-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت - الفصل الثانى والعشرون

مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة وأجمل الروايات الممتعة والروايات الرومانسية مع رواية رومانسية اجتماعية واقعية جديدة للكاتبة إلهام رفعت ورواياتها التى نالت مؤخرا شهرة على مواقع البحث نقدمها علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل الثانى والعشرون من رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت

رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت - الفصل الثانى والعشرون

تابع من هنا: روايات رومانسية جريئة 

رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت

رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت - الفصل الثانى والعشرون

 أيه سبب موافقة مرات خالي على الزيارة دلوقتي؟!

هتف ريان بذاك السؤال وهو في طريقه بسيارته إلى فيلا زين خاله؛ متعجبًا من سماح نور له برؤية جده الآن بعد رفضها التام لذلك، فردت سلمى عليه من خلفه موضحة:

-نور قالتلي ميصحش برضوه تكون هنا ومتشفش جدك، عيب!

استهزأ ريان بتعليل نور غير المقنع وقال:

-بجد!!، والكلام ده كان فين من الأول؟

من جانبه هتف معتز لينهي ذاك الجدال المزعج:

-خلاص يا ريان، دلوقتي هتشوف جدك، مش دا اللي كنت عاوزوه!

كبح ريان ضيقه في نفسه؛ وكذلك بقية علامات استفهاماته، لتظل فقط الحيرة طاغية عليه، ولم يُشبع فضوله السبب الرئيسي في قبول نور حضوره للفيلا، فماذا جد إذن؟!..


انقضى الوقت في صمت من جميع الأطراف؛ حتى وصل ريان للفيلا، وفجأة تعالت نبضاته، فقد تخيل طيفها أمامه، وتهيأ لرؤيتها؛ ظنًا منه أنه سيجدها بالداخل، ثم بترقب ترجل مع والديه، ونظراته تطوف المكان؛ بحثًا عنها بالطبع.

تحركت سلمى للداخل كونها معتادة على المكان، ومن خلفها زوجها وريان، الذي قال متبرمًا:

-هو مافيش حد يقابلنا ولا أيه؟!

فاجأته سلمى هنا بجوابها عليه قائلة:

-أصل محدش هنا غير رحمة وعُمر!

وقف ريان مكانه وقد توغر صدره، وهنا فقط وجد التعليل المناسب لقبول زيارته، وهو أنها غير موجودة، فنظر له معتز في غرابة واستفهم:

-وقفت ليه؟، مش هتدخل تسلم على جدك؟!

بينما تفهمت سلمى عليه وقالت:

-لو فاهم إنك ممكن تلاقي ماريان في انتظارك فأنت غلطان، هي مش في إسكندرية خالص، ومتديش أمل إنك تشوفها

ابتلع ريقه وقد اكفهر من ذلك، فأخذه فكره أنها تهتاف شوقًا لرؤيته كما هو؛ لكن تناثرت ترتيباته، فربت والده على ذراعه وهو يقول في تعقل أحبطه:

-ريان ادخل الأول سلم على جدك، ومش كل حاجة هتكون زي ما إنت فاكر.......!!

________________________________________


تأهبت إلى حدٍ ما لإتمام المهمة؛ لكن ظل التوتر والقلق في أعماقها مرافقًا لها، ثم جعلتها رسيل تجلس على سرير الكشف، لترتخي عضلاتها المشدودة، خاطبتها في تحنن:

-إن شاء الله هتكوني بخير، العقار مافيهوش حاجة مضرة

اقترب زاك خطوة منها وهي راقدة ليضيف في تشجيع:

-مثل ما قالت لك الدكتورة رسيل، فقط عليكِ الهدوء لينتهي كل شيء.

كل ما يفعلانه حثها لتتابع، فابتسمت في ود لتومئ بموافقة للبدأ الآن، فوجهت رسيل بصرها لـ راندا في حماس وهي تأمرها:

-هاتي يا راندا الدوا من الصيدلية عندك!

سارت راندا لتجلبه في امتثال من الصيدلية الصغيرة المعلقة جانبا، ثم عادت رسيل تنظر لـ ماريان مبتسمة؛ لتطمئنها، وحين تقدمت راندا وهي تحمله، بادرت رسيل في فتح الزجاجة، وكلما كانت تكمل خطوة في تلك المهمة، كانت الرهبة تتأجج بداخل ماريان، ولتخفف منها كانت تتذكر متعمدة سوء وضعها، وما باتت عليه من وضع ميؤوس منه.


وفي تلك الأثناء الموترة للأعصاب، ولج السيد هانك ومعه الطبيبة إيما المعمل، في بادرة منهما لمتابعة سير الموضوع في اهتمام، ثم وقفوا جميعًا خلف رسيل وهي تعطيها الجرعة المناسبة بنفسها، فتجرعته ماريان وهي تدعو في سرها بأن يكون خيرًا لها؛ كذلك رسيل لم تتوقف عن المناشدة والأخيرة تبتلعه في جوفها، وحين انتهت ابتسمت بتوتر وقالت:

-بالشفا إن شاءالله!

لعقت ماريان شفتيها في عبوس، فهي لم تحبذ طعمه، قالت:

-هفضل قد أيه علشان أعرف مفعوله؟!

ردت عليها رسيل بعملية:

-متشغليش بالك، المهم إنك هتفضلي تحت عيني عندي، ولما أحس إنك كويسة ومافيش أعراض جانبية هنبدأ التحليل

تنهدت ماريان بهدوء وقد تفهمت، فتدخل السيد هانك وقال:

-لقد أخبرتني من قبل دكتورة رسيل أن القرد ظهرت عليه علامات اضطراب غير مفهومة، فماذا إذا أصيبت ماريان بنفس العوارض؟.

نظرت له رسيل وقد أخذت في اعتبارها ذلك، قالت:

-أنا فاهمة، علشان كده هتكون تحت عيني منين ما أروح وأتابعها بنفسي.

رد عليها ليعرض وجهة نظره العقلانية:

-أنا اقترح وجودها بالمشفى تحت المراقبة، لنكون على استعداد لمواجهة الأعراض السلبية فورًا.

تابعت ماريان حديثهما الدارج في تخوف، وقد استنبطت أنها لن تكون على ما يرام قادمًا، ثم ابتلعت لعابها بصعوبة، بينما ردت رسيل في تفهم:

-أنا عارفة باعمل أيه، وكمان ماريان مقدرش أبعد عنها لحظة، دي أمانة عندي ومش حد غريب!

ابتسمت ماريان من اهتمام رسيل الشديد بها، فصمت السيد هانك ولم يضيف كلمات أكثر؛ ليتقبل ما تفعله بصدرٍ رحب.

وعلى جانب آخر، تردد السيد زاك في قول نقطة وجد الضوء غير مسلطٍ عليها، قال:

-اعتقد بعد أن تقضي ماريان فترة تلقى العقار، أنها بحاجة لتثبت أنه عالج مشاكل حملها.

نظروا جميعًا إليه في عدم فهم، بعكس رسيل التي أدركت مغزى كلامه وتوترت، وحين لاح الجهل عليهم، أردف في حرج:

-أعني أنها لابد لها أن تتزوج لنتأكد...........!!

_____________________________________


دائب على البقاء بجانبه في كل وقت متاح لرؤيته فيه، وترك كل أعماله على عاتق ابنه، بعكس أيهم الذي عاد لمصر لمتابعة أعماله، وبدا غير مهتم بحالة زين رغم حرجها، وذلك حين تعمد إظهار ضغينته لابنة عمته، واستمرارية إهاناته لهـا..

بداخل المشفى الأجنبي، ولج زين الغرفة حين أخبروه بإفاقته، ثم أخذ يتقدم منه مبتسمًا في محبة، قال وهو يسحب المقعد ليجلس بجواره:

-بتنام كتير قوي!

أغمض زين عينيه لوهلة في تعب وقال:

-جسمي كله بيوجعني، وزهقت من الرقدة دي، شكلها هتطول ومش هستحمل!

عاد زين يتذكر وقاحة الفتاة اللعينة زوجته في أذيته وقال:

-كله من الـ *** مراتك، لو بإيدي كنت حبستها، بس علشان صغيرة مبلغتش عنها.

رد عليه متذمًرا:

-متقولش مراتي، أنا مبقتش طايق أشوفها

لاح غلوله وهو يتحدث عنها، فمسح زين على تجبيرة ذراعه في لطفٍ وقال:

-ليه تسيبها تسوق، دي عاملة حادثة قبل دي، وهي بس اللي نجت، باين عليها متهورة!

علق على كلمته مصححًا بامتعاض:

-لأ، هي هنا مش متهورة، دي كانت فاكرة إني هسيبها وأرجع لـ لمى، هي قالت كده قبل العربية ما تقع!

استرسل زين الحديث معه بشأن هذه لمى، قال:

-طيب ما هي عندها حق تخاف، تلاقيها عرفت برجوعك ليها، ليه بقى تعمل كده وإنت عارف إنها خاينة؟.

صمت للحظات وكأنه يخبره بأن حبه هو السبب، فقد أضعفه أمامها، تنهد وقال:

-هي سابتني، ومتغيرتش حتى بعد ما رجعتها، بس أنا مكنتش طايق أسيبها تتمتع وتنبسط من غير ما أنكد عليها

تعقل زين وهو يرد باعتراض:

-إحنا بينا علاقة نسب وصداقة، مش عاوزين ندخل المحاكم بينا، أبعد عنها من غير شوشرة أو تحصل عداوة تاني

هتف بصوتٍ منفعل رافضًا ذلك:

-لأ، أنا مزاجي آخد حقي من اللي عملته معايا، أنـ...

قاطعه زين مستاءً من عناده:

-هو إنت هتدخل جوة قلبها بالعافية، مش هتجبرها تحبك يا زين

قسا زين في رده عليه ليخرجه من أوهامه، وليخمد هياجه نحو الأخيرة، وبالفعل ارتخت أعصاب زين فجأة، وزاغ متألمًا في حقيقة كان ينكرها، فتأمله زين الكبير وقد أشفق عليه، تابع بهدوء:

-زين سيبها تشوف حياتها، إنت غلطان من البداية، مكنش ليه لزوم تبني آمال عليها، لا وكمان ترجعلها بعد ما اتجوزت، وعارف إنها راجعة بولد.

التزم زين الصمت وقد حزن ظاهريًا، بينما توجع داخليًا وكأنه تمنى أن تنهي الحادثة حياته؛ ليرتاح من كل ذلك، استطرد زين بتفهم:

-كمان أسبوع هنرجع مصر، هدخلك في مستشفى هناك اتكلمت معاها وعرفت حالتك علشان تكمل علاجك، وأول حاجة هتعملها إنك هتسحب بلاغاتك ضدها، خلينا نخلص........!!

____________________________________


تابعته بتمعن بنظراتها الثاقبة وهي منحنية بجسدها تتحدث مع أخته أمام مكتبها، حيث اندمج سيف في الحديث مع أحد العملاء وهو يودعه عند ردهة الشقة، ثم نفخت بخفوت وعلامات عدم الرضا عليها، خاطبت نيفين باقتطاب:

-هو سيف هيفضل كده ولا أيه؟!

سؤال مايا جاء لإنكارها تعلقه بهذا الشكل القوي بـ لين، فهمست لها نيفين في حنكة:

-المهم بنشغله عنها، وأنا من وقت ما قفلت في وشها متصلتش تاني، أحسن!

سألتها بتوجس:

-تفتكري كده هينساها وهيبطل يفكر فيها.

ردت عليها بجهل:

-هما بقالهم كام يوم مش بيتكلموا، فأنا برضوه مش متأكدة.

ثم أخذت تتابع في انتواء:

-بس الفترة الجاية هكلمه عنك، وهعرض عليه يتقدملك، أكيد دا هيخليه ينساها

أنحرجت مايا بشدة لتخفي بسمتها الفرحة، فغمزت لها نيفين بخبث وتابعت:

-أنا هاعمل اللي عليا، والباقي هيكون عليكِ، حاولي تخليه ليكِ، لأن بصراحة ارتباطه بـ لين كان هيجب مشاكل.

ردت مايا بخجل:

-أنا معجبة بـ سيف من زمان، وأكيد هحطه في عنيا وأقدمله كل اللي يسعده.

مدحتها نيفين بمحبة:

-أيوة كده، وكمان إحنا مش عاوزين وجع قلب، كفاية لمى واللي حصلنا من وراها

تهللت أسارير مايا من تأييد نيفين لها كعروس لأخيها، ثم اعتدلت في وقفتها لتعيد متابعة سيف وهو يتحدث مع الرجل؛ لكن ما أحزنها ملامحه البائسة، المعربة عن وجعه من افتقاد الأخيرة، ثم شعرت بالغِيرة، وباتت تفكر في كيفية تطويعه كما تريـد...


ودع سيف العميل مزيفًا ابتسامة، ثم عاد يرسم خلقته المكفهرة، ليتحرك بعدها ناحية غرفة مكتبه، دون أن يعي من يطالعه في اهتمام، ثم جلس على المقعد في هدوء ظاهري، وكحالة كل يوم عاد يهاتفها من جديد، على أمل أن تكون قد فتحت هاتفها، وحين شرع في الاتصال بها، وجده مغلقًا كالعادة، فنفخ بانزعاج ليلقي هاتفه أمامه وهو يتساءل في نفسه، لما تفعل ذلك؟، فمن المتفق عليه هو شعورها بالذنب حيال ما حدث بينهما في لحظة اندفاعية، وتجاهلها الآن له حاوطه بالحيرة، كونه لم يتفهم كيف تتعامل الآن مع الأمـر....!!

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

صفت السيارة بجانب الرصيف المطل على البحر، ثم أدارت رأسها لتتطلع على المياه بفكرٍ مشغول، وهيئة مكتئبة. تأملتها جنى بتكهن واستنكار لكل ما عزمت على فعله، فخاطبتها باعتراض:

-لين اللي بتقوليه دا لو حد كشفه ممكن تبقى فضيحة كبيرة

لم تعجب لين بتعلقيها واستاءت، ثم التفتت إليها لتحدقها بحدة، هتفت:

-عاوزاني أقعد كده لحد ما اتفضح يعني، أنا لازم أعمل العملية دي بأسرع وقت، لأن ممكن يستغل اللي حصل بينا ويفضحني، تلاقيه خدعني علشان دا غرضه.

تردد جنى جاء من تحريمها للأمر، أيضًا به خداع لشخص آخر، لربما ترتبط به مستقبلاً، وأوحت نظراتها ما تفكر به، لتتفهم لين عليها، فحزنت من أجل نفسها، عللت:

-أنا فعلاً غلطت، وعملية الترقيع دي علشان أهلي وبس، وصدقيني لو فكرت ارتبط بحد هقوله على اللي حصل معايا، متقلقيش

ثم أخفضت رأسها وهي تجهش بالبكاء، وقد أحست بالإنكسار، فأسرعت جنى قائلة بندم:

-أنا خايفة عليكِ، لازم نشوف حل تاني مع سيف، ويكون راجل وميتخلاش عنك.

مسحت لين بمنديها عبراتها التي تساقطت دون تحكم منها، قالت:

-قولتلك قفل في وشي وبعدين قفل تليفونه، بيتهرب مني

-نـدل!

رددت جنى الكلمة بغل، ثم نفخت بقوة وهي تتأمل طلعة لين المبتئسة بتفكيرٍ محنك، قالت:

-دا مينفعش معاه غير راجل زيه يعلمه الأدب، لازم نشوف حد يقف ليه، إحنا أهلنا كلها رجالة، وأكيد محدش هيسمح باللي عمله ده، هو مش عارف إنتِ مين!

ردت لين في فزع:

-لا مش ممكن أقول لحد، كفاية زين واللي حصل معاه، دا لوحده مخليهم في غم.

أصرت جنى على كلامها وقالت:

-مافيش غير الحل ده، لازم يقفله راجل، إن شاء الله يتجوزك يوم وبعد كده يروح في ستين داهية.

تحيرت لين في اتخاذ القرار المناسب، وتذبذبت للغاية، فاستسلمت وقالت:

-زين لما يرجع بالسلامة هحاول أشوف حد يقف معانا........!!

ردت جنى بجدية صدمتها:

-مافيش وقت، أنا خلاص عرفت هنشوف مين، آيـان....!!

___________________________________


حاول آيان فعل أي شيء لمعاونة المسعفين في نقله لداخل المشفى، بعدما عاد زين لتوه من المطار، وحين علمت مريم بعودته ركضت لتستقبله عند المدخل وهي تبكي بحرقة، ومن خلفها حسام مشدوهًا ومترقبًا رؤيته، وفي لحظة وقوع نظراتهما عليه، أصابتهما حالة من الصدمة والفزع من أجله، فهتفت مريم بعويلٍ مؤلم:

-ابني حصله أيه؟، زيـن!

ثم تأملت كسور جسده برعب وقد اهتز بدنها، فأمسك حسام بها ليبعدها عن طريق المسعفين وهم يحملونه على السرير النقال للداخل، وزادت من نحيبها العنيف، فخاطبها زين بصلابة:

-إهدي يا مريم دا هو كده كويس عن الأول بكتير

صكت صدرها في وجع وقالت:

-وهو كده كويس يعني، ابني خلاص انتهى، منها لله!

رمقها زين بقوة لتحترس في كلامها، همس:

-وطي صوتك مش عاوزين ندخل في سين وجيم تاني

تدخل حسام ليحذرها بشدة:

-اسكتي يا مريم، كفاية إنه نجا وعايش الحمد لله

علقت مريم بحسرة:

-ودي هتبقى عيشة دي!

قال زين بجدية لينهي الحديث ذاك:

-تعالوا أحسن نطمن عليه..!

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

رافق آيان طاقم الممرضين؛ حتى وضعوه بحرص على سريره بالغرفة الخاصة التي جُهزت مسبقًا لاستقباله، ثم وقف بالخارج منتظرًا تهيئة المكان له، ثم أقبل عليه والده ومريم معه برفقة حسام، ومن النافذة الزجاجية تأملت مريم ابنها وهم يطببونه بالداخل، ورغمًا عنها استمرت تبكي، ولم تدركهم من حولها أثناء مواساتهم لها، فقد صبت كامل اهتمامها على ابنها فقط.

وبعد وقت مر كالدهر، سمح لهم الأطباء برؤيته، فولجت متحمسة مشتاقة، وقد تجلدت بالصبر؛ كي تزرع الأمل بداخله، ثم انحنت عليه تقبل كل إنشٍ فيه؛ حتى ما غطته الضمادات الملفوفة عليه بقهر، وكان نتيجة ذلك أن زين خاطبها في ود:

-حبيبتي يا ماما أنا كويس!

بحة نبرته وضعف صوته أعربا عن أنه بالكاد يتحدث، مدعي بالطبع السلامة، قالت في هدوء مزيف:

-إن شاء الله هتكون بخير يا حبيبي، الدكاترة طمنوني!

لم يعلق زين وتجاهل، بينما خاطبه حسام بمحبة:

-حمد الله على سلامتك يا زين.

ابتسم زين له قليلاً، وقد لاحظ نظرات والده المخذولة، فما حدث معه أضعف حسام وأوجمه، فهو ابنه الوحيد، رد زين برضى:

-أنا بخير، والحمد لله.

من شدة حزنها هتفت مريم بتيه:

-أنا مش عارفة حظك ماله، ليه دايمًا شايل الهم وحالك متبهدل كده

رد عليها زين أخيها بعتاب:

-قولي الحمد لله يا مريم مش كده!

تنهدت لتحمد الرب؛ رغم طلعتها الباهتة واستيائها من رؤية ابنها يعاني، سواء مع حبيبة اختارها؛ أو مع أخرى جلبتها له.

سألته باهتمام حين تذكرت:

-صحيح إنت سافرت أمريكا ليه معاها؟!

هنا رد زين أخيها عليها موضحًا:

-كان بيكشف يا مريم، كانت تحاليله هنا فيها غلط، إنه عنده مشكلة في الخلفة، وكان مسافر يتعالج.

سألته بقلق شديد:

-وهو كويس؟!

رد مؤكدًا:

-قولتلك كانت التحاليل غلط، يعني هو تمام متقلقيش


استغل آيان حديثهم معًا ثم انحنى بجزعه ليتحدث مع زين في حالة من الخصوصية، همس له بلطف:

-حمد الله على سلامتك.

قال زين بأسى:

-أنا اتبهدلت، ومخنوق قوي

-قول الحمد لله، إحنا معاك لحد ما تقوم بالسلامة وتخرج من هنا

امتثل زين لحديثه العاقل، قال في تنبيه:

-مش عايز حد يشوفني كده

أطاعه آيان هازًا رأسه، استفهم باهتمام:

-قررت هتعمل أيه مع...؟!

لم ينطق آيان اسمها؛ كونها معروفة لديه، فرد عليه زين بتجهم:

-خلاص هسيبها، أنا مبقتش عاوز أشوف أي حد، كفاية اللي حصلي، مش ناقص كمان يشمتوا فيا

هتف آيان بتردد:

-عرفت إنها هترجع تسافر تاني عند باباها، زينة قالتلي كده

رد بلا مبالاة مزيفة وهو يقصي نظراته الحانقة للناحية الأخرى:

-يكون أحسن، مش عاوز أشوفها حتى صدفة..........!!

____________________________________


حدقت بها بنظرات غير راضية؛ على الرغم من عاطفة الأمومة في حمل الحنان لها، والشفقة أيضًا لمطالعتها وهي تعاني أمامها، وقست في نهرها حين وجدتها تبكي وهي تحتضن ابنها، هتفت:

-اوعي تكوني بتعيطي علشان اللي حصله، ولا قلبك حن لما وصلك إنه رجع.

اندهشت لمى من تحجر قلب والدتها، ثم نظرت لها في استنكار، قالت:

-ماما يعني حضرتك مش زعلانة علشان هسافر تاني

عاودت السيدة إيمان التحدث بقساوة وهي تؤكد:

-لا مش هزعل، طول ما البني آدم ده هتكوني بعيدة عنه هكون كده مطمنة

لمحت السيدة في نظرات ابنتها اللوم، فالبعد مؤلم وهي تعلم، دنت منها أكثر لتوضح مغزى قرارها، قالت في عطف:

-أنا خايفة عليكِ، إنتِ حامل، واكتشفت لما كنت بعيدة كنتِ مرتاحة، ولو دا كويس ليكِ هكون مبسوطة

أطرقت رأسها في أسى وقالت:

-أنا مصدقت رجعت هنا معاكِ، محتاجة أمي جنبي

مسدت السيدة على ظهرها وقالت بتحنن:

-هو السبب، أنا مش مضحية بيكِ يا حبيبتي، إنتِ بنتي الوحيدة، كل الحكاية عاوزة أبعده عنك

تماشت مع رغبة والدتها ولم تجعل نفسها عبء عليها، قالت:

-تمام يا ماما، خلي أنكل كارم يجهز كل حاجة

-هو أصلاً بدأ في الإجراءات، وأيهم بلغني إن القواضي اتنازلوا عنها، ومافيش حاجة تمنع السفر

استمعت لمى لها وقد كتمت ألمها، فكم ودت البقاء بجانب والدتها؛ لكن الأخيرة خذلتها، وارضخت لقراراتها دون مناقشة.

استشفت السيدة من وجومها وطلعتها أنها قد ظنت سطوتها عليها؛ لكن جاء ذلك من واقع خوفها المقترف ناحيتها، ودعست على قلبها من أجل هنائها.

فنهضت لمى مما أجج دهشة السيدة، قالت:

-هودي يونس عند زينة، لأن عندي شغل

قامت السيدة من جلستها مزعوجة، هتفت:

-طيب ما أنا موجودة، ليه توديه هناك؟!

وضحت لمى بقسمات مغتمة:

-لا هو بيحب يلعب مع الولاد، وكمان اتعودي من دلوقتي على بعدنا!

ثم همت لمى بسحب ابنها ناحية الخارج، فتعقبتهما السيدة بنظرات لائمة، وما تفهمته أن ابنتها قد غلظت في معاملتها؛ ظنًا من الأخيرة أنها باتت تقسو عليها، وباشرت بفعل المثل معهـا.....!!

______________________________________


أجبرها على ترك شقته، ولم تجد سوى العودة لبيت والدتها، ومواجهة جفائها في التعامل معها، وتوبيخها الدائم لها بأنها عديمة المنفعة. مكثت ندى في تختها قرابة الأسبوع صامتة أغلب الوقت، غير قادرة حتى على النطق بكلمة حين تسبها والدتها، وتنعتها بالغبية، ولازمت غرفتها وقد ألقت عليها مهمة تكملة خطتها.

ثم لاحظت وهي في أوج شرودها أنه قد بعث لها بأحد الرسائل المقتضبة، ثم فتحتها بلهف لقراءة فحواها، وإذ به يخبرها أنه أمام بيتها، وعلى وشك الصعود إليها، فانتفضت من مكانها مضطربة، ثم نهضت متحيرة، جاهلة لسبب زيارته لها.

ولم تجد سوى أن تخرج لتخبر والدتها في عجالة، وقد تأهبت الأخيرة لملاقاته، بل وجهزت له ما ستقوله، وبكل جبروت ظهر عليها اعتزمت متابعة تمثيليتها المخادعـة.

خاطبت بناتها في تنبيه جاد:

-مش عاوزة واحدة فيكم تنطق بكلمة، أنا عارفة جاي ليه، هو أكيد جاي علشان يطلقك

نطقت جملتها وهي تنظر لـ ندى بحنق، ولم تعلق الأخيرة لتصمت، وحين قُرع الجرس توترن الثلاثة، ثم ثبتت السيدة لتفتح له، وامتعضت حين وجدت المأذون برفقته، ثم رمقته بغلظة؛ رغم أنه ليس له دخل بالأمر، فاستاء ريان من طريقتها الفظة وقال:

-هنفضل واقفين، مش شايفة الراجل جاي معايا.

وضعت يديها على خصرها كنوع من الاستهزاء وقالت:

-أصل مبدخلش رجالة غريبة بيتي، إحنا ناس محترمة.

ألقى ريان عليها نظرة متبرمة وقال:

-أومال هنقعد فين علشان نطلق؟!

ردت عليه بغل:

-إنت بعد ما ضحكت عليها عاوز ترميها كده، مفكر بنات الناس لعبة.

لمح ريان ندى تقف من الخلف تتابع دون أن تتدخل، وتعثر عليه الوصول إليها فأمها تسد الطريق أمامه؛ لكن ذلك لم يمنعه من توجيه الحديث إليها، فخاطبها:

-قولي حاجة يا ندى، مـ...

قاطعته السيدة بانفعال رسمته ببراعة:

-هتقولك أيه يعني؟

ثم ضيقت نظراتها لتتابع بمكر:

-متقوليله يا ندى إنك حامل ومش عاوزاك تطلقها

جف حلق ندى من إدعاء والدتها الكاذب، ثم أخذت تحدق بـ ريان، الذي غطت الصدمة وجهه، وبدا متزعزعًا؛ ورغم أنه تمن ولدًا، لم يقتله شغفه ليكون منها هي، وأيقن أن سبيل عودته لزوجته سيدمر هكذا ولن يحدث، فقال بشجب:

-إزاي الكلام ده، مش ممكن!

زجرته السيدة بحدة وهي تتأهب لغلق الباب في وجهه هو ومن معه قائلة:

-أيوة حامل، خلي بقى مراتك تعرف وأهلك كمان، ما هو بنات الناس مش لعبة.

كان غلق الباب عنيفًا، مما جعل السيدة تكتم ضحكة انتصار وقحة، فدنت منها ابنتها الصغرى تمدحها قائلة:

-أيوة كده يا ماما أديله، هو فاكر بنات الناس لعبة.

قالتها الفتاة بميوعة متدنية؛ وكأنها قد ورثت الطباع عن والدتها، والتي بدورها نظرت لـ ندى بمغزى، قالت:

-لو اتصل بيك قوليله على اللي اتفقنا عليه، وبلغيه إنها شروطي أنا، وهدديه إني هقول لمراته لو منفذش.........!!

______________________________________


خرجت لحديقة الفيلا لتتحدث بأريحية أكثر حين هاتفها عبد الرحمن، فسألته رسيل في ترقب:

-اتصلت كتير، حصل حاجة!

رد عليها بتأزق كبير:

-راندا من امبارح مختفية، كلمت مامتها قالت مشفتهاش والمصيبة وأنا داخل أوضة مكتبك من شوية، لقيت أوراقك كلها مختفية، ومعاها عينة الدوا الجديد

ردت عليه بتوغر صدر:

-وراندا هتدخل مكتبي إزاي، تلاقيه حرامي

وضح لها بأسف:

-أنا امبارح الصبح أديتلها مفتاح مكتبك علشان أروح مع آلاء تفك الجبيرة، وكان لازم انهي شوية شغل فكلفتها بيه،

هتفت باضطراب وقد تاهت في خطورة الأمر:

-يبقى سرقتني، معقولة، دا أنا وثقت فيها.

تحير عبد الرحمن في خيانتها المفاجئة وقال:

-ليه تعمل كده، دي مش أول مرة أديها الوكالة بدالي علشان تهتم بالمستشفى.

لعنت رسيل غبائه بقسوة أحرجته وأشعرته بالندم، صاحت:

-دي الأمانة اللي وكلتهالك، دا وعدك لـ أيهم إنك تخلي بالك من كل حاجة في غيابي؟!

دارت رسيل حول نفسها وهي تتخيل تلاش ما سعت إليه في لحظة، ثم تابعت في ضياع:

-يا ترى عملت أيه تاني، أنا حاسة في مصيبة تانية مستنياني

بعد لحظات قليلة تذكر عبد الرحمن شيء هام، ارتاب فيه سابقًا، وجاء دوره ليعلنه في شك:

-على فكرة أنا دخلت مرة المعمل عليها لقيتها بتلعب في العقار بتاعك، والكلام ده قبل ما مدام ماريان تاخده

اهتزت رسيل فجأة حين تنبهت لكلامه المثير للريبة، ثم أحست بسخونة بشرتها، وتخوفت من فعل ما لم ترد الاعتراف به، خاصةً أن ماريان تأتيها نوبات إعياء متقطعة، ثم سألت في نزق:

-تفتكر كانت بتعمل أيه؟!

أنكر عدم فهمها وقال موضحًا بجهامة ليصدمها:

-ممكن قوي تكون لعبت في العقار، وحبت تفسده علشان يجيب نتيجة عكسية........!!

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

لم تكل من استمرارية مهاتفة والدتها التي قاطعتها منذ جاءت للقاهرة ولم تعطي لرأيها أدنى اهتمام، وبعد جفاء طال لوقت ليس بقليل، حثها تحننها وقلقها للإطمئنان عليها، فأجابت عليهـا مدعية الضيق، وسرعان ما تبدل للخوف القاتل حين استمعت لنبرة صوت ابنتها المتعبة، هتفت:

-مال صوتك، إنتِ تعبانة؟!

بالفعل كان الإرهاق حليف ماريان منذ أخذت العقار؛ خاصة ارتفاع درجة حرارتها التي ظهرت عليها، قالت:

-أيوة سخنة شوية، بس رسيل جنبي وخدت أجازة علشان تهتم بيا.

هتفت نور بعصبية وهي تلومها:

-ليه يا ماريان توافقي على كده، أنا مش مطمنة

سعلت ماريان بقوة وذاك ما جعل نور تزداد انفعالاً، هدرت بها:

-أنا جيالك، وبالمرة أشوف رسيل ومصايبها

بمجرد أن نطقت ماريان بذلك، لازمها السعال السحيق ولم تتوقف عنه؛ حتى خرجت الدماء من فمها، فهتفت في هلعٍ واضح:

-ماما أنا رجعت دم!

انقبض قلب نور وهي تخبرها بذلك، ودارت الدنيا من حولها، وقبيل أن ترد عمّ صمت مقلق مستكين، جعلها تردد في زعر مهلك:

-ماريان، ماريـان!!

في تلك الأثناء ولجت رسيل الغرفة برفقة أيهم بعدما أخبرته بكل ما حدث، ثم تيبست موضعها وهي ترى الدماء تغطي وسادة ماريان وملابسها، بينما تابع أيهم الركض نحو ماريان مشدوهًا، ثم شملها بنظرة مذهولة.

وجه بصره لـ رسيل التي تقف متجمدة وهتف:

-اتحركي يا رسيل واقفة ليه؟!

انتبهت لنفسها لتكمل سيرها نحوها، فتفحص أيهم نبضها، قال في إنكار:

-دا مافيش نبض!

كانت جملته بمثابة الضربة القاضية لـ نور التي كانت معلقة على الهاتف وتتابع ما يحدث رغم بعد المسافات، فسقط الهاتف من يدها لتدخل في حالة من الإغماء الفوريـة........!!

*********************
إلي هنا ينتهي الفصل الثانى والعشرون من رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت
تابع من هنا : جميع فصول رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت
تابع من هنا: جميع فصول رواية أرض زيكولا بقلم عمرو عبدالحميد
تابعوا صفحتنا على الفيس بوك للمزيد من روايات عربية
أو أرسل لنا رسالة مباشرة عبر الماسنجر باسم القصة التي تريدها
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة