-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية عصفورة تحدت صقراً بقلم فاطمة رزق - الفصل الثلاثون

مرحبا بكم متابعين قصص 26 موعدنا في قسم روايات رومانسية كاملة والكاتبة فاطمة رزق والفصل الثلاثون برواية عصفوره تحدت صقراً 

وَعَـىَ على مُر الحياهِ ، حين إِصطَدم بواقِعِــهِ .. فنشأَ على كُره حــواءَ ، فلم تكن يوما منزلُــهُ .. وبنفورِهِ جعلَ الجواري تَشتهى قُربَــهُ .. فعُزِزَ الغُــرور في نفسهِ ، بأنُ لا مِثل لـهُ .. فأتتْ هي قبل أن ينخدِعَ بِظَنــهِ .. لتُريهُ مدى ضآلة حجمــهِ .. فليست من الجــَواري، ولا أَمـه يروق لها منزلــُه .. هي سيـدةٌ فى قصرٍ من الحيــاءِ تزينت جُدرانُـهُ .. هي سيـدةُ حسنـاءٌ ، تملك من الكـِبْرِياءِ ما تَكبَح بـِهِ غـرورَهُ .. فقطعَ العهــودَ والمواثيــقَ على نفســهِ .. بأن أيامها القادمــةُ ستكونُ داخلَ جحيمــهِ .. ولِتـَـرى ابنه حــواء ذاك الذي قَـللتْ من شأنِــهِ .. كيف يَسوقهـا إلى هاويةِ الهـلاكِ بنفسـهِ ..! هل ستقاوم سَبيـهُ ، أَم هل ترضـخُ لــهُ ؟ هل ستعيش حبيسَــةً ، أَم سيُجّــلِي قَيــّدَهُ ؟ اللي مشفش الفصل الرابع يقدر يشوفه من هنا رواية عصفوره تحدت صقراً "الفصل التاسع والعشرون"

روايات رومانسية كاملة | رواية عصفوره تحدت صقراً "الفصل الثلاثون"

عصفوره تحدت صقراً

الفصل الثلاثون

"خاتمة الجزء الأول إن شاء الله"

خرجت من لدنه، وسارت تبتعد عن ذاك المكان الذي حمل أكثر ذكرياتها سوءً على الإطلاق ..
كانت تسير متهادية الخطى حائرة المقصد، لم تبتعد قليلًا، فقط بضع خطوات بعيدًا عن ذاك المكان ومع ذلك شعرت براحة غريبة، لقد طمأنها أن لا تقلق على أخيها، طمأنها بأن كل شيء سيكون على ما يرام ..
أحيانًا لا يحتاج الإنسان أكثر من تلك الكلمات البسيطة لتخرج من القلب متجهة إلى القلب فتريحه برغم ما يعانيه من آلام نفسية، وأيًا تكن تلك الآلآم ..!!

ثم أن ..
مهلًا من تلك التي تقترب منها ؟! ، هل هي تتوهم أم ماذا ؟!!

لا يهم ستمشي عي في الإتجاه المعاكس و ..
-آنسة فيروز، لحظة بس من فضلك
أردفت بها تلك المرأة مقبلة عليها بلهفة
تجمد مكانها توليها ظهرها، لا تريد النظر لها فكم يذكرها وجهها بـ ...
-لو سمحتي عاوزة أكلمك في موضوع
أغمضت فيروز عينيها، أتحاول أن تكبت دموعها، أم أنها تتألم !
أقرا أيضا رواية أرض زيكولا الفصل الثامن
وضعت الأخرى يدها على كتفها، وبدون وعي أزاحت فيروز يدها بقوة من عليها، ثم نظرت لها تلك النظرات الشرسة قبل أن تقول بغضب :
-عاوزة إيه مني الوقت يا حضرة الدكتورة !!

نظرت الطبيبة إلى الحصى التي في الأرض، أو أنها بالفعل تنظر للأرض بخزي ..
تابعت فيروز بإنفعال :
-أنا مش مصدقة إن إنتي اللي جاية تكلميني ! ، واحدة غيرك كانت ترمي نفسها في البحر قبل ما تفكر تبص في عين اللي ظلمته !!
إنتي مصنوعة من إيه، من حجر، أنا بنت زيي زيك لو كان حصل فيكي كدة كنتي ها ...
قاطعتها الطبيبة وهي تبكي :
-بس خلاص، مين قالك إني محصليش حاجة، أنا بنتي الوقت في المستشفى بين الحيا والموت، عشان صرفت عليها من الفلوس اللي أخدتها عشان أزور التقرير، وكنت جاية أجيب عنواتك عشان ..
تابعت وقد بدأ صوتها يختنق من شدة البكاء، والأخرى ترنوها بنظرات هادئة :
-عشان أطلب منك تسامحيني، أنا بنتي كانت كويسة لحد بس ما صرفت عليها من الفلوس الحرام دي، والوقت هي بتموت، لو مش مصدقاني تعالي أوريكي بنفسي
تذكرت فيروز حينما قالت "اللهم إكفنيهم بما شئت، وكيف شئت" ودمعت عيناها، لقد كانت تدعوا عليها من شدة الظلم الذي شعرت به، لكن من رد لها حقها ؟! الله، وها هو قد نصرها، وكأن تلك رسالة منه ليخبرها أنه معها، ليوفي بعهده حين قال حل وعلا "أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ" ..
ظلت تستمع إليها ولا تدري لما بدأت تبكي بهذه الطريقة، لكنها بدأت تتذكر بعض الآيات، ولم تعلم لما، لكنها تتذكرها بشكل جيد "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ" ..
لو نصركِ الله، فممن تحتاجين النصر إذًا !!

يا الله، كم أنت قريب، وأنا من كنت قد إبتعدت أميالًا، وأنا من كنت ضآلة بدون عفوك وغفرانك، وحين أدعوك، فقط أدعوك تلبي دعائي وكأني سهرت الليالي لأنال رضاك قبل أن يمسني السوء !
هاك حدثت نفسها وهي تبكي، ووقف الإثنان قبالة بعضهما يبكيان ..
الظالم المجازى، والمظلوم المنصور من الله ..

-مسمحاكي، وهدعيلها دايمًا يا دكتورة سريانا
قالت هي تلك الجملة، ثم إنصرفت، فلحقتها الأخرى وهي تقف أمامها وتستحلفها عدة مرات ألا ضغينة في قلبها، ألا شائبة تجاهها في وجدانها، هل تسامحها حقًا، هل تغفر لها خطأً إرتكبته في حقها ؟!
الله المسامح يا فتاة، هون على نفسك لقد سامحتك ..
كانت تلك إجاباتها المصاغة، قبل أن تسير مبتعدة، سعيدة لأنها شعرت بذاك القرب بينها وبين خالق الأكوان، ومسحت دموعها في ثبات وهي تتقدم بالخطوات ...

.......................

روتيني ..

كل يوم روتيني، مرت الأيام بهدوء، ربما إنزوى البعض ليطالع الكتب لإقتراب إمتحانته، وآخرون زاد حالهم شجنًا وإنطواءً، وربما رجع أحدهم من السفر مشتاقًا إلى ولده ..
وأيضًا قد يكون البعض منهم قضى عدة ليالٍ في المشفى بين جدرانها البيضاء، ربما كذلك بدأت إحداهن تخرج من آلآمها وتعيد بناء نفسها، وآخر قد صار سندًا لأخته يشاركها يومه دون كلل أو ملل، والبعض قد ظل يتلقى الشكر والتقدير على تميزه في عمله، وإظهاره الحق دون تزييف أو خداع، والبعض عاش أسير الذكريات، وأتذكر أن وضع أحدهم الصحي كان يتدهور بشكل واضح ولكن بصمت ...

........

مر شهر،،

خرجت من الجامعة وقد بدى بعض الفرح على وجهها، لقد إنتهت من أسوأ كابوس قد يمر بأحدهم يومًا "التعليم" !
كانت دومًا تردد أن لو تفهم ما فائدة كل ذاك الشرح السخي في الكتب، وما الفائدة التي تعود عليهم في حياتهم بعد ذلك لكانت أحبتها، أما بالنسبة لما يُكتب، فلا أمل بإستحضاره يومًا من العقل مرة أخرى ..
تقريبًا تنسى هي كل ما حفظته بمجرد الخروج من الجامعة، لا بل من اللجنة والله !
-الحمد لله، خلصت الدراسة قبل ما أموت، بجد يوم تاريخي ..
إبتسمت لنفسها بهدوء، وهي تسير نحو الطريق المؤدية للشارع الرأيسي، حيث إتفق معها براء على إصطحابها

طوال الطريق وهي تتساءل ..

في خلال ذاك الشهر اللعين الذي كان يستنزف طاقتها في التركيز يومًا بعد آخر، كان هناك شعور غريب يساورها، الأمر برمته لا يتعدى شعور، وهي لا يمر عليها أي شعور ولو كان بسيطًا مر الكرام، فكيف لها أن ...
أن ..
لما تشعر فجأة بهذا النعاس !

ومن تلك الفتاة التي تجرها إلى سيارة ما، وأخرى تساعدها ؟!
حاولت هي أن تقاومهم بكل ما أوتيت من قوة، لكن في حالتها تلك، لا مجال للمقاومة أكثر من هذا، وكادت تترك جسدها يتراخى إلا أنها إستطاعت أن تسمع صوت إحدى الفتاتين تقول بنبرة ماكرة للأخرى :
-الحتة دي جامدة، ممكن الريس يدينا فيها كام ؟!
أجابتها الأخرى وهي تنظر لها مليًا، بعد أن نجحت في إدخالها السيارة :
دة بيع أعضاء يابت، حاجة محترمة بدل شغل السرقة اللي مش جايب همه، دة الراجل هيعمل أي حاجة عشان حد يتبرعله بقلب لبنته !!

هنا لم تستطع جويرية التغلب على النعاس أكثر من ذلك، وسقط جفنيها على عينيها بقوة ..

فتحت أحدهم المقعد الأمامي الخاص بالسائق، وجلست به، بينما إتخذت الأخرى المقعد المجاور وهي تردف قائلة لشريكتها بهدوء :
-يلا بسرعة، من حظنا إن مكانش حد واقف ..
أومأت الأخرى رأسها بالإيجا، ثم إنطلقت بالسيارة بسرعة بالفعل ...!!!


-لأ ما إنتي مش هتقعدي في المستشقى أكتر من كدة وهتيجي معايا البيت حالًا ..
أردف بها هو بغضب، وحدجها بنظرات حاسمة وهو يتابع حين رآها تفتح فاها للحديث :
-ومفيش أعذار، يلا قومي معايا يا كاثرن
نظرت له كاثرن بهدوء، وقالت :
-بس أنا حابة القاعدة هنا و ...
-الدكتورة بتقول إنك مينفعش تفضلي كدة كتير، وبعدين دة هيسببلك إكتئآب !

أشاحت وجهها للجانب الآخر في حزن ولم تعقب، حينها جلس هو على السرير بجانبها وتابع بنبرة أقل حدة بكثير :
-معلش بس بجد مينفعش أسيبك قاعدة هنا أكتر من كدة !!

هدأ أكثر وهو ينظر لها قبل أن يقول :
-إبدأي من جديد، فيه بداية لكل نهاية صدقيني، إنتي لسا صغيرة ومينفعش تحكمي على نفسك بالوجع دة !

ومتنسيش إنتي اللي إختارتي تسيبي البيبي، يبقى لازم تبقي قد المسؤلية وتخافي عليه
نظرت له ببطء ثم جرت قدماها يتبعها باقي جسدها لتنزل من على الفراش، قبل أن تقول :
-ماشي
إبتسم لها وسار نحوها وهو يصطحبها للخارج ..

بعد نصف ساعة كانوا أمام منزلها، ذهبت نحوها فهز رأسه نافيًا وهو يتحدث :
-لأ يا كاثرن، هتيحي عندي فوق
أومأت رأسها ثم أردفت بهدوء :
-هجيب حاجة من جوا بس
-متخافيش كل حاجتك هنقلها فوق، المهم إطلعي الوقت معايا
تنهدت بإستسلام حين علمت أنه لا مفر من الأمر، وبعد القيل كانوا أمام منزله،..
حينها رن عقاب الجرس ففتحت تلك الجميلة الباب وهي تبتسم ..
إبتسم لها عقاب هو الآخر وقال :
-جبتها أهو
ضحكت الفتاة وقامت بسحب كاثرن من يدها إلى الداخل بترحاب، ثم ضمتها فإبتسمت كاثرن لتلك المعاملة الطيبة، حينها تحدثت الفتاة باسمة :
-كل دة عشان تيجي، أنا حبة وعقاب حبة، حرام عليكي جننتينا !

أجابتها كاثرن بنبرة متزنة :
-معلش يا حور، كنت محتاجة أقعد لوحدي شوية
إبتسمت لها حور بود وسألتها :
-وقعدتي لوحدك ؟!

نظرت كاثرن لعقاب وقالت بسخرية وهي ترفع حاجباها :
-وهو جوزك سابني في حالي ؟!

نظرت له حور هي الأخرى وقالت ببرود :
-معاكي حق يا بنتي، دة ما بيسبش حد في حاله !

هنا تدخل عقاب وإقترب منهما وهو يقول بضيق مصطنع :
-لأ لأ أنا كدة أزعل، هو أنا جايبكم تتفقوا عليا ؟!

أجابته كاثرن ببرود أشد وطأة :
-ضربتك على إيدك وقلتلك هاتني ؟!

ضيق عينيه بغل وهو يقول :
-أنا غلطان قولت بدل ما تفضلي لوحدك بين أربع حيطان أجيبك مع الغلاباوية دي شوية !
نظرت له حور وحركت يدها بطريقة تنم على أنها تستوعده، ثم نظرت لكاثرن ووضعت يدها خلف ظهرها وهي تقودها نحو إحدى الغرف ..

بعد ساعتين، خرجت حور من الغرفة القابعة بها كاثرن، وذهبت إلى غرفتها، وما إن رآها زوجها تقترب حتى إقترب منها متسائلًا بهدوء :
-ها عملتي إيه
إبتسمت له حور بمودة وقالت :
-عيب دة أنت متجوز دكتورة !

رفع رأسه للسقف يستلهم الصبر قبل أن يعيد النظر إلى حور، ثم قال بإستهجان :
-آه، دكتورة مجانين
عبس وجهها بشدة، ثم ضربته على كتفه بغيظ، وأعدت الكرة وهو يضحك ويحارل الإمساك بيديها، لنها دفعته بقوة على السرير وهي تقول :
-ماشي يا عقاب، بقى أنا دكتورة مجانين !!

ظل هو يضحك، ثم جلس وسحبها لتجلس بجانبه، ليردف بعدها وهو واضع يده خلف رأسها ويقربها إليه :
-خلاص، خلاص، أنا آسف كنت بهزر بس والله، إنتي دكتورة آد الدنيا
-عارفة أصلًا
قالتها بثقة وهي تبتسم، حينها نظر إليها وتابع :
-و زوجة زي العسل كمان
أشاحت وجهها عنه لتخفي إبتسامتها، فهمس في أذنها برفق :
-شكرًا يا حبيبتي
نظرت له فجأة وسألته بهدوء :
-بتشكرني على إيه ؟!!

رد بود :
-على كل حاجة، إنك مزعلتيش عشان كنت بهتم بيها، عشان هي صـ ...
قاطعته بضيق قائلة :
-دة واجبنا تجاهها، مش دي صاحبتك، وبعدين يعني إنت هتلاقيلي زيي فين ؟!

ضحك هو بشدة من طريقتها المرحة، وأجابها بإستخفاف :
-آه صحيح فين، إنتي فريدة من نوعك يا بنتي !!

لظرت له بغيظ وتابعت :
-امممم، حتى لو هي أجمل مني و...
قاطعها هو بعد أن وضع يده على وجنتها وأردف بجدية :
-مين قالك إنها أحلى منك ؟!

إنتي عامية بالله، روحي شوفي نفسك في المراية وبعدها إحكمي !
هزت رأسها نافية وهي مصرة على رأيها بـ :
-لأ والله أحلى مني إنت بس اللي ..
قاطعها ثانية بهدوء :
-خلاص تعالي شوفي نفسك في عيني، واحكمي !

نظرت له لبعض الوقت، عشر ثوانٍ أو أكثر، لتتحدث بعدها بإبتسامة ممتنة :
-ما عشان أنا واثقة فيك عمري ما هشك !

قبل رأسها بتقدير، وحب، ثم وقف قائلًا بثبات :
-المهم، أنا همشي دلوقت عشان أروح الشغل، صهيب اليومين دول بقى غريب أوي وهادي خالص، أنا خايف عليه والله ومش فاهم ماله !

سألته حور بإهتمام :
-طب بسبب إيه كل دة ؟!!

زفر عقاب بشدة ثم تابع :
-مش عارف، من بعد اللي حصل مع بيجاد، وخصوصًا بعد ما إتعرف على البت دي، بس الشهر دة كان غريب جدًا، بيقضي معظم وقته مختفي، ومش عارف بيروح فين، وحتى الشغل فيه كتير من الصفقات إتلغت بسبب تغيبه عن الشركة، بس أنا قررت أنوب عنه لحد ما افهم ماله !

وقفت حور بجانبه مبتسمة له وقالت :
-ممكن دة يكون كويس ليه، سيبه شوية

نظر لها مطولًا قبل أم يتابع :
-حاضر، المهم خلي بالك من نفسك، ومن كاثرن عشان نطلعها من الحالة دي
أومأت رأسها بهدوء، دائمًا ما كانت تتمنى حور رجلًا يشاركها شعور المسؤلية تجاه الناس كما تشعر هي تجاه مرضاها، ولقد حصلت على زوج لا يرتاح إلا حين يجد من حوله، لا يشعر بالسكينة الا بسكون الجميع من حوله ...
لقد كان يخبرها بأقل التفاصيل ويحكي لها كل شيء عن حياته، عمله، كل ما يواجهه في الخارج، حتى حينما قرر مساعدة صهيب في كشف بيجاد لم تمنعه، بل وقفت معه، وحتى أنها تتذكر عودته لها مرة وهو مغيب العقل بسبب مش شربه هناك، وماذا فعلت، فقط نصحته ألا يعيدها، وبالفعل لم يشربها مرة أخرى، لقد شربها فقط حينها ليجعل الثقة بينهما أكثر عمقًا، وهل للحظة شكت في أنه قد يكون نظر لغيرها ... لا، ثقتها فيه تخطت الحدود ..
هاك زوجها، وهاك عينيها تراه ....

................

لقد غلفه الشعور بالذعر حقًا، فأين هي ؟!
لقد إتفقا على اللقاء عند الجامعة، وها هو ذا يقف أمامها منذ أكثر من ساعتين، ولم يتجاهل منزلها فقد ذهب وتأكد أنها ليست متواجدة فيه، وقدر الإمكان لم يُشعر والدها بشيء ..
ظل جيئة وذهابًا يقطع الطريق، لا يترك مارًا إلا وقد سأله عليها، حسنًا قد يكون الأمر بسيط، إلا أنها لا ترد كلمتها خائبة أبدًا، فهي غير معتادة على أن تقول شيئًا ولا تفعله !

وأيًا يكن، فأخته ليست من النوع الذي يغلق الهاتف في منصف النهار!
عاد يزفر من جديد بقلق، نعم وأي قلق هذا، فهو غير مطمئن ؟!
أمسك هاتفه، وظل يبحث عن أحد الأسماء، إلى أن وجده، فضغط على زر الإتصال ووضعه على أذنه ..
قليلًا بعد، وبعد ما يقرب من الخمس ثوان سمع الرد :
-ألو !

أجابه هو بهدوء عبر الهاتف :
-أيوة يا معتصم، عاوزة أطلب منك طلب ..
أنصط إليه الآخر عبر الهاتف بإهتمام، وسأله :
-خير يا براء، فيه إيه ؟!

أجابه براء بتوتر :
-أنا كنت متفق مع جويرية أخدها من الجامعة زي كل مرة، مش لاقيها خالص، و .. وهي مش بالعادة تسيبني وتمشي، روحت البيت ملقتهاش، وبتصل موبايلها مقفول ..
أجابه معتصم بصوت رخيم :
-طيب إهدى إنت بس وتعلالي المكتب، وبعدين محصلش حاجة إنت عارف إن ...
قاطعه براء بغضب :
-يا معتصم جويرية مستحيل تمشي وتقفل تلفونها ومتروحش حتى، ومتكلمنيش تطمني عليها !!

هي عارفة أنا بخاف عليها إزاي ؟!

وقف معتصم بسرعة وخرج من مكتبه متجهًا نحو إحدى المكاتب الأخرى وهو يقول له :
-إنت فين الوقت ؟!

-عند جامعة ****

-طيب أنا جايلك حالًا ..
إتجه معتصم نحو مكتب ما وفتحه، ثم نظر للجالس أمامه، وأردف بجدية :
-أبان، تعالى ورايا
ثم تركه وذهب، قبل أن يلحقه الآخر بدهشة .....

...................

كان ذاك العجوز يسير بخطى بطيئة حتى يصل للمطبخ ..
كان عقله شاردًا، فلما قد تتأخر حتى تلك اللحظة، هو يعرفها جيدًا، من المستحيل أن تتركه وحده كل تلك الفترة !
فتح صنبور الماء، وملأ الكوب وأخذ يشرب حتى ارتوى، ثم عاد مجددًا من نفس الطريق وهو يردف بنبرة قلقة :
-هي فين جويرية لحد الوقت، مش عادتها تتأخر كل دة ؟!

إقترب هو من هاتفه على الفراش، ثم إلتقطه وأخذ يحدث نفسه بهدوء :
-أنا هكلم براء أحسن، وأعرف هي فين ...
طغط على زر الإتصال، لكن فجأة داهمه ألم رهيب فأغمض عينيه وسعل عدة مرات،
ولم يجب أحد على الإتصال ..
أعاد الكرة، لكن الألم بدأ يزداد، لقد شعر أن هناك ما يخترق جسده من شدة الألم، وقبل أن يفعل أي شيء، سقط على الأرض والهاتف بجانبه ...

..................

فتحت عينيها، وأعادت فتحها من جديد، ثم مرة أخرى، لكن لا فائدة ...
هل أصيبت بالعمى مثلًا !!

تذكرت مقاطع من آخر ما سمعته قبل أن تستسلم لسلطان النوم، ثم حاولت الوقوف لتكتشف أنها مكبلة اليدين والقدمين، عقدت حاجباها بدهشة وهي تسأل نفسها، منذ متى وصارت الإناث تختطف بني جنسها لتبيع أجزاءهن !
ثم عادت لتسأل نفسها مرة أخرى، هل أصابها العمى ؟!
أم أخذوا هم عينيها !!

زفرت وهي تحاول الفكاك من الحبال، لقد آلمتها يداها حقًا ..
لكن حين لم تجد جدوى من الأمر، إسترخت على الجدار في الخلف، وبهدوء قالت لنفسها :
-أمممم على الأقل هنفع حد قبل ما أموت
ولم تدري لما ضحكت فجأة، لقد كان الجميع يهاب الظلام، في حين كانت تعشقه ...
لقد كان الجميع يهاب الموت، في حين كانت تتمناه،
فلما قد تخاف، ستواجه ملك الموت حين يأخذ روحها بأمر الله بإبتسامة هادئة، وهي تتمنى أن يغفر لها الله ما قد سلف ...

علمت أنها لا تزال مبصرة بعد أن رأت ضوء خافت جدًا قد لا يُرى، يأتي من الباب أمامها ...
هل من الطبيعي أن لا تصرخ أو تفكر بالفرار، بل فقط أرادت إراحة يداها المتألمتان !
لما قد تفكر بكل تلك الأنانية، ترحل هي والباقي يحزنون ؟!
ولما لا تفكر بأنانية وأقرب الأقربين فكروا بها من قبل، لقد كانوا أكثر وأشد منها أنانيةً، إذًا لما عليها أن تفكر في الآخرين حين يواجهها الموت، أليس من الأفضل أن تستسلم له !!
لا أحد يعلم كم أخفي بداخلي من آلام، لا أحد يفهم ما معنى أن تفقد ..
تفقد شخصًا كان بمثابة ...
ولكن هل هي مستعدة للقاء الله ربها حقًا !
هل قدمت ما يعطيها الرخصة للذهاب للجنة !
هل ..
كادت أن تتابع سرد الأسئلة على نفسها، إلا أنها سمعت صوتًا خافتًا يصدر من الباب، فحولت أرنظارها الهادئة نحوه ..

لم تسل نفسها أي سؤال، وتوقفت عن التفكير لترى من القادم، ومع إشتداد الإضاءة القادمة من الباب أغمضت عينيها، لثوان وهي تعد أن تفتحها من جديد، فليس من الحكمة ألا تملي عينيك من عيني عدوك قبل أن يفتك بك ........!!!

..............................................!!!!!

يتبع ....

يارب تكون حلقة النهارده عجبتكم وأستنونا كل يوم في نفس الميعاد فصل جديد من رواية عصفورة تحدت صقرا وعلشان تجيلكم الفصول بتسلسلها تقدروا تتابعونا من خلال صفحتنا علي الفيس بوك
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة