مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص الرومانسية مع رواية رومانسية جديدة للكاتبة أميرة مدحت على موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل الثامن عشر من رواية لأجلك أحيا بقلم أميرة مدحت
رواية لأجلك أحيا بقلم أميرة مدحت - الفصل الثامن عشر
تابع من هنا: تجميعة روايات رومانسية عربية
رواية لأجلك أحيا بقلم أميرة مدحت - الفصل الثامن عشر
توقف الزمن تمامًا وكأن عقله يرفض التصديق، إبتلع ريقه بصعوبة بالغة وهو يشعر بنبضات قلبه التي تتزايد بصورة غير طبيعية، تقلبت عيناه فيما حوله في خوفٍ وكأنه عاجزًا عن التفكير، هز رأسه بالسلب بعد وصوله إلى فكرة فقدانها فـ همس بقوة:
-لأ، مش هيحصل، مش هسمحلك يا تيجان.
مرر ذراعه حول ظهرها والآخر أسفل ركبتيها كي يحملها بين ذراعيه، نهض من مكانه راكضًا نحو خارج المنزل، هبط على الدرج سريعًا وهو يهمس بخوفٍ:
-إياكِ تستسلمي.
وصل أخيرًا إلى سيارته، فقام بفتح الباب الأمامي بصعوبة بالغة، أجلسها "أصهب" على المقعد المجاور لمقعده بحذرٍ بالغ مسندًا رأسها على الجانب ثم حكم حولها حزام الأمان، أغلق الباب مندفعًا نحو مقعده، لينطلق إلى إحدى المشفيات قبل فوات الأوان.
*
أنتشر خبر محاولة قتلها كما تنتشر النار في الهشيم بين أهل القرية، أصابهم الحزن والخوف مما هو قادم، فمحاولة قتلها الآن يُعني بداية دخول حرب شرسة بين "أصهب" والطرف المجهول الذي حاول قتلها، خاصةً بعد أن تواعد "أصهب" في يوم إعلان براءتها لأي شخص حاول إلحاقها بأي أذى، ولكن ما سيطر على عقولهم هو خروج "الهامي" من القرية بأكملها كي يعود السلام إلى الجميع.
غادر خمسمائة فقط من أمام القصر، فلم يبقى سوى ألفين أو أكثر واقفون يصرخون بغضب، قوتهم تكاد أن تهدم ذلك القصر بمن يجلس فيه، وصوت صياحهم الجهوري المخيف يجعل الخوف ينهش قلب "الهامي" مما قد يفعلوه به إذا وقع بين أيديهم.
دخل "راجي" غرفة والده بخطى هادئة للغاية، رأه يجلس على الفراش بملامح عابسة، تنهد الأخير بحرارة، مُبتسمًا بداخله بسُخرية، تمنى في تلك اللحظة كثيرًا أن يكون والده ذات شخصية رحيمة.. طيبة.. حكيم، حتى يعيش هو أيضًا في سلام، ولكن قسوته طغت حتى وصل الأمر إلى محاولة قتل وحيده ببرودٍ شرس.
تسائل بصوتٍ جامد رغم حرقة قلبه:
-نويت على إيه؟؟..
رفع "الهامي" وجهه له قبل أن يجيب بتهكم:
-هو إنتوا سيبتوا ليا إختيار تالت، هسافر على الفجر يكونوا مشيوا من قدام القصر، أنا مش مستعد يجرالي حاجة، لأني خلاص رجليا والقبر، هعيش بعيد أحسن.
تابع مُتسائلاً بسُخرية:
-بس ياترى هتبقوا تزوروني ولا هتسبوني مرمي هناك لوحدي.
رمقه "راجي" بنظراتٍ مطولة ثم رد عليه بهدوء:
-في واحدة هتجيلك كل يومين كده، تنضف البيت وتعملك الأكل وتغسل هدومك، أظن إنت مش محتاج حاجة أكتر من كده.
زفر بضيقٍ داخلي قبل أن يُضيف:
-وياريت تنسانا تمامًا، أنا عشت من صغري مبقولكش لأ، لكن إللي إنت عملته أكبر جريمة ممكن يرتكبها الاب لإبنه.
إبتسامة أليمة شقت شفتيه وهو يهمس:
-كنت هتكسرني، كنت هتموتني أنا ومراتي لمجرد أن إبني منفذش أوامرك، كان عندك أستعداد عادي تكسرنا وتتفرج علينا، كأننا أعدائك، مش من لحمك ودمك.
سحب نفسًا عميقًا وهو يقول في نغمة ألم:
-ربنا يسامحك على حرقة القلب إللي سببتها ليا ولمراتي ولإبني، ربنا يسامحك.
وقبل أن يغادر سمع صوته وهو يناديه بخفوت هادئ، تصلب جسده مع نداءه الثاني، ولكن لم يلتفت إليه، أنتظر عدة ثوانٍ ما سيتفوه به حتى وجده يقول بتوتر:
-أصهب خد رصاصتين في ضهره، واحدة منهم فعلاً بتاعتي بس التانية مش مني، من طرف مجهول أنا فعلاً معرفوش، بس ياإما كان قاصد تيجان وده إللي بنسبة كبيرة لأن أصهب حضنها فنفس الوقت إللي أضرب فيه بالنار، ياإما حد فعلاً كان عاوز يموته، يعني حياة إبنك في خطر سواء إن كان لوحده أو مع البنت دي.
ظل "راجي" واقفًا في مكانه يستمع إلى كل حرف ينطقه الأخير وكأن سوط يهبط على قلبه من قوة الألم، حاول تمالك أعصابه وهو يخرج من الغرفة هابطًا إلى الأسفل، شعر بإهتزاز هاتفه في جيب بنطاله، فأخرجه سريعًا قبل أن يجيب على طرف الآخر بإهتمام:
-إيه يا أصهب، إنت فين؟؟..
صمت قليلاً قبل أن تتسع عينيه بذهولٍ:
-نعم!!!.. إنت بتقول إيه؟؟.. إزاي ده حصل وإمتى؟؟..
-في الجانب الآخر-
وقف "أصهب" خارج غرفة العمليات يزفر بعمق ما حبسه بصدره ليسيطر على توتره الكبير، أنتظر على أحر من الجمر خروج الطبيب من الغرفة للأطمئنان على حالتها، كانت الدقيقة الواحدة بالنسبة إليهِ گـ ساعة.
بدأ يسير ذهابًا وإيابًا والهاتف على أذنه يهدر بغضبٍ جامح:
-معرفش، أنا روحت البيت لقيتها غرقانة في دمها، ده غير أنه مفيش أي أثار أقتحام، أنا هتجنن!!!!..
قال كلمته الأخير وهو يصرخ بشراسة مندفعًا نحو الحائط يلكمه بقوة عسى أن يهدأ غضبه ولكن أزداد وهو يرى يده مليئة بـ آثار دمائها، أغمض عينيه بعنف يكاد أن يعتصرهما وهو يقول بهمسٍ متشنج لوالده:
-مش قادر، بحاول أمسك نفسي بس مش قادر، راسي هتنفجر من التفكير!!!!!..
قال "راجي" بلهجة قوية محاولاً بث الهدوء بداخله:
-أهدى يا أصهب، أهدى شوية وأنا هجيلك على المستشفى.
هتف "أصهب" بقوة:
-مش عاوز الخبر يوصل لـ وافي ولا لـ يسر دلوقتي، لغاية ما بس أطمن على تيجان.
رد عليه بنبرة هادئة ولكن تحمل الكثير من القلق:
-مقدرش اضمنلك ده، لأن زمان القرية كلها عرفت الخبر، وأكيد هيوصل لغاية بيتها، بس معتقدش يوصلهم دلوقتي لأنهم حاليًا في المكان إللي فيه السجينات بيأمنوا المكان ويشوفوا أكلهم وشربهم، فلو وصلهم هيوصل متأخر.
تنهد "أصهب" بخوف وهو يحدق بعينيه القاسيتين نحو باب الغرفة ثم قال بنبرة حادة:
-تمام، يالا سلام.
أنهى المكالمة قبل أن ينتفض من مكانه وهو يرى خروج الطبيب من الداخل، تحفزت حواسه وهو يركض نحوه مُتسائلاً بنبرة صارمة تحمل من الخلف الكثير من التلهف:
-هَـاا يا دكتور؟؟.. إيه الأخبار؟؟.. بقت كويسة مش كده؟؟..
أجابـــــــه بأسفٍ بدا على ملامحه:
-إحنا بنعمل إللي علينا، بس للأسف حالتها مش مُستقرة، الطعنة كانت شبه عميقة وهي نزفت كتير جدًّا.
أجتاحته رعشة قوية وهو يسأله بنظرات قوية:
-يعني إيه؟؟!!..
أجابـــــــه بجدية:
-يعني لو عدى 24 ساعة على خير يبقى حالتها هتستقر، وإن شاء الله خير، عن إذنك.
ختم آخر حرف بأسفٍ ثم عاد إلى الداخل ليُتابع عمله، أستند على الحائط وهو يحدق في الغُرفة التي متواجدة بها، حرك رأسه بالسلب وهو يغمغم بعدم إستيعاب:
-لأ، أكيد هي مش هتسبني، أكيــد!!..
حدق في الغرفة بعينين مذهولتين هامسًا بدون شعور:
-أنا روحي أتعلقت بيكي، لو حصلك حاجة مش هستحمل.
هبطت دمعة حارة دون شعور من عينه وهو يهمس بخفوت قاتل:
-إياكِ تستسلمي يا تيجان، إياكِ.. كنتي السبب في خروجي للنور، متخلنيش أستسلم لضلمة قلبي تاني، أرجوكِ متستسلميش.
*
لاحقًا، وقف كل من "أصهب" و"راجي" أمام غرفة العمليات، منذ أن جاء والده وهو يسند ظهره على الحائط يحدق في يديه المليئة بآثار دمائها محاولاً إستيعاب ما يحدث حوله، إبتسامة ألم شقت شفتيه وعينيه القاسيتين الحادتين قد لمعت بالدموع خفيًا، ألتفت برأسه نحو والده الذي أخفض رأسه بضيق من ما يحدث حوله ثم همس بشرودٍ:
-أنا لسه خارج من المستشفى النهاردة وفرحان بـ ده، بس متوقعتش نهائيًا أن الضربة دي تيجي أبدًا، وإني هبات هنا مرعوب من فكرة إنها تروح مني.
حاول "راجي" بث الطمأنينة بداخله وهو يقول:
-ماتقلقش يا أصهب، إن شاء الله خير.
حرك رأسه بالسلب وهو يقول بصرامة مخيفة:
-انا مش هرتاح إلا لما أشوف الـ(....) إللي عملوا فيها كده، هـ...
لم يتابع كلماته حينما إستمع إلى صوت فتح الباب، لمح بطرف عينه خروج الطبيب، فتحرك نحوه بخطى سريعة وهو يسأله بحدة:
-ها إيه الأخبار؟؟..
أطرق الطبيب رأسه وهو يهمس بجمودٍ:
-أنا آسف، بس هي وصلت المستشفى وحالتها كانت صعبة.
ران الصمت على المكان لبضعة لحظات قبل أن يشد الأخير قامته وهو يتسائل بصوتٍ مرتجف:
-يعني إيه؟؟..
بدا الأسف عليه وهو يقول:
-البقاء لله.
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا