-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية أرض زيكولا عمرو عبدالحميد - الفصل السادس والعشرون

مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص مع رواية كاملة جديدة للكاتب عمرو عبدالحميد والمليئة بلإثارة والغرائب والخيال فتابعونا علي موقعنا قصص 26 و موعدنا اليوم مع الفصل السادس والعشرون من رواية أرض زيكولا بقلم عمرو عبدالحميد

رواية أرض زيكولا عمرو عبدالحميد - الفصل السادس والعشرون

اقرأ أيضا: روايات إجتماعية

رواية أرض زيكولا

رواية أرض زيكولا عمرو عبدالحميد - الفصل السادس والعشرون

مر الوقت قليلا، وخرج خالد إلى شوارع المنطقة الغربية.. يسير في هدوء ليلها بعدما نزل ذلك النفق الذي أوشك على انتهائه وخرج منه.. يتمنى أن ينتهي حفره وأن تمر الأيام سريعًا ويستكمل جزءًا من ذكائه حتى يخرج من زيكولا، وظل يسير ويفكر هل قرأت أسيل أوراقه.. هل علمت بمدى حبه لها.. حتى فوجئ بالكثير من الجنود يقتربون منه، ويحيطون به ويمسكونه
فسألهم على الفور : لماذا تمسكون بى؟ !.. إننى لم أفعل شيئا ..
فأجابه قائدهم في غلظة: نعم.. إنك لم تفعل شيئا.. ثم أكمل: لقد وضعت زوجة الحاكم ولدها الليلة أيها الفقير.. وسيكون يوم زيكولا بعد سبعة أيام من اليوم..
فصاح خالد: ماذا.. لا.. مازال هناك شهران على وضعها ..
فضحك القائد ساخرا إلى جنوده: أرى أنه أفقر من قابلنا.. ثم سأله: ألا تعلم أن هناك من يولدون بعد سبعة أشهر فقط، ثم أشار إلى جنوده، وقد استدار بحصانه: أمسكوا به، وضعوه مع غيره من فقراء منطقتنا.. حتى يُعرضوا على أطباء زيكولا.

كان ما حدث من أمر الجنود صدمة بالنسبة لخالد.. ووقعت كلمات قائدهم على
سمعه كالصاعقة التي أنسته كل شيء من حوله.. وحاول أن يتملص من الجنود الممسكين به ولكنه لم يستطع، واقتادوه معهم إلى قصر كبير يوجد بالقرب من الطرف الشرقي للمنطقة الغربية.. ثم أدخلوه إحدى غرف القصر الخالية بالطابق السفلي.. وأوصدوا بابها الحديدي من خلفه فأصبحت إضاءتها شاحبة يغلبها الظلام.. فجلس بأحد أركانها، ووضع رأسه بين يديه وكأن صدمته شلت تفكيره.. ثم نهض مجددًا واتجه نحو الباب الحديدي
وصاح: لابد أنكم مخطئون .. لابد أنكم مخطئون .. لابد أن أغادر..
حتى سكت فجأة حين سمع صوتا من خلفه: تغادر إلى أين؟!
التفت خالد فوجد رجلا يجلس بركنٍ بعيدٍ بالغرفة، ولم تكن ملامحه قد ظهرت حتى اقترب منه فبدأت ملامحه في الظهور شيئا فشيئا ووجده رجلا يبدو من هيئته أنه في الأربعين من عمره..
فسأله: من أنت؟
فرد الرجل في هدوء : فقير مثلك..
فصمت خالد حتى سأله الرجل: لماذا لا تجلس؟!
فأجابه : أريد أن أخرج من هنا.. لابد أن أخرج..
فابتسم الرجل : ليتنا نخرج جميعًا.. اجلس لا تضيّع وقتك.. طالما جئت هنا لم يعد لك أمل سوى أن يكون هناك من هو أكثر منك فقرا.. ثم تابع بعدما صمت برهة: أو يكون لك حظ مع الزيكولا ..
فجلس خالد بجواره ثم سأله: ما اسمك؟
فرد الرجل: أنا جواد..
فأكمل خالد: ألا يوجد غيرنا؟!
فأجاب جواد: انتظر.. مازال أمامهم يومٌ آخر حتى يأتينا أطباء منطقتنا.. وإلى أن يأتي ألاطباء سيحضرون هنا الكثيرين من الفقراء.. ألم تشاهد تلك الأيام من قبل؟!
فأجابه خالد: لا.. إنني أشاهدها للمرة الأولى.. إنني لست من أهل زيكولا..
فصمت جواد ثم ابتسم، وأكمل: كان لابد أن تحافظ على مخزونك من ذكائك ليوم مثل هذا..
فسأله خالد ساخرا : ولماذا لم تحافظ أنت على ذكائك؟!!
فأخرج جواد زفيرا طويلا ثم نظر إليه: تستطيع أن تقول إنه القدر.. من كان يراني منذ أيام لم يكن ليظن لحظة واحدة أن أكون من فقراء زيكولا.. ولكنه الزمان ينقلب رأسًا على عقب دون مقدمات..
فقاطعه خالد: تذكرني بنفسي.. كنت أمتلك كثيرا من الذكاء، وقد فقدته أيضا فجأة ولكن لسبب قوي .. فقدته من أجل عودتي إلى وطني.. أمّا أنت فلماذا فقدت ثروتك؟
فأجابه: إنها قصة طويلة.. قد تحكيها لمن تعرفهم إن نجوت.. تعلم، عندي ثلاث وأ ربعون
سنة.. ثم تنهّد، وأكمل : مثلي مثل رجال زيكولا.. كنت أعمل من أجل أن أعيش ولا آتي إلى تلك الغرفة يومًا.. لم أكن غنيا، ولم أكن فقيرا أيضا.. كنت أعمل يومًا بيوم، وأقضي حاجاتي التي تكفي لعيشي سعيدا دون أن أدّخر شيئا زائدا عن حاجتي.. وطالما كان هناك الأفقر مني فلم يشغل لي الفقر بالا.. حتى جاء يوم وأحببت فتاة هنا.. فتاة تسكن بتلك المنطقة، وأصبح حلمى أن أتزوّجها، ثم صمت فسأله خالد أن يكمل، فأكمل: كنت جريئا للغاية، فذهبت إليها، وأخبرتها أننى أريد أن أتزوّجها.. ولكن أبيها طلب مهرا باهظا للغاية، فابتسم خالد
وقاطعه مجددًا بصوتٍ هادئ: أعلم البقية.. ظللت تعمل من أجل هذا المهر، حتى أعطيته لأبيها، فجاء يوم زيكولا..
ًفأومأ جواد برأسه موافقا على ما قاله خالد الذي أكمل قائلا: إنها تشبه قصّتى.. كلانا سعى من أجل ذلك المهر.. أنت من أجل حبيبتك.. وأنا من أجل عودتي إلى وطني..
فتابع جواد: إنها تنتظرني.. إن خرجت من هنا سنتزوج.. إنها تحبني للغاية لقد أخبرتني أنها تريد أن تنجب أطفالا يكونون من أثرياء زيكولا..
ًفساله خالد مندهشا: هل ستترك أطفالك يعيشون هنا في زيكولا؟!!
فأجابه جواد: بالطبع ..
فتابع خالد: كنت أظن بعد وجودك هنا أنك إن نجوت من تلك المحنة، ستغادر زيكولا بعدها..
فسأله جواد متعجبًا: إلى أين؟!!.. إن زيكولا وطننا ونحن نحبها.
فنظر إليه خالد: إنكم تقتلون في وطنكم هذا..
ًفصمت جواد قليلا، وطال صمته تلك المرة.. ثم أكمل: ربما تظن ذلك.. ولكن رغم ما أنا به فلا أعتقد أنني سأجد أفضل منها وطنا لي.. ولأولادي.. لقد أعطتنا زيكولا الكثير.. أعطتنا القوة والفخر بأننا أبناؤها.. فخر يشعر به الغني والفقير.. ثم ابتسم وكأنه يتذكر : حين يذهب منا المرء يوم فتح باب زيكولا إلى مدينه أخرى فإنه يتباهى أنه زيكولي والجميع يقدم له وافر الاحترام.. لا يستطيع أحد مساس شعرة من رأسه.. ثم أكمل: أنا فقير اليوم.. وربما يختارني الأطباء بين الأكثر فقرا وربما أذبح.. ولكني سأذبح من أجل سعادة حاكمنا بولده، وكم نحب حاكمنا.. لطالما جعلنا حكامنا أقوياء..
ًفقاطعه خالد مندهشا: لماذا لا أراك قلقا أو حزينا؟!.. كيف تمتلك هذا البرود؟
فأجابه : لا أخفي عليك، كنت ممن يعملون بحرص ألا يأتوا هنا يومً ا.. وسأفرح كثيرا إن
نجوت.. ولكنني أرى من العار أن أحزن إن لم أنجُ .. ثم نهض، وتحرك خطوات مبتعدا عنه فسأله خالد : ألا تريد أن تعود إلى حبيبتك؟!
فتوقف جواد: لقد عملت ما في وسعي، وهي الآن تعلم كم أحبها، وأعلم أنها ستفخر بي باقي عمرها إن كنت أنا الذبيح.. إنها تعلم أنني لم أكن كسولا يومًا..
فتحدث اليه خالد : أتمنى أن تعود إليها وتنجبا أطفالا ينعمون بذلك الحب.. ثم نهض هو الآخر وتحرك إلى ركن بعيد بالغرفة، وأكمل بصوت يشوبه الحزن : ولكنني لا أريد أن أذبح.. أنا لست منكم.. أريد أن أعود إلى بلدي.. إلى أهلي.. سأشعر بالفخر حين أعود إليهم..
ثم سكت حين فتح باب الغرفه ، وزجّ أحد الجنود بشخص شاحب اللون إليهم ثم
أوصد الباب من خلفه..
كانت شوارع المنطقة الغربية مزدحمة بالكثير من أهاليها حين علموا بوضع زوجة الحاكم مولودها وحلول يوم زيكولا بعد أيام قليلة.. ويامن يتحرك بينهم يبحث عن خالد بكل مكان بعدما لم يعد إلى المسكن الخاص بأسيل منذ خروجه، وظل يسأل من يقابله عن خالد.. ذلك الشاب الطويل العريض ذو الشعر الأسود الطويل واللحية السمراء الناعمة، ولكن لم يجبه أحد.. وبدأ القلق يتسرب إلى قلبه بعدما وجد جنود المنطقة ينتشرون بشوارعها، ويبحثون عن الأكثر فقرا بينهم.. حتى تيقنت شكوكه حين أخبره فتى صغير بأنه رأى خالد والجنود يجرّونه نحو قصر الفقراء.. فتسمّرت قدماه دون أن يدري ماذا يفعل..
عاد يامن إلى المسكن الخاص بأسيل على الفور .. وسأل خادمة هناك إن كانت
أسيل قد عادت، فأجابته بأنها لم تعد بعد.. فزاد توتره وضيقه، ولم يشغل باله سوى خالد الذي قد يُذبح بعد أيام، ومصيره بيد أسيل، وظل يتحرك جيئة وذهابًا لا يستطيع أن يتمالك نفسه.. بعدها أمسك بالورقة التي أسقطتها أسيل وخرج مسرعًا خارج المسكن إلى أطراف المنطقة الغربية حتى وصل إلى الطريق الممهد إلى المنطقة الوسطى وظل واقفا على جانبه حتى تمر عربة متجهة إلى تلك المنطقة.. يعلم أن الوقت قد تأخر والليل يكسو زيكولا، ولكنه لم يفقد أمله في ذلك.. حتى مرت أمامه عربة فطلب من صاحبها أن يصطحبه معه فرفض، وكلما مرت عربة إما أن يرفض سائقها أو يخبره بأنه لن يمر بالمنطقة الوسطى حتى جاءت عربة يركبها عجوز يتجاوز عمره الثمانين فأوقفه يامن
وحدثه : أريد أن أذهب معك إلى المنطقة الوسطى ..
فأجابه العجوز : إنني لا أصطحب غرباء.. ثم أكمل: مالكم أيها الشباب، لماذا لا تسيرون؟!!.. إننى كنت في مثل عمركم أجوب زيكولا على قدمي..
فأجابه يامن: حسنا.. سأجوبها على قدمي..
فأمر العجوز حصانه أن يواصل حركته، وتمتم بكلمات وكأنه يسب يامنا وتحركت العربة قليلا ويامن ينظر إليه حانقا.. حتى ابتعدت العربة عنه فأسرع خلفها، وتشبث بمؤخرتها، وظلت رجلاه تهرولان كي تجارى سرعة حصان العربة وكلما حاول أن يسندها على لوح خشبي بمؤخرة العربة تفلتان.. حتى استطاع أن يتشبث جيدا، وظل متشبثا بها بينما يجلس العجوز بمقدمتها ويضرب حصانه كي يسرع وبدأ يغني بصوته الضعيف المتقطع، وكأنه يريد أن يؤنس وحدته ويامن يستمع إليه، ويريد أن يضحك، ولكنه خش ى أن يعلم بوجوده.. فآثر أن يكتم ضحكاته بداخله ..

مر الوقت وخالد حبيس بغرفة الفقراء وتزايد عددهم، وبين الحين والآخر يُفتح باب الغرفة ليُزج بفقير جديد إليهم ثم يوصد مجددًا.. وخالد يجلس بركنه صامتا وينظر إلى جواد الذي كلما حلّ فقير بالغرفة يذهب إليه ليعرف قصته.. ثم يتحدث إلى نفسه، ويسألها: ماذا يفعل يامن؟، وماذا تفعل أسيل؟، وهل ستنتهي حياته في زيكولا أم أن هناك أملا قد يغير ذلك المصير ..
وصلت عربة العجوز إلى المنطقة الوسطى، والتي سادها الهدوء والصمت.. ولم يكن بشوارعها إلا قليل من الجنود وحراس القصور المتواجدين بها والذين تظهر ملامحهم واضحة مع المصابيح النارية التي تنير شوارع تلك المنطقة.. وما إن أبطأت العربة حتى قفز يامن، وترك العجوز يكمل طريقه دون أن يدري بوجوده.. ثم عدل من ملابسه، ونفض عنها ما أصابها من غبار، وأسرع إلى قصر الحاكم فقابله أحد حراس القصر
وسأله على الفور : من أنت؟
فأجابه يامن، وقد علا صوته متحدثا بثقة: أنا مساعد الطبيبة.. ثم صاح به: ألم تعلم من أنا ؟!.. من أنت كي تسألني؟!
فأجابه الجندي: أعتذر، لم أكن أعرفك..
فرفع يامن رأسه: حسنا.. هيّا أدخلني، وإلا أثرت غضبي.. وأنت تعلم أنني بعملي هذا قد أجعلك أفقر شخصًا بزيكولا.. هيا..
فبدا التوتر على وجه الجندي: حسنا سيدي.. تفضل إنها بحجرتها، ولكن لابد وأنها نائمة.. إن الشروق قد قارب..
فصمت يامن ثم أكمل : إنني لا أستطيع الانتظار.. أخبر إحدى الوصيفات بأن تخبرها أن مساعدها ينتظرها بالأسفل لأمر هام..
فرد الجندي: حسنا.. تفضل إلى أولى حجرات الطابق السفل وستأتيك إلى هناك..
*********************
إلي هنا ينتهي الفصل السادس والعشرون من رواية أرض زيكولا عمرو عبدالحميد
تابع من هنا: جميع فصول رواية أرض زيكولا الجزء الأول
تابع من هنا: جميع فصول رواية دمار قلب بقلم كنزى حمزة
تابعوا صفحتنا على الفيس بوك للمزيد من روايات حب
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة