استغلت الفرصة لتتقرب منه، وتعطي له مفهوم قوي عن أحقيتها بأن تكون زوجته الأولى والأخيرة في حياته..

شاركته سمر الجلوس أمام التلفاز وهي تضع بعض المقبلات على المنضدة أمامه، ثم تأبطت ذراعه بوجهٍ مبتسم، قالت:

-بقالك أسبوع مش بتخرج، حتى قعدت من الشغل، ممكن أفهم ليه؟!

رقتها وحنوها وهي تخاطبه جعلته يسلم نفسه لها، ويتفاعل معها بعدما قد أوشك على الانفصال عنها، وينفذ رغبة الأخيرة التي صدق كذبها عليه، رد زين عليها بألفة:

-بفكر في اللي حصل معايا، سمر أنا عاوز أشوف حل علشان نخلف، مينفعش أفضل ساكت كده

بالرغم من تقبلها حماسه معها، شعرت بوخزة اخترقتها، فحقًا سيبوء ما سيقوما به بالفشل، وتماشت مع رغبته وقالت:

-اللي تشوفه يا زين أنا معاك فيه، حتى لو محصلش نصيب وخلفنا أنا هفضل على طول معاك

انشرح وجهه من أصالتها معه، فلمّحت سمر بطريق غير مباشر وهي تتابع:

-أنا بحبك صدقني ومش ممكن أخدعك في يوم من الأيام!

تأملها بمحبة وقد حمد الرب أنه دلّه على الطريق الصواب، واكتشف كل شيء من البداية، قال:

-خلينا نبدأ من بكرة، إن شالله نسافر برة، أنا عاوز يكون ليا ولاد

رغبته هذه المرة كانت خوفًا من شماتة لمى فيه، وربما تشفيها إذا علمت، فود حاليًا أن يجاهد لعدم حدوث ذلك، ثم انتبه لـ سمر تقول بمفهوم:

-فيه دكتور أعرفه صديق ماما، هو ممكن يساعدنا ونشوف الأسباب عندك ويحلها.

تمنى زين ذلك وتنهد، فقد استولى الأمر على كامل تفكيره، ولم يعد يهتم سوى بنفسه، خاصة أن الأخيرة قد اختارت حياتها، ولن يجبرها على البقاء معها، بل سيردعها عما تفكر به تجاه أخته، ولن يمهلها الفرصة لتنفذ مبتغاها الحقيـر -من وجهة نظره-.....!!

_________________________________________


مر أسبوع علمت به عن موافقة أبيها المبدئية، ولم تشك لحظة أنه سيغير رأيه دون سبب قاطع، فخاطبته بغرابة:

-حضرتك كنت موافق، وكمان ماما، هو حصل أيه؟!

احتفظ حسام بما أخبرته مريم به، عن مدى وقاحة هذا الشاب الذي ارتبط مسبقًا بزوجة ابنه الخائنة، قال:

-سيف فعلاً شاب كويس، بس أنا شايفه مش مناسب ليكِ!

علقت باستنكار شديد:

-مش مناسب!!، حضرتك اللي بتقول كده، من إمتى بتهتم بالكلام ده، مش ده اللي ربيتنا عليه وعاوزنا نطبقه!

خشي حسام أن يتبدل مفهومها عنه، فهو كما هو لن يتغير، وما يلجمه عن قول الحقيقة أنه لا يريد مضايقتها من أجل شاب مخادع كهذا، فرد بحذر:

-أنا زي ما أنا، بس مامتك رافضة وكمان زين، وقالوا مافيش داعي للإستعجال، على الأقل يكوّن نفسه ويجيب شقة، مش مأجرها!

ظهر الحزن والعتاب على ملامح لين وهي تستمع له، فلمعت عيناها بألم وهي تترجاه:

-لو سمحت يا بابا أنا موافقة اتجوزوه، وهو كويس ومظنش ألاقي غيره يهتم بيا

حرصت لين في كلامها مع والدها على التهذيب أثناء إعرابها عن قبولها للأخير، فأحس حسام بأن هذا الوقح قد تملك من مشاعرها وجعلها تتعلق به، فضمها حسام إليه وقد أراد أن يمنحها الأفضل، هتف:

-لازم تعرفي إني عاوز مصلحتك، وبقولك مصلحتك مش مع سيف، ويا ريت تنسي الكلام في الموضوع ده.

نبرة حسام وهو يتحدث أقلقتها بشدة، واستنتجت منها أنه لربما يجبرها على ترك العمل معه قادمًا، فهبت لترد بطاعة مزيفة:

-طيب يا بابا اللي تشوفه

تفاجأ حسام من تقبلها السريع، فابتعدت لين عنه تمسح وجهها، فمدحها بتعطف:

-عين العقل يا حبيبتي، وإن شاء الله ربنا هيبعتلك اللي يستاهلك

رسمت القبول لأوامره وتوقفت عن المجادلة معه، ثم استأذنت لترحل؛ لكن بداخلها ظلت تعرض ما يحدث معها، فميلها العنيف تجاه سيف حثها على البقاء معه هو، فلم تقابل شاب بطباعه وأخلاقه من قبل، وأيقنت أن سبب الرفض من والدها، غير مقنع ولن ترتضي به..........!!

____________________________________


توالت مفاجآته لها حين أخبرها بأنه أشهر إسلامه السنة الماضية، رغم فرحتها من كونه أصبح ضيف مرحب به في دينها، بل صاحب مكان، زاد شغفها لمعرفة الأسباب وراء ذلك، فسألته:

-وأعلنت إسلامك ليه، كان فيه سبب محدد؟!

رد بتلقائية:

-لقد أحببته، ووجدت فيه أمور كثيرة قد أفادتني في تجاربي، سواء في الحياة؛ أو في العمل!

ودت ماريان القفز فرحًا، ليس لأنه هكذا ستتقبله كزوج؛ لكن مدحه للدين الإسلامي أبهجها بحق، قالت:

-أنا كده احترمتك أكتر!

تفاءل زاك وهو يرد عليها:

-اتمنى أن تحبينني كذلك.

شعرت بالخجل من لطافته الدائبة معها، ولم تجد ثغرة واحدة تجعلها تتوقف عندها، والآن قد ربطت تجليته بالأخلاق الحسنة بمدى انتمائه لدينها، وأثناء حوارهما ذاك بداخل مكتبها، انتبهت لدخول السيدة إيما دون استئذان، وذلك ما ضايق زاك منها حين نظر لها بجمود، دنت منهما مزيفة ابتسامة فها قد وجدته كما توقعت، قالت:

-عندما أسأل عليك يقولون لي أنك هنا، أريد فهم ما الأمر؟

تعجبت ماريان من أسلوبها ولم ترد عليها، وتركت الجواب لـ زاك، والذي رد عليها بنبرة جافة:

-أردت فقط أن أشرح لـ ماريان بعض الأمور عن العمل هنا!

جلست إيما مقابيله بنظراتها الحاقدة، التي أدرك من خلالها غِيرتها من ماريان، فلم يتقبل زاك وجودها، فخاطبها بغلظة:

-ما الداعي لوجودك هنا، هل تحتاجين ماريان في شيء هام؟

انحرجت إيما من اسلوبه ناحيتها، وقللت من ماريان حين ردت عليه:

-في ماذا سأحتاجها!!، لقد كنت أبحث عنك أنت!

امتعضت ماريان من وقاحتها ولم تعلق، فقط وجهت نظرة إحتقار نحوها، وجاء رد زاك عليها حازمًا لرد اعتبار ماريان، قال:

-وقت لاحق إيما، لدي أمور كثيرة أود تناولها مع ماريان!

مرة أخرى أحرجها زاك، ولم تتحمل إيما لتنهض مقررة المغادرة، قالت:

-لك ما تريد دكتور زاك!

ثم تحركت للخارج مستاءة من فظاظته نحوها؛ ورغم ذلك رفضت ماريان اسلوبه، قالت:

-أحرجتها، إحنا مكناش بنتكلم في حاجة مهمة

نفض زاك ذكر ما حدث مجددًا وقال:

-أعارضك، فمناقشة أمر ارتباطنا شيء هام، على الأقل بالنسبة لي

رمشت عيناها بخجل، وربما رهبة ولدت بداخلها، فهي لم تفق مما حدث معها، ولم تتناسى من كان زوجها، وكلما تتذكره تكرهه تارة وتحبه بجنون تارة أخرى، وكانت تتيقن يوم عن الآخر أن الحب لا يمحى بهذه السهولة، ثم نظرت لـ زاك وأرادت طمأنته لحسن أدبه معها، قالت:

-لو فكرت اتجوز أكيد مش هختار غيرك.........!!

_______________________________________


قامت بتجفيف يديها بمنشفة المطبخ وهي تتحرك لتفتح الباب لمن أتاها دون موعد، وفور سحبها للمقبض دق قلبها فجأة، فقد عبرت رائحته لأنفها قبيل رؤيتها له، ثم بعجالة فتحت الباب على مصراعيه، لتجده يقف أمامها بطلعة أحزنتها، حيث كان باهتًا، ونحيفًا عن السابق، وبعاطفة أمومة دنت منه لتحتضنه، قالت:

-ابني حبيبي!

احتضن ريان والدته باشتياق كبير، وعليه علامات الوجع حيث أدرك تهوره، وبالأحرى ندمه، سحبته سلمى ليلج الشقة، هتفت:

-ادخل يا حبيبي!

تحرك ريان معها للداخل ببطء وقد تردد في ذلك؛ خوفًا من ردة فعل أبيه حين يراه، واستشعرت سلمى ذلك وقالت:

-دا بيتك، ومعتز أصلاً لو شافك دلوقتي مش هيسيبك تمشي

اطمأن قلب ريان ثم تحرك للداخل معها وقد خففت محبة والدته مما يعانيه في الأيام الدابرة، ثم جعلته سلمى يجلس وهي بجانبه مشرقة الوجه، سألته بتوق:

-أخبارك أيه؟!

تأملت ملامحه وهي تتابع بعدم رضى:

-مالك خاسس كده ليه وشكلك مهموم، احكيلي يا حبيبي فيك أيه؟

عادت ملامحه الحزن تنجلي عليه كلما تذكر الماضي، قال في ألم:

-مش مبسوط يا ماما، حاسس إني ضايع، وأنا بتهوري ده اللي بوظت حياتي وضيعت ماريان من إيدي!

نظرت له بشجن من أجله، قالت:

-دلوقتي حسيت إنك ظلمتها، يابني الخلفة بتاعة ربنا

رد مصححًا ما فهمته:

-مش دا السبب يا ماما، لو على كده بس مكنتش سيبتها، إنما هي كانت بتجرحني بكلامها، يمكن من غير ما تحس

-مش فاهمة يا حبيبي، قولي كان بيحصل أيه بينكم أنا مكنتش شيفاه؟

سألته سلمى بقلقٍ جم، فرد عليها مغمومًا:

-ماريان أوقات كتير بتحسسني بعجزي إني مش قد تلبية طلباتها، وإن لازم تكلم أهلها يعملوا اللي عايزاها، كلامها معايا بيبقى فيه تكبر شديد، ومبقتش باستحمله منها

لم تتخيل سلمى أن ابنها يعاني في حضرتها، هي تعلم بكل ذلك؛ لكن لم تتوقع أن الأمر يؤلمه، قالت:

-وليه مقولتليش، وأنا كنت هحل الموضوع بينكم، ليه تتجوز وتتصرف من دماغك!

قال بجدية:

-أنا متجوزتش يا ماما، دي كانت تمثيلية عملتها أنا وندى، وباين هتقلب بجد!!

سألته بجهل:

-يعني أيه؟!

أطرق ريان رأسه محرجًا من الشرح لوالدته؛ لكنه تشجع فقد جاء ليفرغ همومه عندها، نظر لها وقال:

-من غير قصد حصل بينا علاقة!

انصدمت سلمى للحظات، وسرعان ما عادت تقول بلا مبالاة:

-خلاص اتجوزها وطلقها، علشان ميبقاش حرام!

رد بحزن وكسرة كبيرة:

-اتجوزتها يا ماما، بس طلبت مني نأجل الطلاق شوية، علشان أهلها ممكن يزعلوا، ومش بعيد يتبروا منها.

تفهمت سلمى بقلبٍ نقي وضع هذه الفتاة، وأنها قد ظُلمت في المنتصف، قالت:

-اللي عملته يا ريان خلى الكل يكرهك، خصوصًا نور، يعني لو عملت أيه مش هتوافق على رجوعك لـ ماريان

هتف بامتعاض:

-ماريان بتحبني، وأكيد ندمانه على اللي حصل بينا، ولو روحتلها ما هتصدق وترجع ليا من غير تفكير

كان ريان واثقًا من كلامه جيدًا، فحركت سلمى رأسها باستنكار وقالت:

-بس اللي وصلني إنها نسيتك، وهتتجوز أول ما العدة تخلص....!!

_______________________________________


اعتزمت عدم إعطاء الأمر أهمية، ولو لنفسها فقط، فما نفذته من خديعة أشعرتها بالدونية في حق نفسها، وكم كانت حقيرة وهي تستغله بخسة ونذالة، وجاءت فعلتها طواعية لرغبة والدتها.

وبوضاعة شديدة أمرتها والدتها:

-متخليهوش يطلقك دلوقتي مهما حصل، علشان كل اللي خططنا ليه يكمل على خير!

ردت ندى عليها بانصياع:

-متخافيش مش هيطلقني، هو وعدني بكده!

لمحت والدتها أنها غير راضية عما يحدث، فرسمت قلة الحيلة والحزن عليها وهي تخاطبها:

-أنا باعمل كده علشان إحنا معندناش اللي يقف جنبنا، أبوكِ مات وسابنا فقرا، يعني اللي بتعمليه ده يا ندى مش حرام، دا فرصة ربنا قالك استغليها!

جاهدت السيدة في إقناع ابنتها؛ كي لا تتراجع في إتمام المهمة ومن ثم تفسدها، أردفت:

-أختك محتاجة تكمل تعليمها زيك، وأنا هجيب منين، أديك شايفة البير وغطاه!

أدركت ندى وضعهن المزري، ولم تجد وسيلة أخرى لتخرج من هذا المأزق، وبدأت خطتها وعليها التكملة، فربتت والدتها على كتفها لتزيد حماسها، قالت:

-ميكملش شهر كده وبلغيه إنك حامل، وهو هيفرح وهيكمل معاكِ إنتِ، وهينسى مراته خـــالص........!!

_____________________________________


رؤيته لها تعانده بهذا الشكل قد استفزه للغاية، فهو لم يرغب لهذه اللحظة بأن يتطاول عليها، أيضا يتخذ موقف حازم بصددها، فلديه ما يرغمها على الانصياع له، وكونه يحبها، لم يرغب في رؤيتها تُذل من قِبل أهلها.

هبط آيان الدرج بسرعة كبيرة وعينيه متصلبة بحنق عليها وهي تحمل هذا الولد الذي جلبته أمه قبل لحظات، وكانت زينة تدرك غضبه؛ لكن تجاهلته فهي بالطبع لن تنفعل هذا الهراء الذي أمرها به، وحين اقترب منها توترت، وفطنت مشادة قادمة بينهما.

وقف آيان أمامها متجهمًا وهي جالسة وتحمل يونس، خاطبها باكفهرار:

-يعني كلامي مبيتسمعش!

نظرت له بهدوء ظاهري وقالت محتجة:

-اللي بتطلبه مستحيل يحصل، لمى صديقتي وكمان قريبتي

صاح بانفعال جعلها ترجف:

-البت دي ماشيها مش مظبوط، وأنا مسمحش لمراتي تعرف واحدة بالأخلاق الو*** دي!

وضعت زينة الولد بجانبها وقد تضايقت من نبرته العالية أمام الأولاد، هتفت

-بطل تكلمني كده قدام العيال، إنت شخص مش مسؤول!

ضغط على عضدها بقوة جعلتها تتوجع، قال:

-لما تبقى إنتِ الأول مسؤولة وتحترمي جوزك لما يأمرك بحاجة

وجدت صعوبة في التملص منه وعبست، قالت:

-مش هتجبرني أعمل حاجة غصب عني، ووجودي هنا علشان الولاد، بطل تعمل فيها جوزي

-أنا جوزك غصب عنك!

تعالى صوته وهو يرد عليها فانكمشت مرتبكة، هددها علنًا:

-لو محترمتيش نفسك يا زينة، هاعمل حاجات مش ممكن تتخيلها، أنا بس عامل حساب العِشرة بينا

ثم فك قبضته وهو يرمقها بحنق، فردت عليه بتهكم:

-لو بتهددني بأهلي فأنت اللي هتخسر، لأنهم هيجوزوني على طول

علق بسخرية أغضبتها:

-وأيه اللي ضايقني في إنك تتجوزي، ولا علشان فاكرة إني أموت من غيرك، بالعكس أنا هاخد الولاد وهتجوز

بالطبع تفاجأت زينة وظهر ذلك عليها، مما جعله يبتسم بانتشاء، فابتلعت احتقاره لها وقالت:

-أنا مش عاوزة اتجوز، إنت كرهتني في كل الرجالة، ولو عايز تتجوز إنت حر، بس أنا هفضل مع الولاد ومش هغصب نفسي على حاجة

مل من غبائها وطريقته المستفزة، هتف:

-إنتِ واحدة نكدية، وأنا هيبقى عندي حق إني اتجوز، بس لتاني مرة هقولك راجعي نفسك، أنا مش عاوز خراب بيت

توجهت لتجلس من جديد وقد أعطت اهتمامها للأولاد فقط، متجاهلة إياه فأثارت حنقه بشدة، وهنا صر أسنانه وود أن يضربها؛ تأديبًا لها؛ لكنه لم يجد الوقت مناسب لفعل ذلك، ثم تحرك لخارج الفيلا وقد اعتزم توكيل تلك المهمة لشخص آخر، سيدفعها بكلمة واحدة للتراجع..........!!

_____________________________________


طيلة الطريق وهي تتحدث معه عبر الهاتف بجدية، بعكسه كان مزعوج من طريقتها؛ رغم شرحها الوافر له بخصوص حالته، ونبع ذلك من خوفها عليه.

وصلت سيارتها لأمام المشفى فقررت أن تنهي المكالمة حين قالت:

-على العموم أنا دلوقتي في المستشفى، لو حسيت بحاجة فورًا تجيلي، أنا والقرد مستنيينك يا حبيبي!

ثم كتمت ضحتها حين حاولت التمازح في حديثها معه، لتخفف من حدة الأجواء، ولم يتحمل أيهم ليغلق الخط فجأة، فترجلت رسيل من السيارة وهي تضحك، فاستقبلها عبد الرحمن ومن منظره تفهمت انتظاره لها، خاطبها:

-صباح الخير يا دكتورة رسيل، عرفتي باللي حصل؟!

سألت باندهاش:

-قول بسرعة، القرد كويس؟!

تلجلج عبد الرحمن كونها تعطي القرد أهمية كبيرة، فرد موضحًا:

-لأ بخصوص آلاء!

تنهدت بارتياح شديد، وانتبهت لقلة ذوقها بعد ذلك فسألته:

-مالها آلاء؟!

قال بابتئاس:

-امبارح وهي قدام صيدلية القصر العيني كان فيه عربية معدية خبطتها، ودلوقتي رجليها اتجبست!

حزنت رسيل عليها واستفهمت:

-بسيطة يعني ولا الكسر كبير؟!

-الحمد لله لوي في رجليها وربنا ستر والدكتور قال ترتاح، أنا بس حبيت أقولك إنها هتاخد أجازة وكده، يعني شوفي غيرها يمسك مكانها!

ردت رسيل بعملية:

-روح إنت على شغلك، وأنا بعد ما هكلمها هشوف مين هيكون مكانها.....!!

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

بداخل المعمل، دنت منها متعجبة وهي تراها تنحني بجزعها وتحدق باهتمام بالقرد، بل وتتابع بعناية حركاته وجسده ككل، وبعد أن طال ما تفعله تحدثت معها بتردد:

-فيه حاجة يا دكتورة رسيل؟!

اعتدلت رسيل سريعًا مضطربة، قالت:

-كنت بطمن على القرد!

ثم سألتها باحتراز:

-هو القرد ده امبارح كان حران أو بردان؟!

غلب راندا الذهول من أسئلة رسيل المعقدة، قالت:

-وهعرف إزاي، هو هتكلم معاه؟!!

أحست رسيل ببلاهة سؤالها فتراجعت عن إعادته، قالت:

-طيب تمام، أنا بحاول اتأكد بس إنه بخير.

قالت راندا باغتمام:

-عرفتي باللي حصل للدكتورة آلاء؟، رجليها اتجبست!

-أيوة كلمتها من شوية وهي بخير، حظها كويس قوي، مجرد لؤي محتاج راحة واحد وعشرين يوم!

قالت راندا بتفاجؤ:

-بجد!!، طيب الحمد لله، أصل وصلني إن رجليها اتكسرت

تحدثت رسيل في الأمر الهام وقالت:

-تقديرًا ليها خليتها تختار حد يمسك مكانها

ظنت راندا أنها المقصودة وابتسمت في نفسها؛ فتابعت رسيل بنبرة لا مبالاة:

-طلبت عبد الرحمن، وأنا وافقت!

ثم تحركت رسيل ناحية المواد المسنودة على الطاولة، وبدأت تتفحصها، تاركة راندا من خلفها متجهمة، ولم تعي رسيل بأنها ستنزعج من عدم اختيار آلاء لها، ثم لاحظت رسيل أن المواد خاصتها تبدلت مواقعها، وهذا يعني عبث أحدهم بها، فاستدارت بجسدها لـ راندا وسألتها بجدية:

-فيه حد دخل المعمل هنا ولعب في المواد بتاعتي؟!.........

_____________________________________


بمقهى راقٍ، جلست بصحبته شاجنة، وهو أيضًا مثلها، بعدما سردت له رأي والدها والأسرة في ارتباطهما، وطال الصمت بينهما، حد أضحت الأجواء كاسفة شجية، ثم تبادلا النظرات معًا، وكأنه يلح من خلالها بأنه يتمناها وغير راضٍ عما يحدث، كذلك هي أيضًا، ما زالت مزعوجة وبائسة، سألها بوجع:

-هنعمل أيه يا لين، أنا بحبك، وكان عندي أمل ارتباطنا يكمل؟

ردت بتحسّر:

-أنا مش عارفة أعمل أيه، فجأة كده بابا رفض، مع إنه كان موافق، وماما كمان، مرة واحدة غيّر أسلوبه!!

آلمه قلبه وهو يشبع نظراته من ملامحها، سألها بنبرة ضائعة:

-يعني مافيش أمل؟!

أخفضت نظراتها ولم تجد إجابة، فاختنق سيف وأحس بانعدام قيمته أمامها، فهتف بعصبية:

-أنا لو بإيدي كنت خطفتك واتجوزنا، وحطيناهم قدام الأمر الواقع

كلامه جذبها للغاية حين ركزت جيدًا معه، ثم حملقت به وقد أحبت هذه الفكرة المحنكة، قالت:

-موافقة نعمل كده!

أدام النظر إليها وأهمل فكرة موافقتها على ذلك، فتحمس وابتسم، هتف:

-موافقة نروح نتجوز؟!

ردت بموافقة:

-أنا وإنت مش صغيرين، ممكن نتجوز وهما لما يحسوا بينا هيتقبلوا جوازنا، وإن الفروق الاجتماعية دي كلام فاضي

تجرأ سيف وضم كفيها بين راحتيه، ثم أعرب عن عشقه لها وتمنيه الجارف لأن تكون معه، قال:

-مش عاوزين نضيع وقت، يلا نروح نتجوز

ارتبكت من الفكرة في المجمل وخجلت، استفهمت:

-طيب مش نتكلم الأول بعد ما نتجوز هنعمل أيه؟

رد بتملك شديد:

-هتبقى مراتي ومن حقي و...

لم يكمل ليجعلها تتفهم الباقي، فابتسمت بخجل شديد، أردف:

-قومي مافيش وقت طالما عايزين بعض.......!!

___________________________________


مهاتفة أخيها لها جعلت الهلع يدب في قلبها، ووجدت نفسها دون اكتراث تردد كلمات الطاعة له، وبكت في صمت وهي يوبخها ويسبها بطريقة أحزنتها، هتف عمرو بحدة:

-جوزك لو اشتكالي تاني يا زينة مش هتلومي غير نفسك، وهتكرهي اليوم اللي اتولدتي فيه، إحنا معندناش ستات تطلق

ثم أغلق الهاتف وتركها تبكي بمرارة بعد تحذيراته القاسية لها، وبعد وقت قضته هكذا تنعي حظها الفج، نهضت من مكانها تبحث عن زوجها الذي وضعها في هذا الموقف؛ لتوبخه، فقد زادت كراهيتها له، وانكتلت تبحث عنه حتى لمحته من الشرفة في الحديقة يهاتف أحدهم، واستشفت أنه يتحدث مع أخيها، ويبلغه باتمام مهمة ترويضها..

في غضون دقائق قليلة كانت قد وصلت زينة إليه، وبدت حالتها غاضبة، وتعالت نبرتها وهي تخاطبه:

-قصدك أيه باللي عملته ده، مفكر كده هتجبرني

هتف باحتدام:

-واضح إنك مش هتتغيري، ومحتاجة قرصة ودن أشد!

ضحكت زينة بألم وهي تبكي، فقد تعرضت لظلم كبير وإهانة، وكل ذلك بفضل من يقف أمامها ويفرض شروطه عليها، هتفت بقهر:

-لو سيادتك قاصد تكسرني فأنت كسرتني زمان، واتجوزتني غصب عني، ليه مسبتنيش في حالي، كان أهلي على الأقل احترموني، مش في نظرهم واحدة شايلة فضيحة، أنا بكرهك يا آيان، إنت واحد أناني!

تأملها آيان بشفقة حال بكائها بهذا الشكل الموجع وهي تعاتبه، فانتحبت زينة أكثر وهي تتابع:

-حبيت توصلي ومفكرتش فيا، حبتني إنت كداب، لو بتحبني بجد مش هتقبل حد يقلل مني، هتعملي حساب، وأخرهم ذلتني قدام أخويا، عاوز تاني تجبرني أرضى بيك

ثم صاحت بعنف أشد وهي تدفعه بكفيها للخلف من صدره:

-أنا المرة دي أموتك بجد أحسن وأموت نفسي، مفكر نفسك أيه علشان تتحكم فيا

كل ما تهتف به استنكره بالطبع، هو يحبها وبجنون؛ لكنه فشل في توصيل مشاعره بطريقة تتقبلها، وكان مندفعا في بعض الأوقات، فدافع عن موقفه هاتفًا:

-كل اللي بتقوليه مش صح، أنا فعلاً كنت عايزك، أيوة فكرت في نفسي وقتها إن أخليكِ ليا، بس دلوقتي بس فهمت قد أيه كنت أناني لما اقنعت نفسي إنك هتحبيني

أحسن آيان بالضعف أمام هيئتها تلك، ولم يتحمل رؤيتها بائسة هكذا، ولان قلبه نحوها ليعيد تذلله لها وقال:

-عاوزاني أعمل أيه وأنا هاعمله، بس أرجوكِ بلاش تبعدي عني، إحنا بينا ولاد ومرينا بحاجات كتير حلوة متنكريش

بدأت تتراخى قوى زينة من فرط انفعالها، وشعرت بدوار في رأسها، وقبيل أن يأخذ آيان ردة فعل، كانت قد ظهرت نور بعدما استمعت لكل حوارهما من البداية، هتفت:

-كنت حاسة إنك اللي عملتيها قبل كده، عاوزة تقتلي ابني يا مجرمة، أنا كنت متأكدة بس حبيت اسمعها منك وحصل، فكري كده تعمليها تاني

حالة زينة الخاملة أجبرتها على السكوت، فقد تعبت من المجادلة ومن كل ما تمر به، حد أنها استسلمت للموت ورغبت في التخلص من روحها، فتدخل آيان ليرد على والدته بجدية:

-أنا راضي يا ماما، ودي حياتي أنا

صاحت بتوغر صدر:

-اتجننت، دي بتكرهك، مسمعتش قالتلك أيه؟!

سحب آيان زينة لصدره فاغتاظت نور من تذلله ذاك أمامها، ولم ينتبه أنها على وشك فقدان الوعي، خاطب والدته بحزم شديد:

-لو سمحتي يا ماما متدخليش في حياتي أنا ومراتي، أنا مش صغير ومش همشي على هوى حد..........!!

_____________________________________


حين فتحت باب الشقة وخطت بقدمها للداخل، أحست بعودته، من رائحته ومن الأصوات المنبعثة من غرفة النوم، فأوصدت الباب ثم ركضت متهللة فقد اختفى أسبوعا كاملاً..

توجهت لمى لغرفة النوم ثم تيبست على أعتابها حين رأته يجمع متعلقاته في حقيبة كبيرة، تأملت ما يفعله بذهول وقلق، ثم تحركت متذبذبة ناحيته، سألته بعدم فهم:

-بتعمل أيه زين؟!

ثم تكهنت ردة فعله، والتي من الواضح هو مغادرته للمكان، ومن بعدها انفصاله عنها، ترك زين ما بيده وطالعها بجمود أفزع قلبها وأهرق مخاوفها، قال:

-أنا شبعت، فقولت كفاية كده وننهي كل حاجة!

أراد بأي صورة أن يحتقرها، ولن يبالي بردة فعلها، فهي مزيفة ومختلقة على الأرجح، فتملك من لمى وجع يفوق المرة السابقة حين أهانها بشكل صريح، قالت:

-من كل عقلك بتتكلم، إنت ليه كده، أنا رجعتلك بمزاجي؟!

اقترب منها أكثر وقال كابحًا عصبيته:

-شوفي يا لمى، إنت واحدة رخيصة ورأيي مش هيتغير فيك، ولحد دلوقتي مستحمل قذارتك ونيمتك في حضني، بس كده كفاية!

تلعثمت من هول ما تسمعه منه، وتلاشت الكلمات إثر صدمتها من استمرار إذلالها لها، فأجهشت بالبكاء وقالت:

-حرام عليك، عملتلك أيه، أنا كنت معاك واديتك الأمان، سلمتك نفسي وعقلي، وفي الآخر بتلعب بيا

مرر نظراته عليها وأبدى إعجابه من براعتها في التمثيل، هتف:

-بطلي بقى كفاية، أنا ساكت ومش عايز اتهور، لأن ممكن أخلص عليكِ دلوقتي، بس أنا مش عاوز أوسخ أيدي وأودي نفسي في داهية علشان واحدة سـ*** زيك!!

انفجرت لمى ولم تتحمل تواقحه عليها ونعته لها بصفات بذيئة، فنهرته بعدائية:

-السـ*** هو إنت، أنا أشرف منك ومن أهلك

ثم صرخت بعنف حين هوى على وجهها بصفعة جعلتها تفترش الأرض أمام قدميه، نظرت له لمى بصدمة والدماء تتساقط من جانب ثغرها، حذرها:

-كلمة زيادة هدفنك إنتِ وابنك في تربة واحدة!

بكت في صمت وهي تضع يدها مكان صفعته، وباحتقار دفعها زين في صدرها بقدمه، قال:

-هو دا أخرك فعلاً، تحت رجليا، متفكريش هتذليني، أنا أدوس على قلبي لو كان بيحبك قصاد كرامتي

هو يجدها خائنة قد خدعته، وهي اكتشفت أنه يتلاعب بها، بل واستغلها ومرة ثانية تساهلت معه ورخصت نفسها قبيل جسدها له، نظرت له بأعين باكية وقالت:

-هتندم يا زين!

تجاهلها ليكمل ترتيب متعلقاته في الحقيبة، أمرها بصريمة:

-وشك ده مش عاوزوه يصادفني في مكان، وكمان الو*** اللي ماشية معاه خليه يبعد عن أختي، لأن مش هسيبك قبله لو قرّب منها!

استشفت لمى أنه لربما تضايقه من زواج سيف من أخته دفعه ليفعل ذلك معها؛ لكن سرعان ما عارضت، فكراهيته نابعة من داخله، وفقط ما حدث جعلها تستفيض، فانقهرت لمى وقالت:

-بجد هتندم، ومهما عملت مش هرجعلك تاني

تركها تهذي كما تشاء واستكمل ما يفعله، فحاولت أن تنتقم منه بأي شكل وترحم روحها الغاضبة مما تراه، فاندفعت وقالت:

-على فكرة أنا حامل، بس أنا مش هنزله بالعند فيك وهحرمك منه، لأنك بجد تستاهل

كظم غيظه من ردها الذي أفعم هياجه، وفي ثوانٍ انخفض لمستواها، ثم صرخت بهلع شديد حين قبض على فكها بغل وكراهية، صرخ بقوة:

-قولتلك بطلي تلعبي معايا، فاكرة مش فاهمة جيباه منين، كلمة زيادة هخليه يشرف بدري قدامك

ثم اعتصر فكها بين أنامله، ولم يخلصها منه سوى طرقات الباب المتتالية، فاعتلي ثغره بسمة متشفية وقال:

-عارفة مين اللي جيلنا؟

بدا عليها الجهل والارتعاد أكثر، فاتسعت بسمته الفرحة وهو يتابع باغترار:

-دي الشرطة، أصل رجعت بلغت عنك، ما أنا مش هرتاح غير لما أسجنك، كده أحسن علشان متكونيش لأي حد.........................!!

*********************
إلي هنا ينتهي الفصل السابع عشر من رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت
تابع من هنا : جميع فصول رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت
تابع من هنا: جميع فصول رواية أرض زيكولا بقلم عمرو عبدالحميد
تابعوا صفحتنا على الفيس بوك للمزيد من روايات عربية
أو أرسل لنا رسالة مباشرة عبر الماسنجر باسم القصة التي تريدها
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة