-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية عصفورة تحدت صقراً بقلم فاطمة رزق - الفصل العشرون

مرحبا بكم متابعين قصص 26 موعدنا في قسم روايات رومانسية كاملة والكاتبة فاطمة رزق والفصل العشرون بروايةعصفوره تحدت صقراً 

وَعَـىَ على مُر الحياهِ ، حين إِصطَدم بواقِعِــهِ .. فنشأَ على كُره حــواءَ ، فلم تكن يوما منزلُــهُ .. وبنفورِهِ جعلَ الجواري تَشتهى قُربَــهُ .. فعُزِزَ الغُــرور في نفسهِ ، بأنُ لا مِثل لـهُ .. فأتتْ هي قبل أن ينخدِعَ بِظَنــهِ .. لتُريهُ مدى ضآلة حجمــهِ .. فليست من الجــَواري، ولا أَمـه يروق لها منزلــُه .. هي سيـدةٌ فى قصرٍ من الحيــاءِ تزينت جُدرانُـهُ .. هي سيـدةُ حسنـاءٌ ، تملك من الكـِبْرِياءِ ما تَكبَح بـِهِ غـرورَهُ .. فقطعَ العهــودَ والمواثيــقَ على نفســهِ .. بأن أيامها القادمــةُ ستكونُ داخلَ جحيمــهِ .. ولِتـَـرى ابنه حــواء ذاك الذي قَـللتْ من شأنِــهِ .. كيف يَسوقهـا إلى هاويةِ الهـلاكِ بنفسـهِ ..! هل ستقاوم سَبيـهُ ، أَم هل ترضـخُ لــهُ ؟ هل ستعيش حبيسَــةً ، أَم سيُجّــلِي قَيــّدَهُ ؟ اللي مشفش الفصل الرابع يقدر يشوفه من هنا رواية عصفوره تحدت صقراً "الفصل التاسع عشر"

روايات رومانسية كاملة | رواية عصفوره تحدت صقراً "الفصل العشرون"

عصفوره تحدت صقراً

الفصل العشرون 

ظل يجوب غرفته غاضبًا، فمنذ الصباح يتصل بذلك المحامي الغبي ولا يجيبه، وحين يئس من إجابته رمى الهاتف على سريره وكاد أن يخرج من الغرفة إلا أنه سمع صوت هاتفه يرن !
زفر بغضب فمنذ الصباح يتصل وبمجرد تركه للهاتف يرن !
أمسك الهاتف وأجاب بنبرة عالية :
-أنا من الصبح برن عليك مبتتزفتش ترد ليه ؟
جاءه الرد من الجانب الآخر قائلًا بنبرة مرتبكة :
-آآآ معلش يا صهيب باشا كنت بتابع القضية ..
هدأ صهيب قليلًا قبل أن يقول :
-المهم إيه الجديد، وعارف يا زُبيِّر لو فوت حرف واحد ! ، كفاية إنك معرفتش تتصرف أول مرة ..
أجابه زُبيِّر بهدوء عبر الهاتف :
-يا باشا أنا مكنتش عارف أي حاجة عن القضية يبقى إزاي آآ..
قاطعه الأخير بإستهجان :
-إنجز، إيه الجديد ؟
تحدث الأخير بإمتعاض :
-أنا عرفت الوقت إنهم ودو بيجاد بيه والبت دي للطبيب الشرعي عشان يشوفو أي أدلة ..
صدم صهيب وأردف بغضب :
-إيــــه ! ، إزاي دا حصل وإمت الكلام ده ؟
جاءه الصوت مشحونًا بالضيق من الجانب الآخر مردفًا بـ :
-وعلى حد علمي إنها قاومته كتير جدًا، أنا امبارح خدت بالي من خربشة سطحية عند رقبته، وفي كف إيده كمان .. يعني ببساطة يقدرو يثبتوا الجريمة دي علينا !
نظر صهيب في لنفسه في المرآة بزهو ..
منذ متى خسر تحدي خاضه !
منذ متى ترك أحدهم يتجاوز الحدود معه هكذا ؟
وبالأخص أنها فتاة !
لا .. لا وألف لا لن يحدث أن تفوز هي !
أخذ نفسًا عميقًا قبل أن يردف بنبرة يشوبها الغموض :
-يقدرو يثبتوها، إلا لو إتدخلت أنا !
تابعه المحامي بترقب في نبرته وهو يقول :
-إزاي !
وضع صهيب يده اليمنى في جيبه، و رد عليه بهدوء :
-لو دخلنا مية ألف جنيه في الموضوع تفتكر التقرير هيفضل زي ما هو ؟!
إلتوى فم المحامي زبير بإبتسامة عابثة، وأجابه عبر الهاتف بخبث :
-لأ طبعًا مفتكرش !
أخرج صهيب يده من جيبه وهذب بها خصيلات شعره بغرور وهو يبتعد عن المرآة، ثم أردف بنبرة جادة :
-إتعامل إنت مع الموقف ده وإديني عنوانكم عشان أجيلكم حالًا ..
أخيرًا إنتهى ذلك الفحص، ياله من أمر خادش للحياء، فبعدما يحدث للفتاة من إعتداء أو تعذيب تجبر لإثبات الأمر أن تتعرى من حيائها لإكمال ذلك الفحص اللعين !
زفرت هي وهي تنظر إليها يضع أخوها يده على كتفها يحاول أن يعيدها كمان كانت ..
لكن الإعوجاج قاسٍ هذه المرة، ولا يمكن إصلاحه بالطرق التقليدية !
أما الآن فهي تحتاج أن تنزوي ..
أجل تريد الإختفاء عنهم جميعًا، فما حدث في الأيام السابقة كان كافيًا لجعل شحنتها من الهدوء تفنى ..
هي الآن تحتاج إلى السلام النفسي .. وما من علاج أفضل من الإختفاء عن أعين البشر لبعض الوقت، لذا ....
-براء !
قالتها هي بخفوت حين رأته يتوجه نحو السيارة، فنظر لها وقال :
-نعم !
أجابته برويَّة وهي تنظر له بهدوء :
-روحو إنتو وأنا عندي مشور هخلصه وآجي ..
قطب حاجبيه وهو يسألها مستفهمًا :
-مشوار إيه يا جوري ؟
-عادي يا براء مشوار كده ولما آجي هقولك عليه، ماشي !
صمت براء لبعض الوقت، الحديث معها لن يجدي لذلك أردف هو بـ :
-طيب بس متتأخريش
أومأت رأسها، وتابعته إلى أن غادر ثم سارت خلاف الطريق الذي سار هو به ..

بالقرب منها، وتوًا كان هو على وشك ركن سيارته والدلوف، لكنه رآها تسير وحدها، فقرر تتبعها، وبالفعل أدار السيارة مرة أخرى ثم سار خلفها ...
لكن ما أثار حنقه حقًا هو ..

كانت جويرية تسير بهدوء وحدها، وفجأة رأت براء متجهًا نحوها، ثم خرج من سيارته أمامها وقال :
-بطلي تول بقى، خدي ياختي موبايلك أهو نستيه معايا !
ثم مد يده لها به، فإبتسمت له وقال ببساطة :
-ما إنت موجود عشان تفكرني لما أنسى
رفع حاجبه الأيسر ومال عليها قائلًا :
-ما تقولي بقى راحة فين ؟
وضعت يدها في خصرها، وأجابته بعبوس :
-ما تيحي معايا أحسن يا براء
إبتسم هو وأردف بمرح :
-إشطا يلا
نظرت للسماء تستلهم الصبر، ثم فتحت بابا السيارة ودفعته داخلها وهي تقول :
-يلا يا براء متشلنيش مش ناقصاك
ضحك الأخير وجلس على المقعد مردفًا :
-طيب طيب ماش أهو متزقيش !
أشارت لها بيدها مودعة إياه قائلة :
-يلا يا حبيبي طريق السلامة
ثم تركته وذهبت، وهو أيضًا إبسم وذهب ..

نظر صهيب لذاك المهرج الذاهب، وذفر بغضب وهو يقول :
-الواد ده بيعفرتني !
لكنه سار خلفها بهدوء بعدها مترقبًا طريقها الذي لا يعلمه !

ما يقرب من النصف ساعة حتى الآن، وهي تسير .. وتسير، لقد مل ..
المشكلة أنه لا يدري أين مقصدها !
فقط تمشي في تلك الحارة ثم ذاك الشارع، ومنه تسلك ذاك الطريق، لتصل إلى تلك المنطقة التي لم يراها من قبل ..!!
وفي نهاية النطاف ربما تعود لمنزلها بدون أن يستفيد من الأمر ..!!
لذلك أسرع بسيارته أكثر بقليل، ثم إعترض طريقها ووقف أمامها بسيارته الضخمة ..
اقرأ ايضاً ... قصة العاشق المسكين من أقوى قصص الحب والرومانسية
تبدل حالها من السكون إلى الإضطراب حال رؤياه ..
لكنها سيطرت على غضبها، وسارت عكس الطرق التي كانت تمر به، فوقف هو أمامها، وببرود قال :
-إنتي بتهربي مني ليه، خايفة ؟
يا الله، هل تخبره أنها تشعر أنه هو من يخافها...!!!
أم تصمت وهو الحل الأفضل لكلى الطرفين !
لكنها لم تستطع إخفاء إبسامة ساخرة ظهرت على وجهها فجأة !

وقالت وهي توليه ظهرها مبتعدة عنه :
-إذا ناداك السفيه فلا تجبه فخيرًا من إجابته السكوت !
حينها فاض به الكيل ودنى منها ممسكًا بذراعها فإستدارت له ورفعت يدها لتصفعه، فتلك ردة فعلها المنعكسة كمثل الذي إذا ما أحرقته النار أبعد يده عنها في توه تفعل هي ..
لكنه أمسك يدها الأخرى وإبتسم وهو يقول :
-عاوزة الحقيقة، إنتي مختلفة لدرجة رهيبة ومش قادر أتجاهلك !
ظلت تظر له بشراسة، وتحاول إفلاد يدها، لكنه كان قويًا جدًا، ومن غير العدل أن يقارنا في القوة فهو رجل وهي امرأة ؟
-إنت نكرة !
قالتها هي بغضب ثم ركلته بقوة في قدمه اليسرى، ومع ذلك لم يتركها بل نظر إلى قدمه ثم إليها وتابع بغضب :
-لأ مش نكرة ! ، لو تلاحظي بقى إنتي اللي نكرة مش أنا
زفرت محاولة السيطرة على غضبها، لتردف بعدها بهدوء :
-طيب سيبني
تركها حينها مع أنه لم يعلم لما نفذ ما طلبته !
لكنه تركها، وظل ينظر لها بضيق، فتابعت هي بنفس الهدوء :
-بص يا .. صهيب باشا أنا مش شغالة عندك عشان تعاملني بالطريقة دي، وأنا مش بسمح لحد يتجاوز حدوده معايا، وكمان المفترض إن إحنا تعاملنا جوا القضية ومفيش أي حاجة شخصية فاياريت تبعد عني وتسيبني في حالي عشان بجد إتخنقت منك !

إتسعت مآقيه في دهشة، فهي تحادثه وكأنما تحادث أحدًا قد غازلها في الطريق !
وبنبر حاول فيها السيطرة على غضبه قال :
-القضية اللي هتخسروها !
أجابته هي بحدة :
-والله أنا قولتلك هكسبها يعني هكسبها، وغصب عنك هتتكسب وإن شالله تتشقلب على راسك هكسبها، لأني بدافع عن حق مش باطل شبهك !
ضيق هو عيناه وظل يسمعها بضيق وهي تتابع :
-والغريب، لأ بجد الغريب أنه كان بيخونك، ويخلق ما لا تعلمون !
نظر لها بغضب وأردف بـ :
-أنا مستحيل أتنازل عن حقي !
عقدت ساعديها أمام صدرها، وقالت ببرود :
-أنا واثقة إنك عاوز تنتقم منه بس على قدك بس، لكن صدقني ده مش هيحصل !
وبعد أن ألقت عليه تلك العبارات ذهبت وتركته مصدومًا، فكيف علمت هي فيما يفكر !
وقف في مكانه يشعر بأنه عجز من جديد عن الرد عليها، حتى وهي بين يديه لم يستطع السيطرة عليها !
ثم عاد لنفس النقطة من جديد، ما الذي جعله يتبعها...!
بل ماذا أراد منها أصلًا ...!!!
اقرأ ايضاً ... حب لايجوز شرعا "الفصل الثالث"
سارت هي بعيدًا عنه، تنعي حظها الغبي، لقد ملت من وجود ذاك المتسلط في حياتها ..
ومع أنها تشعر بإنتصارها عليه في كل مرة، إلا أنها حين تفكر في كلماته تحترق غضبًا،
فكيف تتجاهل كلماته وهي بالكاد تتحملها أمامه، وتسيطر على غضبها بصعوبة لا مثيل لها !
حتى أنها سألت نفسها من أين لكي بكل ذاك البرود !

زفرت بغضب محاولة تجاهل ذكريات تلك اللحظات الفظة، وأخرجت هاتفها من حقيبتها، وبهدوء ضغطت أحد الأزرار ثم زر آخر لتضع الهاتف على أذنها بعدها،
ومالبثت أن أردفت عبر الهاتف بنبرة قاتمة :
-براء معلش تعالى خدني

.................

في وقت سابق ..
وبالتحديد بعد خروج فيروز من المشفى الحكومي، كما أمر وكيل النيابة معتصم حرصًا عليها ...
وصل بيجاد إلى المشفى الحكومي ليخضع هو أيضًا للفحص الطبي، فالأمر لا يقتصر على المجني عليها وحدها، فالجاني أيضًا يجب أن يخضع لمعاينة الطب الشرعي لإستخلاص الدلائل الكافية للوصول إلى الحقيقة الكاملة ..

حينها قاده رجال الشرطة نحو غرفة أخرى غير التي أجرت بها فيروز الفحص، ولم يكُ فحصه أقل من فحصها في شيء ..
فبدأت أولًا بسماع القصة منه والتي تناقدت تمامًا مع الملف أمامها، وقد كان نصها كالآتي "كل اللي حصل ده كان برضى الطرفين، بس حكاية التسجيل دي كانت اتفهمت غلط، أنا كنت عاوز بس أغطي عليها وأطلع نفسي أنا الغلطان، بس طلاما هي عملت كده وإتهمتني بالإغتصاب لمجرد إنها خايفة تواجه أهلها فأنا قررت أقول الحقيقة" ..!!!

وقد كان رأي الطبيبة في كل ما حدث أنه كاذب، فكل الأدلة أمامها تثبت ذلك، فأولًا كان هناك الكثير من الخدوش السطحية على كتفها ومناطق متفرقة في جسدها، ثم أن حالتها النفسية قد أثبتت لها صدق المدعية،
وحتى أن زمن الإصابات والخدوش السطحية من وجهة نظرها تتوافق مع وقت إرتكاب الجريمة ! ، وهي غير مفتعلة !
وفي النهاية لم يتناقد قولها أبدًا سواءً معها أم في التقرير أمامها ..

.....

كانت الطبيبة تعد التقرير الطبي لكل منهما حين سمعت صوت هاتفها يرن ..
نظرت لشاشة الهاتف فوجدت الرقم مجهول، فقررت أن لا تجيب، وبالفعل إستمرت بالنظر للتقرير وتابعت العمل، إلا أن الهاتف لم يتوقف عن إزعاجها، فإلتقطته بضجر وأجابت بهدوء وهي مستمرة في العمل :
-أيوة مين ؟
جاءها الرد بنبرة طبيعية عبر الهاتف :
-أنا زبير المحامي اللي مسؤل عن قضية ...
قاطعته هي بضيق، وقد فقدت تركيزها تمامًا بسببه :
-أيوة يعني عاوز ايه عشان مشغولة الوقت !
أجابها زبير بخبث :
-اصبري عليا بس أنا معايا اللي هيعجبك
عقدت حاجباها بإستعجاب وسألته :
-قصدك إيه ؟
أقرا أيضا رواية الملعونة الفصل الثاني عشر
-نعم !!
هدر بها كل منهما في نفس التوقيت،
وقد بدى على كلاهما الغضب، والصدمة ..
نظرت هي لهما بهدوء،وأردفت بروية وهي تتابعهما :
-أبان باشا، معتصم باشا، مفيش داعي أبدًا للعصبية دي إنتم وكلتولي موضوع التقرير ودا اللي أنا عملته، وكل الأدلة بتقول إن اللي حصل ده برضى الطرفين !
رمقها معتصم بإحدى نظراته الغاضبة، بيننا تحدث أبان بنبرة أقل حدة :
-يا دكتورة سريانا اللي بتقوليه دا مستحيل !
تنهدت هي بهدوء شديد، وحاولت قدر المستطاع السيطرة على ملامح وجهها حتى تبدو أكثر إقناعًا، ثم تابعت ببساطة :
-أنا ما قولتش مية في المية إن اللي حصل ده برضاها، لكن بيجاد بنفسه إعترف بكده والأدلة فعلًا معاه، وكل حاجة بتثبت إن اللي حصل كان آآآ ...
كانت على وشك المتابعة، إلا أن صوت طرق الباب أوقفها، فحولت ناظريها تلقائيًا نحوه وهي تقول :
-إدخل ..
دلف بعض شرطيٌ ما وتوجه نحوهم، ثم نظر إلى معتصم، وهو يردف بنبرة رسمية :
-أنا جبت اللي حضرتك أمرتني بيه يا باشا !
عقدت الطبيبة حاجبيها، وشبكت أصابعها أمام وجهها مترقبة ما يقوله ذاك الشرطي ..
بينما نظر أبان إلى معتصم بعدم فهم ..
قام معتصم من على مقعده، وتوجه نحو الشرطي قائلًا بنبرة تحمل التلهف :
-طب فين !
وقبل أن يضيف حرفًا آخر إنتبه إلى ما يحمله هو في يده، وفي ذات الوقت مد الآخر يده له به ..
أمسك معتصم به حينها وهو يومئ رأسه محييًا إياه، وقال :
-شكرًا
إبتسم الشرطي له مجاملًا ثم عاد من حيث جاء، بينما ذهب معتصم نحو الطبيبة ووقف أماممها قائلًا بهدوء :
-طيب أنا جبتلك هدوم الجاني تفحصيها وتشوفي لو في أي تطورات في القضية
أومأت الطبيبة رأسها بنظرات طبيعية، ثم نظرت للثياب المغلفة التي وضعت توًا أمامها وقالت :
-تمام يا باشا
-يعني قدامك قد إيه عشان تطلع نتايج الفحص ؟
سألها أبان بترقب ..
فأجابته على فورها بنبرة جادة وهي تخلع نظارتها الطبية وتقف :
-الأول هفحصها وأشوفها وبعدين هحدد بس على الأرجح مش أكتر من يوم
رد عليها أبان بسؤال آخر هادئ :
-إيه الأدلة اللي ممكن تجيبيها من الهدوم دي !
نظرت له بفتور، وبدأت تجيبه بحذر :
-شعر من الضحية، بصمات، دم، أي حاجة ممكن تسهل الموضوع حتى لو كانت بسيطة، بس أنا محتاجة هدوم الضحية كمان
وقف معتصم واضعًا يده في جيبه ويستعد للذهاب، بينما نظر لها أبان وأجابها :
-المشكلة إنها إتخلصت من الهدوم دي عشان متفكرهاش بالحادثة
زفرت الطبيبة بهدوء، وتابعتهم بنظرات ثاقبة وهي تقول :
-تمام مفيش مشكلة، أنا هبدأ شغل من دلوقت ..
أومأ أبان رأسه أي نعم، ثم توجه نحو الباب الذي خرج منه معتصم بالفعل وهو يقول بهدوء :
-طيب نسيبك تشوفي شغلك بقى

وبهدوء إنصرفا وأغلقا الباب عليها ..
وبمجرد تأكدها من خروجهما، هاتفت أحدهم ووضعت الهاتف على أذنها منتظرة الرد
وما لبثت أن سمعت صوت الطرف الآخر يردف بنبرة خشنة :
-أيوة !
أجابته هي بإرتباك، وحيرة :
-الوقت إنت مقولتليش إن هدومه داخلة في الموضوع ..
ثم أفرغت الكيس البلاستيكي من الثياب وأخذت أحد القفاذات من أمامها وإرتدتها، ثم فردت بها القميص الأزرق المائلة للسواد أمامها، بينما سألها هو عبر الهاتف بقلق :
-قصدك إيه مش فاهم ؟
حين عاينت الثياب وجدتها ملطخة بالكثير من الأشياء، كل هذا لا يثبت الجريمة، لكن ما يثبتها بالفعل كثرة الشقوق في منطقة الرقبة، وما أسفلها بدرجات متفاوتة، وحتى أن الزر الأعلى وما أسفله انتُزعا، وأهمل الثالث بينما إنتزع الرابع ...
حينها فقط أردفت هي بنبرة حذرة :
-هدوء بيجاد معايا وواضح جدًا عليها آثار مقاومة،بس من حظكم إن هدوم فيروز إتخلصت هي منها، بس أنا الوقت أعمل إيه ؟
زفر الأخير بغضب، وبعد أقل من ثانيتين إلتوى فمه بإبتسامة غامضة، ثم أردف بجدية :
-ملحوقة طلاما الهدوم معاكي أنا هقولك تعملي إيه، بس أول حاجة لازم تعمليها إنك تبينيلهم إن المستشفى دي مفيهاش الأدوات الازمة وإن إنتي في بيتك تقدري تجمعي أكبر أدلة، وبكده هتطلعي من هناك خالص وده اللي إحنا عاوزينه حاليًا ..
أقرا أيضا رواية آدم وحياة الفصل الثامن
كان واقفًا عاقدًا حاجباه بغضب، ثم سار نحوها بعجلة وهو يردف بنبرة عالية :
-جويرية، متهزريش إيه اللي عاوزة تشتغلي دي !
راقبته هي بنظرات هادئة وهي تجيبه بثبات :
-براء، إهدى شوية، عاوزة أشتغل وإنت عارف إني بحب الشغل !
هز هو رأسه نافيًا ونظر لها بضيق وهو يقول :
-لأ يا جويرية أنا عارف عاوزة تشتغلي عشان تغطي مصاريف المستشفى بتاعة بابا
ردت عليه ببرود :
-آه وده سبب تاني كمان، وبعدين روز صاحبتي قالتلي على شغل حلو و ...
ضرب جبهته بيده وهو يقاطعها بيأس :
-تاني روز ! ، هي شغلتها توزع أشغال على الناس !
كادت هي ان تتحدث إلا أنه تابع بنبرة جادة للغاية :
-بصي يا جويرية أنا قولت لأ يعني لأ، وإن كان حد من المفترض يدفع فأنا موجود، لكن إنك تشتغلي والكلام ده إنسي ..
راقب هو نظراتها الغاضبة، فتابع بهدوء غير آبه لها :
-والكلية بتاعتك، من يوم ما أنا جيت مشوفتكيش روحتيها خالص !
-براء، مبحبش الطريقة دي إنت عارف ....
قالتها بضيق وهي تنظر له، بعد أن عقدت ساعديها أمام صدرها، فأجابها هو بهدوء :
-ما أنتي مش بتسمعي الكلام أعملك إيه طيب
نظر هو لها بود، وحاول السيطرة على نبرته، لربما تقتنع، وتابع قائلًا :
-ممكن تسمعي كلامي المرة دي بقى !
أشاحت وجهها عنه ..
وزفرت بنفاذ صبر ..
لكنها، أومأت رأسها موافقة
فابتسم هو، وقال :
-والجامعة !
-معدش إلا أسبوعين على الإمتحانات يابراء مفيش أصلًا
-يبقى تذاكري وأنا هتابع القضية عنك
-اووف طيب
ثم تركته وذهبت نحو غرفتها، غاضبة، مالّة، تريد قتل أحدهم لو وجد !
وها هو باب غرفتها يصفع بقوة ...

أما هو فراقبها وضحك ضحكة لم تسمع النملة وقعها، لكنه تذكر في صباه حين كان يريد إغاظتها فيذكرها بفرق السنتان الدراسيتان بينهما، رغم أن عمرهما متقارب إلا أنه يكبرها بخمسة أشهر، كما أنه لم يحضر الصف السادس الإبتدائي فكان هذان الأمران ما جعلاه يسبقها دومًا في دراستها،
وهناك ما كانت تبغضه تلك الفتاة ..
أن يطلب منها أحدهم أن تذاكر ! ، فبالرغم من ذكائها لم تحب المذاكرة يومًا بل أحبت دومًا إقتطاف المعلومات من أي مصدر إلا من كتاب المدرسة !
ربما لأن أغلفة تلك الكتب دومًا ما تختم بـ "وزارة التربية والتعليم" وهي حرة إن لم تحب ذاك الراوي !

-آل أشتغل آل، ليه يعني وأنا روحت فين !

......................

دلفت جويرية غرفتها، وأغلقت الباب بقوة خلفها، وجلست على سريرها، كانت غاضبة، لا بل غاضبة جدًا، لكن ليس بسبب براء،
لا تدري لما هي متقلبة المزاج بشكل كبير هذه الأيام !
لكن براء معه حق، فهي لم تذاكر البتا ولم يبقَ الكثير على الإمتحانات،
وبرغم كل ذلك فالمذاكرة في وقت كهذا تكاد تكون مستحيلة !
لكنها مع ذلك ذهبت وأحضرت كتبها جميعًا ..
وفردتهم على السرير امامها بإهمال وهي تقول بهدوء :
-أذاكر إيه ؟
وأخيرًا وجدت وسط تلك الكتب ما لفت إنتباهها، فأخذته وفتحته، ثم جلست على السرير، وأخذت تقرأ،
تثاءبت بعد ما يقرب من الخمس دقائق، لكنها حاولت أن تظل يقظة،
وبعد عشر دقائق ..
مددت رأسها نحو الوسادة وهي تقول :
-خمس دقايق وأقوم أكمل
ثم أغمضت عيناها، وسط كتبها، وما لبثت أن ذهبت في سبات عميق ..
فعلى الأرجح هي لا تنام أصلًا تلك الأيام !

فتح براء الباب عليها وهو يحمل كوب من الشاي ويقول بمرح :
-عملتلك شاي عشان تـ ..
ضحك بخفوت حين وجدها نائمة، يال المسكينة لقد تعبت حقًا !
وضع كوب الشاي على الطاولة واقترب منها، ثم سحب الكتاب من يدها، ووضع الغطاء عليها مبتسمًا،
لا يهم المذاكرة، المهم أن تكف عن التفكير وتستريح قليلًا الآن ..
وقبل أن يذهب، وضع الكتاب على حاملة الأدراج بجانبها، وأخذ كوب الشاي، وذهب مغلقًا عليها الضوء والباب ..

...................

خرج هو من الحمام حاملًا المنشفة يجفف بها وجهه، وفي طريقه للذهاب نحو غرفته، لفتت هي ناظريه، فعاد خطوة للوراء، لقد رآها تصلي في إحدى أركان غرفتها، فإرتكز على الحائط المقابل لها، و ظل ينظر لها مبتسمًا بحزن لا يستطيع إخافاء ولو حتى جزء صغير منه، لكنه لن ينكر أنها تغيرت تمامًا، صارت أروع من ذي قبل !
حتى بعد كل شيء حدث لها، لا تزال نجمة متألقة
سمع صوتها وهي تُسَلِم لتنهي الصلاة فاقترب منها، وحين رأته هي رفعت رأسها ناحيته، ثم أنزلتها مرة أخرى ..
حينها فقط جلس هو بجانبها، وسألها بهدوء :
-دعيتي لمين ؟

لم تجبه، بل فقط ظلت تنظر أمامها واجمة، شاردة الزهن تفكر في مآسيها ..
يأس هو من إجابتها، وظهرت عليه ملامح الحزن أكثر،...
وبألم حقًا أردف بـ :
-آسف
نظرت له وقالت بهدوء :
-على إيه ؟
هدأ هو قبل أن يردف بإختناق :
-آسف عشان سيبتك لوحدك تواجهي كل ده ! ، آسف عشان أنا أخوكي وكنت المفروض أكون سندك مش مصدر عذابك، آسف لأن أنا عمري ما عاملتك زي ما كنتي إنتي بتعامليني، وآسف عشان كنت بجرحك دايمًا بالكلام، والله يا فيروز أنا بحبك أوي، وأنا نفسي مكنتش أعرف إني بحبك كدة إلا لما أنتي إذتأيتي ! ، حسيت إن أنا اللي أتأذيت مش إنتي
إبتسمت له إبتسامة تخبرة فيها أنها سامحته، رغم الألم البادي فيها، وأخبرته تلك الإبتسامة أيضًا أنها تبادله المحبة، فمن بقي لها غيره الآن !

وضعت يدها على وجهه وأردفت بحنو :
-أنا كمان بحبك
مسح هو على شعرها، ثم قبل رأسها وقد بدأ يبكي وهو يقول :
-أنا أصلًا عمري ما كنت بعرف آخد قرار إلا لما أسألك فيه، والشهور اللي فاتت دي كانت صعبة جدًا عليا، و ... وعلى فكرة أنا سيبت ترنيم، وعرفت إنك كان معاكي حق ...
مسحت هي دموعه بكلتا يداها، وأردفت بدفئ :
-طب إنت ليه بتعيط الوقت !
-عشان حاسس إن كل دا حصل بسببي، مش ... مش قادر أسامح نفسي
بكت هي الأخرى وقالت :
-بطل تعيط إنت عارف إن أنا بعيط لما حد يعيط جنبي ..
مسح دموعه بسرعة وهو ينظر إليها، ثم عاد ليمسح لها دموعها هي الأخرى وهو يقول بضيق :
-آسف
صمت لينظر لها بعدها ويقول متوعدًا :
-أنا مش عاوزك تعيطي تاني، وأنا بوعدك إني هحيبلك حقك، ومستحيل أخلي كائن يتكلم عليكي ولو نص كلمة ......
أقرا أيضا رواية آدم وحياة الفصل الثامن
كانت نائمة، لكن صوت رنين الهاتف أيقظها من سباتها، فإستفاقت ونظرت إلى الهاتف وإلتقطته ناظرة لإسم المتصل ..
وحين وجدت الرقم مجهول قررت ألا تجيب، فلتكمل نومها من أفضل !
وقبل أن تضع رأسها على الوسادة مرة أخرى، رن الهاتف من جديد ..
زفرت هي بضيق، وإعتدلت وهي تلتقط الهاتف وتجيب بهدوء :
-سلام عليكم
أتاها صوته عبر الهاتف يقول بهدوء يضاهيها :
-وعليكم السلام
ضيقت حاجباها في ضيق وأردفت بنبرة غاضبة :
-أنت !؟
أجابها ببرود عبر الهاتف بـ :
-أيوة أنا
أغلقت الهاتف في وجهه، ألا يكفي أنها رأته اليوم !
أعاد هو الإتصال مرة ثم أخرى وفي الثالثة أجابته ولم ترد، بل فقط إستمعت له
فقال هو حينها بضيق، على فكرة أنا بتصل بيكي عشان فكرت في حاجة تقدر ترضي جميع الأطراف
لم ترد عليه، فتابع هو بهدوء :
-تحبي تسمعي !
أجابته بإحتقان دون تردد :
-لأ مش عاوزة أسمع منك حاجة ..
إبتسم هو في الجانب الآخر، رغم أنه لا يدري لما فعل !
في حين قال هو بإستهجان :
-امممم أنا شايف تسمعي العرض الأول وبعدين ترفضيه أو تقبليه شوفي إنتي !
زفرت بنفاذ صبر وحاولت السيطرة على إنفعالها وهي تجيب :
-لأ مش عاوز أسمع حاجة قولت
وكادت أن تغلق الخط بوجهه إلا أنها سمعته يقول بحذر :
-حتى لو كنت هديكي الفيديو ...........؟؟

...................................................!!!!!

روايات رومانسية كاملة | رواية عصفوره تحدت صقراً "الفصل العشرون"

يتبع ....

يارب تكون حلقة النهارده عجبتكم وأستنونا كل يوم في نفس الميعاد فصل جديد من رواية عصفورة تحدت صقرا وعلشان تجيلكم الفصول بتسلسلها تقدروا تتابعونا من خلال صفحتنا علي الفيس بوك
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة