-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية عصفورة تحدت صقراً بقلم فاطمة رزق - الفصل الثاني والخمسون

مرحبا بكم متابعين قصص 26 موعدنا في قسم روايات رومانسية كاملة والكاتبة فاطمة رزق والفصل الثاني والخمسون برواية عصفوره تحدت صقراً 

وَعَـىَ على مُر الحياهِ ، حين إِصطَدم بواقِعِــهِ .. فنشأَ على كُره حــواءَ ، فلم تكن يوما منزلُــهُ .. وبنفورِهِ جعلَ الجواري تَشتهى قُربَــهُ .. فعُزِزَ الغُــرور في نفسهِ ، بأنُ لا مِثل لـهُ .. فأتتْ هي قبل أن ينخدِعَ بِظَنــهِ .. لتُريهُ مدى ضآلة حجمــهِ .. فليست من الجــَواري، ولا أَمـه يروق لها منزلــُه .. هي سيـدةٌ فى قصرٍ من الحيــاءِ تزينت جُدرانُـهُ .. هي سيـدةُ حسنـاءٌ ، تملك من الكـِبْرِياءِ ما تَكبَح بـِهِ غـرورَهُ .. فقطعَ العهــودَ والمواثيــقَ على نفســهِ .. بأن أيامها القادمــةُ ستكونُ داخلَ جحيمــهِ .. ولِتـَـرى ابنه حــواء ذاك الذي قَـللتْ من شأنِــهِ .. كيف يَسوقهـا إلى هاويةِ الهـلاكِ بنفسـهِ ..! هل ستقاوم سَبيـهُ ، أَم هل ترضـخُ لــهُ ؟ هل ستعيش حبيسَــةً ، أَم سيُجّــلِي قَيــّدَهُ ؟ اللي مشفش الفصل الرابع يقدر يشوفه من هنا رواية عصفوره تحدت صقراً "الفصل الواحد والخمسون"

روايات رومانسية كاملة | رواية عصفوره تحدت صقراً "الفصل الثاني والخمسون"

عصفوره تحدت صقرا

الفصل الثاني والخمسون


كان الغضب جليًا على ملامحها، وكانت تعصر قبضتها حتى كادت تُدميها، ومع ذلك حاولت قدر جهدها السيطرة على نبرتها وهي تردف:
-بس أنا قولتلك مليون ألف مرة إنك متهتميش لكلام حد!
أخذت نفسًا عميقًا قبل أن تتابع بنبرة أهدأ:
-لأ يا فيروز، معتصم عمره ما هيفكرك بحاجة، أنا عارفاه من زمان وكنا زي الاخوات.
جلست على الفراش، وأخذت تستمع إلى الطرف الآخر بإنصاتٍ قبل أن تتحدث بجدية:
-بطلي عياط، إنتي سمعاني!

وضعت يدها على جبهتنا، ثم تابعت بهدوء:
-فيروز! ساعة وابقى عندك

ثم أغلقت الهاتف، وزفرت بانزعاج، كيف تقنعها أنها فتاة طبيعية كسائر الفتيات؟ كيف وإن كانت هي مقتنعة أنها لن تعود يومًا كما كانت، وأنها لا تستحق حياةً جميلة كالجميع! تبًا للمجتمع الذي يلقي باللوم على الضحية ويترك الجاني يرقد بسلام.. تبًا لمجتمعٍ شرقيٍ يتفوه أراذلته بالترهات تحت مسمى شرف الفتاة، وواجبها حفظه! يا الله وأين المشاعر التي يحترمونها ألا تعد تلك أيضًا من الواجبات التي تقع على عاتقهم!

وقفت، وأمسكت هاتفها، كتبت رسالة عليه ثم سارت نحو خزانتها لتخرج ثيابها وتبدأ بارتدائها.

...........

-ها يا فيروز لو مفيش كيميا بينك وبينه ومش قابلاه خلاص بلاش معتصم.
أردفت هي بها بهدوء وهي تنظر في وجه فيروز بتمعن، و تعيد كوب القهوة إلى مكانه.
بدى على وجه الأخيرة علامات الرفض وهي تردف بتقطع الصوت:
-لأ مش.. مش كدة! أنا.. أنا بس خايفة إن آآآ..
-خايفة ييجي في يوم ويعايرك مثلاً!

قاطعتها بها بهدوء، فنظرت لها فيروز بحزن وأجابت:
-أأ.. آه

ابتسمت لها ابتسامة مطَمئنة، ثم قربت منها يدا حتى وضعتها أسفل ذقنها، ورفعت وجهها قليلاً ثم بدأ تتحدث بروية:
-طب فكري مع نفسك، إيه يخلي واحد زي معتصم إللي فضل أكتر من ٦ سنين بعد ما مراته ماتت يفكر في الجواز!
سحبت فيروز وجهها قليلاً وقد بدأت عيناها تدمعان من جديد، ثم قالت باختناق:
-قبل ما انام امبارح افتكرت بنته.. بنته يا جويرية، فاهمة هو عاوز أم مش زوجة!

أرجعت جويرية ظهرها للخلف، وظلت تنظر لها بهدوءٍ وهي تفكر.. ربما هي محقة، لكن هي لا تفهم أبدًا أن معتصم لا يفعل هذا فقط لأجل ابنته، بل لأجلها هي.. هي لا تفهم الأمر أبدًا!

-فيروز!

نظرت لها بعد أن نادتها، فتابعت بهدوء:
-مين اللي طلعك من كل الوجع اللي كنتي فيه، مين خلاكي تقفي على رجلك من تاني؟

نظرت لها بثبات، وسريعًا أجابت:
-ربنا في الأول و..
قاطعتها جويرية بجدية:
-طب لو ربنا اداكي الرفض أو القبول هتعملي إيه؟

أجابت بدون تفكير:
-أكيد هعمل اللي ربنا يقولهولي، بس ازاي؟

كتفت جويرية ذراعاها، وردت عليها:
-صلي استخارة، وهتعرفي تعملي إيه بنفسك، بس قبل أي حاجة لازم تثقي في نفسك.. لازم تعرفي إنك مغلطتيش أبدًا، سامعة؟!

أومأت، فوقفت قائلة بهدوء:
-طيب، أنا همشي أنا بقى..
وقفت الأخيرة ترمقها بغضب قبل أن تجيبها:
-بتهزري! إنتي مكملتيش ساعة ومن أكتر من شهر ما اتقابلناش، إنتي بجد وحشاني جدًا..

هدأت نبرتها قليلاً وهي تضيف بحزن:
-وحتى العزاء معرفتش اروحه، عشان..
اقتربت منها جويرية ثم ضمتها بقوة وهي تردف بصوتٍ خافت رغم ما ألم بها من ألمٍ عقب ذِكر هذا الموضوع:
-عارفة، ومش محتاجة مبرر.. الصحاب مش بيحتاجوا مبررات.
بكت الأخيرة وهي تبعدها عنها وتقول:
-لأ أنا عمري ما وقفت جنبك زي ما انتي بتقفي جنبي، عمري ما اديتك حقك أبدًا.. أنا كصديقة وبنت خالتك عملتلك إيه؟ 

ولا حاجة.. و..
قاطعتها الأخيرة بوضع يدها على فمها، فأنزلتها فيروز بقوة وهي تهز رأسها نافيةً وتتابع:
-عارفة؟ دايمًا بحس يالذنب وتأنيب الضمير في كل مرة بتقفي معايا فيها.. أنا بس كلمتك وجيتي، بس إنتي مـ..
قاطعتها جويرية بجدية:
-فيروز! حبيبتي! بطلي عياط أنا مكنتش لوحدي والله أنا..

قاطعها صوت رنين هاتفها، فنظرت في شاشته و ما لبث أن أجابت بهدوء:
-وعليكم السلام.
صمتت لبعض الوقت قبل أن تتابع:
-طيب نازلالك، يلا السلام عليكم.
ثم أغلقت، ونظرت للأخرى قائلة بروية:
-أنا عاوزة أنزل، براء مستنيني تحت
كتفت فيروز يديها وأشاحت وجهها بانزعاج وهي تجيبها رغم الدموع التي لم تجف بعد:
-طيب اتفضلي!

رفعت جويرية يدها ومسحت لها دموعها وهي تجيبها بابتسامة:
-طيب، وبعدين هبقى اجيلك تاني.

أومأت رأسها بتفهم، ثم احتضنتها وهي تقول لها بامتنان:
-شكرًا على كل حاجة، شكرًا على انك مبتسبينيش لما بحتاجلك، وشكرًا عشان بتخففي عني بجد لما بتتكلمي معايا.

-قولت قبل كدة مبحبش شكرًا منك بالذات.
قلتها بتحذيرٍ وهي تبتعد عنها، فابتسمت لها الأخرى وأجابت:
-حاضر.

ومالبث أن ودعتها جويرية ثم ذهبت..
...
بعد القليل من الوقت، كانت بداخل سيارة أخيها براء، فسألها الأخير بهدوء:
-إيه اللي جابك عندها؟
أجبته بتريث:
-معتصم مقالكش؟
أجاب بفتور وهو ينطلق بالسيارة:
-قال، المهم فكك من كل دة، ماصدقت وافقتي نخرج شوية.
أرجعت رأسها للخلف، ونظرت إلى الطريق بثبات، ثم أجابته ببساطة:
-مش عاوزة أروح، عاوزاك تروح طريق فاضي وتسرع بالعربية على أقصى حاجة بس، لحد ما البنزين يخلص
ضحك هو بقوة ثم قال:

-مش هتتغيري أبدًا، يلا على العموم عامل احتياطي وجايب بنزين زيادة معايا..

وبالفعل اختار براء طريقًا من طرق السفر وبدأ يفعل كما أرادت هي، ولكن قبلها نزلت أمام مكتبة ما، وحين سألها قالت أنها ستشتري شيئًا، ثم عادت حاملة كيسًا أبيضًا بداخله شيء، فلم يسألها وتابعا سيرهما. ولكن العجيب أنها كانت بين الحين والآخر تنظر من مرآة السيارة وتبتسم بطريقة غريبة، ثم تطلب من براء أن يزيد السرعة.

ظل هكذا لفترة حتى سمع صوت جرس الرسالة في هاتفه، حينها التقطه ونظر له وبدأ يقرأ، فاتسعت عيناه تدريجيًا حتى قال فجأة بغضب:
-لأ مستحيل!

نظرت له جويرية، وقبل أن تسأله وجدت هاتفه يرن، فأجاب سريعًا ليستمع إلى الطرف الآخر يردف بقلق:
-براء إنت كويس؟
أقر أيضا قصة أحببتك أكثر مما ينبغي الفصل التاسع عشر
نظر براء لأخته ثم أجاب برعب:
-معتصم أنا مش لوحدي الوقت، يعني لو حصل أي حاجة مش هبقى لوحدي جويرية معايا، اتصرف!
أجابه معتصم بجدية:
-ما أنا بعمل كدة فعلاً، الرسالة اتبعتت لينا احنا التلاتة ومن ساعتها اتصلت بوكلاء النيابة صحابي، وأمنت أبان. وفاضل إنت، فيلا اديني مكانك بالظبط بسرعة.
أسرع براء بإخباره بمكانهما، وأخذ ينظر خلفه، فلم يلاحظ أي سيارة مشتبهة بها، فتابع بضيق:
-مفيش حاجة شكلها غريب و..
دُفعت السيارة من الخلف فوقع الهاتف من يده، حينها أصاب براء شحنة من الغضب، وأسرع أكثر بالسيارة فقد أدرك أنهما قد وقعا بالفخ.
نظرت له جويرية بهدوء، وقالت:
-طيب اهدى، متخافش مش هيحصل حاجة إن شاء الله، عدينا من حاجات كتير زيها قبل كدة.
أجابها بنبرة عالية:
-بس المرادي..
كانت السيارة السوداء خلفهما أسرع من كلتمه، فاستطاعت دفعهما مجددًا.
حينها فكر براء سريعًا، ثم استدار أمام السيارة وخفض السرعة وهو يردف بجدية لها:
-هوقف العربية، وأول ما أوقفها هننزل بسرعة.. وهنعدي الرصيف ساعتها مش هيعرفوا يكملوا بالعربية.
أجابته جويرية على الفور:
-ماشي
فتح براء الدرج، وأخرج مسدسًا، ثم أوقف السيارة باحترافية، ترجلا منها سريعًا راكضين إلى حيث أخبرها.
ثم أمسك براء بيدها بقوة وظلا يركضان وهو يقول لها:
-شوية ومعتصم هييجي، مش هيحصلك حاجة إن شاء الله
ضحكت وهي تركض وقالت ببرود فاجأه:
-وحشني الجو دة!

لم يملك إلا الإبتسام وهو ينعتها بـ:
-مجنونة!

لكن صوت طلقات النار أوقفهما، ورجل يصيح بأعلى صوته:
-لو اتحركتوا خطوة تانية هتموتوا إنتم الاتنين.

استدارا، ونظرا لهم. ثلاث رجال ذو أجسادٍ ضخمة، وملابس سوداء، و..
اقترب أحدهم من براء وهو يقول بغضب:
-مفكر نفسك هتهرب بسهولة إنت والهانم! ماهي كمان ليها إيد في اللي حصل!
وقف براء أمام أخته، وأجابه وهو يحاول تمالك أعصابه:
-طب إنتم عاوزين مننا إيه الوقت؟

-حياتكم.
قالها الرجل بكل بساطة فتقدمت جويرية ووقفت بجانب أخيها، ثم ظلت تنظر له لثوانٍ قبل أن تردف بحنق:
-إنتم مين بالظبط؟!

كاد الرجل أن يضربها لطريقتها المستفزة، إلا أن براء قام بركله بقوة في بطنه بحركة مفاجأة، ثم عاد يكرر ركلته من جديد، ويكرر ويكرر حتى أوقعه أرضًا ووقع منه سلاحه، حينها جثى على ركبته ولكمه في وجهه بقوة وهو يهتف بغضب:
-محدش يرفع إيده على أختي إنت سامع؟!
أقرا أيضا رواية عصفوره تحدث صقرا الفصل العاشر
لم ينتبه براء لصهيب الذي ظهر فجأةً وبدأ يهاجم الرجلين الآخرين حتى استطاع أن يفقد أحدهما وعيه و يأخذ سلاحه أما الثالث فأسرع نحو جويرية، وطوق رقبتها من الخلف بيديه بسرعة قبل أن تتحرك، ثم صوب مسدسه نحو رأسها.
ظلت جويرية تنطر له باشمئزاز، وكل ما يدور في عقلها.. "يده القذرة على رقبتي.. يجب أن أُبعدها.. يجب أن أُبعدها.."
وقف حينها صهيب متسع العينين، قلبه ينبض بقوة.. بقوة تكاد تقتله صوت دقاته..
تنفسه صار سريعًا جدًا وبدأ يتقدم خطوتان نحوها إلى أن صاح الأخير:
-خطوة كمان والمسدس دة كله هيبقى في دماغها.
توقف صهيب في مكانه، ونظراته قد تحولت للرعب، الفزع، الذعر..
تخيل أنه يفقدها، يفقدها بعد كل ما مرا به سويًا.. يفقدها بعد أن وجد نفسه بسببها.. يفقد من باتت الحياة بالنسبة له.. من عشق تفاصيلها أجميلة كانت أم غير..

شُلَ، وتعلقت أنظاره بها وكأن الزمان قد توقف عند تلك اللحظة.
انتبه براء له، فوقف سريعًا ونظر لأخته بصدمة، ثم قال برعب:
-سـ.. سيبها، أنا أهو هي ملهاش ذنب أنا اللي عملت كل حاجة، أنا قتلتهم كلهم.

أما جويرية فلم تنتبه لهم، بل كانت تنظر للأعلى وللأسفل، ثم تنظر ليديه وكأنها تفكر في شيءٍ ما، وبالفعل لم تمضِ ثوانٍ حتى قامت بسحب نفسها للأسفل بسرعة، وقبل أن ينتبه الرجل لما فعلت عرقلته من قدمه فوقع على ظهره بقوة. حينها وضعت قدمها على يده حتى يترك المسدس، وبالفعل تركه حين تألم بشدة فأخذته هي و وضعته على رأسه بعد أن جثت على ركبتها بمستواه وهي تهتف بغضب:
-هعلمك ازاي تلمسني كويس!

نظر لها الرجل بصدمة، ومع ذلك تعلثم وهو يقول:
-إنتي بنت ومش هتعرفي تضربيني و..

بسانتي متر واحد فوق عينيه مباشرةً أطلقت الرصاصة حتى يراها وهي تنطلق، فارتعدت أواصل الرجل، وابتلع لسانه. فتابعت بنبرةٍ كالفحيح:
-ممكن أكون بنت، بس مش كل البنات زي بعض، افتكر دة.

كان براء حينها يقف خلفها مباشرةً، وحين وقفت استلمه هو من تلابيبه وأخذ يسدد له اللكمات واحدةً تلو الأخرى.
أما صهيب فظل في مكانه، فاتجهت نحوه وهي تبتسم له بهدوء وكأن شيئًا لم يكن، ثم قالت:
-كنت شايفاك وانت ماشي ورانا بالعربية و..

صمتت هي حين وجدته يحتضنها بقوة، حتى كادت تختفي بين ذراعيه، ثم بدأ يتحدث بنبرة مجهدة:
-معتش هسيبك تخرجي من غيري تاني

دُهشت هي لرد فعله المبالغ فيه، ومع ذلك تركته يضمها بل وتشبثت به وهي لا تعلم لما تفعل هذا، هي أرادت هذا وفعلته، ثم أردفت بهدوء:
-وإيه كمان؟

ناداها هو بخفوت:
-جويرية!

أجبته بخفوتٍ مماثل:
-نعم؟

دمعت عيناه وهو يتابع بألم:
-متسبنيش بالله عليكي
تشبثت فيه أكثر، وقد لمعت عيناها وهي تجيب:
-ما أنا معاك أهو
أغمض عينيه وهو يقول:
-لما شوفته حاطط المسدس على دماغك.. فكرتك هتسيبيني وهتمشي، عارف إنك بتحبي الناس اللي هناك كتير بس أنا مقدرش من غيرك، أنا مقرش أعيش من غيرك، فاهمة!

اختنقت نبرته وهو يتابع:
-لو سيبتيني هموت.. أنا مقدرش من غيرك.
ابتعدت عنه قليلاً، ثم نظرت له، وقالت:
-صهيب!

نظر لها وانتظر أن تتابع، فتابعت بحنو:
-أنا معاك
مد ذراعه وجذبها نحوه من جديد، فتابعت هي بهدوء:
-وبعدين أنا وبراء متعودين عشان كدة هو مخافش عليا أوي!

نظر له صهيب، وهو لا يزال يضرب الرجل، ثم قال:
-دة فرمه، أومال لو كان خايف اوي!

-على العناية على طول، أما دة أخره يومين في المستشفى
ظل صهيب ينظر له بكرهٍ وهو يتلقى الضربات، ود لو يضربه بنفسه، لكنه لا يريد الإبتعاد عنها، يريد أن يتجاوز الصدمة التي مر بها.

حين وقع الرجل فاقدًا وعيه، تقدم براء نحوهم وهو غاضب تمامًا، و ما زاد الأمر حدة أنه وجد ذاك المزعج مع أخته، وهو قريبٌ منها للغاية، بطريقة أثارت حنقه..
-ابعد عنها
أردف بها براء بغضب
فرفع صهيب، وجويرية حاجباهما للأعلى بدهشة، فتابع براء بضيق وهو يمسك يد اخته:
-وكفاية كدة بقى، سيبها وطلقها
ثم سحبها نحوه، فسحبها صهيب بقوة ونظر له بانزعاج وقال:
-قولتلك بلاش تتكلم عن الطلاق قبل كدة
أصر براء وهو يسحبها من جديد:
-قولتلك سيبها، أختي مش عاوزاك أصلاً!

بدأ صهيب يغضب حقًا، فلف ذراعه حولها أكثر، ورد عليه:
-مش هسيبها
-لأ هتسيب وهتطلق
-مش هسيب ومش هطلق
-هتطلق
-مش هطلق
-هتطلق
-مش هطلق
-هطلق
-مش هطلق
-هـ..
-باااس على فكرة أنا هنا، وبعدين إيه لعب العيال دة.. صهيب، براء، بطلوا الهبل دة عشان إنتم الوقت قرايب، أنا هسيبكم شوية وارجع ألاقيكم اتصالحتم
أردفت بها جويرية بحنق وهي تسحب يدها من كليهما.
فنظرا لها بدهشة وقالا سويًا باستنكار:
-نتصالح؟!

ثم نظر كل منهما إلى الآخر بضيق، وعاد براء يقول:
-ودة اللي هو ازاي؟
ابتعدت عنهما وهي تمسك رأسها من الصداع وتجيب:
-قولت ارجع ألاقيكم متصالحين.

وقفا أمام بعضهما لثوانٍ فظل صهيب ينظر له بهدوء بدون أن يتحدث، فقال الآخر:
-هتسيبها امت بقى؟

حاول صهيب تمالك أعصابه، فأجابه:
-دي مراتي يا براء، هو فيه حد بيسيب مراته؟

-دة لو كان برضى الكل!

-براء، مظنش الموضوع دة هيخلينا نتصالح!

زفر براء، ونظر له قائلاً بانزعاج:
-بس قولي عاوز منها إيه؟
أغمض الأخير عينيه ليستلهم الصبر، ثم قال:
-براء، بطل الطريقة دي.

جاءت جويرية تحمل حقيبة ما في يدها، ثم سألتهما ببرود:
-اتصالحتم صح؟ طب يلا عاوزة اروح
ابتسم صهيب وكأنه كان ينتظر الفرصة فقط، بينما نظر لها براء وقال بضيق:
-يا سلام
أشارت هي نحو عدة سيارات يقتربون منهم وتابعت:
-معتصم، والحاشية بتوعه جايين، إنت عارف مبحبش أقف في الزحمة!
انتبه براء لصديقه الذي تقف سيارته بالقرب منه، فأومأ رأسه لها على مضض، ثم نظر لصهيب وقال بانزعاج:
-لينا كلام تاني بس مش الوقت
تجاهله صهيب، وسار ممسكًا بيدها، بينما ذهب براء نحو معتصم.
ركب صهيب وجويرية السيارة، فنظر لها للحظات قبل أن ينطلق.
لم يتفوه أحدهما بكلمة طوال الطريق حتى سألته هي بجدية:
-كنت ماشي ورانا ليه؟
أجاب بهدوء:
-كنت مخلص شغلي ومروح فلقيتكم في وشي فمشيت وراكم بس عادي
وضعت رأسها في الخلف، وبدى عليها الإرهاق فسألها بقلق:
-مالك؟
أجابته وهي تضع يدها على جبهتها:
-العربية لما خبطط فينا عملتلي صداع رهيب

توقف بالسيارة أمام المنزل و أردف بجدية:
-عندي برشام صداع جوة تعالي ندخل
وبالفعل ما لبث الأمر أن دخلوا المنزل، ثم أخذها إلى غرفته، وفتح أحد الأدراج ثم أخرج الدواء، وأحضر لها الماء، ثم أعطاها إياه لتشرب.
أخذته منه ثم تناولته، وشربت الماء من بعده وهي تنظر له نظراتٍ غامضة.
وما إن انتهت حتى أعطته الدواء، واحتضنت الكوب بكفيها ثم انصرفت بدون أن تنبس بحرف. اتجه هو نحو الدرج وعاود وضع الدواء بداخله وهو يفكر أنها تعبت بعد كل هذا وتريد النوم. تمنى لو بقيت معه كالليلة السابقة، تمنى لو لم تذهب، لكن يكفيه أنها بخير.. لم تُصب بأذى.
بدأ بتبديل ثيابه وحين انتهى ذهب وأطفأ الضوء، ثم استلقى على الفراش. و ما كاد أن يغمض عينيه حتى وجد من تفتح الضوء عليه من جديد، نظر نحوها فوجدها تتقدم نحوه وقد ارتدت منامتها السوداء التي ترتديها كثيرًا، وممسكة بحقيبةٍ بيضاء في يدها.
فجلس هو متسائلاً بهدوء:
-فيه..
قاطعته هي بابتسامة وهي تردف:
-عاوزة أديك حاجة
ضيق عينيه بحيرة، فجلست إلى جانبه، وأخرجت شيئًا ما من الحقيبة، ثم مدت يدها له به وهي تتابع:
-دة
أمسكه منها وقد ارتسمت على ملامحه ابتسامة دهشة وهو يقول:
-مصحف!

-آه عشان متمدش إيدك على بتاعي تاني
ابتسم لها، ووضع يده خلفها، ثم أسندها على كتفه فتحدثت:
-متفكرش جايباهولك كدة وخلاص، لأ كل ما إنت هتقرأ فيه أنا هاخد حسنات يعني كله لمصلحتي برضوه!
سألها بغيظ:
-يعني أنا مش هاخد؟

أجابت ببرود:
-لأ هتاخد، وأنا هاخد أدك
-مُستغلة!
هزت كتغها غير آبهة، وردت عليه بهدوء:
-طول عمري
صمتت لثوانٍ قبل أن تردف بجدية:
-يلا إقرأ شوية فيه بقى.
فتح المصحف، فانفتح تلقائيًا على صورة "مريم" فلم يغير الصفحة بل بدأ يقرأ بصوتٍ هادئ:
-"وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا . فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا . قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَٰنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا . قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا . قَالَتْ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا . قَالَ كَذَٰلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ ۖ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا ۚ وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا"
صمت، فسألته باهتمام:
-سكت ليه؟

نظر لها وسألها بجدية:
-مش فاهم ازاي تخلف من غير ما تتجوز؟

أجابته بهدوء:
-هي هتخلف سيدنا عيسى عليه السلام، عيسى دة اللي النصراى بيقولوا عليه إن هو ابن الله مع إن ربنا سبحانه وتعالى قال " مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ ۖ سُبْحَانَهُ ۚ "، وهو في الحقيقة اتخلق زي خلق آدم عليه السلام ربنا هو اللي قال كدة "إِنَّ مَثَلَ عِيْسَىَ عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ" ومع ذلك هما بيعبدوه على إنه الله، و مذاهب تانية بتقول ابن الله حاش لله، عشان كدة ربنا هنا بيحكي الحكاية اللي حصلت عشان الناس يفهموا إن الإسلام هو الدين الحق.

و في ذات الوقت بيبرأ السيدة مريم عليها السلام من أي تهمة اتنسبت ليها
-يعني المسيحيين مش هيدخلوا الجنة؟
-عد معايا "لَقدْ كَفَرَ اللَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللَّهَ هُوَ المَسِيحَ ابنُ مَريَم" "لَقدْ كَفَرَ اللَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللَّه ثَالِثُ ثَلاثَةٌ" "وَقَالُواْ اِتَخَذَ الرَحْمَنُ وَلَدًا وَمَا يَنبَغِي لِلرَحْمَنِ أَن يَتَخِذَ وَلَدًا" والكافرين مبيدخلوش الجنة.

ظل ينظر لها لثوانٍ بدهشة، فهو لم يكن يعلم أنهم كفار! ربما كان مسلمًا لكنها وراثة.. وراثة فقط.
عاد لينظر في المصحف من جديد، وبدأ يتابع:

-،"فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا . فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَىٰ جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَٰذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا.."
ظل يتابع قراءة وكأنه يقرأ رواية شيقة يريد أن يعلم ما سيحدث بها، ولم ينتبه أنها قد واتاها النوم وهي تستمع إليه إلا حين أنهى السورة كلها.
نظر لها بدهشة وأردف:
-إيه دة إنتي نمتي بجد؟
أغلق المصحف، ووضعه على حاملة الأدراج بجانب السرير، ثم حملها ومددها على الفراش جيدًا قبل أن يدثرها وينام بجانبها.
ظل ينظر لها لثوانٍ قبل يقبل رأسها ثم يضمها إليه بهدوءٍ حتى لا تصحوا. وظل يمسح على شعرها حتى يهدأ هو..

 حتى يمني نفسه أنها معه.. فكلما تذكر ما حدث لها شعر بأن روحه تُسلب منه عنوةً حتى أنه لا يدري لماذا تأبى ذاكرته إلا أن تعيد تلك اللحظات الشنيعة مرارًا وتكرارًا. حاول التوقف عن التفكير في أي شيء، إلا النوم وأغمض عينيه وهو يتشبث بها أكثر حتى واتاه النوم.........!!!

............................................!!!!!

يتبع ....

يارب تكون حلقة النهارده عجبتكم وأستنونا كل يوم في نفس الميعاد فصل جديد من رواية عصفورة تحدت صقرا وعلشان تجيلكم الفصول بتسلسلها تقدروا تتابعونا من خلال صفحتنا علي الفيس بوك
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة