-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية عصفورة تحدت صقراً بقلم فاطمة رزق - الفصل الثالث والخمسون

مرحبا بكم متابعين قصص 26 موعدنا في قسم روايات رومانسية كاملة والكاتبة فاطمة رزق والفصلالثالث والخمسون بروايةعصفوره تحدت صقراً 

وَعَـىَ على مُر الحياهِ ، حين إِصطَدم بواقِعِــهِ .. فنشأَ على كُره حــواءَ ، فلم تكن يوما منزلُــهُ .. وبنفورِهِ جعلَ الجواري تَشتهى قُربَــهُ .. فعُزِزَ الغُــرور في نفسهِ ، بأنُ لا مِثل لـهُ .. فأتتْ هي قبل أن ينخدِعَ بِظَنــهِ .. لتُريهُ مدى ضآلة حجمــهِ .. فليست من الجــَواري، ولا أَمـه يروق لها منزلــُه .. هي سيـدةٌ فى قصرٍ من الحيــاءِ تزينت جُدرانُـهُ .. هي سيـدةُ حسنـاءٌ ، تملك من الكـِبْرِياءِ ما تَكبَح بـِهِ غـرورَهُ .. فقطعَ العهــودَ والمواثيــقَ على نفســهِ .. بأن أيامها القادمــةُ ستكونُ داخلَ جحيمــهِ .. ولِتـَـرى ابنه حــواء ذاك الذي قَـللتْ من شأنِــهِ .. كيف يَسوقهـا إلى هاويةِ الهـلاكِ بنفسـهِ ..! هل ستقاوم سَبيـهُ ، أَم هل ترضـخُ لــهُ ؟ هل ستعيش حبيسَــةً ، أَم سيُجّــلِي قَيــّدَهُ ؟ اللي مشفش الفصل الرابع يقدر يشوفه من هنا رواية عصفوره تحدت صقراً "الفصل الثاني والخمسون"

روايات رومانسية كاملة | رواية عصفوره تحدت صقراً "الفصل الثالث والخمسون"

عصفوره تحدت صقراً

الفصل الثالث والخمسون


أسرع ذاك الرجل ذو البذة السوداء نحوها، وطوق رقبتها من الخلف بيديه بسرعة قبل أن تتحرك، ثم صوب مسدسه نحو رأسها.
ظلت هي تنطر له باشمئزاز، ووقف هو متسع العينين، قلبه ينبض بقوة.. بقوة تكادصوت دقاته تقتله، تنفسه صار سريعًا جدًا وبدأ يتقدم خطوتان نحوها إلى أن صاح الأخير:
-خطوة كمان والمسدس دة كله هيبقى في دماغها.
توقف صهيب في مكانه، ونظراته تحولت للرعب، الفزع، الذعر..
تخيل أنه يفقدها، يفقدها بعد كل ما مرا به سويًا.. يفقدها بعد أن وجد نفسه بسببها.. يفقد من تكون الحياة بالنسبة له.. من عشق تفاصيلها أجميلة كانت أم غير..
شُلَ، وتعلقت أنظاره بها وكأن الزمان قد توقف عند تلك اللحظة. 


لكنه قرر أنه سينقظها منه وإن كلفه الأمر حياته، فتقدم عدة خطواتٍ أخرى فنظر له الرجل بجمود وصاح فيه:
-إنت اللي عاوز كدة!
ثم قام بإطلاق النار على رأسها.... 
أقرا أيضا رواية آدم وحياة الفصل الثامن
انتفض صهيب فزعًا من نومه، فاستيقظت جويرية على إثره ونظرت له بقلق ثم سألته بقلق:
-فيه إيه؟
كان هو حينها يأخذ أنفاسه بصورة هيستيرية كالعادي لمسافاتٍ طويلة، ولكن حين استمع لصوتها نظر لها مباشرةً وكأنه كان يبحث عنها، وظل يتطلع إليها بنظراتٍ غريبة.
وضعت جويرية يدها على كتفه، وسألته بهدوء:
-دة كابوس؟
أنزل يدها من على كتفه، وضم كفها بيديه ولم يتفوه بكلمة، مع أن عينيه لم تفارقها للحظة. حينها وضعت يدها على وجهه وأردفت بخفوت:
-صهيب دي تالت مرة تقوم مجعوز كدة!

لمعت عيناه وهو يحاول الحديث، فخرج صوته مختنقًا:
-بشع أوي الكابوس دة، معتش عاوز أنام.
وضعت يدها خلف رقبته، وعانقته قائلة برفق:
-أنا معاك محصليش حاجة والله
أسند كتفها ووضع يده خلف ظهرها وضمها إليه وهو صامت تمامًا. فظلت تمسح على شعره وهي تردد بعض آيات من القرآن الكريم حتى يهدأ إلى أن شعرت أنه قد نام، فابتعدت عنه، وأمالته على الفراش، ثم عادت تمسح على رأسه من جديد..
لم تتصور أنه سيكون بتلك الحالة حالما يتخيل أنها قد تتركه.. ربما كانت تعلم أنه سيحزن كثيرًا، لكن لا، ليس لتلك الدرجة! كلما سألت نفسها ماذا يعني لها لا تستطيع نفسها الإجابة. لكنها على الأقل واثقة من أمرٍ ما وهو أنه بات يعني لها الكثير. 


أغمضت عينيها، فتذكرته..
...
خوفه عليها..
اتجهت نحوه وهي تبتسم له بهدوء وكأن شيئًا لم يكن، ثم قالت:
-كنت شايفاك وانت ماشي ورانا بالعربية و..
صمتت هي حين وجدته يحتضنها بقوة، حتى كادت تختفي بين ذراعيه، ثم بدأ يتحدث بنبرة مجهدة:
-معتش هسيبك تخرجي من غيري تاني
دُهشت هي لرد فعله المبالغ فيه، ومع ذلك تركته يضمها بل وتشبثت به وهي لا تعلم لما تفعل هذا، هي أرادت هذا وفعلته، ثم أردفت بهدوء:
-وإيه كمان؟
ناداها هو بخفوت:
-جويرية!
أجبته بخفوتٍ مماثل:
-نعم؟
دمعت عيناه وهو يتابع بألم:
-متسبنيش بالله عليكي
تشبثت فيه أكثر، وقد لمعت عيناها وهي تجيب:
-ما أنا معاك أهو
أغمض عينيه وهو يقول:
-لما شوفته حاطط المسدس على دماغك.. فكرتك هتسيبيني وهتمشي، عارف إنك بتحبي الناس اللي هناك كتير بس أنا مقدرش من غيرك، أنا مقرش أعيش من غيرك، فاهمة!
اختنقت نبرته وهو يتابع:
-لو سيبتيني هموت.. أنا مقدرش من غيرك. 

فتحت عينيها، ونظرت له، ومجددًا تذكرته...
...
احتواءه لها..
نظرت جويرية للأرض أسفلها لكي لا يرى دموعها التي انحدرت على وجنتيها و مدت يدها الأخرى لتمسح دموعها بسرعة قبل أن يراها، بينما تابع هو بهدوء:
-يا جويرية أنا مش عارف ليه بس أنا مبقدرش اشوفك بتعاني وأقف اتفرج من بعيد، أنا مبقدرش، فاهمة! إنتي نستيني وجعي بوجعك، والله نستيني نفسي بنفسك!
رفعت رأسها لتواجهه بعينيها المبللتان، وقد ظنت أنها مسحت كل دموعها ولم تنتبه لعبراتها الجديدة التي بدأت تنساب على وجنتيها، وصدم هو حين رأى عبرتان قد شقتا طريقهما نحو وجنتيها، وظل ينظر لها لفترة وقد سيطرت عليه حالة من الصدمة، فمنذ متى كانت تبكي؟ إلى أي حد تتحمل العذاب؟ هل.. لم يشعر بنفسه وهو يضمها فجأة، لدرجة أنه تفاجأ مثلها تمامًا بما فعل، حاولت هي مقاومته في البداية، لكن بمجرد أن وصل إليها شعور السكينة قلت مقاومتها له. تركته وتركت نفسها فلقد احتاجت لهذا بالفعل. أما هو فلم يدرك ما فعل إلا بعد أن فعل، ولكن هو لم يندم علام فعل.
...
اعتدلت على الفراش، وأستندت رأسها للخلف وهي تنظر له بهدوء، وعادت ذاكرتها للعمل.. 


...
تخفيفه عنها..
أردف بعد صمت طال لخمس دقائق:
-عارفة أنا نفسي في إيه؟ تناديني قبل ما تحتاجيني، وقبل ما تخلصي نداء هكون عندك.
سألته هي بهدوء بعد أن هدأت قليلاً وشعرت أن لديها القدرة بالتحكم في نبرتها:
-إنت عاوز مني إيه يا صهيب؟
-عاوزك
تلك كانت إجابته بدون تفكير، ثم تابع:
-ومش عاوز حاجة تانية
لم ترد لفترة، واستمر هو بضمها إليه ولم يقل شيئًا. ثم ردت فجأة:
-بس أنا صعبة المنال يا صهيب.
أجابها بساطة:
-وأنا ميهمنيش هنفضل لحد امت كدة إنتي حاجة كبيرة أوي عندي. 


...
تهوينه عليها..
-أوحش حاجة ممكن يعملها الإنسان أول ما يقوم من النوم، يفكر في اللي فات!
قاطع هو شرودها بتلك الكلمات، فنظرت إليه، بينما انتصب هو واقفًا وتابع بهدوء:
-كل يوم بيبقى شايل من الهموم اللي على أده ومفيش مكان لليوم اللي احنا فيه لهموم اليوم اللي قبليه.
...
رسائله لها..
"خذي رأسي ولا تمنعي إبتسامتكِ أن تطال عيني
خذي قلبي وظلي معي لحظة قضاء أجلي
خذي عيني ولا تريني دمعة تحرقي قبل أن تطأ وجنتيكِ"
...
ابتسامته لها..
أغمض عيناه وهو يضم يدها بيده.. كان خائفًا، خائفًا من معرفة شيءٍ آخر، خائفًا أن يصدم مجددًا
-ما كلف الله يومًا إنسيًا إلا قدر طاقته.. ما وضع الله ثقلاً إلا له حامل، حتى الألم وإن زاد فائقه.. فصبرًا فليس الأجرُ إلا لصابرٍ لله من فضله سائل.
كانت تلك هي الكلمات التي قالتها ارتجالاً، فنظر لها بحنان، وابتسم رغم كل شيء فقد خففت عنه كثيرًا، لقد كان يكفيه أن يشعر أنها تحاول التخفيف عنه، كفاهُ أن أمره يهمها وأراحه كثيرًا.
...
إضحاكه لها...
نظر صهيب للوردة باشمئزاز ثم حرك رأسه نافيًا وهو يردف بأسف:
-حتى الورد بقى مفتري!
لم تقاوم طريقته أكثر من ذلك فضحكت من كل قلبها لدرجة أنها قد سعلت من شدة الضحك، فقد كان يتصنع الجدية بنظراته ونبراته بطريقة مضحكة حقًا.
نظر مصدومًا وهو يراها تضحك، فهو لم يظن أنها يتفعل، نعم كان يمزح لكن..
حسنًا، سيطرت عليه رغبة بالضحك هو الآخر، فشاركها الضحك.
...
استلقت على الفراش مجددًا، ثم أمسكت يده بيديها وتخللتها بأصابعها وهي تنظر له بدفئ، ثم وبيدها الأخرى ظلت تمسح على شعره برفق وهي تبتسم بدون سببٍ واضح! 

استيقظ صباحًا على صوت هاتفه يرن، نظر لها فوجدها ما تزال نائمةً، فأسرع بإمساك هاتفه، وإيقاف صوت رنينه المستمر، وحين قرر الإجابة وجاء ليجلس وجدها ممسكة بيديه، ويدها الأخرى فوق شعره! كيف لم ينتبه للأمر حينما استيقظ؟!
أغلق هاتفه، وتركه بجانبه، هو يتذكر أنها لم تنم البارحة جيدًا بسببه فقد أيقظها عدة مرات بسبب ذاك الكابوس اللعين.
رفع يدها الممسكة بيده أمام عينيه بحذر، وابتسم.. تلك الإبتسامة التي تخفي في طياتها الكثير.. الحب، الإمتنان، السعادة، والخوف.. الخوف! أغمض عينيه وقد بدأ يتذكر ما حدث معها البارحة، والكابوس، و..
حاول التخلص من كل هذا، ماذا به؟ لما لا ينسى ما حدث وينتهي الأمر.. هي معه الآن، هي بخير.. بخير!
أخذ نفسًا عميقًا ليتخلص من كل هذه الأوهام، ثم مد يده فوق شعره وأنزل يدها برفق ليقبل باطنها ثم يتركها ويحرر يدها الأخرى من يده بتأنٍ لينزل بعدها من على الفراش وهو ينظر لها. 

... 

كان قد أعد نفسه للذهاب إلى العمل، وكاد أن يخرج من الغرفة إلا أنه عاد فجأة، وجلس على مكتبه.. أمسك قلمًا، وورقةً وبدأ يدون بعض الكلمات عليها، ثم أمسك ورقة أخرى ودون بعض الكلمات بالخط العريض عليها..
وبهدوءٍ شديد تسلل إليها وفرد احدى الورقات فوق وجهها وهو يمنع نفسه من الضحك بصعوبة، ثم طوى الأخرى جيدًا وفتح يدها اليمنى ووضعها بداخلها..
ما لاحظه صهيب أنها مثله لا تتقلب أثناء نومها، يعني أنها ستحافظ على الوريقات حتى تستفيق.
أبعد الورقة عن وجهها قليلاً، ثم قبل جبهتها وهو يهمس:
-مش هتأخر، ساعتين بس.
وأعاد وضع الورقة من جديد بابتسامة مرحة. ابتعد لثلاثة خطوات ليلاحظ المصحف الذي أهدته له البارحة.. وبدون فهمٍ لنفسه مد يده وأمسك به، ثم رحل آخذًا إياه معه.. 
..............
تمددت على مقعد السيارة بعد أن أوقفتها أمام الشركة، ثم أرجعت رأسها للخلف، وهي تفكر وتفكر.. تتذكر البارحة بكل تفاصيلها وكأنها الآن.. 

دخلت هي ذاك المطعم الهادئ الذي أخبرها عنه، وظلت تتفرس في أوجه الحاضرين بنظراتها الثابتة.. نعم قبلت عرضه ولم تدرِ لما، لكنها لن تظل طويلاً بذاك التخلف! يجب أن تعود كما كانت في أسرع وقت.
وجدته يتقدم نحوها، وصدمت من مظهرهره الأنيق كالعادة لكنه اليوم أكثر جاذبيةً ووسامة، وقف أمامها وبدون مقدماتٍ تحدث بهدوءٍ وهو ينظر في ساعته:
-٣ دقايق تأخير
رفعت حاجباها وهي تجيبه غير آبهة:
-So
مد يده لها حتى تمسك بها، فنظرت له بترددٍ، وظل هو يتابعها باهتمام ليعلم ما هي ردة فعلها. وبعد القليل من الثواني مدت يدها ووضعتها في يده، فابتسم مجاملاً وسارا معًا إلى أن وصلا إلى الطاولة في الركن البعيد الهادئ.
ظل الصمت هو سيد الموقف حتى جاء النادل وأخذ طلباتهم. ليبدأ هو بعدها بالحديث بجدية وهو يثبت نظره عليها:
-مسبتكيش فترة طويلة، عملتي إيه بعد ما مشيتي من العيادة عندي؟
أجابته بهدوء:
-مشيت في الشارع واختارت الطرق الزحمة.. كنت بحاول أواجه مخاوفي.
ابتسم وهو يرجع رأسه للخلف ويقول:
-عظيم، وبعدين؟
ردت بضيق:
-كنت بتخنق في الأول، بس فضلت أمشي واشتري حاجات كتير مش عاوزاها واتعاملت مع بياعين كتير لحد بعد حوالي ٣ ساعات بدأت أحس الموضوع usual شوية. ولحد ما شوفتك تاني فضلت اليومين دول أعمل كدة.
-لأني لقيتك اتحسنتي بسرعة جدًا فاستغربت، عامةً أنا عاوز اشكرك.
قوست حاجباها وسألته بحيرة:
-تشكرني؟
أومأ رأسه ببساطة وأجاب مبتسمًا برقة:
-عشان لبيتي الدعوة بتاعتي
-أها، أخدتها على إنها زي بقيت التعاملات عشان أتحسن.
-تعرفي ليه مرضتش أعالجك؟
-ليه؟
-عشان أنا علاجي كان هياخد وقت أطول، وإنتي عندك قوة تحدي من خلالها كنتي عاوزة تثبتيلي إنك بيا أو من غيري هتنجحي وتتخلصي من كل دة.
نظرت له بذهول، وأجابت ببرود:
-وبعدين؟
هز كتفه، و رد ببرودٍ مماثل:
-وبس
-الطلب يا فندم.
قالها النادل بابتسامة مجاملة وهو يضع الطلبات أمامهم، ثم غادر علي الفور.
-متقدريش تنكري إن أنا السبب الأساسي في إنك تبقي أحسن!
أردف بها بغرور، فنظرت له بحنقٍ وتحدثت:
-أعتقد لو فيه حد يستحق الشكر، يبقى أنا.
تعلقت أنظاره بمن يقف خلفها، فاستعجبت، وقبل أن تدير رأسها لتنظر وجدته يتقدم ويجلس على المقعد الثالث.. هذا المقعد الذي أثار حيرتها وجوده في البداية والآن فقط علمت ما فائدته..
-إياس!
نطقت بها بحدة وهي تقف فجأة، يبدوا أنهما كانا يتحالفان ضدها و..
-كاثرين please اقعدي شوية
أردف بها إياس مترجيًا إياها، فنظرت لهما بغضب وأردفت:
-ازاي تـ..
قاطعها لؤي بجدية وهدوء:
-كاثرين اقعدي، افهمي الأول وبعدها امشي.
هزت رأسها نافية وهي تجيب بنبرة نارية:
-أنا غلطانة إني وثقت فيك وجيت.
ثم تركتهما وخرجت، فذهب إياس خلفها وظل الأخير في مكانه.
ظلت هي تسير وهو يسير خلفها ويناديها إلا أنها لا تجيب حتى أسرع أكثر واستطاع أن يقف أمامها قبل أن تصل لسيارتها..
كان شعرها يتطاير من أثر الهواء، وامتلأ وجهها بعلامات الغضب، والحنق، ثم نظرت له بحدة وهي تردف:
-ابعد عني تعرف! إنت وعدتني هتسيبني في حالي! قولتلي هتمشي لو قولتلك مش عاوزاك ودة اللي أنا قولته..
لم يقاطعها وظل يستمع لها وهي تهدر به غاضبة:
-لكن إنتم كلكم زي بعض، كلكم خونة مبتعرفوش توفوا بوعدكم.. 

قاطعها إياس بغضبٍ وهو يمسك يدها ويهزها بقوة:
-لأ مش كلنا زي بعض! أنا عملت كل اللي أقدر عليه عشان أوصلك.
ارتجفت قليلاً من طريقته الحادة، وآثرت الصمت بينما ظهرت في عينيه الدموع وهو يضع يده على وجهها فتنظر له بصدمة وهو ويتابع:
-عشان أنا حبيتك من يوم ما شوفتك، مش عشان حاجة تانية!
أنا كلمت لؤي عشان يساعدني أخلصك من اللي إنتي فيه، وفضلت بعيد عنك الفترة دي كلها، حتى نقلت في قسم تاني عشان متشوفينيش، وقررت أسيبك شوية لأني مقدرتش أتقبل رفضك ليا.
ظلت تنظر له بهدوء، وأنزل هو يده من على وجهها وابتعد عنها خطوتان وهو يتابع بهدوءٍ بالرغم من ألمه:
-بس أنا الوقت بس فهمت إنك فعلاً مش عاوزاني في حياتك، وأنا أوعدك إن دي آخر مرة تشوفيني فيها.
بدون قصدٍ منها آلمتها جملته، طوال حياتها كانت تكره..
-مع السلامة
...كلمات الوداع.
ثم انصرف هو بعد أن ودعها، فدمعت عيناها بلا سبب، أو ربما لأنها شعرت بالذنب لأول مرةٍ منذ وقتٍ طويل.. شعرت بالذنب تجاهه!
-حقيقي كان مؤثر!
نظرت له لتجده مستندًا على سيارة سوداء أمامها، فردت عليه باختناق:
-لؤي مش نقصاك!
اقترب منها ووقف أمامها مباشرًا، ثم وضع يده على كتفها وقال:
-الخيار برضوه هنا هيرجع ليكي، إما إنك تسيبيه، أو تسمعيه..
أمممم بس أنا برجح إنك هتفكري بحكمة قبل أي قرار، ومش معنى إننا صحاب هجبرك عليه.. أو أقنعك بيه غصب! احنا كمان صحاب وهنا أنا هضطر أكون معاكم إنتم الإتنين، فكري حلو.. وبعدها اتصرفي.
بدأت تبكي وهي تجيبه:
-مش عارفة، مش عارفة، أنا بقيت بدمر كل حاجة بنفسي، مش عارفة آخد قرار.
أخرج منديلاً من جيبه، وقدمه لها وهو يرد بهدوء:
-عن ثقة هتاخدي القرار الصح 

أخذت منه المنديل، ثم بدأت تمسح عينيها، خمس ثوان فقط لتنظر له مجددًا فلا تجده.. اختفى من جديد، أخذت نفسًا حادًا وهي تتقدم نحو سيارتها، ثم ركبتها وانطلقت.
....
وهاهي الآن ما تزال تفكر، ماذا عليها أن تفعل؟ أتبدأ من جديد وتسمح لرجلٍ آخر بأن يدخل حياتها! وهل سيدمرها من جديد؟ أم أن بإمكانه مساعدتها في تجاوز محنتها!
زفرت بضيق، وقررت أن تلج للشركة، فترجلت من سيارتها ودلفت إليها وهي تبحث بعينيها في كل طابق عنه علها تجده.. لم تتوقف عند هذا بل سألت عليه أيضًا في الأقسام الخاصة، فلم تجده حتى علمت مصادفةً أنه انتقل إلى فرع الشركة في محافظة بورسعيد، ولم تعلم ما الذي دهاها حتى طلبت عنوان منزله، وخرجت مسرعةً متجهةً إلى مقصدها.. وبالرغم من أنها كانت تشك في وجوده من عدمه إلا أنها قررت الذهاب!

وبالفعل وصلت إلى العنوان المطلوب بعد نصف ساعة من البحث، ثم صعدت إليه...
وقفت أمام الباب مترددة لثوانٍ حتى واتتها الجرأة ورنت الجرس.

لم يجبها مجيب، فعادت ترن الجرس من جديد.. وأيضًا لا فائدة، فاستدارت لتذهب وهي تتذكر حين وعدها أنها لن تراه من جديد، فعبست ملامح وجهها أكثر، و ما إن نزلت ثلاث درجات حتى سمعت صوت الباب يفتح، فاستدارت سريعًا لتراه بحالة رثة يفرك عينيه وقد تجمعت هالات سوداء تحت عينيه.. يبدوا أنه نام جيدًا!

-كاثرين!

أردف هو بها بدهشة، فارتبكت هي ولم تعلم ما الذي عليها قوله.. صعدت الدرج من جديد حتى وقفت أمامه، وتحدثت بخفوت:
-آه
نظر لها لثوانٍ قبل أن يفسح لها المجال وهو يقول:
-اتفضلي..

ولجت للداخل لتجد المنزل يعج بالفوضى وكأنها حظيرة حيوانات لا منزل!

-آسف، مكنتش عارف إنك جاية أكيد كنت هظبط الدنيا شوية.
تذكرت غرفتها السابقة في منزلها القديم مع والديها، فدائمًا ما كانت توبخها والدتها على تركها لغرفتها بتلك القذارة، المشهد كارثي بحق مما جلها تضحك وهي تنظر في أركان الغرفة، هنا سروال من الجينس فوق التلفاذ! وهاهي علبة البيتزا على ما يبدوا منذ أكثر من أربعة أيام متروكة هنا على الطاولة، وحذاءه الأسود فوق الأريكة!

وثيابٌ كثيرة هنا وهناك..

ضحكت بحقٍ من مظهر غرفته، ثم تحدثت:
-لأ عادي ولا يهمك

نظر لها بدهشة هذه أول مرة تضحك فيها، ومع ذلك قاوم الشعور في نفيه بإخبارها أن ضحكتها لا تضاهيها ضحكة، وتحدث بتريث:
-كان فيه حاجة؟
أقرا أيضا رواية الملعونة الفصل الثاني عشر
استدارت له، ونظرت له مطولاً وهي تحاول إيجاد الكلمات المناسبة حتى بدأت بتعلثم:
-آآآ.. أنا كنت.. كنت جاية عشان آآ.. عشان أعتذر منك.
قوس حاجباه وسألها باهتمام:
-ليه إنتي عملتي إيه؟

زفرت بحنق وأجابته:
-إياس، بلاش الطريقة دي please أنا اصلاً بتكلم بصعوبة. أنا عارفة إني أذيتك كتير و.. و مديتكش ولا فرصة، و..
صمتت قليلاً وهي تنظر له لتجده يتابعها باهتمام، فتابعت باختناق:
-أنا بس مكنتش عاوزة ادمر حياتي تاني، إنت متعرفش اللي حصلي، ولا تعرف..

-لأ عارف يا كاثرين، عشان كدة متقبلتش رفضك ليا في الأول، بس بعد كدة.. حسيت فعلاً إني بزعجك و..
قاطعته هي بجدية:
-أنا موافقة
نظر لها بدهشة وسألها:
-على إيه؟

أشاحت وجهها عنه وهي تجيب:
-هديك فرصة
اقترب منها وهو غير مصدقٍ لما نطقت به للتو، وسألها بجدية أكبر:
-قولتي إيه؟

-هديك فرصة يا إياس
نظر لها بامتنانٍ وأجاب:
-و.. و أنا أوعدك هبقى عند حسن ظنك.
وضعت يدها على بطنها وقالت بهدوء:
-بس أنا.. حامل
-طب ما أنا عارف

-مقصدش، هتقدر تعامله زي ابنك
أمسك يدها وقبلها قائلاً بمودة:
-ما هو هيكون ابني فعلاً!
سحبت يدها بتمهل، ثم سارت عدة خطواتٍ لتصل للباب وتابعت:
-عرفت إنك حولت لفرع تاني.
ابتسم وأجابها ببساطة:
-اعتبريه محصلش
أخذت نفسًا عميقًا، ثم فتحت الباب لتذهبت بعد أن ودعته بهدوء.........!!! 

...............................!!!!

يتبع ....

يارب تكون حلقة النهارده عجبتكم وأستنونا كل يوم في نفس الميعاد فصل جديد من رواية عصفورة تحدت صقرا وعلشان تجيلكم الفصول بتسلسلها تقدروا تتابعونا من خلال صفحتنا علي الفيس بوك
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة