-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية عصفورة تحدت صقراً بقلم فاطمة رزق - الفصل الخامس والعشرون

مرحبا بكم متابعين قصص 26 موعدنا في قسم روايات رومانسية كاملة والكاتبة فاطمة رزق والفصل الخامس والعشرون برواية عصفوره تحدت صقراً 

وَعَـىَ على مُر الحياهِ ، حين إِصطَدم بواقِعِــهِ .. فنشأَ على كُره حــواءَ ، فلم تكن يوما منزلُــهُ .. وبنفورِهِ جعلَ الجواري تَشتهى قُربَــهُ .. فعُزِزَ الغُــرور في نفسهِ ، بأنُ لا مِثل لـهُ .. فأتتْ هي قبل أن ينخدِعَ بِظَنــهِ .. لتُريهُ مدى ضآلة حجمــهِ .. فليست من الجــَواري، ولا أَمـه يروق لها منزلــُه .. هي سيـدةٌ فى قصرٍ من الحيــاءِ تزينت جُدرانُـهُ .. هي سيـدةُ حسنـاءٌ ، تملك من الكـِبْرِياءِ ما تَكبَح بـِهِ غـرورَهُ .. فقطعَ العهــودَ والمواثيــقَ على نفســهِ .. بأن أيامها القادمــةُ ستكونُ داخلَ جحيمــهِ .. ولِتـَـرى ابنه حــواء ذاك الذي قَـللتْ من شأنِــهِ .. كيف يَسوقهـا إلى هاويةِ الهـلاكِ بنفسـهِ ..! هل ستقاوم سَبيـهُ ، أَم هل ترضـخُ لــهُ ؟ هل ستعيش حبيسَــةً ، أَم سيُجّــلِي قَيــّدَهُ ؟ اللي مشفش الفصل الرابع يقدر يشوفه من هنا رواية عصفوره تحدت صقراً "الفصل الرابع والعشرون"

روايات رومانسية كاملة | رواية عصفوره تحدت صقراً "الفصل الخامس والعشرون"

عصفوره تحدت صقراً

الفصل الخامس والعشرون 

-بالله عليك بتتكلم جد !
كانت تلك الجملة التي قالتها هي بنبرة بها بعض اللهفة رغم الهدوء المسيطر عليها ..
نظر هو لها بسمًا وأومأ رأسه أي نعم، ثم انعطف بالسيارة نحو اليمين أثناء قوله بسعادة :
-آه والله يا جوري، أنا روحتله أول واحد الصبح وسألت الدكتور عليه قالي إن حالته إتحسنت تمامًا ونقدر ناخده من بكرة، نخلص بس الإجراءات ...
ظهرت السعادة على محياها وإبتسمت متسائلة بنبرة طبيعية :
-براء، يعني من بكرة بابا هيرجع البيت ؟
-أيوة 

شعر بالسعادة لرؤية وجهها يشع بالفرح، فنادرًا ما يراها هكذا، لكن دومًا لديه الأمل أن تعود كما كانت ... وفي يومٍ ما سترجع جويرية التي يعرفها . 

-يعني إنت عارف من الصبح ومتقوليش ؟
كان ذاك سؤالها بغضب مفاجئ، فنظر لها وأردف بنبرة تحمل المودة :
-ما أنا كنت عاوز أشوف تأخير الخبر عليكي !
رفعت حاجبها ثم عقدت ساعداها إلى صدرها وصمتت عدا عن ..
-امممم
التي قالتها .. 

وبعد ثوانٍ تفاجأت به يقول :
-بيجاد إنتحر ..
هزت رأسها نافية وهي تردف بعدم تصديق :
-مستحيل !
أكد هو حديثه بـ :
-معتصم قالي والله ..
لم تصدق هي أبدًا، فشخص جبان مثله لن يقدم على الإنتحار أبدًا، الأمر أنها رأت عينيه المرتعبتين حين بدأ يخسر القضية، فكيف لشخص يخاف من نتيجة أخطائه أن يقدم على الإنتحار !!
مستحيل، لا أصدق ! 

-وبالشال !
-ها !
-إنتحر بالشال
نظرت له متفحصة ملامح وجهه، فهل يمزح هذا أو ...
-براء، بطل هزارأنا تقبلت اللي حصل وعارفة إن القاضي مرتشي لأن الحكم اللي المفروض ياخده 15 سنة و..
-والله ما بهزر ! ، مات إنتحر ..
لما تذكرت سهيل فجأة، فقد كانت تتابع نظرات الجميع عن كثب، وحقًا كانت نظرات سهيل توحي بالـكره ...
نفت عن عقلها الأمر بسرعة ثم عادت تنظر لبراء وتقول ببساطة :
-مظنش
أجابها براء بنبرة هادئة :
-معتصم كمان حاسس إن الأمر فيه إنَّ، وعشان كده قالي إنه ناوي يحقق في ...
قاطعته هي بسرعة :
-لأ لأ يا براء، عشان خاطري خليهم يقفلوا على القضية دي !
نظر لها بدهشة من إندفاعها المفاجئ وقال :
-بقولك بس بيفكر، وبعدين الكل مصدق إنه إتقتل خلاص وإتدفن ومراته حتى مراحتش ! ، بس مالك ليه مش عاوزانا نحقق !
أجابته بحذر :
-عادي يا براء إجى في دماغي حاجة كده ومعرفش صح ولا غلط، المهم سيبك إنت، هنوصل إمت ؟
إبتسم لها وتحدث :
-ما إحنا وصلنا من زمان !
نظرت حولها فوجدت أنهم بالفعل قد وصلوا، فأمسكت بمقبض السيارة لتذهب بعد أن أردفت بـ :
-إبقى سلملي على أبوك وأمك وهاجي أزوركم قريب إن شاء الله
ثم خرجت وهي تسمعه يردف بمرح :
-فيه ميزة كونا إخوات في الرضاعة برضوه ..
حينها إبتسمت بوجوم وقالت وهي تغادره :
-معاك حق ماما كانت مصرة على الموضوع ده أوي، كانت دايمًا بتقولي كده
ترجل الأخير من السيارة ووقف أمامها قائلًا بروية :
-بس على الأقل بقى عندي أخت بدل ما أكون وحيد ...
وضعت يدها على وجهه واتسعت إبتسامتها قليلًا حينما أردفت بحنو :
-والله يا براء إنت نعمة، أجمل حاجة فيك إنك مش بتزعل مني وبتكون فاهمني
أمسك يدها من على وجهه وقبل باطنها ثم أردف برفق :
-وإنتي كمان نعمة، يلا بقى عشان متتأخريش وساعتين بالظبق وآجي أخدك
تنهدت بهدوء وقالت :
-طيب، أنا أصلًا مش هطول عشان أصحى بدري نروح نجيب بابا من المستفى ... 
الفصل الثاني ... إغتصاب ولكن تحت سقف واحد " الفصل الثاني "
كان واقفًا يراقب المارة، مل من كونه المراقِب، فلما لا يكون المراقَب يومًا ..
تسير الناس بعضهم بثبات والآخر يترنح، والبعض يمشي الهويني، ومعظمهم يسرعون وكأن وراءهم عمل أهم من رؤية النيل !
كيف يمرون بجانبه ولا ينظرون حتى إليه !
الأمر أنهم شبعوا منه كما شبع هو، فلما يظل آخر سنوات حياته مسجونًا بداخل الجدران الأربع ...! 

-مزهقتش ؟
سأله هو بنبرة هادئة، فإستدار الأخير ناظرًا له، ثم قال باسمًا :
-صهيب، إنت رجعت امت ؟
تحرك صهيب بعض الخطوات إلى أن وقف بجانبه، وإستند على النافذة و ..
صهيب بنبرة ساكنة :
-لسا الوقت
أومأ رأسه ثم عاد للنظر إلى الطريق مرة أخرى، حينها أعاد صهيب السؤال :
-بقولك مزهقتش ؟
رد بضجر :
-زهقت ...
-طب فيه رحلة من بكرة لمدة أسبوع لمارينا كل صحابك رايحين فيها مش عاوز تروح معاهم ليه ؟
تنهد هو بهدوء قبل ان ينظر له مطولًا ويقول :
-عادي أصل آآآ ..
قاطعه صهيب بجدية وهو يبتعد عنه ذاهبًا :
-رحيل متربطش نفسك بيا، روح وغير جو لأنك محتاج لدة، أما أنا فامش برجع البيت إلا بالليل أصلًا ..
ثم إستدار له ليقول بإصرار :
-أنا عاوزك تروح يا رحيل
ثم غادر ..
حسنًا هو بالفعل يريد الذهاب، ومن يمنعه يصر عليه بالذهاب، فلما لا يذهب إذًا ! 

لكن بعيدًا عن كل هذا، هل صهيب بنفسه جاء وحدثه أم أنه يتوهم ! 
.................. 

بحفاوة إستقبلتها، فقد هشت وبشت حين رأتها ..
وإزدادت إبتسامتها إتساعًا وهي تحييها .. 

-والله وحشتيني يا جوري المطعم من غيرك وحش أوي !
إبتسمت لها جويرية بمودة وقالت بهدوء :
-ربنا يخليكي، إنتي عاملة إيه ؟
-أنا الحمد لله يا حبيبتي
صمتت قليلًا وهي تستمع إلى صوت جهاز التلفاز العالي فأردفت بنبرة عالية :
-حنين، أنين، وطوا التليفيزيون شوية !
إبتسمت لها جويرية وهي تردف برفق :
-إندهيهم عشان وحشوني ..
قامت روز من مقعدها وأمست يد جويرية وهي تقول :
-تعالي إحنا ندخلهم
أومأت جويرية رأسها أي نعم ودلفت معها إلى غرفة الأطفال، .. 


بمجرد أن دخلت الغرفة وإنتبهتا لها أسرعا إيها لكي يحيوها ..
حينها إنحنت نحو الأولى وأردفت بصوت دافئ وهي تقبل وجنتها :
-إزيك يا أنين فاكراني ؟
أومأ أنين رأسها وهي تردف بنبرة طفولية :
-أيوة إنتي خالتو جويرية
ضحكت حينها ثم ضمتها بقوة، وباليد الأخرى إحتضنت الثانية ...
حتى أنها كادت تبكي ..
منذ فترة طويلة قد تعرفتا هي وروز، وبعد معرفتها بأن لها أختًا قد توفاها الله أصرت أن تجعل أطفالها ينادوها بـ "خالتوا" وبالفعل فعلو، لذا كانت تحب الذهاب إليهم كثيرًا ...
فكلما سمعت الكلمة شعرت أن أختها ما تزال على قيد الحياة ..
ما تزال باقية ! 

إنتبهت فجأة لإحدى الطفلتين تقول مازحة بنبرتها الطفولية :
-طب وأنا مش فاكراني ؟
أبعدتهما عنها لتنظر لهما، ونظرت بالأخص للطفلة التي تحدثت، وقالت لها باسمة :
-حد ينسى حنين برضوه !
هزت حنين رأسها عدة مرات أي لا، ووضعت يدها الصغيرة على وجه جويرية وهي تقول :
-لأ بس إنتي مش بتيجي وأنا فكرتك نسيتينا
لم تفتأ الإبتسامة تملأ وجهها وهي تجيب عليها بهدوء :
-كنت مشغولة بس أنا جيبت أهوا ...! 

مضى بعض الوقت ظلوا يتحادثون فيه، وكذلك إنضمت إليهم روز بعض أن ضايفتها، ثم عادت الطفلتان إلى تلفازهما حين أخبرتم الأم بأن عليهم الذهاب لأنها أحاديث الكبار و ... 

-مقولتليش يا جوري مين اللي زعق في التليفون دة !
تبدلت ملامحها إلى الضيق والحنق فجأة، وكذلك قُطب حاجباها مع بعض التغير في نظراتها إلى الحدة وهي تردف :
-دا المدير يا روز
أومأت روز رأسها وكادت أن تطرح عليها سؤالًا آخر حين أردفت هي :
-ومعلش بلاش تسأليني عن الشغل الجديد لأن الموضوع دة بيخنقني ..
شعرت روز بأن هناك ما تخفيه، لكنها صمتت لكيلا تزعجها على أية حال
حينها نظرت للطفلتين وأردفت بجدية :
-أنين، حنين، صليتم العشاء ؟
هز الإثنا رأسهما بالنفي، فتحدثت روز بنبرة حادة :
-لما أبوكوا ييججي هقوله إنكم مبتصلوش وبتتأخروا في الصلاة وهو بقى يشوفلكم حل !
قامتا سويًا وخرجتا من الغرفة ليصليان وهما يرددان بخوف :
-لأ يا ماما خلاص
نظرت لها جويرية معاتبة بعد إختفاء الطفلتين وأردفت لها بنبرة هادئة بعض الشيء :
-هما عندهم كام سنة ؟
أجابتها روز باسمة :
-ستة ياختي ومغلبني
أومأت رأسها وقالت بنفس الإتزان :
-حلو إنك تعوديهم على الصلا بس مش حلو خالص إنك تخوفيهم بأبوهم !
حكت الأخرى رأسها بتعجب وسألت :
-إزاي ؟
-في يوم من الأيام هيكبروا ومعدوش هيخافوا منه لأنهم هيبقوا أمهات زيك ساعتها، خوفيهم من اللي أكبر من أبوهم، أو بدل ما تخوفيهم حبيبيهم فيه، حبيبيهم في ربنا يا روز، خليهم يحسوا إنهم بيعملوا كده عشان ربنا مش عشان ميتعاقبوش من أبوهم ! 
..................... 

جالس هو ينتظرها منذ الصباح، لقد تأخرت وجاء هو باكرًا على غير عادته ..
فهو لم ينم طوال الليل خِشية أن يتأخر ..، أو لربما بسبب تفكيره فيها !
الأمر صار مبالغًا فيه فلما يهتم برؤيتها أصلًا، هي لا تهمه، هو فقط يفعل كل هذا لكي يثبت لنفسه قبل أن يثبت لها أن جميع النساء سواسية، حتى وإلم تقتنع نفسه في البداية بهذا فسيريها الأمر !
لما صارت نفسه تؤيد فكرة كونها مختلفة عنهن إذًا !
ألن تأتي ؟!
سألته نفسه مجددًا ..
بحق الله لقد تأخرت نصف ساعة إلى الآن ! ، هل من المعقول أنها استسلمت بتلك السرعة و ...! 

قاطع شروده صوت طرق الباب، وليس أي طرقة، فمن من المعقول أن يطرق الباب بكل ذاك الإتزان إلاها !
وبدون حتى أن يفكر أردف بـ :
-إدخل
دلفت هي حينها وقبل أن تتحدث قاطع تفكيرها بالكلام بصوته الخشن :
-إتأخرتي نص ساعة وأنا بحب الإلتزام بالوقت !
لم تنظر اه بل فقط أجابته بهدوء :
-كان عندي ظروف، وممكن أمشي لو مش حـ...
قاطعها بغلظة :
-لأ مش هتمشي إتفضلي روحي كملي شغلك
زفرت بصوت مكتوم، وتابعت قائلة بنبرة ثابتة :
-ما أنا أكيد مش جاية أوريك نفسي وأمشي، الملفات عندك امبارح إنت اللي أخدتها وعنتها ! 

نظرت له حينها تتوقع ثورانه في أي لحظة، لكن لا لم يفعل كل ما في الأمر أنه أحضر الملفات وأعطاها إياها بصمت ..
حسنًا يبدوا أنه بدأ يعتاد برودها، وإلم تزود الجرعة فلن تدري إلى أي أمد قد تظل هنا !
الأمر مبروغ منه فهي لا تتحمل البقاء مع شخص مثله، وإلم تعترف لنفسها فما تراه في عينه ليس أقل شبهًا بما تراه في عينها إذا ما نظرت في المرآة !
هي تدرك أنها نظرات العذاب والألم، لقد عشارتها طويلًا ومن المستحيل أن تخطأها، لكن هي لن تعترف بذلك أبدًا، نةولا حتى لنفسها ! 
أمسكت الملف وذهبت بدون أن تعقب، أو تتحدث، فقت أخذته ورحلت في هدوء النسيم ... 

إبتسم ولا يدري لما، ربما ... ربما نقلت تلك الفتاة عدوة الإبتسام إليه !
فقلما كان يفعل .. 

-هي مش زيهم أبدًا
قالها لنفسه بثقة، لا يدري كيف أخرجها من فمه، لكنه أخرجها، وأيدته نفسه ..
بالفعل صهيب ليست كذلك 

وهل سأل نفسه ما السبب المفاجئ لتغيير رأيه !
لا لم يسأل، هو فقط إكتفى بها جوابًا .. 
اقرأ ايضاً ... حب لايجوز شرعا "الفصل الثالث"
وضعت الملفات أمامها بإختناق شعرته فجأة، مع أنها كانت سعيدة إلى حدٍ ما صباح هذا اليوم، فقد خرج والدها من المشفى وعاد إليها سالمًا غانمًا، لكن الأمر وما فيه ...
هي لا تدري حتى ما الأمر !
ما الداعي لهذا الإختناق، والألم،
ولمَّا أن تذكرت عيناهما والألم الكامن فيهما تذكرت جرحها هي !
فنعم شعرت للحظة أن .. أن عينا كما المرآة تعكس نظراتها هي ..
ألم تكف عن النظر إلى عينيها في المرآة من فترة ! 

....... 

كانت تلك الفتاة نائمة على فراشها، تنظر لسقيفة الغرفة، بصمت رهيب، لا ترمش ولا تتحرك، فقط ثبتت أعينها عند نقطة ما في السقف، وعلى جانبي عينيها إنزوت قطرات من عبراتها الساخنة بعيدًا ...
فجأة وضعت إحداهما يدها عليها فنظرت لها برعب وهي تبتعد إلى أن رأت من تكون حينها سكنت من جديد ..
أعادت جويرية وضع يدها على يدها مرة أخرى وجلست بجانبها ثم أردفت بنبرة حانية :
-سوفانا !
لم تنظر لها، فقد عادت بنفس السكون مرة أخرى ..
عاودت جويرية المحاولة :
-حبيبتي عشان خاطري بقى حاولي تنسي، حاولي ترجعي زي ما كنتي مش قادرة أتحمل أشوفك بالضعف ده قدامي ..
أيضًا لا فائدة، ولم تستلم جويرية فتابعت برفق، وقد بدأت تبكي بالفعل :
-عشان خاطري إنتي بقالك شهر كامل على الوضع دة ! ، ردي عليا بقى بالله عليكي .. 

لم تبدِ أي ردة فعل تجاه الأمر، وإستمرت بالصمت والسكون لدرجة أن جويرية لم تتحمل وانهارت بجانبها .. 

في يوم من الأيام وجدت نفسها تقول أنها استنفذت كل طاقة البكاء لديها، وقريبًا ستصل دموعها إلى الإضمحلال !
لما قالت ذلك لم تعلم ! ، لكن ما علمته بعدها أن نبوءتها بإضمحلال دموعها قد تحققت ! 

...... 

الآن علمت ما سبب إختناقها فجأة، فهي لم تخلق لتسعد ! 

جلست على مكتبها بهدوء، ونظرت للملف أمامها، ثم نظرت إلى باب مكتبه المغلق بشيء من الفتور ...
لكن سرعان ما أمسكت قلمها وفتحت الحاسوب أمامها وبدأت بالعمل لربما ينسيها ما تمر به الآن 

لكن قبل أن تخط حرفًا بقلمها تذكرت أمرًا هامًا، كيف تناسته يا ترى !
أمسكت هاتفها وبتأنٍ طلبت رقم أحدهم وجلست تنصت إلى صوت الصافرة على الجابت الآخر، وما إن واتاها الصوت حتى أردفت بهدوء :
-السلام عليكم، إزبك يا فيروز ؟ 
.................... 

اليوم مختلفٌ تمامًا بالنسبة لها، فهو ليس كأيٍ من الأيام الخوالي ..
أمسكت حقيبتها الجلدية، ونظرت لوجهها نظرة أخيرة في المرآة،
وجه خالٍ من التعبير، وجه شاحب ولم ترد إخفاء شحوبه بمساحيق التجميل، فلمن تتزين، وهل تخدع نفسها بجمال زائف ! 

إبتعدت عن شبيهتها المنعكسة وخطت بعيدًا عن الغرفة، ثم المنزل، إلى أن إستقرت في السيارة .. 

يدها على المقود، قدمها على الفرامل، وإنطلقت .. 

صحيح يؤثر فيها وفاة والداها كثيرًا، لكن هناك شيء بداخلها ..
شيء عجيب .. شيء يمنعها من التفكير في كل ما يحزنها ولا يردد إلا "من حقك أن تعيشي كما يحلو لكِ، إنسي وتابعي" وفي الحقيقة قد راق لها الأمر كثيرًا فقد تألمت حتى شبعت ولم يعد لديها المزيد من القدرة ... 

وجدت هاتفعا يرن، فقطع صمتها الذي طال، وشرودها الذي أضحى حياة أخرى لها .. 

-hello !
أردفت بها بهدوء بعد أن أجابت على الإتصال ..
جاءها الرد بنبرة جادة : 


-hello !
صمت قليلًا قبل أن يتابع :
-كاثرن ناوية تيجي النهاردة ؟
أجابته بروية :
-أنا في العربية ناو
وصلها صوته المندهش قائلًا :
-really ?!
ردت عليه مؤكدة بهدوء :
-really
حينها وصلها صوته الهادئ من الجهة المقابلة :
-طيب هتعرفي تروحي ؟
قالت ببساطة :
-easily (بسهولة)
-خلاص نتقابل هناك
-ماشي وأنا مش هدخل إلا لما أنت تيجي
-ok, see you soon
-ok, goodbye 


ثم أغلقت الهاتف ووضعته على المقعد المجاور .. 

.................... 

توًا خرج من قاعة المحكمة وهو يحمل حقيبته وسار حتى وصل إلى سيارته،
ثم وحينما إستقلها وجد هاتفه يرن برقم غير مألوف ..
وضع الهاتف على أذنه بعد أن أجاب على الإتصال، ثم تحدث بنبرة متسائلة :
-السلام عليكم، أيوة مين ؟
جاءه الرد بنبرة هادئة :
-أيوة يا أستاذ براء، أنا ...
قاطعه براء بغلظة :
-بيتهيألي إنت اللي ابنه قتل مش كده !
أتاه الرد بنبرة حادة :
-مسمهوش قتل، ولو ابني اتحكم عليه بالإعدام إنت اللي هتكون مسؤول !
رفت براء حاجبه وأجابه ساخرًا :
-ليه هو أنا اللي قتلت !
قال الرجل بجدية :
-لأ عشان إنت مرضتش ترافع في القضية دي، وأنا مش لاقي أي محاميين !
زفر براء وأجابه بضيق :
-أيوة وأنا مالي أصلًا، قولتلك مابقفش مع باطل !
حذره الرجل عبر الهاتف بحدة :
-أنا شايف إنك تيجي تطله من اللي هو فيه، بدل ما ..
حين شعر براء بنبرة التهديد سأله بغضب :
-بدل ما إيه ها ؟
-بدل ما أقتلك زيه بسيطة يعني ! ، ها بقى تحب تموت ؟
-إنت عارف إيه ردي على أشكالك ؟!
لم يتابع بل فقط قام بإنهاء المكالمة ..
ورمى الهاتف بجانبه قائلًا بضجر :
-دة على أساس إني هخاف مثلًا، معاتيه ! 


كان جالسًا على مكتبه حين سمع هاتفه يرن ..
أمسك به مجيبًا على الإتصال ليضعه بعدها على أذنه ويردف بهدوء :
-ألو !
صمت قليلًا ليستمع إلى الجهة الأخرى قبل أن يقول :
-أيوة بس إحنا مش محتاجين موظفين يا عقاب !
زفر وهو يستمع إليه ثم أردف بنبرة ضجرة :
-طيب هتشغلها إيه ؟
إشتعلت عيناه فجأة وهو يتكلم :
-عقاب أنا قولتلك إني جبت سكرتيرة خلاص !
هدأت ملامحه قبل نبرة صوته حين أردف :
-في المصنع نفسه، وإنت إيه اللي يوديك هناك ؟
وقف فجأة وسار يقترب من الباب في صمت، وفتح الباب فقط قليلًا لينظر لها من خلفه قبل أن ينتبه للمتحدث ويقول :
-okay, okay, no problem
ثم أغلق الخط قبل أن يستمع إليه حتى، و وضع الهاتف في جيبه قبل أن يخرج من الغرفة و يسير بإتجاهها .. 

حين وقف أمامها لم تكن منتبهة، ليس لأنها تعمل بل لأنها شردت ولا يدري أحدٌ فيما !
وضع يداه في جيبه وظل يرنوها، إلم تنتبه هي فلن ينبهها هو ! 

-فيه حاجة ؟
تفاجأ بصوتها برغم ما بدى عليها من شرود، لكنه قال ببساطة :
-أنا رايح الـ meeting now، تقدري تروحي لو عاوزة
عقدت حاجباها بإندهاش وهي تقول :
-لسا مخلصتش شغل !
ولاها ظهره وهو يسير، ويردف بنبرة هادئة :
-خديهم البيت خلصيه هناك لو عاوزة 

إستعجبت من طريقته الغريبة وظل تنظر له وهو يغادرها، لكن لم تهتم كثيرًا، وبالفعل جمعت أشياءها وباقي العمل لتغادر به، فهي في الأساس احتاجت لفرصة كتلك ! 

في وقت قصير خرجت من مقر الشركة، وركبت سيارة أُجرة من أمامها .. 

كانت تفكر في الطريق في الكثير من الأشياء ..
ما أحزنها حقًا وأغضبها، طريقة تعامل أهل فيروز معها !
كيف يحملونها الأمر هكذا متناسين كل ما فعله ذاك الحقير بها !
وقد تأكدت بالفعل أن أخوها هو من أقدم على ذاك القصاص، فقد قال الله عز وجل "العين بالعين والسن بالسن والجروح قصاص" أليس الحياة بالحياة أيضًا !
ثم أن .. 

-أحود يمين ولا شمال !
سألها السائق بهدوء، فأجابته :
-لأ خلاص نزلني هنا 

حين غادرت السيارة ظلت تسير قليلًا إلى أن وصلت إلى منزلها ثم صعدت .. 

.... 

وفي ذات المكان توقفت سيارته ليخرج هو من السيارة و ينظر إلى المبنى الذي دخلته توًا مبتسمًا وهو يقول :
-وكدة عنوانك بقى معايا، هو آه معايا على الورق بس أنا كنت حابب أسجله في دماغي بنفسي 

نظر إلى ساعته وعاد إلى سيارته قائلًا بنبرة طبيعية :
-صحيح بسببك إتأخرت بس بسيطة يا آنسة جويرية !
وإنطلق نحو مستقر الإجتماع ............!!!!! 

........................................................!!!!!!

يتبع ....

يارب تكون حلقة النهارده عجبتكم وأستنونا كل يوم في نفس الميعاد فصل جديد من رواية عصفورة تحدت صقرا وعلشان تجيلكم الفصول بتسلسلها تقدروا تتابعونا من خلال صفحتنا علي الفيس بوك
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة