-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية خط احمر بقلم عبد الرحمن أحمد - الفصل الثامن عشر

 مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص مع رواية رومانسية جديدة للكاتب المتألق عبد الرحمن أحمد الرداد و الذى سبق أن قدمنا له رواية طريق الدماء علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل الثامن عشر من رواية خط أحمر وهى الجزء الثالث من سلسلة عالم المافيا بقلم عبد ارحمن أحمد الرداد.

رواية خط أحمر بقلم عبد الرحمن أحمد - الفصل الثامن عشر

إقرأ أيضا: حدوتة رومانسية

رواية خط احمر بقلم عبد الرحمن أحمد

رواية خط احمر بقلم عبد الرحمن أحمد - الفصل الثامن عشر

تابع من هنا: روايات زوجية جريئة

"فقدان من اعتدنا على وجودهم في حياتنا يجعل منا وعاء فارغ، لا نجد بعدهم ما نحيا لأجله كما يدفعنا لفعل أشياء كثيرة لا ندرك مدى خطورتها"


أضواء حمراء وزرقاء أضاءت المكان الخارجي للفيلا لتعلن عن وجود مكثف لسيارات الشرطة والتي يتقدمها سيارة إسعاف، امتلأ المكان برجال الشرطة بشكل مكثف منهم من يرفع البصمات ومنهم من يستجوب حارس البوابة الخارجية، تقدم «زين» ونظر إلى جثة «فاطمة» التي كانت مُغطاه بقماش أبيض تلون باللون الأحمر بفعل الدماء ثم انتقل ببصره إلى «رماح» الذي كان يجلس جوارها على ركبتيه ويميل بجسده إلى الأمام ليضع كفيه على وجهه بشكل يُوحي بالصدمة والفاجعة، حزن كثيرًا على حاله وتقدم بخطوات هادئة حتى وصل إليه وانخفض حتى يُصبح في مستوى جسده، وضع يده على كتفه وردد بهدوء شديد:

- رماح مينفعش قعدتك دي! قوم معايا علشان خاطري

لم يصدر أي رد فعل واضح منه وظل على حالته تلك فلوى «زين» ثغره وربت على كتفه بهدوء قائلًا:

- أنت أقوى من إنك تبقى بالشكل ده قدام كل رجالتك اللي موجودين دول، أنا عارف إن اللي حصل صعب بس لازم تتماسك شوية علشان تعرف تقف على رجلك تاني!

كان وكأنه في عالم آخر غير هذا العالم الذي يتحدث فيه «زين» ولم يتفوه بكلمة واحدة بل ظل على حاله ولم يتحرك قيد أنملة فنهض هو من مكانه والتفت إلى «طيف» الذي اقترب ونظر إلى الجثة بحزن شديد، اقترب من صديقه وردد قائلًا:

- طيف أيه اللي جابك هنا؟

ظل موجهًا بصره تجاه جثة «فاطمة» وردد بتأثر شديد:

- عايزني أسمع بالخبر ده ومكنش موجود، فاطمة كانت أختي قبل ما تكون زميلتي في الشغل، كنت بعتبرها زي تنة بالظبط وكانت دايما تيجي تاخد رأيي في أي حاجة ده غير إنها صاحبة نيران المقربة، نيران لو عرفت معرفش رد فعلها هيبقى إزاي، أنا كنت دايمًا بفكر لو حد مننا حصله حاجة أيه مصير الباقي، كنت بفكر لو فعلا أنا مُت هل الباقي هيزعل! كنت دايمًا ببتسم وأقول لا إحنا أبطال الحياة اللي إحنا عايشين فيها وكنت بشبه الحياة دي برواية وإحنا أبطال الرواية دي والأبطال محدش فيهم بيموت لكن بعد المشهد ده اكتشفت إن ده واقع مينفعش نهرب منه

نظر هو الآخر إلى حيث ينظر وردد بأسف شديد:

- أينعم أنا انضميت للتيم ده متأخر لكن فعلا قضيت أوقات معاكم حسيت فيها إن أنا وسط عيلة وكلنا اخوات وخايفين على بعض وبنخطط مع بعض وبنهزر ونضحك مع بعض، مكنتش متخيل إن شغلي ده هيبقى بالشكل الجميل ده، بقيت أحب أروح شغلي علشان أبقى وسط أخواتي، متوقعتش للحظة إن حد من العيلة دي يختفي فجأة، تعرف أنا حاسس إننا في حلم وهنصحى منه وهنفضل كلنا مع بعض

أغلق «طيف» عينيه بحزن قبل أن يفتحها مرة أخرى لتقع على «رماح» الذي كان شكله يُحطم القلوب، عاد ببصره إلى «زين» وردد بهدوء:

- رماح صعبان عليا أوي، كنت متوقع إنه أقوى من كدا بسبب طريقة شغله لكن هرجع وأقول إن هو بني آدم، كلمته؟

هز رأسه بالإيجاب ونظر إلى حيث ينظر وهو يجيبه بنبرة تحمل الحزن:

- حاولت أهون عليه واقومه من مكانه لكن هو في عالم تاني، اكنه مش سامعني أصلا، على حالة الصدمة دي من ساعة ما جيت، خايف أضغط عليه ينهار


تحرك من مكانه واتجه إليه قبل أن يجلس هو الآخر على ركبتيه أمامه، فرد ذراعيه وأمسك بيديه ليبعدها عن وجهه فتفاجئ بعينيه الحمراء من كثرة البكاء، أخرج علبة المناديل الورقية الخاصة به وسحب منها الكثير قبل أن يمد يده به إليه قائلًا:

- خد يا رماح

أخذ منه المناديل وجفف دموعه وظل موجهًا بصره إلى الأسفل فتحدث «طيف» قائلًا:

- معلش سامحني في الدقيقتين دول، أنا مش هقولك متعيطش ولا متحزنش لأن لو أنت عملت كدا هتبقى بتضر نفسك أكبر ضرر، ليك حق تعيط وتزعل لأن اللي حصل مش سهل ومش زعل ليك أنت بس ده لينا كلنا بس عايزك تساعدني دلوقتي وتقولي حصل أيه بالظبط علشان نعرف مين عمل كدا

ظل على حالته فردد مرة أخرى:

- رد عليا يا رماح وساعدني خلينا نعرف مين عمل كدا ونحاسبه

وجه بصره تجاهها وهز رأسه بعدم تصديق قبل أن يقول بقلب متحطم:

- اللي أنا فيه دلوقتي ده حقيقي! بجد فاطمة هي اللي قدامي دي؟ يعني كدا خلاص مش هشوفها تاني! أنا أكيد بحلم وهصحى من النوم على صوت اتصالها اللي اتعودت عليه كل يوم الصبح وتقولي أصحى يا رماح أنت بقيت كسول وبتحب النوم كدا من امتى، أكيد ده مش حقيقي لأن إحنا حددنا ميعاد فرحنا أصلا وكانت مبسوطة أوي وبتقول امتى يجي اليوم ده! معقولة تمشي قبل ما يجي اليوم ده! أنا كنت جايب ليها الخاتم اللي عجبها وكنت هقدمه ليها يوم الفرح وكنت دايما بتخيل رد فعلها هيبقى أيه لما تشوف الخاتم، ازاي ده حقيقي! طيب أوريها الخاتم دلوقتي إزاي؟ هان عليها تمشي وتسيبني لوحدي بعد ما خطفت قلبي وخليتني من واحد مش واخد باله من حبها لواحد بيعشقها، مين اللي جاله الجرأة إنه يخطفها مني كدا! مين؟


تأثر «طيف» كثيرًا بما يقول ووضع يده على كتفه ليقول بصوت هادئ:

- ده قدر ربنا يا رماح، ربنا بيختبر صبرنا في المواقف اللي زي دي، دلوقتي فرحها في الجنة إن شاء الله، امسك نفسك أنت وادعيلها هي محتاجة للدعاء أكتر من العياط والحزن، قولي فين تسجيل كاميرات البيت؟

أشار إلى غرفة المكتب الخاص به وردد بحزن:

- جهاز الكمبيوتر اللي جوا، عليه كل الفيديوهات اللي بتتسجل

هز رأسه بالإيجاب وقبل أن ينهض ردد بتساؤل:

- هتيجي معايا نشوف اللي حصل

هز رأسه برفض واضح قبل أن يقول بصوت منخفض:

- مش هقدر أشوف حاجة، كفاية عليا إنها قدامي غرقانة في دمها ومفيش في ايدي حاجة أعملها

اكتفى بالصمت ونهض من مكانه ثم اتجه إلى غرفة المكتب وتبعه «زين»، جلس على المقعد وقام بتشغيل الحاسوب، ولج إلى الملفات الخاصة به وضغط على التسجيل الأخير للكاميرات وبدأ المشهد:

"دلف إلى داخل الفيلا ثلاثة أشخاص لا تظهر وجوههم بسبب الأقنعة التي يرتدونها، تقدموا إلى الداخل وبيدهم «فاطمة» التي قاومتهم بكل قوة لكنها كانت مقيدة اليدين كما تم وضع شريط لاصق على فمها حتى لا يخرج صوتها، أجلسها اثنين على ركبتيها وتقدم الثالث منها قبل أن ينخفض حتى يصبح في مستوى رأسها وقال بابتسامة:

- في الوقت اللي بتخططوا فيه لمواجهتنا كنا في طريقنا لتنفيذ خطتنا وهي قتلكم واحد واحد، إحنا سابقينكم بألف خطوة

وقف مرة أخرى وأخرج سكين من خلف ملابسه وتحرك بخطوات هادئة ومُخيفة حتى أصبح خلفها مباشرة ونظر إلى كلٍ منهما نظرة ذات معنى فهزا رأسهما قبل أن يثبتها الأول في الأرض ويمنع الآخر حركة يديها المتكررة بينما تقدم الآخر صاحب السكين ووضع السكين على رقبتها ومررها ببرود شديد بينما انتفض جسدها وتطايرت الدماء بشكل مخيف، رفع ذو القلب المتحجر السكين وبيده الأخرى نزع الشريط اللاصق بينما فك أحدهم الرباط الذي ربطها به وتركوها لتسقط على الأرض، في تلك اللحظة أصدرت حركات تدل على خروج روحها وأصدرت صوت مُخيف بينما خرجت الدماء بغزارة، مر شريط حياتها أمام عينها بسرعة شديدة وانهمرت عبرة من عينها وصورة «رماح» أمام عينها، ودت لو تلقي نظرة أخيرة عليه قبل ذهابها لكن ليس بيدها شئ، حركت يدها بطريقة غير منتظمة قبل أن تهدأ أنفاسها تدريجيًا"


أبعد «طيف» نظره بعيدًا عن شاشة الحاسوب بسبب عدم تحمله ما يراه ووضع يده على وجهه وهو يقول:

- جالهم قلب يعملوا ده إزاي! دول معندهمش قلب، ربنا يحرقهم في نار جهنم الاشكال دي

جلس «زين» على طرف المكتب ونظر إلى الفراغ وهو يقول:

- على الأقل عرفنا إنهم رجالة الريد لاين، طالما قتلوا فاطمة يبقى عندهم خطة لقتل كل واحد فينا، لازم نبقى واخدين بالنا الفترة الجاية

نهض «طيف» وخبط على المكتب بغضب وهو يقول:

- ياريت يطلعوا قدامي علشان أوريهم نار جهنم قبل ما أقتلهم بسبب اللي عملوه


وصلت «نيران» إلى الفيلا وتقدمت إلى الداخل لتجد «رماح» الذي كان يجلس أمام جثة صديقتها المقربة فاقتربت برفق قبل أن تنخفض وتنزع الغطاء من على وجهها، شعرت بالصدمة عندما تأكدت من الخبر الذي أتى بها إلى هنا وانهمرت دموعها قبل أن تقول باكية:

- متوقعتش أشوفك بالشكل ده يا فاطمة، متوقعتش يعملوا فيكي كدا!

غطت وجهها مرة أخرى ومالت عليها لتبكي بحرقة شديدة بينما اقترب أحد الضباط وردد بجدية:

- بعد إذنك ياريت تبعدي علشان الاسعاف

رفضت ذلك ورددت بصوت مرتفع:

- سيبوني معاها شوية، دي صاحبتي اللي طلعت بيها من الدنيا، دي أختي

حضر «طيف» على هذا الصوت فاقترب من زوجته ووضع يده على ظهرها وهو يقول بتساؤل:

- عرفتي منين؟

نظرت إليه بعينان دامعتان وهي تقول:

- فاطمة ماتت يا طيف، مش هشوفها تاني

وارتمت في أحضانه وزاد بكائها كثيرًا بينما ربت هو على ظهرها وضمها إليه أكثر وهو يقول:

- اهدي يا نيران بالله عليكي متعيطيش كدا، هي أكيد في مكان أحسن دلوقتي بعيد عن كل الضغوطات والمشاكل والحياة الصعبة دي

ابتعدت قليلًا ورفعت بصرها إليه لتتابع ببكاء حاد:

- كانت نفسها تشوف ابننا أوي، كانت بتقولي عندي هدية للبيبي لو طلعت بنت

ضمها إلى صدره مرة أخرى ومسح على رأسها وهو يقول بهدوء:

- اهدي يا حبيبتي وادعيلها، ماتت غدر وشهيدة وحقها هيرجع قريب إن شاء الله


***


- معنى كدا أيه؟ إني شغال معاكم والقائد بتاعكم كمان؟

قالها «نائل» الذي لم يتحرك من مكانه فأجابه هذا الخفي قائلًا بابتسامة:

- أيوة لكن إزاي! كل حاجة هتعرفها في الوقت المناسب وهتتعلم كل حاجة


***


تحركت سيارة الإسعاف وبداخلها جثة «فاطمة» بينما بقى «طيف» الذي وجه سؤاله إلى حارس الفيلا قائلًا:

- إزاي يا عم محمد محدش دخل قدامك وهم دخلوا من باب الفيلا في الكاميرات وخرجوا كمان! دول لو عفاريت على الأقل كنت هتشوف الباب بيتفتح!

أجابه بتلقائية شديدة وهو يؤكد على ما قاله:

- يا بيه أحلفلك بأيه إني مشوفتهمش وأنا قاعد متحركتش، معرفش إزاي دخلوا ولاد الابالسة دول

تدخل «زين» وأردف بغضب واضح:

- هو فيه احتمال من اتنين يا إما أنت مكنتش موجود وقت ما هم كانوا هنا وده معناه إنك مش شايف شغلك والاحتمال التاني هو إنك تبعهم وأنت اللي دخلتهم هنا وأنا الصراحة برجح الاحتمال التاني ولا أيه رأيك يا طيف باشا

نظر إلى صديقه ثم عاد ببصره إلى الحارس قائلًا بجدية:

- أنا معاك يا زين باشا، عم محمد يشرفنا كام يوم كدا لغاية ما نعرف إذا كان معاهم ولا لا ولا أقولك كدا كدا فيه كاميرات مراقبة، حتى لو مكانش موجود فيه احتمال 90% إنه ساب المكان عن قصد وإنه تبعهم

توتر «محمد» كثيرًا وشعر أن الوضع خارج السيطرة فصاح ببكاء:

- أنا عندي عيال عايز أربيهم، مكنتش أعرف إن كل ده هيحصل والله، والله أنا مش تبع حد يا باشا

مال «طيف» إلى الأمام أكثر وردد بتساؤل:

- قول يا عم محمد حصل أيه بدون لف ولا دوران بدل ما تلبس نفسك تهمة أنت مش قدها

وجد أن قول الحقيقة هو الحل الأمثل في تلك اللحظات فردد بتلعثم:

- أنا.. أنا مكنتش موجود فعلا وقت اللي حصل يا باشا، ليا قريبي من البلد موجود في القاهرة وطلب مني أسيب شغلي لمدة ساعة في الوقت ده وأجي أرفع معاه عزال لحد قريبه ولما رفضت وقولت إني في شغل قالي إن دي مصلحة مش هتتعوض وهقبض 5000 جنيه، الصراحة المبلغ زغلل عيني وقولت رماح باشا مش بيجي خالص في الوقت ده غير متأخر ووافقت وروحت وبعدها رجعت ومسكت مكاني تاني ورماح باشا رجع وبعدها حصل اللي حصل لكن والله يا باشا أنا مش تبع حد وده اللي حصل بالظبط

ابتسم «زين» بسخرية قبل أن ينظر إلى «طيف» قائلًا:

- هيرفع عزال بـ 5000 جنيه! ده عزال فيلا ده ولا أيه

ردد «محمد» بتلقائية:

- لا يابيه دي شقة على قد حالها وطلعنا تلاجة وبوتوجاز بس

اتسعت ابتسامة «زين» ورفع أحد حاجبيه وهو يقول:

- كمان! حسابك مع المقدم رماح هو يتصرف معاك علشان مشوفتش شغلك كويس ودلوقتي قولنا قريبك ده اسمه أيه وساكن فين


أبلغهم باسم وعنوان صديقه الذي تحدث عنه فنهض كلٍ من «طيف، زين» استعدادًا للذهاب لكن «نيران» أوقفت زوجها قائلة بصوت هادئ:

- رايح فين يا طيف

اقترب منها وضم كتفيها بحب وهو يجيبها قائلًا:

- حوار تبع القضية خيط كدا مسكناه وهنمشي وراه يمكن يوصلنا لحاجة، روحي أنتي وخلي بالك كويس أوي علشان ناويين يصطادونا واحد واحد، أوعي تقفي بالعربية نهائي والأفضل تروحي مع القوة على المديرية وروحي مع بابا

حركت رأسها بالإيجاب عدة مرات لتقول بهدوء:

- حاضر بس طمني عليك

ابتسم ابتسامة هادئة وحضنها قائلًا:

- متقلقيش يا حبيبتي هبقى بخير إن شاء الله، لما تروحي كلميني

- حاضر


***


قاد «زين» السيارة بينما جلس «طيف» بجواره وسيطر الصمت على المكان أثناء تحركهم حتى تحدث الأول قائلًا:

- تفتكر فعلا نائل هو خطتهم والمفاجأة اللي قولت عليها!

نظر إلى الطريق أمامه وشرد قليلًا قبل أن يجيبه:

- الأكيد إن نائل هو نائل اللي إحنا عارفينه لكن موضوع فقدان الذاكرة ده حاسه غريب شوية، ممكن خد أدوية تنسيه أو تخليه في الحالة دي علشان يبنوه من أول وجديد ويبقى هو فعلا قائدهم بس لو فكرت فيها الموضوع ده على الأقل علشان يتم هياخدوا وقت كبير أوي نقدر نقول سنتين عقبال ما يبنوه من أول وجديد ويبقى قائدهم، الصراحة الموضوع غريب وفيه غموض بشكل أوفر

انحرف بالسيارة جهة اليمين قبل أن يقول:

- تعرف المشكلة الكبيرة أيه؟

نظر إليه وردد بتساؤل:

- أيه؟

أجابه وهو لا يزال ينظر إلى الطريق أمامه:

- إننا كتلة واحدة يا طيف، إحنا متجمعين وكلنا مرتبطين بشغلنا يعني حركاتنا كلها معروفة ومعروف مكانا لكن هم تحس إنهم فعلا أشباح، موجودين في كل حتة يعني لو وصلنا لحد منهم هيبقى فيه ألف غيره متفرقين في كل حتة، كأننا بنحارب عدو موجود في كل الاتجاهات لو ضربت اللي قدامك اللي ورا هيطعنك في ضهرك

ابتسم «طيف» وعاد بظهره إلى الخلف وهو يقول:

- ساعتها ندور على اللحظة اللي كلهم متجمعين فيها ونهاجمهم إحنا من كل مكان، لازم نفكر عكس تفكيرنا لأننا لو فكرنا ونفذنا هيبقوا سابقينا بخطوات كتير لكن لو كنا عكس التوقعات ساعتها هنفاجأهم

- نظرية بردو


وصلا إلى وجهتهما وترجلا من السيارة قبل أن يتحركا إلى هذا المنزل الذي أخبرهم به «محمد»، تقدما إلى الداخل وطرق «طيف» الباب الذي كان في الطابق الأول من هذا المنزل وانتظر لعدة لحظات قبل أن يفتح «هاشم» الذي ضيق حاجبيه وهو يبدل نظراته بينهما وأردف بتعجب:

- أفندم! حضراتكم عايزين حاجة؟

أخرج «طيف» بطاقته وأشهرها أمام وجهه وهو يقول بجدية:

- الرائد طيف أيمن وده الرائد زين الجيار، ممكن نخش علشان نعرف نتكلم

ضيق هذا الشاب حاجبيه بقلق قبل أن يقول بعدم تصديق:

- هو حضراتكم الكاميرا الخفية ولا أيه! أنا عارف سعادتك يا باشا أنت اللي اتقتلت والفيديو اتنشر على الفيس وكل مكان! اخلع يا بيه قناع سيادة الرائد أنا كشفتكم

رفع أحد حاجبيه بتعجب ونظر إلى «زين» الذي بادله هو الآخر بنظرات غير مفهومة، عاد ببصره إليه مرة أخرى وردد بجدية:

- قناع أيه! ياعم هو أنا ولسة عايش مش كاميرا خفية ولا قناع

ضيق هذا الشاب نظراته وردد بعدم اقتناع:

- مش مصدقك بردو، طب المجرم ضربك كام رصاصة!

اتسعت حدقتيه بعدم تصديق بينما نظر إليه «زين» وهو يقول:

- هم يبكي وهم يضحك، على الأقل ضمنا إنه أهبل واستحالة يكون من الريد لاين

فقد «طيف» صبره وردد بعصبية واضحة:

- اتضربت رصاصتين يا سيدي

ثم رفع قميصه وتابع:

- وأدي مكان الرصاصتين ومحطوط زفت لزق أهو هتدخلنا ونتكلم ولا اخدك على القسم ونتكلم على رواقة!

تراجع هذا الشاب وردد بتوتر شديد:

- آسف يا سيادة الرائد اتفضل، والله ده أنا زعلت على موتك جامد وشاركت في هاشتاح حق الرائد طيف لازم يرجع والحمدلله حياتك كلها رجعت مش حقك بس


جلسوا جميعهم قبل أن يوجه «زين» سؤاله إليه قائلًا:

- قولي بقى يا هاشم أنت اشمعنا طلبت محمد حارس فيلا الرائد رماح يجي في الساعة دي بالذات وأيه الشيل اللي ياخد عليه 5000 جنيه! خصوصا في الوقت ده حصل جريمة قتل في فيلا الرائد رماح؟

شعر بالتوتر قليلا قبل أن يرد بتلقائية:

- والله يا باشا مش أنا اللي جبت الشغل ده حد قابلته بالصدفة في شغل وطلب مني أجي أنا وحد نشيله عزال واتفاجئت إنه يعرف محمد، قالي يجي في الوقت كذا معاك وكل واحد فيكم هياخد 5000 جنيه والصراحة أنا مصدقتش وأقنعته وجيه معايا فعلا

تابع «طيف» وردد متسائلًا:

- اسمه أيه وفين بيته ده وياريت لو معاك رقم تليفونه

ضم حاجبيه بعدم فهم قبل أن يقول:

- اسمه سعد يا باشا وهكتبلك العنوان ورقمه في ورقة

كتب له العنوان ورقم الهاتف على ورقة قبل أن يقول:

- أهو سعادتك، جريمة قتل أيه اللي حصلت؟

أخذ منه الورقة ونهض الاثنين معًا قبل أن يقول «طيف» وهو يتجه إلى الباب:

- لو احتجناك هنقولك يا هاشم، يلا يا زين


***


نظر إلى القميص الخاص به ليجده ملطخ بالدماء فضيق نظراته وهو ينظر إلى ملابسه وإلى الدماء التي جفت على يده فردد بصوت هادئ يدل على الصدمة الكبيرة والتي لم يفق منها بعد:

- بجد الدم ده دم فاطمة! اتقتلت ومقدرتش أحميها! بجد أنا عايش اللحظات دي ومش بحلم!

رفع كفيه أمام عينيه لينظر إلى تلك الدماء قائلًا:

- ليه قتلوها هي! كانوا قتلوني أنا، لو كانوا خيروني والله كنت اختارت نفسي

خرجت «نيران» من مكتب اللواء «ايمن» واتجهت إلى مكتبه لتجده على تلك الحالة يكلم نفسه فحزنت كثيرًا على حاله واقتربت لتجلس على المقعد المقابل له وهي تقول:

- متعملش في نفسك كدا يا رماح، ده أمر ربنا واللي حصل ده صعب علينا كلنا، فاطمة مكانتش مجرد صاحبتي المقربة لا دي كانت زي نيسان أختي، كانت تعرف عني اللي نيسان نفسها متعرفهوش عني

انهمرت دموعها وتابعت:

- لازم نتحمل ونصبر وندعيلها

رفع رأسه ونظر إليها بعينين دامعتين ووجه شارد حزين قبل أن يقول بضعف:

- مش قادر أصدق اللي حصل، فاطمة الصبح كانت قاعدة مكانك على الكرسي ده وبتهزر وتضحك معايا، النهاردة ضحكت أنا وهي من كل قلبنا، فجأة تختفي كدا من حياتنا كلنا! مش هتخش عليا المكتب تاني وتقعد ترخم وتحاول تضحكني وتهون عليا؟ يارتني حبيتها بدري عن كدا علشان أكون شبعت من وجودها معايا، عارفة لما حد تكوني اتعودتي عليه في حياتك وبتصحي على صوته وتنامي بردو على صوته ومتعودة تشوفيه كل يوم فجأة يبقى الأمر الواقع إنك مش هتشوفيه تاني ولا هتسمعي صوته تاني! الحاجات اللي كنتي متعودة تعمليها معاه مش هتعمليها تاني! الواحد يعيش ازاي بعد ده؟ يعني ينفع الواحد يعيش من غير مياه! أنا مش عارف هعيش إزاي من غير فاطمة

انهمرت دموعها بغزارة لسماعها تلك الكلمات فبكائه ليس بيده فهو فقد أعز ما يملك، فقد من أحبها قلبه واعتاد على وجودها، شعرت أنها ستبدأ بالبكاء فنهضت من مكانها وأسرعت إلى مكتب «فاطمة» لتبكي به دون أن يراها أحد بينما بقى هو مكانه يستعيد ذكرياته مع حب حياته فاطمة ...

"

أنهت حمامها وارتدت ملابسها ثم نزلت إلى الأسفل لتجده منتظرًا بالاستقبال الخاص بالفندق فاتجهت إليه وما إن اقتربت منه حتى قالت:

- اتأخرت عليك؟

رسم ابتسامة مصطنعة على ثغره وهو يردد:

- لا أبدًا دول كلهم ساعتين مش حوار يعنى

جلست على الكرسى الذى يجاوره وأمسكت بالكوب الموضوع أمامه وارتشفت منه وهى تقول :

- امم ما أنتَ اللي بتتصل بيا الساعة 6 الصبح مش عارفة أنتَ هتنزلنا نبيع لبن ولا أيه نظامك

اتسعت حدقتيه وهتف بصدمة:

- أنتي بتشربي من النسكافيه بتاعي!

نظرت إلى الكوب الذي بيدها وسرعان ما تركته فى الحال لتقول باستياء شديد :

- يععع وأنا اللى فاكراك طالبهولي، افرض عندك كورونا دلوقتى زماني اتعديت

أمسك رأسه بكلتا يديه وردد بتأفف:

- يلا يا فاطمة نكمل شغلنا قال كورونا قال، وكملي النسكافيه أنا ماكنتش لسة شربت منه حاجة متخافيش

"


عاد بذاكرته إلى الوقت الحالي وردد بصوت ضعيف بعد أن انهمرت عبرة من عينيه:

- كانت أحسن مهمة عملتها في حياتي، علشان كنتي معايا يا فاطمة علشان كنتي معايا لكن دلوقتي! دلوقتي أنا لوحدي ...

*********************
إلي هنا ينتهي الفصل الثامن عشر من رواية خط أحمر بقلم عبد الرحمن أحمد
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة