-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية فؤادة بقلم ميمي عوالي - الفصل الحادى والعشرون

مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص مع رواية رومانسية جديدة للكاتبة المتألقة ميمى عوالى و التى سبق أن قدمنا لها العديد من الروايات علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل الحادى والعشرون من رواية فؤادة بقلم ميمى عوالى .

رواية فؤادة بقلم ميمى عوالى - الفصل الحادى والعشرون

إقرأ أيضا: حدوتة رومانسية

رواية فؤادة بقلم ميمى عوالى

رواية فؤادة بقلم ميمى عوالى - الفصل الحادى والعشرون

 بعد ان اتجه جلال و استلقى على الاريكة معطيا فؤادة ظهره دون ان يعطيها اى فرصة للحوار ، و تدثر جيدا حتى انه لم يكن يظهر منه سوى بعض شعيرات من رأسه كانت تطل من تحت حواف الدثار و كأنها تقاوم كى تاخذ قسطا من الهواء


ظلت فؤادة مكانها لبرهة بوسط الغرفة ، تقف بذهول حاملة على يدها الملابس التى اصطحبتها إلى عمها و زوجته ، و كانت تنظر الى جلال بغيظ مكبوت ، فقد كانت ترتب امورها على ان تقضى ليلتها مستيقظة على الاريكة ، فكيف لها الان ان تقاوم النوم وهى جالسة على فراش واسع مريح كفراش ابيها


فؤادة فى سريرتها و هى تزفر أنفاسها بخفوت : الله يسامحك يا عمى ، انت السبب فى كل اللى انا فيه دلوقتى ، كان لازم يعنى امسك فيه تبات معانا ، ماكنت سيبته يرجع طنطا براحته ، ادينى اتحبست فى اوضة واحدة مع الاستاذ جلال … بس معلش ، كله يهون عشان خاطر الست نهاد ، ربنا يسعدها و يتمم لها بخير يا قادر يا كريم ، ثم تنهدت و اتجهت الى الفراش ، و وضعت ما بيدها ، ثم جلست و رفعت قدميها تحت الدثار ، فقد كان الطقس شديد البرودة ، و لكنها شيئا فشيئا مالت بجسدها على الوسائد و هى تلف الدثار حول نفسها و ما هى الا بعض الدقائق حتى راحت فى سبات عميق


كانت الاريكة التى يستلقى عيها جلال صغيرة الى حد ما بالنسبة الى طوله الفارع ، فكانت بالكاد تتسع لجلال ، و لكنه ما ان حاول ان يفرد قدميه حتى وجد انه لا يستطيع فعل ذلك من صغر الاريكة بالنسبة له ، و ما ان تقلب فى نومته و هو يحاول ان يجد وضعا مريحا ، الا و وقعت عينيه على فؤادة ، و التى كان شكلها مضحكا للغاية فأول ما جاء الى ذهن جلال ما ان رآها ، هى وجبة ورق العنب المحشو ، فقد لفت فؤادة الدثار على نفسها بطريقة محكمة قد يفشل فيها امهر طهاة محشو الملفوف و ورق العنب


وصع جلال كف يده على فمه يمنع صوت ضحكاته خوفا ان يقلقها صوته ، و ظل على تلك الحالة لبعض الدقائق ، و عندما هدأت ضحكاته ، كانت عيناه على وجه فؤادة ، يا الله ، كم هى شديدة الشبه من حبيبته ، و لكن شتان بين طبعهما ، و عادت به الذاكرة الى ذكرى ما فى حياتهما معا


فلاش باك


كان جلال جالسا فى بهو منزلهم بصحبة امه و زوجته و كريم ، و كان وقتها يوجد خلاف ما بين ندا و كريم ، و كان كريم فى حالة خصام تام مع ندا و لا يبادلها اى حديث


جلال : مش هتكبر دماغك بقى يا كريم ، انت هتعمل عقلك بعقل الستات


كريم : يا عم ماتشغلش دماغك


جلال : يا ابنى انتو اخوات ، و مالكمش غير بعض ، ما يصحش كده ، و بعدين ندا غلبانة ، ما تقساش عليها بالشكل ده


كريم بسخرية : ااه غلبانة فعلا ، كل شئ جايز


جلال و هو يوجه حديثه لهدى : ماتقولى حاجة يا حبيبتى لاخوكى ده تعقليه


حسنة ضاحكة : مين دى ، هدى ، هدى اخر واحدة هتقول لحد فيهم حاجة ، دايما تتفرج و تسكت ، مهما كان الوضع مش عاجبها ، مابتحبش وجع الدماغ


هدى بهدوء : ابدا يا ماما ، مش كده ابدا ، بس هم الاتنين اخواتى ، و لو طلعت حد غلطان التانى هيزعل منى ، و انا ما بحبش حد يزعل منى


عودة من الفلاش باك


قارن جلال بين موقف هدى مع اخوتها وقت خصامهم ، و بين موقف فؤادة مع عمها و ابنه و محاولاتها مرة بعد الاخرى ان ترم صدع خلافاتهما ، و اعترف بينه و بين نفسه ، ان فؤادة تمتلك قوة و عزيمة لم تمتلكها هدى ، فهدى كانت رقيقة .. هشة ، و كانت دائما تخشى ردود الافعال ، و كانت قلما تعترض على حديث ، خوفا من غضب المحيطين بها


اما فؤادة ، فهى صلبة .. قوية المراس ، لا تكتم رأيها و لا تترك حق من حقوقها


و اثناء عقد مقارنته ، تذكر حادثة فؤادة مع مكتب الترجمة و التى قصها عليهم كريم ، و التى لم يستطع جلال ان ينكر اعجابه بشجاعتها و تصميمها على عدم ترك و لو جزء بسيط من حقوقها ، رغم دهشته الدائمة من تشبث يدها بملابسها اثناء الحديث ، فهو يعلم جيدا ان هدى ايضا كانت تمتلك هذه المتلازمة ، و لكنه كان دائما ما يرجع تصرفها هذا الى خجلها و خوفها الدائم ، اما فؤادة .. فتملكته الحيرة الشديدة منذ ان رآها بسبب تلك المتلازمة


حاول جلال الاستلقاء مرة أخرى و محاولة النوم ، و الذى جافاه الى ان بدأت ساعات اليوم التالى ، بعدما تذكر حديث فؤادة مع عمها ، و كم اثارت اعجابه و هى تحاول الرد على اسئلة عمها دون قول الحقيقة ، و لكنها ايضا دون ان تقول كلمة واحدة كذب ، و تذكر دفاعها عنه و هى تثنى عليه وتعدد لعمها مزاياه و خصاله الحميدة


و عندما كانت الساعة فى تمام الواحدة صباحا … اشفق النوم عليه و بدأ وصاله لسويعات قليلة


تململت فؤادة فى نومها و حاولت الاعتدال ، و لكنها لم تستطع الحركة بسبب الطريقة التى دثرت بها نفسها ، فاخذت تتحرك ذات اليمين و ذات اليسار ، حتى استطاعت الحركة و همت بالنزول من الفراش ، و لكن لسوء حظها ان الغطاء لم ينفك عنها بالكامل ، فقد ظل عالقا حول كف قدمها ، و ما ان حاولت الحركة حتى انكفئت على وجهها مصدرة صوتا قويا ، و تأوهت بشدة ، فما كان الا ان نهض جلال مذعورا على صوت الجلبة و التأوه ، و ما ان رآها متكومة ارضا حتى اسرع اليها و هو يحاول مساعدتها على النهوض و هو يقول : ايه اللى حصل .. فى ايه


فؤادة بتأوه : اتكعبلت فى حرف البطانية و اتكفيت على وشى


ليتذكر جلال على الفور مظهرها و هى ملتفة بالغطاء ، فقال و هو يكتم ضحكه بصعوبة شديدة : طب معلش ، قومى قومى ، حصلك حاجة


فؤادة و هى تمسد كتفها المصاب : اتخبطت فى كتفى


جلال و بعفوية شديدة ، امتدت يده الى كتفها قائلا : ورينى كده ، اوعى يكون الجرح انفتح تانى


لتبتعد فؤادة الى الوراء قائلة بتوتر : لا ماتقلقش ، ان شاء الله خير ، انا هخلى محمد يبصلى عليها


جلال بحزم : لا


فؤادة بدهشة : و ليه لا ماهو مهما ان كان دكتور


جلال : خلى امى تبصلك عليه و لو لا قدر الله فيه حاجة ، هوديكى المستشفى يشوفوا الدنيا فيها ايه


فؤادة بامتعاض من تحكمه الغير مبرر : طب لو سمحت عاوزة ادخل الحمام


جلال باستغراب : طب ما تروحى ، عاوزانى اسندك و اللا حاجة ، انتى اتوجعتى للدرجة دى


فؤادة بغلظة : حضرتك واقف قدام باب الحمام ، و سادد السكة


ليلتفت جلال خلفه ليجد انه بالفعل يسد عليها الطريق ، فانزاح جانبا ثم قال ببعض السماجة : طب يا ستى ، اتفضلى ، ادينى وسعتلك السكة


لتحرك فؤادة راسها ذات اليمين و ذات اليسار دلالة على قلة الحيلة ، و دلفت الى المرحاض و اغلقت الباب خلفها بقوة ، لينخرط جلال فى الضحك دون مراعاة لصوته العالى ، فسمعته فؤادة من الداخل فزاد غيظها منه ، و ما ان خرجت من المرحاض و وقع بصرها على جلال ، و الذى ما ان رآها حتى انخرط فى الضحك مرة اخرى فقالت له بغيظ : ممكن اعرف انت بتضحك على ايه


جلال و هو يحاول السيطىرة على ضحكاته : اصل كان نفسى اصورك و انتى نايمة بالليل ولفه نفسك فى البطانية و كنتى عاملة زى صباع ورق العنب المحشى ، ده بوراك نفسه مايعرفش يعمل كده


لتبتسم فؤادة قليلا ثم ضحكت هى الاخرى بشدة : فنظر اليها جلال باستغراب فكان يظن انها ستغضب من حديثه و لكنه تفاجئ بها تقول : ده انا اللى كان نفسى اصورك و انت حاشر روحك فى الكنبة ، و فارد البطانية كلها عليك ، اكنك مغطى قتيل ، و شعرك ياعينى طالع من البطانية بيستغيث يا ولداه ، و نفسه ان حد يلحقه


كان جلال يستمع اليها و هو يفتح عينيه على اتساعها ، و يلامس شعره بكف يده و كأنه يتأكد من حديثها ، فما كان من فؤادة الا ان علت صحكاتها اكثر و هى تقول : لا لا لا … بجد مش قادرة ، هفطس


ثم اتجهت ناحية الفراش و جلست و هى تأخذ انفاسها و بعد ان هدأت رفعت رأسها اتجاه جلال بترقب ، و قد شعرت انها قد تجاوزت حدودها فقالت بلجلجة : انا اسفة …. انا شكلى زودتها اوى ، بس انا كنت بهزر … ارجوك ما تزعلش منى


جلال بسخرية مازحة : لو ماكنتيش عملتى كده كنت قلقت عليكى ، ما انا خلاص عرفت انك مابتسيبيش حقك


فؤادة بابتسامة : يعنى صافى يا لبن


ليشرد جلال سريعا و هو يتذكر هدى ، و التى كانت دائما تقول تلك الجملة عندما يتصالحان بعد خصام لم يدم ابدا اكثر من نصف ساعة


و عندما لاحظت فؤادة شروده قالت : شكلك لسه زعلان


جلال و هو ينفض رأسه : لا ابدا


فؤادة : طب انا هصلى الفجر


جلال و هو ينهض من مكانه : استنى اما اتوضى و نصلى سوا ، و بعد الصلاة تروحى لامى تبصلك على كتفك ، زمانها صحيت ، و المفروض الدكتور يبص عليكى عشان تبتدى العلاج الطبيعى


فؤادة : ان شاء الله


كان سالم و زوجته يستعدان للمغادرة ، و كان الجميع فى وداعهم


حسنة و هى تحتضن ام نهاد : و الله هتوحشينى يا ام نهاد ، يعلم ربنا انا حبيتك اد ايه


ام نهاد : و الله و انتى كمان يا ام جلال ، ان شاء الله الوجوه تتلاقى على خير و مايحرمناش من اللمة الحلوة دى


حسنة : لما نرجع طنطا ان شاء الله لازم تشرفونا فى بيتنا و تنورونا


ام نهاد : يا حبيبتى يجعله عامر دايما باصحابه و منور بيكى


حسنة و هى تغمز بعينيها بمرح : يا اختى انا عاوزاه ينور بالعروسة


ام نهاد : ربنا يا حبيبتى يقدم كل خير و ييسر الاحوال


سالم : ابقى هات مراتك ، و تعالى عشان تعرفها مكان ابوك و اهلك يا دكتور


محمد : اكيد طبعا يا بابا ان شاء الله ، اول ما نرجع طنطا بعد ما البنات يشبعوا من بعض


سالم لعايشة : و انتى خدى بالك من روحك و من اكلك ، انا عاوز حفيدى تبقى صحته بمب


عايشة بابتسامة : على راسى عمو .. عويناتى


سالم موجها حديثه لفؤادة : و انتى يا فؤادة لو فى اى وقت احتاجتى حاجة .. كلمينى على طول


فؤادة بابتسامة : طبعا يا عمى ، ربنا مايحرمناش منك


ام نهاد لابنتيها : و انتو هترجعوا امتى


نهاد : يومين كده ، ما خلاص اجازة نص السنة هتخلص اخر الاسبوع ، ممكن نيجى على الخميس او الجمعة ان شاء الله


سالم : خدوا بالكم من بعضيكم


نهاد و سلمى : حاضر يا بابا


جلال : شرفتنا يا سالم بية ، كان نفسنا نتآنس بيك اكتر من كده


سالم : الجيات كتير ، و لما ترجعوا طنطا بالسلامة ، ابقوا خلونى اشوفكم


جلال : انا ان شاء الله هكون عند حضرتك يوم الاتنين اللى جاى مع عارف


سالم : تنوروا … انا فى انتظاركم ان شاء الله


و بعد ان غادر سالم المزرعة التفتت حسنة لتعود الى الداخل فوجدت نهاد تلعب الكرة مع سلوى و ادهم ، و وجدت سلمى تحمل ليلى و هى تداعبها و تضاحكها كعادتها منذ ان اتوا الى المزرعة ، و ليلى مستمتعة جدا لدرجة انها تنحنى على سلمى لتقبلها بوجنتها بين الفينة و الاخرى ، و كلما تفعل ليلى ذلك تعلو ضحكات سلمى و هى تقول : يا خراشى على العسل و السكر اللى بقى ينقط من وشى ، ابتسمت حسنة على نقاء سريرتهم و حب احفادها لهم ، ثم اتجهت الى المطبخ لتتابع عمل الغداء


كان المحامى قد انصرف متوجها الى نقطة الشرطة ليتابع مستجدات الامور ، اما محمد وعائشة فكانوا يتابعون اللعب و هم يضحكون ، و انسحبت سلوى من اللعب و ذهبت اتجاه فؤادة قائلة : مش هتجيبيلنا توت النهاردة يا طنط


فؤادة بمشاكسة : تدفعى كام


سلوى و هى تحتضن فؤادة بحب : هديكى حضن و بوسة


لتضحك فؤادة و تقول : سعر مغرى الصراحة ، حاضر يا ستى


و ما ان التفتت فؤادة لتتجه الى شجرة التوت حتى اوقفها جلال قائلا بنبرة حازمة : و انتى بقى فاكرة انى هسيبك تطلعى على الشجرة بكتفك ده تانى


فؤادة : ما خلاص اتطمنت عليه و الحمدلله ما حصللوش حاجة


جلال بتصميم : لا برضة مافيش شعبطة على الشجرة تانى ابدا لحد ما تخفى


محمد بفضول : و انتى كتفك حصل له ايه تانى يا فؤادة


فؤادة بامتعاض : اتخبطت فيه الصبح


محمد : يبقى جلال عنده حق ، خفى على روحك شوية ، ثم اشار الى سلوى قائلا : تعالى يا ست لولو انا هجيبلكم التوت


و اتجهت فؤادة بغضب من تحكمات جلال الى داخل المنزل


ليعلو رنين هاتف جلال ، و عندما نظر الى الهاتف وجد ان المتصل هو عارف ، فرد قائلا : السلام عليكم ، ازيك يا عارف


عارف : و عليكم السلام ، الحمد لله انتم اخباركم ايه


جلال : تمام ، مافيش جديد


عارف: انا حبيت اقول لك ان عطوة دبر لك البيت اللى وصيتنى عليه ، موجود قرب جناين الموالح زى ما طلبت


جلال : و يا ترى جاهز على السكن و اللا محتاج لسه سغل


عارف : انا شفته ، هو بالطوب الاحمر ، و متبييض بياض على اد الحال ، بس ممكن يتقعد فيه من دلوقتى لو عاوز


جلال : تمام ، هبعتلك عنوان الناس اللى هتقعد فيه ، و تبعتلهم عربية تاخدهم من مكانهم لحد باب البيت ، و خلى عطوة يشوف اذا كانوا محتاجبن حاجة يجيبهالهم


عارف : تمام ، و كمان حبيت اعرفك انى اتكلمت مع كريم و عرفته باللى حصل


جلال : والنتيجة


عارف : الله اعلم ، بس هو اول ما عرف مشى بسرعة ، و كان شكله على اخره ، و اللى يشوفه يقول هيقتل له قتيل


جلال : هو حر فى اخته بقى


عارف : و ايه اخبار الجماعة عندك


جلال ضاحكا : بيسلموا عليك


عارف ممتعضا : يعنى يرضى ربنا انك تبقى قاعد وسط الكل ، و انا بوزى فى بوز حسين


جلال مازحا : لو حسين سمعك هينفخك


عارف : و على ايه ، انا هروح اشوف موضوع عطوة و العربية ، و ربنا حليم ستار


بعد ان اغلق جلال الهاتف ، اتجه الى الداخل ، باحثا عن ماجدة ، فاتجه الى المطبخ ، فوجد فؤادة تجلس على احد المقاعد معطية ظهرها الى الباب ، و وجد ماجدة تقف خلفها و علم من حديثهم ان ماجدة تجدل لفؤادة شعرها و كانوا يتحدثون بمرح


ماجدة : الصراحة يا ست فؤادة شعرك بسم الله ما شاء الله طويل اوى ، ده الضفيرة واصلة لحد وسطك


ام ابراهيم : قل اعوذ برب الفلق


فؤادة ضاحكة : الحقيقة يا ماجدة انا مش عارفة اودى جمايلك فين ، اصبرى بس عليا لما اخف ، و انا هعملك شعرك كل يوم فورمة شكل


ماجدة ضاحكة : صلى على النبى فى سرك يا ست فؤادة ، ده انا شعرى ممكن تقعدى تعديه كده شعراية شعراية


حسنة : ابقى فكرينى اما نرجع طنطا اوديكى لدكتور يعالجلك شعرك العيان ده


ماجدة و هى تمصصص شفتيها : لا هو الشعر راخر له دكتور ، الا ما بنروح للدكتور و احنا بنفرفر ، هنروح وشعرنا بيقع يا ست الحاجة


ام ابراهيم : اهو تبقى روحتيله و خلاص ، انتى طايلة


لتتحرك ماجدة من خلف فؤادة و هى تتجه الى صنبور المياه ، و كانت فؤادة تنهض من مكانها و هى تبحث عن حجابها لتلتفت بوجهها الى اتجاه جلال ليقف متأملا اياها


كان وجهها باسما مشرقا ، صبوحا ، لم يكن شعرها ناعما ، فبرغم الجديلة الا ان غرتها كانت تحتضن وجهها بطريقة محببة غخرية و فؤادة تحاول ازاحتها و حبسها وراء اذنها ، كى تستطيع وضع حجابها ، و ما ان رفعت رأسها حتى وجدت من يراقبها فى هدوء تام فما كان منها الا ان رمت حجابها فوق راسها سريعا وهى تستعمل كلتا يديها دون ان تنتبه لحركتها ، فما كان الا ان اصدرت صرخة من اثر الالم المفاجئ نتيجة حركتها الغير محسوبة ، ليسرع اليها جلال قائلا بلهفة و غيظ : كتفك وجعك مش كده ، ما حدش ابدا يعمل كده


فؤادة بتأوه و بنظرة ذات مغزى : و ما حدش ابدا برضة يعمل كده


حسنة كانت تقف و تنظر اليهم و لا تفهم منهم شيئا فقالت باستغراب : هو ايه اللى كده و كده ، ايه اللى حصل ، و انتى كتفك ماله ، ما انا بصيتلك عليه و لقيته كويس


فؤادة بخفوت : اصلى نسيت و حركت دراعى مرة واحدة و عشان كده وجعنى


جلال بغيظ : تبقى تاخدى بالك


لتنظر له فؤادة و هى تحاول كبت غضبها فقالت : انت كنت جاى عاوز حاجة


جلال متذكرا : ااه ، كنت هنسى ، و مد يده بالهاتف لماجدة قائلا : كلمى حد من عندك و بلغيهم ان فى عربية هتروحلهم تاخدهم النهاردة تنقلهم بيت تانى


ماجدة بلهفة : هنخرج من البلد يا بية


جلال : لا ، بس هتروحوا الناحية التانية ، و لما يوصلوا بالسلامة قوليلهم يبلغوا عطوة بكل اللى هيحتاجوه و هو هيتصرف و يدبرها لهم


لتنحنى ماجدة على يد جلال فى محاولة لتقبيلها ، الا انه منعها قائلا : انا ما بحبش الكلام ده يا ماجدة ، ياللا شوفى هتكلمى مين


ماجدة بقلق : ما فيش غير خالتى ، هى بس اللى حدانا عندها محمول زى اللى اديتهولى الست ندا ، و اخاف اكلمها الست ندا تعرف و تطين عيشتها


حسنة : خلاص ما تخافيش ، انا هكلمها و افهمها تعمل ايه ، و خليكى انتى بعيد عن الحكاية دى


ماجدة بحب : الهى ربنا يجبر خاطركم و يكفيكم كل شر يارب


فؤادة بفضول : هو انتو بقى يا ماجدة فى بيتكم يعنى ، عندكم عفش هيحتاج يتنقل ، اقصد يعنى هيحتاجوا وقت عشان يوضبوا حاجتهم


ماجدة بسخرية : الله يباركلك يا ست فؤادة ، عفش ايه بس ، ده هو شوية حصىر ، و كنبتين


فؤادة بمرح : تصدقى انى بحب الحصير ده اوى ، و كتير كنت اروح اقعد مع الخالة سعدية و تروح عليا نومة ، و يا سلام بقى لما اصحى و الاقى وشى و دراعاتى متقسمين من علامات الحصيرة عليها


ثم اتجهت الى الخارج قائلة : ياللا بقى خلصوا الاكل ، على ما اروح ابص على الارض و ارجع ، ثم نظرت لجلال و اشارت له انها تريد ان تتحدث اليه


فذهب خلفها و ما ان وصلوا الى الخارج قالت : من فضلك ممكن ابعت مبلغ لعم عطوة ، عشان يفرش لهم البيت ، واضح ان حالتهم صعبة اوى


جلال : ما تقلقيش ، انا هتصرف


فؤادة باعتراض : انت اتصرفت فى البيت و رفضت انى اجيبهم هنا ، سيبنى بقى اساهم بده ، انا كده كده كنت عاوزة اطلع صدقة على روح بابا ، و ما فيش احلى من كده


جلال : خلاص يا ستى ، زى ما تحبى


خلاص انا هجيبلك الفلوس قبل ما اروح ابص على الارض


جلال : هنبص على الارض سوا ، لانى عاوز اتطمن ان كل حاجة تمام قبل ما اسافر لعارف


فؤادة بلهفة : انت هتسافر


جلال : لازم احضر مع عارف مقابلة عمك


فؤادة : ايوة طبعا ، عندك حق ، و كمان انا عطلتك و بعدتك عن ارضك و شغلك كتير ، حقك عليا


جلال : انا جيت هنا برغبتى يا فؤادة ، ما حدش اجبرنى ، و تأكدى انى هكون دايما جنبك


مرت الايام سريعا ، و علموا من المحامى ان النيابة امرت بحبس الزينى خمس و اربعون يوما على ذمة التحقيقات ، بعدما ثبت بشهادة الشهود انه كان وراء عمليات التخريب التى حدثت بمزرعة فؤادة بالكامل


و مع نهاية الاسبوع حان موعد عودة سلمى و نهاد الى منزلهم مرة اخرى ، و بالطبع كان محمد و عايشة بصحبتهم ، و عندما حان وقت الوداع ، و بعد ان صعدت الفتيات الى السيارة التفت محمد الى فؤادة و احتضنها قائلا : انا خلاص مش راجع فرنسا تانى ، يعنى وقت ما هوحشك هتلاقينى ، ثم قال و هو يداعب يدها المصابة المتشبثة بملابسها : و عاوز اقعد معاكى كام جلسة كده عشان نخلص من القفشة دى … و اللا ايه


فؤادة بمرح : هو انت عشان مش لاقى عيانين ، هتيجى تسترزق منى انا


محمد و هو يضرب جبهتها بخفة : بطلى عند ، و اسمعى الكلام ، كنت فاكر ان الحكاية دى قربت تخلص ، لما لاحظت انها قلت اوى عن الاول ، لكن اهى رجعت تانى اهو زى ماكانت بقالها تلات ايام


ثم مال عليها مقبلا رأسها و قال بحنان : صدقينى ، ده عشان مصلحتك


كان جلال يستمع لكل كلمة بوضوح ، ها قد علم ان وراء متلازمة يدها سر ،و وجد بداخله فضولا شديدا لمعرفة ذلك السر


كان جلال كل يوم يذهب مع العم نبيل لمتابعة الزرع ، و احتياجاته و مستلزماته ، و كان يجلس مع المهندس الزراعى المسئول ، و كانت فؤادة معه فى كل خطوة حتى جاء يوم الاحد صباحا موعد عودة جلال الى طنطا


كان الافطار صامتا حزينا لا يتخلله الا حديث الصغار ، فكانت فؤادة تشعر بالحزن لفراقهم ، فقد احست ان المزرعة تشغى بالحياة فى وجود الجميع ، و لكنها بدأت فى وداع الجميع واحدا تلو الاخر


اما جلال فكان بالرغم من علمه بان خطر الزينى قد زال و انه لم يعد هناك اى خوف منه و هو وراء القضبان ، الا انه كان يشعر بغصة لتركه اياها وحيدة فى هذا المكان والذى برغم كل العاملين به الا انه بعيد عن العمران و الاهم انه بعيد عنه


اما حسنة فكانت صامتة احتراما لصمتهم ، حتى نهضت سلوى من مكانها و ذهبت الى جوار فؤادة و قالت : هو انتى يا طنط هتفضلى هنا و اللا هتيجى معانا


فؤادة و هى تحاول الوصول الى صوتها : لا يا سلوى … هفضل هنا


سلوى بحزن : طب ليه هتفضلى لوحدك ، ما تيجى معانا


فؤادة : للاسف .. ما ينفعش


حسنة : و ليه لا يا بنتى ، ما تيجى معانا ، و اديكى اتطمنتى على ارضك


و كله تمام اهوه الحمدلله


فؤادة : هنا مكانى يا امى ، و مهما روحت هنا او هنا ، مسيرى هرجع هنا من تانى ، يبقى لزمته ايه


لتحتضن سلوى فؤادة و هى تبكى و تقول : طب خلاص ، خلينى هنا معاكى


لتمتلئ عينا فؤادة بالدموع و تنظر باستجداء لجلال و تقول : يا ريت يا سلوى ، بس بابا لازم يوافق الاول


لتلتفت سلوى الى ابيها قائلة و هى تمسح عينيها بكفوفها : انا عاوزة افضل مع طنط فؤادة يا بابا لو سمحت


ليقول جلال ، و هو ينظر لفؤادة : ايوة يا سلوى بس طنط فؤادة مش هتبقى فاضية ، او ممكن تتضايق عشان هتعطليها او تشغليها عن المزرعة


لتقول فؤادة بلهفة و هى تمد كف يدها لتزيح دموعها بعيدا عن وجهها : بالعكس ، ما تقلقش خالص ، و بعدين انا و سلوى هنسلى بعض ، و وقت ما هى تزهق او توحشوها هتصل بيكم على طول حد يجيلها ياخدها ليكم


ادهم باعتراض : طب و انا ، انا كمان عاوز افضل مع سلوى


حسنة : انت لازم ترجع معانا يا حبيبى عشان مامتك عاوزة تشوفك ، و اللا ماوحشتكش


ادهم : طب لما اشوفها اجى تانى عند طنط فؤادة


فؤادة : و انا هستناك يا حبيبى


سلوى بفضول و هى تنظر لابيها : خلاص يا بابا ، هتسيبنىى هنا مع طنط


جلال بتنبيه : بس اعملى حسابك لو عرفت انك اتشاقيتى او عملتى اى مشكلة ، مش هجيبك هنا تانى


لتحتضن سلوى فؤادة بيديها قائلة : انا مش هعمل اى حاجة وحشة و هسمع كل الكلام


جلال موجها حديثه لفؤادة : انا هسيب سلوى معاكى تونسك ، على ما نشوف هنعمل ايه فى موضوع عارف ، و هرجع عشان اخودها


و قبل انصرافهم اكد جلال على فؤادة ان تجعل هاتفها قريبا منها باستمرار لكى يستطيع الاطمئنان عليها و على سلوى


و اوصى العم نبيل عليهم ، و كذلك ماجدة التى تركها مع فؤادة لتقوم على تلبية طلباتها و خدمتها


و صعد الى سيارته و قادها متجها الى الخارج وعينيه مصوبة على مرآة السيارة يراقب فؤادة ويدها الحرة تحتضن سلوى ، اما الاخرى المعلقة فرآها تتشبث بقوة بأطراف وشاحها ، بينما تغرق العبرات وجهها بشدة

*********************
إلي هنا ينتهي الفصل الحادى والعشرون من رواية فؤادة بقلم ميمى عوالى
تابع من هنا: جميع فصول رواية فؤادة بقلم ميمى عوالى 
تابع أيضا: جميع فصول رواية الفريسة والصياد بقلم منال سالم
تابع من هنا: جميع فصول رواية اماريتا بقلم عمرو عبدالحميد
تابع أيضاً: جميع فصول رواية انتقام اثم بقلم زينب مصطفى
تابعوا صفحتنا على الفيس بوك للمزيد من روايات مصرية كاملة
اقرأ أيضا: رواية شرسة ولكن بقلم لولو طارق
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة