-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية عصفورة تحدت صقراً بقلم فاطمة رزق - الفصل الثالث والعشرون

مرحبا بكم متابعين قصص 26 موعدنا في قسم روايات رومانسية كاملة والكاتبة فاطمة رزق والفصل الثالث والعشرون بروايةعصفوره تحدت صقراً 

وَعَـىَ على مُر الحياهِ ، حين إِصطَدم بواقِعِــهِ .. فنشأَ على كُره حــواءَ ، فلم تكن يوما منزلُــهُ .. وبنفورِهِ جعلَ الجواري تَشتهى قُربَــهُ .. فعُزِزَ الغُــرور في نفسهِ ، بأنُ لا مِثل لـهُ .. فأتتْ هي قبل أن ينخدِعَ بِظَنــهِ .. لتُريهُ مدى ضآلة حجمــهِ .. فليست من الجــَواري، ولا أَمـه يروق لها منزلــُه .. هي سيـدةٌ فى قصرٍ من الحيــاءِ تزينت جُدرانُـهُ .. هي سيـدةُ حسنـاءٌ ، تملك من الكـِبْرِياءِ ما تَكبَح بـِهِ غـرورَهُ .. فقطعَ العهــودَ والمواثيــقَ على نفســهِ .. بأن أيامها القادمــةُ ستكونُ داخلَ جحيمــهِ .. ولِتـَـرى ابنه حــواء ذاك الذي قَـللتْ من شأنِــهِ .. كيف يَسوقهـا إلى هاويةِ الهـلاكِ بنفسـهِ ..! هل ستقاوم سَبيـهُ ، أَم هل ترضـخُ لــهُ ؟ هل ستعيش حبيسَــةً ، أَم سيُجّــلِي قَيــّدَهُ ؟ اللي مشفش الفصل الرابع يقدر يشوفه من هنا رواية عصفوره تحدت صقراً "الفصل الثاني والعشرون"

روايات رومانسية كاملة | رواية عصفوره تحدت صقراً "الفصل الثالث والعشرون"

عصفوره تحدت صقراً

الفصل الثالث والعشرون

متجمهرين حولها، متجهمين الأوجه، وبفاظة الكلمات يردعونها،
من هم ؟
هم من قد جاءت إليهم لتنسى ما آل إليه حالها !
هم من ظنت أنهم سيدعمونها ويساندونها وحتى إذا كانت حزينة يهدوها أحن الكلمات لتنسيها ألمها !
هم أهلها، أحبتها، وأقرباؤها !

نظرت لجدتها والدموع قد إنجرف من مآقيها، ثم نظرت لعمتها غاضبة الوجه، ونكست رأسها، فبماذا تجيب !

وبجانبها وقف سهيل مصدومًا من حديثهم !
-ما تردي يا فيروز، أنتي عارفة إن العار هيلزق في اسمنا دايمًا بسببك !
لم ترفع رأسها وهي تستمع إلى حديث عمتها الذي ينزل عليها كما السياط !
وكانت دموعها وحدها هي ما تتحدث عنها ..

تابعت جدتها الحديث قائلة بإستنكار :
-ليه تسلمي نفسك ليه ؟
نظرت لها فيروز، وتحدثت بصوت متقطع من شدة البكاء :
-والله العظيم أنا ماعملت حاجة، والله أنا ما غلطت هو اللي ...
-الراجل عمره ما بيقرب على ست إلا لما تغريه هي، وإلا عمره ما بيقرب !
قاطعها هو بصوت جهوري، فإستدارت لتواجهه بعينيها الحمراوين، وقالت بألم :
-بس أنا.. أنا معملتش حاجة والله، دا أنا لبست الحجاب عشان ميقربش مني يا عمي !
الفصل الرابع ..إغتصاب ولكن تحت سقف واحد
نظر هو لها غاضبًا وتابع :
-قصدك عشان تلفتي نظره أكتر !
أومأت صفا رأسها بالإيجاب مردفة بإستهحان :
-أيوة معاك حق يا خويا، ما احنا سايبينها ماشية على حل شعرها وتعمل اللي هي عايزاه !
ذهبت جدتها إليها ونظرت لها بإستحقار، ثم وبنبرة قاتمة قالت وهي ترفع يدها لتصفعها :
-ده إبني اللي شوهتي سمعته يا ...
أغمضت هي عيناها، مستسلمة لها، لكنها فتحتها من جديد حين لم تشعر بشيء ..
نظرت ليدي جدتها وإذا بسهيل ممسك بها بقوة ..
نظرت له الجدة بغضب، وأفلتت يدها بعنف وهي تقول :
-آه ما إنت معاها، لو أنت مش عارف تربي أختك إحنا نربيها و..
قاطعها هو بنبرة نارية :
-محدش يلمس أختي، أنتم سامعين ! ، أنتم عارفين هي إتحملت قد إيه ؟
نظرت له الجدة بغضب، بينما تلوت أفواه الحاضرين بين الإمتعاض، الإندهاش، الغضب ..
تابع هو بنبرة أكثر حدة وهو يمسك يد أخته بقوة، ويشير عليهم جميعًا :
-أنتم أصلا تعرفوا يعني إيه واحدة حاولت تتدافع عن شرفها بكل قوتها ومقدرتش !
لأ متعرفوش الا أنكم تلوموها، وتتهموها بأقذر الألفاظ
أنا أختي أشرف من أي حد، أشرف من الشرف ذات نفسه، عارفين أنا ليه واثق، لأني كنت بشوفها بنفسي !
أنا كنت بشوفها وهي بتبعد عن أي راجل، بنت شريفة وعمرها ما فكرت شمال، بس أنتم اللي بتشوفوا على مزاجكم !

كانت صامتة، فقط تستمع وتبكي، ثم تبكي وتبكي،ونسيت أي شيء آخر غير البكاء ...
ولم يكن يدور في عقلها إلا سؤال واحد، ما خطؤها ؟!

-يا سهيل أنت مش فاهم حاجة، عمرك شوفت راجل بيلمس ست وهي مش سمحاله ؟
قاطع تغكيرها صوت خالتها الغاضب، فنظرت لها تستجدي صمتها، فقد تألمت بما فيه الكفاية حقًا !
أجابها سهيل بنبرة أشد غضبًا :
-وأنتي ليه متقوليش أحسن عمرك شوفت راجل بيغلط ؟!!
ليه متقوليش إن تفكيركم متخلف، يعني هي مهما دافعت عن نفسها هتكون غلطانة ؟!!!
نظرت له جدته بضيق شديد، ثم زفرت عدة مرات أثناء حديثة، وبعد إنتهائه أردفت على فورها :
-إحنا عندنا عادات وتقاليد البت تفضل في بيت ابوها وتراعي أهلها، وبعدها تتجوز عشان تخدم على جوزها وعيالها، وغير كده تبقى هي اللي بتخلي الكل يبصلها ويتحرش بيها، وأديك شوفت النتيجة، هي لطخت إسمنا بالتراب، وجابتلنا العار !
نظر لها مشمئزًا من طريقتها في التفكير، وبعد أن صمتت أجابها بهدوء مفاجئ :
-بصي يا تيتة، فيه فرق لما تكون هي بتشتغل عشان تصرف على بيتها وأهلها وفرق لما تكون عاوزة تتعاكس، بس أنتم مش هفهمو الكلام ده، لأنكم ببساطة مقتنعين إن البنت هي اللي غلطانة مهما حصل !

ثم نظر لأخته وتابع :
-وإحنا مش هنضيع وقتنا بتبرير مهياش محتاجة حتى نوضحه
ثم إحتضن وجهها بيده وبدأ يمسح لها دموعها قائلًا :
-اللي غلط مش انتي، الغلط على اللي بيقدسوا الراجل مهما عمل، الغلط على اللي عمرهم ماكانو بيسألو عليكي، ولما ترجعي محتاجة الدعم يجرحوكي
نظرت له بحزن، فتابع هو مبتسمًا لها :
-يلا نروَّح تاني، الأول بس نزور قبر أمك، وبعدها نروَّح عشان ملناش مكان هنا
أومأت رأسها وهي تحاول التوقف عن النحيب، حينها أمسك يدها مرة أخرى وذهبوا بعيدًا عنهم، بعد أن رمقوهم بنظرات غاضبة، حزينة، موجوعة ..."
 اقرأ ايضاً ... يوميات فارس ومنار أجمل شقاوه ورومانسيه
كان جالسًا على مكتبه، يحاول التركيز في عمله ..
يحاول إستجماع تركيزه الذي اختفى منه منذ فترة، وفجأة وجد أحدهم يدخل مكتبه بدون حتى أن يطرق الباب، نظر له بغضب وقبل أن يتحدث هو سمع الآخر يردف بجدية :
-صهيب، عرفت اللي حصل !
زفر هو بحنق ونظر إليه قائلًا بضيق :
-إيه ؟
سحب الأخير الكرسي الذي أمامه، وجلس عليه وهو يتابع بنبرة أقل صخبًا :
-عرفت إن بيجاد إنتحر ؟
لم يبدِ الأخير أي تفاعل يدل على إندهاشه، ثم اعاد النظر إلى حاسوبه، وقال ضجرًا :
-ياااه يا عقاب أنت قديم أوي ! ، ثم إنك برضوه تسدق إن بيجاد ينتحر !
وضع عقاب يده على المكتب و مال عليه متسائلًا بفضول :
-قصدك إيه ؟
نظر له صهيب وهو يقول بهدوء :
-أخوها هو اللي قتله
جحظت عينا عقاب في ذهول، ثم وقف من أثر الصدمة وهو يردف :
-أخو مين فيروز ؟
-أها
-الواد المعصعص ده ؟
-أها
-وأنت كنت عارف ؟
-أها
ضيق عينيه ونزل بجسده إلى مستواه قليلًا وهو مستند على المكتب، ثم سأله :
-عرفت إزاي ؟
هز هو كتفيه ببرود وقال :
-عادي، ظابط من اللي أعرفهم هناك شافهم، وإتصل بيا سألني يبلغ ولا لأ
-وإنت قولتله إيه ؟
-لأ
حك الأخير رأسه بدهشة ثم نظر إليه متسائلًا بحيرة :
-أفهم من كده إنك داريت عليه ؟!
إنتصب صهيب وسار عدة خطوات بعد أن وضع يده في جيبه وأردف بهدوء :
-دا حقه برضوه ! ، وبعدين أنا أخدت كل اللي كنت عاوزه
قطب عقاب حاجباه وإقترب منه قائلًا :
-إزاي
إبتسم له صهيب بثقة، ونظر ناحية الباب قائلًا :
-أخدت بالك من السكرتيرة الجديدة ؟
هز رأسه نافيًا، وكاد أن يتحدث إلا أن سمع صوت طرق الباب فقال بدون تردد :
-إدخل ..
دلفت هي ممسكة بإحدى الملفات، وبهدوء شديد وضعت الملف على مكتبه وسارت عائدة من حيث جاءت وهي تقول :
-الملف دا ناقص بس إمضتك، وعملاء الشركة السويسرية وافقوا على الميعاد الجديد للإجتماع ..
أجابها هو ببرود :
-عقاب جايلي ضيف، هاتيله حاجة فريش يتروق بيها، وأنا عاوز كوباية نعناع ..
لم تجبه هي وإنما خرجت وأغلقت الباب خلفها، وأيضًا بهدوء ..
اقرأ ايضاً ... قصة العاشق المسكين من أقوى قصص الحب والرومانسية
نظر لها صهيب مبتسمًا، فتارة يشتعل، وتارة يبتسم ربما سبب البسمة طريقتها، وربما يريد إغضابها بإبتسامته !
هو حقًا لا يري، لكن حين يفقد أعصابه يشتعل، فقد كان يومًا عصيبًا ولا يدري إلى متى سيتحملها !

-أنت بتهزر أكيد، دي هي السكرتيرة الجديدة ؟
لم ينظر له صهيب وإكتفى بالنظر إلى الباب الذي غادرت منه توًا، لكنه قال :
-لأ دا جد
نظر له عقاب متفحصًا إياه، وتابع :
-شكلك وقعت !!
رفع حاجبه الأيسر وحول نظره إليه حين أردف في هدوء :
-وقعت ! ، سميها اللي تحبه، بس أنا مش همشيها من هنا إلا لما أجيب آخرها ..
ضحك الأخير فجأة ونظر له قائلًا :
-أنا شايف إنها هي اللي هتجيب آخرك، حرس بقى يا صاحبي ..
ولاه ظهره وعاد لمقعده مرة أخرى وهو يقول ببساطة :
-أما نشوف !

لم يمض الكثير من الوقت حتى دلف جويرية بالعصير والقهوة، ووضعتهم على المكتب وبدون أي حركة زائدة خرجت ...
لم يكد يصدق صهيب أنها نفذت ما طلب منها بتلك السرعة، وبالأخص أنها أحضرته بنفسها ..
أمسك عقاب كوب العصير وبدأ يرتشف منه ..
وكذلك في نفس التوقيت إرتشف صهيب من كوب النعناع رشفة، وما لبث أن وقع منه الكوب، و تبدلت ملامحه كليًا وذهب إلى الحمام الملحق بالمكتب ..
بينما نظر له عقاب بقلق وذهب خلفه قائلًا :
-فيه إيه ؟

حين خرج من الحمام ذهب إليها غاضبًا على فوره، وبمجرد أن وقف أمامها حتى سألها بنبرة نارية :
-إيه القرف ده ؟
رفعت حاجباها ونظرت له قائلة بدهشة :
-قرف إيه ؟
تابع هو بنبرة أكثر حدة :
-النعناع ده طعمه زفت كده ليه ؟
إبتسمت ببرود وهي تنظر له، ثم قالت :
-آه معلش ممكن أكون إتلغبطت بين النعناع وبين الملوخية الناشفة !
نظر لها بضيق شديد، وسألها :
-ومين جاب ملوخية هنا ؟
لم تزل إبتسامتها تملأ وجهها أثناء قولها :
-ممكن بالصدفة أكون بعت حد يشتريهالي !
كان عقاب ينظر إليهما، وبصعوبة إستطاع إمساك نفسه عن الضحك، فحقًا يتمتعا بروح دعابة لا مثيل لها ..
والعجيب أنهما لا يدركان الأمر !

إنحنى صهيب قليلًا نحو مكتبها وأردف بخفوت :
-أنتي زودتيها أوي على فكرة !
وقفت هي في لحظتها ونظرت له بهدوء وهي تقول :
-معاك حق، المفروض تطردني !
إبتعد عنها ثانيةً، وعقد ساعديه أمام صدره قائلًا :
-مش بالسهولة دي هتتخلصي مني، يا .. يا آنسة جويرية !
حركت كتفاها غير عابئة به، وجلست مجددًا لتعيد النظر إلى الحاسوب وتعمل من جديد ..
وقبل أن يذهب هو محملًا بخليط الغضب، والإنفعال المكبوتين، وصله صوتها البارد قائلًا :
-عارف، ممكن أتلغبط مرة وأحط ملح بدل السكر، أنت عارف تركيزي على قدي !

.....................

ظلام ..
يحيط به الظلام من جميع الجهات، يلتفت ليبحث عن الضوء فلا يراه، ويعود ليكمل مسيرته في ذلك المنزل المظلم ...
أغمض عينيه وهو يسير، فحين قد أدرك أن الظلام حوله ليس منه خلاص، قرر إغماض عينيه أثناء سيره ..
ولكن فجأة أحس بشعاع غريب من الضوء، ففتح عينيه ليجد ذاك المنزل الذي يعرفه كما لم يعرف منزلًا آخر في حياته قط
إبتعد عنه، وظل يركض ويركض بعيدًا عنه، لكن فجأة عرقله شيء ما ووقع !

حينها نظر حوله، فوجد نفسه داخل المنزل الذي كان يهرب منه، بدأت أنفاسه تتسارع، فأي شيء إلا ذاك المنزل، كم يكره على قدر ما كان يحبه، كم يتمنى التخلص من ذكراه بعد أن كانت من أجمل الذكريات !

وقف من جديد وظل يسير فيه، وكل الغرف كانت تؤدي إلى نفس الغرفة، كل الغرف تؤدي إلى الغرفة التي كان يحاول الإبتعاد عنها، وكلما إقترب تجلت أمامه ذكريات من الماضي البعيد..
صوت ضحكات، همهمات ..
و أصمت أذنه الكلمات، وحينها بدأ يضع يده على أذنيه مستلمًا لكل شيء حوله، وفي ذات اللحظة وجد سكين صغير على الأرض، ولأنه واثق أنه يحلم، لم يتردد في إستعماله، وفورًا غرزه في بطنه ...

إستيقظ أخيرًا من ذاك الكابوس، وبدأ يتنفس بصعوبة وهو يقول :
-خلاص بقى .. هخلص من كل ده إمت ؟
أغمض عينيه يستجمع شتات نفسه، ولكنه لم يدرك نفسه حين بدأ يتذكر ذاك الأمر مرة أخرى ...
اقرأ ايضاً ... حب لايجوز شرعا "الفصل الثالث"
أدخل نسخته الخاصة فذ ذلك الباب حديث الطراز ..
وبعد أن فتح الباب فتح ضوء الصالة بهدوء، وظل يتأمل المكان من حوله ..
حينها قال بصوت تجلى فيه الحزن :
-كده تلت شهور، قضيتهم من غير ما أسمع صوتك أو أشوفك
تنهد بأسى، ودلف الغرفة المجاورة ..
تلك الغرفة التي إعتادوا أن يتسامروا فيها مساءًا، لقد كان الأمر مفروغًا منه بزواجهما، لكن الحظ لم يحالفه كما حالف إخوَته !
جلس على السرير، ومسح عليه بيده، ثم أخذ نفسًا عميقًا من عبير المكان حوله ...
وحين كاد أن يذهب، وجد ورقة مطوية تحت الغطاء، وظهر منها طرفها، فمد يده يمسك بها قائلًا لنفسه بحيرة :
-إيه الورقة دي ؟

أمسك بها وفردها أمامه، وحين وجد الكلمات المدونة بها، وأدرك صاحبة الخط، جلس بسرعة ليقرأها، بصوت مضطرب :
-إزيك يا رحيل، كنت عارفة إنك هاتيجي البيت هنا بعد ما أنا يتحكم عليا، أو مهما طال الوقت، واثقة أنك هتيجي، عشان كدة إتأكدت إني أوصل الورقة دي هنا قبل ما أبلغ عن نفسي ...

أخذ نفسًا منفعلًا فقد أحس أنها تحادثه حقًا وتابع بنبرة أكثر إضطرابًا وحنينًا :
-أنا عاوزة أقولك على حاجة يا رحيل، وبتمنى منك متكرهنيش أكتر ما أنت بتكرهني الوقت ..
رحيل أنا يوم ما إتجوزت جلال أنا كنت حامل منك، وأيوة صهيب ده يبقى إبنك، وأنا كنت عارفة بس قررت نتجوز أنا وجلال بسرعة، وأتدارك الموضوع وكأنه ابنه هو، وفعلًا كل حاجة مشت، بس الوقت لازم تعرف إن صهيب ده إبنك قبل ما يكون إبني ..
لو مش مصدقني روح إعمل تحليل DNA وإتأكد بنفسك، أنا هكون مديونالك لطول عمري يا رحيل، وعارفة إنك حتى لو مكنتش عارف إنه إبنك كنت هتفضل تحبه وتحن عليه، وعارفة كمان إنك هتكون أحن أب في العالم ...
نوران ..

لم يبدو عليه أي إندهاش ففط قبل شهرين شعر بشبه كبير بينه وبين صهيب، وكذلك أراد أن يعلم سبب العاطفة التي يُحسها تجاهه، فذهب بنفسه وأجرى التحليل، وحين تبينت النتائج علم أنه ابنه، ولم يك أحدًا أشد منه سعادة حينها ..
إستفاق من ذكراه ناظرًا إلى ما حوله بحنق، ملل، هو قرر ألا يخبر صهيب بالأمر أبدًا، فقد جاءه لا يتحمل المزيد من المفاجآت عن نسبه كان أو غيره ..
ألا يكفِ ما أخذه عن والدته من أفكار أنها قاتلة وسفاحة !
أيأخذ أيضًا تلك الأفكار عليه ولربما ظنهما شريكان ويفقد الثقة في كليهما !
لذا وبكل بساطة، قرر ألا يخبره بالأمر !

تنهد بهدوء ونظر حوله قائلًا بإختناق :
-حاسس إني عايش أسير الذكريات، في كل كلمة أقولها ألاقي ورها حاجات، حاجات قديمة من ذكريات مدفونة حد نبش قبرها عشان يطلعها منه ويأذيني بيها ...!!

وكأن رفات الذكريات يُكسى باللحم من جديد ...!!!

.....................

منذ أن علمت الخبر وهناك فتور غريب في مشاعرها، لا بكاء ولا حزن، ولا حتى سعادة ...
المشكلة أنها لا تدري ما عليها فعله !
هل تفرح أم تبكي أم ...
لقد مات من كان سبب آهاتها ..
مات ورحل، لكنه ندم، لقد قتل نفسه من شدة ندمه
نظر إلى نفسها في المرآة، وبدأ تسأل نفسها بهدوء 
-What happen ? 
(ماذا حدث ؟)
-Why all this the coldness ?
(لما كل هذا البرود ؟)
صمتت فجأة ثم قالت بضجر :
-أنا قولت هتكلم شبههم طول ما أنا هنا !

هدأت قليلًا وأرجعت رأسها للخلف، وشعرها معه وأردفت بنبرة حاسمة :
-لو مكنتش عارفة أزعل، أكيد هعرف أفرح !
وبالفعل ذهبت وأخرجت ثيابها من الخزانة، وكادت أن ترتدي شيئًا منها حين سألت نفسها :
-بس أنا معرفش حد هنا، ومش بحب أخرج لوحدي !
جلست على السرير تنظر للخزانة تارة، ثم للسرير أخرى لتقول بعدها :
-يعني كل لما تقرري تخرجي ترجعي في رأيك لمجرد إنك ما تعرفيش حد !
زفرت بنفاذ صبر من نفسها، ثم وقفت فجأة قائلة بحماس مفاجئ :
-أنا هخرج وحتى لو لوحدي ...

بعد ما يقرب من نصف ساعة كانت قد تجهزت، نظرت لنفسها نظرة أخيرة في المرآة و تحدثت :
-nice
ثم خرجت من منزلها وأخذت سيارتها وإنطلقت، ...
إنطلقت نحو الا مكان ...
اقرأ ايضاً ... حب لايجوز شرعا "الفصل الثالث"
وضعت أمامه القهوة للمرة الرابعة في هذا اليوم ..
جيد ربما قد يموت إذا إستمر على هذا النحو وتنتهي منه لآخر حياتها ...
-دوقيها الأول !
قالها هو بضيق ليخرجها من شرودها، فنظرت له بهدوء، وأخذت الكوب من أمامه، وتذوقته، ثم تذوقته من جديد وهي تحتضن الكوب بكفيها ..
ويبدو أنها ستشربه كاملًا ..
إرشفت منه مرة أخرى وهي تنظر بداخل الكوب، وكان هو يتابعها بغيظ، من أين جاءوا بها، من الملجأ ؟
بعد أن وصلت لمنتصف الكوب وضعته أمامه في هدوء هي تقول :
-إتفضل
ثم إبتسمت له تلك الإبتسامة السمجة قبل أن تتركه وترحل
حينها وضع يده على جبهته لربما شعر أن حرارته قد زادت من شدة الإشتعال وقبل أن يفعل أي شيء، فاجأته هي بدلوفها متسائلة بنفس الإبتسامة :
-تحب أجيبلك ماية ؟
نظر لها بغضب ونبر صوته قائلًا :
-إطلعي برة !
هزت كتفاها غير آبهة وهي ذاهبة مردفة بإستفزاز :
-أنت حر ..
وإبتسمت قائلة لنفسها بوعيد :
-هو أنت لسا شوفت حاجة ؟!

أما هو فقد كاد يجن، لقد أحضرها لكي يغضبها لا لتفعل هي !
الآن يجب عليه أن يضع حدًا للأمر ...
ما أكثر ما تكره تلك الفتاة ؟
لا يعلم، فهو لم يرها إلا بضع مرات كيف له أن يعلم !
لكن ما أكثر ما يكرهه هو ؟!
ظهرت إبتسامة عابثة على محياه فجأة، ثم أخذ الهاتف الذي بجانبه وطلبها ..
وبعد لحظات طرقت الباب ودلفت بثبات،
بدى على ملامحه الجدية التامة وهو يقول :
-فيه إجتماع النهاردة الساعة 12 بالليل، ولازم تحضريه عشان تفهمي الـ ...
قاطعته هي بهدوء، دون حتى أن تنظر له :
-أنا وعدت براء مش هتأخر عن الساعة 9 ، وزي ما وعدتك ووفيت، وعدته وهوفي !
رفع حاجباه بإستنكار وهو يقول :
-لأ طبعًا ده شغل وأنتي المفروض تبقى أولوياتك كلها للشغل !
هزت رأسها نافية وتابعت بثبات :
-مش هتأخر عن 9
إبتسم هو ثم وقف أمامها قائلًا :
-خلاص نبدره، عاوزاه الساعة كام 7 ، 8 شوفي معنديش أدنى إعتراض
رفعت رأسها لتواجهه، وأجابته بهدوء :
-أنت مش ملاحظ أنك بتلعب بالناس ! ، الوقت ليه إحترامه، واللي أعرفه إن رجال الأعمال اللي ربنا من عليهم بيحترموا مواعيدهم، أكيد أي موظفة هنا هتبقى أكفأ مني لأني مش مؤهلة لده لأني مش بعرف أتكلم لغات تانية !

ثم تركته وذهبت بدون زيادة في الأحرف، سار هو نحو الشرفة ونظر من خلالها ...
ليس غاضبًا، لكنه أراد أن يعلم هل تكره الإعتراف بما لا تعرفه أم لا، على العموم هو لم يخسر شيئًا، وأصلًا ليس هناك إجتماع، لكنها لن تذهب قبل أن تنهي عملها ..

زفر بهدوء، فهو لا يعلم ما حل به مذ دخلت حياته، لما أصبحت كل المواضيع تنتهي بها، حتى ما لا يبدأ بها ينتهي بالتفكير بها !
أليس ذلك مبالغًا فيه !
والأدهى أنه قد أحضرها نصب عينيه، لتفقده البقية الباقية من عقله !

شعر بالجوع فجأة، ونادرًا ما يجتاحه هذا الشعور، لذا بدون تردد قرر الذهاب لأي مطعم حتى يأكل ...
وبالفعل إتجه نحو الباب ليخرج، لكنه حين خرج لم يجدها ..
عقد حاجباه متسائلًا بحيرة :
-معقول تكون مشت ؟
تلك الفكرة أغضبته بالفعل !
وقبل أن يذهب سمع صوتًا خافتًا من مكتب بيجاد السابق، حينها ذهب وفتح الباب بهدوء ...
ورآها .. تصلي ...
الأمر غريب بالنسبة له، فمنذ أمد لم يرَ أحدهم يصلي !
أغلق الباب عليها من جديد وسار عائدًا إلى مكتبه، لما لا يبقى هنا طالما أنها بالداخل !
لما أراد أن يفعل مثلها حين رآها ساجدة !
لا يعلم، هو فقط واثق أنها تفعل كل ما تستطيع لتشعره بالضيق والغضب، حتى وإن كان الأمر خارج إرادتها !
اقرأ ايضاً ... قصة العاشق المسكين من أقوى قصص الحب والرومانسية
كان عائدًا إلى منزله و حين رآها أوقف سيارته، و خرج بسرعة منها متجهًا إليها ...
وحين وقف أمامها قال باسمًا :
-كاثرن، إيه ده بجد أنت هنا !
نظرت له الأخرى بحيرة وعقدت حاجباها متسائلة :
-أنت مين ؟
-إيه ده أنتي مش فاكراني ؟ أنا عقاب، كنا صحاب في الجامعة، لما أنا روحت أدرس في أمريكا !
ضيقت عيناها في حيرة تحاول تذكره ثم قالت فجأة :
-آه إفتكرتك، أنت اللي كنت بتقولي دايمًا روحك روح مصرية أصيلة عشان بتكلم زيكم ؟
ثم إتسعت إبتسامتها وهي تتابع :
-صح ؟
أومأ رأسه عدة مرات، وقال حينها :
-أيوة عشان كنتي الوحيدة اللي بتتكلم مصري هناك، المهم إيه جابك هنا
أشاحت الأخرى بيدها، وقالت بنبرة مالة :
-يااه دا موضوع طويل جدًا، المهم أنت عامل إيه ؟
وضع يده في جيبه وقال بمرح :
-امممم زي ما أنا، تعالي ندخل العربية عشان نعرف نتكلم حلو
أومأت رأسها قائلة :
-اوكاي

حين استقروا بالسيارة نظر لها وسألها بفضول :
-إتجوزتي ولا لسا ؟
إسترخت هي ناظرة لسقف السيارة، وأجابته بفتور :
-آه، وإتطلقت، أو إترملت، أيًا يكن !
سألها بحيرة :
-مش فاهم ..
نظرت له باسمة وقالت :
-لو بدأت أحكي مش هسكت وهتزهق صدقني !
أرجع رأسه للخلف هو الآخر وقال لها بنبرة هادئة :
-اممم يلا إحكي إحنا ورانا حاجة ؟
-طب اركن العربية في كان ينفع نتكلم فيه الأول ..
-طااايب ..
وبالفعل نحرك بسيارته بعيدًا قليلًا حتى قالت له هي :
-خلاص كفاية عشان عربيتي مركونة قريب من هنا ..
أومأ برأسه إيجابًا، وأوقف السيارة ثم نظر لها قائلًا :
-إحكي ..
أخذت أولًا نفسًا طويلًا جدًا، ثم بدأت بقولها :
-أنا إتجوزت، من حوالي سنة وشوية، كنت مفكرة أنه بيحبني، ووقفت ضد رغبات ماما وبابا وإتجوزته، أصل حبيته أوي ..!
...................

كان جالسًا معهم، يتحدث بهدوء شديد ويقول :
-أيوة أنا كنت ممكن أرافع في القضية دي لو مكنش فيها قاتل حقيقي، لكن طلاما هو قتل بجد أدافع عنه إزاي، أنت عاوزني أدافع عن باطل ؟
زفر الأخير بضيق وأجابه :
-يا أستاذ براء محصلش حاجة وشوف بس أنت عاوز كام و...
قاطعه بقنوط :
-الرسول عليه الصلاة والسلام قال ( من خاصم في باطل وهو يعلمه لم يزل في سخط الله حتى ينزع عنه ) ....
وأنا مش في غنى عن رضى ربنا يا أستاذ، وأنا مش واحد من المرتشين !
نظر له الرجل الآخر بضجر، فقد كان كل شيء يمشي على ما يرام إلى أن شعر أن هناك خطأً في الأمر، وقد علم في النهاية أن ابنه هو القاتل الحقيقي !
ومن وقتها وهو يحاول إقناعه بالمرافعة في تلك القضية، فلم يعد هناك وقت للبحث عن محامٍ جديد !
وقف براء حينها، وقال بنبرة طبيعية :
-يوم ما اشتغلت محامي عاهدت ربنا قبل أي حد إني عمري ما هظلم حد، ولا هدافع زور "وَلَاَ تَعَاوَنُواْ عَلَىَ الإِثْمِ وَالعُدْوَانِ وَاِتَقُواْ اللَّهَ" ..!
أمسك براء أوراقه، وذهب قائلًا :
-السلام عليكم ...............!!!

يتبع ....

يارب تكون حلقة النهارده عجبتكم وأستنونا كل يوم في نفس الميعاد فصل جديد من رواية عصفورة تحدت صقرا وعلشان تجيلكم الفصول بتسلسلها تقدروا تتابعونا من خلال صفحتنا علي الفيس بوك
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة