-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية أرض زيكولا عمرو عبدالحميد - الفصل الثامن عشر

مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص مع رواية كاملة جديدة للكاتب عمرو عبدالحميد والمليئة بلإثارة والغرائب والخيال فتابعونا علي موقعنا قصص 26 و موعدنا اليوم مع الفصل الثامن عشر من رواية أرض زيكولا بقلم عمرو عبدالحميد

رواية أرض زيكولا عمرو عبدالحميد - الفصل الثامن عشر

اقرأ أيضا: روايات إجتماعية

رواية أرض زيكولا

رواية أرض زيكولا عمرو عبدالحميد - الفصل الثامن عشر

توقفت قدما خالد عن الحركة واتسعت حدقتا عينيه، وزادت ضربات قلبه حين سمع كلماتها.. وعاد إليها مسرعًا..
وسألها في لهفة: انتي قلتي إيه؟ !
فوجدها قد وضعت رأسها على الطاولة.. وغابت عن الوعي.. فسألها مجددً ا وصاح بها لكنها لم تجبه، فحاول أن يجعلها تفتح عينيها وأن تكرر ما قالته مرة أخرى وضرب بيده على الطاولة حتى تفيق، ولكن دون جدوى ، حتى أمسك برأسها وأعادها إلى الخلف ثم جلس أمامها ففتحت عينيها ببطء.. ونظرت إليه في ذهول
فسألها: انتي قلتي إيه في آخر كلامك؟
فابتسمت ونظرت إليه ثم سألته:من أنت؟!
فنهض وسأل نادلا أين يجد غرفة خالية، فأشار النادل إلى باب إحدى الغرف فأسرع وحمل الفتاة على كتفه والتي ضحكت برعونة حين قام بحملها.. وسار بها تجاه تلك الغرفة وسط نظرات الفتيات الأخرى اللاتي تهامسن حين وجدنه يحملها وكأن الغيرة أصابتهن.. حتى وصل إلى باب الغرفة فدفعه بقدمه ودلف بها إلى الداخل - وما زالت تضحك - ثم طرحها على أرضية الغرفة.. وأكمل سيره للداخل ووجد إناءً كبيرا به ماء فحمله، وعاد به إليها وسكبه بالكامل فوق رأسها فصرخت من برودة الماء
فسألها: افتكرتي أنا مين؟
فنظرت إليه دون أن تجيب، فأسرع وحمل إناءً آخر وسكبه فوق رأسها، فصرخت:
- تذكرت .. أرجوك.. لا حاجة لمزيد من الماء.
فسألها على الفور : مين اللي قتل أبوه عشان يرثه.. وفي الآخر ورث كتاب؟
صمتت الفتاة، وكأنها تتذكر ثم سألته: هل حدثتك عن ذلك
ّرد خالد متلهفا: أيوة ..
فنظرت إليه الفتاة: حسنا.. ماذا تريد منه؟
فأجابها: أنا عاوز أوصل له بأي طريقة.. لازم أوصل له.. لازم ألاقي الكتاب وصاحبه.. انتي تعرفيه؟
فنهضت وتحركت خطوات بملابسها المبللة وشعرها المبلل وجلست على أحد
الكراسي، ونظرت إليه: نعم أعرفه.. وقد أدلك عليه الآن إن أعطيتني عشرين وحدة من ذكائك..
فأسرع تجاهها وقال : وأنا موافق..
فضحكت الفتاة: حسنا.. سأصطحبك إلى هناك.. ولكن انتظر حتي ابدل ملابس
ّاتجه خالد مع الفتاة، والتي بدلت ملابسها إلى أحد الشوارع البعيدة .. وأخبرته بأن بيت صاحب الكتاب في نهاية ذلك الشارع.. وخالد يسير وعقله لا يتوقف عن التفكير، ويفكر بما قالته الفتاة بأن هذا الشاب قتل أباه كي يرثه.. ويخشى أن يكون ما يفكر به حقيقه تصدمه بعد لحظات .. حتى وصلا إلى أمام بيت متواضع،
فسألها خالد: هو جوّة؟!
فردت الفتاة: نعم..
فاندهش وسألها: وليه هو مش بالخارج زي باقي أهل المنطقة الشمالية؟!
فأجابته: إنه هكذا.. بعد أن قتل أباه وفوجئ بعدم امتلاكه لشيء.. أصابه اليأس، فهو يجلس ببيته كثيرا.. وتزداد حالته سوءًا، وكأنه ينتظر أن يُذبح يوم زيكولا.
ثم طرقت الباب، وبعد لحظات قام شاب في العشرين من عمره بفتحه.. فأشارت إليه الفتاة:
ها هو صاحب الكتاب.. أما أنا فعلي أن أعود إلى عملي.. وغمزت إلى خالد بطرف عينها وأكملت: هناك من ينتظرونني..
فنظر إليها خالد وقال: شكرا على كل حال..
غادرت الفتاة.. ونظر خالد إلى هذا الشاب الذي يقف أمامه، وظل يتأمّله حتي سأله الشاب:
من أنت؟!
فزادت دهشة خالد حين وجد صوت هذا الشاب يشبه صوته.. فسأله الشاب مجددًا، وظهر الغضب على وجهه: من أنت؟
فرد خالد: أنا أطلب منك المساعدة ..
فسأله الشاب: مساعدة؟!
فأجابه: أيوة.. أنا عرفت إنك ورثت عن والدك كتابًا احتفظ به لمدة عشرين سنة..
فأخرج الشاب نفسًا عميقا: نعم..
فابتسم خالد: هل تأذن لي بالدخول ونتحدث قليلا.. ثم تابع حين شعر برفض
الشاب:وسأعطيك خمس وحدات ذكاء مقابل هذا الحديث.
فقال الشاب:حسنا، ولكن لا تضيع وقتي.. عليك أن ترحل سريعًا أنا لا أحب الغرباء.. دخل خالد معه إلى الداخل.. ولاحظ مدى الفقر الذي يعيشه، وتلك الحياة البائسة، والتي ظهرت على ملابسه وعلى أرضية بيته حيث زجاجات الخمر الفارغة، وظل يترقبه ويتأمله حتى سأله: انت قتلت والدك فعلا؟
فر د الشاب غاضبًا: وما دخلك؟!
قال خالد: أرجوك، أجبني..
فنهض الشاب وتحرك خطوات مبتعدا عنه.. وحمل زجاجة خمرٍ في يده.. ثم نظر إليه:
- نعم قتلته.. إنه لم يجلب لي سوى الفقر.. وتابع: أعتقد أن أمي ماتت قديمًا بسبب جنونه..
فسأله خالد على الفور: أمك.. ماتت؟!!
فأجابه: منذ زمن قديم.. إنني لا اتذكرها حتى .. ليتها عاشت ومات هو..
فسأله خالد: ليه بتكرهه كل الكره ده؟!
فرد الشاب بعدما شرب القليل من الخمر: إنني أكرهه لأنه كان مجنونا.. هل يعقل أن ينفق أحد مخزونه من الذكاء مقابل كتاب لعين.. ثم ينفق ما تبقى له من ذكاء في التفكير في هذا الكتاب.. يكفيه حظا أنه وجد من أفقر منه بزيكولا.. والا ذبح قبل أن أقتله بسنوات ..
فسأله خالد: ما اسمك؟
أجابه: اسمي هلال.. إنه من سمّاني بهذا الاسم..
فسأله خالد على الفور : واسم والدك إيه؟
فأجابه ساخطا: كان يدعي حسني..
فدق قلب خالد بقوة.. واحمر وجهه، وكأن الحقيقة التي كان ينتظرها قد لفحته..
ونطق : حسني عبد القوي ؟!
فاندهش الشاب: نعم.. هل تعرفه؟!
فصمت خالد.. وتساقطت بعض دموعه.. وانحنى بظهره للأمام، ووضع رأسه بين يديه، وأكمل بصوت هادئ: كان أبوك غريبًا عن هنا.. وجاء إلى زيكولا من سبع وعشرين سنة.. هو وأمك..
وكان يحدثك عن مصر .. وعن سرداب فوريك..
فزادت دهشة هلال، ونظر إلى خالد، والذي أكمل: ولكنه مقدرش يحميك من طباع زيكولا.. وأصبح همك مثلهم.. الثروة..
ثم نهض، واقترب منه، وخطف زجاجة الخمر من يديه، ووضعها بعيدا..
ثم سأله:هل لاحظت الشبه القليل بيني وبينك؟.. هل لاحظت أن صوتي يشبه صوتك؟ ثم
تابع: أنت هلال حسني.. وأنا اسمي خالد حسني..
ثم عاد خطوات إلى الخلف، وأخذ نفسًا عميقا وأخرجه ببطء ثم أكمل بعدما نظر إليه: أنا أخوك، وأنت قتلت والدنا.. لأنك ابن زيكولا..
فصاح هلال به: يبدو أنك مجنون أنت الآخر، ثم دفعه: هيّا أخرج من هنا..
فصاح خالد غاضبًا، ومازالت الدموع على وجهه: أنا فعلا أخوك..
فدفعه هلال مجددًا: اخرج أيها المجنون .. هل أنا بحاجة إلى مزيد من الجنون كي تأتيني أنت الآخر؟!!
فنظر إليه خالد، وكأنه يراه وهو يقتل أباه ثم مسح دموعه وسأله: أين الكتاب؟
فأجابه هلال غاضبًا: وماذا تريد من الكتاب؟!
فرد خالد: أنا بحاجة للكتاب لأني عايز أرجع بلدي.. وممكن تيجي معايا..
فضحك هلال ساخرا: أرى أنك تشبه أبي في جنونه.. انتظر..
ثم نظر إليه وعقد حاجبيه، وسار إلى إحدى الغرف ثم عاد مجددًا إلى خالد، ومعه كتاب قديم أوراقه سميكة وقديمة.. فأسرع إليه خالد وخطفه منه حين لمح عنوانه.. سرداب فوريك.. وبدأ يقل صفحاته المصفرة في لهفة ودق قلبه بقوة حتى وصل إلى صفحة في منتصف الكتاب مكتوب بها بخط يدوى كبير.. الطريق إلى سرداب فوريك.. وكاد يقرأ ما بها حتى اختطفه هلال منه
وقال ساخرا: هل تريد هذا الكتاب؟!
رد خالد في لهفة: أيوة..
فضحك، وحدث نفسه: لقد أصبح للكتاب فائدة، ثم نظر إلى خالد: حسنا.. عليك أن تشتريه..
ًصمت خالد قليلا ثم سأله:وكم تريد؟
فابتسم، وتحرك خطوات جيئة وذهابًا، وتحدث : أرى أنك في حاجة ضرورية إلى الكتاب..
فنطق خالد: نعم..
فأكمل هلال:حسنا.. إن كنت تريده، فعليك أن تعطيني ربعمائة وحدة من ذكائك..
فصاح خالد على الفور : ربعميت وحدة؟!!
فرد هلال في هدوء، وتناول زجاجته مرة أخرى :
- نعم.. أيها الغني.. ربعمائة وحدة..
فقال خالد: صدقني، أنا أخوك..
فضحك هلال ساخرا: ليتني أتأكد أنك أخي أيها المجنون .. أقسم لك إنني لو تأكدت من ذلك لقتلتك كي أرثك..
فصمت خالد، وزاد ضيقه ثم سأله: هل ترك أبوك شيئا آخر؟
فأجابه: إنه لم يترك سوى هذا الكتاب.. هل ما زلت تريد شراءه، وضحك ساخ را،
وأكمل:هيا.. إنها ربعمائة وحدة فقط..
فصمت خالد مرة أخرى .. وكأنه يفكر، وطال صمته حتى نظر إلى هلال: أعطني مهلة شهرين.. وهرجع اشتريه مقابل الربعميت وحدة.
فسأله هلال متعجبًا: ألا تمتلكهم الآن؟!
فتحرك خالد خطوات، ثم نظر إليه:أمتلكهم.. ولكني أحافظ على مخزوني من الذكاء.. و هقدر اوفر من عمل ثمن الكتاب.. وهرجع لك بعد شهرين من اليوم.. أرجوك حافظ على الكتاب..
فجلس هلال، وعاد بظهره للخلف: حسنا.. سأنتظرك حتى تعود، ولكن إن تأخرت يومًا واحدا عن الشهرين.. سأمزق عن كل يوم تأخرته عشر ورقات، حتى لو وصل بي الأمر أن أمزقه بالكامل.. إنه لا يهمني بشيء.. هيا لا تضيع وقتك.. عد إلى حيث جئت.. فأوما خالد برأسه ثم تركه، وغادر وأخرج زفيرا طويلا،
وحدث نفسه: إنه أخي.. وقاتل أبي..
غادر خالد بيت هلال، صاحب الكتاب.. وسار بين الناس وبين موسيقاهم
وصرخاتهم التي لا تتوقف.. وعقله يشتعل بالتفكير.. تتضارب برأسه الكثير من
الأفكار، ويتخبط قلبه ما بين شعور وآخر.. يسأل نفسه هل يسعد لأنه وجد كتابه،
أم يحزن حين علم بقتل أبيه وموت أمه، حتى لو لم يرهما من قبل.. وهذا الشاب
المتهور الذي قد يكون أخاه، ومدى جشعه.. والمقابل الكبير الذي طلبه كي يعطيه
كتابه.. وكيف سيوفر ربعمائة وحدة في شهرين.. وإن عاد ليأخذ كتابه هل يأخذه ويترك أخاه، أم يأخذه معه.. حتى أمسك رأسه، وكأنه لم يعد يستطيع التفكير..
و حدث نفسه بصوت هامس :هدفي دلوقتي إني آخد الكتاب..
ثم سار إلى المكان الذي جلس به حين أتى إلى المنطقة الشمالية.. فوجد من أعطاه حصانه، فاتجه إليه كي يسترده؛ فلم يعطه الحصان إلا بعدما أعطاه وحدتين آخريين.. ثم أخذ حصانه.. واتجه إلى مكان آخر، وآثر أن يظل به حتى تشرق الشمس فيعود إلى المنطقة الشرقية حيث أسيل ويامن وعمله معه.
في صباح اليوم التالي اعد خالد أغراضه وامتطى حصانه ثم بدأ يتحرك بين الشوارع الخالية إلى أطراف المنطقة الشمالية، حتى وصل إلى بداية طريقه نحو المنطقة الشرقية فالتفت بحصانه نحو تلك المنطقة، وكأنه يودعها حتى يعود إليها مجددًا بعد ستين يومًا.. ثم التفت مجددًا تجاه الطريق، وأمر حصانه أن ينطلق.
مر الوقت، وخالد في طريقه إلى المنطقة الشرقية.. لا يشغل تفكيره سوى ذلك
الكتاب، وماذا سيكون في تلك الصفحة المكتوب بها الطريق إلى سرداب فوريك.. يشعر بأن أمل خروجه قد ازداد.. لا يحتاج إلا تلك الوحدات التي طلبها هلال كي يأخذ كتابه.. أمله.. حتى وصل إلى المنطقة الشرقية بعد غروب الشمس فاتجه إلى البحيرة، ففوجئ بنار مشتعلة في مكانه بجوار الشجرة.. ووجد يامن ينتظره فترجّل، واحتضنه حتى سأله يامن على الفور :هل وجدت كتابك؟
فابتسم خالد: نعم..
فسأله في لهفة: وأين هو؟
فكاد يجيبه.. ولكنه فوجئ بصوت أسيل يأتي من خلفه:خشيت ألا تعود..
فالتفت إليها خالد فوجدها تمسح دموعها ثم اقتربت منه، واحتضنته وابتسمت: جئت إلى هنا وتمنيت أن أراك..
ًفابتسم يامن حين وجد أسيلا تحتضن خالد، وتنحنح، فابتسمت أسيل في خجل
ثم جلست بجوار خالد كأنها لا تريد أن تفارقه.. وبدأ خالد يروي لهما ما حدث له
بالمنطقة الشمالية لكنه لم يتحدث عن فتاة الليل، وما حدث معها حين وجد أسيلا تسأله عن كل شيء حدث هناك وعن فتيات تلك المنطقة، فأخبرهما بأن أحدا اخر قد دله على هذا الشاب .. هلال.. حتى أنهى حديثه
فسألته أسيل :هل هو أخوك حقا؟!
فأجاب خالد: كل الدلائل تقول إنه أخي.. أبوه صاحب الكتاب واسمه حسني عبد القوي .. وحكى له عن مصر..
فتحدث يامن : ربما يكون شخصًا آخر من بلدك.. مصر، وله نفس الاسم، ولكنه قد لا يكون
أباك..
فقال خالد: لكن الولد شبهي إلى حد ما.. وصوتي يشبه صوتي.. لكن طباعه طباع
زيكولا ..
فابتسم يامن :تقصد طباع المنطقة الشمالية.. ثم سأله: وكيف ستوفر ربعمائة وحدة من الذكاء في شهرين ان كنت توفر من العمل باليوم بعد غذائك وحمايتك وحدة واحدة أو وحدتين على الأكثر..
فصمت خالد حتى نطقت أسيل: ربما تعمل معي، وأعطيك أربع وحدات باليوم..
فابتسم يامن، وتحدث :ان عملنا يحتاج إلى النهار بأكمله وإلى راحة بالليل كي يعود إلينا نشاطنا الذي نواصل به عملنا..
فصمتت أسيل وظل خالد صامتا حتى نطق:أنا اقدر آكل كل يوم خبز..
فضحك يامن:حسنا.. أصبح لديك أربع وحدات باليوم.. تأخذ سبع وحدات وتدفع وحدتين للحماية، ووحدة للخبز. ... ثم أكمل :هكذا لن تكمل ا لأربعمائة وحدة بعد ستين يومًا..
فصمت خالد مرة أخرى .. ثم أكمل : انا ممكن اوفر ست وحدات ف اليوم .. وفي نهاية الشهرين هيكون عندي 360 وحدة.. وقتها هضيف أربعين وحدة فقط من مخزوني.. وأقدر أشتري الكتاب ..
فقاطعته أسيل تحذره : مخزونك من الذكاء يا خالد.. أرى أنك بدأت تستنزف منه الكثير.
فنظر إليها خالد مبتسمًا، وأكمل: أكيد هعمل بعد الشهرين لحد ما يجي يوم زيكولا، وأقدر أعوّض كل مخزوني..
فضحك يامن، والذى صمت حتى انتهى خالد وأسيل من حديثهما ثم قال: إنك قوي بالحساب يا صديقي.. ولكن كيف ستوفر ست وحدات باليوم أيها الذكي..
فابتسم خالد ثم نظر إليه، وسأله : أين عمال زيكولا الآن؟
فأجابه: الكثير منهم يأكلون أو يمرحون أمام بيوتهم.
فنهض خالد ثم نظر إلى أسيل، وطلب منها أن تعود إلى بيتها فرفضت، ونظرت إليه
متعجبة:ماذا ستفعل؟.. سآتي معك ..
فابتسم خالد ثم سار ومعه يامن وأسيل، واللذان لا يعرفان نيّته.. واتجهوا إلى شوارع المدينة حتى دخلوا إلى أحد المطاعم الذي يقدم الخبز والدجاج.. ووجد به خالد الكثير من العمال ممن يعملون معه في تقطيع الصخور .. ثم اتجه إلى صاحب المطعم
وسأله :كم سعر الدجاج هنا؟
فرد الرجل: الدجاج مقابل خمس وحدات..
فسأله مجددًا:وكم عامل يأكل من دجاجك؟
فضحك الرجل ساخرا، ثم أشار إلى من يأكلون :انظر إليهم.. إنهم لا يأكلون سوى الخبز.. ربما أبيع دجاجة حين يأتيني غني مثلك إلى هنا..
فابتسم خالد ثم صمت، وأكمل حديثه: ما رأيك أن تبيع كل يومين كل ما تمتلكه من دجاج؟
فنظر الرجل ويامن وأسيل إلى خالد في دهشة، وكأنهم لا يفهمون ما يقصده.. حتى أكمل وسأل الرجل: هل تريد ذلك؟
فأجابه الرجل: بالطبع..
فابتسم خالد: حسنا.. أريدك أن تجعل سعر وجبة الدجاج أربع وحدات، وليس خمس.
فظهر الغضب على وجه الرجل.. وسألخالد: هل تمزح؟ !
فأجابه خالد، ومازالت ابتسامته على وجهه: لا.. اجعل السعر أربع وحدات، وسأضمن لك مكسبًا لم تحلم به يومًا.
فصمت الرجل و كأنه يفكر وما زال الصمت على وجه يامن وأسيل حتى رد الرجل:
حسنا.. سأجعله أربع وحدات.. ولكن ماذا ستفعل؟
ثم نظرت أسيل إلى خالد: خالد لا أفهم شيئا حتى الآن..
فابتسم خالد: انتظري ..
ثم اتجه إلى صالة المطعم حيث يأكل العمال، ووقف بمنتصفها ثم سألهم بصوت عالٍ :من يأكل خبزا؟
فابتسم الجميع، ورفعوا أيديهم بالخبز فصمت ثم سألهم: ومن يريد أن يأكل دجاجً ا كل يومين؟
فاندهش من يأكلون وواصلوا أكلهم، ولم يُعروا حديثه اهتمامًا بعدما ظنوا أنه يمزح حتى أكمل:دون أن يدفع شيئا مما يدخره كل يوم..
فسأله أحد ممن يأكلون : هل جننت أيها الغريب؟!
فأجابه خالد: لم أجن.. ولكنني أريدكم أن تفعلوا مثلي.. سآكل دجاجًا كل يومين..
ثم أكمل: أنا أكسر الصخور ، وأمتلك من القوة ما يكفيني لأتغلب على مخاوفي، ثم تابع: إنني أدفع وحدتين للحماية كل يوم لمجموعة من الكسالى وتأكل من تعبي.. إنني لن أعطي أحدا من تعبي عُشر وحدة من اليوم، حتى لو قتلوني.. أفضل أنذبح يوم زيكولا.. ولا أعطي أحدا شيئا مقابل خوفي..فتوقف من يسمعونه عن مضغ الطعام و اسيل تترقب رد فعلهم وتنظر إلى خالد في إعجاب حتى همس إليها يامن: إنه بارع في استخدام لهجتنا لقد ترك لهجته كي حدثهم ..
ّفأشارت أسيل إليه أن يصمت كي تستمع إلى خالد.. حتى تحرك خالد بعض الخطوات بين طاولات الطعام وأكمل : إنني وحدي لن أستطيع إيقافهم.. ولكننا معًا سنستطيع ذلك.. سنجعلهم يعملون مثلنا، وإلا يذبحون يوم زيكولا..لن ياكلون حقنا بعد اليوم .. ثم وقف
بجوار طاولة يجلس حولها ثلاثة أشخاص فنظر إليهم، وأكمل: لا أعلم كيف يخيفونكم، وعددهم ضئيل للغاية.. أعلم أنهم أشرار، وأنكم طيبون ، ومتسامحون ولكن إن اجتمعتم فسيكتب عنكم التاريخ ذات يوم أنكم اجتمعتم كي تزيلوا الظلم عنكم ..ثم سار خطوات أخرى وهدأ صوته: في عالمي، هناك من يشبهونكم.. وما زالوا ينتظرون يومًا ليجتمعوا.. وما زال التاريخ يسجّل ذلهم .. وعلا صوته مجددًا: اليوم يطلبون منكم وحدتين.. غدا سيطلبون ثلاث.. بعده سيطلبون أربع..خمس ..من يدري ؟ ربما يجعلونكم تعملون لديهم.. بعدها تحرك إلى أحد أركان صالة الطعام، ثم التفت إليهم:أعلم أنكم تتعاملون بوحدات الذكاء.. وأن الذكاء عملتكم.. ولكن حان الوقت لتستخدموه مرة واحدة بحياتكم.. استخدموه كي تعيشوا.. استخدموه كي تفخروا بأنفسكم.
فصاح يامن: أنا لن أدفع كي يحميني أحد.. أستطيع أن أحمي نفسي..
وصاحت أسيل: وأنا كذلك.. من يريد أن يأخذ مني شيئا فليقتلني أولا..
وصاح فتى آخر: وأنا لن أدفع..
وتبعه رجل غيره :وانا افضل أن آكل الدجاج كل يومين .. لن أدفع..
ًوصاح عجوز يجلس بعيدا: وأنا لن أدفع.. لقد دفعت الكثير.. لن أدفع حتى أموت..
ونهض فتى قوي ، ورفع فأسه: وأنا سأكسّر عظامهم.. إنها ليست أقوى من الصخور التي أكسّرها..
حتى صاح الجميع: نحن لن ندفع.. لن ندفع..لن نأكل خبزا مجددً ا.. سنأكل مايحلو لنا.. فابتسم خالد، واحمر وجهه ثم اتجه إلى يامن، واحتضنه ثم احتضنته أسيل وأغمضت عينيها، و حدثت نفسها: "كم أحبك يا خالد"، ثم فتحتهما،
وهمست في أذنه: سيُكتب هذا اليوم في تاريخ زيكولا.
فهمس إليها خالد مبتسمًا: إنني أنظر إلى وجهك فأجد الأمل يا أسيل..
فابتسمت أسيل، واحمر وجهها.. ثم نظر خالد إلى يامن: هيا يا يامن.. عليك أن تعيد الحصان إلى صاحبه.. وأن تستريح كي نعمل غدا معًا..
ثم نظر إلى العمال الذين يتراقصون فرحًا وتابع مبتسمًا: سأبدأ من الغد توفير ثمن كتابي
*********************
إلي هنا ينتهي الفصل الثامن عشر من رواية أرض زيكولا عمرو عبدالحميد
تابع من هنا: جميع فصول رواية أرض زيكولا الجزء الأول
تابع من هنا: جميع فصول رواية دمار قلب بقلم كنزى حمزة
تابعوا صفحتنا على الفيس بوك للمزيد من روايات حب
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة