-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت - الفصل التاسع عشر

مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة وأجمل الروايات الممتعة والروايات الرومانسية مع رواية رومانسية اجتماعية واقعية جديدة للكاتبة إلهام رفعت ورواياتها التى نالت مؤخرا شهرة على مواقع البحث نقدمها علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل التاسع عشر من رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت

رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت - الفصل التاسع عشر

تابع من هنا: روايات رومانسية جريئة 

رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت

رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت - الفصل التاسع عشر

 فور دخول ابنتها من الباب أصيبت بحالة من الصدمة الممتزجة بالجنون، وفطنت تعرضها لموقف من القسوة الممتهنة، التي يفتعلها فقط الحقراء، ووقفت مستاءة تحدق بهذه الكدمات الزرقاء التي غطت وجهها إلى حدٍ ما، وظلت هكذا منفعلة؛ حتى اقتربت ابنتها منها، وتبدلت مشاعرها ليكسو الحزن تعابيرها، قالت:

-أيه اللي عمله فيكِ المجرم ده يا لمى؟!

بطلعة مبتئسة وجسدٍ مرهق، ارتمت لمى في أحضان والدتها، فربتت السيدة إيمان على ظهرها لتواسيها، ثم بهدوء جعلتها تجلس معها على الأريكة الجانبية في غرفة المحقق، الذي بدوره ترك لهم بعض المجال للحديث، وهنا انتبهت لمى لوجود أيهم أيضا حين خاطبها مستفهمًا:

-لمى احكي حصل أيه؟!

انتفضت متفاجئة لتبتعد عن والدتها وتراه، ثم نهضت وتحركت ناحيته متلهفة وهي تجهش بالبكاء، وبلطفٍ منه طوقها أيهم بذراعيه، قال:

-إهدي كده واحكيلي، وغلاوتك عندي لهاخد حقك

بكت لمى في صمت، وأحست بأن وجوده خلق بداخلها قوة قد افتقدتها، كونها تحتاج للسند، فوجودها وحيدة بعثر كيانها وأوهي شخصيتها، وبعد وقت من طلب أيهم لها بالهدوء سكنت قليلاً، ثم جلس ثلاثتهم فقط يتحدثون، استجمعت لمى كلماتها وأخبرتهما بما حدث وبما مرت عليه، فقالت السيدة معلقة على ما حدث:

-أنا طلبت عمل تحليل يثبت إنه أبوه، علشان تخرجي من هنا!

عاتبتها لمى بعدم رضى:

-ليه يا ماما كده، البني آدم ده مش عاوزاه يعرف بالولد!

تدخل أيهم وسأل باستنكار:

-ليه يا لمى؟، المفروض الحقيقة تبان علشان تثبتي إنك أشرف منهم وإنك مش الكلام اللي بيقولوه، دا حقك

ردت محتجة بوجع:

-يحصلي أي حاجة، إلا إنه يعرف بـ يونس، دا دمرني وبهدلني كتير يا أيهم

قالت السيدة بعدم اقتناع:

-أومال هتخرجي إزاي، لازم براءتك الكل يعرفها، كده بديني نفسك ودا مش في صالحك

حركت رأسها بعدم قبول لكل ما تسمعه منهما وأصرت على موقفها، فهتف أيهم بضيق:

-لمى فكري كويس، من شوية طلع قرار بالقبض على سيف بتهمة إنك اتجوزتيه على جوزك، يعني عشيقك، ولو مأثبتيش العكس هتفضلي معاه هنا!

وضحت لمى وجهة نظرها حين خاطبتهما باطلاع:

-يونس مكتوب باسم بابا، ممكن أقول إنه طفل يتيم تكفلت بيه، وأصلاً لو اتعمل تحليل لـ سيف والولد مش هيطلع ابنه، ومش هيبقى فيه أي دليل يدينا علشان نتحبس هنا!

تبادلت السيدة النظرات مع أيهم وبدا أنهما قد اقتنعا بكلامها، فأردفت لمى بعزيمة:

-بسهولة من هنا هخرج، وهكسب إنه معرفش بالولد، لأنه إنسان ندل وممكن يعمل أي حاجة وياخد ابني مني

وافقتها السيدة الرأي ثم نظرت لـ أيهم وقالت:

-خلاص يا أيهم، خلي المحامي يمشي على الكلام ده، ويسحب الكلام الأولاني، أنا كمان مش عاوزاه يعرف بـ يونس، دا عذب بنتي كتير وأنا كرهته!

ثم تأملت السيدة من جديد وجهها اللاحب من كم القسوة التي نالتها ابنتها بسببه، وفكر أيهم جديِا في ذلك، وبالطبع لن يخالف رغباتهن، وأبدى قبوله لها حين قال:

-هاعمل كل اللي يريحكم طالما حابين كده!

هبت السيدة لتقول في رجاء:

-أيهم إنت كمان وعدتني يخلوا سبيل لمى، اوعى تنسى

ابتسم في ود لـ لمى ورد بتأكيد:

-هيحصل، هاعمل المستحيل وأخرجها..........!!

______________________________________


اعتدلت لتجلس على استحياء وهي تجمع شعرها للخلف، مرتبكة لتلك اللحظة مما حدث بينهما، ثم سحبت الغطاء قليلاً عليها، فاعتدل سيف وهو يطالعها بنظرات محبة؛ كونه غير مصدق لتلك اللحظة أنه معها، أيضًا لاحظ قلقها ورهبتها مما حدث بينهما، خاطبها بصدق:

-لين أنا كان عندي استعداد نتجوز شرعي، بس المأذون مش هيوافق وهيطلب ولي ليكِ، مكنش قدامي غير الجواز العرفي

مسحت وجهها في توتر ظاهر وقالت:

-مش عارفة اللي حصل بينا صح ولا غلط، بس أنا منكرش إني خايفة كتير..

مسد على شعرها وقد استنكر خوفها منه، قال:

-اوعى تكوني فاكرة إني ممكن اضحك عليك، أنا بحبك ومعاكِ للنهاية!

نظرت له وهي لا تريد أن يخيب ظنها، قالت:

-سيف أنا اقتنعت بكلامك ووافقت نكون مع بعض، اوعى في يوم تقولي إني رخيصة ومتقدرش ترتبط بيا!

رفع كفها ليقبله، حيث أعرب عن صدق نواياه، هتف:

-مستحيل اعمل كده، أنا بحبك، ومبسوط إنك وافقتي ورجعتي في كلامك اللي قولتيه قدام نيفين

نبهت عليه وهي تعلق على كلامه قائلة:

-نيفين مش لازم تعرف إني رجعت في كلامي، ممكن تحتقرني وتفكر إني مش كويسة!

ابتسم وهو يسحبها لتقبع بين أضلعه، قال:

-كل كلامك هيتنفذ، المهم مش عاوزك تقلقي وتنسي أي حاجة ممكن تنكد علينا وإحنا مع بعض!

شعرت بالخجل وهو يعيد لمساته عليها ويدفعها لتكرار ما حدث قبل قليل؛ لكن استوقفهما طرقات عنيفة على الباب جعلتهما في حالة من التوجس والاندهاش، فارتعشت لين وهي تسأله:

-أكيد بابا عرف وجاي يبهدلنا!

هذا ما دهاها فكرها إليه من فرط خوفها من تلك العلاقة السرية، بعكس سيف فقد تعجب وقال:

-ما افتكرش اللي بتقوليه ده، ممكن تكون نيفين والموضوع مهم!

ثم نهض وهو يجذب ثيابه ليرتديها، تابع:

-البسي هدومك واطمني مافيش حاجة!

بادرت لين بارتداء ملابسها في عجالة، بينما انتهى سيف ثم دلف للخارج وهو يقصي خصلاته للخلف، وكان ما زال مدهوشًا من وقاحة القادم وطريقته الفظة في طرق الباب، وحين فتح صُدم من كم رجال الشرطة أمامه، قال:

-خير، عاوزين مين؟!


واربت لين باب الغرفة قليلاً في حذر؛ كي تسمع وترى ما يحدث، ثم انتبهت للضابط يرد عليه ويقول:

-اتفضل معانا يا استاذ سيف، عندنا أمر بالقبض عليك بتهمة الزنى

جف حلق لمى وتملك منها الرعب، فقد ظنت الكلام عليها وعلى علاقتها الآثمة به، وحتمًا سيأخذونها معها؛ لكن متابعة حديث الضابط بدل خوفها لصدمة مدمرة حين قال:

-زين حسام القاضي بيتهمك إنك على علاقة بمراته الأولى لمى ومخلف منها ولد!

سَماعها لاسم أخيها جعلها تتسمر مكانها، وفورًا هجمت الأسئلة على عقلها، وأولها ما علاقة سيف بأخيها؟، ثم انتبهت لهم يأخذونه معهم، فحاولت الهدوء واطمئنت برحيلهم، وظل فقط تحيرها مما حدث للتو، فتحركت لردهة الشقة ترجف، وما جاء على ذهنها واستشفته أن علاقته بـ لمى أكيدة، فقد رأتهما من قبل، وبدأ القلق والظنون تساورها، وخشيت أنه جاء ليستغلها ويخدعها لأمر ما تجهله بالطبع، ثم جلست على المقعد منكبة، لاعنة تهورها وجهوليتها في إتمام هذا الزواج، ثم شرعت في البكاء تعبيرًا عن ندمها، ولاح خوفها على جسدها المرتعش فقد ألقت بنفسها إلى التهلكـة............!!

_____________________________________


أخذها لغرفتهما بالفندق بعد إجرائه للتحاليل اللازمة، ونتيجته ستأخذ بعض الوقت، لذا اعتزم زين أن يأتي بـ سمر للفندق، على موعد بعودته للمشفى بمفرده، ليواجه الخبر - الذي تأكد سابقًا منه- بنفسه، وأثناء جلوسهما بالغرفة لاحظ زين حالة التيه والشرود التي بدت فيها، حدثها بترقب:

-بتفكري في حاجة يا سمر؟!

نظرت له بانتباه وقد توترت داخليًا، ردت برباطة جأش مزيفة:

-لا يا حبيبي، أنا بس مشغولة بنتيجة التحليل، ليه مخلتنيش استنى معاك!

جملتها كانت تنافي قبولها لقراره، فهي لم ترغب في المواجهة حين تظهر الحقيقة، وبالطبع ستزيف الفرحة حينها، وعليها التهيئ جيدًا لهذه المناسبة، التي جهلت نهايتها، رد عليها بهدوء حزين:

-أنا هفهم منهم حالتي وأيه الإجراءات اللي ممكن اتبعها معاهم، وبعدين في العلاج أكيد طبعًا يا حبيبتي هتكوني معايا.

ودت سمر الضحك لتسخر من كلامه، كذلك تحسّرت على نفسها وزاد قلقها حين يعلم، حقًا هي رتبت كلامها جيدًا؛ لكن ذلك لم يمنع قلقها من السيطرة عليها، وحين ضمها بذراعه إليه اضطرب قلبها بشدة، هتف:

-إنتِ أصيلة يا سمر، عاوزك تسامحيني لو كنت غلطت فيكِ، أنا باعترف إني كنت أناني معاكِ، بس أنا اتغيرت!

حديثه معها أراحها قليلاً، وفكرة تركه لها عادت تراودها من جديد، وطرأ عليها سؤال أرادت أن تطرحه عليه، وهو عن تبدل الأوضاع، وتحمست لتسأله، ثم ابتعدت لتنظر لعينيه، قالت:

-زين لو كنت أنا اللي مبخلفش كنت هتعمل زي اللي عملته معاك، كنت هتقولي هنفضل سوا ومش هتسيبني!

بدت تنتظر بلهف وشغف رده عليها، وكانت تعلم بداخلها أنه لا؛ لكن حين قدمت ولائها، سترغمه بالطبع على فعل المثل معها، فتوتر زين من سؤالها المفاجئ، فقد أراد أن يتركها وهو المصاب، فماذا عن إذا كانت هي؟، تهكم من نفسه ومن ذبذبة أفكاره وقراراته السابقة، بعكس الآن فقد أصبح متعقلاً ومنتبهًا، وكي يرضيها ويثنيها عن اصالتها معه قال:

-بعد الشر عنك، ووقفتك جنبي مش هنساها، وأنا هاعمل كل اللي اقدر عليه علشان نخلف إن شاء الله!

رده لم يكن هو من تنتظره، وتأكدت أنه إذا وجد الفرصة لتركها، خاصة ادعاء الكاذبة زوجته الأولى لربما يكون حقيقيًا، فسوف يربط قدرته على الإنجاب بأنها مصيبة، وكل الخوف سيقبل عليها حين يثبت صحة ذلك..

انتبها لرنين هاتف الغرفة فنهض زين ليجيب، قال:

-Yes!

كانت المكالمة محولة إليه من المشفى، فتعجب زين من مهاتفتهم له وعدم انتظارهم لحضوره، قال الطبيب بعملية:

-Mr. Zain, welcome, I am pleased to inform you and assure you that your examination is correct, and there is nothing to prevent your conception!

-سيد زين، أهلاً بك، يسرني أن أبلغك واطمئنك بأن فحصك سليم، ولا يوجد هناك ما يمنع إنجابك!

تلعثم زين وتقطعت كلماته من شدة الفرح والاستنكار معًا، فنظرت سمر له بانتباه وتركيز لتفهم ماذا، ثم وجدته يرد عليه في غرابة جعلها تنتفض:

-حضرتك متأكد إن دي تحاليلي........!!

____________________________________


جلوسها بمفردها هكذا وعدم مشاركته في تناول الطعام جعلته يتيقن أنها تفكر فيما حدث، خاصة ما قالته لمى مؤخرًا، لذا انضم لجلستها ليتحدث معها بجدية بشأن كل ذلك، قال:

-مريم أيه رأيك في اللي البنت دي قالته!

تركت مريم تفكيرها جانبًا ثم انتبهت له، قالت:

-لحد دلوقتي مش مصدقة كلام زين أخويا، أكيد مش هيكذب ولا هينقلي كلام مسمعهوش بودنه!

سألها باندهاش:

-طيب إنت تصدقي إن كلامها صح، هل فعلاً ابنها من زين وخباته علينا؟!

متابعة مريم لترك هذه الفتاة ابنها من البداية عدة سنوات وحتى بعد عودتها مع رجل آخر جعلتها تتأكد من كذبها، قالت:

-أكيد حيلة منها علشان تخرج من القضية اللي زين عملها فيها

قال في حيرة:

-لحد دلوقت مش فاهم حاجة، زين رفع عليها قضية وبلغ عنها، طيب هو فين من كل ده، ليه يختفي؟!

تفكيرها العميق جعلها تخمن السبب فقالت:

-اللي فهمته إنه كان عاوزها تتحبس كام يوم من غير ما حد يعرف، بس هما اكتشفوا ده بالحظ

كونه لم يجد تخمين آخر وراء اختفائه، اقتنع بذلك، قال:

-طيب راح فين؟، على الأقل يقولنا، إحنا أهله، ميسبناش قلقانين كده.

شفقت مريم على حال ابنها وبما يمر به من مصائب، ردت باقتطاب:

-خليه براحته، تلاقيه مش عاوز يوري وشه للناس، ما هي فضيحة، الله يكون في عونه

استاء حسام من غبائه ككل مرة وقال:

-مش كان مش واثق فيها، ليه كان سايبها بقى على ذمته، وكان خادعنا كلنا، وليه رجع ليها تاني وهو عارف ومتأكد إنها راجعة بعيل وراجل كانت معاه

انفعل حسام من أفعال ابنه المناقضة لما يقوم به الآن؛ ورغم تعطف مريم نحوه، أخذت موقف أيضًا كزوجها وانزعجت من رجوعه لهذه الفتاة، فعبست قائلة:

-أنا كمان مش فاهمة ليه يعمل كده، والمفروض كمان كانت معاه وعايشة في شقته، أيه اللي اتغير!

انتبه حسام لنقطة ما تذكرها فقال:

-زين كان بيقول إن البنت دي حامل، ممكن يكون ابنك اكتشف إنها كانت بتقابل الراجل ده وحامل منه

-سا*** وحقيرة وعديمة التربية، أيه الجديد فيها

تعصبت مريم من كلام حسام وزادت كراهيتها لهذه الفتاة، فتابعت بغل:

-أنا بنفسي هقوّم محامي يطلع البلا الأزرق على جتتها، هخليها تاخد إعدام بنت الـ*** دي.


ولوج لين الشقة قطع حديثهما، وعندما خطت لين للداخل ارتبكت فجأة من نظرات والديها نحوها، فنهضت مريم على الفور متجهة نحوها، خاطبتها بسخط:

-شوفتي يا لمى الـ*** اللي كنت عايزة تتجوزيه عمل أيه، هو اللي ماشي مع الحيوانة مرات أخوك ومخلف منها

بدأت ملامح لين تأخذ وضع البكاء فقد جاء كلامها متأخرًا، فحزنت مريم عليها وواساتها:

-متزعليش نفسك، إحنا مكناش عاوزين نزعلك ونعرفك الحقيقة علشان أكيد كان بيلعب عليكِ، وأكيد البت دي قالتله يعمل كده، عاوزة تدمر حياتك زي أخوكِ، فهمتي دلوقتي ليه باباك رفض جوازك منه

شرعت لين في البكاء المرير، ليس لما تقوله والدتها، بل أنها قد انتهت بالفعل، فضمتها والدتها وقالت:

-حبيبتي حاسة بيكِ، المجرم ده كان لاعبها صح، خلاكِ تشتغلي معاه وبعدين علقك بيه، بس الحمد لله ربنا كشفه لينا قبل فوات الأوان.

لم تكف لين عن البكاء بل كان يزداد، قهرًا مما لاقته، فتدخل حسام لينصحها بهدوء ويخفف عنها، حين أخذها من أحضان مريم لأحضانه، هتف:

-هتزعلي شوية بس بعدين هتكتشفي إن ربنا رحمك، أنا عارف إنك مصدومة فيه، بس يا حبيبتي متستغربيش، إنتِ صغيرة والعُمر كله قدامك، وأكيد هتلاقي اللي تحبيه ويكون محترم

ربتوا عليها سويًا وخاطبوها بعبارات المواساة والتعطف؛ كي تتناسى؛ لكن ليتهم يعلمون بالحقيقة، فماذا ستكون ردة فعلهم حينها؟، صدقًا لن تجرؤ على النطق بكلمة!، وحاليًا التزمت الصمت؛ علها قادمًا تجد حل لمصيبتهـا.......!!

_____________________________________


طالعت الأوراق بتركيز شديد ومعالم الانبهار واضحة عليها، ثم سارت ناحية مكتبها وهي ما زالت تقرأ مرة وأخرى النتيجة، ثم جلست على مكتبها في حالة ذهول، رفعت رسيل أعينها البراقة عن الأوراق ثم وزعت أنظارها بين تقى وعبد الرحمن، قالت:

-عارفين دا معناه أيه؟!

جلس الاثنان مقابيلها في تهلل، هتف عبد الرحمن بحماس:

-دكتورة رسيل اللي حصل ده شيء خرافي، دا إنجاز مش أي حد يعمله

أضافت تقى باعجاب:

-سيادتك بالاختراع ده هترفعي اسمك فوق، وكمان كل العالم هيتكلم عنك، دا حاجة ولا في الخيال، كل تحاليل أيهم بيه سليمة مية في المية!

قالت رسيل باغتباط:

-حتى بوادر السكر اللي كانت عنده من سنين راحت، كل حاجة عنده تمام ومظبوطة بالأرقام!

هتف عبد الرحمن بجدية:

-لازم يا دكتورة نجرب الدوا ده على حد يكون تعبان بمرض أقوى، ونشوف تأثير الدوا ونتأكد!

ردت عليه بتخوف:

-إزاي اعمل كده والدوا متصدقش عليه من الوزارة، لازم يكون صالح للاستخدام الآدمي علشان اعمل كده!

اقترحت تقى بحماس:

-ممكن نأجر حد بالفلوس، ونقوله الحكاية واللي فيها، وأكيد فيه كتير بيقبل كده!

لم تقتنع رسيل باستغلال المرضى لصالحها فقالت برفض:

-لا طبعًا، هستغل عيا الناس وحياتهم في تجاربي

علق عبد الرحمن باستنكار:

-طيب ما أيهم بيه أخد منه والتحاليل تمام بل بالعكس صحته بقت أحسن من الأول!

قالت تقى بتأكيد:

-ودا أكبر دليل إن لازم تكوني واثقة في النتيجة وإن كل حاجة هتمشي تمام، يا دكتورة فيه ناس من كتر ما هي متضايقة من المرض بتفكر تنتحر!

باتت رسيل قاب قوسين، ولم تجد طريقة أخرى لثبوت نجاح اختراعها، وما يدفعها للقبول هو أن زوجها قد تناوله، وها هو الآن بصحة جيدة، وبدأت تقتنع لتوافق تدريجيًا حين قالت:

-اللي يوافق يمضي على تعهد إن لو حصله حاجة إحنا غير مسؤولين............!!

____________________________________


للتو خرجت من المرحاض بعدما اغتسلت، ثم جلست أمام المرآة لتضع على ذراعيها وعنقها كريم للبشرة، ليلطفها، ولم تنتبه لولوجه الغرفة، بل لوقوفه من خلفها ويحدق بها، فقط أنفاسه من جعلتها تعي وجوده، ثم ارتبكت وهي تستدير بجسدها ناحيته وهي ما زالت جالسة على المقعد، ثم نظرت له بأعين مهزوزة من نظراته المتمنية نحوها..

مرر آيان نظراته عليها بداية من شعرها المبتل؛ حتى ثوبها الرقيق الذي نال من المياة القليل ليبدو عليها مثيرًا، فنهضت زينة مدعية الانزعاج وهي ترتدي الروب، هتفت:

-أيه اللي دخلك اوضتي من غير استئذان؟!

ثم ضمت ذراعيها حول صدرها بضيق، فرد عليها ببرود:

-أيه مش من حقي، ومالك متضايقة كده ليه، على أساس كل ده مشوفتوش قبل كده!

لمح لها برؤيته لها ولا جديد لتخفيه عنه، فصدمت زينة من وقاحته التي استجدت عليه حين يتحدث معها، تابع بابتسامة متسلية:

-زينة متبقيش هبلة، اعقلي إحنا بينا عيال وأنا عارف إنك بتحبيني!

ثم تحرك نحوها فاقشعرت من ذلك، وحين وقف أمامها مباشرةً أضاف بألفة:

-طيب لو بتكرهيني قوي كده، ليه مكنتش بحس بده، كنت ممثلة هايلة للدرجة دي علشان أحس بإن حبنا متبادل

ابتلعت لعابها في توتر وهي ترمش كثيرًا، وحين زاد من التصاقه بها أردف:

-عاوز أعرف ليه قلبتك دي عليا، أنا بحبك وإنتِ عارفة ده.

مال برأسه ليلامس وجهه عنقها برقة جعلتها قواها تضعف، وعاد يعاتبها مكملاً:

-ليه يا زينة، أنا عمري ما زعلتك.

ثم وضع قبلة صغيرة جعلتها تنكمش، فابتسم ليرفع رأسه ويتأملها من جديد، وهي ما زالت صامتة تستمع فقط، قال:

-لو على وجود جنى في الشركة فجنانك وتهورك أخد الموضوع بطريقة غلط، لازم تفهمي إنها بنت عمتي، أنا ممكن أخليها تمشي، بس مش بطريقتك اللي تقصديها، هي فعلاً مشيت، أنا نقلتها لشغلنا في الغردقة وهي مبسوطة هناك، شوفتي الموضوع سهل إزاي وكان ممكن يتحل بهدوء لو شيفاه يضايقك!

ما فعله جعل الدموع تتجمع في عينيها، ولم يتفهم سبب ذلك، قالت:

-أنا بطلب اللي يريحني، من حقي أحس إن جوزي بيقدرني، بس دا مبقاش زعلي منك يا آيان، اللي عملته مع عمرو كان كبير ومش ممكن أنساه، إنت ذلتني!

انشرح حين فتحت الحديث عن ذلك، فرد معارضًا:

-أهو كلامك دا كله إنتِ فهمتيه غلط، عمرو أخوكِ بالعكس بيحبك جدًا، ولما فهمته اللي حصل اترجيته كمان يقف في صفي رغم إني مش غلطان

ردت باستياء وكأنها لم تقتنع:

-دا كان بيفكر يجوزني، وكان جايب واحد و...

قاطعها موضحًا:

-كل ده مش صحيح، مافيش حد عاقل يعمل كده، كان بيضحك عليكِ، عمل كده علشان ترجعي معايا، وكان واثق إني مش ممكن أعايرك برجوعك ليا وقتها، لأنه ممكن ياخدك عنده ويحميكِ مني

كلامه جعلها تبكي فرحًا، وهو شعورها بوجود أخ يحبها ويحافظ عليها، فهي تعرفه عصبيًا؛ لكنه يمتاز بقلبٍ لطف، مسح آيان عبراتها بكفيه وقال:

-قولي يا زينة عاوزاني أعمل أيه تاني؟

نقت بتحريك رأسها أن تكون راغبة في المزيد، فابتسم لها وقال:

-طيب هنفضل كده ولا اتصالحنا!

خجلت قليلاً فضيق الخناق عليها ليربكها أكثر حين قال:

-وحشتيني، هو إنتِ عاجبك حالنا كده وإحنا بعيد عن بعض

وقف آيان وهو يخفي مكره داخل براءته المزيفة وهو ينتظر أن تجيب عليه، ولشدة استحياء زينة تلعثمت كثيرًا ولم تخرج منها كلمة مفهومة فأخفي بسمته، فحثها على الخنوع لحالة الحب حين قال:

-أنا شايف في عنيك كرهك ليا!

شهقت باعتراض فهذا لم يبدو قط، هتفت:

-إنت بقى نظرك ضعيف ولا أيه

لم يتحمل آيان ليضحك؛ لكن وهو يرفعها من خصرها بذراعيه، فابتسمت لتطوق عنقه، قالت بخجل:

-أنا بحبك!

-مش مصدق!

-علشان تصدق، من كتر حبي ليك أنا حامل في توأم........!!

_____________________________________


استمر يتصل بها برقم جلبه للتو؛ لكن لم يرد حين يأتيه صوتها، فقط يشبع تشوقه لها، ويطرب آذانه به وبأنفاسها حين تنفعل، وقبل أن يعاود اتصاله بها دخل والده عليه الغرفة، ارتبك ريان وفورًا وضع هاتفه جانبًا، ثم نهض ليستقبله باحترام..

وقف معتز أمامه بطلعة غير راضية عما فعله، ثم دعاه للجلوس معه وفعل، هتف معتز بتبرم:

-كل التمثيلية دي علشان تدي درس لمراتك، طيب كنت عرّف أهلك، هنقف جنبك وإن كانت غلطانة تفهم ده وتتعلم

رد بوجه مكفهر:

-مبقتش قادر يا بابا تصرفاتها، بتحسسني بالنقص، مش قد إني أكفيها في كل طلباتها

حبه المتبادل مع زوجته جعل معتز يحتج على وجود خلافات بينهما، هتف:

-إنت عارف إنها صغيرة وممكن تكون بتعمل كده من غير ما تقصد، ماريان بنت رقيقة ولسه مش واعية كفاية علشان تحاسبها!

رد عليه ريان معقبًا على كلامه:

-كلمتها يا بابا، قولتلها بلاش تطلبي من مامتك حاجة، كانت دايمًا تقولي إنها عاوز كده، وتجبرني اجبلها حاجات فوق مقدرتي، ولما تحس بعجزي تكبرها عليا بيبان في عنيها.

حقًا هذه مشكلة كبيرة، فقد تخوف معتز قبل ذلك من طريقة حياة سلمى المرفهة عنه؛ لكنها كانت متجاوبة معه، ولم تكلفه فوق مقدرته؛ ولذلك الحياة بينهما مستقرة، وما يحدث الآن جعل معتز يتفهم شعور ابنه وبدأ في مساندته، قال:

-حاسس بيك يا ريان، وعلشان كده كان لازم تاخد موقف جاد، بس مش التهريج اللي عملته، كده ضيعت حقك وفهمتهم إنك ندل، وسبتها علشان فرصة الخلفة ضعيفة!

هتف معللاً:

-دا كمان من ضمن أسبابي، محترمتش رغبتي في إن يكون ليا ولاد، كمان ماما متضايقة بس سكتت علشان بنت أخوها ومدخلتش، من حقي يكون عندي ولاد زي بقية الناس، ليه تحرمني!

مط معتز شفتيه ليفكر في أمره، وطريقة زواجه من الفتاة زميلته بالعمل، وكيف سيحل هذه المشكلة؟، تنهد وقال:

-طيب دلوقتي هتعمل أيه؟، عاوزها تندم ماهوش باين، لأنها هتتجوز أول ما العدة تخلص

رد بثقة:

-مش هتتجوز، مستحيل، ماريان بتحبني، ولو روحتلها وقولتلها نرجع هتوافق

قال معتز بتهكم:

-واستفدت أيه من لعبتك، كانت كلام فاضي!

-لا مش كلام فاضي، استفدت إني قدامها حاولت أرجع كرامتي ومرضاش باللي بتعمله معايا، أنا خدت موقف يا بابا

خاطبه حسام بعقلانية لينهي المسألة:

-المهم قبل ما تنتهي العدة تكون مطلق البنت اللي اتجوزها، وسيبني أنا أحل الموضوع دا بطريقة الناس الكبار............!!

_____________________________________


أخبره محاميه بكل ما حدث بالتفصيل، حين هاتفه زين من تليفون الفندق، فرد على المحامي بانزعاج:

-يعني أيه طلعت بكفالة، دي قضية زنى!

قال المحامي باطلاع:

-قريبها مسكتش ودفعلها كفالة كبيرة قوي، بس ضمن وجودها في كل التحقيقات، ودا برضوه في صالحنا

سأله زين بغيظ:

-والزفت التاني، اتقبض عليه؟!

-أيوة، وهيفضل محبوس أسبوع كده؛ لحد التحليل ما يخلص.

حذره زين بشدة:

-محدش يعرف بمكاني، أنا قريب وهنزل، وعاوزك تمسكلي القضية، وخليك واثق إنهم مذنبين، يعني مش بلاغ كاذب

بدا الحوار به شد وجذب حتى أنهى زين المكالمة مغتمًا؛ رغم فرحته من نتيجة تحاليله، وليزيد من قساوته على من خدعته، اعتزم أن يعجل بانجابه، ولذلك دعا سمر للخروج سويًا، ليس فقط للتنزه، بل حضر لها مفاجأة سيخبرها بها حين تأتي إليه، ثم جلس ينتظرها بفارغ الصبر..

تقدمت سمر حين لمحته، وقد تأهبت لسهرة رائعة معه، وذلك واضح على ملابسها الأنيقة ووجها المزين، قالت:

-هتوديني فين!

نهض زين وهو يبتسم باتساع، ثم أمسك بكلتا يديها بين يديه، قال:

-الحمد لله ربنا وقف معايا، وطلعت الدكتورة في مصر باين غلطانة، فأنا قررت بالمرة وإحنا هنا نعمل عملية حقن، هنا أحسن والمكان نضيف!

شرقت سمر من مفاجأته، ثم سعلت كثيرًا، فسألها زين بقلق:

-مالك يا حبيبتي فيكِ أيه؟!

سعلت بقوة وقالت:

-أنا بخير!

رد عليها متحمسًا:

-أنا كلمت الدكتور وطلب مني تحليل وشوية حاجات كده علشان العملية، هنروح نعملها وبعدين نخرج نسهر.

ثم جعلها تتأبط ذراعه وكان يمشي بها كأنه يجرها، كانت سمر تمشي بتقاعس، ولم ينتبه زين، فهو جاهل لما تحمله من نوايا خدّاعة، وحين ركبت معه السيارة المستأجرة ذابت قواها، واندثرت أحلامها، فإن علم سيتركها، وستضحى منبوذة مخادعة في أعين الجميع، رغبت بالبكاء والصراخ، وكونها صغيرة لم تفكر بعقلانية، وتذبذبت، أرادت والدتها بجانبها، فها هي وحيدة ستواجه بمفردها، وتوقف عقلها عن وجود حل تعرضه عليه، نظرت له وهو يتهيأ للقيادة بأعين مجفلة، هي تحبه ولن توافق على تركه لها، وكانت ترتعش بشدة، ومتوترة للغاية، وعادت تتذكر حادثتها التي أودت بها إلى ما هي عليه، وتملك منها شيطانيها لتعيد الماضي، وتنهي كل ما يحدث الآن بتكراره، ثم ابتسمت بضياع وحالة من الجنون، ثم قبيل أن يتحرك بالسيارة خاطبته بنبرة محببة:

-خليني أسوق أنا!

نظر زين لها لبعض الوقت متفاجئًا؛ لكنه رحب بشدة وقال:

-تعالي!

ثم ترجل ليتبادلا الأماكن، فجلست سمر خلف عجلة القيادة وهي تمسك بها، قال زين وهو يغلق الباب بجانبه:

-وريني شطارتك!

زيفت ابتسامة خفيفة ثم تحركت بالسيارة، كانت تمشي على مهل؛ حتى وصلا إلى الطريق السريع، وبدأت تظهر مهاراتها، فتعجب زين من قدرتها على ذلك، فسألها:

-شكلك مش أول مرة تركبي عربية!

اومأت مؤكدة، فتأجج انبهاره بها، خاصة حين زادت من سرعة السيارة وكأنها تعرف أين تتجه؛ لكنه تريث قائلاً:

-خففي السرعة أحسن!

كأنها لم تسمعه، فقط ذهب عقلها ليوم ركبت سيارتها لآخر مرة منذ سنة مضت، وساوت سرعتها حينها بسرعتها حاليًا، وتذكرت مزحها مع أصدقائها الذين لاقوا مصرعهم معها، وكانت الناجية من بينهم، وليتها ما نجت..

تضايق زين من تجاهلها له وهتف:

-سمر بقولك خففي السرعة!

تحكم خوفها منها لتزيد السرعة حتى آخرها، فصدم زين من طيشها وفطن أنها ليست بخير، ربما جنّت، ثم تدخل ليردعها عن ذلك ويجبرها على التوقف؛ لكنها منعته بشدة، فصاح بهلع:

-وقفي يا مجنونــة!!

عرجت بالسيارة لأحد الجوانب المطلة على منحدر عميق؛ لتواجه السيارة الفضاء السحيق وتنقلب بهمــا..........!!

*********************
إلي هنا ينتهي الفصل التاسع عشر من رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت
تابع من هنا : جميع فصول رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت
تابع من هنا: جميع فصول رواية أرض زيكولا بقلم عمرو عبدالحميد
تابعوا صفحتنا على الفيس بوك للمزيد من روايات عربية
أو أرسل لنا رسالة مباشرة عبر الماسنجر باسم القصة التي تريدها
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة